المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌حديث في التواضع - مسند الفاروق لابن كثير ت إمام - جـ ٣

[ابن كثير]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الجامع

- ‌ما ورد في العلم عنه رضي الله عنه

- ‌ ما ورد عنه في الإيمان

- ‌حديث آخر في القَدَر أيضًا

- ‌حديث آخر في التَّوكل

- ‌حديث فيه أثر عن عمر في القَدَر أيضًا

- ‌حديث يُذكر في تفاضل الإيمان

- ‌حديث في تضعيف ثواب توحيد الله وذِكره

- ‌حديث في التواضع

- ‌حديث آخر في كراهية كثرة المال

- ‌أحاديث في الأدب

- ‌أحاديث في الملاحم

- ‌حديث في ذِكر الخوارج

- ‌حديث في ذِكر الوليد

- ‌أحاديث المعجزات والمناقب والفضائل، وهي مرتَّبة على أسماء الأعيان، ثم القبائل، ثم البلدان

- ‌ومن فضل الصِّديق

- ‌حديث آخر في فضل الصِّديق، وفيه شَرَف عظيم لعمر رضي الله عنهما

- ‌حديث في فضل عليٍّ رضي الله عنه

- ‌حديث آخر في فضل طلحة بن عبيد الله التَّيمي رضي الله عنه

- ‌حديث في فضل ابن مسعود وعمَّار رضي الله عنهما

- ‌حديث في فضل مصعب بن عُمَير العَبدَري الذي قُتِلَ يوم أُحُد بين يَدَي النبيِّ صلى الله عليه وسلم حمايةً عنه رضي الله عنه وأرضاه

- ‌أثر في فضل رأي عبد الله بن عباس وأبيه رضي الله عنهما

- ‌حديث في فضل الحسن والحسين سِبطَي رسول الله صلى الله عليه وسلم وريحانتيه، وسيِّدَي شباب أهل الجنَّة رضي الله عنهما

- ‌أثر في فضل جَرير بن عبد الله البَجَلي رضي الله عنه وأرضاه

- ‌حديث في فضل زينب بنت جحش أُمِّ المؤمنين

- ‌أثر في فضل غُضَيف بن الحارث الكندي

- ‌حديث في فضل أُويس بن عامر القَرَني أحد التابعين رحمه الله

- ‌أثر فيه فضيلة لأبي مسلم الخَوْلاني رحمه الله

- ‌أثر آخر عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه فيه ذِكر أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز رحمه الله ومدحه والثَّناء عليه

- ‌ أحاديث في فضل القبائل والبقاع

- ‌حديث آخر في فضل عنَزَة

- ‌حديث في ذِكر بني بكر

- ‌حديث في فضل عُمَان

- ‌حديث في فضل الشَّام

- ‌حديث فضل حمص

- ‌حديث في فضل عسقلان

- ‌الملاحق والفهارس

- ‌نقد الطبعة السابقة للكتاب

- ‌الاستدراك الأول: إسقاطه لعشرات النصوص:

- ‌الاستدراك الثاني: التصرف في النص بالزيادة والنقصان

- ‌الاستدراك الثالث: التحريف والتصحيف في أسماء الرجال، ومتون الأحاديث

- ‌الاستدراك الرابع: إسقاطه لجميع تعليقات الحافظ ابن حجر

- ‌الاستدراك الخامس: إتيانه بنص لا وجود لها في النسخة الخطية

- ‌وأخيرًا: وقفة مع حواشي الدكتور قلعجي:

- ‌فهرس الفوائد

- ‌السقط:

- ‌التصحيفات:

- ‌التحريفات:

- ‌الاختلافات:

- ‌الاستدراكات:

- ‌التعقبات:

- ‌فهرس مصادر التحقيق

- ‌المصادر المخطوطة:

- ‌المصادر المطبوعة:

الفصل: ‌حديث في التواضع

‌حديث في التواضع

(921)

قال الإمام أحمد (1): ثنا يزيد، ثنا عاصم بن محمد، عن أبيه، عن ابن عمرَ، عن عمرَ بن الخطاب رضي الله عنه -قال: لا أَعلم إلا رَفَعه- قال: «يقول الله تعالى: مَن تواضعَ لِي هكذا -وجعل يزيد باطن كفِّه إلى الأرض، وأدناها إلى الأرض- / (ق 369) رَفَعتُهُ هكذا» ، وجعل باطنَ كفِّه إلى السماء، ورفعَها نحو السماءِ.

وهكذا رواه عَبد بن حميد (2) عن يزيد بن هارون.

ورواه أبو يعلى (3) عن القَوَاريري.

والهيثم بن كُلَيب في «مسنده» (4) عن ابن المنادي.

كلاهما عن يزيد بن هارون، به.

ورواه أبو القاسم الطَّبراني (5) عن عبد الله بن محمد مُرَّة أبي الطَّاهر البصري -وهو خَتَن محمد بن المثنَّى- (6) عن محمد بن المثنَّى، عن يزيد بن هارون، به.

(1) في «مسنده» (1/ 44 رقم 309).

(2)

لم أجده في المطبوع من «المنتخب من مسنده» ، ولعل صواب العبارة:«وهكذا رواه أحمد بن منيع» . انظر: «المختارة» للضياء (1/ 317).

(3)

في «مسنده» (1/ 167 - 168 رقم 187).

(4)

ليس في القسم المطبوع من «مسنده» ، ومن طريقه: أخرجه الضياء في «المختارة» (1/ 316 - 317 رقم 210).

(5)

في «المعجم الصغير» (1/ 231).

(6)

قوله: «وهو خَتَن محمد بن المثنى» تحرَّف في المطبوع إلى: «حدثنا الحسن بن المثنى» ! وكذا وقع محرَّفًا في النسخة المحققة من «المعجم الصغير» (1/ 385 رقم 645)!

ص: 43

وهو إسناد جيد، ولم يخرِّجه أحدٌ من أصحاب السُّنن، وإنما اختاره الضياء في كتابه (1).

وقد روي من طريق أخرى بنحوه موقوفًا:

(922)

كما قال الإمام أبو بكر ابن الأنباري (2): ثنا إبراهيم بن إسحاق الحربي، ثنا محمد بن الصبَّاح، ثنا سفيان، عن ابن عَجْلان، عن بُكَير بن عبد الله بن الأشجِّ، عن معمر بن أبي حبيبة، عن عبد الله (3) بن عدي بن الخِيَار قال: سَمِعتُ عمرَ بن الخطاب يقول: إنَّ العبدَ إذا تواضع لله رَفَعَ اللهُ حَكَمتَه، وقال له: انتَعِشْ نَعَشَكَ اللهُ، فهو في نَفْسِهِ صغيرٌ (4)، وفي أعين الناسِ عظيمٌ (5)، وإذا تكبَّر وَعَتا وَهَصَه اللهُ إلى الأرض، وقال: اِخْسَأْ خَسَأَكَ اللهُ، فهو في نَفْسِهِ عظيمٌ (6)، وفي أعينِ الناسِ حقيرٌ، حتى يكون عندَهم أحقرَ من الخنزير.

قال ابن الأنباري: قال اللُّغويون: اِخْسَأْ، تفسيره: ابعد. ووَهَصَه، معناه: كَسَرَه.

وهكذا رواه الإمام أبو عبيد في كتاب «الغريب» (7)

عن ابن مهدي، عن سفيان بن عيينة، عن محمد بن عَجْلان، به. وفسَّره بما تقدَّم أيضًا.

(1)«المختارة» (1/ 317،316 رقم 211،209).

(2)

في «الزاهر في معاني كلمات الناس» (1/ 396).

(3)

كذا ورد بالأصل، ومطبوع «الزاهر» ، وصوابه:«عبيد الله» ، كما في مصادر التخريج الآتية، وكُتُب الرجال.

(4)

كذا ورد بالأصل. وفي المطبوع: «حقير» .

(5)

كذا ورد بالأصل. وفي المطبوع: «كبير» .

(6)

كذا ورد بالأصل. وفي المطبوع: «كبير» .

(7)

(4/ 253).

وأخرجه -أيضًا- ابن أبي شيبة (7/ 115 رقم 34450) في الزهد، باب في كلام عمر، وعمر بن شبَّة في «تاريخ المدينة» (2/ 750) والبيهقي في «المدخل إلى السُّنن الكبرى» (ص 358 رقم 601) من طريق سفيان. وابن حبان في «روضة العقلاء» (ص 59 - 60) من طريق الليث. كلاهما (سفيان، والليث) ابن عَجْلان، به.

وصحَّح إسنادَه الحافظ في «الأمالي المطلقة» (ص 88).

وروي مرفوعًا، ولا يصح، أخرجه الطبراني في «الأوسط» (8/ 172 رقم 8307) -ومن طريقه: أبو نعيم في «الحلية» (7/ 129) والخطيب في «تاريخه» (2/ 110) - والقضاعي في "مسند الشهاب"(1/ 219 - 220 رقم 335) من طريق سعيد بن سلَاّم العطار، ثنا سفيان الثوري، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن عابس بن ربيعة قال: قال عمرُ بن الخطاب على المنبر: أيها الناسُ، تواضعوا، فإني سَمِعتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقول:«مَن تواضع لله رَفَعَهُ، وقال: انتَعِشْ نَعَشَكَ اللهُ، فهو في أعين الناسِ عظيمٌ، وفي نَفْسِهِ صغيرٌ، ومَن تكبَّر قَصَمَهُ اللهُ، وقال: اِخْسَأْ، فهو في أعين الناسِ صغيرٌ، وفي نَفْسِهِ كبيرٌ» .

قال الطبراني: لم يرو هذا الحديث عن الأعمش إلا الثوري، تفرَّد به سعيد بن سلَاّم.

وقال أبو نعيم والخطيب: غريب من حديث الثوري، تفرَّد به سعيد بن سلَاّم.

قلت: سعيد بن سلَاّم كذَّبه أحمد وابن نُمَير. وقال البخاري: يُذكر بوضع الحديث. وقال أبو حاتم: منكر الحديث جدًّا. انظر: «الجرح والتعديل» (4/ 31 - 32 رقم 131) و «الميزان» (2/ 141 رقم 3195).

ص: 44

حديث (1) في الزُّهد في الدُّنيا والصَّبر على ضيق العيش

(923)

قال الإمام أحمد (2): ثنا محمد بن جعفر وحجَّاج، قالا: ثنا شعبة، عن / (ق 370) سمَاك بن حرب: سَمِعتُ النعمانَ بن بشير يخطبُ

(1) كَتَب المؤلِّف فوقها: «أحاديث» ، ولم يضرب على ما تحتها.

(2)

في «مسنده» (1/ 50 رقم 353).

ص: 45

قال: ذَكَر عمرُ ما أصاب الناسُ من الدُّنيا، فقال: لقد رأيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يظلُّ اليوم يَلْتَوي، لا يجدُ دَقَلاً (1) يملأُ بطنَه.

ورواه مسلم في آخر الكتاب (2) عن أبي موسى محمد بن المثنىَّ وبُندَار. كلاهما عند غُندَر، عن شعبة، به.

وابن ماجه في الزُّهد (3) عن نصر بن علي، عن بِشر بن عمر، عن شعبة، نحوه، وزاد: يَلْتَوي من الجوع.

ورواه علي ابن المديني عن غُندَر، عن شعبة، به، ولفظه: وقد رأيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يَربطُ الحَجَرَ على بطنه من الجوع، ما يَجدُ ما يُشبِعُهُ من الدَّقَل.

ورواه مسلم -أيضًا- (4) والترمذي (5)

من وجه آخر عن سمَاك، عن النعمان، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، كما سيأتي (6) في مسنده، إن شاء الله.

(1) الدَّقَل: ردئُ التَّمر. «النهاية» (2/ 127).

(2)

(4/ 2285 رقم 2978) في الزهد والرقائق.

(3)

من «سننه» (2/ 1388 رقم 4146) باب معيشة آل محمد صلى الله عليه وسلم.

(4)

في «صحيحه» (4/ 2284 رقم 2977) في الموضع السابق.

(5)

في «سننه» (4/ 506 رقم 2372) في الزهد، باب ما جاء في معيشة أصحاب النبيِّ صلى الله عليه وسلم، من طريق أبي الأحوص، عن سمَاك، به، وقال: روى أبو عَوَانة وغير واحد عن سمَاك بن حرب، نحو حديث أبي الأحوص، وروى شعبة هذا الحديث عن سمَاك، عن النعمان بن بشير، عن عمرَ.

قلت: يشير الترمذي إلى اختلاف أصحاب سمَاك في روايتهم لهذا الحديث، وهل هو من مسند عمر أو النعمان؟ والراجح صحَّة الوجهين جميعًا، وهو ما رجَّحه الإمام أبو حاتم الرازي، كما في «العلل» لابنه (2/ 106 رقم 1811)، ويدلُّ عليه صنيع الإمام مسلم بإخراجه الحديثين في «صحيحه» .

(6)

انظر: «جامع المسانيد والسُّنن» (8/ 284، 285 رقم 10393، 10394).

ص: 46

حديث آخر في معناه

(924)

قال عَبد بن حميد (1): حدثنا محمد بن بِشر، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن أخيه، عن مصعب بن سعد قال: قالت حفصة لأبيها: قد أوسَعَ اللهُ في الرِّزق، فلو أنَّك أكلتَ طعامًا ألينَ من طعامِكَ، ولبستَ ثوبًا ألينَ من ثوبِكَ. قال: سأُخاصِمُكِ إلى نَفْسكِ، فجعل يُذكِّرها ما كان فيه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، وما كانت فيه من الجَهد حتى أبكاها. وقال: قد قلتُ لكِ: إنَّه كان لي صاحبان سَلَكا طريقًا، وإنِّي إنْ سلكتُ غيرَ طريقهما، سُلِكَ بي غيرُ طريقهما، وإنِّي واللهِ لأُشاركنَّهما في مثلِ عيشِهِما، لعلي أن أُدركَ معهما عيشَهُما الرَّخيّ.

ورواه النسائي (2) في / (ق 371) الرَّقائق عن سُوَيد بن نصر، عن عبد الله بن المبارك (3)، عن إسماعيل بن أبي خالد، به.

ورواه الإمام علي ابن المديني عن محمد بن بِشر، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن أخيه النعمان، عن مصعب بن سعد، عن حفصة، به.

ثم قال: وهذا عندنا مرسل، لأنَّ مصعب بن سعد لم يلق حفصة، فانقطع من ههنا (4).

(1) في «المنتخب من مسنده» (1/ 69 رقم 25).

(2)

في «سننه الكبرى» ، كما في «تحفة الأشراف» (8/ 108 رقم 10645).

(3)

وهو في «الزهد» له (ص 201 رقم 574).

(4)

وقال الحافظ في «المطالب العالية» (3/ 360): فإن كان مصعب سَمِعَه من حفصة رضي الله عنها فهو صحيح، وإلا فهو مرسل صحيح الإسناد.

وخالف الحاكم، فقال في «المستدرك» (1/ 123): هذا حديث صحيح على شرطهما؛ فإنَّ مصعب بن سعد كان يَدخل على أزواج النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وهو من كبار التابعين، ومن أولاد الصحابة (!)

وتعقَّبه الذهبي، فقال: فيه انقطاع.

ص: 47

وقد رواه الإمام أحمد -أيضًا- (1)

عن يزيد بن هارون، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن مصعب بن سعد، عن حفصة، به.

قال الدارقطني (2): وكذا رواه أبو أسامة (3) عن إسماعيل، عن مصعب بن سعد، لم يَذكرا أخاه النعمان.

قال: وقول عبد الله بن المبارك ومحمد بن بِشر أولى بالصَّواب، والله أعلم.

وقد اختار هذا الحديثَ الضياء في كتابه (4).

ورواه معمر (5) عن ابن طاوس، عن عكرمة بن خالد: أنَّ حفصةَ وابنَ مطيع وابنَ عمرَ كلَّموا عمرَ في ذلك، فذَكَر ما تقدَّم.

طريق أخرى

(925)

قال إسماعيل القاضي: ثنا سليمان بن حرب، ثنا حماد بن زيد، عن غالب، عن الحسن: أنَّ ناسًا كلَّموا حفصةَ، فقال لها: لو كلَّمتِ أباكِ في أن يليِّن من عيشه، فجاءته، فقالت: يا أَبَتاه، ويا أَبَتاه، ويا أميرَ المؤمنين، إنَّ ناسًا من قومكَ كلَّموني في أن أكلِّمكَ في أن تليِّن من عيشك. فقال: يا بنيَّة، غَشَشتِ أباكِ، ونَصَحتِ لقومكِ (6).

(1) في «الزهد» (ص 183 رقم 658).

وأخرجه -أيضًا- عمر بن شبَّة في «تاريخ المدينة» (3/ 801) والبلاذُري في «أنساب الأشراف» (ص 179 - 180) من طريق يزيد بن هارون، به.

(2)

في «العلل» (2/ 139 رقم 162).

(3)

وروايته عند إسحاق بن راهويه في «مسنده» ، كما في «المطالب العالية» (3/ 359 رقم 3172).

(4)

«المختارة» (1/ 210 رقم 111).

(5)

في «جامعه» الملحق بـ «المصنَّف» (11/ 223 رقم 20381).

(6)

وأخرجه -أيضًا- ابن سعد (3/ 278) من طريق حماد، به.

ص: 48

وهذا منقطع.

ورواه ابن أبي الدُّنيا (1) عن عبد الله بن

(2)، عن أبيه: حدَّثني أبو مَعشر، عن محمد بن قيس قال: دخل ناسٌ على حفصة

، فذَكَر نحوه.

/ (ق 372) طريق أخرى

(926)

قال الحافظ أبو بكر الإسماعيلي: أخبرني عبد الله بن محمد بن مسلم، ثنا الرَّبيع بن سليمان، ثنا أسد بن موسى، ثنا بكر بن خُنَيس، عن ضِرار بن عمرو، عن ابن سيرين أو غيره، عن الأحنف: أنَّه سَمِعَ عمرَ يقول لحفصةَ: نَشَدتُكِ بالله، تعلمينَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم لَبِثَ في النبوَّة كذا وكذا سَنَة، ولم يَشبع هو وأهلُه من الطعام غَدوة إلا جَاعوا عشيَّةً

؟ وذَكَر تمام الحديث.

حديث آخر

(927)

قال الإمام مالك (3):

عن زيد بن أسلم، عن أبيه قال: قلتُ لعمرَ: إنَّ في الظَّهر (4) ناقةً عمياءَ، فقال عمرُ: نَدفعها إلى أهل بيتٍ

(1) في «الجوع» (ص 50 رقم 37).

(2)

في هذا الموضع بياض بالأصل بمقدار كلمة، وفي المطبوع من كتاب «الجوع»:«عبد الله بن يونس» .

(3)

في «الموطأ» (1/ 375) في الزكاة، باب جزية أهل الكتاب والمجوس.

ومن طريقه: أخرجه الشافعي في «الأم» (2/ 80) وأحمد في «الزهد» (ص 172 - 173 رقم 604) وابن زَنْجويه في «الأموال» (2/ 562 - 563 رقم 929) وأبو القاسم البغوي في «حديث مصعب الزبيري» (ص 69 - 70 رقم 60).

وإسناده صحيح.

(4)

الظَّهر: هي الإبل التي يُحمَل عليها وتُركَب. «النهاية» (3/ 166).

ص: 49

ينتفعون بها. قال: قلتُ: وكيف وهي عمياءُ؟ قال: يَقطُرُونها بالإبل. قال: قلتُ: كيف تأكلُ من الأرض؟ قال: أردتُم -واللهِ- أَكلَها (1). قال: وكانت له صحافٌ تسعٌ، فلا تكونُ طريفةٌ ولا فاكهةٌ إلا جعل منه لأزواج النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وآخرُ من يَبعثُ إليه حفصة، فإن كان نقصانٌ كان في حظِّها. قال: فنَحَر تلك الجزور، وبَعَث منها إلى أزواجِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، وصَنَع ما فَضَل، فدعا عليه المهاجرينَ والأنصارَ.

طريق أخرى

(928)

قال مُسدَّد بن مُسَرْهَد رحمه الله في «مسنده» (2): ثنا يحيى بن سعيد -يعني القطان- عن يحيى بن سعيد الأنصاري، عن سعيد بن المسيّب قال: كُسِرَ بعيرٌ من المال، فنَحَرَهُ عمرُ، ودعا عليه ناسًا من أصحابِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فقال له / (ق 373) العبَّاس رضي الله عنه: لو صَنَعتَ هذا كلَّ يوم لتَحَدَّثنا عندك. فقال: لا أعودُ لمثلِها، إنَّه مضى لي صاحبان سَلَكا طريقًا، وإنِّي إنْ عملتُ بغير عملهما؛ سُلِكَ بي طريقًا غيرُ طريقهما.

إسناده جيد.

(929)

ورواه الحافظ أبو بكر الإسماعيلي من حديث شعيب بن أبي حمزة، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس قال: كان

ص: 50

العبَّاس يحدِّث عن عمرَ: أنَّه انكَسَرت قَلوصٌ (1) من الصَّدقة، فأَمَر بها عمرُ، فنُحِرَت، ثم جُفِّنت للناس، فأكلوا منها. فقال العبَّاس: يا أميرَ المؤمنين، لو كنتَ تفعلُ بنا هذا كلَّ يوم

، فذَكَر نحو ما تقدَّم.

حديث آخر

(930)

قال عبد الله بن المبارك (2): ثنا إسماعيل بن عيَّاش، حدثني يحيى الطَّويل، عن نافع، عن ابن عمرَ قال: بَلَغ عمرُ أنَّ يزيدَ بن أبي سفيان يأكلُ ألوانَ الطعام، فقال: أولى له! وقال ليَرْفَأ: إذا عَلِمتَ أنَّه قد حَضَر عشاؤه فأَعلِمنِي. فأَعلَمَه، فأتاه، فجاء ثريدٌ ولحمٌ، فأكل عمرُ معه، ثم قرِّب شواءٌ، فكَفَّ عمر، فقال: عمَّه؟ فقال: اللهَ يا يزيد، طعامٌ بعد طعامٍ! والذي نفسي بيده، لئن خالفتُم سنَّتَه، لَيُخالفنَّ بكم عن طريقه.

يحيى الطَّويل: لا أعرفه (3)، وأظنُّ هذا كان لمَّا قَدِمَ عمرُ الشَّامَ، والله أعلم، فإنَّ يزيد بن أبي سفيان كان أحدَ أمراء الأجناد بالشَّام رضي الله عنه.

(1) القَلوص: النَّاقة الشَّابَّة، أو الباقية على السَّير. «القاموس» (ص 628 - مادة قلص).

(2)

في «الزهد والرقائق» (ص 203 رقم 578).

ومن طريقه: أخرجه عمر بن شبَّة في «تاريخ المدينة» (3/ 821).

وأخرجه -أيضًا- ابن أبي الدُّنيا في «إصلاح المال» (ص 317 - 318 رقم 367) من طريق أسد بن موسى، عن إسماعيل بن عياش، به.

(3)

ذَكَره ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (9/ 200 رقم 836) وابن حبان في «الثقات» (7/ 606) وقالا: روى عن نافع، روى عنه إسماعيل بن عيَّاش.

والحديث قال عنه ابن صاعد -راوية كتاب «الزهد» لابن المبارك-: هذا حديث غريب، ما جاء بهذا الإسناد أحدٌ إلا ابن المبارك.

وقال الحافظ في «الإصابة» (10/ 349): وإسماعيل ضعيف في غير أهل الشَّام.

ص: 51

حديث آخر

(931)

قال ابن أبي الدُّنيا (1): ثنا علي بن محمد، ثنا أسد بن موسى، ثنا حكيم بن / (ق 374) حِزَام (2)، عن محمد بن عبد الرحمن، عن القاسم، عن أبي أُمَامة قال: بينا نحن مع عمرَ، ومعنا الأشعث بن قيس، فأدرك عمرَ العَيَاءُ (3)، فقَعَد وقَعَد إلى جنبِهِ الأشعث، فأُتِيَ عمرُ بمِرجَلٍ (4) فيه لحمٌ، فجعل يأخذُ منه العَرْقَ (5) فيَنهَسُهُ، فيَنتضِحُ على الأشعث، فقال: يا أميرَ المؤمنين، لو أَمَرتَ بشيءٍ من سمنٍ فيُصَبُّ على هذا اللَّحم. فرَفَع عمرُ يدَه، فضَرَب بها في صدر الأشعث، وقال: أُدمَان في أدمٍ! كلا، إنِّي لقيتُ صاحِبَيَّ، وصَحِبتُهُما، فأخافُ أن أُخالِفَهُما، فيُخالَفُ بي عنهما فلا أنزل حيثُ نزلا.

في إسناده ضعف (6).

حديث آخر

(932)

قال ابن ماجه (7):

ثنا أبو كُرَيب، ثنا يحيى بن عبد الرحمن الأزجي، ثنا يونس بن أبي يَعْفور، عن أبيه، عن ابن عمرَ قال: دَخَل عليه

(1) في «إصلاح المال» (ص 318 رقم 368).

(2)

كذا ورد بالأصل، ومطبوع «إصلاح المال» ، وضبَّب عليه المؤلِّف، وكَتَب فوقه:«لعلَّه خِذَام» ، وهذا الذي استظهره، هو الصواب الموافق لما في كُتُب الرجال.

(3)

قوله: «العياء» تحرَّف في المطبوع إلى: «الأغنياء» !

(4)

المِرْجل: الإناء الذي يُغلى فيه الماء. «النهاية» (4/ 315).

(5)

العَرْقُ: بسكون الراء: العظم إذا أُخِذَ عنه معظم اللَّحم. «النهاية» (3/ 220).

(6)

في إسناده: حكيم بن خِذَام، قال عنه أبو حاتم: متروك الحديث. وقال السَّاجي: يحدِّث بأحاديث بواطيل. انظر: «لسان الميزان» (2/ 643).

(7)

في «سننه» (2/ 1115 رقم 3361) في الأطعمة، باب الجمع بين اللحم والسمن.

وقال البوصيري في «مصباح الزجاجة» (4/ 34): هذا إسناد حسن، يحيى بن عبد الرحمن ويونس بن أبي يَعْفور مختَلَف فيهما، واسم أبي يَعْفور: عبد الرحمن بن عبيد.

قلت: يونس بن أبي يَعْفور: صدوق، يخطئ كثيرًا، كما قال الحافظ في «التقريب» ، والأثر ضعَّفه الشيخ الألباني في «ضعيف سنن ابن ماجه» (ص 275).

ص: 52

عمرُ وهو على مائدته، فأوسعَ له عن صدر المجلس، فقال: بسم الله، ثم ضَرَب بيده، فلَقِمَ لقمةً، ثم ثنَّي بالأخرى، ثم قال: إنِّي لأجدُ طعمَ دسمٍ ما هو بدسمِ اللَّحم. فقال عبد الله: يا أميرَ المؤمنين، إنِّي خَرَجتُ إلى السُّوق أطلبُ السَّمين لأشترِيَهُ، فوجدتُهُ غاليًا، فاشتريتُ بدرهم من المهزول، وحملتُ عليه بدرهمٍ سمنًا، فأردتُ أن يتردَّدَ عليه عيالي عظمًا عظمًا. فقال عمرُ رضي الله عنه: ما اجتمعا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم قطُّ إلا أكل أحدَهما وتصدَّق بالآخر. فقال عبد الله: عُد يا أميرَ المؤمنين، فلن يجتمعا عندي إلا فعلتُ ذلك. قال: ما كنتُ لأفعلَ.

تفرَّد به ابن ماجه.

/ (ق 375) أثر آخر

(933)

قال أبو عبد الله محمد بن عيسى بن الحسن بن إسحاق التَّميمي البغدادي المعروف بابن العلَاّف في «جزء من حديثه» (1):

حدثنا محمد بن غالب تَمتَام، ثنا إسحاق بن إسماعيل الطَّالْقاني، حدثنا

(1) وأخرجه -أيضًا- ابن المبارك في «الزهد والرقائق» (ص 222 رقم 630) عن ابن عيينة، عن منصور، عن مجاهد، عن عمرَ

، فذكره.

وأخرجه الحسين المروزي في زوائده على «الزهد» لابن المبارك (ص 354 رقم 997) وأحمد في «الزهد» (ص 174 رقم 610) -ومن طريقه: أبو نعيم في «الحلية» (1/ 50) - عن أبي معاوية، عن الأعمش، عن مجاهد، به.

وصحَّح إسنادَه الحافظ في «الفتح» (11/ 303)، وقال في «تغليق التعليق» (5/ 173): ورواه الحاكم في «المستدرك» من حديث منصور، عن مجاهد، عن ابن المسيّب، عن عمرَ!

قلت: لم أجده في المطبوع من «المستدرك» ، وهو منقطع كسابقه، على أن رواية الحاكم أوضحت وقوع اختلاف على منصور في روايته، إلا أن الحافظ لم يسق إسناد الحاكم بتمامه حتى نقف على موضع الخلاف.

وأخرجه أبو الحسن المدائني في «التعازي» (ص 89 رقم 136) عن ابن عيينة، عن مالك بن مِغول، عن عمرَ

، فذكره. وهذا معضل.

وقول عمر: علَّقه البخاري في «صحيحه» (11/ 303 - فتح) في الرقاق، باب الصبر عن محارم الله، بصيغة الجزم، فقال: وقال عمرُ: وَجَدنا خيرَ عيشنا بالصبر.

ص: 53

جرير، عن منصور، عن مجاهد (1) قال: قال عمرُ رضي الله عنه: وَجَدنا خيرَ عيشِنا في الصَّبر.

هذا أثر منقطع بين مجاهد وعمر، فإنه لم يُدرك أيامَه، والله أعلم (2).

(1) ضبَّب عليه المؤلِّف لانقطاعه بين مجاهد وعمر.

(2)

تنبيه: جاء بحاشية الأصل تقييد بخطِّ الحافظ ابن حجر، هذا نصُّه: هذا علَّقه البخاري [11/ 303] عن عمرَ، فذَكَرت في «تغليق التعليق» [5/ 172] مَن وَصَله، وهو في كتاب أشهر من هذا الجزء.

ص: 54