الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يجلو الدجى له صباح شرق
…
يرفضّ منه وابل مغدودق
كأنه جود المليك المغدق
…
أو أنه من كفه متدفق
طورا بدى حما وطورا علق* ومن شعره قوله: [المتقارب]
وإني لفي قيد هذا الزمان
…
لكالدّرّ إذ بات حشو الصدف
وإني على الرغم من حسّدي
…
لأسلافي الصّيد نعم الخلف
فإن كان أنكر قدري الزمان
…
فداهرة صدرت عن خرف
فعن أمم تنجلي عمّتي
…
كبدر الدجى بعدما قد خسف
وتأتي المقادير منقادة
…
تقول: عفا الله عمّا سلف
14- ومنهم: ابن أبي الحديد، عز الدين، عبد الحميد بن هبة الله بن محمد بن محمد الحسين بن أبي الحديد، المدائني، أبو حامد
«1» .* كتب في ديوان الخلافة، وكبت من برع في المقال خلافه، وكان ذا لسن وبراعة، ورسن ممتد في البراعة؛ وكان من غلاة الشيعة، وولاة مقالات الرفض الشنيعة؛ رأس في الاعتزال، وكيس جدل يتفقأ سمنا بالهزال، على أنه كان
يظهر التمذهب للشافعي، وكان أصوليا لا يحبس لسانه بالعي، مع أنه كان بالبيان يسحر، وبالجمان يسخر.
وهو الذي عاب على ابن الأثير الجزري في «المثل السائر» ووضع عليه «الفلك الدائر» كما قدمناه في ترجمة المذكور، وما قصر في المناقشة، ولا عذر في المعاجلة له والمباطشة.
* ومن نثره قوله: وبعد، فقد عرض بالديوان العزيز كتابك أيها الزعيم، وخطابك وأمير المؤمنين عليم، وشرحت ولاءك وذلك حبلك الوثيق، وكذلك إخلاصك القديم، وانتماؤك إلى الباب الأشرف، وهذه عقيدة أخذتها عن سلفك وَما يُلَقَّاها إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ
«1» نعم، ولا يلقنها إلا ذو فعل كريم، من ذي سلف كريم،؛ وبرز الأمر الأشرف عن الديوان العزيز بتلقي واردك بالكرامة التي عدّيت بها رتبة كل نظير، وأصبحت وعلى رأسك شربوش وتاج، وأنت صاحب تخت وسرير، وستجاب من ديوان الوزارة المشرفة مفصلا عن فصول كتابك، وحسبك حسبك شرفا تتشرف به من الديوان العزيز، إذ كان هذا من خطابك.
ومنه قوله:
وانتهى أمر الجزري إلى أنه قلع قلع الجزر، وما أغناه ما تكهن أو حزر، وهذا معجل كل مائق، وله مؤجل يأتيه يوم تقوم الخلائق.
ومن نثره قوله في تقليد قاض: وأرفع المناصب وأعلاها، منصب الحكم العزيز، الذي يجتبي الشرع في
ندبه، ويجتني السمع ثمرات كل شيء من جنبه، ويعرف به الحلال والحرام، ويتصرف في أوامر ذي الجلال والإكرام، وإن أحق من ألقي زمام أحكامه إليه، من تفرد بما لديه، وفاز بسهم معلى من العلوم، وأخذ من فنونها بنصيب معلوم، دأب نفسه في تحصيل نفائسها، واجتلاء غرائسها؛ فكم من أحاديث نبوية يعرف السقيم فيها من الصحيح، والعدل من رجالها من الجريح، وعلم الرواية على تشعبها، والأسانيد وطرقها، في حالتي تسهلها وتصعبها؛ وكم تفاسير كشف حقائقها، ومشكلات تأويل أظهر تحسين إيضاحه طرائقها، وكم فروع مسائل أصّلها، وأصول فقه حواها وحصّلها.
وكنت أيها القاضي فلان، لك فخر بعلم علمها لا يباهى، وورع لا تماثل فيه ولا تضاهى، وإفادة ينصب الطلبة لاستفادتها، وتشره الأسماع لحسن إيرادها واستعادتها؛ فلذلك أعهد عليك في القضاء بمدينة كذا، وألق من علومك ما يلاقي من أجله ذوو الطلبة للاستفادة، واعلم أنك حصلت على السعادة الدنيوية، فاعمل على الأخروية، فإنها أعلى السعادة، واجر على عادتك [في] التحرز في الأحكام، وامض على سننك في الاحتياط في كل نقض وإبرام، وأرع يراعك كل ما يفتقر أن يرعى، وكل ما يجب أن يمعن فيه النظر عقلا وشرعا؛ ثم والعدول فلتعتبر أحوالهم، وألزمهم بكل ما هو أجمع وأحوى لهم، فبهم تؤخذ الحقوق وتقام الحدود، وهم أمناء الله في أرضه، حيث هم على خلقه شهود، ومن وصايا العلم في تحقيق مسائل الخلاف لك عناية، فها عادة لا تقطع، وعدة لا تستدفع، وهي للمكمل الأدوات، المبرز بجميل الصفات، تذكرة تبدؤك نصائحها، وتتضح لديك مصالحها، فخذها نصب عينيك وتجاه أمرك، وأدم إحضارها في قضاياك ومرورها على فكرك.
* ومن شعره قوله: [الكامل]
بالله ضع قدميك فوق محاجري
…
فلقد قنعت من الوصال بذاكا
وأطل معاتبتي فإن مسامعي
…
تهوى حديثك مثل ما أهواكا
لا عانقتك من البرية كلها
…
إلا يدي اليمنى وبند قباكا
كلا ولا رشفت رضابك بعدما
…
قد ذقته إلا التي تهواكا
ومنه قوله في مليح جعل عارض الجيش، وخلع عليه خلعة خضراء «1» :[مخلع البسيط]
وأهيف كالقضيب قدا
…
في خضر أثوابه يميد
قبلته باعتبار معنى
…
لأنه عارض جديد
* واتفق له سرى ليلة برقها قد سرى، موهنا كوجيب الفؤاد، وموهما بأن طرفه لم يكتحل برقاد، كأنه فرس معار أشقر، أو نار تشب ضرمة وما خفي منه أكثر، والرباب دون السحاب كخليع من الفتيان يسحب مئزرا، وأمّ رؤوم على الأرض تدهن لمم الثرى، فقال:[الطويل]
أسري وومض البرق يخفق قلبه
…
ويذكي له في الليل قدح زناد
ويوهمني أن ليس يكحل عينه
…
رقاد، بلى قد كحلت برقاد
ودون الغوادي للرباب جلاجل
…
تزور وهادا من عليّ نجاد
تزور بمبتل الحيا هامد الثرى
…
وترشف ثغر النور ريق غواد
ثم لما أبهم عليه الأمر وأشكل، ولم ينخ راحلته فيعقلها ويتوكل، وقد سرى في ليل يخفي ظلامه قصد السبيل، ويملأ هوله صدر الذليل، ويفترس غوله خلب الغرير فكيف الدليل، تململ وتضجر، وقال لم يتصبر:[السريع]
ما لي ولليل وظلمائه
…
ومهمه يحار فيه الدليل
كأنني في لجة غارق
…
يا قوم قولوا لي كيف السبيل؟
ومن شعره أيضا مما أنشدنيه شيخنا أبو الثناء الحلبي «1» ، قوله:[البسيط]
أفدى الذي زارني والخوف يقلقه
…
يمشي ويكمن في العطفات والطرق
قبلت أطراف كفيه على ثقة
…
بالأمن منه وخديه على فرق
فكان في أخريات السكر مضطربا
…
إذا أراد انتظام اللفظ لم يطق
لله ما أحسن الصهباء منعمة
…
علي إذ علمته طيبة الخلق
أهدت إليه سرورا نلت معظمه
…
كالفعل ينصب مفعولين في نسق
وقوله: [الكامل]
أعدى البياض إلى مجاوره
…
ما ذاك إلا أنه مرض
هلا تيسر للسواد كذا
…
وكلاهما في حكمنا عرض
وقوله: [الكامل]
يا من يدلس بالخضاب مشيبه
…
إن المدلس لا يزال مريبا
هب ياسمين الشعر عاد بنفسجا
…
أيعود عرجون القوام قضيبا
وقوله على الجادة في تفضيل السيف على القلم: [الطويل]
وما تدرك الأقلام شأو مهند
…
يضيء إذا ما قام بين الكواكب
وأنّى لها وهي التي في طروسها
…
تخر على الأذقان سود الذوائب
وكم بين من يبكي إذا ما انتدبته
…
لأمر وبين الضاحك المتلاعب