الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مقدمة
إن التقارض بين اللغات من الظواهر اللغوية المعروفة التي تعم جميع اللغات، فاللغات تأخذ من جاراتها، ومن اللغات التي تتصل بها لمختلف الأغراض كالتجارة، والسياسة، والسياحة ما قد تحتاج إليه من كلمات، وتغيّرها لتوافق نظامها الصوتي، وبناءها الصرفي، وقد تغيِّر في معناها.
والتقارض من عوامل تثرية اللغة في مفرداتها، ومن ثم قيل: إن نقاء اللغة لدليلٌ على فقرها (A Pure Language is a poor Language).
لم تشذّ اللغة العربية عن مثيلاتها، فأخذت وأعطت؛ غير أنها زهدت في الأخذ وأجزلت في العطاء.
ويسمى ما دخل اللغة العربية من لغات أخرى دخيلًا، ولكل عصر دخيله، فكان معظم الدخيل في العصر الجاهلي من اللغات الفارسية، والسريانية، واليونانية؛ وفي بعض العصور الإسلامية كثرت الكلمات الدخيلة من اللغتين التركية والفارسية؛ أما عصرنا هذا، فجاء أكثر دخيله من اللغات الأوربية كالإنكليزية، والفرنسية، والإيطالية؛ كما جاءت كلمات من اللغة الأردية وبخاصة في لهجات الخليج (1).
(1)() أستخدم الفاصلة المنقوطة (؛ ) للدلالة على شبه انفصال كما تستخدم في اللغات الأوربية التي وضعتها، ولا أستسيغ وضعها قبل التعليل إذ إن ذلك يؤدي إلى تمزيق الجملة قبل تمامها.
وفيما يلي تفصيل هذا الإجمال:
اللغات التي دخلت منها كلمات في اللغة العربية الحديثة ولهجاتها بكثرة، هي:
الإنكليزية: دخلت منها كلمات كـ: إنترنت، وورشة، وبنشر، وبوك، وجربكس، وسندوتش، وشاط، وجيَّك وما إلى ذلك.
الفرنسية: ددخلت منها كلمات كـ: رجيم، وأرشيف، ورتوش، وشيرك، وأوكازيون، وكورنيش، وبشاميل وما إلى ذلك.
الإيطالية: دخلت منها كلمات كـ: فاتورة، وبوسطة، وكمبيالة، وتياترو، وبرافو وما إلى ذلك.
غير أن معظم الكلمات الإيطالية دخلت في اللغة العربية عن طريق اللغة التركية.
التركية: ودخلت منها كلمات كـ: بصمة، وبدروم، وبخشة، وأفندي، وقنبلة، وشرشف، وطاقم، وبكباشي، وأونباشي وما إلى ذلك.
الفارسية: لقد دخلت في اللغة العربية الحديثة كلمات كثيرة من اللغة الفارسية، غير أنها دخلت عن طريق اللغة التركية كـ: ساده، وطازه، وخانة، وكليم، وبشكير، وبشرف وما إلى ذلك.
الأردية: دخلت في اللهجة السعودية كلمات من الأردية منها، تولة، ودرزن، وبنجرة، وهندول، ولَدُّو، وبرياني، وشباتي (في لغة الحجاز)؛ ولَّك، وتجوري. وثمة كلمات أخر دخلت في كثير من اللهجات العربية غير أنها لم تدخل مباشرة من اللغة الأردية، إنما دخلت عن طريق الإنكليزية أو لغات أخرى، منها: ساري، وكاكي، وبيجامة.
اليونانية: معلوم أنه قديمًا دخل في اللغة العربية عدد كبير من الكلمات اليونانية كـ: أسطول، وأسقف، وإقليم، وبطاقة، ودرهم، وطاووس، وفلسفة، وقولنج، وماليخوليا، وموسيقى، وهيولي وما إلى ذلك. أما اللغة العربية الحديثة فلم تقترض من اللغة اليونانية مباشرة، إنما دخلت فيها كلمات قليلة عن طريق اللغة التركية كـ: أفندي، وكوبري، ولغم، وطاقم .. غير أن كثيرًا من الكلمات العلمية التي دخلت في اللغة العربية في عصرنا هذا من اللغات الأوربية إنما هي يونانية الأصل.
ليس كل ما دخل في اللغة العربية في هذا العصر مما تدعو إليه الحاجة، إنما دخل بعضه تلبية لرغبة نفوس ضعيفة في محاكاة من تراها المثل الأعلى في القول والعمل، ومن أمثلة هذا القبيل من الدخيل: طنط، ومِرْسي، وباي باي، غير أن كلمات هذا النوع قليلة.
مما يبشر بالخير ويبعث على الارتياح أن عددًا غير قليل من الكلمات الدخيلة وضعت لها كلمات عربية أصيلة، وقد انتشر بعضها وحلَّ محل الدخيل في كلام الناس وكتاباتهم، منها: الهاتف للتليفون، والناسوخ للفاكس، والحافلة للباص، والشاحنة للُّوري، والحاسوب للكمبيوتر، والقرص للدسك، والقرص المدمج للسي دي، والتأشيرة للفيزا، والشبكة العالمية للإنترنت، وما إلى ذلك.
غير أنه ينبغي أن تكثف الجهود في هذا المجال، كما ينبغي أن تقوم وسائل الإعلام المختلفة باستخدام الكلمات العربية الأصيلة ونشرها بين الناطقين بلغة الضاد. ولا ننسى ما لتبنِّي الجهات الرسمية لهذه الكلمات من دور فعال في قبولها وانتشارها بين الناس.
ما كل ما ذكر في هذا الكتاب مما دخل في اللغة العربية في عصرنا هذا إذ ذكر فيه ما دخل قديمًا كأسماء الشهور السريانية والرومية، وكلمات أخرى؛
ذكرناها في هذا الكتاب الخاص بدخيل اللغة العربية الحديثة لسببين:
الأول: أنه كثر ورودها في هذا العصر.
والثاني: أن كثيرًا منها لم تعالج في كتب الدخيل القديمة.
وأشرح فيما يلي منهجي في هذا الكتاب مع بيان المصطلحات المستخدمة فيه:
المصدر: لقد جمعت هذه الكلمات من الكتب والمعاجم الحديثة، ومن وسائل الإعلام المختلفة، ومن اللافتات، ومن أفواه الناس المنتمين إلى البيئات اللهجية الآتية: لهجات المملكة العربية السعودية، ومصر، والسودان، وبلاد الشام (أي سورية، والأردن، ولبنان، وفلسطين). لقد عشت في مصر والسودان، وأعيش الآن في السعودية، وعايشت ناسًا من بلاد الشام.
لم أتطرق في هذا الكتاب للدخيل في لهجات الخليج والعراق من المشرق العربي، ولا في لهجات بلاد المغرب العربي إلا قليلًا.
الترتيب: رتبت الكلمات ترتيبًا أبجديًا، وجعلت التاء المربوطة حرفًا مستقلًا، ووضعتها بعد الهاء.
إذا كان للكلمة مشتقات، ذكرتها تحت المدخل الرئيس، وإذا خشيت ألا يهتدي القارئ إلى أصلها، ذكرتها في مواضعها، ثم أحلتها على المدخل الرئيس نحو:"شياكة، انظر كلمة: شيك"، و "مُهَدْرَج، انظر كلمة: هدرج".
الضبط: ضبطت الكلمات بالحرف، وذلك لأن في بعض الكلمات الدخيلة حركات ليس لها علامات في اللغة العربية كإمالة الفتحة (كما في: بوفيه")، وكالضمة غير المشبعة (كما في "بون").
وكتبت عبارات الضبط بحرف مغاير لحرفي المدخل والشرح.
4 -
الإملاء: كثير من الكلمات الدخيلة لم يستقرّ إملاؤها، فتكتب بصور عدة، وأكثر ما يقع فيه الاختلاف هو إثبات أحرف العلة أو حذفها نحو: أوروبا، سوفييتي/ سوفياتي، سِنِما/ سِينما
…
وقد يقع اختلاف في بعض الأحرف الصحيحة كما بين القاف والجيم نحو: جراج/ قراج؛ وبين الغين والجيم نحو: ببليوغرافيا/ ببليوجرافيا، وبعض هذا الاختلاف مردّه اختلاف اللهجات، فالكاف المهجورة (g) - مثلًا - ينقل المصريون بالجيم، والسعوديون بالقاف، واللبنانيون بالغين أو الكاف، ومن أمثلة ذلك كلمة () الفرنسية التي دخلت في اللهجة المصرية بصورة «جراج» وفي اللهجة السعودية بصورة «قراج» ، وفي اللهجة اللبنانية بصورة «كراج» .
وقد يكون سبب الاختلاف مصدر الكلمة فالكلمة المأخوذة من الفرنسية تختلف صياغتها عن صيغة الكلمة نفسها وقد أخذت من الإنكليزية كـ «إيدروجين» من الفرنسية، و «هيدروجين» من الإنكليزية.
5 -
الشرح: إذا نقلت شرح كلمة دخيلة من مصدر كمعجم أو بحث ذكرت المصدر، وإذا تصرفت في الشرح بزيادة أو نقص أشرت إلى ذلك بوضع علامة النجمة (*) بعد اسم المصدر.
6 -
التأصيل: ذكرت أصل الدخيل مكتوبًا بحرف لغته؛ وإذا كان الأصل بالحرف اللاتيني اكتفيت به، وإذا كان بالحرف اليوناني، أو السريليكي أردفته بالحرف اللاتيني؛ أما إذا كان بغيرهما كأن يكون بالحرف العبري أو السرياني، كتبت نطقه بالحرف العربي.
كتبت الأصل التركي بالحرف اللاتيني، وإذا كان الأصل من اللغة التركية العثمانية كتبته بالحرف العربي، أو بهما معًا.
ذكرت في مواضع معلومات إضافية قد تساعد القارئ على فهم أصل
الدخيل فهمًا أوضح، وذلك بربط الدخيل بصيغة المختلفة الموجودة في لغات أخر.
إنّ كثيرًا من المصطلحات العلمية التي دخلت في اللغة العربية الحديثة من اللغات الأوربية إنما هي يونانية الأصل، فعند تأصيلها ذكرت مصدرها القريب، ثم فصلت القول في أصلها اليوناني.
تحديد اللهجات: إذا كانت الكلمة خاصة بلهجة بلد معين أذكر ذلك بين قوسين كأن أقول: (الحجاز)، (السعودية)، (مصر)، (الشام)، (فلسطين) وما إلى ذلك. وإذا أطلقت الكلمة فإن ذلك يعني أنها تستعمل في معظم لهجات المشرق العربي، أو أنها كلمة متداولة في اللغة العربية الفصحى.