الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
•
عبدُ اللهِ بنِ خضرِ بنِ عبدِ الرحمنِ الروميُّ الحريريُّ المعروفُ بالمُتَيَّمِ
(
…
-731) .
ذكره ابن عبد الهادي في ترجمة الشيخ، وقال:" هذه القصيدة نظم الشيخ عبد الله بن خضر بن عبد الرحمن الرومي الأصل الدمشقي الحريري المعروف بالمتيم يرثي الشيخ تقي الدين ابن تيمية وهو أحد أصحابه رضي الله عنه وأرضاه:
لقد عذبوا قلبي بنارِ المحبةِ
…
وذابَ فؤادي من فِراقِ الأحبةِ
وزادَ غرامي في اشتياقي إلى الحمى
…
وهيَّجَ بلبالي حنيني ولوعتي
فيا عظمَ أحزاني ووجدي عليهمو
…
ويا طولَ أشواقي إليهم ووحشتي
فلم أنسَ أيامًا تقضت بقربِهم
…
ومن عيشتي لما تولوا تولت
ملأت النواحي من نواحي وكيفَ لا
…
أنوحُ على قومٍ همو خيرُ جيرتي
ومن عجبي أنِّي أحنُّ إليهم
…
وقد سكنوا قلبي وروحي ومهجتي
ذكرتُ فلم أنسى زمانَ وصالِهم
…
أأنسى ليالٍ بالعُذَيبِ تَقْضَتِ
منازلُ أحبابي مواطنُ سادتي
…
مطالعُ أقماري شروقُ أهلتي
معاهدُ أفراحي ديارُ سعادتي
…
مواسمُ أرباحي أويقاتُ لذتي
مضت وانقضت عني كأنَّ لم أكن بها
…
وما ذاك إلا من ترادفِ غفلةِ
أعللُ روحي بالغويرِ وبانةٍ
…
وما شوقُها إلا لسكانِ رامةِ
إذا لم يلح لي بارقٌ من حماهمو
…
فيا خيبة المسعى ويا طولَ شقوتي
وإن لم أقض العمرَ بين خيامِهم
…
فلا عشت في الدنيا ولا نلتُ منيتي
وإن لم أشاهدْ حسنَهم في مشاهدي
…
فقد فاتني سؤلي ومتُّ بحسرتي
وإن لم أجد نورَ الهدى من خبائِهم
…
يضيءُ به قلبي فيا عظمَ حيرتي
لغير رضاهم ما تمنت مطامعي
…
ولا لسواهم ما حلالي تلفتي
يقولون لي: لم لا سلوت هواهمو
…
فقلت دعوني ما بليتم بمحنتي
ولا ذقتمو ما ذاق قلبي من الجوى
…
ولا مسكم ضُرِّي وناري وحرقتي
فهل لي جنانٌ أن يهم بغيرهم
…
وهل لي لسانٌ أن يفوه بسلوتي
وحاشاي أن أسلو هواهم وحبَّهم
…
يذكرُني حفظَ العهودِ القديمةِ
فهم سرُّ أسراري ونورُ مناظري
…
وروحي وريحاني وأنسى وبهجتي
وهم عينُ أعياني وقلبي وقالبي
…
وهم منتهى قصدي ومشهد رؤيتي
وهم في معاينهم حياتي حقيقةً
…
وهم في مغانيهم أهيلُ مودتي
وهم في تجليهم شموسُ إذا بدوا
…
وهم في تجنيهم رياضي ونزهتي
وهم أينما كانوا نهايةَ مقصدي
…
وهم أينما حلوا مرادي وبغيتي
وهم نورُ أنواري وسرُّ حقائقي
…
وهم أنسُ تأنيسي ومأمنُ خيفتي
ترى يشتفي قلبي برؤيتهم على
…
رياضِ الهنا يوماً وتبردُ غلتي
وتحيا بهم روحي حياةً هنيئةً
…
مسرمدةَ التنعيمِ في روضِ جنَّةِ
إذا سمحوا لي نظرةً من جمالِهم
…
فقد نلت من رضوانهم كلَّ وصلةِ
عليهم سلامُ اللهِ ما هبت الصَّبا
…
وما ناحت الأطيارُ شوقًا وحنَّتِ
وقد آن أن أبدي خفايا صبابتي
…
وأظهرَ للعذالِ أصلَ رزيتي
وأبكي على من كان يجمعُ شملَنا
…
على طاعةِ الرحمنِ في كلِّ لمحةِ
وأندبُ أحزاني بما قد أصابني
…
وأنثرُ اشجاني بنظمِ قصيدتي
فقدت إمامًا كان أوحدَ عصرِهِ
…
وقد فجعت فيه جميعُ البريةِ
فقدت إمامًا لم يزل متوكلا
…
على الله لا يصغي إلى غير سنَّةِ
فقدت إمامًا كان بالعلم عاملا
…
وكان حقيقًا قامعًا كلَّ بدعةِ
أتى بكتابِ اللهِ والسنَّةِ التي
…
علت وارتقت حقًا على كلِّ ملةِ
أتى بأحاديثِ الرسولِ وشرحِهَا
…
وعمن رواها بالمتونِ الصحيحةِ
أتى بعلومِ العالمينَ جميعِهَا
…
بزهدٍ وتأييدٍ ودينٍ وقوةِ
أتى بأصولِ الدينِ والفقهِ مجملا
…
وفصَّلها تفصيلَ من غيرِ شبهةِ
أتانا بأحوالِ الرسولِ حقيقةً
…
وسيرتِهِ تسمو على كلِّ سيرةِ
أتانا بأحوالِ الصحابةِ كلِّهم
…
والتابعينَ الملةِ المستقيمةِ
أتانا بأوصافِ الأئمةِ كلِّها
…
وصنَّف كتبًا في صفاتِ الأئمةِ
أتانا بوصفِ الصالحين وحالِهم
…
وما هم عليه من جميلِ العقيدةِ
وعلَّمنا شرعَ الرسولِ ودينَهُ
…
بأفصحِ ألفاظٍ وأصدقَ لهجةِ
وأعلمنا أن النجاةَ من الهوى
…
تمسكُنَا بالسُّنَّةِ النبويةِ
وحذرنا من كل زيغٍ وبدعةٍ
…
وعن كلِّ طاغٍ خارجٍ عن محجَّةِ
وناظرَ أربابَ العقائدِ كلَّهم
…
وبيَّن من قد ضلَّ من كلِّ فرقةِ
وردَّ على أهلِ الضلالِ جميعِهم
…
بأوضحِ برهانٍ وأبلغِ حجةِ
وبيَّن تكذيبَ اليهودِ وخبثَهم
…
وما بدَّلوا في الملةِ الموسويةِ
وأخبرهم عن سرِّ أسبابِ كفرِهم
…
فتعسًا لهم من أمةٍ غضبيَّةِ
وأظهر أيضًا للنصارى ضلالَهم
…
وما أحدثوا في الملةِ العيسويةِ
وباحثَهم حتى تبينَ أنهم
…
سكارى حيارى بالطباعِ الخبيثةِ
وردَّ على كتبِ الفلاسفةِ الأولى
…
بمنقولِ أحكامٍ ومعقولِ حكمةِ
وقرر إثباتَ النبواتِ عندهم
…
وجال عليهم كرةً بعدَ كرةِ
وردَّ على جهمٍ وجعدِ بنِ درهمٍ
…
وبشرِ المريس عمدةِ الجهميّةِ
زنادقةٌ كم أهلكوا من عوالمٍ
…
بسوءِ اعتقاداتِ النفوسِ السقيمةِ
وجادلَ أهلَ الاعتزالِ جميعَهم
…
وسلَّ عليهم سيفَه بالأدلةِ
يقولون: قولُ اللهِ من بعضِ خلقِهِ
…
لقد كبكبوا في قعرِ نارِ حميّةِ
وباحثَ أشياخَ الروافضِ وانثنى
…
يقاتلُهم بالدِّرةِ العُمَرِيَّةِ
لأنهمو عادوا خواصَ محمدٍ
…
وسبّوا فهم في الأصلِ شرُّ الخليقةِ
بغوا وافتروا جهلًا فهم أنجسُ الورى
…
وأكذبُ خلقِ اللهِ من كلِّ فرقةِ
وهم خصماءُ الله تبًّا لدينِهم
…
وبعدًا لهم من عصبةٍ ثنويةٍ
فكم أحدثوا في ديننا من ضلالةٍ
…
فلا مرحبًا بالفرقةِ القَدَرِيَّةِ
وردَّ على قومٍ تربت نفوسُهُم
…
على النفيِ والتعطيلِ من غيرِ حجةِ
وردَّ على قومٍ وشتَّت شملَهم
…
وهم أهلُ تشبيهٍ أتوا بكبيرةِ
وردَّ على أهلِ التناسخِ عندما
…
تجروا وخاضوا في أمورٍ عظيمةِ
ومزَّقهم في كلِّ وادٍ لأنَّهم
…
يقولون لا شيءٌ سوى البرزخيةِ
وقد أنكروا أمرَ المعادِ بقولِهم
…
نفوسٌ نأت عنا وفي الغيرِ حلَّتِ
وجاهدَ أهلَ الاتحادِ وردَّهم
…
إلى أشرفِ المسرى وأهدى طريقةِ
وأنقذَهم من ظلمةِ الجهلِ والعَمَى
…
بنورٍ وبرهانٍ ودينِ النصيحةِ
وردَّ على أهلِ الحُلولِ فإنَّهم
…
يرون تجلي الحقِّ في كلِّ صورةِ
وقد زعموا أن التجلي مظاهرٌ
…
ولا سيما في صورةٍ أمرديةِ
فمن أجل هذا يرقصون ديانةً
…
وفي رقصِهم جاءوا بكلِّ قبيحةِ
يرون شهود المردِ والرقصَ قربةً
…
فيا ويلَهم من خزي يومَ الفضيحةِ
وردَّ على أتباعِ إبليسَ عندما
…
رآهم وقد مالوا إلى الجبريةِ
وكم قد طوى في علمِهِ من طوائفٍ
…
حروريةٍ منهم على حَشَويَّةِ
مطايا بنياتِ الطريقِ سرت بهم
…
إلى أن أناخوا في عراصِ القطيعةِ
وفي بحر آراء العقائدِ أغرقوا
…
رمتهم خيالاتُ العقولِ السخيفةِ
وكم قد أراهم كلَّهم سبلَ الهدى
…
وكم قد نهاهم مرةً بعدَ مرةِ
فمن كان قطبَ الكونِ في حالِ عصرِهِ
…
سواه ومن قد فاز بالبدليةِ
شجاعٌ همامٌ بارعٌ في صفاتِهِ
…
يرومُ مرامًا في المراقي العليةِ
تزهَّدَ في كلِّ الوجودِ وغيرِهِ
…
يدورُ على الدنيا بنفسٍ دنيةِ
يجود على المسكينِ في حالٍ عسرِهِ
…
بأطمارِهِ في حبِّ باري البريّةِ
ويلقى لمن يلقاه بالبشرِ والرضا
…
بأوصافِهِ الحسنى ونفسٍ زكيةِ
ويدعو لمن قد نال من ثلم عرضِهِ
…
ولم ينتقم ممن أتى بالأذيةِ
يسارعُ في الخيراتِ سرًّا وجهرةً
…
ويلهو عن اللذاتِ في كلِّ طرفةِ
يجاهدُ في اللهِ الكريمِ بجهدِهِ
…
بصدقٍ وإخلاصٍ وعزمٍ ونيةِ
ويأمرُ بالمعروفِ حبًّا لربِّهِ
…
وينهى عن الفحشاءِ نهيًا بهمةِ
تقيٌّ نقيٌّ طاهرُ الذيلِ مذ نشا
…
كريمُ السجايا ذو صفاتٍ حميدةِ
أليس الذي قد شاع في الكون ذكرُهُ
…
وعمَّ البرايا بالفتاوى العظيمةِ
فمن كان تاجَ العارفين لوقتنا
…
وشيخَ الهدى قل لي بغير حميةِ
هو الحبرُ والقطبُ الذي شاع ذكره
…
وفاح شذاه كالعبيرِ المفتَّتِ
إذا ما ذكرنا حالَهُ وصفاتِهِ
…
كأنَّا حللنا في نعيمٍ وروضةِ
تهنأ أبا العباس بالقربِ والرِّضا
…
لقد نلت ما ترجو بكل مسرةِ
ألا يا تقيَّ الدينِ يا فردَ عصرِهِ
…
بروقك قد لاحت كشمسٍ مضيئةِ
وبانت لكلِّ الناسِ أوصافُك التي
…
برزت بها مثلَ العيونِ الغزيرةِ
ظهرت بأنواعِ العلومِ وجنسِها
…
وسارت بها الركبان في كلِّ بلدةِ
فأظهرتَ ما قد كان للناسِ خافيا
…
بكلِّ معانٍ والفنونِ الغريبةِ
وأوضحت إشكالًا وبينت مبهما
…
وأبديت أسرارًا بنفسٍ عليمةِ
وكم غصت في بحرِ المعارفِ غوصةً
…
ولججت فاستخرجت كلَّ يتيمةِ
ظهرت بإحسانٍ وحسنِ سماحةٍ
…
ودينٍ وتوحيدٍ وكلِّ فضيلةِ
خرجت من السجنِ الذي كان ضيقا
…
إلى دارِ فوزٍ في رياضٍ فسيحةِ
وقد نلت من مولاك ما كنت راجيا
…
وأشهدك المعنى بعينٍ قريرةِ
حملت على النعشِ الذي كان تحته
…
مئين ألوفًا في بكاءٍ وضجةِ
وصلى عليك الحاضرون جميعهم
…
بحسن اعتقاد فيك يا شيخ قدوة
وأما النساءُ المؤمنات فإنهن
…
خرجن حيارى فوجةً بعد فوجةِ
ومعهن أبكارٌ تحجبن بالتقى
…
ينحن بأكبادٍ عليك حزينةِ
صبرت على الأحكامِ طوعًا وطاعةً
…
وذقت من الآلامِ طعمَ البليّةِ
وكنت حمولًا للنوائب كلِّها
…
صبورًا على الأقدارِ في دارِ غربةِ
وأوسعت صدرًا للمقاديرِ عندما
…
شهدت جمالَ الحبِّ في كلِّ خلوةِ
ولاحت لك الأنوارُ بالمشهد الذي
…
تطوفُ به الأنوارُ في روضِ جنّةِ
وعاينت موجودًا تعالت صفاتُه
…
وشاهدت محبوبًا بعينِ البصيرةِ
فلا أوحش الرحمنُ منك ولا خلت
…
ربوعُك من تلك العلومِ الجليلةِ
ولا أقفرت منك الطلولُ ولا نأت
…
ديارُك من تلك الصفاتِ الجميلةِ
ولا سكنت يومَ الوداعِ دموعُنا
…
ولااكتحلت فيك الجفونُ بغمضةِ
ولا احتجبت أسماعنا عنك ساعةً
…
ولا أيست منك العيونُ بنضرةِ
لقد كنت روحًا للقلوبِ وراحةً
…
وقوتًا وأنسًا للنفوسِ النفيسةِ
تمسكت بالدين الحنيفيِّ والهدى
…
وبالعروةِ الوثقى وأصلِ الشريعةِ
ظهرت إلى الدنيا بأحسنِ مظهرٍ
…
ورحت إلى الأخرى بأكملِ روحةِ
وودعتنا توديعَ من غيرِ راجعٍ
…
وفارقتنا والدارُ غيرُ بعيدةِ
شربت بكأسِ العارفين مدامةً
…
حقيقُتها من سرِّ عينِ الحقيقةِ
وجدتَ بكأسِ الفضلِ منك تكرما
…
على تابعين السنةِ الأحمديةِ
فسبحانَ من أعطاك من فضلِ جودِهِ
…
لقد نلتَ قربًا لا ينالُ بحيلةِ
لقد عشت محبوبًا ومتَّ مكرما
…
عليك من الرحمنِ أزكى تحيني
وما برحت تعلوك أنوارُ أنسِهِ
…
وما زلت في عزٍّ وقربٍ ورفعةِ
ومأواك جناتُ النعيمِ مع الذي
…
تفرد من بين الورى بالوسيلةِ
نبي الهدى خيرُ الورى صاحبُ اللوا
…
شفيعٌ على الإطلاقِ في كلِّ أمةِ
عليه صلاةُ الحقِّ ثم سلامُه
…
على عددِ الأنفاسِ في كلِّ طرفةِ
وبعد فللهِ المحامدُ كلُّها
…
على ما أرانا من وضوحِ المحجةِ
وها أنا يا ربِّي عبيدٌ متيّمٌ
…
عساك ترى حالي وتغفرُ زلتي
تمت وعدتها مائة وسبعة وعشرون بيتا والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.
وله -أيضًا- رحمه الله يرثي شيخ الإسلام ابن تيمية مرة أخرى:
لله عيشًا تقضّى بالثنياتِ
…
مع جيرةٍ لذّ لي فيهم صباباتي
ما كان أهنا زماني في ربوعهمو
…
والسعدُ يسعى بما فيها إراداتي
والكأسُ تجلى بأنواعِ السرورِ وفي
…
قربَ الأحبةِ تبدو لي سعاداتي
إذا تجلوا على قلبي بحسبهم
…
كأنَّني في نعيمٍ وسطَ روضاتي
قد كنت في قربِهم والوصلُ مقترني
…
لم يخطرِ الصدُّ والهجرانُ في ذاتي
واليومَ أصبحت أبكي بعدَ بُعْدِهِمُ
…
لما تناءوا نأت عني مسراتي
وغاب مذ غاب عن عيني جمالهمو
…
راحي وروحي وريحاني وراحاتي
ولا صفا بعدهم عيشي بمنهلةٍ
…
ومذ تولوا تولى طيبُ لذاتي
يا سادةً ملكوا قلبي بلطفهم
…
ما ضرَّهم لو أعادوا لي أويقاتي
همو مرادي وهم سمعي وهم بصري
…
وهم نعيمي وروضاتي وجناتي
وهم حياتي وهم أنسي وهم شرفي
…
وذكرهم لم يزل في القلبِ جلواتي
لهفي على زمنٍ ولي وما ظفرت
…
روحي بما ترتجى يومَ الأثيلاتِ
لما سروا وفؤادي في هوادجهم
…
ناديت من حرقي يا عظمَ لوعاتي
ما كنت أعلمُ قربي في محبتهم
…
حتى رمتني إلى الأبعادِ راياتي
فاندب على ما مضى من عيشنا وصفا
…
وابكِ على ما قد جرى يا قلبي العاتي
واذكر مصارعَ قومٍ كيفَ قد شربوا
…
بعد الزلالِ بكاساتِ المنياتِ
فأصبحوا في الثرى تبلى وجوههم
…
تحتَ الترابِ فيا عظمَ المصيباتِ
أأنت من بعدهم تسري كسيرهم
…
إمّا بدارِ هوانٍ أو بجناتِ
أقولُ ما قاله العبدُ المنيبُ وقد
…
أودى به السجنُ في بِرٍّ وطاعاتِ
أنا الذليلُ أنا المسكينُ ذو شجنٍ
…
أنا الفقيرُ إلى ربِّ السمواتِ
أنا الكسيرُ أنا المحتاجُ يا أملي
…
جد لي بفضلِك واعفُ عن خطياتي
أنا الغريبُ فلا أهلٌ ولا وطنٌ
…
أنا الوحيدُ فكن لي في ملماتي
أنا العبيدُ الذي ما زلت مفتقرا
…
إليك يا سيدي في كلِّ حالاتي
ما لي سواك وما لي عنك منصرفٌ
…
ذكراك في القلبِ قرآني وآياتي
أنت القديرُ على جبري بوصلك لي
…
أنت العليمُ بأسراري الخفياتِ
أدعوك يا سيدي يا مشتكى حزني
…
يا جابري يا مغيثي في مهماتي
فانظر إلى عبرتي وارحم صبا جسدي
…
يا راحمَ الخيرِ يا باري البرياتِ
ما زال مفتقرًا في بابَ سيِّدِهِ
…
ما زال مبتليًا بالإمتحاناتِ
يهدي لسنّتِهِ يفتي بشرعتِهِ
…
يرعى لحرمتِهِ في كلِّ ساعاتِ
قطبُ الزمانِ وتاجُ النّاسِ كلهمو
…
روحُ المعاني حوى كلَّ العباداتِ
حبرُ الوجودِ فريدٌ في معارفِهِ
…
أفنى بسيفِ الهدى أهلِ الضلالاتِ
حوى من المصطفى علمًا ومعرفةً
…
وجاءه منه إمدادُ النّوالاتِ
ما جاء سائلٌ إلا ويمنحُهُ
…
إمّا بجودٍ وإمّا بالمداراةِ
ماذا أقولُ وقولي فيه منحصرٌ
…
في وصفِ أخلاقِهِ كلَّت عباراتي
في علمه ما علمنا من يناسبُهُ
…
إلا أئمتَنَا أهلَ العناياتِ
في زهدِهِ ما سمعنا من يشاكلُهُ
…
إلا رجالٌ مضوا أهلُ الكراماتِ
في جودِهِ ما وجدنا من يماثلُهُ
…
غيرَ البرامكِ كانوا في سعاداتِ
يجودٍ وهو فقيرٌ إن ذا عجبٍ
…
هو الذي ما سمعنا في الحكاياتِ
تلوح شمسُ المعالي في شمائلِهِ
…
وفي صفا وجهِهِ نورُ الهداياتِ
بحرُ المعارفِ تاهوا في بدايتِهِ
…
أهلُ المعاني وأربابُ النهاياتِ
قطبُ الحقائقِ حاروا في فضائلِهِ
…
أهلُ التصوفِ أصحابُ الرِّياضاتِ
أعجوبةُ الدهرِ فردٌ في فضائلِهِ
…
علامةُ الوقتِ في الماضي وفي الآتي
والهفَ قلبي على من كان يجمعُنا
…
على فنونِ المعاني والإشاراتِ
فارقت من كان يرويني برؤيته
…
إذ تبدى بدى سرُّ العباداتِ
يروي الأحاديثَ عن سكانِ كاظمةٍ
…
فيَطْرَبُ الكونُ من طِيبِ الرواياتِ
ويطنبُ الذكرُ في إحسانِ حسنِهِمُ
…
فيرقصُ القلبُ شوقًا نحوَ ساداتِ
أفضى إلى اللهِ والجناتُ مسكنُهُ
…
عليه من ربِّه أزكى تحياتِ