الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال: فأجابه شيخنا شمس الدين الموصليُّ وسمعته من لفظه في يوم الخميس خامس عشر ذي القعدة سنة سبعين وسبعمائة بقاعة دار الحديث الأشرفية، قال:
يا من يموهُ في السؤالِ مسفسطا
…
إنَّ الذي ألزمت ليس بلازمِ
هذا رسولُ اللهِ يعلمُ كلَّ ما
…
علموا وقد عاداه جلُّ العالمِ
"انتهى.
****
•
محمَّدُ بنُ محمَّدِ بنِ محمَّدِ بنِ أحمدَ بنِ عبدِ اللهِ بنِ محمَّدِ بنِ يحيى بنِ محمَّدِ بنِ محمَّدِ بنِ أبي القاسمِ بنِ محمَّدِ بنِ عبدِ اللهِ بنِ عبدِ العزيزِ بنِ سيِّدِ الناسِ بنِ أبي الوليدِ ابنِ منذرِ بنِ عبدِ الجبارِ بنِ سليمانَ، أبو الفتح فتحُ
الدينِ اليَعْمُرِيُّ الشافعيُّ (671-734) .
ولد في ذي القعدة، وكان من بيت ذي رياسة ومنعه كان ابن عمه قائدًا حاجبصا بإشبيلية، ولما دخل أبوه الديار المصرية أتى بأمهات من الكتب معه مصنف ابي أبي شيبة، ومسنده، ومصنف عبد الرزاق، والمحلى، والاستذكار وغيرها من المجامع.
وأحضره أبوه في الرابعة على شمس الدين المقدسي، وسمع على القطب القسطلاني والعز الحراني وابن الأنماطي وغازي وابن الخيمي وشامية بنت البكري.
وطلب بنفسه، وكتب بخطه، وأكثر عن أصحاب الكندي وابن طبرزذ، ورحل إلى دمشق فاتفق وصوله عند موت الفخر ابن البخاري، فتألم لذلك وأكثر عن الصوري وابن عساكر وابن المجاور وحداه الشيخ المزي إلى السماع والأخذ عن الشيخ ابن تيمية، فلقيه وأخذ عنه، وقال فيه:" فألفيته ممن أدرك من العلوم حظًا، وكاد يستوعب السنن والآثار حفظًا، إن تكلم في التفسير فهو حامل رايته أو أفتى في الفقه فهو مدرك غايته أو ذاكر بالحديث، فهو صاحب علمه وذو روايته أو حاضر بالنحل والملل لم ير أوسع من نحلته في ذلك ولا أرفع من درايته برز في كل فن على أبناء جنسه، ولم تر عين من رآه مثله، ولا رأت عينه مثل نفسه كان يتكلم في التفسير فيحضر مجلسه الجم الغفير ويردون من بحر علمه العذب النمير، ويرتعون من ربيع فضله في روضة وغدير إلى أن دبَّ إليه من أهل بلده داء الحسد وألب أهل النظر منهم على ما ينتقد عليه في حنبليته من أمور المعتقد فحفظوا عنه في ذلك كلامًا أو سعوه بسببه ملامًا وفوفوا لتبديعه سهامًا وزعموا أنه خالف طريقهم وفرق فريقهم فنازعهم ونازعوه وقاطع بعضهم وقاطعوه ثم نازع طائفة أخرى ينتسبون من الفقر إلى طريقة، ويزعمون أنهم على أدق باطن منها وأجلى حقيقة، فكشف تلك الطرائق وذكر لها على ما زعم بوائق، فآضت إلى الطائفة الأولى من منازعيه واستعانت بذوي الضغن عليه من مقاطعيه فوصلوا بالأمراء أمره وأعمل كل منهم في كفره فكره فكتبوا محاضر وألبوا الرويبضة للسعي بها بين الأكابر
وسعوا في نقله إلى حضرة المملكة بالديار المصرية، فنقل وأودع السجن ساعة حضوره واعتقل وعقدوا لإراقة دمه مجالس وحشدوا لذلك قومًا من عمار الزوايا وسكان المدارس من محامل في المنازعة مخاتل بالمخادعة ومن مجاهر بالتكفير مبارز بالمقاطعة يسومونه ريب المنون، وربك يعلم ما تكنُّ صدورهم وما يعلنون وليس المجاهر بكفره بأسوأ حالًا من المخاتل وقد دبت إليه عقارب مكره فرد الله كيد كل في نحره، فنجاه على يد من اصطفاه والله غالب على أمره ثم لم يخل بعد ذلك من فتنة بعد فتنة، ولم ينتقل طول عمره من محنة إلا إلى محنة إلى أن فوض أمره لبعض القضاة، فقلد ما تقلد من اعتقاله ولم يزل بمحبسه ذلك إلى حين ذهابه إلى رحمة الله تعالى وانتقاله، وإلى الله ترجع الأمور وهو المطلع على خائنة الأعين وما تخفي الصدور، وكان يومه مشهودًا ضاقت بجنازته الطريق وانتابها المسلمون من كل فج عميق يتبركون بمشهده يوم يقوم الأشهاد ويتمسكون بشرجعه حتى كسروا تلك الأعواد وذلك في ليلة العشرين من ذي القعدة سنة ثمان وعشرين وسبعمائة بقلعة دمشق المحروسة، وكان مولده بحران في عاشر شهر ربيع الأول من سنة إحدى وستين وستماية رحمه الله وإيانا"انتهى
أخذ عنه شيئًا من جزء ابن عرفة.
وقال الذهبي:" كاد يدرك الفخر ففاته بليلتين ولعل مشيخته يقاربون الألف ونسخ بخطه وانتقى ولازم الشهادة مدة وكان طيب الأخلاق بساماً صاحب دعابة ولعب صدوقاً في الحديث حجة فيما ينقله له بصر نافذ في الفن وخبرة بالرجال ومعرفة بالاختلاف ويد طولى في علم اللسان ومحاسنه جمة، قال: ولو أكب على العلم كما ينبغي لشدت إليه الرحال ولكنه كان يتلهى
عن ذلك بمباشرة الكتبة وكان النظم عليه بلا كلفة وكان بساماً كيساً معاشراً لا يحمل همًّا"انتهى
وقال البرزالي:" كان أحد الأعيان معرفة وإتقاناً وحفظاً للحديث وتفهماً في علله وأسانيده عالماً بصحيحه وسقيمه مستحضراً للسيرة له حظ من العربية حسن التصنيف صحيح العقيدة سريع القراءة جميل الهيئة كثير التواضع طيب المجالسة خفيف الروح ظريفاً كيساً له الشعر الرائق والنثر الفائق وكان محباً لطلبة الحديث ولم يخلف في مجموعه مثله"انتهى
وقال ابن حجر:" حفظ التنبيه ولعل مشيخته يقاربون الألف ولازم ابن دقيق العيد وتخرج عليه في أصول الفقه وأعاد عنده وكان يحبه ويؤثره ويسمع كلامه ويثني عليه وأخذ العربية عن بهاء الدين ابن النحاس وكتب الخط المغربي والمصري فأتقنهما قال الكمال الادفوي حفظ التنبيه في الفقه وصنف في السيرة كتابه المسمى عيون الأثر وهو كتاب جيد في بابه وشرع لشرح الترمذي ولو اقتصر فيه على فن الحديث من الكلام على الأسانيد لكمل لكنه قصد أن يتبع شيخه ابن دقيق العيد فوقف دون ما يريد"انتهى
وله من الكتب النافعة ما بهر واشتهر: نور العيون وبشرى اللبيب بذكرى الحبيب، وهو مختصر في السيرة أثنى عليه ابن حجر، وله قصائد نبوية شرحها في مجلد، ومنثورات من القصائد المطولة، وغير ذلك.
****