الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومن فضل الصِّديق
(970)
قال الحافظ أبو بكر أحمد بن إبراهيم الإسماعيلي: ثنا محمد بن عَلُّويه الفقيه، ثنا أبو شعيب السُّوسي، ثنا يحيى بن سعيد العطَّار، ثنا فُرَات بن السَّائب، عن ميمون، عن ابن عمرَ: أنَّ أبا موسى إذ كان واليًا على البصرة، كان إذا خَطَب يومَ الجمعةِ حَمِدَ اللهَ، وأثنى عليه، وصلَّى على النبيِّ صلى الله عليه وسلم، ثم ثَنَّى بعمرَ يَدعو له، ولا يَتَرحَّمُ على أبي بكرٍ رضي الله عنه، فتَقَدَّم إليه ضَبَّة بن مِحصَن يقول: أين أنت / (ق 396) من ذِكر صاحبِهِ قبلَهُ تَذكره بفضِلهِ؟ ففعل ذلك جُمَعَ، ثم كَتَب إلى عمرَ بقول ضَبَّة بن مِحصَن، فكَتَب إليه عمرُ يأمُرُه بتسريحه إليه، فلمَّا أتاه الكتابُ، قال: اشخَص إلى
أمير المؤمنين. فلمَّا قَدِمَ المدينةَ استأذن على عمرَ، فدخل عليه، فقال: أنت ضَبَّة بن مِحصَن؟ قال: نعم. قال: فلا مَرحبًا ولا أهلاً. قال: أمَّا المرحبُ فمن الله، وأمَّا الأهلُ فلا أهلَ ولا مالَ، فعَلَام استَحلَلتَ إشخاصي من مصرَ يا عمرُ بلا ذنبٍ ولا جنايةٍ ولا سوءٍ أتيتُهُ؟! قال: وما تَبوء بذنبٍ تعتذرُ منه؟ قال: لا. قال: فما شَجَر بينك وبين عامِلِكَ؟ قال: كان إذا خَطَب يومَ الجمعةِ صلَّى على النبيِّ صلى الله عليه وسلم، ثم ثنَّى بك يَدعو لك، ولا يَتَرحَّمُ على أبي بكرٍ، فكان ذلك ممَّا يغيظني منه. قال: أنت كنتَ أوفَقَ منه وأفضلَ، فهل أنت غافرٌ ذنبي إليك؟ قال: نعم، يَغفِرُ اللهُ لك. فاستبكى عمر، حتى انتَحَبَ، ثم قال: واللهِ ليومٌ أو ليلةٌ من أبي بكرٍ رضي الله عنه خيرٌ من عمرَ وآل عمرَ من لدن وُلِدوا، أمَّا ليلتُهُ فإنَّه لمَّا توجَّه مع النبيِّ صلى الله عليه وسلم إلى الغار جعل يمشي طَورًا أمامَهُ، وطَورًا خلفَهُ، ومرَّة عن يمينه، ومرَّة عن يَسَاره، فقال له رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:«ما هذا من فِعلك يا أبا بكر؟» .
قال: بأبي أنت وأُمِّي، أذكرُ الرَّصَدَ (1) فأَكونُ أمامَكَ، وأذكرُ الطَّلبَ فأَكونُ خَلفَكَ، وأَنفضُ الطريقَ يمينًا وشمالاً. قال:«إنَّه ليس عليك بأسٌ» ، وكان النبيُّ صلى الله عليه وسلم حافيًا، ولم يكن مخصَّرَ القدمين، فحَفِيَ، / (ق 397) فحَمَله أبو بكر الصِّديق رضي الله عنه على كاهله حتى انتهى به إلى الغار، فلمَّا ذهب لِيَدخُلَهُ، قال: لا، والذي بَعَثك بالحقَّ لا تَدخلُهُ حتى استبرئَهُ، فدخل، فنظر، فلم ير شيئًا يَريبه، فدخلا، فلمَّا قَعَدا فيه هُنيَّةً أسفَرَ لهما الغارُ بعضَ الإسفارِ، فأبصر أبو بكرٍ إلى خَرقٍ في الغارِ فألقَمَهُ قَدَمَهُ، مخافةَ أن يكونَ فيه دابَّةٌ فتخرجُ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فتُؤذيه، فهذه ليلتُهُ رضي الله عنه.
(1) الرَّصَد: من التَّرصُّد، وهو: التَّرَقُّب، والرَّصَد: القوم يَرصُدون. «مختار الصحاح» (ص 154 - مادة رصد).
وأمَّا يومُهُ، فإنَّه لمَّا قُبِضَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ارتدَّ مَن ارتدَّ من العرب، وقالوا: نصلِّي، ولا نزكِّي، ولا نُجبَى، فأتيتُهُ لا آلوه نصحًا، فقلتُ: يا خليفةَ رسولِ اللهِ تألَّفِ الناسَ، وارفُق بهم، فإنَّهم بمنزلة الوحش. فقال: رَجَوتُ نُصرَتَكَ وجئتني بخذلانك! جبَّارًا في الجاهلية! خوَّارًا في الإسلام! بماذا عَسَيتَ أن أتأَلَّفَهم؟! بِشِعرٍ مُفتَعل! أو بِسِحرٍ مفتَرَى! هيهات! هيهات! مضى النبيُّ صلى الله عليه وسلم وانقطع الوحي، والله لأُجَاهِدنَّهم ما استمسك السَّيفُ في يدي وإن مَنَعوني عَقَالاً. قال: فوَجَدتُهُ في ذلك أمضى منِّي وأصرمَ، وأَدَّبَ الناسَ على أمورٍ هانت عليَّ كثير من مؤنتهم حين وَلِيتُهُم، هذا يومُهُ (1).
وهذا إسناد غريب من هذا الوجه، ويحيى بن سعيد العطَّار هذا حمصي، فيه ضعف، ولكن لهذا شواهد كثيرة من وجوه آخر.
/ (ق 398) حديث آخر
(971)
قال الحافظ أبو بكر البزَّار (2): ثنا إبراهيم بن سعيد، ثنا ابن أبي أُوَيس، ثنا سليمان بن بلال، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن
(1) وأخرجه علي بن بَلبَان المقدسي في «تحفة الصَّديق في فضائل أبي بكر الصَّديق» (ص 124) من طريق عبد الرحمن بن إبراهيم الرَّاسبي، عن فُرَات بن السَّائب، عن ميمون بن مِهران، عن ضَبَّة بن محصن قال: كان علينا أبو موسى أميرًا
…
، فذكره.
قلت: وهو مخالف لإسناد الإسماعيلي حيث جَعَله عن ميمون، عن ضَبَّة بن محصن، ليس فيه ابن عمر!
ومداره: على عبد الرحمن الرَّاسبي، وقد قال عنه الذهبي في «الميزان» (2/ 545): أتى عن فُرَات بن السَّائب، عن ميمون بن مِهران، عن ضَبَّة بن محصن، عن أبي موسى بقصَّة الغار، وهو يُشبه وضعَ الطُّرُقيَّة.
(2)
في «مسنده» (1/ 373 رقم 251).
عائشة، عن عمرَ رضي الله عنه أنه قال: كان أبو بكرٍ أحبَّنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ثم قال البزَّار: لا يُروى إلا من هذا الوجه.
ورواه الترمذي (1) عن إبراهيم بن سعيد الجوهري به. وقال: صحيح غريب.
وأخرجه ابن حبان في «صحيحه» (2) عن محمد بن إسحاق الثَّقَفي، عن إبراهيم بن سعيد، به.
ولفظهما: أبو بكر سيِّدنا وخيرُنا، وأحبُّنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم (3).
طريق أخرى
(972)
قال البخاري (4): ثنا أبو نعيم، عن عبد العزيز بن أبي سَلَمة، عن محمد بن المنكدر، عن جابر قال: قال عمرُ رضي الله عنه: أبو بكر سيِّدُنا، وأَعتَقَ سيِّدَنا. يعني: بلالاً.
(1) في «سننه» (5/ 566 رقم 3656) في المناقب، باب مناقب أبي بكر الصديق.
(2)
(15/ 278 رقم 6862 - الإحسان).
(3)
تنبيه: جاء بحاشية الأصل تقييد بخطِّ الحافظ ابن حجر هذا نصُّه: هذا الحديث عزاه للترمذي عن إبراهيم بن سعيد الجَوهري، وهو في «صحيح البخاري» [3668] عن إسماعيل، بهذا الإسناد مطوَّلا، في فضائل أبي بكر، فالعَجَب من هذا الحافظ كيف خفي عليه؟!
(4)
في «صحيحه» (7/ 99 رقم 3754) في فضائل الصحابة، باب مناقب بلال بن رباح.