المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فصل المشهد السابع مشهد التوفيق والخذلان] - مدارج السالكين - ط الكتاب العربي - جـ ١

[ابن القيم]

فهرس الكتاب

- ‌[هِدَايَةُ الْقُرْآنِ]

- ‌[اشْتِمَالُ الْفَاتِحَةِ عَلَى أُمَّهَاتِ الْمَطَالِبِ]

- ‌[فَصْلٌ الصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ]

- ‌[فَصْلٌ الصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ هُوَ صِرَاطُ اللَّهِ]

- ‌[فَصْلٌ رَفِيقُ طَالِبِ الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ هُمُ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ]

- ‌[فَصْلٌ عَلَّمَ اللَّهُ عِبَادَهُ كَيْفِيَّةَ سُؤَالِهِ الْهِدَايَةَ إِلَى الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ]

- ‌[فَصْلٌ اشْتِمَالُ الْفَاتِحَةِ عَلَى أَنْوَاعِ التَّوْحِيدِ]

- ‌[فَصْلٌ دِلَالَةٌ عَلَى تَوْحِيدِ الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ اسْمُ اللَّهِ يَدُلُّ عَلَى الصِّفَةِ بِمُفْرَدِهَا وَيَدُلُّ عَلَى الذَّاتِ الْمُجَرَّدَةِ]

- ‌[فَصْلٌ اسْمُ اللَّهِ يَدُلُّ عَلَى الْأَسْمَاءِ الْحُسْنَى]

- ‌[فَصْلٌ ارْتِبَاطُ الْخَلْقِ بِأَسْمَاءِ اللَّهِ]

- ‌[فَصْلٌ ذِكْرُ أَسْمَاءِ اللَّهِ بَعْدَ الْحَمْدِ]

- ‌[فَصْلٌ مَرَاتِبُ الْهِدَايَةِ الْخَاصَّةِ وَالْعَامَّةِ]

- ‌[الْمَرْتَبَةُ الْأُولَى تَكْلِيمُ اللَّهِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَرْتَبَةُ الثَّانِيَةُ مَرْتَبَةُ الْوَحْيِ الْمُخْتَصِّ بِالْأَنْبِيَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَرْتَبَةُ الثَّالِثَةُ إِرْسَالُ الرَّسُولِ الْمَلَكِيِّ إِلَى الرَّسُولِ الْبَشَرِيِّ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَرْتَبَةُ الرَّابِعَةُ مَرْتَبَةُ التَّحْدِيثِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَرْتَبَةُ الْخَامِسَةُ مَرْتَبَةُ الْإِفْهَامِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَرْتَبَةُ السَّادِسَةُ مَرْتَبَةُ الْبَيَانِ الْعَامِّ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَرْتَبَةُ السَّابِعَةُ الْبَيَانُ الْخَاصُّ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَرْتَبَةُ الثَّامِنَةُ مَرْتَبَةُ الْإِسْمَاعِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَرْتَبَةُ التَّاسِعَةُ مَرْتَبَةُ الْإِلْهَامِ]

- ‌[الْإِلْهَامُ هُوَ مَقَامُ الْمُحَدِّثِينَ]

- ‌[فَصْلٌ دَرَجَاتُ الْإِلْهَامِ]

- ‌[الدَّرَجَةُ الْأُولَى نَبَأٌ يَقَعُ وَحْيًا قَاطِعًا مَقْرُونًا بِسَمَاعٍ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ إِلْهَامٌ يَقَعُ عِيَانًا]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ إِلْهَامٌ يَجْلُو عَيْنَ التَّحْقِيقِ صَرْفًا]

- ‌[فَصْلٌ الْمَرْتَبَةُ الْعَاشِرَةُ الرُّؤْيَا الصَّادِقَةُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ اشْتِمَالِ الْفَاتِحَةِ عَلَى الْشِفَاءَيْنِ شِفَاءِ الْقُلُوبِ وَشِفَاءِ الْأَبْدَانِ]

- ‌[اشْتِمَالُهَا عَلَى شِفَاءِ الْقُلُوبِ]

- ‌[تَضَمُّنُهَا لِشِفَاءِ الْأَبْدَانِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي اشْتِمَالِ الْفَاتِحَةِ عَلَى الرَّدِّ عَلَى جَمِيعِ الْمُبْطِلِينَ مِنْ أَهْلِ الْمِلَلِ]

- ‌[الْمُجْمَلُ]

- ‌[فَصْلُ الْمُفَصَّلِ]

- ‌[فَصْلٌ وَالْمُقِرُّونَ بِالرَّبِّ سبحانه وتعالى أَنَّهُ صَانِعُ الْعَالَمِ نَوْعَانِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمُثْبِتُونَ لِلْخَالِقِ تَعَالَى]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَضَمُّنِهَا الرَّدَّ عَلَى الْجَهْمِيَّةِ مُعَطِّلَةِ الصِّفَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَضَمُّنِهَا لِلرَّدِّ عَلَى الْجَبْرِيَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَضَمُّنِهَا الرَّدَّ عَلَى الْقَائِلِينَ بِالْمُوجِبِ بِالذَّاتِ دُونَ الِاخْتِيَارِ وَالْمَشِيئَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَضَمُّنِهَا لِلرَّدِّ عَلَى مُنْكِرِي تَعَلُّقِ عِلْمِهِ تَعَالَى بِالْجُزْئِيَّاتِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ تَضَمُّنِهَا لِلرَّدِّ عَلَى مُنْكِرِي النُّبُوَّاتِ]

- ‌[فَصْلٌ إِذَا ثَبَتَتِ النُّبُوَّاتُ وَالرِّسَالَةُ ثَبَتَتْ صِفَةُ التَّكَلُّمِ وَالتَّكْلِيمِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ تَضَمُّنِهَا لِلرَّدِّ عَلَى مَنْ قَالَ بِقِدَمِ الْعَالَمِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ تَضَمُّنِهَا لِلرَّدِّ عَلَى الرَّافِضَةِ]

- ‌[فَصْلٌ سِرُّ الْخَلْقِ وَالْأَمْرِ وَالشَّرَائِعِ]

- ‌[فَصْلٌ أَقْسَامُ النَّاسِ فِي الْعِبَادَةِ وَالِاسْتِعَانَةِ]

- ‌[فَصْلٌ لَا يَكُونُ الْعَبْدُ مُتَحَقِّقًا بِإيَّاكَ نَعْبُدُ إِلَّا بِمُتَابَعَةِ الرَّسُولِ وَالْإِخْلَاصِ وَأَقْسَامُ النَّاسِ فِي ذَلِكَ]

- ‌[أَهْلُ الْإِخْلَاصِ لِلْمَعْبُودِ وَالْمُتَابَعَةِ]

- ‌[مَنْ لَا إِخْلَاصَ لَهُ وَلَا مُتَابَعَةَ]

- ‌[مُخْلِصٌ فِي أَعْمَالِهِ لَكِنَّهَا عَلَى غَيْرِ مُتَابَعَةِ الْأَمْرِ]

- ‌[مَنْ أَعْمَالُهُ عَلَى مُتَابَعَةِ الْأَمْرِ لَكِنَّهَا لِغَيْرِ اللَّهِ]

- ‌[فَصْلٌ أَهْلُ مَقَامِ إِيَّاكَ نَعْبُدُ لَهُمْ فِي أَفْضَلِ الْعِبَادَةِ وَأَنْفَعِهَا وَأَحَقِّهَا بِالْإِيثَارِ وَالتَّخْصِيصِ أَرْبَعُ طُرُقٍ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْفَعَةُ الْعِبَادَةِ وَحِكْمَتُهَا وَمَقْصُودُهَا وَانْقِسَامُ النَّاسِ فِي ذَلِكَ لِأَرْبَعَةِ أَصْنَافٍ]

- ‌[نُفَاةُ التَّعْلِيلِ]

- ‌[الْقَدَرِيَّةُ الْنُفَاةُ]

- ‌[الَّذِينَ زَعَمُوا أَنَّ فَائِدَةَ الْعِبَادَةِ رِيَاضَةُ النُّفُوسِ]

- ‌[الطَّائِفَةُ الْمُحَمَّدِيَّةُ الْإِبْرَاهِيمِيَّةُ]

- ‌[فَصْلٌ سِرُّ الْعُبُودِيَّةِ وَغَايَتُهَا وَحِكْمَتُهَا]

- ‌[فَصْلٌ بِنَاءُ إِيَّاكَ نَعْبُدُ عَلَى أَرْبَعِ قَوَاعِدَ]

- ‌[فَصْلٌ دَعْوَةُ جَمِيعِ الرُّسُلِ إِلَى إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ]

- ‌[فَصْلٌ اللَّهُ تَعَالَى جَعَلَ الْعُبُودِيَّةَ وَصْفَ أَكْمَلِ خَلْقِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي لُزُومِ إِيَّاكَ نَعْبُدُ لِكُلِّ عَبْدٍ إِلَى الْمَوْتِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي انْقِسَامِ الْعُبُودِيَّةِ إِلَى عَامَّةٍ وَخَاصَّةٍ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَرَاتِبِ إِيَّاكَ نَعْبُدُ عِلْمًا وَعَمَلًا]

- ‌[فَصْلٌ مَرَاتِبُ الْعُبُودِيَّةِ وَهِيَ خَمْسَ عَشْرَةَ مَرْتَبَةً]

- ‌[عِبَادَةُ الْقَلْبِ]

- ‌[فَصْلٌ عِبَادَةُ اللِّسَانِ]

- ‌[فَصْلٌ عِبَادَةُ الْجَوَارِحِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَنَازِلِ إِيَّاكَ نَعْبُدُ]

- ‌[مَنْزِلَةُ الْيَقَظَةِ]

- ‌[مَنْزِلَةُ الْبَصِيرَةِ]

- ‌[فَصْلٌ الْقَصْدُ]

- ‌[فَصْلٌ الْعَزْمُ]

- ‌[فَصْلٌ الْفِكْرَةُ]

- ‌[مُرَادُ الْفَنَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ الْفَنَاءُ أَقْسَامُهُ وَمَرَاتِبُهُ]

- ‌[فَصْلٌ أَسْبَابُ الْفَنَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ أَصْلُ الْفَنَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ الْفَنَاءُ وَمَهَالِكُهُ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْزِلَةُ الْمُحَاسَبَةِ]

- ‌[مِنْ مَنْزِلَةِ الْمُحَاسَبَةِ يَصِحُّ لَهُ نُزُولُ مَنْزِلَةِ التَّوْبَةِ]

- ‌[أَرْكَانُ الْمُحَاسَبَةِ]

- ‌[الرُّكْنُ الْأَوَّلُ الْمُقَايَسَةُ بَيْنَ مَا لِلْعَبْدِ وَمَا لِلَّهِ]

- ‌[فَصْلٌ الرُّكْنُ الثَّانِي التَّمْيِيزُ بَيْنَ مَا لِلْعَبْدِ وَمَا عَلَيْهِ]

- ‌[فَصْلٌ الرُّكْنُ الثَّالِثُ الرِّضَا بِالطَّاعَةِ وَالتَّعْيِيرُ بِالْمَعْصِيَةِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْزِلَةُ التَّوْبَةِ]

- ‌[وُجُوبُ التَّوْبَةِ عَلَى جَمِيعِ الْمُؤْمِنِينَ]

- ‌[شَرَائِطُ التَّوْبَةِ]

- ‌[حَقَائِقُ التَّوْبَةِ وَعَلَامَةُ قَبُولِهَا]

- ‌[فَصْلٌ أَعْذَارُ الْخَلِيقَةِ مِنْهَا مَحْمُودٌ وَمِنْهَا مَذْمُومٌ]

- ‌[فَصْلٌ مِنْ حَقَائِقِ التَّوْبَةِ طَلَبُ أَعْذَارِ الْخَلِيقَةِ]

- ‌[فَصْلٌ دَفْعُ الْقَدَرِ بِالْقَدَرِ]

- ‌[فَصْلٌ سَرَائِرُ حَقِيقَةِ التَّوْبَةِ]

- ‌[فَصْلٌ التَّوْبَةُ مِنَ التَّوْبَةِ]

- ‌[فَصْلٌ لِطَائِفُ أَسْرَارِ التَّوْبَةِ]

- ‌[فَصْلٌ مَرَاتِبُ الذُّلِّ وَالْخُضُوعِ]

- ‌[فَصْلٌ نَظَرُ الْعَبْدِ فِي الذَّنْبِ]

- ‌[فَصْلٌ اسْتِحْسَانٌ لِبَعْضِ الْأَفْعَالِ وَاسْتِقْبَاحٌ لِبَعْضِهَا]

- ‌[فَصْلٌ دَلَالَةُ الْفِعْلِ فِي النَّفْسِ]

- ‌[فَصْلٌ غَلَطُ السَّالِكِينَ فِي الْفَرْقِ الطَّبِيعِيِّ وَالشَّرْعِيِّ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْ زَعَمَ سُقُوطَ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ]

- ‌[فَصْلٌ الْقِيَامُ بِأَمْرِ اللَّهِ]

- ‌[فَصْلٌ تَمَكُّنُ الْإِيمَانِ وَالْعِلْمِ فِي الْقَلْبِ]

- ‌[فَصْلٌ الْفَرْقُ بَيْنَ الْمَشِيئَةِ وَالْمَحَبَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ حَدِيثُ الرِّضَا بِالْقَضَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ تَوْبَةُ الْعَامَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ تَوْبَةُ الْأَوْسَاطِ]

- ‌[فَصْلٌ تَوْبَةُ الْخَوَاصِّ]

- ‌[فَصْلٌ مَقَامُ التَّوْبَةِ]

- ‌[فَصْلٌ التَّوْبَةُ مِنَ الذَّنْبِ فَرْضٌ]

- ‌[التَّوْبَةُ مِنْ ذَنْبٍ مَعَ الْإِصْرَارِ عَلَى غَيْرِهِ]

- ‌[فَصْلٌ أَحْكَامُ التَّوْبَةِ]

- ‌[فَصْلٌ الْخِلَافُ فِي اشْتِرَاطِ عَدَمِ الْعَوْدِ إِلَى الذَّنْبِ]

- ‌[فَصْلٌ الِاسْتِغْفَارُ]

- ‌[فَصْلٌ التَّوْبَةُ النَّصُوحُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ تَكْفِيرِ السَّيِّئَاتِ وَمَغْفِرَةِ الذُّنُوبِ]

- ‌[فَصْلٌ تَوْبَةُ الْعَبْدِ بَيْنَ تَوْبَتَيْنِ مِنْ رَبِّهِ]

- ‌[فَصْلٌ مَبْدَأُ التَّوْبَةِ وَمُنْتَهَاهَا]

- ‌[فَصْلٌ الذُّنُوبُ صَغَائِرُ وَكَبَائِرُ]

- ‌[فَصْلُ اللَّمَمِ]

- ‌[فَصْلٌ الْكَبَائِرُ]

- ‌[فَصْلٌ الْأَحْوَالُ الَّتِي تَكُونُ مَعَهَا الْكَبِيرَةُ صَغِيرَةً وَبِالْعَكْسِ]

- ‌[فَصْلٌ قُوَّةُ الْإِيمَانِ وَالْعِلْمِ الَّتِي يُسَامَحُ صَاحِبُهَا بِمَا لَا يُسَامَحُ بِهِ غَيْرُهُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَجْنَاسِ مَا يُتَابُ مِنْهُ]

- ‌[الْكُفْرُ]

- ‌[فَصْلٌ الْكُفْرُ الْأَكْبَرُ]

- ‌[فَصْلٌ الْجُحُودُ نَوْعَانِ مُطْلَقٌ وَمُقَيَّدٌ]

- ‌[فَصْلٌ الشِّرْكُ نَوْعَانِ أَكْبَرُ وَأَصْغَرُ]

- ‌[فَصْلُ النِّفَاقِ]

- ‌[فَصْلٌ الْفُسُوقُ]

- ‌[فَصْلٌ هَلْ يَضْمَنُ السَّارِقُ]

- ‌[فَصْلٌ الْإِثْمُ وَالْعُدْوَانُ]

- ‌[فَصْلٌ الْفَحْشَاءُ وَالْمُنْكَرُ]

- ‌[فَصْلٌ الْقَوْلُ عَلَى اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ]

- ‌[فَصْلٌ وَمِنْ أَحْكَامِ التَّوْبَةِ]

- ‌[فَصْلٌ حُقُوقُ الْعِبَادِ]

- ‌[فَصْلٌ هَلْ مِنْ ذُنُوبٍ لَا تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ أَمْ لَا]

- ‌[فَصْلٌ تَابَ الْقَاتِلُ وَسَلَّمَ نَفْسَهُ فَقُتِلَ قِصَاصًا هَلْ يَبْقَى عَلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لِلْمَقْتُولِ حَقٌّ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَشَاهِدِ الْخَلْقِ فِي الْمَعْصِيَةِ]

- ‌[مَشَاهِدُ الْخَلْقِ فِي الْمَعْصِيَةِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَشْهَدُ الْأَوَّلُ مَشْهَدُ الْحَيَوَانِيَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَشْهَدُ الثَّانِي مِنْ مَشَاهِدِ الْخَلْقِ فِي الْمَعْصِيَةِ مَشْهَدُ رُسُومِ الطَّبِيعَةِ وَلَوَازِمِ الْخِلْقَةِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَشْهَدُ الثَّالِثُ مَشْهَدُ أَصْحَابِ الْجَبْرِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَشْهَدُ الرَّابِعُ مَشْهَدُ الْقَدَرِيَّةِ النُّفَاةِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَشْهَدُ الْخَامِسُ وَهُوَ أَحَدُ مَشَاهِدِ أَهْلِ الِاسْتِقَامَةِ مَشْهَدُ الْحِكْمَةِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَشْهَدُ السَّادِسُ مَشْهَدُ التَّوْحِيدِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَشْهَدُ السَّابِعُ مَشْهَدُ التَّوْفِيقِ وَالْخِذْلَانِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَشْهَدُ الثَّامِنُ مَشْهَدُ الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَشْهَدُ التَّاسِعُ مَشْهَدُ زِيَادَةِ الْإِيمَانِ وَتَعَدُّدِ شَوَاهِدِهِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَشْهَدُ الْعَاشِرُ مَشْهَدُ الرَّحْمَةِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَشْهَدَ الْحَادِيَ عَشَرَ مَشْهَدُ الْعَجْزِ وَالضَّعْفِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَشْهَدِ الثَّانِي عَشَرَ مَشْهَدُ الذُّلِّ وَالِانْكِسَارِ وَالْخُضُوعِ وَالِافْتِقَارِ لِلرَّبِّ جل جلاله]

- ‌[فَصْلٌ الْمَشْهَدِ الثَّالِثَ عَشَرَ مَشْهَدُ الْعُبُودِيَّةِ وَالْمَحَبَّةِ وَالشَّوْقِ إِلَى لِقَائِهِ وَالِابْتِهَاجِ بِهِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْزِلَةُ الْإِنَابَةِ]

- ‌[مَعْنَى الْإِنَابَةِ وَالدَّلِيلُ عَلَيْهَا]

- ‌[فَصْلٌ الرُّجُوعُ إِلَى اللَّهِ]

- ‌[فَصْلٌ عَلَامَاتُ الْإِنَابَةِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْزِلَةُ التَّذَكُّرِ]

- ‌[أَقْسَامُ النَّاسِ فِيهَا]

- ‌[فَصْلٌ تُجْتَنَى ثَمَرَةُ الْفِكْرَةِ بِثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ]

- ‌[فَصْلٌ فَوَائِدُ تَدَبُّرِ الْقُرْآنِ وَتَأَمُّلِ مَعَانِيهِ]

- ‌[فَصْلٌ آثَارُ مُفْسِدَاتِ الْقَلْبِ الْخَمْسَةِ]

- ‌[الْمُفْسِدُ الْأَوَّلُ كَثْرَةُ الْخُلْطَةِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمُفْسِدُ الثَّانِي مِنْ مُفْسِدَاتِ الْقَلْبِ رُكُوبُهُ بَحْرَ التَّمَنِّي]

- ‌[فَصْلٌ الْمُفْسِدُ الثَّالِثُ مِنْ مُفْسِدَاتِ الْقَلْبِ التَّعَلُّقُ بِغَيْرِ اللَّهِ تَبَارَكَ تَعَالَى]

- ‌[فَصْلٌ الْمُفْسِدُ الرَّابِعُ مِنْ مُفْسِدَاتِ الْقَلْبِ الطَّعَامُ]

- ‌[فَصْلٌ الْمُفْسِدُ الْخَامِسُ كَثْرَةُ النَّوْمِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْزِلَةُ الِاعْتِصَامِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْزِلَةُ الْفِرَارِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْزِلَةُ الرِّيَاضَةِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْزِلَةُ السَّمَاعِ]

- ‌[أَقْسَامُ السَّمَاعِ]

- ‌[فَصْلٌ السَّمَاعُ الَّذِي يَمْدَحُهُ اللَّهُ]

- ‌[فَصْلٌ مَا يُبْغِضُهُ اللَّهُ وَيَكْرَهُهُ مِنَ السَّمَاعِ]

- ‌[فَصْلٌ تَحْكِيمُ الْوَحْيِ فِي الْأَحْوَالِ وَالْأَذْوَاقِ]

- ‌[فَصْلٌ دَرَجَاتُ السَّمَاعِ الثَّلَاثُ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْزِلَةُ الْحُزْنِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْزِلَةُ الْخَوْفِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْزِلَةُ الْإِشْفَاقِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْزِلَةُ الْخُشُوعِ]

الفصل: ‌[فصل المشهد السابع مشهد التوفيق والخذلان]

وَلِهَذَا كَانَ الصَّحِيحُ مِنَ الْقَوْلَيْنِ فِي تَقْدِيرِ الْآيَةِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ فَعَلَ هَذَا؟ حَتَّى يَتِمَّ الدَّلِيلُ، فَلَا بُدَّ مِنَ الْجَوَابِ بِلَا، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ إِلَهٌ فَعَلَ كَفِعْلِهِ، فَكَيْفَ تَعْبُدُونَ آلِهَةً أُخْرَى سِوَاهُ؟ فَعُلِمَ أَنَّ إِلَهِيَّةَ مَا سِوَاهُ بَاطِلَةٌ، كَمَا أَنَّ رُبُوبِيَّةَ مَا سِوَاهُ بَاطِلَةٌ بِإِقْرَارِهِمْ وَشَهَادَتِكُمْ.

وَمَنْ قَالَ: الْمَعْنَى هَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهٌ آخَرُ؟ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى " فَعَلَ هَذَا " فَقَوْلُهُ ضَعِيفٌ لِوَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ: مَعَ اللَّهِ آلِهَةٌ أُخْرَى، وَلَا يُنْكِرُونَ ذَلِكَ.

الثَّانِي: أَنَّهُ لَا يَتِمُّ الدَّلِيلُ، وَلَا يَحْصُلُ إِفْحَامُهُمْ وَإِقَامَةُ الْحُجَّةِ عَلَيْهِمْ إِلَّا بِهَذَا التَّقْدِيرِ أَيْ فَإِذَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ: إِنَّهُ لَيْسَ مَعَهُ إِلَهٌ آخَرُ فَعَلَ مِثْلَ فِعْلِهِ، فَكَيْفَ تَجْعَلُونَ مَعَهُ إِلَهًا آخَرَ لَا يَخْلُقُ شَيْئًا وَهُوَ عَاجِزٌ؟ وَهَذَا كَقَوْلِهِ:{أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ} [الرعد: 16] وَقَوْلِهِ: {هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ} [لقمان: 11] وَقَوْلِهِ: {أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لَا يَخْلُقُ} [النحل: 17] وَقَوْلِهِ: {وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ} [النحل: 20] وَقَوْلِهِ: {وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ} [الفرقان: 3] وَهُوَ كَثِيرٌ فِي الْقُرْآنِ، وَبِهِ تَتِمُّ الْحُجَّةُ كَمَا تَبَيَّنَ.

وَالْمَقْصُودُ أَنَّ الْعَبْدَ يَحْصُلُ لَهُ هَذَا فِي الْمَشْهَدِ مِنْ مُطَالَعَةِ الْجِنَايَاتِ وَالذُّنُوبِ، وَجَرَيَانِهَا عَلَيْهِ وَعَلَى الْخَلِيقَةِ بِتَقْدِيرِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ، وَأَنَّهُ لَا عَاصِمَ مِنْ غَضَبِهِ وَأَسْبَابِ سَخَطِهِ إِلَّا هُوَ، وَلَا سَبِيلَ إِلَى طَاعَتِهِ إِلَّا بِمَعُونَتِهِ، وَلَا وُصُولَ إِلَى مَرْضَاتِهِ إِلَّا بِتَوْفِيقِهِ، فَمَوَارِدُ الْأُمُورِ كُلُّهَا مِنْهُ، وَمَصَادِرُهَا إِلَيْهِ، وَأَزِمَّةُ التَّوْفِيقِ جَمِيعُهَا بِيَدَيْهِ فَلَا مُسْتَعَانَ لِلْعِبَادِ إِلَّا بِهِ، وَلَا مُتَّكَلَ إِلَّا عَلَيْهِ، كَمَا قَالَ شُعَيْبٌ خَطِيبُ الْأَنْبِيَاءِ {وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ} [هود: 88] .

[فَصْلٌ الْمَشْهَدُ السَّابِعُ مَشْهَدُ التَّوْفِيقِ وَالْخِذْلَانِ]

وَهُوَ مِنْ تَمَامِ هَذَا الْمَشْهَدِ وَفُرُوعِهِ، وَلَكِنْ أُفْرِدَ بِالذِّكْرِ لِحَاجَةِ الْعَبْدِ إِلَى شُهُودِهِ

ص: 414

وَانْتِفَاعِهِ بِهِ، وَقَدْ أَجْمَعَ الْعَارِفُونَ بِاللَّهِ أَنَّ التَّوْفِيقَ هُوَ أَنْ لَا يَكِلَكَ اللَّهُ إِلَى نَفْسِكَ، وَأَنَّ الْخِذْلَانَ هُوَ أَنْ يُخَلِّيَ بَيْنَكَ وَبَيْنَ نَفْسِكَ، فَالْعَبِيدُ مُتَقَلِّبُونَ بَيْنَ تَوْفِيقِهِ وَخِذْلَانِهِ، بَلِ الْعَبْدُ فِي السَّاعَةِ الْوَاحِدَةِ يَنَالُ نَصِيبَهُ مِنْ هَذَا وَهَذَا، فَيُطِيعُهُ وَيُرْضِيهِ، وَيَذْكُرُهُ وَيَشْكُرُهُ بِتَوْفِيقِهِ لَهُ ثُمَّ يَعْصِيهِ وَيُخَالِفُهُ وَيُسْخِطُهُ وَيَغْفُلُ عَنْهُ بِخِذْلَانِهِ لَهُ، فَهُوَ دَائِرٌ بَيْنَ تَوْفِيقِهِ وَخِذْلَانِهِ، فَإِنْ وَفَّقَهُ فَبِفَضْلِهِ وَرَحْمَتِهِ، وَإِنْ خَذَلَهُ فَبِعَدْلِهِ وَحِكْمَتِهِ، وَهُوَ الْمَحْمُودُ عَلَى هَذَا وَهَذَا، لَهُ أَتَمُّ حَمْدٍ وَأَكْمَلُهُ، وَلَمْ يَمْنَعِ الْعَبْدَ شَيْئًا هُوَ لَهُ، وَإِنَّمَا مَنَعَهُ مَا هُوَ مُجَرَّدُ فَضْلِهِ وَعَطَائِهِ، وَهُوَ أَعْلَمُ حَيْثُ يَضَعُهُ وَأَيْنَ يَجْعَلُهُ؟

فَمَتَى شَهِدَ الْعَبْدُ هَذَا الْمَشْهَدَ وَأَعْطَاهُ حَقَّهُ، عَلِمَ شِدَّةَ ضَرُورَتِهِ وَحَاجَتِهِ إِلَى التَّوْفِيقِ فِي كُلِّ نَفَسٍ وَكُلِّ لَحْظَةٍ وَطَرْفَةِ عَيْنٍ، وَأَنَّ إِيمَانَهُ وَتَوْحِيدَهُ بِيَدِهِ تَعَالَى، لَوْ تَخَلَّى عَنْهُ طَرْفَةَ عَيْنٍ لَثُلَّ عَرْشُ تَوْحِيدِهِ، وَلَخَرَّتْ سَمَاءُ إِيمَانِهِ عَلَى الْأَرْضِ، وَأَنَّ الْمُمْسِكَ لَهُ هُوَ مَنْ يُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ، فَهِجِّيرَى قَلْبِهِ وَدَأْبُ لِسَانِهِ: يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ، يَا مُصَرِّفَ الْقُلُوبِ صَرِّفْ قَلْبِي إِلَى طَاعَتِكَ، وَدَعْوَاهُ: يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ، يَا بَدِيعَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، بِرَحْمَتِكَ أَسْتَغِيثُ، أَصْلِحْ لِي شَأْنِي كُلَّهُ، وَلَا تَكِلْنِي إِلَى نَفْسِي طَرْفَةَ عَيْنٍ، وَلَا إِلَى أَحَدٍ مِنْ خَلْقِكَ.

فَفِي هَذَا الْمَشْهَدِ يَشْهَدُ تَوْفِيقَ اللَّهِ وَخِذْلَانَهُ، كَمَا يَشْهَدُ رُبُوبِيَّتَهُ وَخَلْقَهُ، فَيَسْأَلُهُ تَوْفِيقَهُ مَسْأَلَةَ الْمُضْطَرِّ، وَيَعُوذُ بِهِ مِنْ خِذْلَانِهِ عِيَاذَ الْمَلْهُوفِ، وَيُلْقِي نَفْسَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ، طَرِيحًا بِبَابِهِ مُسْتَسْلِمًا لَهُ، نَاكِسَ الرَّأْسِ بَيْنَ يَدَيْهِ، خَاضِعًا ذَلِيلًا مُسْتَكِينًا، لَا يَمْلِكُ لِنَفْسِهِ ضُرًّا وَلَا نَفْعًا وَلَا مَوْتًا وَلَا حَيَاةً وَنُشُورًا.

وَالتَّوْفِيقُ إِرَادَةُ اللَّهِ مِنْ نَفْسِهِ أَنْ يَفْعَلَ بِعَبْدِهِ مَا يُصْلِحُ بِهِ الْعَبْدَ، بِأَنْ يَجْعَلَهُ قَادِرًا عَلَى فِعْلِ مَا يُرْضِيهِ، مُرِيدًا لَهُ، مُحِبًّا لَهُ، مُؤْثِرًا لَهُ عَلَى غَيْرِهِ، وَيُبَغِّضَ إِلَيْهِ مَا يُسْخِطُهُ، وَيُكَرِّهَهُ إِلَيْهِ، وَهَذَا مُجَرَّدُ فِعْلِهِ، وَالْعَبْدُ مَحَلٌّ لَهُ، قَالَ تَعَالَى {وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ - فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [الحجرات: 7 - 8] فَهُوَ سُبْحَانَهُ عَلِيمٌ بِمَنْ يَصْلُحُ لِهَذَا الْفَضْلِ وَمَنْ لَا يَصْلُحُ لَهُ، حَكِيمٌ يَضَعُهُ فِي مَوَاضِعِهِ وَعِنْدَ أَهْلِهِ، لَا يَمْنَعُهُ أَهْلَهُ، وَلَا

ص: 415

يَضَعُهُ عِنْدَ غَيْرِ أَهْلِهِ، وَذَكَرَ هَذَا عَقِيبَ قَوْلِهِ:{وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ} [الحجرات: 7] ثُمَّ جَاءَ بِهِ بِحَرْفِ الِاسْتِدْرَاكِ فَقَالَ {وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ} [الحجرات: 7] .

يَقُولُ سُبْحَانَهُ لَمْ تَكُنْ مَحَبَّتُكُمْ لِلْإِيمَانِ وَإِرَادَتُكُمْ لَهُ، وَتَزْيِينُهُ فِي قُلُوبِكُمْ مِنْكُمْ، وَلَكِنَّ اللَّهَ هُوَ الَّذِي جَعَلَهُ فِي قُلُوبِكُمْ كَذَلِكَ، فَآثَرْتُمُوهُ وَرَضِيتُمُوهُ، فَلِذَلِكَ لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِي، وَلَا تَقُولُوا حَتَّى يَقُولَ، وَلَا تَفْعَلُوا حَتَّى يَأْمُرَ، فَالَّذِي حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ أَعْلَمُ بِمَصَالِحِ عِبَادِهِ مِنْكُمْ، وَأَنْتُمْ فَلَوْلَا تَوْفِيقُهُ لَكُمْ لَمَا أَذْعَنَتْ نُفُوسُكُمْ لِلْإِيمَانِ، فَلَمْ يَكُنِ الْإِيمَانُ بِمَشُورَتِكُمْ وَتَوْفِيقِ أَنْفُسِكُمْ، وَلَا تَقَدَّمْتُمْ بِهِ إِلَيْهَا، فَنُفُوسُكُمْ تَقْصُرُ وَتَعْجِزُ عَنْ ذَلِكَ وَلَا تَبْلُغُهُ، فَلَوْ أَطَاعَكُمْ رَسُولِي فِي كَثِيرٍ مِمَّا تُرِيدُونَ لَشَقَّ عَلَيْكُمْ ذَلِكَ وَلَهَلَكْتُمْ وَفَسَدَتْ مَصَالِحُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ، وَلَا تَظُنُّوا أَنَّ نُفُوسَكُمْ تُرِيدُ لَكُمُ الرُّشْدَ وَالصَّلَاحَ كَمَا أَرَدْتُمُ الْإِيمَانَ، فَلَوْلَا أَنِّي حَبَّبْتُهُ إِلَيْكُمْ وَزَيَّنْتُهُ فِي قُلُوبِكُمْ، وَكَرَّهْتُ إِلَيْكُمْ ضِدَّهُ لَمَا وَقَعَ مِنْكُمْ، وَلَا سَمَحَتْ بِهِ أَنْفُسُكُمْ.

وَقَدْ ضُرِبَ لِلتَّوْفِيقِ وَالْخِذْلَانِ مَثَلٌ: مَلِكٌ أَرْسَلَ إِلَى أَهْلِ بَلَدٍ مِنْ بِلَادِهِ رَسُولًا، وَكَتَبَ مَعَهُ إِلَيْهِمْ كِتَابًا يُعْلِمُهُمْ أَنَّ الْعَدُوَّ مُصَبِّحُهُمْ عَنْ قَرِيبٍ وَمُجْتَاحُهُمْ، وَمُخَرِّبٌ الْبَلَدَ، وَمُهْلِكٌ مَنْ فِيهَا، وَأَرْسَلَ إِلَيْهِمْ أَمْوَالًا وَمَرَاكِبَ وَزَادًا وَعُدَّةً وَأَدِلَّةً، وَقَالَ: ارْتَحِلُوا مَعَ هَؤُلَاءِ الْأَدِلَّةِ، وَقَدْ أَرْسَلْتُ إِلَيْكُمْ جَمِيعَ مَا تَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ ثُمَّ قَالَ لِجَمَاعَةٍ مِنْ مَمَالِيكِهِ: اذْهَبُوا إِلَى فُلَانٍ، فَخُذُوا بِيَدِهِ وَاحْمِلُوهُ وَلَا تَذَرُوهُ يَقْعُدُ، وَاذْهَبُوا إِلَى فُلَانٍ كَذَلِكَ وَإِلَى فُلَانٍ، وَذَرُوا مَنْ عَدَاهُمْ، فَإِنَّهُمْ لَا يَصْلُحُونَ أَنْ يُسَاكِنُونِي فِي بَلَدِي، فَذَهَبَ خَوَاصُّ مَمَالِيكِهِ إِلَى مَنْ أُمِرُوا بِحَمْلِهِمْ، فَلَمْ يَتْرُكُوهُمْ يَقَرُّونَ، بَلْ حَمَلُوهُمْ حَمْلًا، وَسَاقُوهُمْ سَوْقًا إِلَى الْمَلِكِ، فَاجْتَاحَ الْعَدُوُّ مَنْ بَقِيَ فِي الْمَدِينَةِ وَقَتَلَهُمْ، وَأَسَرَ مَنْ أَسَرَ.

فَهَلْ يُعَدُّ الْمَلِكُ ظَالِمًا لِهَؤُلَاءِ، أَمْ عَادِلًا فِيهِمْ؟ نَعَمْ خَصَّ أُولَئِكَ بِإِحْسَانِهِ وَعِنَايَتِهِ وَحَرَمَهَا مَنْ عَدَاهُمْ، إِذْ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمْ فِي فَضْلِهِ وَإِكْرَامِهِ، بَلْ ذَلِكَ فَضْلُهُ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ.

وَقَدْ فَسَّرَتِ الْقَدَرِيَّةُ الْجَبْرِيَّةُ التَّوْفِيقَ بِأَنَّهُ خَلْقُ الطَّاعَةِ، وَالْخِذْلَانَ بِأَنَّهُ خَلْقُ الْمَعْصِيَةِ.

وَلَكِنْ بَنَوْا ذَلِكَ عَلَى أُصُولِهِمُ الْفَاسِدَةِ مِنْ إِنْكَارِ الْأَسْبَابِ وَالْحِكَمِ، وَرَدُّوا الْأَمْرَ إِلَى

ص: 416

مَحْضِ الْمَشِيئَةِ مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ وَلَا حِكْمَةٍ.

وَقَابَلَهُمُ الْقَدَرِيَّةُ النُّفَاةُ، فَفَسَّرُوا التَّوْفِيقَ بِالْبَيَانِ الْعَامِّ، وَالْهُدَى الْعَامِّ، وَالتَّمَكُّنِ مِنَ الطَّاعَةِ وَالْإِقْبَالِ عَلَيْهَا، وَتَهْيِئَةِ أَسْبَابِهَا، وَهَذَا حَاصِلٌ لِكُلِّ كَافِرٍ وَمُشْرِكٍ بَلَغَتْهُ الْحُجَّةُ، وَتَمَكَّنَ مِنَ الْإِيمَانِ.

فَالتَّوْفِيقُ عِنْدَهُمْ أَمْرٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الْكُفَّارِ وَالْمُؤْمِنِينَ، إِذِ الْإِقْدَارُ وَالتَّمْكِينُ وَالدَّلَالَةُ وَالْبَيَانُ قَدْ عَمَّ بِهِ الْفَرِيقَيْنِ، وَلَمْ يُفْرِدِ الْمُؤْمِنِينَ عِنْدَهُمْ بِتَوْفِيقٍ وَقَعَ بِهِ الْإِيمَانُ مِنْهُمْ، وَالْكَفَّارَ بِخِذْلَانٍ امْتَنَعَ بِهِ الْإِيمَانُ مِنْهُمْ، وَلَوْ فَعَلَ ذَلِكَ لَكَانَ عِنْدَهُمْ مُحَابَاةً وَظُلْمًا.

وَالْتَزَمُوا لِهَذَا الْأَصْلِ لَوَازِمَ، قَامَتْ بِهَا عَلَيْهِمْ سُوقُ الشَّنَاعَةِ بَيْنَ الْعُقَلَاءِ، وَلَمْ يَجِدُوا بُدًّا مِنَ الْتِزَامِهَا، فَظَهَرَ فَسَادُ مَذْهَبِهِمْ، وَتَنَاقُضُ قَوْلِهِمْ، لِمَنْ أَحَاطَ بِهِ عِلْمًا، وَتَصَوَّرَهُ حَقَّ تَصَوُّرِهِ، وَعَلِمَ أَنَّهُ مِنْ أَبْطَلِ مَذْهَبٍ فِي الْعَالَمِ وَأَرْدَئِهِ.

وَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ، فَلَمْ يَرْضَوْا بِطَرِيقِ هَؤُلَاءِ، وَلَا بِطَرِيقِ هَؤُلَاءِ، وَشَهِدُوا انْحِرَافَ الطَّرِيقَيْنِ عَنِ الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ، فَأَثْبَتُوا الْقَضَاءَ وَالْقَدَرَ، وَعُمُومَ مَشِيئَةِ اللَّهِ لِلْكَائِنَاتِ، وَأَثْبَتُوا الْأَسْبَابَ وَالْحِكَمَ، وَالْغَايَاتِ وَالْمَصَالِحَ، وَنَزَّهُوا اللَّهَ عز وجل أَنْ يَكُونَ فِي مُلْكِهِ مَا لَا يَشَاءُ، أَوْ أَنْ يَقْدِرَ خَلْقُهُ عَلَى مَا لَا يَدْخُلُ تَحْتَ قُدْرَتِهِ وَلَا مَشِيئَتِهِ، أَوْ أَنْ يَكُونَ شَيْءٌ مِنْ أَفْعَالِهِمْ وَاقِعًا بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ وَبِدُونِ مَشِيئَتِهِ، وَمَنْ قَالَ ذَلِكَ فَلَمْ يَعْرِفْ رَبَّهُ، وَلَمْ يُثْبِتْ لَهُ كَمَالَ الرُّبُوبِيَّةِ.

ص: 417