الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
•
القاسمُ بنُ محمدِ بنِ يوسفَ البِرْزَالِيُّ
(665-739) .
حفظ القرآن في صغره، ثم حفظ التنبيه، وسمع صحيح مسلم من الإربلي، ثم سمع سنة ثلاث وسبعين من أبيه ومن عز الدين بن الصائغ.
وحبب إليه الحديث فالتمس الشيوخ فسمع من ابن أبي عمر، وابن أبي الخير، وابن علان، والمقداد وابن الدرجي، وابن شيبان والفخر.
ثم ارتحل إلى حلب سنة خمس وثانين، فسمع من العز الحراني وأكثر عنه، وخرج لنفسه ولشيوخه شيئًا كثيرًا.
قال الذهبي:" وورث من أبيه جملة وحصَّل كتبًا جيدة وأجزاء في أربع خزائن، وبلغ ثبته بضعة وعشرين مجلدًا، وأثبت فيه من كان سمع معه، وله مجاميع مفيدة كثيرة، وتعليق وعمل في فن الرواية قل من بلغ إليه وبلغ عدد مشايخه بالسماع أزيد من ألفين وبالإجازة أكثر من ألف رتب ذلك كله، وترجمهم في مسودات متقنة، وكان رأسًا في صدق اللهجة والأمانة صاحب سنة واتباع ولزوم للفرائض، خيرًا متواضعًا حسن البشر عديم الشر فصيح القراءة قوي الدربة عالمًا بالأسماء والألفاظ، سريع السرد مع عدم اللحن والدمج قرأ ما لا يوصف كثرة، وروى من ذلك جملة وافرة، وكان حليمًا صبورًا متوددًا لا يتكثر بفضائله، ولا ينتقص بفاضل، بل يوفيه فوق حقه ويلاطف الناس وله ود في القلوب وحب في الصدور.
احتسب عدة أولاد درجوا منهم محمد تلا بالسبع وحفظ كتبًا وعاش ثماني عشرة سنة، ومنهم فاطمة عاشت نيفًا وعشرين سنة، وكتبت صحيح البخاري وأحكام المجد وأشياء.
وله إجازات عالية عام مولده من ابن عبد الدائم، وإسماعيل بن عزون، والنجيب، وابن علان، وحدث في أيام شيخه ابن البخاري.
وكان حلو المحاضرة قوي المذاكرة عارفا بالرجال والكبار لا سيما أهل زمانه وشيوخهم يتقن ما يقوله، ولم يخلف في معناه مثله ولا عمل أحد في الطلب عمله.
ثم قال:" وكان هو الذي حبب إلي طلب الحديث، فإنه رأى خطي، فقال: خطك يشبه خط المحدثين، فأثر قوله في وسمعت وتخرجت به في أشياء".
وقال ابن السبكي:" وعاصرت أربعة لا خامس لهم: هؤلاء الثلاثة والبرزالي، فإني لم أر البرزالي وكان البرزالي يفوقهم في معرفة الأجزاء ورواتها الأحياء، وكانت الثلاثة تعظم المزي وتذعن له ويقرءون عليه ويعترفون بتقديمه وبالجملة".
وقال الذهبي:
إن رُمْتَ تفتيشَ الخزائنِ كلِّها
…
وظهورَ أجزاءٍ حوت وعوالي
ونعوتَ أشياخِ الوجودِ وما رووا
…
طالعْ أوِ اسمعْ مُعْجَمَ البِرْزَالِي
قال ابن عبد الهادي:" قال الشيخ علم الدين البرزالي في معجم شيوخه: أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن عبد الله بن أبي القاسم بن محمد بن تيمية الحراني، الشيخ تقي الدين أبو العباس الإمام المجمع على فضله ونبله ودينه، قرأ الفقه وبرع فيه والعربية والأصول، ومهر في علمي التفسير والحديث، وكان إمامًا لا يلحق غباره في كل شيء، وبلغ رتبة الاجتهاد، واجتمعت فيه شروط المجتهدين، وكان إذا ذكر التفسير بهت الناس من كثرة محفوظه وحسن إيراده وإعطائه كل قول ما يستحقه من الترجيح والتضعيف والإبطال وخوضه في كل علم، كان الحاضرون يقضون منه العجب هذا مع انقطاعه إلى الزهد والعبادة والاشتغال بالله تعالى والتجرد من أسباب الدنيا ودعاء الخلق إلى الله تعالى، وكان يجلس في
صبيحة كل جمعة على الناس يفسر القرآن العظيم، فانتفع بمجلسه وبركة دعائه وطهارة أنفاسه وصدق نيته وصفاء ظاهره وباطنه وموافقة قوله لعمله، وأناب إلى الله خلق كثير وجرى على طريقة واحدة من اختيار الفقر والتقلل من الدنيا رحمه الله تعالى ورد ما يفتح به عليه".
قلت: وهو الذى حكى قصة حل الشيخ للغز الشيخ الرشيد الفارقي، وتمام الخبر في كتاب ابن عبد الهادي ولولا الإطالة لوضعناه هنا.
وذكر ابن النقيب القرماني أنه أي البرزالي قرأ كتاب الجمعة لأبي بكر أحمد بن علي المروذي على الشيخ ابن تيمية رحمه الله، نقله ابن ناصر الدين في الرد الوافر.
قال الحافظ الذهبي:" ولي قراءة دار الحديث سنة عشرين وسبعمائة وقراءة الظاهرية، وحضر المدارس وتفقه مدة بالشيخ تاج الدين عبد الرحمن وصحبه، وأكثر عنه وسافر معه وجود القرآن على الرضى بن دبوقا، وتفرد ببعض مروياته، وتخرج به الطلبة وما أظن الزمان يسمح بوجود مثله، فعند ذلك نحتسب مصابنا بمثله، ولقد حزن الجماعة خصوصًا رفيقه أبو الحجاج شيخنا!، وبكى عليه غير مرة، وكان كل منهمًا يعظم الآخر ويعرف له فضله، وكان رحمه الله وعفا عنه قد أقبل على الخير في آخر عمره، وضعف وحصل له فتق وختم له بخير ولله الحمد، وانتقل إلى رضوان الله تعالى بخليص في بكرة يوم الأحد الرابع من ذي الحجة سنة تسع وثلاثين وسبعمائة عن أربع وسبعين سنة ونصف".
وقال أحمد بن يحيي فضل الله يرثيه:
قد كانَ في قاسمٍ من غيرِه عِوَضٌ
…
فاليوم لا قاسمٌ فينا ولا قَسَمُ
من لو أتى مكةً مالت أباطِحُها
…
به سرورًا وجادت أُفْقُها الدِيَمُ
أقسمت منذ زمانٍ ما رأى أحدٌ
…
لقاسم شبهًا في الأرضِ لو قسموا
هذا الذي يشكرُ المختار هجرته
…
والبيتُ يعرفُهُ والحلُّ والحرمُ