الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حديث فضل حمص
(1020)
قال الإمام أحمد رحمه الله في «مسنده» (1): ثنا أبو اليَمَان الحكم بن نافع، ثنا أبو بكر بن عبد الله، عن راشد بن سعد، عن حُمْرة بن عبدِ كُلَال قال: سار عمرُ بن الخطاب إلى الشَّام بعد مسيره الأوَّل كان إليها، حتى إذا شارَفَها (2)، بَلَغه ومَن معه أنَّ الطَّاعونَ فاشٍ فيها، فقال له أصحابه: ارجِعْ، ولا تَقَحَّمْ عليه، فلو نَزَلتَها وهو بها لم نَرَ لك الشُّخُوصَ (3) عنها. فانصَرَف راجعًا إلى المدينة، فعرَّس من ليلته تلك، وإننا (4) أقرب القوم منه، فلمَّا انبَعَثَ انبَعَثتُ معه في أَثَره، فسَمِعتُهُ يقول: رَدُّوني عن الشَّام بعد أن شَارَفتُ عليه لأنَّ الطَّاعونَ فيه، ألا وما مُنصرَفي عنه مؤخِّرٌ في أجلي، وما كان قُدُومِيه (5) بمُعجِّلي عن أجلي، ألا ولو قَدِمْتُ المدينةَ ففَرَغتُ من / (ق 432) حاجاتٍ لابدَّ لي منها فيها، لقد سِرتُ حتى أَدخلَ الشَّام، ثم أنزلَ حمصَ، فإنِّي سَمِعتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقول:«لَيَبعَثَنَّ اللهُ منها يومَ القيامةِ سبعين ألفًا لا حسابَ ولا عذابَ، مَبعَثُهُم فيما بين الزَّيتون وحائِطِها في البَرْثِ الأحمرِ منها» .
وهكذا رواه الحافظ أبو بكر الإسماعيلي، عن الحسن بن سفيان، عن إسحاق بن راهويه، عن بقيَّة، عن أبي بكر بن عبد الله، وهو: ابن أبي مريم
(1)(1/ 19 رقم 120).
(2)
شارفها: أي: قَرُب منها. انظر: «النهاية» (2/ 462).
(3)
الشُّخُوص: أي: الخروج منها. انظر: «النهاية» (2/ 450).
(4)
كذا ورد بالأصل. وفي المطبوع: «وأنا» .
(5)
كذا ورد بالأصل. وفي المطبوع: «قدومي» .
الغسَّاني الحمصي أحد الضعفاء والمتروكين لسوء حفظه، وإن كان رجلاً صالحًا، فقد ضعَّفه أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وعيسى بن يونس، وابن حبان، وغير واحد من الأئمَّة (1).
وقد روى هذا الحديث الحافظ أبو بكر البزَّار (2) عن محمد بن مِسكين، عن بِشر بن بكر التِّنِّيسي، عن أبي بكر بن أبي مريم، عن راشد بن سعد، عن حُمْرة بن عبدِ كُلال، عن عمرَ، به.
ثم قال: وابن عبدِ كُلال ليس بمعروف بالنقل.
قلت: هو حُمْرة -بالحاء والراء المهملتين- ويقال: اسمه معدي كرب بن عبدِ كُلَال.
قال أبو حاتم الرازي (3): روى عن عمرَ وعبد الله بن عمرو، وعنه راشد بن سعد.
وقال الجوهري (4): البَرْث: الأرض السَّهلة الليِّنة.
قلت: وممَّا يدلُّ على نكارة هذا الحديث وغرابته وأنه موضوع -كما زَعَمه بعض الحفَّاظ الكبار- أنَّ أميرَ المؤمنينَ عمرَ رضي الله عنه لمَّا عاد إلى الشَّام عامَ فتحِهِ بيتَ المقدسِ لم يُنقَل أنه جاء أرضَ حمصٍ، ولا دَخَلها، فلو كان هذا / (ق 433) صحيحًا لجاء إليها، كما قاله من نَقَل عنه، والله أعلم.
وقد تسمَّح الحافظ أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن البَيِّع الحاكم
(1) انظر: «الجرح والتعديل» (2/ 404 رقم 1590) و «تهذيب الكمال» (33/ 108).
(2)
في «مسنده» (1/ 449 رقم 317).
(3)
كما في «الجرح والتعديل» (3/ 315 رقم 1410).
(4)
في «صحاحه» (1/ 273).
النَّيسابوري فأخرجه في كتابه «المستخرج على الصحيحين» (1) من طريق أخرى، فقال:
(1021)
أنا محمد بن عبد الله الأصبهاني الزَّاهد، ثنا محمد بن إسماعيل السُّلَمي، ثنا إسحاق بن إبراهيم بن العلاء، حدثني عمرو بن الحارث الزَّبيدي، ثنا عبد الله بن سالم، ثنا الزَّبيدي، ثنا راشد بن سعد: أنَّ أبا راشد، حدَّثهم -يردُّه إلى معدي كرب بن عبدِ كُلال- قال: قال عبد الله بن عمرو: سافَرنا مع عمرَ بن الخطاب إلى الشَّام، فلمَّا شَارَفَها أُخبِرَ أنَّ الطَّاعونَ فيها
…
، ثم ذَكَر الحديث، كما تقدَّم.
ثم قال الحاكم: هذا صحيح.
قال شيخنا الحافظ أبو عبد الله الذَّهبي (2): بل موضوع، فإنَّ إسحاق بن إبراهيم: كذَّبه محمد بن عوف، وغيره.
(1)(3/ 88 - 89).
(2)
في «تلخيص المستدرك» (3/ 89).