المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فصل استحسان لبعض الأفعال واستقباح لبعضها] - مدارج السالكين - ط الكتاب العربي - جـ ١

[ابن القيم]

فهرس الكتاب

- ‌[هِدَايَةُ الْقُرْآنِ]

- ‌[اشْتِمَالُ الْفَاتِحَةِ عَلَى أُمَّهَاتِ الْمَطَالِبِ]

- ‌[فَصْلٌ الصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ]

- ‌[فَصْلٌ الصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ هُوَ صِرَاطُ اللَّهِ]

- ‌[فَصْلٌ رَفِيقُ طَالِبِ الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ هُمُ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ]

- ‌[فَصْلٌ عَلَّمَ اللَّهُ عِبَادَهُ كَيْفِيَّةَ سُؤَالِهِ الْهِدَايَةَ إِلَى الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ]

- ‌[فَصْلٌ اشْتِمَالُ الْفَاتِحَةِ عَلَى أَنْوَاعِ التَّوْحِيدِ]

- ‌[فَصْلٌ دِلَالَةٌ عَلَى تَوْحِيدِ الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ اسْمُ اللَّهِ يَدُلُّ عَلَى الصِّفَةِ بِمُفْرَدِهَا وَيَدُلُّ عَلَى الذَّاتِ الْمُجَرَّدَةِ]

- ‌[فَصْلٌ اسْمُ اللَّهِ يَدُلُّ عَلَى الْأَسْمَاءِ الْحُسْنَى]

- ‌[فَصْلٌ ارْتِبَاطُ الْخَلْقِ بِأَسْمَاءِ اللَّهِ]

- ‌[فَصْلٌ ذِكْرُ أَسْمَاءِ اللَّهِ بَعْدَ الْحَمْدِ]

- ‌[فَصْلٌ مَرَاتِبُ الْهِدَايَةِ الْخَاصَّةِ وَالْعَامَّةِ]

- ‌[الْمَرْتَبَةُ الْأُولَى تَكْلِيمُ اللَّهِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَرْتَبَةُ الثَّانِيَةُ مَرْتَبَةُ الْوَحْيِ الْمُخْتَصِّ بِالْأَنْبِيَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَرْتَبَةُ الثَّالِثَةُ إِرْسَالُ الرَّسُولِ الْمَلَكِيِّ إِلَى الرَّسُولِ الْبَشَرِيِّ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَرْتَبَةُ الرَّابِعَةُ مَرْتَبَةُ التَّحْدِيثِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَرْتَبَةُ الْخَامِسَةُ مَرْتَبَةُ الْإِفْهَامِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَرْتَبَةُ السَّادِسَةُ مَرْتَبَةُ الْبَيَانِ الْعَامِّ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَرْتَبَةُ السَّابِعَةُ الْبَيَانُ الْخَاصُّ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَرْتَبَةُ الثَّامِنَةُ مَرْتَبَةُ الْإِسْمَاعِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَرْتَبَةُ التَّاسِعَةُ مَرْتَبَةُ الْإِلْهَامِ]

- ‌[الْإِلْهَامُ هُوَ مَقَامُ الْمُحَدِّثِينَ]

- ‌[فَصْلٌ دَرَجَاتُ الْإِلْهَامِ]

- ‌[الدَّرَجَةُ الْأُولَى نَبَأٌ يَقَعُ وَحْيًا قَاطِعًا مَقْرُونًا بِسَمَاعٍ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ إِلْهَامٌ يَقَعُ عِيَانًا]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ إِلْهَامٌ يَجْلُو عَيْنَ التَّحْقِيقِ صَرْفًا]

- ‌[فَصْلٌ الْمَرْتَبَةُ الْعَاشِرَةُ الرُّؤْيَا الصَّادِقَةُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ اشْتِمَالِ الْفَاتِحَةِ عَلَى الْشِفَاءَيْنِ شِفَاءِ الْقُلُوبِ وَشِفَاءِ الْأَبْدَانِ]

- ‌[اشْتِمَالُهَا عَلَى شِفَاءِ الْقُلُوبِ]

- ‌[تَضَمُّنُهَا لِشِفَاءِ الْأَبْدَانِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي اشْتِمَالِ الْفَاتِحَةِ عَلَى الرَّدِّ عَلَى جَمِيعِ الْمُبْطِلِينَ مِنْ أَهْلِ الْمِلَلِ]

- ‌[الْمُجْمَلُ]

- ‌[فَصْلُ الْمُفَصَّلِ]

- ‌[فَصْلٌ وَالْمُقِرُّونَ بِالرَّبِّ سبحانه وتعالى أَنَّهُ صَانِعُ الْعَالَمِ نَوْعَانِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمُثْبِتُونَ لِلْخَالِقِ تَعَالَى]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَضَمُّنِهَا الرَّدَّ عَلَى الْجَهْمِيَّةِ مُعَطِّلَةِ الصِّفَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَضَمُّنِهَا لِلرَّدِّ عَلَى الْجَبْرِيَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَضَمُّنِهَا الرَّدَّ عَلَى الْقَائِلِينَ بِالْمُوجِبِ بِالذَّاتِ دُونَ الِاخْتِيَارِ وَالْمَشِيئَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَضَمُّنِهَا لِلرَّدِّ عَلَى مُنْكِرِي تَعَلُّقِ عِلْمِهِ تَعَالَى بِالْجُزْئِيَّاتِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ تَضَمُّنِهَا لِلرَّدِّ عَلَى مُنْكِرِي النُّبُوَّاتِ]

- ‌[فَصْلٌ إِذَا ثَبَتَتِ النُّبُوَّاتُ وَالرِّسَالَةُ ثَبَتَتْ صِفَةُ التَّكَلُّمِ وَالتَّكْلِيمِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ تَضَمُّنِهَا لِلرَّدِّ عَلَى مَنْ قَالَ بِقِدَمِ الْعَالَمِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ تَضَمُّنِهَا لِلرَّدِّ عَلَى الرَّافِضَةِ]

- ‌[فَصْلٌ سِرُّ الْخَلْقِ وَالْأَمْرِ وَالشَّرَائِعِ]

- ‌[فَصْلٌ أَقْسَامُ النَّاسِ فِي الْعِبَادَةِ وَالِاسْتِعَانَةِ]

- ‌[فَصْلٌ لَا يَكُونُ الْعَبْدُ مُتَحَقِّقًا بِإيَّاكَ نَعْبُدُ إِلَّا بِمُتَابَعَةِ الرَّسُولِ وَالْإِخْلَاصِ وَأَقْسَامُ النَّاسِ فِي ذَلِكَ]

- ‌[أَهْلُ الْإِخْلَاصِ لِلْمَعْبُودِ وَالْمُتَابَعَةِ]

- ‌[مَنْ لَا إِخْلَاصَ لَهُ وَلَا مُتَابَعَةَ]

- ‌[مُخْلِصٌ فِي أَعْمَالِهِ لَكِنَّهَا عَلَى غَيْرِ مُتَابَعَةِ الْأَمْرِ]

- ‌[مَنْ أَعْمَالُهُ عَلَى مُتَابَعَةِ الْأَمْرِ لَكِنَّهَا لِغَيْرِ اللَّهِ]

- ‌[فَصْلٌ أَهْلُ مَقَامِ إِيَّاكَ نَعْبُدُ لَهُمْ فِي أَفْضَلِ الْعِبَادَةِ وَأَنْفَعِهَا وَأَحَقِّهَا بِالْإِيثَارِ وَالتَّخْصِيصِ أَرْبَعُ طُرُقٍ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْفَعَةُ الْعِبَادَةِ وَحِكْمَتُهَا وَمَقْصُودُهَا وَانْقِسَامُ النَّاسِ فِي ذَلِكَ لِأَرْبَعَةِ أَصْنَافٍ]

- ‌[نُفَاةُ التَّعْلِيلِ]

- ‌[الْقَدَرِيَّةُ الْنُفَاةُ]

- ‌[الَّذِينَ زَعَمُوا أَنَّ فَائِدَةَ الْعِبَادَةِ رِيَاضَةُ النُّفُوسِ]

- ‌[الطَّائِفَةُ الْمُحَمَّدِيَّةُ الْإِبْرَاهِيمِيَّةُ]

- ‌[فَصْلٌ سِرُّ الْعُبُودِيَّةِ وَغَايَتُهَا وَحِكْمَتُهَا]

- ‌[فَصْلٌ بِنَاءُ إِيَّاكَ نَعْبُدُ عَلَى أَرْبَعِ قَوَاعِدَ]

- ‌[فَصْلٌ دَعْوَةُ جَمِيعِ الرُّسُلِ إِلَى إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ]

- ‌[فَصْلٌ اللَّهُ تَعَالَى جَعَلَ الْعُبُودِيَّةَ وَصْفَ أَكْمَلِ خَلْقِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي لُزُومِ إِيَّاكَ نَعْبُدُ لِكُلِّ عَبْدٍ إِلَى الْمَوْتِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي انْقِسَامِ الْعُبُودِيَّةِ إِلَى عَامَّةٍ وَخَاصَّةٍ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَرَاتِبِ إِيَّاكَ نَعْبُدُ عِلْمًا وَعَمَلًا]

- ‌[فَصْلٌ مَرَاتِبُ الْعُبُودِيَّةِ وَهِيَ خَمْسَ عَشْرَةَ مَرْتَبَةً]

- ‌[عِبَادَةُ الْقَلْبِ]

- ‌[فَصْلٌ عِبَادَةُ اللِّسَانِ]

- ‌[فَصْلٌ عِبَادَةُ الْجَوَارِحِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَنَازِلِ إِيَّاكَ نَعْبُدُ]

- ‌[مَنْزِلَةُ الْيَقَظَةِ]

- ‌[مَنْزِلَةُ الْبَصِيرَةِ]

- ‌[فَصْلٌ الْقَصْدُ]

- ‌[فَصْلٌ الْعَزْمُ]

- ‌[فَصْلٌ الْفِكْرَةُ]

- ‌[مُرَادُ الْفَنَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ الْفَنَاءُ أَقْسَامُهُ وَمَرَاتِبُهُ]

- ‌[فَصْلٌ أَسْبَابُ الْفَنَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ أَصْلُ الْفَنَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ الْفَنَاءُ وَمَهَالِكُهُ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْزِلَةُ الْمُحَاسَبَةِ]

- ‌[مِنْ مَنْزِلَةِ الْمُحَاسَبَةِ يَصِحُّ لَهُ نُزُولُ مَنْزِلَةِ التَّوْبَةِ]

- ‌[أَرْكَانُ الْمُحَاسَبَةِ]

- ‌[الرُّكْنُ الْأَوَّلُ الْمُقَايَسَةُ بَيْنَ مَا لِلْعَبْدِ وَمَا لِلَّهِ]

- ‌[فَصْلٌ الرُّكْنُ الثَّانِي التَّمْيِيزُ بَيْنَ مَا لِلْعَبْدِ وَمَا عَلَيْهِ]

- ‌[فَصْلٌ الرُّكْنُ الثَّالِثُ الرِّضَا بِالطَّاعَةِ وَالتَّعْيِيرُ بِالْمَعْصِيَةِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْزِلَةُ التَّوْبَةِ]

- ‌[وُجُوبُ التَّوْبَةِ عَلَى جَمِيعِ الْمُؤْمِنِينَ]

- ‌[شَرَائِطُ التَّوْبَةِ]

- ‌[حَقَائِقُ التَّوْبَةِ وَعَلَامَةُ قَبُولِهَا]

- ‌[فَصْلٌ أَعْذَارُ الْخَلِيقَةِ مِنْهَا مَحْمُودٌ وَمِنْهَا مَذْمُومٌ]

- ‌[فَصْلٌ مِنْ حَقَائِقِ التَّوْبَةِ طَلَبُ أَعْذَارِ الْخَلِيقَةِ]

- ‌[فَصْلٌ دَفْعُ الْقَدَرِ بِالْقَدَرِ]

- ‌[فَصْلٌ سَرَائِرُ حَقِيقَةِ التَّوْبَةِ]

- ‌[فَصْلٌ التَّوْبَةُ مِنَ التَّوْبَةِ]

- ‌[فَصْلٌ لِطَائِفُ أَسْرَارِ التَّوْبَةِ]

- ‌[فَصْلٌ مَرَاتِبُ الذُّلِّ وَالْخُضُوعِ]

- ‌[فَصْلٌ نَظَرُ الْعَبْدِ فِي الذَّنْبِ]

- ‌[فَصْلٌ اسْتِحْسَانٌ لِبَعْضِ الْأَفْعَالِ وَاسْتِقْبَاحٌ لِبَعْضِهَا]

- ‌[فَصْلٌ دَلَالَةُ الْفِعْلِ فِي النَّفْسِ]

- ‌[فَصْلٌ غَلَطُ السَّالِكِينَ فِي الْفَرْقِ الطَّبِيعِيِّ وَالشَّرْعِيِّ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْ زَعَمَ سُقُوطَ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ]

- ‌[فَصْلٌ الْقِيَامُ بِأَمْرِ اللَّهِ]

- ‌[فَصْلٌ تَمَكُّنُ الْإِيمَانِ وَالْعِلْمِ فِي الْقَلْبِ]

- ‌[فَصْلٌ الْفَرْقُ بَيْنَ الْمَشِيئَةِ وَالْمَحَبَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ حَدِيثُ الرِّضَا بِالْقَضَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ تَوْبَةُ الْعَامَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ تَوْبَةُ الْأَوْسَاطِ]

- ‌[فَصْلٌ تَوْبَةُ الْخَوَاصِّ]

- ‌[فَصْلٌ مَقَامُ التَّوْبَةِ]

- ‌[فَصْلٌ التَّوْبَةُ مِنَ الذَّنْبِ فَرْضٌ]

- ‌[التَّوْبَةُ مِنْ ذَنْبٍ مَعَ الْإِصْرَارِ عَلَى غَيْرِهِ]

- ‌[فَصْلٌ أَحْكَامُ التَّوْبَةِ]

- ‌[فَصْلٌ الْخِلَافُ فِي اشْتِرَاطِ عَدَمِ الْعَوْدِ إِلَى الذَّنْبِ]

- ‌[فَصْلٌ الِاسْتِغْفَارُ]

- ‌[فَصْلٌ التَّوْبَةُ النَّصُوحُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ تَكْفِيرِ السَّيِّئَاتِ وَمَغْفِرَةِ الذُّنُوبِ]

- ‌[فَصْلٌ تَوْبَةُ الْعَبْدِ بَيْنَ تَوْبَتَيْنِ مِنْ رَبِّهِ]

- ‌[فَصْلٌ مَبْدَأُ التَّوْبَةِ وَمُنْتَهَاهَا]

- ‌[فَصْلٌ الذُّنُوبُ صَغَائِرُ وَكَبَائِرُ]

- ‌[فَصْلُ اللَّمَمِ]

- ‌[فَصْلٌ الْكَبَائِرُ]

- ‌[فَصْلٌ الْأَحْوَالُ الَّتِي تَكُونُ مَعَهَا الْكَبِيرَةُ صَغِيرَةً وَبِالْعَكْسِ]

- ‌[فَصْلٌ قُوَّةُ الْإِيمَانِ وَالْعِلْمِ الَّتِي يُسَامَحُ صَاحِبُهَا بِمَا لَا يُسَامَحُ بِهِ غَيْرُهُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَجْنَاسِ مَا يُتَابُ مِنْهُ]

- ‌[الْكُفْرُ]

- ‌[فَصْلٌ الْكُفْرُ الْأَكْبَرُ]

- ‌[فَصْلٌ الْجُحُودُ نَوْعَانِ مُطْلَقٌ وَمُقَيَّدٌ]

- ‌[فَصْلٌ الشِّرْكُ نَوْعَانِ أَكْبَرُ وَأَصْغَرُ]

- ‌[فَصْلُ النِّفَاقِ]

- ‌[فَصْلٌ الْفُسُوقُ]

- ‌[فَصْلٌ هَلْ يَضْمَنُ السَّارِقُ]

- ‌[فَصْلٌ الْإِثْمُ وَالْعُدْوَانُ]

- ‌[فَصْلٌ الْفَحْشَاءُ وَالْمُنْكَرُ]

- ‌[فَصْلٌ الْقَوْلُ عَلَى اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ]

- ‌[فَصْلٌ وَمِنْ أَحْكَامِ التَّوْبَةِ]

- ‌[فَصْلٌ حُقُوقُ الْعِبَادِ]

- ‌[فَصْلٌ هَلْ مِنْ ذُنُوبٍ لَا تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ أَمْ لَا]

- ‌[فَصْلٌ تَابَ الْقَاتِلُ وَسَلَّمَ نَفْسَهُ فَقُتِلَ قِصَاصًا هَلْ يَبْقَى عَلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لِلْمَقْتُولِ حَقٌّ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَشَاهِدِ الْخَلْقِ فِي الْمَعْصِيَةِ]

- ‌[مَشَاهِدُ الْخَلْقِ فِي الْمَعْصِيَةِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَشْهَدُ الْأَوَّلُ مَشْهَدُ الْحَيَوَانِيَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَشْهَدُ الثَّانِي مِنْ مَشَاهِدِ الْخَلْقِ فِي الْمَعْصِيَةِ مَشْهَدُ رُسُومِ الطَّبِيعَةِ وَلَوَازِمِ الْخِلْقَةِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَشْهَدُ الثَّالِثُ مَشْهَدُ أَصْحَابِ الْجَبْرِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَشْهَدُ الرَّابِعُ مَشْهَدُ الْقَدَرِيَّةِ النُّفَاةِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَشْهَدُ الْخَامِسُ وَهُوَ أَحَدُ مَشَاهِدِ أَهْلِ الِاسْتِقَامَةِ مَشْهَدُ الْحِكْمَةِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَشْهَدُ السَّادِسُ مَشْهَدُ التَّوْحِيدِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَشْهَدُ السَّابِعُ مَشْهَدُ التَّوْفِيقِ وَالْخِذْلَانِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَشْهَدُ الثَّامِنُ مَشْهَدُ الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَشْهَدُ التَّاسِعُ مَشْهَدُ زِيَادَةِ الْإِيمَانِ وَتَعَدُّدِ شَوَاهِدِهِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَشْهَدُ الْعَاشِرُ مَشْهَدُ الرَّحْمَةِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَشْهَدَ الْحَادِيَ عَشَرَ مَشْهَدُ الْعَجْزِ وَالضَّعْفِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَشْهَدِ الثَّانِي عَشَرَ مَشْهَدُ الذُّلِّ وَالِانْكِسَارِ وَالْخُضُوعِ وَالِافْتِقَارِ لِلرَّبِّ جل جلاله]

- ‌[فَصْلٌ الْمَشْهَدِ الثَّالِثَ عَشَرَ مَشْهَدُ الْعُبُودِيَّةِ وَالْمَحَبَّةِ وَالشَّوْقِ إِلَى لِقَائِهِ وَالِابْتِهَاجِ بِهِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْزِلَةُ الْإِنَابَةِ]

- ‌[مَعْنَى الْإِنَابَةِ وَالدَّلِيلُ عَلَيْهَا]

- ‌[فَصْلٌ الرُّجُوعُ إِلَى اللَّهِ]

- ‌[فَصْلٌ عَلَامَاتُ الْإِنَابَةِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْزِلَةُ التَّذَكُّرِ]

- ‌[أَقْسَامُ النَّاسِ فِيهَا]

- ‌[فَصْلٌ تُجْتَنَى ثَمَرَةُ الْفِكْرَةِ بِثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ]

- ‌[فَصْلٌ فَوَائِدُ تَدَبُّرِ الْقُرْآنِ وَتَأَمُّلِ مَعَانِيهِ]

- ‌[فَصْلٌ آثَارُ مُفْسِدَاتِ الْقَلْبِ الْخَمْسَةِ]

- ‌[الْمُفْسِدُ الْأَوَّلُ كَثْرَةُ الْخُلْطَةِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمُفْسِدُ الثَّانِي مِنْ مُفْسِدَاتِ الْقَلْبِ رُكُوبُهُ بَحْرَ التَّمَنِّي]

- ‌[فَصْلٌ الْمُفْسِدُ الثَّالِثُ مِنْ مُفْسِدَاتِ الْقَلْبِ التَّعَلُّقُ بِغَيْرِ اللَّهِ تَبَارَكَ تَعَالَى]

- ‌[فَصْلٌ الْمُفْسِدُ الرَّابِعُ مِنْ مُفْسِدَاتِ الْقَلْبِ الطَّعَامُ]

- ‌[فَصْلٌ الْمُفْسِدُ الْخَامِسُ كَثْرَةُ النَّوْمِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْزِلَةُ الِاعْتِصَامِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْزِلَةُ الْفِرَارِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْزِلَةُ الرِّيَاضَةِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْزِلَةُ السَّمَاعِ]

- ‌[أَقْسَامُ السَّمَاعِ]

- ‌[فَصْلٌ السَّمَاعُ الَّذِي يَمْدَحُهُ اللَّهُ]

- ‌[فَصْلٌ مَا يُبْغِضُهُ اللَّهُ وَيَكْرَهُهُ مِنَ السَّمَاعِ]

- ‌[فَصْلٌ تَحْكِيمُ الْوَحْيِ فِي الْأَحْوَالِ وَالْأَذْوَاقِ]

- ‌[فَصْلٌ دَرَجَاتُ السَّمَاعِ الثَّلَاثُ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْزِلَةُ الْحُزْنِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْزِلَةُ الْخَوْفِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْزِلَةُ الْإِشْفَاقِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْزِلَةُ الْخُشُوعِ]

الفصل: ‌[فصل استحسان لبعض الأفعال واستقباح لبعضها]

وَهَذَا بَابٌ مِنَ الْعُبُودِيَّةِ لَا يَعْرِفُهُ إِلَّا الْقَلِيلُ مِنَ النَّاسِ، وَمَنْ ذَاقَ طَعْمَهُ وَلَذَّتَهُ بَكَى عَلَى أَيَّامِهِ الْأُوَلِ.

وَبِاللَّهِ الْمُسْتَعَانُ، وَعَلَيْهِ التُّكْلَانُ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ.

وَصَاحِبُ هَذَا الْمَقَامِ إِذَا نَظَرَ إِلَى الشَّيْطَانِ، وَلَاحَظَهُ فِي الذَّنْبِ، رَاغَمَهُ بِالتَّوْبَةِ النَّصُوحِ، فَأَحْدَثَتْ لَهُ هَذِهِ الْمُرَاغَمَةُ عُبُودِيَّةً أُخْرَى.

فَهَذِهِ نُبْذَةٌ مِنْ بَعْضِ لَطَائِفِ أَسْرَارِ التَّوْبَةِ لَا تَسْتَهْزِئْ بِهَا، فَلَعَلَّكَ لَا تَظْفَرُ بِهَا فِي مُصَنَّفٍ آخَرَ الْبَتَّةَ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ، وَبِهِ التَّوْفِيقُ.

[فَصْلٌ اسْتِحْسَانٌ لِبَعْضِ الْأَفْعَالِ وَاسْتِقْبَاحٌ لِبَعْضِهَا]

فَصْلٌ

قَالَ صَاحِبُ الْمَنَازِلِ: اللَّطِيفَةُ الثَّالِثَةُ: أَنَّ مُشَاهَدَةَ الْعَبْدِ الْحُكْمَ لَمْ تَدَعْ لَهُ اسْتِحْسَانَ حَسَنَةٍ، وَلَا اسْتِقْبَاحَ سَيِّئَةٍ، لِصُعُودِهِ مِنْ جَمِيعِ الْمَعَانِي إِلَى مَعْنَى الْحُكْمِ.

هَذَا الْكَلَامُ - إِنْ أُخِذَ عَلَى ظَاهِرِهِ - فَهُوَ مِنْ أَبْطَلِ الْبَاطِلِ، الَّذِي لَوْلَا إِحْسَانُ الظَّنِّ بِصَاحِبِهِ وَقَائِلِهِ، وَمَعْرِفَةُ قَدْرِهِ مِنَ الْإِمَامَةِ وَالْعِلْمِ وَالدِّينِ، لَنُسِبَ إِلَى لَازِمِ هَذَا الْكَلَامِ، وَلَكِنَّ مَنْ عَدَا الْمَعْصُومَ صلى الله عليه وسلم فَمَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِهِ وَمَتْرُوكٌ، وَمَنْ ذَا الَّذِي لَمْ تَزِلَّ بِهِ الْقَدَمُ، وَلَمْ يَكْبُ بِهِ الْجَوَادُ؟ .

وَمَعْنَى هَذَا أَنَّ الْعَبْدَ مَا دَامَ فِي مَقَامِ التَّفْرِقَةِ، فَإِنَّهُ يَسْتَحْسِنُ بَعْضَ الْأَفْعَالِ، وَيَسْتَقْبِحُ بَعْضَهَا، نَظَرًا إِلَى ذَوَاتِهَا وَمَا افْتَرَقَتْ فِيهِ، فَإِذَا تَجَاوَزَهَا نَظَرَ إِلَى مَصْدَرِهَا الْأَوَّلِ، وَصُدُورِهَا عَنْ عَيْنِ الْحُكْمِ، وَاجْتِمَاعِهَا كُلِّهَا فِي تِلْكَ الْعَيْنِ، وَانْسِحَابِ ذَيْلِ الْمَشِيئَةِ عَلَيْهَا، وَوَحْدَةِ الْمَصْدَرِ، وَهُوَ الْمَشِيئَةُ الشَّامِلَةُ الْعَامَّةُ الْمُوجِبَةُ، فَهِيَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَصْدَرِ الْحُكْمِ، وَعَيْنِ الْمَشِيئَةِ لَا تُوصَفُ بِحُسْنٍ وَلَا بِقُبْحٍ، إِذِ الْحُسْنُ وَالْقُبْحُ إِنَّمَا عَرَضَا لَهَا عِنْدَ قِيَامِهَا بِالْكَوْنِ، وَجَرَيَانِهَا عَلَيْهِ، فَهِيَ بِمَنْزِلَةِ نُورِ الشَّمْسِ وَاحِدٌ فِي نَفْسِهِ غَيْرُ مُتَلَوِّنٍ، وَلَا يُوصَفُ بِحُمْرَةٍ وَلَا صُفْرَةٍ وَلَا خُضْرَةٍ، فَإِذَا اتَّصَلَ بِالْمَحَالِّ الْمُتَلَوِّنَةِ وُصِفَ حِينَئِذٍ بِحَسَبِ تِلْكَ الْمَحَالِّ، لِإِضَافَتِهِ إِلَيْهَا، وَاتِّصَالِهِ بِهَا، فَيُرَى أَحْمَرَ وَأَصْفَرَ وَأَخْضَرَ، وَهُوَ بَرِيءٌ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ، إِذَا صَعِدَ مِنْ تِلْكَ الْمَحَالِّ إِلَى مَصْدَرِهِ الْأَوَّلِ، الْمُجَرَّدِ عَنِ الْقَوَابِلِ، فَهَذَا أَحْسَنُ مَا يُحْمَلُ عَلَيْهِ كَلَامُهُ.

ص: 242

عَلَى أَنَّ لَهُ مَحْمَلًا آخَرَ مَبْنِيًّا عَلَى أُصُولٍ فَاسِدَةٍ، وَهِيَ أَنَّ إِرَادَةَ الرَّبِّ تَعَالَى هِيَ عَيْنُ مَحَبَّتِهِ وَرِضَاهُ، فَكُلُّ مَا شَاءَهُ فَقَدْ أَحَبَّهُ وَرَضِيَهُ، وَكُلُّ مَا لَمْ يَشَأْهُ فَهُوَ مَسْخُوطٌ لَهُ مَبْغُوضٌ، فَالْمَبْغُوضُ الْمَسْخُوطُ هُوَ مَا لَمْ يَشَأْهُ، وَالْمَحْبُوبُ الْمَرْضِيُّ هُوَ مَا شَاءَهُ.

هَذَا أَصْلُ عَقِيدَةِ الْقَدَرِيَّةِ الْجَبْرِيَّةِ، الْمُنْكِرِينَ لِلْحُكْمِ وَالتَّعْلِيلِ وَالْأَسْبَابِ، وَتَحْسِينِ الْعَقْلِ وَتَقْبِيحِهِ، وَأَنَّ الْأَفْعَالَ كُلَّهَا سَوَاءٌ، لَا يَخْتَصُّ بَعْضُهَا بِمَا صَارَ حَسَنًا لِأَجْلِهِ، وَبَعْضُهَا بِمَا صَارَ قَبِيحًا لِأَجْلِهِ، وَيَجُوزُ فِي الْعَقْلِ أَنْ يَأْمُرَ بِمَا نُهِيَ عَنْهُ، وَيَنْهَى عَمَّا أُمِرَ بِهِ، وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ مُنَاقِضًا لِلْحِكْمَةِ.

إِذِ الْحِكْمَةُ تَرْجِعُ عِنْدَهُمْ إِلَى مُطَابَقَةِ الْعِلْمِ الْأَزَلِيِّ لِمَعْلُومِهِ، وَالْإِرَادَةِ الْأَزَلِيَّةِ لِمُرَادِهَا، وَالْقُدْرَةِ لِمَقْدُورِهَا، فَإِذَا الْأَفْعَالُ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْمَشِيئَةِ وَالْإِرَادَةِ مُسْتَوِيَةٌ، لَا تُوصَفُ بِحُسْنٍ وَلَا قُبْحٍ، فَإِذَا تَعَلَّقَ بِهَا الْأَمْرُ وَالنَّهْيُ صَارَتْ حِينَئِذٍ حَسَنَةً وَقَبِيحَةً وَلَيْسَ حُسْنُهَا وَقُبْحُهَا أَمْرًا زَائِدًا عَلَى كَوْنِهَا مَأْمُورًا بِهَا وَمَنْهِيًّا عَنْهَا، فَعَلَى هَذَا إِذَا صَعِدَ الْعَبْدُ مِنْ تَفْرِقَةِ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ إِلَى جَمْعِ الْمَشِيئَةِ لَمْ يَسْتَحْسِنْ حَسَنَةً، وَلَمْ يَسْتَقْبِحْ قَبِيحَةً، فَإِذَا نَزَلَ فَرْقُ الْأَمْرِ صَحَّ لَهُ الِاسْتِحْسَانُ وَالِاسْتِقْبَاحُ.

فَهَذَا مَحْمَلٌ ثَانٍ لِكَلَامِهِ.

وَلَهُ مَحْمَلٌ ثَالِثٌ - هُوَ أَبْعَدُ النَّاسِ مِنْهُ، وَلَكِنْ قَدْ حُمِلَ عَلَيْهِ - وَهُوَ أَنَّ السَّالِكَ مَا دَامَ مَحْجُوبًا عَنْ شُهُودِ الْحَقِيقَةِ بِشُهُودِ الطَّاعَةِ وَالْمَعْصِيَةِ، رَأَى الْأَفْعَالَ بِعَيْنِ الْحُسْنِ وَالْقُبْحِ، فَرَأَى مِنْهَا الطَّاعَةَ وَالْمَعْصِيَةَ، فَإِذَا تَرَقَّى إِلَى شُهُودِ الْحَقِيقَةِ الْأُولَى، وَهِيَ الْحَقِيقَةُ الْكَوْنِيَّةُ، وَرَأَى شُمُولَ الْحُكْمِ الْكَوْنِيِّ لِلْكَائِنَاتِ وَإِحَاطَتَهُ بِهَا، وَعَدَمَ خُرُوجِ ذَرَّةٍ مِنْهَا عَنْهُ، زَالَ عَنْهُ اسْتِقْبَاحُ شَيْءٍ مِنَ الْأَفْعَالِ، وَشَهِدَهَا كُلَّهَا طَاعَاتٍ لِلْأَقْدَارِ وَالْمَشِيئَةِ، وَفِي مِثْلِ هَذَا الْحَالِ يَقُولُ: إِنْ كُنْتَ عَصَيْتَ الْأَمْرَ، فَقَدْ أَطَعْتَ الْإِرَادَةَ، وَيَقُولُ:

ص: 243

أَصْبَحْتُ مُنْفَعِلًا لِمَا تَخْتَارُهُ

مِنِّي فَفِعْلِي كُلُّهُ طَاعَاتٌ

فَإِذَا تَرَقَّى مَرْتَبَةً أُخْرَى، وَزَالَ عَنْهُ الْفَرْقُ بَيْنَ الرَّبِّ وَالْعَبْدِ - كَمَا زَالَ عَنْهُ فِي الْمَرْتَبَةِ الثَّانِيَةِ الْفَرْقُ بَيْنَ الْمَحْبُوبِ وَالْمَسْخُوطِ، وَالْمَأْمُورِ وَالْمَحْظُورِ - قَالَ: مَا ثَمَّ طَاعَةٌ، وَلَا مَعْصِيَةٌ، إِذِ الطَّاعَةُ وَالْمَعْصِيَةُ إِنَّمَا يَكُونَانِ بَيْنَ اثْنَيْنِ ضَرُورَةً، وَالْمُطِيعُ عَيْنُ الْمُطَاعِ، فَمَا هَاهُنَا غَيْرُ، فَالْوَحْدَةُ الْمُطْلَقَةُ تَنْفِي الطَّاعَةَ وَالْمَعْصِيَةَ، فَالصُّعُودُ مِنْ وَحْدَةِ الْفِعْلِ إِلَى وَحْدَةِ الْوُجُودِ، يُزِيلُ عَنْهُ - بِزَعْمِهِ - تَوَهُّمَ الِانْقِسَامِ إِلَى طَاعَةٍ وَمَعْصِيَةٍ، كَمَا كَانَ الصُّعُودُ مِنْ تَفْرِقَةِ الْأَمْرِ إِلَى وَحْدَةِ الْحُكْمِ يُزِيلُ عَنْهُ ثُبُوتَ الْمَعْصِيَةِ.

وَهَذَا عِنْدَ الْقَوْمِ مِنَ الْأَسْرَارِ الَّتِي لَا يَسْتَجِيزُونَ كَشْفَهَا إِلَّا لِخَوَاصِّهِمْ، وَأَهْلِ الْوُصُولِ مِنْهُمْ.

لَكِنَّ صَاحِبَ الْمَنَازِلِ بَرِيءٌ مِنْ هَؤُلَاءِ وَطَرِيقَتِهِمْ، وَهُوَ مُكَفِّرٌ لَهُمْ، بَلْ مُخْرِجٌ لَهُمْ مِنْ جُمْلَةِ الْأَدْيَانِ، وَلَكِنْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ لِأَنَّهُمْ يَحْمِلُونَ كَلَامَهُ عَلَيْهِ، وَيَظُنُّونَهُ مِنْهُمْ.

فَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا مَقَامٌ عَظِيمٌ، زَلَّتْ فِيهِ أَقْدَامُ طَائِفَتَيْنِ مِنَ النَّاسِ: طَائِفَةٍ مِنْ أَهْلِ الْكَلَامِ وَالنَّظَرِ، وَطَائِفَةٍ مِنْ أَهْلِ السُّلُوكِ وَالْإِرَادَةِ.

فَنَفَى لِأَجْلِهِ كَثِيرٌ مِنَ النُّظَّارِ التَّحْسِينَ وَالتَّقْبِيحَ الْعَقْلِيَّيْنِ، وَجَعَلُوا الْأَفْعَالَ كُلَّهَا

ص: 244

سَوَاءً فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، وَأَنَّهَا غَيْرُ مُنْقَسِمَةٍ فِي ذَوَاتِهَا إِلَى حَسَنٍ وَقَبِيحٍ، وَلَا يُمَيِّزُ لِلْفِعْلِ عِنْدَهُمْ مَنْشَأُ حُسْنٍ وَلَا قُبْحٍ، وَلَا مَصْلَحَةٍ وَلَا مَفْسَدَةٍ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ السُّجُودِ لِلشَّيْطَانِ، وَالسُّجُودِ لِلرَّحْمَنِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، وَلَا بَيْنَ الصِّدْقِ وَالْكَذِبِ، وَلَا بَيْنَ السِّفَاحِ وَالنِّكَاحِ، إِلَّا أَنَّ الشَّارِعَ حَرَّمَ هَذَا وَأَوْجَبَ هَذَا، فَمَعْنَى حُسْنِهِ كَوْنُهُ مَأْمُورًا بِهِ، لَا أَنَّهُ مَنْشَأُ مَصْلَحَةٍ، وَمَعْنَى قُبْحِهِ كَوْنُهُ مَنْهِيًّا عَنْهُ، لَا أَنَّهُ مَنْشَأُ مَفْسَدَةٍ، وَلَا فِيهِ صِفَةٌ اقْتَضَتْ قُبْحَهُ، وَمَعْنَى حُسْنِهِ أَنَّ الشَّارِعَ أَمَرَ بِهِ، لَا أَنَّهُ مَنْشَأُ مَصْلَحَةٍ، وَلَا فِيهِ صِفَةٌ اقْتَضَتْ حُسْنَهُ.

وَقَدْ بَيَّنَّا بُطْلَانَ هَذَا الْمَذْهَبِ مِنْ سِتِّينَ وَجْهًا فِي كِتَابِنَا الْمُسَمَّى تُحْفَةَ النَّازِلِينَ بِجِوَارِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَأَشْبَعْنَا الْكَلَامَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ هُنَاكَ، وَذَكَرْنَا جَمِيعَ مَا احْتَجَّ بِهِ أَرْبَابُ هَذَا الْمَذْهَبِ، وَبَيَّنَّا بُطْلَانَهُ.

فَإِنَّ هَذَا الْمَذْهَبَ - بَعْدَ تَصَوُّرِهِ، وَتَصَوُّرِ لَوَازِمِهِ - يَجْزِمُ الْعَقْلُ بِبُطْلَانِهِ، وَقَدْ دَلَّ الْقُرْآنُ عَلَى فَسَادِهِ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ، وَالْفِطْرَةُ أَيْضًا وَصَرِيحُ الْعَقْلِ.

فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ فَطَرَ عِبَادَهُ عَلَى اسْتِحْسَانِ الصِّدْقِ وَالْعَدْلِ، وَالْعِفَّةِ وَالْإِحْسَانِ، وَمُقَابَلَةِ النِّعَمِ بِالشُّكْرِ، وَفَطَرَهُمْ عَلَى اسْتِقْبَاحِ أَضْدَادِهَا، وَنِسْبَةُ هَذَا إِلَى فِطَرِهِمْ وَعُقُولِهِمْ كَنِسْبَةِ الْحُلْوِ وَالْحَامِضِ إِلَى أَذْوَاقِهِمْ، وَكَنِسْبَةِ رَائِحَةِ الْمِسْكِ وَرَائِحَةِ النَّتْنِ إِلَى مَشَامِّهِمْ، وَكَنِسْبَةِ الصَّوْتِ اللَّذِيذِ وَضِدِّهِ إِلَى أَسْمَاعِهِمْ، وَكَذَلِكَ كَلُّ مَا يُدْرِكُونَهُ بِمَشَاعِرِهِمُ الظَّاهِرَةِ وَالْبَاطِنَةِ، فَيُفَرِّقُونَ بَيْنَ طَيِّبِهِ وَخَبِيثِهِ، وَنَافِعِهِ وَضَارِّهِ.

ص: 245

وَقَدْ زَعَمَ بَعْضُ نُفَاةِ التَّحْسِينِ وَالتَّقْبِيحِ أَنَّ هَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَهُوَ رَاجِعٌ إِلَى الْمُلَائِمَةِ وَالْمُنَافِرَةِ، بِحَسَبِ اقْتِضَاءِ الطِّبَاعِ، وَقَبُولِهَا لِلشَّيْءِ، وَانْتِفَاعِهَا بِهِ، وَنُفْرَتِهَا مِنْ ضِدِّهِ.

قَالُوا: وَهَذَا لَيْسَ الْكَلَامُ فِيهِ، وَإِنَّمَا الْكَلَامُ فِي كَوْنِ الْفِعْلِ مُتَعَلِّقًا لِلذَّمِّ وَالْمَدْحِ عَاجِلًا، وَالثَّوَابِ وَالْعِقَابِ آجِلًا، فَهَذَا الَّذِي نَفَيْنَاهُ، وَقُلْنَا: إِنَّهُ لَا يُعْلَمُ إِلَّا بِالشَّرْعِ، قَالَ خُصُومُنَا: إِنَّهُ مَعْلُومٌ بِالْعَقْلِ، وَالْعَقْلُ مُقْتَضٍ لَهُ.

فَيُقَالُ: هَذَا فِرَارٌ مِنَ الزَّحْفِ، إِذْ هَاهُنَا أَمْرَانِ مُتَغَايِرَانِ لَا تَلَازُمَ بَيْنِهِمَا.

أَحَدُهُمَا: هَلِ الْفِعْلُ نَفْسُهُ مُشْتَمِلٌ عَلَى صِفَةٍ اقْتَضَتْ حُسْنَهُ وَقُبْحَهُ، بِحَيْثُ يَنْشَأُ الْحُسْنُ وَالْقُبْحُ مِنْهُ، فَيَكُونُ مَنْشَأً لَهُمَا أَمْ لَا؟

وَالثَّانِي: أَنَّ الثَّوَابَ الْمُرَتَّبَ عَلَى حُسْنِ الْفِعْلِ، وَالْعِقَابَ الْمُرَتَّبَ عَلَى قُبْحِهِ، ثَابِتٌ - بَلْ وَاقِعٌ - بِالْعَقْلِ، أَمْ لَا يَقَعُ إِلَّا بِالشَّرْعِ؟

وَلَمَّا ذَهَبَ الْمُعْتَزِلَةُ وَمَنْ وَافَقَهُمْ إِلَى تَلَازُمِ الْأَصْلَيْنِ اسْتَطَلْتُمْ عَلَيْهِمْ، وَتَمَكَّنْتُمْ مِنْ إِبْدَاءِ تُنَاقُضِهِمْ وَفَضَائِحِهِمْ، وَلَمَّا نَفَيْتُمْ أَنْتُمُ الْأَصْلَيْنِ جَمِيعًا اسْتَطَالُوا عَلَيْكُمْ

ص: 246

، وَأَبْدَوْا مِنْ فَضَائِحِكُمْ وَخِلَافِكُمْ لِصَرِيحِ الْعَقْلِ وَالْفِطْرَةِ مَا أَبْدَوْهُ، وَهُمْ غَلِطُوا فِي تَلَازُمِ الْأَصْلَيْنِ، وَأَنْتُمْ غَلِطْتُمْ فِي نَفْيِ الْأَصْلَيْنِ.

وَالْحَقُّ الَّذِي لَا يَجِدُ التَّنَاقُضُ إِلَيْهِ السَّبِيلَ أَنَّهُ لَا تَلَازُمَ بَيْنَهُمَا، وَأَنَّ الْأَفْعَالَ فِي نَفْسِهَا حَسَنَةٌ وَقَبِيحَةٌ، كَمَا أَنَّهَا نَافِعَةٌ وَضَارَّةٌ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا كَالْفَرْقِ بَيْنَ الْمَطْعُومَاتِ وَالْمَشْمُومَاتِ وَالْمَرْئِيَّاتِ، وَلَكِنْ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِمَا ثَوَابٌ وَلَا عِقَابٌ إِلَّا بِالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ، وَقَبْلَ وُرُودِ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ لَا يَكُونُ قَبِيحًا مُوجِبًا لِلْعِقَابِ مَعَ قُبْحِهِ فِي نَفْسِهِ، بَلْ هُوَ فِي غَايَةِ الْقُبْحِ، وَاللَّهُ لَا يُعَاقِبُ عَلَيْهِ إِلَّا بَعْدَ إِرْسَالِ الرُّسُلِ، فَالسُّجُودُ لِلشَّيْطَانِ وَالْأَوْثَانِ، وَالْكَذِبُ وَالزِّنَا، وَالظُّلْمُ وَالْفَوَاحِشُ، كُلُّهَا قَبِيحَةٌ فِي ذَاتِهَا، وَالْعِقَابُ عَلَيْهَا مَشْرُوطٌ بِالشَّرْعِ.

فَالنُّفَاةُ يَقُولُونَ: لَيْسَتْ فِي ذَاتِهَا قَبِيحَةً، وَقُبْحُهَا وَالْعِقَابُ عَلَيْهَا إِنَّمَا يَنْشَأُ بِالشَّرْعِ.

وَالْمُعْتَزِلَةُ تَقُولُ: قُبْحُهَا وَالْعِقَابُ عَلَيْهَا ثَابِتَانِ بِالْعَقْلِ.

وَكَثِيرٌ مِنَ الْفُقَهَاءِ مِنَ الطَّوَائِفِ الْأَرْبَعِ يَقُولُونَ: قُبْحُهَا ثَابِتٌ بِالْعَقْلِ، وَالْعِقَابُ مُتَوَقِّفٌ عَلَى وُرُودِ الشَّرْعِ، وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ سَعْدُ بْنُ عَلِيٍّ الزَّنْجَانِيُّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ، وَأَبُو الْخَطَّابِ مِنَ الْحَنَابِلَةِ، وَذَكَرَهُ الْحَنَفِيَّةُ وَحَكَوْهُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ نَصًّا، لَكِنَّ الْمُعْتَزِلَةَ مِنْهُمْ يُصَرِّحُونَ بِأَنَّ الْعِقَابَ ثَابِتٌ بِالْعَقْلِ.

وَقَدْ دَلَّ الْقُرْآنُ أَنَّهُ لَا تَلَازُمَ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ، وَأَنَّهُ لَا يُعَاقَبُ إِلَّا بِإِرْسَالِ الرُّسُلِ، وَأَنَّ الْفِعْلَ نَفْسَهُ حَسَنٌ وَقَبِيحٌ، وَنَحْنُ نُبَيِّنُ دَلَالَتَهُ عَلَى الْأَمْرَيْنِ.

ص: 247