المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌بَابُ الْإِحْرَامِ يَنْعَقِدُ مُعَيَّنًا بِأَنْ يَنْوِيَ حَجًّا أَوْ عُمْرَةً أَوْ - مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج - جـ ٢

[الخطيب الشربيني]

فهرس الكتاب

- ‌كِتَابُ الْجَنَائِزِ

- ‌[فَصْلٌ فِي تَكْفِينِ الْمَيِّتِ وَحَمْلِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ الْمُسْلِمِ غَيْرِ الشَّهِيدِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي دَفْنِ الْمَيِّتِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌كِتَابُ الزَّكَاةِ

- ‌بَابُ زَكَاةِ الْحَيَوَانِ

- ‌فَصْلٌ إنْ اتَّحَدَ نَوْعُ الْمَاشِيَةِ

- ‌بَابُ زَكَاةِ النَّبَاتِ

- ‌بَابُ زَكَاةِ النَّقْدِ

- ‌بَابُ زَكَاةِ الْمَعْدِن وَالرِّكَازِ وَالتِّجَارَةِ

- ‌[فَصْلٌ شَرْطُ زَكَاةِ التِّجَارَةِ]

- ‌بَاب زَكَاةِ الْفِطْرِ

- ‌بَابُ مَنْ تَلْزَمُهُ الزَّكَاةُ، وَمَا تَجِبُ فِيهِ

- ‌[فَصْلٌ فِي أَدَاءِ زَكَاةِ الْمَالِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَعْجِيلِ الزَّكَاةِ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ]

- ‌كِتَابُ الصِّيَامِ

- ‌[فَصْلٌ فِي أَرْكَانِ الصَّوْمِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي شَرْطِ صِحَّةِ الصَّوْمِ مِنْ حَيْثُ الْفِعْلُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي شَرْطِ صِحَّةِ الصَّوْمِ مِنْ حَيْثُ الْفَاعِلُ]

- ‌فَصْلٌ شَرْطُ وُجُوبِ صَوْمِ رَمَضَانَ:

- ‌[فَصْلٌ فِي فِدْيَةِ الصَّوْمِ الْوَاجِبِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مُوجِبِ كَفَّارَةِ الصَّوْمِ]

- ‌[بَاب فِي صَوْمِ التَّطَوُّعِ]

- ‌كِتَابُ الِاعْتِكَافِ

- ‌[فَصْلٌ فِي حُكْمِ الِاعْتِكَافِ الْمَنْذُورِ]

- ‌كِتَابُ الْحَجِّ

- ‌بَابُ الْمَوَاقِيتِ

- ‌بَابُ الْإِحْرَامِ

- ‌[فَصْلٌ فِي رُكْنِ الْإِحْرَامِ وَمَا يُطْلَبُ لِلْمُحْرِمِ]

- ‌[بَابُ دُخُولِ مَكَّةَ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يُطْلَبُ فِي الطَّوَافِ مِنْ وَاجِبَاتٍ وَسُنَنٍ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يُخْتَمُ بِهِ الطَّوَافُ وَبَيَانُ كَيْفِيَّةِ السَّعْيِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْمَبِيتِ بِالْمُزْدَلِفَةِ وَالدَّفْعِ مِنْهَا وَفِيمَا يُذْكَرُ مَعَهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْمَبِيتِ بِمِنًى لَيَالِيَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ أَرْكَانِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَكَيْفِيَّةِ أَدَاءِ النُّسُكَيْنِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ]

- ‌بَابُ مُحَرَّمَاتِ الْإِحْرَامِ

- ‌بَابُ الْإِحْصَارِ وَالْفَوَاتِ

- ‌[كِتَابُ الْبَيْعِ]

- ‌[كتاب البيع]

- ‌باب الربا

- ‌[بَابٌ فِي الْبُيُوعِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا وَغَيْرِهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا نُهِيَ عَنْهُ مِنْ الْبُيُوعِ نَهْيًا لَا يَقْتَضِي بُطْلَانَهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ وَتَعَدُّدِهَا]

- ‌بَابُ الْخِيَارِ

- ‌[فَصْلٌ فِي خِيَارِ الشَّرْطِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي خِيَارِ النَّقِيصَةِ]

- ‌فَصْلٌ التَّصْرِيَةِ

- ‌[بَابٌ فِي حُكْمِ الْمَبِيعِ وَنَحْوِهِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَبَعْدَهُ]

- ‌بَابُ التَّوْلِيَةِ وَالْإِشْرَاكُ وَالْمُرَابَحَةُ

- ‌[بَابٌ بَيْعِ الْأُصُولِ وَالثِّمَارِ وَغَيْرِهِمَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ بَيْعِ الثَّمَرِ وَالزَّرْعِ وَبُدُوِّ صَلَاحِهِمَا]

- ‌بَابُ اخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ

- ‌[بَابٌ فِي مُعَامَلَةِ الرَّقِيقِ]

الفصل: ‌ ‌بَابُ الْإِحْرَامِ يَنْعَقِدُ مُعَيَّنًا بِأَنْ يَنْوِيَ حَجًّا أَوْ عُمْرَةً أَوْ

‌بَابُ الْإِحْرَامِ

يَنْعَقِدُ مُعَيَّنًا بِأَنْ يَنْوِيَ حَجًّا أَوْ عُمْرَةً أَوْ كِلَيْهِمَا، وَمُطْلَقًا بِأَنْ لَا يَزِيدَ عَلَى نَفْسِ الْإِحْرَامِ،

ــ

[مغني المحتاج]

قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَالصَّوَابُ أَنَّهُ كَانَ أَحْرَمَ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ إلَّا أَنَّهُ هَمَّ بِالدُّخُولِ إلَى مَكَّةَ مِنْ الْحُدَيْبِيَةِ كَمَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ - وَهِيَ بِتَخْفِيفِ الْيَاءِ أَفْصَحُ مِنْ تَثْقِيلِهَا - وَهِيَ اسْمٌ لِبِئْرٍ هُنَاكَ بَيْنَ طَرِيقِ جُدَّةَ وَطَرِيقِ الْمَدِينَةِ بَيْنَ جَبَلَيْنِ عَلَى سِتَّةِ فَرَاسِخَ مِنْ مَكَّةَ.

فَإِنْ قِيلَ لِمَ أَمَرَ صلى الله عليه وسلم عَائِشَةَ بِالْإِحْرَامِ مِنْ التَّنْعِيمِ مَعَ أَنَّ الْجِعْرَانَةَ أَفْضَلُ؟ .

أُجِيبَ بِأَنَّ ذَلِكَ كَانَ لِضِيقِ الْوَقْتِ أَوْ لِبَيَانِ الْجَوَازِ مِنْ أَدْنَى الْحِلِّ. وَقَدْ عُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ التَّفْضِيلَ لَيْسَ لِبُعْدِ الْمَسَافَةِ.

خَاتِمَةٌ: يُسَنُّ لِمَنْ أَحْرَمَ مِنْ بَلَدِهِ أَوْ مِنْ مَكَّةَ أَنْ يَخْرُجَ عَقِبَ إحْرَامِهِ وَلَا يَمْكُثُ بَعْدَهُ، نَقَلَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ عَنْ النَّصِّ. وَيُسَنُّ لِمَنْ لَمْ يُحْرِمْ مِنْ أَحَدِ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحَرَمِ بَطْنَ وَادٍ ثُمَّ يُحْرِمَ كَمَا فِي التَّتِمَّةِ وَغَيْرِهَا، وَحَكَاهُ فِي الْإِبَانَةِ عَنْ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -.

[بَابُ الْإِحْرَامِ]

(بَابُ الْإِحْرَامِ) وَهُوَ كَمَا قَالَ الْأَزْهَرِيُّ: الدُّخُولُ فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ أَوْ فِيهِمَا أَوْ فِيمَا يَصْلُحُ لَهُمَا وَلِأَحَدِهِمَا وَهُوَ الْمُطْلَقُ، وَيُطْلَقُ أَيْضًا عَلَى نِيَّةِ الدُّخُولِ فِيمَا ذُكِرَ، وَمِنْهُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ بَعْدَ هَذَا: أَرْكَانُ الْحَجِّ خَمْسَةٌ: الْإِحْرَامُ. فَالْمُرَادُ هُنَا هُوَ الْقِسْمُ الْأَوَّلُ وَهُوَ الدُّخُولُ فِيمَا ذُكِرَ. أَيْ بِالنِّيَّةِ. وَكَانَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ يَسْتَشْكِلُ حَقِيقَةَ الْإِحْرَامِ. فَإِنْ قِيلَ لَهُ: إنَّهُ النِّيَّةُ اعْتَرَضَ بِأَنَّهَا شَرْطٌ فِيهِ، وَشَرْطُ الشَّيْءِ غَيْرُهُ. وَقَالَ الْقَرَافِيُّ: أَقَمْت عَشْرَ سِنِينَ لَا أَعْرِفُ حَقِيقَةَ الْإِحْرَامِ، وَسُمِّيَ بِذَلِكَ إمَّا لِاقْتِضَائِهِ دُخُولَ الْحَرَمِ مِنْ قَوْلِهِمْ: أَحْرَمَ إذَا دَخَلَ الْحَرَمَ، كَأَنْجَدَ إذَا دَخَلَ نَجْدًا، أَوْ لِاقْتِضَائِهِ تَحْرِيمَ الْأَنْوَاعِ الْآتِيَةِ (يَنْعَقِدُ) الْإِحْرَامُ (مُعَيَّنًا بِأَنْ يَنْوِيَ حَجًّا أَوْ عُمْرَةً أَوْ كِلَيْهِمَا) بِالْإِجْمَاعِ. وَلِمَا رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - قَالَتْ «خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: مَنْ أَرَادَ أَنْ يُهِلَّ بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ فَلْيَفْعَلْ، وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يُهِلَّ بِحَجٍّ فَلْيَفْعَلْ، وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يُهِلَّ بِعُمْرَةٍ فَلْيَفْعَلْ» وَلَوْ نَوَى حَجَّتَيْنِ أَوْ نِصْفَ حَجَّةٍ انْعَقَدَ حَجَّةً أَوْ عُمْرَتَيْنِ أَوْ نِصْفَ عُمْرَةٍ انْعَقَدَ عُمْرَةً قِيَاسًا عَلَى الطَّلَاقِ فِي مَسْأَلَتَيْ النِّصْفِ وَإِلْغَاءً لِلْإِضَافَةِ إلَى ثِنْتَيْنِ فِي مَسْأَلَتَيْ الْحَجَّتَيْنِ وَالْعُمْرَتَيْنِ لِتَعَذُّرِ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا بِإِحْرَامٍ وَاحِدٍ فَصَحَّ فِي وَاحِدَةٍ كَمَا لَوْ نَوَى بِتَيَمُّمٍ فَرِيضَتَيْنِ لَا يَسْتَبِيحُ إلَّا وَاحِدَةً كَمَا مَرَّ فِي بَابِهِ، وَفَارَقَ عَدَمَ الِانْعِقَادِ فِي نَظِيرِهِمَا مِنْ الصَّلَاةِ بِأَنَّ الْإِحْرَامَ يُحَافِظُ عَلَيْهِ مَا أَمْكَنَ، وَلِهَذَا لَوْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ فِي غَيْرِ أَشْهُرِهِ انْعَقَدَ عُمْرَةً كَمَا مَرَّ (وَ) يَنْعَقِدُ أَيْضًا (مُطْلَقًا) وَذَلِكَ (بِأَنْ لَا يَزِيدَ عَلَى نَفْسِ الْإِحْرَامِ) بِأَنْ يَنْوِيَ

ص: 230

وَالتَّعْيِينُ أَفْضَلُ وَفِي قَوْلٍ الْإِطْلَاقُ فَإِنْ أَحْرَمَ مُطْلَقًا فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ صَرَفَهُ بِالنِّيَّةِ إلَى مَا شَاءَ مِنْ النُّسُكَيْنِ أَوْ إلَيْهِمَا ثُمَّ اشْتَغَلَ بِالْأَعْمَالِ.

وَإِنْ أَطْلَقَ فِي غَيْرِ أَشْهُرِهِ فَالْأَصَحُّ انْعِقَادُهُ عُمْرَةً فَلَا يَصْرِفُهُ إلَى الْحَجِّ فِي أَشْهُرِهِ.

وَلَهُ أَنْ يُحْرِمَ كَإِحْرَامِ زَيْدٍ

ــ

[مغني المحتاج]

الدُّخُولَ فِي النُّسُكِ الصَّالِحِ لِلْأَنْوَاعِ الثَّلَاثَةِ أَوْ يَقْتَصِرَ عَلَى قَوْلِهِ: أَحْرَمْت.

رَوَى الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ مُهِلِّينَ يَنْتَظِرُونَ الْقَضَاءَ - أَيْ نُزُولَ الْوَحْيِ، فَأَمَرَ مَنْ لَا هَدْيَ مَعَهُ أَنْ يَجْعَلَ إحْرَامَهُ عُمْرَةً، وَمَنْ مَعَهُ هَدْيٌ أَنْ يَجْعَلَهُ حَجًّا» ، وَيُفَارِقُ الصَّلَاةَ حَيْثُ لَا يَجُوزُ الْإِحْرَامُ بِهَا مُطْلَقًا بِأَنَّ التَّعْيِينَ لَيْسَ شَرْطًا فِي انْعِقَادِ النُّسُكِ؛ وَلِهَذَا لَوْ أَحْرَمَ بِنُسُكِ نَفْلٍ وَعَلَيْهِ نُسُكُ فَرْضٍ انْصَرَفَ إلَى الْفَرْضِ، وَلَوْ قَيَّدَ الْإِحْرَامَ بِزَمَنٍ كَيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ انْعَقَدَ مُطْلَقًا كَمَا فِي الطَّلَاقِ، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَإِنْ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: يَنْبَغِي فِي هَذَا أَوْ فِي مَسْأَلَتَيْ النِّصْفِ عَدَمُ الِانْعِقَادِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الْعِبَادَاتِ وَالنِّيَّةُ الْجَازِمَةُ شَرْطٌ فِيهَا، بِخِلَافِ الطَّلَاقِ فَإِنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْغَلَبَةِ وَالسِّرَايَةِ وَيَقْبَلُ الْأَخْطَارَ وَيَدْخُلُهُ التَّعْلِيقُ (وَالتَّعْيِينُ أَفْضَلُ) مِنْ الْإِطْلَاقِ، وَحُكِيَ هَذَا عَنْ نَصِّ الْأُمِّ لِيُعْرَفَ مَا يَدْخُلُ عَلَيْهِ، قَالُوا: وَلِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى الْخَلَاصِ (وَفِي قَوْلٍ الْإِطْلَاقُ) أَفْضَلُ مِنْ التَّعْيِينِ، وَحُكِيَ هَذَا عَنْ نَصِّ الْإِمْلَاءِ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا حَصَلَ لَهُ عَارِضٌ مِنْ مَرَضٍ أَوْ غَيْرِهِ فَلَا يَتَمَكَّنُ مِنْ صَرْفِهِ إلَى مَا لَا يُخَافُ فَوْتُهُ (فَإِنْ أَحْرَمَ) إحْرَامًا (مُطْلَقًا فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ صَرَفَهُ بِالنِّيَّةِ) لَا بِاللَّفْظِ فَقَطْ (إلَى مَا شَاءَ مِنْ النُّسُكَيْنِ أَوْ إلَيْهِمَا) مَعًا إنْ صَلَحَ الْوَقْتُ لَهُمَا (ثُمَّ اشْتَغَلَ) بَعْدَ الصَّرْفِ (بِالْأَعْمَالِ) فَلَا يُجْزِئُ الْعَمَلُ قَبْلَهُ كَمَا أَشْعَرَ بِهِ التَّعْبِيرُ بِثُمَّ، لَكِنْ لَوْ طَافَ ثُمَّ صَرَفَهُ لِلْحَجِّ وَقَعَ طَوَافُهُ عَنْ الْقُدُومِ وَإِنْ كَانَ مِنْ سُنَنِ الْحَجِّ، وَلَوْ سَعَى بَعْدَهُ احْتَمَلَ الْإِجْزَاءَ لِوُقُوعِهِ تَبَعًا وَاحْتُمِلَ خِلَافُهُ، وَهُوَ الْأَوْجَهُ لِأَنَّهُ رُكْنٌ فَيُحْتَاطُ لَهُ وَإِنْ وَقَعَ تَبَعًا، فَإِنْ لَمْ يَصْلُحْ بِأَنْ فَاتَ وَقْتُ الْحَجِّ صَرَفَهُ لِلْعُمْرَةِ كَمَا قَالَهُ الرُّويَانِيُّ. وَعَنْ الْقَاضِي حُسَيْنٍ: يُحْتَمَلُ أَنْ يَتَعَيَّنَ عُمْرَةً كَمَا لَوْ أَحْرَمَ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ يَبْقَى عَلَى مَا كَانَ وَعَلَيْهِ التَّعَيُّنُ، فَإِنْ عَيَّنَ عُمْرَةً مَضَى أَوْ حَجًّا كَانَ كَمَنْ فَاتَهُ الْحَجُّ وَالْأَوَّلُ أَوْجَهُ، وَلَوْ ضَاقَ الْوَقْتُ فَالْمُتَّجَهُ كَمَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ، وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الْأَصْحَابِ أَنَّ لَهُ صَرْفَهُ إلَى مَا شَاءَ، وَيَكُونُ عِنْدَ صَرْفِهِ إلَى الْحَجِّ كَمَنْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ. قَالَ الْقَاضِي: وَلَوْ أَحْرَمَ مُطْلَقًا ثُمَّ أَفْسَدَهُ قَبْلَ التَّعْيِينِ فَأَيَّهُمَا عَيَّنَهُ كَانَ مُفْسِدًا لَهُ.

(وَإِنْ أَطْلَقَ) الْإِحْرَامَ (فِي غَيْرِ أَشْهُرِهِ) أَيْ الْحَجِّ (فَالْأَصَحُّ) وَعَبَّرَ فِي الرَّوْضَةِ بِالصَّحِيحِ (انْعِقَادُهُ عُمْرَةً فَلَا يَصْرِفُهُ إلَى الْحَجِّ فِي أَشْهُرِهِ) أَيْ الْحَجِّ؛ لِأَنَّ الْوَقْتَ لَا يَقْبَلُ غَيْرَ الْعُمْرَةِ، وَالثَّانِي يَنْعَقِدُ مُبْهَمًا فَلَهُ صَرْفُهُ إلَى عُمْرَةٍ، وَبَعْدَ دُخُولِ أَشْهُرِ الْحَجِّ إلَى النُّسُكَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا، فَإِنْ صَرَفَهُ إلَى الْحَجِّ قَبْلَ أَشْهُرِهِ كَانَ كَإِحْرَامِهِ بِهِ قَبْلَهَا فَيَنْعَقِدُ عُمْرَةً عَلَى الصَّحِيحِ.

(وَلَهُ) أَيْ لِعَمْرٍو مَثَلًا (أَنْ يُحْرِمَ كَإِحْرَامِ زَيْدٍ) كَأَنْ يَقُولَ: أَحْرَمْت بِمَا أَحْرَمَ بِهِ زَيْدٌ أَوْ كَإِحْرَامِهِ؛ لِأَنَّ أَبَا مُوسَى - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَهَلَّ بِإِهْلَالٍ كَإِهْلَالِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَلَمَّا أَخْبَرَهُ قَالَ لَهُ: أَحْسَنْت طُفْ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَأَحِلَّ، وَكَذَا فَعَلَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -،

ص: 231

فَإِنْ لَمْ يَكُنْ زَيْدٌ مُحْرِمًا انْعَدَّ إحْرَامُهُ مُطْلَقًا، وَقِيلَ إنْ عَلِمَ عَدَمَ إحْرَامِ زَيْدٍ لَمْ يَنْعَقِدْ، وَإِنْ كَانَ زَيْدٌ مُحْرِمًا انْعَقَدَ إحْرَامُهُ كَإِحْرَامِهِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ مَعْرِفَةُ إحْرَامِهِ بِمَوْتِهِ جَعَلَ نَفْسَهُ قَارِنًا

ــ

[مغني المحتاج]

وَكِلَاهُمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ زَيْدٌ مُحْرِمًا) أَوْ كَانَ كَافِرًا بِأَنْ أَتَى بِصُورَةِ الْإِحْرَامِ، أَوْ مُحْرِمًا إحْرَامًا فَاسِدًا (انْعَقَدَ إحْرَامُهُ مُطْلَقًا) لِأَنَّهُ قَصَدَ الْإِحْرَامَ بِصِفَةٍ خَاصَّةٍ، فَإِذَا بَطَلَتْ بَقِيَ أَصْلُ الْإِحْرَامِ وَلَغَتْ إضَافَتُهُ لِزَيْدٍ (وَقِيلَ إنْ عَلِمَ عَدَمَ إحْرَامِ زَيْدٍ لَمْ يَنْعَقِدْ) إحْرَامُهُ كَمَا لَوْ عَلَّقَ، فَقَالَ إنْ كَانَ مُحْرِمًا فَقَدْ أَحْرَمْت فَلَمْ يَكُنْ مُحْرِمًا، وَفَرَّقَ الْأَصَحَّ بِأَنَّ فِي الْمَقِيسِ عَلَيْهِ تَعْلِيقُ أَصْلِ الْإِحْرَامِ فَلَيْسَ جَازِمًا بِهِ بِخِلَافِ الْمَقِيسِ فَإِنَّهُ جَازِمٌ بِالْإِحْرَامِ فِيهِ (وَإِنْ كَانَ زَيْدٌ مُحْرِمًا) بِإِحْرَامٍ صَحِيحٍ (انْعَقَدَ إحْرَامُهُ كَإِحْرَامِهِ) مِنْ تَعْيِينٍ أَوْ إطْلَاقٍ وَيَتَخَيَّرُ فِي الْمُطْلَقِ كَمَا يَتَخَيَّرُ زَيْدٌ، وَلَا يَلْزَمُهُ صَرْفُهُ إلَى مَا يَصْرِفُهُ زَيْدٌ، وَلَوْ عَيَّنَ زَيْدٌ قَبْلَ إحْرَامِ عَمْرٍو حَجًّا انْعَقَدَ إحْرَامُ عَمْرٍو مُطْلَقًا، وَكَذَا لَوْ أَحْرَمَ زَيْدٌ بِعُمْرَةٍ ثُمَّ أَدْخَلَ عَلَيْهَا الْحَجَّ فَيَنْعَقِدُ لِعَمْرٍو عُمْرَةً لَا قِرَانًا، وَلَا يَلْزَمُهُ إدْخَالُ الْحَجِّ عَلَى الْعُمْرَةِ إلَّا أَنْ يَقْصِدَ بِهِ التَّشْبِيهَ فِي الْحَالِ فِي الصُّورَتَيْنِ، فَيَكُونَ فِي الْأُولَى حَاجًّا وَفِي الثَّانِيَةِ قَارِنًا، وَلَوْ أَحْرَمَ قَبْلَ صَرْفِهِ فِي الْأُولَى وَقَبْلَ إدْخَالِ الْحَجِّ فِي الثَّانِيَةِ وَقَصَدَ التَّشْبِيهَ بِهِ فِي حَالِ تَلَبُّسِهِ بِإِحْرَامِهِ الْحَاضِرِ وَالْآتِي، فَفِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْبَغَوِيِّ مَا يَقْتَضِي أَنَّهُ يَصِحُّ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى التَّعْلِيقِ بِمُسْتَقْبَلٍ، إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهُ جَازِمٌ فِي الْحَالِ، وَيُغْتَفَرُ ذَلِكَ فِي الْكَيْفِيَّةِ دُونَ الْأَصْلِ، فَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ فِيمَا إذَا لَمْ يَخْطُرْ بِهِ التَّشْبِيهُ بِإِحْرَامِ زَيْدٍ فِي الْحَالِ وَلَا فِي أَوَّلِهِ، فَإِنْ خَطَرَ لَهُ التَّشْبِيهُ بِأَوَّلِهِ أَوْ بِالْحَالِ فَالِاعْتِبَارُ بِمَا خَطَرَ لَهُ قَطْعًا، وَلَوْ أَخْبَرَهُ زَيْدٌ بِمَا أَحْرَمَ وَوَقَعَ فِي نَفْسِهِ خِلَافُهُ عَمِلَ بِمَا أَخْبَرَهُ عَلَى الْأَصَحِّ فِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ لِأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْ جِهَتِهِ، وَلَوْ عَلَّقَ إحْرَامَهُ عَلَى إحْرَامِ زَيْدٍ فِي الْمُسْتَقْبَلِ، كَأَنْ قَالَ إذَا أَوْ نَحْوَهَا كَمَتَى، أَوْ إنْ أَحْرَمَ زَيْدٌ فَأَنَا مُحْرِمٌ لَمْ يَنْعَقِدْ إحْرَامُهُ مُطْلَقًا، كَمَا لَوْ قَالَ: إذَا جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ فَأَنَا مُحْرِمٌ لَا يَصِحُّ إحْرَامُهُ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ الْعِبَادَةَ لَا تَعْلَقُ بِالْأَخْطَارِ، أَوْ قَالَ: إنْ كَانَ زَيْدٌ مُحْرِمًا فَأَنَا مُحْرِمٌ وَكَانَ زَيْدٌ مُحْرِمًا انْعَقَدَ إحْرَامُهُ وَإِلَّا فَلَا تَبَعًا لَهُ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَيَجُوزُ أَنْ يَصِحَّ فِي الْأُولَى كَهَذِهِ إلَّا أَنَّ تِلْكَ تَعْلِيقٌ بِمُسْتَقْبَلٍ، وَهَذِهِ تَعْلِيقٌ بِحَاضِرٍ، وَمَا يَقْبَلُ التَّعْلِيقَ مِنْ الْعُقُودِ يَقْبَلُهُمَا جَمِيعًا.

وَأُجِيبَ، بِأَنَّ الْمُعَلَّقَ بِحَاضِرٍ أَقَلُّ غَرَرًا لِوُجُودِهِ فِي الْوَاقِعِ فَكَانَ قَرِيبًا مِنْ أَحْرَمْت، كَإِحْرَامِ زَيْدٍ فِي الْجُمْلَةِ بِخِلَافِ الْمُعَلَّقِ بِمُسْتَقْبَلٍ (فَإِنْ تَعَذَّرَ مَعْرِفَةُ إحْرَامِهِ) وَعَبَّرَ فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ بِتَعَسَّرَ، وَلَعَلَّ مُرَادَهُ التَّعَذُّرُ، وَسَوَاءٌ عُلِمَ أَنَّهُ أَحْرَمَ أَمْ جُهِلَ حَالُهُ (بِمَوْتِهِ) أَوْ جُنُونِهِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ كَغَيْبَةٍ بَعِيدَةٍ (جَعَلَ) عَمْرٌو (نَفْسَهُ قَارِنًا) بِأَنْ يَنْوِيَ الْقِرَانَ وَلَمْ يَجْتَهِدْ وَكَذَا إنْ نَسِيَ الْمُحْرِمُ مَا أَحْرَمَ بِهِ، لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا تَلَبَّسَ بِالْإِحْرَامِ يَقِينًا فَلَا يَتَحَلَّلُ إلَّا بِيَقِينِ الْإِتْيَانِ بِالْمَشْرُوعِ فِيهِ كَمَا لَوْ شَكَّ فِي عَدَدِ الرَّكَعَاتِ لَا يَجْتَهِدُ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَوَانِي وَالْقِبْلَةِ أَنَّ أَدَاءَ الْعِبَادَةِ ثَمَّ لَا يَحْصُلُ بِيَقِينٍ إلَّا بَعْدَ فِعْلٍ مَحْظُورٍ وَهُوَ أَنْ يُصَلِّيَ لِغَيْرِ

ص: 232