الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
/ (ق 353)
ما ورد عنه في الإيمان
(907)
قال الإمام أحمد (1): قرأتُ على يحيى بن سعيد: عثمان بن غياث، حدَّثني عبد الله بن بُرَيدة، عن يحيى بن يَعمَر وحميد بن الرحمن الحِمْيَري قالا: لَقِينا عبد الله بن عمرَ، فذَكَرنا القَدَر، وما يقولون فيه، فقال: إذا رَجَعتُم إليهم، فقولوا: إنَّ ابنَ عمر منكم برئٌ، وأنتم منه بُرَآءُ -ثلاث مرار-.
ثم قال: أخبرني عمرُ بن الخطاب رضي الله عنه أنهم بينما هم جلوسٌ -أو قُعودٌ- عند النبيِّ صلى الله عليه وسلم جاءه رجلٌ يمشي، حَسَنُ الوجه، حَسَنُ الشَّعر، عليه ثيابُ بياض، فنظر القومُ بعضُهم إلى بعض: ما نَعرِف هذا، وما هذا بصاحب سَفَر، ثم قال: يا رسولَ الله، آتيك؟ قال:«نعم» ، فجاء، فوضع رُكبَتَيهِ عند رُكبَتَيهِ، ويديه على فخذيه، فقال: ما الإسلام؟ قال: «شهادة أن لا إلهَ إلا الله، وأنَّ محمدًا رسولُ الله، وتقيمُ الصلاةَ، وتؤتي الزكاةَ، وتصومُ رمضان، وتحجُ البيت» .
قال: فما الإيمان؟ قال: «أن تؤمِنَ بالله، وملائكته، والجنَّة والنَّار، والبعث بعد الموت، والقَدَر كُلِّه» .
قال: فما الإحسان؟ قال: «أن تعمَلَ (2) كأنَّكَ تَرَاهُ، فإن لم تَكُن تَرَاهُ، فإنَّه يَرَاك» .
قال: فمتى السَّاعة؟ قال: «ما المسؤولُ عنها بأعلَمَ من السَّائلِ» .
(1) في «مسنده» (1/ 27 رقم 184).
(2)
زاد في المطبوع: «لله» ، وأشار محققو «مسند الإمام أحمد» (1/ 315 - ط مؤسسة الرسالة) إلى عدم ورودها في بعض النسخ.
قال: فما أشراطُها؟ قال: «إذا الحُفَاةُ العُرَاةُ العالَةُ رِعَاءُ الشَّاءِ تطاوَلُوا في البُنيانِ، وَوَلَدَتِ / (ق 354) الإمَاءُ أَربَابَهُنَّ (1)» .
قال: ثم قال: «عليَّ الرَّجُلَ» ، فطلبوه، فلم يَرَوا شيئًا.
فمَكَث يومين أو ثلاثة، ثم قال:«يا ابنَ الخطابِ، أتدري مَن السَّائلُ عن كذا وكذا؟» ، قال: الله ورسوله أعلم. قال: «ذاك جبريلُ، جاءكم يُعلِّمُكُم دِينَكُم» .
قال: وسأله رجلٌ من جُهَينة أو مُزَينة، فقال: يا رسولَ الله، فيم نعملُ؟ في شيءٍ قد خلا، أو في شيءٍ يُستَأنَفُ الآن؟ قال:«في شيءٍ قد خَلَا أو مضى» ، فقال رجل -أو بعض القوم-: يا رسولَ الله، فِيمَ نعملُ؟ قال:«أهلُ الجنَّةِ يُيَسَّرُون لعملِ أهلِ الجنَّةِ، وأهلُ النَّارِ يُيَسَّرُون لعملِ أهلِ النَّارِ» .
قال يحيى: هو هكذا.
ثم رواه أحمد -أيضًا- (2)، عن غُندَر ويزيد بن هارون.
كلاهما عن كَهْمس، عن ابن بُرَيدة، به.
وعن عبد الله بن يزيد، عن كَهْمس، عن عبد الله بن بُرَيدة، به.
وقال غُندَر في حديثه: فلَبِثَ مَليًّا.
وقال يزيد بن هارون وعبد الله بن يزيد: ثلاثًا.
وقال أحمد -أيضًا- (3): ثنا وكيع، ثنا كَهْمس، عن سليمان بن بُرَيدة،
(1) أي: سيِّداتهن. انظر: «النهاية» (2/ 179).
قال النووي في «شرح صحيح مسلم» (1/ 158): هو إخبار عن كثرة السَّراري وأولادهن.
(2)
(1/ 51 - 52 رقم 367، 368).
(3)
(1/ 28 رقم 191).
عن يحيى بن يَعمَر، عن ابن عمرَ، عن عمرَ: أنَّ جبريل قال للنبيِّ صلى الله عليه وسلم: ما الإيمان؟ قال: «أن تؤمِنَ باللهِ، وملائكتِهِ، وكُتُبِه، ورُسُلِهِ، واليومِ الآخرِ، وبالقَدَرِ خيرِهِ وشَرِّهِ» . فقال له جبريل: صَدَقتَ. قال: فعجبنا منه يسألُه ويصدِّقُه! قال: فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «ذاك جبريلُ، أتاكم يُعلِّمكم معالِمَ دينِكُم» .
وهكذا رواه -أيضًا- (1)، عن أبي نعيم، عن سفيان، عن علقمة بن مَرْثَد، عن / (ق 355) سليمان بن بُرَيدة، به، فقال فيه:«هذا جبريلُ، جاءكم يُعلِّمُكُم دِينَكُم، ما أتاني في صورةٍ إلا عَرَفتُهُ، غيرَ هذه الصورةِ» .
وكذا رواه -أيضًا- (2) عن أبي أحمد الزُّبيري، عن سفيان، بمعناه.
وقد روى هذا الحديثَ بطوله الإمام علي ابن المديني، عن يحيى بن سعيد القطَّان، عن عثمان بن غياث كما تقدَّم. وعن وكيع، عن كَهْمس، عن عبد الله بن بُرَيدة، به. وعن سليمان بن حرب، عن حماد بن زيد، عن مَطَر الورَّاق، عن عبد الله بن بُرَيدة، وقال: هو حديث صحيح.
قال عليّ: وعثمان بن غياث: ثقة، وكان رَوْح راويه عنه، وكان يزيد بن زُرَيع يقول: حدثني عثمان بن غياث، وكان مرجئًا (3)، وكان من خير المرجئة.
(1)(1/ 52 - 53 رقم 374).
(2)
(1/ 52 - 53 رقم 375).
(3)
المرجئة: فِرقة من الفرق الضالة، تزعم أنه لا يضر مع الإيمان معصية، كما لا ينفع مع الكفر طاعة. انظر:«الملل والنحل» للشهرستاني (ص 60).
وقد رواه مسلم بن الحجَّاج في «صحيحه» (1) منفردًا به عن البخاري (2)، فقال في أوَّل كتاب الإيمان منه: حدثني أبو خيثمة زُهَير بن حرب، ثنا وكيع، عن كَهْمس، عن عبد الله بن بُرَيدة، عن يحيى بن يَعمَر (ح) وحدثنا عبيد الله بن معاذ العَنْبري، وهذا حديثه: ثنا أبي، ثنا كَهْمس، عن ابن بُرَيدة، عن يحيى بن يَعمَر قال: كان أوَّلَ مَن قال في القَدَر بالبصرة مَعبَدٌ الجُهَني (3)، فانطلقتُ أنا وحميد بن عبد الرحمن الحِمْيَري حاجَّين أو مُعتَمِرَين، فقلنا: لو لقينا أحدًا من أصحابِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم فسألناه عمَّا يقول هؤلاء في القَدَر، فوُفِّقَ لنا عبد الله بن عمر بن الخطاب داخلاً المسجدَ، فاكتَنَفتُهُ أنا وصاحبي، / (ق 356) أحدُنا عن يمينه، والآخرُ عن شماله، فظننتُ أنَّ صاحبي سَيَكِلُ الكلامَ إليَّ، فقلت: أبا عبد الرحمن، إنَّه قد ظهر قِبَلَنا ناسٌ يقرأون القرآنَ، ويَتَقفَّرون العلمَ (4) -وذَكَر من شأنهم-، وأنهم يزعمون ألا قَدَرَ، وأنَّ الأمرَ أُنُفٌ (5). فقال: إذا لقيتَ أولئك، فأخبِرْهُم أنِّي بريءٌ منهم، وأنهم بُرَآءُ منَّي، والذي يَحِلفُ به عبد الله بن عمر، لو أنَّ لأحدهم مثلَ أُحُدٍ ذهبًا فأنفقَهُ، ما قَبِلَ اللهُ منه حتى يؤمنَ بالقَدَر.
(1)(1/ 36 رقم 8)(1).
(2)
قال الحافظ في «الفتح» (1/ 115): وإنما لم يخرِّجه البخاري للاختلاف فيه على بعض رواته.
(3)
مَعبَد الجُهَني: قال عنه الذهبي في «ميزان الاعتدال» (4/ 141 رقم 8646): تابعي، صدوق في نفسه، ولكنه سَنَّ سُنَّة سيِّئة، فكان أول مَن تكلم في القَدَر، ونهى الحسنُ الناسَ عن مجالسته، وقال: هو ضالٌّ مُضِلٌّ.
(4)
أي: يطلبونه ويتتبعونه. قاله النووي في «شرح صحيح مسلم» (1/ 155).
(5)
أي: مُستأنف، لم يَسبق به قَدَر ولا عِلم من الله تعالى، وإنما يعلمه بعد وقوعه. قاله النووي في «شرح صحيح مسلم» (1/ 156).
ثم قال: حدثني أبي عمرُ بنُ الخطابِ رضي الله عنه قال: بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ذاتَ يوم، إذ طلع علينا رجلٌ، شديدُ بياضِ الثيابِ، شديدُ سوادِ الشَّعرِ، لا يُرى عليه أثرُ السَّفر، ولا يَعرفُهُ منَّا أحدٌ، حتى جلس إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فأسنَدَ رُكبَتَيهِ إلى رُكبَتَيهِ، ووضع كفَّيه على فخذيه، وقال: يا محمدُ، أخبرني عن الإسلام؟ فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:«الإسلامُ: أن تشهدَ أن لا إلهَ إلا اللهُ، وأنَّ محمدًا رسولُ الله، وتقيمَ الصلاةَ، وتؤتِيَ الزكاةَ (1)، وتحجَّ البيتَ إن استطعتَ إليه سبيلا» . قال: صَدَقتَ. قال: فعجبنا له، يسألُه ويصدِّقُه.
قال: فأخبرني عن الإيمان؟ قال: «تؤمِنُ باللهِ، وملائكتِهِ، وكُتُبِه، ورُسُلِه، واليومِ الآخرِ، وتؤمِنُ بالقَدَرِ خيرِهِ وشَرِّهِ» . قال: صَدَقتَ.
قال: فأخبرني عن الإحسان؟ قال: «أن تعبدَ اللهَ كأنَّك تَرَاهُ، فإن لم تَكُن تَرَاهُ، فإنَّه يَرَاك» .
قال: فأخبرني / (ق 357) عن السَّاعة؟ قال: «ما المسؤولُ عنها بأعلَمَ من السَّائلِ» .
قال: فأخبرني عن أَمَارَتِها؟ قال: «أن تَلِدَ الأَمَةُ رَبَّتَها، وأن تَرى الحُفَاةَ العُرَاةَ، العالةَ، رعاءَ الشَّاءِ، يَتَطاوَلُون في البنيانِ» .
قال: ثم انطلق، فلبث مليًّا، ثم قال:«يا عمرُ، أتدري مَن الرَّجلُ؟» ، قلت: الله ورسوله أعلم. قال: «فإنَّه جبريلُ، أتاكم يُعلِّمُكُم دِينَكُم» .
ثم رواه مسلم (2)، وأهل السُّنن (3) من طرق أخر، عن عبد الله بن بُرَيدة، عن يحيى بن يَعمَر، به.
ورواه أبو داود الطيالسي في «مسنده» (4)، عن حماد بن زيد، عن مَطَر الورَّاق، عن عبد الله بن بُرَيدة، به، نحوه.
وقال فيه: فلم يَزَل يَدنو حتى كانت رُكبَتُهُ عند رُكبَةِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم.
ورواه مسلم -أيضًا- (5) من حديث معتمر بن سليمان، عن أبيه، عن يحيى بن يَعمَر، به.
(1) زاد في المطبوع: «وتصوم رمضان» .
(2)
(1/ 38 رقم 8)(2)(3).
(3)
أخرجه أبو داود (5/ 223 رقم 4695) في السُّنة، باب في القَدَر، والترمذي (5/ 8 رقم 2610) في الإيمان، باب ما جاء في وصف جبريل للنبيِّ صلى الله عليه وسلم الإيمان والإسلام، والنسائي (8/ 472 رقم 5005) في الإيمان، باب نعت الإسلام، وابن ماجه (1/ 24 رقم 63) في المقدمة، باب في الإيمان.
(4)
(1/ 24 رقم 21).
(5)
(1/ 38 رقم 8)(4).
ورواه أبو داود السَّجِستاني -أيضًا- (1) من حديث الثوري، عن علقمة بن مَرْثَد، عن سليمان بن بُرَيدة، عن يحيى بن يَعمَر، به، وزاد بعد قوله:«وصوم رمضان: وتغتسل من الجنابة» .
وفي «صحيح ابن حبان» (2)، والجوزقي (3)، و «سنن الدارقطني» (4) من حديث المعتمر بن سليمان، عن أبيه، عن يحيى بن يَعمَر، عن ابن عمرَ، عن أبيه
…
، فذَكَره، وزادوا بعد قوله:«وتحجَّ البيتَ» : «وتَعتَمِرَ، وتُتمَّ الوُضُوءَ» .
(1) في «سننه» (5/ 225 رقم 4696) في السُّنة، باب في القَدَر.
(2)
(1/ 397 رقم 173 - الإحسان).
(3)
هو: الإمام الحافظ المجوِّد البارع، أبو بكر محمد بن عبد الله بن محمد بن زكريا الشَّيباني الخراساني الجوزقي المعدّل، مفيد الجماعة بنيسابور، وصاحب «الصحيح المخرَّج على كتاب مسلم» ، و «المتَّفق الكبير» ، توفي سنة 338 هـ. انظر:«سير أعلام النبلاء» (16/ 493) و «تذكرة الحفَّاظ» (3/ 1013).
(4)
(2/ 282).
وصحَّحه الدارقطني، وهو قوي الإسناد (1).
وعند الحافظ أبي بكر البيهقي (2): ثم وَضَع يديه على رُكبَتَي النبيِّ صلى الله عليه وسلم.
وفي لفظ أبي داود والنسائي: فلبثتُ ثلاثًا.
وعند الترمذي وابن ماجه / (ق 358): فلَقِيني النبيُّ صلى الله عليه وسلم بعدَ ثلاثٍ، فقال:«يا عمرُ، أتدري مَن الرَّجلُ؟» . فقلت: الله ورسوله أعلم. قال: «هو جبريلُ، أتاكم يُعلِّمُكُم دِينَكُم» .
وزاد الدارقطني: «فخذوا عنه، فوالذي نفسي بيده ما شُبِّه عليَّ منذ أتاني قبل مرتي هذه، وما عرفتُهُ حتى ولَّى» .
وقال الترمذي بعد روايته الحديث: هذا حديث حسن صحيح.
قال: وقد روي هذا الحديث، عن ابن عمرَ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، والصحيح عن ابن عمرَ، عن عمرَ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم.
قلت: وقد استَقصيتُ جميع طرقه وألفاظه في أوَّل شرح البخاري رحمه الله، ولله الحمدُ والمنَّةُ.
حديث آخر
(908)
قال أحمد (3): ثنا محمد بن جعفر، ثنا شعبة. وحجَّاج قال: سَمِعتُ شعبة، عن عاصم بن عبيد الله، عن سالم، عن ابن عمرَ، عن
(1) لكن ذِكر العمرة شاذ، كما نبَّه على ذلك ابن عبد الهادي في «تنقيح التحقيق» (2/ 403).
وقال ابن حبان في «صحيحه» (1/ 399): تفرَّد سليمان التيمي بقوله: «خذوا عنه» ، وبقوله:«تعتمرُ، وتغتسلُ، وتُتمَّ الوُضوءَ» .
(2)
في «المدخل إلى السُّنن الكبرى» (ص 234 رقم 315).
(3)
في «مسنده» (1/ 29 رقم 196).
عمرَ: أنه قال للنبيِّ صلى الله عليه وسلم: أرأيتَ ما نعملُ فيه، أقد فُرِغَ منه، أو في شيءٍ مبتدإٍ، أو أمرٍ مبتَدَعٍ؟ قال:«فيما قد فُرِغَ» . فقال عمرُ: أَلَا نتَّكِلُ؟ فقال: «اعمَل يا ابنَ الخطابِ، فكُلٌّ مُيسَّرٌ، أمَّا مَن كان من أهلِ السَّعادةِ؛ فيَعمَلُ للسَّعادةِ، وأمَّا أهلُ الشَّقاءِ؛ فيَعمَلُ للشَّقاءِ» .
لم يخرِّجوه من هذا الوجه، وعاصم بن عبيد الله العُمَري تكلَّموا فيه.
وقد تقدَّم في التفسير (1) من رواية عبد الله بن زياد (2)، عن ابن عمرَ، عن عمرَ.
وذكره الضياء في «المختارة» (3).
(909)
ورواه الحافظ أبو بكر الإسماعيلي من حديث الزُّبيدي والأوزاعي ومحمد / (ق 359) بن مَيْسرة، عن الزهري، عن سعيد بن المسيّب، عن عمرَ بن الخطاب، به (4).
(1)(ص 420 رقم 838).
(2)
كذا ورد بالأصل. وهو خطأ، وصوابه:«عبد الله بن دينار» .
(3)
(1/ 304 - 305 رقم 195، 196).
(4)
وأخرجه -أيضًا- ابن وهب في «القدر» (ص 48 رقم 20) والفِريابي في «القدر» (ص 49 رقم 30) من طريق يونس بن يزيد. ومعمر في «جامعه» الملحق بـ «المصنَّف» (11/ 111 رقم 20063) وابن أبي عاصم في «السُّنة» (1/ 7 رقم 161) والفِريابي في «القدر» (ص 47 رقم 29) من طريق الزُّبيدي. جميعهم (يونس بن يزيد، ومعمر، والزُّبيدي) عن الزهري، عن سعيد بن المسيّب، عن عمرَ
…
، فذكره.
وهذا إسناد رجاله ثقات، علَّته الاختلاف في سماع سعيد من عمر.
وتابَعَهم الأوزاعي، واختُلف عليه، فأخرجه ابن أبي عاصم في «السُّنة» (1/ 71 رقم 162) عن بقيَّة. والدارقطني في «العلل» (2/ 92) عن يحيى القطَّان، تعليقًا. كلاهما (بقيَّة، ويحيى القطَّان) عن الأوزاعي، عن الزهري، به.
وخالَفَهما أنس بن عياض، فرواه عن الأوزاعي، عن الزهري، عن سعيد بن المسيّب، عن أبي هريرة: أنَّ عمرَ بن الخطاب! ومن هذا الوجه: أخرجه الفِريابي في «القدر» (ص 49 رقم 31) وابن أبي عاصم في «السُّنة» (1/ 72 رقم 165) وابن حبان (1/ 312 رقم 108 - الإحسان) والبزَّار (3/ 18 رقم 2137 - كشف الأستار).
وهذا الوجه خطأ، فقد قال البزَّار: رواه غير واحد عن الزهري، عن سعيد: أنَّ عمر قال
…
، لا نعلم أحدًا يُسندُهُ عن أبي هريرة، إلا أنس.
وانظر: «علل الدارقطني» (2/ 91 - 92 رقم 134).
وقد أخرج البخاري (3/ 225 رقم 1362 - فتح) في الجنائز، باب موعظة المحدِّث عند القبر، ومسلم (4/ 2039 رقم 2647) في القدر، باب كيفية خلق الآدمي في بطن أمه، من حديث علي رضي الله عنه قال: كنَّا في جنازة في بقيع الغَرْقَد، فأتانا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فقَعَد وقَعَدنا حولَه، ومعه مِخْصَرةٌ، فنَكَّس، فجعل يَنكُتُ بمِخْصَرتِهِ، ثم قال:«ما منكم من أحدٍ، ما من نفسٍ منفُوسةٍ إلا وقد كَتَب اللهُ مكانَها من الجنَّة والنَّار، وإلا وقد كُتِبَتْ شَقيةً أو سعيدةً» . قال: فقال رجلٌ: يا رسولَ الله، أفلا نَمكُثُ على كتابِنا، ونَدَعُ العملَ؟ فقال:«مَن كان مِن أهلِ السَّعادةِ، فسَيَصيرُ إلى عملِ أهلِ السعادةِ، ومَن كان من أهلِ الشَّقاوةِ، فسَيَصيرُ إلى عملِ أهلِ الشَّقاوةِ، اعملوا، فكُلٌّ مُيسَّرٌ، أمَّا أهلُ السَّعادة فيُيَسَّرون لعملِ أهلِ السَّعادةِ، وأمَّا أهلُ الشَّقاوة فيُيَسَّرون لعملِ أهلِ الشَّقاوةِ، ثم قرأ: {فأما من أعطى واتقى. وصدق بالحسنى. فسنيسره لليسرى. وأما من بخل واستغنى. وكذب بالحسنى. فسنيسره للعسرى}» .
حديث آخر
(910)
قال الحافظ أبو يعلى الموصلي (1): ثنا الحارث بن مِسكين المصري، ثنا عبد الله بن وهب (2)، أنا هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن عمرَ بن الخطاب، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: «قال موسى عليه السلام: ياربُّ، أَرِنا آدمَ، أَخرَجَنا ونَفْسَهُ من الجنَّةِ، فأَرَاهُ اللهُ آدمَ. قال: أنت آدمُ؟
(1) في «مسنده» (1/ 209 رقم 104).
(2)
وهو في كتاب «القدر» له (ص 33 رقم 3).
فقال له آدمُ: نعم. قال: أنت الذي نَفَخَ اللهُ فيك مِن رُوحِهِ، وأَسجَدَ لك ملائكتَهُ، وعلَّمَكَ الأسماءَ كُلَّها؟ قال: نعم. قال: فما حَمَلَكَ على أن أَخرَجتَنَا ونَفْسَكَ من الجنَّةِ؟ فقال له آدمُ: مَن أنت؟ قال: أنا موسى. قال: أنت موسى بني إسرائيل الذي كلَّمَكَ اللهُ من وراءِ حجابٍ، فلم يَجعل بينكَ وبينَه رسولاً من خلقِهِ؟ قال: نعم. قال: فَتَلُومُنِي على أمرٍ قد سَبَقَ مِن اللهِ القضاءُ قبلي؟!».
قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك: «فحجَّ آدمُ موسى، فحجَّ آدمُ موسى» .
ورواه أبو داود (1)، عن أحمد بن صالح، عن ابن وهب، بمعناه.
طريق أخرى
(911)
قال أبو يعلى (2): حدثنا محمد بن مثنَّى الزَّمِن، ثنا عبد الملك بن الصبَّاح المِسْمَعي، أنا عمران، عن الرُّدَيْني بن أبي مِجْلَز، عن يحيى بن يَعمَر، عن ابن عمرَ، عن عمرَ -قال أبو محمد: أكبر ظنِّي أنَّه رَفَعه- قال: «التقى آدمُ وموسى، قال موسى لآدمَ: أنت أبو الناسِ، أَسكَنَكَ اللهُ جنَّتَه، وأَسجَدَ / (ق 360) لك ملائكتَه. قال آدمُ لموسى: أما تَجدُهُ مكتوبًا؟ فحجَّ آدمُ موسى، فحجَّ آدمُ موسى» .
(1) في «سننه» (5/ 228 رقم 4702) في السُّنة، باب في القَدَر.
وأخرجه -أيضًا- أبو بكر النَّجاد في «الرد على من يقول: القرآن مخلوق» (ص 35 رقم 30) وابن منده في «الرد على الجهمية» (68 رقم 38).
وصحَّحه ابن منده، وابن عبد البر في «التمهيد» (18/ 12).
وحسَّن إسنادَه أبو العباس ابن تيميَّة في «مجموع الفتاوى» (8/ 304) والشيخ الألباني في «السلسلة الصحيحة» (4/ 278).
(2)
في «مسنده» (1/ 211 رقم 105).
غريب من هذ الوجه، رُدَيْني بن أبي مِجْلَز، -واسم أبي مِجْلَز: لاحِق بن حميد-، روى عن أبيه، ويحيى بن يَعمَر. وعنه عمران بن حُدَير هذا، والمنذر بن ثعلبة، وقُرَّة بن خالد. هكذا ترجمه ابن أبي حاتم (1) رحمه الله، وباقي رجاله ثقات أئمَّة.
طريق أخرى
(912)
قال الهيثم بن كُلَيب في «مسنده» (2): ثنا ابن المنادي، ثنا يونس بن محمد المؤدِّب، ثنا المعتمر بن سليمان، عن أبيه، عن يحيى بن يَعمَر قال: كان رجلٌ من جُهَينة فيه رَهَقٌ (3)، وكان يتوثر-وأظنُّه يتوثَّب على جيرانه-، ثم إنَّه قرأ القرآنَ، وفَرَض الفرائضَ، وقصَّ على الناس برأيه، وصار من أمره أنَّه زَعَم أنَّ الأمرَ أُنُفٌ، وأنَّه مَن شاء عمل خيرًا، ومَن شاء عمل شَرًّا، فذَكَر كلامًا، ثم قال: فلَقِينا ابنَ عمرَ
…
، فذَكَر كلامًا، ثم قال: لقد حدَّثني عمرُ، عن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم:«أنَّ موسى لَقِيَ آدمَ، فقال: يا آدمُ، أنت خَلَقكَ اللهُ بيدِهِ، وأسجدَ لك الملائكةَ، وأَسكَنَكَ الجنَّةَ، فواللهِ لولا ما فَعَلتَ ما دخلَ أحدٌ من ذُرِيَّتِكَ النَّارَ. قال: فقال: يا موسى، أنت الذي اصطفاكَ اللهُ برسالتِهِ وكلامِهِ، تَلُومُنِي فيمَا قد كان كُتِبَ عليَّ قبل أن أُخلَقَ؟! فاحتجَّا إلى اللهِ، فحجَّ آدمُ موسى» .
أورده الضياء في كتابه «المختارة» .
وقال الحافظ أبو بكر البَرْقاني: رواه مسلم. وليس في مسلم هذه الزيادة، وإنما / (ق 361) عنده أصل الحديث.
(1) في «الجرح والتعديل» (3/ 515 رقم 2329).
(2)
ليس في القسم المطبوع من «مسنده» ، ومن طريقه: أخرجه الضياء في «المختارة» (1/ 320 - 321 رقم 216).
(3)
الرَّهَق: السَّفَه وغشيان المحارم. «النهاية» (2/ 284).