المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌مسند سعد بن أبي وقاص - مرويات فضائل علي بن أبي طالب في المستدرك

[أحمد الجابري]

فهرس الكتاب

- ‌المُقدِّمة

- ‌عملي في هذا الكتاب:

- ‌الباب الأول: تمهيد البحث

- ‌الفصل الأول، ويشتمل على مبحثين

- ‌ اسمُهُ ونَسَبُه:

- ‌ كُنْيتُه:

- ‌مَوْلِدُه:

- ‌ صِفَتُه:

- ‌ إِسْلامُه:

- ‌ أزواجه وأولاده:

- ‌ جِهادُه ونَشْرُه للدين:

- ‌ علاقته بالخلفاء الراشدين، ومكانته في أيامهم

- ‌أوَّلاً: عليٌّ مع أبي بكر الصدِّيق

- ‌ثالثاً: عليٌ مع عُثمان بن عفَّان

- ‌ تلخيص لما حدث في معركة الجمل

- ‌ تلخيصٌ لما حدث في معركة صِفِّين

- ‌ معركة النَّهْرَوَان

- ‌ مَقْتَلُ عليِّ بن أبي طالب

- ‌ مناقب ه

- ‌المبحث الثاني: اختلاف الفِرَقِ في أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، وموقف أهل السنة منه

- ‌القسم الأول: المُفْرِطون في محبة علي وآل بيته

- ‌القسم الثالث: المعتدلون المتوسِّطون في محبة عليٍّ وآل بيته

- ‌الفصل الثانيويشتمل على مبحثين

- ‌المبحث الأول: تَرْجمةُ الحاكِم

- ‌ اسمُهُ وكُنْيتُه:

- ‌ طَلَبُه للعلم وجُهُودُه في حِفظ السُنَّة:

- ‌أوَّلاً: عِلمُه بالقراءات:

- ‌ثانياً: عِلمُه بالفِقه:

- ‌ثالثاً: رَحَلاتُه:

- ‌رابعاً: شُيُوخُه:

- ‌خامساً: تَلامِيذُه:

- ‌سادساً: مُصَنَّفاتُه:

- ‌ وفاته:

- ‌ ما أُخِذَ عليه:

- ‌1 - نسبته إلى الغلو في محبة آل البيت:

- ‌2 - تساهله وكثرة أوهامه في المُستَدرَك:

- ‌المبحث الثاني: التعريف بالمُستَدرَك

- ‌أوَّلاً: سبب التأليف:

- ‌ثانياً: موضوع الكتاب:

- ‌ أقسام أحاديث المُستَدرَك:

- ‌ ما أُلِّف حول المُستَدرَك:

- ‌مُسْنَدُأَنَس بنِ مَالِك

- ‌مسند الحسن بن علي بن أبي طالب

- ‌مُسْنَدُ بُرَيْدَةَ بنِ الحُصِيْب رضي الله عنه

- ‌مُسْنَدُ جابر بن عبدالله

- ‌مُسْنَدُ حذيفة بن اليمان

- ‌مُسْنَدُ زيد بن أرقم

- ‌مُسْنَدُ سعد بن أبي وقاص

- ‌مُسْنَدُ سلمان الفارسي

- ‌مُسْنَدُ عبدالله بن أبي أوفى

- ‌مُسْنَدُ عبدالله بن جعفر بن أبي طالب

- ‌مُسْنَدُ عبدالله بن عباس

- ‌مُسْنَدُ عبدالله بن عمر

- ‌مُسْنَدُ عبدالله بن مسعود

- ‌مُسْنَدُ علي بن أبي طالب

- ‌مُسْنَدُ عمار بن ياسر

- ‌مُسْنَدُ عمران بن حصين

- ‌مُسْنَدُ عمرو بن شاس الأسلمي

- ‌مُسْنَدُ مِينَاءَ بْنِ أَبِي مِينَاءَ

- ‌مُسْنَدُ وَاثِلَةُ بْنُ الْأَسْقَعِ

- ‌مُسْنَدُ أَبِي ذَرٍّ الغِفَارِيّ

- ‌مُسْنَدُ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ

- ‌مُسْنَدُ أَبِي هُرَيْرَةَ

- ‌مُسْنَدُ أُمِّ المُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ

- ‌مُسْنَدُ أُمِّ المُؤْمِنِينَ أُمِّ سَلَمَةَ

- ‌جريدة المصادر والمراجع

الفصل: ‌مسند سعد بن أبي وقاص

‌مُسْنَدُ سعد بن أبي وقاص

رضي الله عنه

(22)

4575 - حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ الْقَزَّازُ

(1)

، ثنا عُبَيْدُاللَّهِ بْنُ عَبْدِالْمَجِيدِ الْحَنَفِيُّ

(2)

، وَأَخْبَرَنِي أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْقَطِيعِيُّ

(3)

، ثنا عبدالله بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، ثنا أَبُو بَكْرٍ الْحَنَفِيُّ، ثنا بُكَيْرُ بْنُ مِسْمَارٍ

(4)

قَالَ: سَمِعْتُ عَامِرَ بْنَ سَعْدٍ يَقُولُ: قَالَ مُعَاوِيَةُ لِسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رضي الله عنهما: مَا يَمْنَعُكَ أَنْ تَسُبَّ ابْنَ أَبِي طَالِبٍ؟ قَالَ: فَقَالَ: لَا أَسُبُّ مَا ذَكَرْتُ ثَلَاثًا قَالَهُنَّ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، لِأَنْ تَكُونَ لِي وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ حُمْرِ النَّعَمِ، قَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ: مَا هُنَّ يَا أَبَا إِسْحَاقَ؟ قَالَ: لَا أَسُبُّهُ مَا ذَكَرْتُ حِينَ نَزَلَ عَلَيْهِ الْوَحْيُ فَأَخَذَ عَلِيًّا وَابْنَيْهِ وَفَاطِمَةَ فَأَدْخَلَهُمْ تَحْتَ ثَوْبِهِ، ثُمَّ قَالَ: «رَبِّ، إِنَّ

(1)

قال عنه الحافظ في التقريب: ضعيف. ا. هـ

(2)

عبيدالله بن عبدالمجيد الحنفي، أبو علي البصري، أخو أبي بكر الحنفي، قال عنه الحافظ في التقريب: صدوق، لم يثبت أن يحيى بن معين ضعَّفه. ا. هـ

(3)

تقدَّم الكلام عنه في مُسنَد زيد بن أرقم، برقم (4631).

(4)

بكير بن مسمار القرشي الزهري، أبو محمد المدني، قال عنه الحافظ في التقريب: صدوق. ا. هـ

ص: 244

هَؤُلَاءِ أَهْلُ بَيْتِي» وَلَا أَسُبُّهُ مَا ذَكَرْتُ حِينَ خَلَّفَهُ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ غَزَاهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ: خَلَّفْتَنِي مَعَ الصِّبْيَانِ وَالنِّسَاءِ، قَالَ:«أَلَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى، إِلَّا أَنَّهُ لَا نُبُوَّةَ بَعْدِي» وَلَا أَسُبُّهُ مَا ذَكَرْتُ يَوْمَ خَيْبَرَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«لَأُعْطِيَنَّ هَذِهِ الرَّايَةَ رَجُلًا يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، وَيَفْتَحُ اللَّهُ عَلَى يَدَيْهِ» فَتَطَاوَلْنَا لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:«أَيْنَ عَلِيٌّ؟» قَالُوا: هُوَ أَرْمَدُ، فَقَالَ:«ادْعُوهُ» فَدَعَوْهُ فَبَصَقَ فِي وَجْهِهِ، ثُمَّ أَعْطَاهُ الرَّايَةَ، فَفَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ، قَالَ: فَلَا وَاللَّهِ مَا ذَكَرَهُ مُعَاوِيَةَ بِحَرْفٍ حَتَّى خَرَجَ مِنَ الْمَدِينَةِ. قال الحاكم: «هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ بِهَذِهِ السِّيَاقَةِ، وَقَدِ اتَّفَقَا جَمِيعًا عَلَى إِخْرَاجِ حَدِيثِ الْمُؤَاخَاةِ وَحَدِيثِ الرَّايَةِ»

(1)

.

(1)

إسناده حسن لحال القَطِيعي، وبُكير، والحديث بهذا السياق ثابت في صحيح مسلم.

والحديث أخرجه بهذا السياق: النسائي في الكبرى (كتاب خصائص علي، باب ذكر منزلة علي بن أبي طالب من النبي صلى الله عليه وسلم، رقم: 8385) والبزَّار (1120 - البحر الزخار) =

ص: 245

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وابن أبي عاصم في السنة (باب ما ذكر في فضل علي رضي الله عنه، رقم 1338) عن محمد بن المثنى، عن أبي بكر الحنفي؛ به.

ورواية البزَّار بإبهام اسم معاوية بن أبي سفيان، ورواية ابن أبي عاصم مختصرة جدا.

قال البزَّار عقبه: وهذا الحديث بهذا اللفظ فلا نعلم رواه إلا بكير بن مسمار، عن عامر بن سعد، عن أبيه. ا. هـ

وأخرجه أحمد (1/ 185 رقم 1608) والدورقي في مُسنَد سعد (19) ومسلم (كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل علي بن أبي طالب رضي الله عنه، رقم: 2404)، والترمذي (كتاب تفسير القرآن، باب ومن سورة آل عمران، رقم 2999، وكتاب المناقب، باب، رقم: 3724) وابن أبي عاصم في السنة (باب ما ذكر في فضل علي، رقم 1336) والنسائي في الكبرى (كتاب خصائص علي، باب ذكر منزلة علي بن أبي طالب رضي الله عنه من الله عز وجل، رقم: 8342) والطحاوي في مشكل الآثار (باب بيان مشكل ما روي عنه عليه السلام في المراد بقول الله تعالى: {إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا} من هم، رقم 761) واللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة (باب سياق ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في فضائل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، رقم 2634) والبيهقي (كتاب النكاح، باب إليه ينسب أولاد بناته، 7/ 63)؛ من طريق حاتم بن إسماعيل، عن بكير بن مسمار؛ به.

ورواية أحمد وابن أبي عاصم بدون ذكر كلام معاوية.

ورواية الترمذي في التفسير والطحاوي والبيهقي مختصرة بذكر: «اللهم هؤلاء أهل بيتي» فقط.

وأخرجه الطيالسي (210) والحميدي (71) وأحمد في فضائل الصحابة (باب فضائل علي، رقم 957، 1079) ومسلم (كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل علي بن أبي طالب رضي الله =

ص: 246

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= عنه، رقم: 2404) والترمذي (كتاب المناقب، باب، رقم: 3731) وابن أبي عاصم في السنة (باب ما ذكر في فضل علي، رقم 1335، 1343، 1345) والبزَّار (1065 - البحر الزخار)، والنسائي في الكبرى (كتاب خصائص علي، باب ذكر الاختلاف على محمد بن المنكدر في هذا الحديث، رقم 8381) وأبو يعلى (739، 755) وابن حبان (باب ذكر خبر أوهم في تأويله جماعة لم يحكموا صناعة العلم، رقم 6926) وابن شاهين في شرح مذاهب أهل السنة (باب فضيلة لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب، رقم 79) وأبو نعيم في الإمامة والرد على الرافضة (6)؛ من طريق سعيد بن المسيب، عن عامر بن سعد؛ به، مختصرا بلفظ:«ألا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي» .

وفي بعض الروايات: قال سعيد: فأحببت أن أشافه بها سعدا، فلقيت سعدا فحدثته بما حدثني عامر، فقال: أنا سمعته، فقُلتُ آنت سمعته؟ فوضع إصبعيه على أذنيه فقال: نعم، وإلا، فاستكتا.

ورواية الحميدي بإبهام عامر بن سعد.

وأخرجه عبدالرزاق (باب من تخلف عن النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك، 5/ 405) وابن سعد في الطبقات (3/ 24) وأحمد (1/ 173 رقم 1490، 1/ 175 رقم 1509، 1/ 179 رقم 1547) وفي فضائل الصحابة (باب فضائل علي، رقم 1041، 1045) والدورقي في مُسنَد سعد (100، 102) والترمذي في علله الكبير (701) والبزَّار (1066، 1068، 1072، 1074، 1075، 1076 - البحر الزخار) والنسائي في الكبرى (كتاب المناقب، باب فضائل علي، رقم 8082، 8083، 8084، وكتاب خصائص علي، باب ذكر منزلة علي بن أبي طالب، رقم 8375، 8376، 8377، 8378، وباب ذكر الاختلاف على محمد بن المنكدر في هذا الحديث، رقم 8379، 8382، وكتاب السير، باب استخلاف الإمام، رقم 8729) وأبو يعلى (698، 709، 738) والدولابي في الكنى (1066) والشاشي (147، 148) وابن الأعرابي في معجمه (475) وأبو بكر الشافعي في الغيلانيات (50) والطبراني في الكبير (1/ رقم 333) وفي=

ص: 247

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= الأوسط (2728، 5335) وفي الصغير (824) وابن عدي في الكامل (5/ 199، 7/ 39) واللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة (باب سياق ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في فضائل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، رقم 2630، 2631، 2632، 2633) وأبو نعيم في الحلية (7/ 195) وفي أخبار أصبهان (1/ 111)؛ من طريق سعيد بن المسيب، عن سعد مباشرة، بدون ذكر عامر.

وقد صحَّحَ الدارقطني الوجهين عن سعيد بن المسيب، وساق خلافا آخر، فانظر علل الدارقطني (4/ 373 - 376، س 638).

وأخرجه ابن أبي عاصم في السنة (باب ما ذكر في فضل علي، رقم 1333) والعقيلي في الضعفاء (4/ 79) وأبو يعلى (6883) - وعنه ابن حبان (باب ذكر نفي المصطفى صلى الله عليه وسلم كون النبوة بعده إلى قيام الساعة، رقم 6643) وابن عدي في الكامل (6/ 216) - والشاشي (99)؛ من طريق المنهال بن عمرو، والعقيلي في الضعفاء (4/ 207) والطبراني في الكبير (1/ رقم 328) والأوسط (5569)؛ من طريق محمد بن شهاب الزهري، والشاشي (105) وأبو نعيم في الحلية (7/ 195)؛ من طريق سعد بن إبراهيم.

جميعهم (المنهال، والزهري، وسعد) عن عامر بن سعد، به، مختصرا بلفظ:«أنت مني بمنزلة هارون من موسى، إلا أنه لا نبي بعدي» .

وأخرجه النسائي في الكبرى (كتاب خصائص علي، باب الترغيب في موالاة علي، رقم 8425) والشاشي (106) من طريق المهاجر بن مسمار، عن عامر بن سعد، عن سعد، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب الناس فقال:«أما بعد، أيها الناس، فإني وليكم» قالوا: صدقت، ثم أخذ بيد علي فرفعها ثم قال:«هذا وليي والمؤدي عني، وال الله من والاه وعاد من عاداه» .

ورواية الشاشي مُطَوَّلة عن ذلك. =

ص: 248

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

=

وأخرجه الطيالسي (202) وابن أبي شيبة (كتاب الفضائل، باب فضائل علي بن أبي طالب، رقم 32611) وأحمد (1/ 174 رقم 1505) وفي فضائل الصحابة (باب فضائل علي، رقم 1005) والدورقي في مُسنَد سعد (76، 80) والبخاري (كتاب المناقب، باب مناقب علي بن أبي طالب، رقم 3706) ومسلم (كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل علي بن أبي طالب، رقم 2404) وابن ماجه (كتاب الإيمان وفضائل الصحابة والعلم، باب فضل علي بن أبي طالب، رقم 115) وابن أبي عاصم في السنة (باب ما ذكر في فضل علي، رقم 1332) والبزَّار (1194 - البحر الزخار) والنسائي في الكبرى (كتاب المناقب، باب فضائل علي، رقم 8086، وباب ذكر الاختلاف على محمد بن المنكدر في هذا الحديث، رقم 8380، 8383، 8384) وأبو يعلى (718، 809) والعقيلي في الضعفاء (4/ 207) والشاشي (134) وأبو نعيم في الحلية (7/ 194)؛ من طريق إبراهيم بن سعد، والطيالسي (206) وابن أبي شيبة (كتاب الفضائل، باب فضائل علي بن أبي طالب، رقم 32612، وباب ما حفظ أبو بكر في غزوة تبوك، رقم 38005) وأحمد (1/ 182 رقم 1583) وفي فضائل الصحابة (باب فضائل علي، رقم 960) والبخاري (كتاب المغازي، باب غزوة تبوك، رقم 4416) ومسلم (كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل علي بن أبي طالب رضي الله عنه، رقم 2404) والبزَّار (1170 - البحر الزخار) والنسائي في الكبرى (كتاب المناقب، باب فضائل علي، رقم 8085، وباب ذكر الاختلاف على محمد بن المنكدر في هذا الحديث، رقم 8387) وأبو نعيم في الحلية (7/ 195، 196)؛ من طريق مصعب بن سعد، وأحمد (1/ 170 رقم 1463) وابن أبي عاصم في السنة (باب في ذكر خلافة علي بن أبي طالب، رقم 1189، وباب ما ذكر في فضل علي، رقم 1337، 1339، 1340) والبزَّار (1200 - البحر الزخار) والنسائي في الكبرى (كتاب خصائص علي، باب ذكر منزلة علي بن أبي طالب، رقم 8340، وباب ذكر الاختلاف على محمد بن المنكدر في هذا الحديث، رقم 8386، 8388، 8389، وباب الترغيب في موالاة علي، رقم 8425، 8426، 8427) والطحاوي في مشكل الآثار (باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله يوم غدير خم لعلي: «من كنت مولاه فعلي مولاه»، رقم 1767) والشاشي (137)؛ من طريق عائشة بنت سعد، وأحمد (1/ 184 رقم 1600) وابن أبي عاصم في السنة (باب ما ذكر =

ص: 249

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= في فضل علي، رقم 1334) والنسائي في الكبرى (كتاب خصائص علي، باب ذكر الاختلاف على محمد بن المنكدر في هذا الحديث، رقم 8390)؛ من طريق حمزة بن عبدالله بن عمر، عن أبيه، والطبراني في الكبير (1/ رقم 334) من طريق أبي عبدالله الجدلي، والآجُرِّيّ في الشريعة (باب ذكر منزلة علي من رسول الله صلى الله عليه وسلم كمنزلة هارون من موسى، رقم 1504) من طريق عبدالرحمن بن أبي زيد البيلماني، وفي نفس الباب (رقم 1507) من طريق مالك بن الحارث الأشهل.

جميعهم (إبراهيم، ومصعب، وعائشة، وابن عمر، والجدلي، والبيلماني، والأشهل) عن سعد؛ به، مختصرا بلفظ:«ألا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي» .

وانظر علل الدارقطني (4/ 313، س 588، 4/ 381 - 382، س 644).

وفي رواية عائشة بنت سعد، في الموطن الأول عند ابن أبي عاصم، والأول والأخير عند النسائي، وعند الطحاوي بلفظ:«أيها الناس: إني وليكم» . قالوا: صدقت يا رسول الله. وأخذ بيد علي رضي الله عنه، فرفعها، فقال:«هذا وليي، والمؤدي عني» .

وانظر تعليق البزَّار على طريق عائشة في البحر الزخار (3/ 368، 4/ 38، 41)، وكذلك تعليق النسائي في الكبرى (7/ 429).

وأخرجه ابن أبي شيبة (كتاب الفضائل، باب فضائل علي بن أبي طالب، رقم 32614) وابن ماجه (كتاب الإيمان وفضائل الصحابة والعلم، باب فضل علي بن أبي طالب، رقم 121) وابن أبي عاصم في السنة (باب «من كنت مولاه فعلي مولاه»، رقم 1387) والنسائي في الكبرى (كتاب خصائص علي، باب ذكر منزلة علي بن أبي طالب، رقم 8343) وابن الأعرابي في معجمه (492)؛ من طريق عبدالرحمن بن سابط، وأحمد في فضائل الصحابة (باب فضائل علي، رقم 1039) وابن أبي عاصم في السنة (باب ما ذكر في فضل علي، رقم 1344، وباب «من كنت مولاه فعلي مولاه»، رقم 1386)؛ من طريق ربيعة الجرشي، والآجُرِّيّ في الشريعة (باب ذكر =

ص: 250

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= محبة الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم لعلي بن أبي طالب، وأن عليا محب لله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم، رقم 1491) من طريق خارجة بن سعد.

جميعهم (ابن سابط، والجرشي، وخارجة) عن سعد؛ بلفظ: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من كنت مولاه فعلي مولاه» وسمعته يقول: «أنت مني بمنزلة هارون من موسى، إلا أنه لا نبي بعدي» ، وسمعته يقول:«لأعطين الراية اليوم رجلا يحب الله ورسوله» .

وبعض الروايات مختصرة.

وأخرجه ابن أبي عاصم في السنة (باب «من كنت مولاه فعلي مولاه»، رقم 1341، 1359) والنسائي في الكبرى (كتاب خصائص علي، باب ذكر منزلة علي بن أبي طالب، رقم 8344، وباب قول النبي صلى الله عليه وسلم: «من كنت وليه فعلي وليه»، رقم 8414)؛ من طريق أيمن الحبشي المكي، عن سعد؛ به، بلفظ:«لأدفعن الراية غدا إلى رجل يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله، يفتح الله على يديه» فاستشرف لها أصحابه فدفع إلى علي.

والرواية الأولى عند ابن أبي عاصم بلفظ: «أنت مني بمنزلة هارون من موسى» .

والرواية الثانية عند ابن أبي عاصم والنسائي بلفظ: «من كنت مولاه فعلي مولاه» .

وعند ابن أبي عاصم: بذكر بريدة بين أيمن وسعد، وفي الرواية الثانية عنده بذكر والد أيمن في الإسناد!

وأخرجه النسائي في الكبرى (كتاب خصائص علي، باب ذكر ما خص به علي دون الأولين والآخرين، رقم 8458) من طريق أبي نجيح يسار المكي، عن سعد؛ به، نحو لفظ المصنف، لكنه قال في المنقبة الثالثة: ولأن أكون كنت صهره على ابنته لي منها من الولد ما له أحب إلي من أن يكون لي ما طلعت عليه الشمس. =

ص: 251

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

=

وأخرجه أبو نعيم في الحلية (4/ 356) من طريق عبدالرحمن بن أبي ليلى، عن سعد؛ به؛ بلفظ:«لأعطين الراية غدا رجلا يحبه الله ورسوله» ، وحديث الطير، وحديث غدير خم.

وحديث «لأعطين هذه الراية رجلا يحب الله ورسوله، ويفتح الله على يديه» : أخرجه البخاري (كتاب الجهاد والسير، باب دعاء النبي صلى الله عليه وسلم الناس إلى الإسلام والنبوة، وأن لا يتخذ بعضهم بعضا أربابا من دون الله، رقم 2942) ومسلم (كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل علي بن أبي طالب رضي الله عنه، رقم 2406) عن سهل بن سعد، وأخرجه البخاري (كتاب الجهاد والسير، باب ما قيل في لواء النبي صلى الله عليه وسلم، رقم 2975) ومسلم (كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل علي بن أبي طالب رضي الله عنه، رقم 2407) عن سلمة بن الأكوع.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (4/ 416) وفي منهاج السنة (5/ 44) عن حديث «لأعطين هذه الراية رجلا يحب الله ورسوله، ويفتح الله على يديه» : إنه أصح حديث يروى في فضل علي بن أبي طالب. ا. هـ

وأما حديث «ألا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي» فقال عنه الحافظ في الفتح (7/ 74): وهذا الحديث روي عن النبي صلى الله عليه وسلم عن غير سعد، من حديث: عمر، وعلي نفسه، وأبي هريرة، وبن عباس، وجابر بن عبدالله، والبراء، وزيد بن أرقم، وأبي سعيد، وأنس، وجابر بن سمرة، وحبشي بن جنادة، ومعاوية، وأسماء بنت عميس، وغيرهم، وقد استوعب طرقه ابن عساكر في ترجمة علي. ا. هـ

وهذان الحديثان كما قال الحاكم: اتفق الشيخان - كما مر آنفا - على إخراجهما.

وانظر الحديث القادم برقم (4601).

وسيكرر المصنِّف هذا الحديث بسنده، مختصرا، برقم (4708، 4719).

التعليق على الحديث:

استشكل البعض في هذا الحديث بعض العبارات؛ وهي: =

ص: 252

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

=

1 -

قول معاوية لسعد بن أبي وقاص: ما يمنعك أن تسب ابن أبي طالب؟:

ليُعلم ابتداء أن مذهب أفاضل العلماء - كما نقل القاضي عياض والنووي - أن ما وقع من الأحاديث القادحة في عدالة بعض الصحابة، والمضيفة إليهم ما لا يليق بهم؛ فإنها ترد ولا تقبل إذا كان رواتها غير ثقات، وإن رواها الثقات تأولت على الوجه اللائق بهم، ولا يقع في روايات الثقات إلا ما يمكن تأويله، وقول معاوية هنا من هذا الوجه الثابت الذي يمكن تأويله.

قال النووي في شرحه لصحيح مسلم (15/ 175 - 176): قول معاوية هذا ليس فيه تصريح بأنه أمر سعدا بسب علي، وإنما سأله عن السبب المانع له من السب، كأنه يقول: هل امتنعت تورعا؟ أو خوفا؟ أو غير ذلك؟ فإن كان تورعا وإجلالا له عن السب: فأنت مصيب محسن، وإن كان غير ذلك فله جواب آخر، ولعل سعدا قد كان في طائفة يسبون فلم يسب معهم، وعجز عن الإنكار وأنكر عليهم فسأله هذا السؤال. ا. هـ

وزاد القاضي عياض في إكمال المعلم شرح صحيح مسلم (7/ 210): أنه ربما أراد معاوية أن يستخرج من سعد مثل ما استخرج مما حكاه عن النبي عليه الصلاة والسلام، فيكون له حجة على من سبه ممن ينضاف إليه من غوغاء جنده، فيحصل على المراد على لسان غيره من الصحابة. ا. هـ

وهناك تأويل آخر:

قال القاضي عياض: من الممكن أنه أراد السب الذي هو بمعنى التغيير للمذهب والرأى، وقد سمى ذلك في العرف سبا، ويقال في فرقة: إنها تسب أخرى إذا سمع منهم أنهم اْخطؤوا في مذاهبهم، وحادوا عن الصواب، وأكثروا من التشنيع عليهم. ا. هـ

وعلى هذا التأويل قال النووي: فيكون معناه: ما منعك أن تخطئه في رأيه واجتهاده، وتظهر للناس حسن رأينا واجتهادنا وأنه أخطأ؟ ا. هـ

2 -

قوله عليه الصلاة والسلام لعلي: «أنت مني بمنزلة هارون من موسى» . =

ص: 253

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= استدلت بعض الطوائف بهذا الحديث على أن عليا كان أحق بالخلافة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم من غيره، لأنه من جملة منازل هارون أنه كان خليفة لموسى، ولو عاش بعده لكان خليفة أيضا، وإلا لزم تطرق النقض إليه، ولأنه خليفته مع وجوده وغيبته مدة يسيرة، فبعد موته وطول مدة الغيبة أولى بأن يكون خليفته.

وهذا الاستدلال لا يصح من عدة وجوه:

أوَّلاً: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له ذلك في غزوة تبوك، وكان صلى الله عليه وسلم كلما سافر في غزوة أو عمرة أو حج يستخلف على المدينة بعض الصحابة، كما استخلف على المدينة في غزوة ذي أمر عثمان، وفي غزوة بني قينقاع بشير بن عبدالمنذر، وكان في كل مرة يترك بالمدينة رجالا كثيرين يستخلف عليهم من أراد، فلما كان في غزوة تبوك لم يأذن لأحد بالتخلف عنها، فلم يتخلف عنه إلا النساء و الصبيان، أو من هو معذور لعجزه عن الخروج، أو من هو منافق، وتخلف الثلاثة الذين تيب عليهم، ولم يكن في المدينة رجال من المؤمنين يستخلف عليهم كما كان يستخلف عليهم في كل مرة، بل كان هذا الاستخلاف أضعف من الاستخلافات المعتادة منه، ولهذا خرج إليه علي رضي الله عنه يبكي ويقول: أتخلفني مع النساء والصبيان؟

و قيل: إن بعض المنافقين طعن فيه، وقال: إنما خلفه لأنه يبغضه؛ فبين له النبي صلى الله عليه و سلم أنه إنما استخلفه لأمانته عنده، وأن الاستخلاف ليس بنقص ولا غض، فإن موسى استخلف هارون على قومه فكيف يكون نقصا وموسى يفعله بهارون؟! فطيب بذلك قلب علي، و بين أن جنس الاستخلاف يقتضي كرامة المستخلف وأمانته، لا يقتضي إهانته ولا تخوينه.

ثانياً: أن تشبيه الشيء بالشيء يكون بحسب ما دل عليه السياق، ولا يقتضي المساواة في كل شيء، ودليل ذلك: ما ثبت في الصحيحين من قول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث الأسارى لما استشار أبا بكر وأشار بالفداء، واستشار عمر فأشار بالقتل؛ قال: «سأخبركم عن صاحبيكم: مثلك يا أبا بكر كمثل إبراهيم إذ قال: {فمن تبعني فانه مني ومن عصاني فإنك غفور رحيم} ومثل عيسى إذ قال: {إن تعذبهم فانهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم} و مثلك يا عمر مثل =

ص: 254

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= نوح إذ قال: {رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا} و مثل موسى إذ قال: {ربنا اطمس على أموالهم و اشدد على قلوبهم فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم} .

فقوله لأبي بكر: مثلك كمثل إبراهيم وعيسى، ولعمر: مثل نوح وموسى؛ أعظم من قوله: «أنت مني بمنزلة هارون من موسى» ، فإن نوحا وإبراهيم وموسى وعيسى أعظم من هارون، وقد جعل هذين مثلهم ولم يرد أنهما مثلهم في كل شيء، لكن فيما دل عليه السياق، من الشدة في الله واللين في الله، وكذلك هنا إنما هو بمنزلة هارون فيما دل عليه السياق، وهو استخلافه في مغيبه كما استخلف موسى هارون.

ثالثاً: هذا الحديث يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يخاطب عليا بهذا الخطاب إلا ذلك اليوم في غزوة تبوك، فلو كان علي قد عرف أنه المستخلف من بعده - كما تقول ذلك بعض الطوائف - لكان علي مطمئن القلب أنه مثل هارون بعده وفي حياته ولم يخرج إليه يبكي، ولم يقل له: أتخلفني مع النساء والصبيان؟ ولو كان علي بمنزلة هارون مطلقا لم يستخلف عليه أحدا، ومما بين ذلك: أنه بعد هذا أمّر عليه أبا بكر سنة تسع.

رابعا: أن هارون لم يكن خليفة موسى إلا في حياته، لا بعد موته، لأنه مات قبل موسى باتفاق، فيكون معنى الحديث: أن عليا متصل بي، نازل مني منزلة هارون من موسى، وقد بين هذا الإبهام في التشبيه قوله:«إلا أنه لا نبي بعدي» فعرف أن الاتصال المذكور بينهما ليس من جهة النبوة، بل من جهة مادونها؛ وهو الخلافة، ولما كان هارون المشبه به إنما كان خليفة في حياة موسى؛ دل ذلك على تخصيص خلافة علي للنبي صلى الله عليه وسلم بحياته فقط.

وانظر للمزيد في هذه المسألة: الإمامة والرد على الرافضة لأبي نعيم الأصبهاني (ص: 221 - 222)، الفصل في الملل والأهواء والنحل لابن حزم (4/ 78)، كشف المشكل من حديث الصحيحين لابن الجوزي (1/ 236)، شرح النووي على صحيح مسلم (15/ 174)، منهاج السنة النبوية لابن تيمية (7/ 325 - 338)، مجموع الفتاوى له (4/ 416 - 417)، فتح الباري لابن حجر (7/ 74). =

ص: 255

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

=

3 -

قوله عليه الصلاة والسلام: «لأعطين الراية رجلا يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله» .

استدلت بعض الطوائف بهذه العبارة على أن عليا أفضل الصحابة، وأنه مقدَّم على غيره، ولكن هذا الاستدلال فيه نظر.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في منهاج السنة النبوية (5/ 44): هذا الحديث مع كونه أصح ما روي لعلي من الفضائل؛ إلا أن هذا الوصف ليس مختصا بعلي وحده، فإن الله ورسوله يحب كل مؤمن تقي، وكل مؤمن تقي يحب الله ورسوله، لكن هذا الحديث من أحسن ما يحتج به على النواصب الذين يتبرؤون من علي ولا يتولونه ولا يحبونه، فإن النبي صلى الله عليه وسلم شهد له بأنه يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله. ا. هـ

- بقي أن يقال: إذا كانت هذه الفضائل لعلي يشاركه فيها غيره، فلماذا تمنى سعد - وغيره - أن يكون له ذلك؟

والجواب: أن في ذلك شهادة النبي صلى الله عليه وسلم لعلي بإيمانه باطنا وظاهرا، وإثباتا لموالاته لله ورسوله، ووجوب موالاة المؤمنين له، وإذا شهد النبي صلى الله عليه وسلم لمعين بشهادة، أو دعا له بدعاء؛ أحب كثير من الناس أن يكون له مثل تلك الشهادة ومثل ذلك الدعاء، وإن كان النبي صلى الله عليه وسلم يشهد بذلك لخلق كثير، ويدعو به لخلق كثير، وكان تعيينه لذلك المعين من أعظم فضائله ومناقبه، وهذا كالشهادة بالجنة لثابت بن قيس بن شماس وعبدالله بن سلام وغيرهما، وإن كان قد شهد بالجنة لآخرين، والشهادة بمحبة الله ورسوله لعبدالله حمار الذي ضرب في الخمر، وإن شهد بذلك لمن هو أفضل منه، وغير ذلك.

انظر: منهاج السنة النبوية لابن تيمية (5/ 46 - 50).

4 -

قوله عليه الصلاة والسلام: «رب إن هؤلاء أهل بيتي» .

سيأتي التعليق عليه إن شاء الله في الحديث القادم برقم (4708).

ص: 256

(23)

4601 - حَدَّثْنَا أَبُو زَكَرِيَّا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَنْبَرِيُّ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، ثنا عَلِيُّ بْنُ الْمُنْذِرِ، ثنا ابْنُ فُضَيْلٍ، ثنا مُسْلِمُ الْمُلَائِيُّ

(1)

، عَنْ خَيْثَمَةَ بْنِ عَبْدِالرَّحْمَنِ قَالَ: سَمِعْتُ سَعْدَ بْنَ مَالِكٍ، وَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: إِنَّ عَلِيًّا يَقَعُ فِيكَ إِنَّكَ تَخَلَّفْتَ عَنْهُ، فَقَالَ سَعْدٌ: وَاللَّهِ إِنَّهُ لَرَأْيٌ رَأَيْتُهُ، وَأَخْطَأَ رَأْيِي، إِنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ أُعْطِيَ ثَلَاثًا لِأَنْ أَكُونَ أُعْطِيتُ إِحْدَاهُنَّ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، لَقَدْ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ غَدِيرٍ خُمٍّ بَعْدَ حَمْدِ اللَّهِ وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ:«هَلْ تَعْلَمُونَ أَنِّي أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ؟» قُلْنَا: نَعَمْ، قَالَ:«اللَّهُمَّ مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ، فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ، وَالِ مَنْ وَالَاهُ، وَعَادِ مَنْ عَادَاهُ» وَجِيءَ بِهِ يَوْمَ خَيْبَرَ وَهُوَ أَرْمَدُ مَا يُبْصِرُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أَرْمَدُ، فَتَفَلَ فِي عَيْنَيْهِ، وَدَعَا لَهُ فَلَمْ يَرْمَدْ حَتَّى قُتِلَ، وَفُتِحَ

(1)

مسلم بن كيسان الملائي، ضعَّفه جمع كبير من الأئمة، كابن المديني، والبخاري، وأبي زرعة، وأبي حاتم، والعجلي، والترمذي، والدارقطني، وغيرهم. وأجمل الحافظ القول فيه في التقريب بأنه: ضعيف.

انظر في ترجمته: التاريخ الكبير للبخاري (7/ 271)، الضعفاء الكبير للعقيلي (4/ 153)، الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (8/ 192)، المجروحين لابن حبان (3/ 8)، تهذيب التهذيب لابن حجر (10/ 122)، تقريب التهذيب له (6641).

ص: 257

عَلَيْهِ خَيْبَرُ وَأَخْرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَمَّهُ الْعَبَّاسَ وَغَيْرَهُ مِنَ الْمَسْجِدِ، فَقَالَ لَهُ الْعَبَّاسُ: تُخْرِجُنَا وَنَحْنُ عَصَبَتُكَ وَعُمُومَتُكَ وَتُسْكِنُ عَلِيًّا؟ فَقَالَ: «مَا أَنَا أَخْرَجْتُكُمْ وَأَسْكَنْتُهُ، وَلَكِنَّ اللَّهَ أَخْرَجَكُمْ وَأَسْكَنَهُ»

(1)

.

(1)

إسناده ضعيف، لضعف مسلم الملائي.

والحديث أخرجه أبو يعلى (703) من طريق غسان بن بشر الكاهلي، عن مسلم، به؛ بلفظ: سد رسول الله صلى الله عليه وسلم أبواب الناس في المسجد وفتح باب علي، فقال الناس في ذلك، فقال:«ما أنا فتحته، ولكن الله فتحه» .

وللحديث طريق آخر عن سعد، مداره على عبدالله بن شريك العامري:

فأخرجه ابن أبي عاصم في السنة (باب «من كنت مولاه فعلي مولاه»، رقم 1376) والنسائي في الكبرى (كتاب خصائص علي، باب ذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم: «ما أنا أدخلته وأخرجتكم بل الله أدخله وأخرجكم»، رقم 8371، وباب ذكر الاختلاف على عبدالله بن شريك، رقم 8392) - ومن طريقه ابن الجوزي في الموضوعات (685) - والطحاوي في مشكل الآثار (باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الباب الذي استثناه من الأبواب التي كانت إلى مسجده، فأمر بسدها غير ذلك الباب، رقم 3553) والشاشي (63)؛ من طريق إسرائيل بن يونس، عن عبدالله بن شريك، عن الحارث بن مالك، قال: أتيت مكة فلقيت سعد بن أبي وقاص، فقُلتُ: هل سمعت لعلي منقبة؟ قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد، فنودي فينا ليلا: ليخرج من المسجد إلا آل رسول الله صلى الله عليه وسلم وآل علي، قال: فخرجنا، فلما أصبح أتاه عمه فقال: يا رسول الله، أخرجت =

ص: 258

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= أصحابك وأعمامك وأسكنت هذا الغلام! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما أنا أمرت بإخراجكم ولا بإسكان هذا الغلام، إن الله هو أمر به» .

وهذا لفظ النسائي في الموطن الأول.

وفي رواية الطحاوي، قال: الحارث بن ثعلبة، بدلا من الحارث بن مالك!

ورواية ابن أبي عاصم مختصرة بلفظ: «من كنت مولاه فعلي مولاه» .

وأخرجه ابن سعد في الطبقات (3/ 24) وأحمد (1/ 175 رقم 1511) - ومن طريقه ابن الجوزي في الموضوعات (684) - وابن أبي عاصم في السنة (باب من كنت مولاه فعلي مولاه، رقم 1384، 1385) والنسائي في الكبرى (كتاب خصائص علي، باب ذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم: «ما أنا أدخلته وأخرجتكم بل الله أدخله وأخرجكم»، رقم 8372، وباب ذكر الاختلاف على عبدالله بن شريك، رقم 8391) والطحاوي في مشكل الآثار (باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الباب الذي استثناه من الأبواب التي كانت إلى مسجده، فأمر بسدها غير ذلك الباب، رقم 3554)؛ من طريق فطر بن خليفة، عن عبدالله بن شريك، عن عبدالله بن الرقيم الكناني، عن سعد بن مالك، بنحوه.

وفي الموطن الأول عند ابن أبي عاصم: عن عبدالله بن الأرقم، وفي الموطن الثاني: الأريقم، وفي رواية الطحاوي: بن أبي الرقيم!

قال النسائي عقب الحديث في الموطن الأول: عبدالله بن شريك ليس بذلك، والحارث بن مالك لا أعرفه، ولا عبدالله بن الرقيم. ا. هـ

وقال ابن الجوزي - بعد أن حكم على الحديث بالبطلان -: الطريقان على عبدالله بن شريك، قال السعدي: كان كذاباً، وقال ابن حبان: كان غالياً في التشيع، روى عن الأثبات ما لا يشبه حديث الثقات. ا. هـ بتصرف =

ص: 259

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

=

فتبيَّن من هذا أن طريق ابن شريك لا يصح أيضا، وذلك للكلام فيه، وللاختلاف الواقع عليه، ولجهالة شيخه.

وللحديث طريق ثالث عن سعد، مداره على سفيان بن عيينة:

فأخرجه البزَّار (1195 - البحر الزخار) والنسائي في الكبرى (كتاب المناقب، باب فضائل علي، رقم 8096، وكتاب خصائص علي، باب ذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم: «ما أنا أدخلته وأخرجتكم بل الله أدخله وأخرجكم»، رقم 8370) والآجُرِّيّ في الشريعة (كتاب فضائل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، باب ذكر جوامع فضل علي بن أبي طالب، رقم 1571) وأبو الشيخ في طبقات المحدثين بأصبهان (2/ 144) - وعنه أبو نعيم في فضائل الخلفاء الراشدين (62) وأخبار أصبهان (2/ 146) - والخطيب في تاريخ بغداد (3/ 218)؛ من طريق محمد بن سليمان لوين، عن ابن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن أبي جعفر محمد بن علي، عن إبراهيم بن سعد بن أبي وقاص، عن أبيه، قال: كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم وعنده قوم جلوس، فدخل علي فلما دخل خرجوا، فلما خرجوا تلاوموا فقالوا: والله ما أخرجنا وأدخله، فرجعوا، فدخلوا فقال:«والله ما أنا أدخلته وأخرجتكم بل الله أدخله وأخرجكم» .

قال البزَّار عقبه: هكذا رواه محمد بن سليمان، عن سفيان، عن عمرو، عن محمد بن علي، عن إبراهيم بن سعد، عن أبيه، وغير محمد بن سليمان إنما يرويه، عن سفيان، عن عمرو، عن محمد بن علي، مرسلا. ا. هـ

وقال النسائي: ولم يقل مرة عن أبيه. ا. هـ

وأسند الخطيب إلى أبي بكر المرُّوذي أنه قال: ذكر أحمد بن حنبل لوينا، فقال: قد حدث حديثا منكرا عن ابن عيينة ما له أصل، قُلتُ: أيش هو؟ قال: عن عمرو بن دينار، عن أبي جعفر، عن إبراهيم بن سعد، عن أبيه قصة علي، «ما أنا بالذي أخرجتكم ولكن الله أخرجكم» ، فأنكره إنكارا شديدا: وقال: ما له أصل.

ص: 260

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

=

قُلتُ (الخطيب): أظن أبا عبدالله أنكر على لوين روايته متصلا، فإن الحديث محفوظ عن سفيان بن عيينة، غير أنه مرسل عن إبراهيم بن سعد، عن النبي، صلى الله عليه وسلم. ا. هـ

وهذه الرواية المرسلة التي أشار إليه الخطيب، أخرجها: الفسوي في المعرفة والتاريخ (2/ 211) من طريق الحميدي عبدالله بن الزبير، والخطيب في تاريخ بغداد (3/ 218) من طريق عبدالله بن وهب.

كلاهما (الحميدي، وابن وهب) عن ابن عيينة، عن عمرو، عن أبي جعفر، عن إبراهيم، مرسلا.

ولكن يبدو أن الوصل والإرسال كان من فعل ابن عيينة نفسه، ولكن لوينا حمل المتصل ونقله، واشتهر ذلك عنه، فقد قال أبو الشيخ عقب هذا الحديث: قال لوين: ثنا به ابن عيينة مرة أخرى، عن إبراهيم بن سعد بن أبي وقاص، لم يجاوز به. ا. هـ

والذي يبدو من هذه الطرق وأقوال الأئمة هنا- والله أعلم - أن الصواب في رواية سفيان: الإرسال، ولذا فهي ضعيفة الإسناد أيضا!

والحديث أخرجه الطبراني في الأوسط (3930) - بسند ضعيف - من طريق مصعب بن سعد، عن أبيه، قال: أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بسد الأبواب، إلا باب علي قالوا: يا رسول الله، سددت الأبواب كلها، إلا باب علي؟ قال:«ما أنا سددت أبوابكم، ولكن الله سدها» .

وانظر باقي الطرق عن سعد بن أبي وقاص في تخريج الحديث المتقدِّم رقم (4575).

والخلاصة في هذا الحديث: أن الجزء المرفوع منه ثابت صحيح، كما تقدَّم في الحديث رقم (4576)، خلا الفقرة الأخيرة، والتي فيها إبقاء علي بن أبي طالب وإخراج غيره من المسجد، وقوله عليه الصلاة والسلام:«ما أنا أخرجتكم وأسكنته، ولكن الله أخرجكم وأسكنه» ، فهي ضعيفة الإسناد كما تقدَّم، إلا أن لها شواهد تقدَّم ذكرها في مُسنَد زيد بن أرقم برقم (4631)، وتقدَّم هناك الكلام عن هذه الزيادة مُفصلَّاً، فراجعها إن شِئتَ.

ص: 261

(24)

4708 - كَتَبَ إِلَيَّ إِسْمَاعِيلَ مُحَمَّدُ بْنُ النَّحْوِيِّ

(1)

يَذْكُرُ، أَنَّ الْحَسَنَ بْنَ عَرَفَةَ، حَدَّثَهُمْ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ ثَابِتٍ الْجَزَرِيُّ

(2)

، ثنا بُكَيْرُ بْنُ مِسْمَارٍ

(3)

، مَوْلَى عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ، سَمِعْتُ عَامِرَ بْنَ سَعْدٍ يَقُولُ: قَالَ سَعْدٌ: نَزَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْوَحْيُ فَأَدْخَلَ عَلِيًّا وَفَاطِمَةَ وَابْنَيْهِمَا تَحْتَ ثَوْبَهُ ثُمَّ قَالَ: «اللَّهُمَّ هَؤُلَاءِ أَهْلِي وَأَهْلُ بَيْتِي»

(4)

.

(1)

وقع في المطبوع: أبو إسماعيل، وهو خطأ، وجاء على الصواب (إسماعيل) في إتحاف المهرة (5/ 133 - 134) وهو: إسماعيل بن محمد بن إسماعيل بن صالح، أبو علي الصفار النحوي، الإمام المشهور.

(2)

علي بن ثابت الجزري، أبو أحمد، ويُقال: أبو الحسن، الهاشمي، قال عنه الحافظ في التقريب: صدوق ربما أخطأ، وقد ضعَّفه الأزدي بلا حجة. ا. هـ

(3)

تقدم في الحديث (4575) أنه صدوق.

(4)

إسناده حسن، لحال الجزري، وبكير.

والحديث عند ابن عرفة في جزئه (49) - ومن طريقه أخرجه البيهقي (كتاب النكاح، باب إليه ينسب أولاد بناته، 7/ 63) - مُطوَّلاً عما ذُكر هنا.

وقد تقدَّم تخريج الحديث برقم (4575)، وسيعيده المُصنِّف برقم (4719).

التعليق على الحديث:

* قوله عليه الصلاة والسلام: «اللهم هؤلاء أهلي وأهل بيتي» .

ص: 262

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= استدل بعض العلماء بهذا الحديث - وبغيره من الأحاديث التي أوردها المصنف برقم (3558، 4705، 4706، 4707، 4709) - على أن آل بيته صلى الله عليه وسلم هم: علي، وفاطمة، والحسن، والحسين، رضي الله عنهم جميعا، فقط، ولا يدخل معهم أزواجه.

واستدلوا كذلك بقوله تعالى: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} [الأحزاب: 33]

فقالوا: قوله: «عنكم» ، «يطهركم» ، بالميم، يدل على أن المراد بالآية هم آل بيته، ولو أراد نساءه لقال:«عنكن» ، «يطهركن» .

واستدلو كذلك بحديث زيد بن أرقم، كما في صحيح مسلم (كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل علي بن أبي طالب، رقم 2408)، لما سُئِل عن المقصود بأهل بيته، هل هن نساؤه؛ فقال: لا، وايم الله، إن المرأة تكون مع الرجل العصر من الدهر، ثم يُطلِّقُها فترجع إلى أبيها وقومها، أهل بيته: أصله وعصبته، الذين حُرموا الصدقة بعده.

وخالفهم في ذلك جماعة آخرون من العلماء، فقالوا: آل بيته: هم نساؤه، وذلك لظاهر الآيات السابقة، فإنها نزلت فيهن، فإن الله تعالى قال في أولها:{وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} [الأحزاب: 33]

وذهبوا إلى أن البيت أريد به مساكن النبي صلى الله عليه وسلم.

وتوسَّطت طائفة ثالثة؛ فقالت: آل بيته: هم نساؤه، ومعهن علي وفاطمة والحسن والحسين رضي الله عنهم.

واستدلوا على ذلك: بأن قرينة السياق في الآيات صريحة في دخول نسائه، إذ الله قال:{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا} [الأحزاب: 28]، ثم قال في نفس خطابه لهن:=

ص: 263

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} [الأحزاب: 33]. وقد أجمع جمهور علماء الأصول على أن صورة سبب النزول قطعية الدخول، فلا يصح إخراجها بمخصص.

ونظير ذلك من دخول الزوجات في اسم أهل البيت، قوله تعالى في زوجة إبراهيم:{قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ} [هود: 73].

قالوا: فالحق أن نساءه داخلات في الآية، وأنهن من آل بيته.

وأما الدليل على دخول غيرهن في الآية: فهو الأحاديث التي جاءت عن النبي صلى الله عليه وسلم، من أنه قال في علي وفاطمة والحسن والحسين، رضي الله عنهم:«هؤلاء أهل بيتي» ، ودعا الله لهم أن يذهب عنهم الرجس ويطهرهم تطهيرا. وقد روى ذلك جماعة من الصحابة عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ منهم: أم المؤمنين أم سلمة، وأبو سعيد الخدري، وأنس بن مالك، وواثلة بن الأسقع، وأم المؤمنين عائشة، وغيرهم رضي الله عنهم.

ولذلك قال تعالى: «ويطهركم» بالميم، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليا وحسنا وحسينا كانوا فيهم، وإذا اجتمع المذكر والمؤنث غلب المذكر.

وأما الجواب عن حديث زيد بن أرقم؛ فقد أخرج مسلم في نفس الموطن المُشار إليه آنفا، قبل هذا الحديث، أن حصين بن سبرة سأل زيد بن أرقم؛ فقال له: ومن أهل بيته يا زيد؟ أليس نساؤه من أهل بيته؟ قال زيد: نساؤه من أهل بيته، ولكن أهل بيته من حُرم الصدقة بعده، قال: ومن هم؟ قال: هم آل علي، وآل عقيل، وآل جعفر، وآل عباس. قال: كل هؤلاء حُرِم الصدقة؟ قال: نعم.

قال الحافظ ابن كثير في تفسيره (6/ 415): وهذه الرواية أولى، والأخذ بها أحرى. وهذه الثانية - يعني التي استدلت بها الطائفة الأولى - تحتمل أنه أراد تفسير الأهل المذكورين في الحديث الذي رواه، إنما المراد بهم آله الذين حُرِموا الصدقة، أو أنه ليس المراد بالأهل الأزواج فقط، بل =

ص: 264

(25)

4719 - أَخْبَرَنِي جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ نُصَيْرٍ الْخُلْدِيُّ، بِبَغْدَادَ، ثنا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، ثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، ثنا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ مِسْمَارٍ

(1)

، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: {نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ} [آل عمران: 61]

=هم مع آله، وهذا الاحتمال أرجح؛ جمعا بينها وبين الرواية التي بعدها، وجمعا أيضا بين القرآن والأحاديث المتقدمة إن صحت، فإن في بعض أسانيدها نظرا، والله أعلم.

ثم قال: ثم الذي لا يشك فيه من تدبر القرآن أن نساء النبي صلى الله عليه وسلم داخلات في قوله تعالى: {إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا} ، فإن سياق الكلام معهن؛ ولهذا قال تعالى بعد هذا كله:{واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة} .ا. هـ

والذي يترجح عندي: القول الأخير، لأنه أعدل الأقوال، وبه يجتمع شمل النصوص القرآنية والنبوية، ويكون بعضها مفسرا للآخر، أما أحد القولين الآخرين: فيكون فيه تعطيل لدلالة بعض النصوص، وإنشاء للتضارب بينها، وهو ما لا يقع بين القرآن والسنة الصحيحة، والله أعلم.

وانظر للمزيد في ذلك: تفسير الطبري (19/ 101 - 110)، شرح مشكل الآثار للطحاوي (2/ 235 - 248)، تفسير ابن عطية (4/ 384)، حقوق آل البيت لابن تيمية (ص: 26 - 29)، تفسير ابن كثير (6/ 410 - 415)، جلاء الأفهام لابن القيم (ص: 210 - 223)، تفسير القرطبي (14/ 182 - 183)، أضواء البيان للشنقيطي (6/ 236 - 237).

(1)

تقدم في الحديث (4575) أنه صدوق.

ص: 265

دَعَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلِيًّا وَفَاطِمَةَ وَحَسَنًا وَحُسَيْنًا رضي الله عنهم، فَقَالَ:«اللَّهُمَّ هَؤُلَاءِ أَهْلِي» . هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ

(1)

.

(1)

إسناده حسن لحال بكير، وقد تقدَّم الحديث مُطوَّلا برقم (4575)، وتقدَّم تخريجه هناك.

وتقدَّم التعليق عليه في الحديث رقم (4708).

ص: 266