الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقوله يصف النّجم «1» : [المتقارب]
وليل ترى الشّهب منقضة
…
بها نحو مسترق سمعه
كما مدّ من ذهب مدّة
…
على لازوردية الرّقعه
8- ومنهم: أبو عليّ، الحسن بن عبد الصمد بن أبي الشّخباء العسقلاني
«2» :
* صاحب الخطب المشهورة، والرّسائل المحبرة؛ لسان لا يكفّ له غرب، ولا يكلّ له ضرب، بحسّ ذكيّ كأنه زجاجة فيها نار، وحدس زكي لا يطمس له نار؛ وبينه وبين ابن الجميد مكاتبات، ينشر منها الحلل، وينظر منها ما تحوي الكلل؛ وقفت عليها، وصرّفت النظر فلم أجده ينصرف إلّا إليها؛ وكانت عندي بالخطّ الفاضليّ، وإنّما أذهبته من يديّ النّقل، وأطلقته من حاصلي العقل؛ وكانت بينهما من لطائف الشّتام، ما كان لسالف النّقائض كالختام، بألفاظ عذاب كأنّها نطف الغوادي، وطعم السلامة من يد الأعادي؛ وكان لا يحسن منها إلا عقير مدامة يحسوها، وعاقد راحة على شعاع راحة يكسوها؛ وكانا عجبا، ونيّرين ظهرا، والشمس والقمر قد حجبا.
ومن نثره قوله: أمّا ما افتتحت به من ذكر استحكام الثقة، فقد عجبت من تعاطيه وصف
ذلك، مع العلم بوضوح دليله، والمعرفة بكثيره وقليله، وأنى يتجاوز تلك الصّفة وهو ينبوع الوفاء ومنبته، وممكن أسّه ومثبته:[الرجز]
تسكن أحشائي إلى حفاظكم
…
سكون أجفاني إلى رقادها
وأما تخلّفه عن الزيارة للعذر الذي نصّه، فقد رأيت ليلتي بغيبته، فكأنّها قرنت بيوم الحساب الأطول، أو علّقت نحومها السيارة بأمراس كتّان إلى صمّ جندل «1» .
ومنه قوله: فارقني مولاي، وخلّفني خلف السهاد، مفترشا شوك القتاد، أتذكر أخلاقه تذكّر الفقير غناه، وابن ذريح لبناه، وامتدّ عليّ رواق الليلة المذكورة، حتّى كأنّ نجومها شدّت بمناكب أبان، وقمرها يسير في فلك كيوان:[من البسيط]
يئست من صبحها حتّى التفتّ إلى
…
وجه الظّلام أعزّيه بفقدان
ولم تزل هذه حالي في الوحشة، إلى حين وصول الرّقعة الأثيرية؛ فإنها رقعت هلهلا من الجدل مخلقا، وتركت داويا من المسّرة قصرا مونقا؛ ووقفت عليها، فقلت: أجرى الطّرس سطورا؟ أم زهري منثورا؟ أو نظمت البراعة ألفاظا أدبية؟
أم سلوكا ذهبية؟ وأنا أجيب عنها، ولكن كما يجيب قسّا باقل، وتفاخر السّحب المثقلة جداول؛ لمّا علمت أنّه قد عبث عليّ من وجه صحيح، لقيته مخفوض الجناح، وقابلته بالاستغفار والاستفصاح؛ إذ أنا بحمد الله تعالى ليّن الكنف تحت ظلال المودّة، شديد في هواجر الشّدة:[الطويل]
جليد على عتب الخطوب إذا التوت
…
وليس على عتب الأخلّاء بالجلد
وأما الفصل المختصّ بالحضرة السامية، ووقوع الأمر بحسب ما كان مولاي ذكره، فلم تزل ألمعيته تمده بالرأي الثاقب، وتكشف له ستور العواقب، والله المحمود على ما منح مولاي من صحة النظر الذي يتساوى فيه حاضر من الأمر وغائب، ومستقبل من الخطب وذاهب، وحسن الألمعية التي عناها الأوّل بقوله:[الكامل]
وتصيب مرتجلا بأوّل فكرة
…
أعراض كلّ مخمّر ومبيّت
وأمّا الفلانيّان، وما تجدد بينهما في هذا الوقت من الصحبة، وانتسج من المودة، فللمشابهة قضية دائمة الوجوب، وللمشاكلة حوادث تملك حبات القلوب؛ وكلّ نفس بعادتها صبّة، وإلى ما يلائم طباعها منصبة؛ النملة تفرح بالبرّة، أكثر من فرحها بالدّرة؛ والضّيون يرى القذاريّة، خيرا من اللّطيمة الدارية؛ ومولاي يخالفهما بصحّة ميثاقه، وكرم أخلاقه، ودماثة طبعه، وصلابة نبعه، وطيب أصله وفرعه؛ فلا غرو أن يجهدا في نقض دمرته «1» ، ويرغبا عن الاختلاط بحضرته:[السريع]
لا تنظري صدّي ولا مقتي
…
ما أنت من حربي ولا سلمي
وأما سؤاله عن قائل البيتين المنظومين، وهما «2» :[مجزوء الكامل]
ويقودني لوصاله
…
خرس الهوى قلق الوشاح
ينآد كالغصن النّضي
…
ر بمثله عبث الرّياح
فقد فتح لي هذا السؤال بابا عرفت أنّ مولاي قد أعطى فلانا مقوده، ومدّ إلى
مغازلته يده، ولزم مضجعه، وتوفّر على الخلوات معه؛ فقلت: خبر يحتمل الصّدق والمين، ووقفت حائرا بين هذين، حتى عرفت اشتهار ذلك؛ وأنّ الأخ غضب منذ أيام قليلة، وبات في القرافة «1» بأسوإ ليلة، فلم أدر كيف أعتب مولاي وألوم، ولا كيف أقعد في التّأنيب له وأقوم؛ وهو الحياء الذي إذا انثلم فقد انهدم، وإذا تصدّع فقد ذهب أجمع، والمعيشة التي من المروءة حفظ موادّها، وصلاح فسادها، ومع ذلك فالبيتان المذكوران لعبد الصمد [بن] المعذّل، في كلمة يقول فيها «2» :[مجزوء الكامل]
هتفت به نذر المشي
…
ب فغضّ من غرب الجماح
هيهات ملت إلى النّهى
…
وأجبت داعية الفلاح
وجعلت من ورد التّقى
…
كأس اغتباقي واصطباحي
وقد كان مولاي باستحسان هذه الأبيات أليق، وهي بصفته أعبق؛ وكأني به إذا بلغ إلى هذا الفصل من الرّقعة، أنشد قول الخطيم بن محرز «3» :[الطويل]
وما لا مني في حبّ عزّة لائم
…
من النّاس إلّا كان عندي من العدى
ولا قال لي: أحسنت إلّا حمدته
…
بما قال لي ثمّ اتّخذت له يدا
ولا أتعدّى هذا الحد حرفا «4» ، أن أجني ذنبا عظيما، وأولم قلبا بشهادة لله عليّ كريما.
ومنه قوله:
وأما الفصل الأخير، فأعلم والله أنّه صدر عمن احتسى من كأس المساهمة، وجلّيت لي بودّه وجوه الدّهر السّاهمة؛ وأنا أؤمل بفضل الله تعالى أن يقع من غير إرهاب، وتتواصل لديّ بغير حساب، حفظا للعادة التي حكم بها كرمه، وتمت معها عندي آلاؤه ونعمه.
ومن شعره قوله: [الكامل]
ألقى بكفّي جذوة في درّة
…
واللّيل يخطر في هلاهل أزره
«1»
أخت النّجوم تشعشعا وولادة
…
سرقت محاسن وصفه في سكره
فضرامها من خدّه، وحياتها
…
من ثغره، ونسيمها من نشره
وممّا أورد له ابن بسّام قوله «2» : [الكامل]
ما زال يختار الزّمان ملوكه
…
حتّى أصاب المصطفى المتخيّرا
«3»
قل للألى ساسوا الورى وتقدّموا
…
قدما: هلمّوا شاهدوا المتأخّرا
إن كان رأي شاوره أحنفا
…
أو كان بأس نازلوه عنترا
ولقد تخوّفك العدوّ بجهده
…
لو كان يقدر أن يردّ مقدّرا
إن أنت لم تبعث إليه ضمّرا
…
جردا بعثت إليه كيدا مضمرا
تسري وما حملت رجال أبيضا
…
فيه ولا ادّرعت كماة أسمرا
خطروا إليك فخاطروا بنفوسهم
…
وأمرت سيفك فيهم أن يخطرا
عجبوا لحلمك أن تحوّل سطوة
…
وزلال خلقك كيف عاد مكدّرا
لا تعجبوا من رقّة وقساوة
…
فالنّار تقدح في قضيب أخضرا
ومنه قوله: