المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[باب بيع الأصول والثمار وغيرهما] - مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج - جـ ٢

[الخطيب الشربيني]

فهرس الكتاب

- ‌كِتَابُ الْجَنَائِزِ

- ‌[فَصْلٌ فِي تَكْفِينِ الْمَيِّتِ وَحَمْلِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ الْمُسْلِمِ غَيْرِ الشَّهِيدِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي دَفْنِ الْمَيِّتِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌كِتَابُ الزَّكَاةِ

- ‌بَابُ زَكَاةِ الْحَيَوَانِ

- ‌فَصْلٌ إنْ اتَّحَدَ نَوْعُ الْمَاشِيَةِ

- ‌بَابُ زَكَاةِ النَّبَاتِ

- ‌بَابُ زَكَاةِ النَّقْدِ

- ‌بَابُ زَكَاةِ الْمَعْدِن وَالرِّكَازِ وَالتِّجَارَةِ

- ‌[فَصْلٌ شَرْطُ زَكَاةِ التِّجَارَةِ]

- ‌بَاب زَكَاةِ الْفِطْرِ

- ‌بَابُ مَنْ تَلْزَمُهُ الزَّكَاةُ، وَمَا تَجِبُ فِيهِ

- ‌[فَصْلٌ فِي أَدَاءِ زَكَاةِ الْمَالِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَعْجِيلِ الزَّكَاةِ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ]

- ‌كِتَابُ الصِّيَامِ

- ‌[فَصْلٌ فِي أَرْكَانِ الصَّوْمِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي شَرْطِ صِحَّةِ الصَّوْمِ مِنْ حَيْثُ الْفِعْلُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي شَرْطِ صِحَّةِ الصَّوْمِ مِنْ حَيْثُ الْفَاعِلُ]

- ‌فَصْلٌ شَرْطُ وُجُوبِ صَوْمِ رَمَضَانَ:

- ‌[فَصْلٌ فِي فِدْيَةِ الصَّوْمِ الْوَاجِبِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مُوجِبِ كَفَّارَةِ الصَّوْمِ]

- ‌[بَاب فِي صَوْمِ التَّطَوُّعِ]

- ‌كِتَابُ الِاعْتِكَافِ

- ‌[فَصْلٌ فِي حُكْمِ الِاعْتِكَافِ الْمَنْذُورِ]

- ‌كِتَابُ الْحَجِّ

- ‌بَابُ الْمَوَاقِيتِ

- ‌بَابُ الْإِحْرَامِ

- ‌[فَصْلٌ فِي رُكْنِ الْإِحْرَامِ وَمَا يُطْلَبُ لِلْمُحْرِمِ]

- ‌[بَابُ دُخُولِ مَكَّةَ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يُطْلَبُ فِي الطَّوَافِ مِنْ وَاجِبَاتٍ وَسُنَنٍ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يُخْتَمُ بِهِ الطَّوَافُ وَبَيَانُ كَيْفِيَّةِ السَّعْيِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْمَبِيتِ بِالْمُزْدَلِفَةِ وَالدَّفْعِ مِنْهَا وَفِيمَا يُذْكَرُ مَعَهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْمَبِيتِ بِمِنًى لَيَالِيَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ أَرْكَانِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَكَيْفِيَّةِ أَدَاءِ النُّسُكَيْنِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ]

- ‌بَابُ مُحَرَّمَاتِ الْإِحْرَامِ

- ‌بَابُ الْإِحْصَارِ وَالْفَوَاتِ

- ‌[كِتَابُ الْبَيْعِ]

- ‌[كتاب البيع]

- ‌باب الربا

- ‌[بَابٌ فِي الْبُيُوعِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا وَغَيْرِهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا نُهِيَ عَنْهُ مِنْ الْبُيُوعِ نَهْيًا لَا يَقْتَضِي بُطْلَانَهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ وَتَعَدُّدِهَا]

- ‌بَابُ الْخِيَارِ

- ‌[فَصْلٌ فِي خِيَارِ الشَّرْطِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي خِيَارِ النَّقِيصَةِ]

- ‌فَصْلٌ التَّصْرِيَةِ

- ‌[بَابٌ فِي حُكْمِ الْمَبِيعِ وَنَحْوِهِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَبَعْدَهُ]

- ‌بَابُ التَّوْلِيَةِ وَالْإِشْرَاكُ وَالْمُرَابَحَةُ

- ‌[بَابٌ بَيْعِ الْأُصُولِ وَالثِّمَارِ وَغَيْرِهِمَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ بَيْعِ الثَّمَرِ وَالزَّرْعِ وَبُدُوِّ صَلَاحِهِمَا]

- ‌بَابُ اخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ

- ‌[بَابٌ فِي مُعَامَلَةِ الرَّقِيقِ]

الفصل: ‌[باب بيع الأصول والثمار وغيرهما]

الْأُصُولِ وَالثِّمَارِ قَالَ بِعْتُك هَذِهِ الْأَرْضَ أَوْ السَّاحَةَ أَوْ الْبُقْعَةَ وَفِيهَا بِنَاءٌ وَشَجَرٌ، فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ يَدْخُلَ فِي الْبَيْعِ دُونَ الرَّهْنِ.

ــ

[مغني المحتاج]

قَوْلِهِ: اشْتَرَيْتُهُ بِكَذَا أَوْ بِعْتُكَهُ بِهِ وَرِبْحُ دِرْهَمٍ يَكُونُ مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ، سَوَاءٌ أَكَانَ الثَّمَنُ مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ أَمْ لَا، وَهَذَا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ، فَإِنْ عَيَّنَّا أَنْ يَكُونَ الرِّبْحُ مِنْ جِنْسِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ أَوْ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ عُمِلَ بِهِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الزَّرْكَشِيّ.

[بَابٌ بَيْعِ الْأُصُولِ وَالثِّمَارِ وَغَيْرِهِمَا]

قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي تَحْرِيرِهِ: الْأُصُولُ وَالشَّجَرُ وَالْأَرْضُ وَالثِّمَارُ جَمْعُ ثَمَرٍ، وَهُوَ جَمْعُ ثَمَرَةٍ. قَالَ السُّبْكِيُّ: أَخَذَ الْمُصَنِّفُ هَذِهِ التَّرْجَمَةَ مِنْ التَّنْبِيهِ وَلَمْ أَرَهَا لِغَيْرِهِمَا. وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ: ذَكَرَهَا مَنْصُورٌ التَّمِيمِيُّ فِي الْمُسْتَعْمَلِ، وَهُوَ جَمْعٌ بَيْنَ تَرْجَمَتَيْ بَابَيْنِ مُتَجَاوِرَيْنِ لِلشَّافِعِيِّ: أَحَدُهُمَا بَابُ ثَمَرِ الْحَائِطِ يُبَاعُ أَصْلُهُ، وَالْآخَرُ بَابُ الْوَقْتِ الَّذِي يَحِلُّ فِيهِ بَيْعُ الثِّمَارِ.

وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّفْظَ الْمُتَنَاوَلَ غَيْرُهُ فِي عَقْدِ الْبَيْعِ سَبْعَةٌ: الْأَوَّلُ: الْأَرْضُ أَوْ نَحْوُهَا، فَإِذَا (قَالَ بِعْتُك) أَوْ رَهَنْتُك (هَذِهِ الْأَرْضَ) أَوْ الْعَرْصَةَ (أَوْ السَّاحَةَ) وَهِيَ الْفَضَاءُ بَيْنَ الْأَبْنِيَةِ (أَوْ الْبُقْعَةَ، وَفِيهَا بِنَاءٌ وَشَجَرٌ) فَإِنْ بَاعَهَا أَوْ رَهَنَهَا بِمَا فِيهَا مِنْ أَشْجَارٍ وَأَبْنِيَةٍ دَخَلَتْ فِي الْعَقْدِ جَزْمًا، وَلَوْ بِقَوْلِهِ: بِعْتُك أَوْ رَهَنْتُك الْأَرْضَ بِمَا فِيهَا أَوْ عَلَيْهَا أَوْ بِهَا أَوْ بِحُقُوقِهَا، وَفِي قَوْلِهِ: بِحُقُوقِهَا وَجْهٌ أَنَّهَا لَا تَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ وَيَأْتِي مِثْلُهُ فِي الرَّهْنِ، وَوَجْهُهُ أَنَّ حُقُوقَ الْأَرْضِ إنَّمَا تَقَعُ عَلَى الْمَمَرِّ وَمَجْرَى الْمَاءِ إلَيْهَا وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَإِنْ اسْتَثْنَاهَا: كَبِعْتُكَ أَوْ رَهَنْتُكَ الْأَرْضَ دُونَ مَا فِيهَا لَمْ تَدْخُلْ فِي الْعَقْدِ جَزْمًا، وَإِنْ أَطْلَقَ (فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ يَدْخُلَ) الْبِنَاءُ وَالشَّجَرُ الرَّطْبُ (فِي الْبَيْعِ دُونَ الرَّهْنِ) لِأَنَّ الْبَيْعَ قَوِيٌّ بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَنْقُلُ الْمِلْكَ فَاسْتَتْبَعَ بِخِلَافِ الرَّهْنِ، وَهَذَا هُوَ الْمَنْصُوصُ فِيهِمَا، وَالطَّرِيقُ الثَّانِي: الْقَطْعُ بِعَدَمِ الدُّخُولِ فِيهِمَا لِخُرُوجِهِمَا عَنْ مُسَمَّى الْأَرْضِ، وَحَمَلَ نَصَّهُ فِي الْبَيْعِ عَلَى مَا إذَا قَالَ بِحُقُوقِهَا، وَالثَّالِثُ: فِيهِمَا قَوْلَانِ بِالنَّصِّ وَالتَّخْرِيجِ: أَحَدُهُمَا عَدَمُ الدُّخُولِ لِمَا مَرَّ، وَالثَّانِي: يَدْخُلَانِ؛ لِأَنَّهُمَا لِلدَّوَامِ فَأَشْبَهَا أَجْزَاءَ الْأَرْضِ، وَلِهَذَا يُلْحَقَانِ بِهَا فِي الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ كُلُّ مَا يَنْقُلُ الْمِلْكَ مِنْ نَحْوِ هِبَةٍ: كَوَقْفٍ وَصَدَقَةٍ وَوَصِيَّةٍ كَالْبَيْعِ، وَمَا لَا يَنْقُلُهُ مِنْ نَحْوِ عَارِيَّةٍ: كَإِقْرَارٍ كَالرَّهْنِ. أَمَّا الشَّجَرُ الْيَابِسُ فَلَا يَدْخُلُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَالسُّبْكِيُّ تَفَقُّهًا، وَهُوَ

ص: 482

وَأُصُولُ الْبَقْلِ الَّتِي تَبْقَى سَنَتَيْنِ كَالْقَتِّ وَالْهُنْدَبَا كَالشَّجَرِ،

ــ

[مغني المحتاج]

قِيَاسُ مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ الشَّجَرَ لَا يَتَنَاوَلُ غُصْنَهُ الْيَابِسَ. فَإِنْ قِيلَ: بَيْعُ الدَّارِ يَتَنَاوَلُ مَا فِيهَا مِنْ وَتِدٍ وَنَحْوَهُ فَيَكُونُ.

أُجِيبَ بِأَنَّ ذَلِكَ أَثْبَتُ فِيهَا لِلِانْتِفَاعِ بِهِ مُثْبَتًا فَصَارَ كَجُزْئِهَا بِخِلَافِ الشَّجَرَةِ الْيَابِسَةِ، وَلِهَذَا لَوْ عُرِّشَ عَلَيْهَا عَرِيشٌ نَحْوَ عِنَبٍ أَوْ جُعِلَتْ دِعَامَةً لِجِدَارٍ أَوْ غَيْرِهِ صَارَتْ كَالْوَتِدِ فَتَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ، وَعَدَّ الْبَغَوِيّ شَجَرَ الْمَوْزِ مِمَّا يَنْدَرِجُ فِي الْبَيْعِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا صَحَّحَهُ السُّبْكِيُّ وَإِنْ خَالَفَ فِي ذَلِكَ الْمَاوَرْدِيُّ وَلَا يَدْخُلُ فِي بَيْعِ الْأَرْضِ مَسِيلُ الْمَاءِ وَشِرْبُهَا وَهُوَ بِكَسْرِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ نَصِيبُهَا مِنْ الْقَنَاةِ وَالنَّهْرِ الْمَمْلُوكَيْنِ حَتَّى يَشْرُطَهُ، كَأَنْ يَقُولَ بِحُقُوقِهَا، وَهَذَا كَمَا قَالَ السُّبْكِيُّ فِي الْخَارِجِ عَنْ الْأَرْضِ. أَمَّا الدَّاخِلُ فِيهَا فَلَا رَيْبَ فِي دُخُولِهِ، وَيُخَالِفُ ذَلِكَ مَا لَوْ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا لِزَرْعٍ أَوْ غِرَاسٍ فَإِنَّ ذَلِكَ يَدْخُلُ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ لَا تَحْصُلُ بِدُونِهِ.

تَنْبِيهٌ: دُخُولُ الْفَاءِ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَالْمَذْهَبُ مُعْتَرَضٌ مِنْ جِهَةِ الْعَرَبِيَّةِ، فَإِنَّهُ لَمْ يَتَقَدَّمْهُ شَرْطٌ وَلَا مَا يَقْتَضِي الرَّبْطَ، وَلِذَا قُدِّرَتْ فِي كَلَامِهِ فَإِذَا، وَقَدْ وَقَعَ لَهُ مِثْلُ هَذَا فِي الْجِرَاحِ وَغَيْرِهِ.

(وَأُصُولُ الْبَقْلِ الَّتِي تَبْقَى) فِي الْأَرْضِ (سَنَتَيْنِ) أَوْ أَكْثَرَ بَلْ أَوْ أَقَلَّ كَمَا قَالَهُ جَمَاعَةٌ: مِنْهُمْ الْمَاوَرْدِيُّ وَنَقَلَهُ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ. وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ: إنَّهُ الْمَذْهَبُ وَيُجَزُّ مَا ذُكِرَ مِرَارًا (كَالْقَتِّ) وَهُوَ بِالْقَافِ وَالتَّاءِ الْمُثَنَّاةِ عَلَفُ الْبَهَائِمِ، وَيُسَمَّى الْقُرْطُ وَالرَّطْبَةُ وَالْفِصْفِصَةُ بِكَسْرِ الْفَاءَيْنِ وَبِالْمُهْمَلَتَيْنِ (وَالْهُنْدَبَا) بِالْمَدِّ وَالْقَصْرِ وَالْقَضْبِ بِالْمُعْجَمَةِ وَالْقَصَبِ الْفَارِسِيِّ وَالْكُرَّاثِ وَالْكُرْفُسِ وَالنَّعْنَاعِ أَوْ تُؤْخَذُ ثَمَرَتُهُ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى كَالنَّرْجِسِ وَالْبَنَفْسَجِ وَالْقُطْنِ الْحِجَازِيِّ وَالْبِطِّيخِ وَالْقِثَّاءِ (كَالشَّجَرِ) ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ لِلثَّبَاتِ وَالدَّوَامِ فَتَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ دُونَ الرَّهْنِ عَلَى الْخِلَافِ الْمُتَقَدِّمِ وَالثَّمَرَةِ الظَّاهِرَةِ، وَكَذَا الْجِزَّةُ بِكَسْرِ الْجِيمِ الْمَوْجُودَةِ عِنْدَ بَيْعِ الْأَرْضِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى مَا يُجَزُّ مِرَارًا لِلْبَائِعِ، بِخِلَافِ الثَّمَرَةِ الْكَامِنَةِ لِكَوْنِهَا كَالْجُزْءِ مِنْ الشَّجَرَةِ وَالْجِزَّةِ غَيْرِ الْمَوْجُودَةِ فَيَدْخُلَانِ فِي بَيْعِ الْأَرْضِ، وَعَلَى عَدَمِ دُخُولِ الْجِزَّةِ يُشْتَرَطُ عَلَى الْبَائِعِ قَطْعُهَا وَإِنْ لَمْ تَبْلُغْ أَوَانَ الْجَزِّ لِئَلَّا تَزِيدَ فَيُشْتَبَهَ الْمَبِيعُ بِغَيْرِهِ، بِخِلَافِ الثَّمَرَةِ الَّتِي لَا يَغْلِبُ اخْتِلَاطُهَا فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهَا ذَلِكَ.

وَأَمَّا غَيْرُهَا فَكَالْجِزَّةِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي، وَمَا ذُكِرَ مِنْ اشْتِرَاطِ الْقَطْعِ هُوَ مَا جَزَمَ بِهِ الشَّيْخَانِ كَالْبَغَوِيِّ وَغَيْرِهِ، وَاعْتِبَارُ كَثِيرِينَ وُجُوبَ الْقَطْعِ مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارِ شَرْطٍ مَحْمُولٌ عَلَى ذَلِكَ. قَالَ فِي التَّتِمَّةِ: إلَّا الْقَصَبَ: أَيْ الْفَارِسِيَّ فَهُوَ بِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ خِلَافًا لِمَا ضَبَطَهُ الْإِسْنَوِيُّ مِنْ أَنَّهُ بِالْمُعْجَمَةِ

ص: 483

وَلَا يَدْخُلُ مَا يُؤْخَذُ كَحِنْطَةٍ وَشَعِيرٍ وَسَائِرِ الزُّرُوعِ.

وَيَصِحُّ بَيْعُ الْأَرْضِ الْمَزْرُوعَةِ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ إنْ جَهِلَهُ، وَلَا يَمْنَعُ الزَّرْعُ دُخُولَ الْأَرْضِ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي وَضَمَانُهُ إذَا حَصَلَتْ التَّخْلِيَةُ فِي الْأَصَحِّ، وَالْبَذْرُ كَالزَّرْعِ،

ــ

[مغني المحتاج]

فَلَا يُكَلَّفُ قَطْعَهُ حَتَّى يَكُونَ قَدْرًا يَنْتَفِعُ بِهِ، وَشَجَرَ الْخِلَافِ بِتَخْفِيفِ اللَّامِ كَالْقَصَبِ فِي ذَلِكَ. فَإِنْ قِيلَ الْوَجْهُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الْمُسْتَثْنَى وَالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ، فَإِمَّا أَنْ يُعْتَبَرَ الِانْتِفَاعُ فِي الْكُلِّ أَوْ لَا يُعْتَبَرَ.

أُجِيبَ بِأَنَّ تَكْلِيفَ الْبَائِعِ قَطْعَ مَا اسْتَثْنَى يُؤَدِّي إلَى أَنَّهُ لَا يَنْتَفِعُ بِهِ مِنْ الْوَجْهِ الَّذِي يُرَادُ الِانْتِفَاعُ بِهِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ، وَلَا بُعْدَ فِي تَأْخِيرِ وُجُوبِ الْقَطْعِ حَالًا لِمَعْنًى بَلْ قَدْ عَهِدَ تَخَلُّفَهُ بِالْكُلِّيَّةِ وَذَلِكَ فِي بَيْعِ الثَّمَرَةِ مِنْ مَالِكِ الشَّجَرَةِ كَمَا سَيَأْتِي (وَلَا يَدْخُلُ) فِي مُطْلَقِ بَيْعِ الْأَرْضِ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَالرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا، أَوْ قَالَ بِحُقُوقِهَا كَمَا قَالَهُ الْقَمُولِيُّ وَغَيْرُهُ (مَا يُؤْخَذُ) بِقَلْعٍ أَوْ قَطْعٍ (دَفْعَةً) وَاحِدَةً (كَحِنْطَةٍ وَشَعِيرٍ وَسَائِرِ) أَيْ بَاقِي (الزُّرُوعِ) كَالْفُجْلِ وَالْجَزَرِ وَقُطْنِ خُرَاسَانَ وَالثُّومِ وَالْبَصَلِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلدَّوَامِ، فَأَشْبَهَ مَنْقُولَاتِ الدَّارِ.

تَنْبِيهٌ عَدَّ الشَّيْخَانِ مِمَّا يُؤْخَذُ دَفْعَةً السِّلْقَ بِكَسْرِ السِّينِ وَاعْتَرَضَهُمَا جَمَاعَةٌ بِأَنَّهُ مِمَّا يُجَزُّ مِرَارًا.

وَأَجَابَ عَنْهُ الْأَذْرَعِيُّ بِأَنَّهُ نَوْعَانِ: نَوْعٌ يُؤْخَذُ دَفْعَةً وَاحِدَةً، وَهُوَ مَا أَرَادَهُ الشَّيْخَانِ، وَنَوْعٌ مِمَّا يُجَزُّ مِرَارًا، وَهُوَ الْمَعْرُوفُ بِمِصْرَ وَأَكْثَرِ بِلَادِ الشَّامِ.

(وَيَصِحُّ بَيْعُ الْأَرْضِ الْمَزْرُوعَةِ) قَالَ الشَّارِحُ: هَذَا الزَّرْعُ الَّذِي لَا يَدْخُلُ (عَلَى الْمَذْهَبِ) كَمَا لَوْ بَاعَ دَارًا مَشْحُونَةً بِأَمْتِعَةٍ. وَالطَّرِيقُ الثَّانِي، تَخْرِيجُهُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي بَيْعِ الدَّارِ الْمُسْتَأْجَرَةِ لِغَيْرِ الْمُكْتَرِي: أَحَدُهُمَا الْبُطْلَانُ، وَفَرَّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ يَدَ الْمُسْتَأْجِرِ حَائِلَةٌ. أَمَّا الزَّرْعُ الَّذِي يَدْخُلُ فَلَا يَمْنَعُ الصِّحَّةَ بِلَا خِلَافٍ، فَتَقْيِيدُ الشَّارِحِ لِأَجْلِ مَحَلِّ الْخِلَافِ وَلِأَجْلِ قَوْلِهِ (وَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ إنْ جَهِلَهُ) أَيْ الزَّرْعَ الَّذِي لَا يَدْخُلُ بِأَنْ كَانَ قَدْ رَآهَا قَبْلَهُ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: أَوْ لَمْ يَسْتُرْهَا الزَّرْعُ: أَيْ كَأَنْ رَآهَا مِنْ خِلَالِهِ. فَإِنْ قِيلَ إذَا رَآهَا مِنْ خِلَالِهِ لَا خِيَارَ لَهُ؟ .

أُجِيبَ بِأَنَّهُ جَهِلَ كَوْنَهُ بَاقِيًا إلَى الشِّرَاءِ وَإِلَّا فَكَيْفَ يُتَصَوَّرُ أَنَّهُ رَأَى الزَّرْعَ وَلَهُ الْخِيَارُ؟ . نَعَمْ إنْ تَرَكَهُ لَهُ الْبَائِعُ وَلَا يَمْلِكُهُ إلَّا بِتَمْلِيكٍ أَوْ قَصُرَ زَمَنُ التَّفْرِيغِ سَقَطَ خِيَارُهُ. أَمَّا الْعَالِمُ بِذَلِكَ فَلَا خِيَارَ لَهُ لِتَقْصِيرِهِ. نَعَمْ إنْ ظَهَرَ أَمْرٌ يَقْتَضِي تَأْخِيرَ الْحَصَادِ عَنْ وَقْتِهِ الْمُعْتَادِ فَلَهُ الْخِيَارُ (وَلَا يَمْنَعُ الزَّرْعُ) الْمَذْكُورُ (دُخُولَ الْأَرْضِ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي وَضَمَانُهُ إذَا حَصَلَتْ التَّخْلِيَةُ فِي الْأَصَحِّ) لِوُجُودِ التَّسْلِيمِ فِي عَيْنِ الْمَبِيعِ. وَالثَّانِي: يُمْنَعُ كَمَا تُمْنَعُ الْأَمْتِعَةُ الْمَشْحُونِ بِهَا الدَّارُ مِنْ قَبْضِهَا، وَفَرَّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ تَفْرِيغَ الدَّارِ مُتَأَتٍّ فِي الْحَالِ غَالِبًا بِخِلَافِ الْأَرْضِ (وَالْبَذْرُ) بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ (كَالزَّرْعِ)

ص: 484

وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لا أجرة لِلْمُشْتَرَيْ مُدَّةَ بَقَاءِ الزَّرْعِ.

وَلَوْ بَاعَ أَرْضًا مَعَ بَذْرٍ أَوْ زَرْعٍ لَا يُفْرَدُ بِالْبَيْعِ بَطَلَ فِي الْجَمِيعِ، وَقِيلَ فِي الْأَرْضِ قَوْلَانِ.

وَيَدْخُلُ فِي بَيْعِ الْأَرْضِ الْحِجَارَةُ الْمَخْلُوقَةُ

ــ

[مغني المحتاج]

فَالْبَذْرُ الَّذِي لَا ثَبَاتَ لِنَبَاتِهِ، وَيُؤْخَذُ دَفْعَةً وَاحِدَةً لَا يَدْخُلُ فِي بَيْعِ الْأَرْضِ وَيَبْقَى إلَى أَوَانِ الْحَصَادِ، وَمِثْلُهُ الْقَلْعُ فِيمَا يُقْلَعُ، وَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ إنْ جَهِلَهُ وَتَضَرَّرَ بِهِ وَصَحَّ قَبْضُهَا مَشْغُولَةً بِهِ، وَلَا أُجْرَةَ لَهُ مُدَّةَ بَقَائِهِ، فَإِنْ تَرَكَهُ لَهُ الْبَائِعُ سَقَطَ خِيَارُهُ وَعَلَيْهِ الْقَبُولُ، وَلَوْ قَالَ آخُذُهُ وَأُفْرِغُ الْأَرْضَ وَأَمْكَنَ فِي زَمَنٍ يَسِيرٍ وَلَمْ يَضُرَّ سَقَطَ خِيَارُهُ وَالْبَذْرُ الَّذِي يَدُومُ كَنَوَى النَّخْلِ وَبَزْرِ الْكُرَّاثِ وَنَحْوِهِ مِنْ الْبُقُولِ حُكْمُهُ فِي الدُّخُولِ فِي بَيْعِ الْأَرْضِ كَالشَّجَرِ (وَالْأَصَحُّ) وَفِي الرَّوْضَةِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ (أَنَّهُ لِلْمُشْتَرِي مُدَّةَ بَقَاءِ الزَّرْعِ) قَالَ الشَّارِحُ: الَّذِي جَهِلَهُ وَأَجَازَ كَمَا لَا أَرْشَ فِي الْإِجَازَةِ بِالْعَيْبِ اهـ.

وَلِأَنَّهُ بِالْإِجَازَةِ رَضِيَ بِتَلَفِ الْمَنْفَعَةِ تِلْكَ الْمُدَّةَ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ بَاعَ دَارًا مَشْحُونَةً بِأَمْتِعَةٍ فَإِنَّهُ لَا أُجْرَةَ لِمُدَّةِ التَّفْرِيغِ، وَالثَّانِي: لَهُ الْأُجْرَةُ. قَالَ فِي الْبَسِيطِ: لِأَنَّ الْمَنَافِعَ مُتَمَيِّزَةٌ عَنْ الْمَعْقُودِ لَهُ: أَيْ فَلَيْسَتْ كَالْعَيْبِ. أَمَّا إذَا كَانَ عَالِمًا فَلَا أُجْرَةَ لَهُ جَزْمًا، فَتَقْيِيدُ الشَّارِحِ لِأَجْلِ مَحَلِّ الْخِلَافِ.

(وَلَوْ بَاعَ أَرْضًا مَعَ بَذْرٍ أَوْ زَرْعٍ) بِهَا (لَا يُفْرَدُ بِالْبَيْعِ) عَنْهَا: أَيْ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ وَحْدَهُ وَالزَّرْعُ الَّذِي لَا يُفْرَدُ بِالْبَيْعِ كَبُرٍّ لَمْ يُرَ: كَأَنْ يَكُونَ فِي سُنْبُلِهِ أَوْ كَانَ مَسْتُورًا بِالْأَرْضِ كَالْفُجْلِ وَالْبَذْرِ الَّذِي لَا يُفْرَدُ بِالْبَيْعِ هُوَ مَا لَمْ يَرَهُ أَوْ تَغَيَّرَ بَعْدَ رُؤْيَتِهِ أَوْ امْتَنَعَ عَلَيْهِ أَخَذَهُ كَمَا هُوَ الْغَالِبُ (بَطَلَ) الْبَيْعُ (فِي الْجَمِيعِ) جَزْمًا لِلْجَهْلِ بِأَحَدِ الْمَقْصُودَيْنِ وَتَعَذَّرَ التَّوْزِيعُ. نَعَمْ إنْ دَخَلَ فِيهَا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ بِأَنْ كَانَ دَائِمَ الثَّبَاتِ صَحَّ الْبَيْعُ فِي الْكُلِّ وَكَأَنَّهُ ذَكَرَهُ تَأْكِيدًا كَمَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُ، وَإِنْ فَرَضُوهُ فِي الْبَذْرِ. فَإِنْ قِيلَ: يُشْكِلُ إذَا لَمْ يَرَهُ قَبْلَ الْبَيْعِ بِبَيْعِ الْجَارِيَةِ مَعَ حَمْلِهَا؟ .

أُجِيبَ بِأَنَّ الْحَمْلَ غَيْرُ مُتَحَقَّقِ الْوُجُودِ بِخِلَافٍ مَا هُنَا، فَاغْتُفِرَ فِيهِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْحَمْلِ (وَقِيلَ فِي الْأَرْضِ قَوْلَانِ) أَحَدُهُمَا كَالْأَوَّلِ، وَالثَّانِي: الصِّحَّةُ فِيهَا بِجَمِيعِ الثَّمَنِ.

تَنْبِيهٌ ذَكَرَ فِي الْمُحَرَّرِ الْبَذْرَ بَعْدَ صِفَةِ الزَّرْعِ وَقَدَّمَهُ فِي الْكِتَابِ. قِيلَ: لِتَعُودَ الصِّفَةُ إلَيْهِ أَيْضًا فَيَخْرُجَ بِهَا مَا رُئِيَ قَبْلَ الْعَقْدِ وَلَمْ يَتَغَيَّرْ وَقَدَرَ عَلَى أَخْذِهِ فَإِنَّهُ يُفْرَدُ بِالْبَيْعِ، وَلَمْ يُنَبِّهْ فِي الدَّقَائِقِ عَلَى ذَلِكَ، وَقَدْ أَطْلَقَ الْبَذْرَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا، وَلَمْ يَقُلْ الْمُصَنِّفُ لَا يُفْرَدَانِ؛ لِأَنَّ الْمَعْرُوفَ فِي الْعَطْفِ بِأَوْ إفْرَادُ الضَّمِيرِ وَالزَّرْعُ الَّذِي يُفْرَدُ بِالْبَيْعِ كَالْقَصِيلِ الَّذِي لَمْ يُسَنْبِلْ أَوْ سَنْبَلَ وَثَمَرَتُهُ ظَاهِرَةٌ كَالذُّرَةِ وَالشَّعِيرِ.

(وَيَدْخُلُ فِي بَيْعِ الْأَرْضِ الْحِجَارَةُ الْمَخْلُوقَةُ)

ص: 485

فِيهَا، دُونَ الْمَدْفُونَةِ، وَلَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي إنْ عَلِمَ، وَيَلْزَمُ الْبَائِعَ النَّقْلُ، وَكَذَا إنْ جَهِلَ وَلَمْ يَضُرَّ قَلْعُهَا، وَإِنْ ضَرَّ فَلَهُ الْخِيَارُ، فَإِنْ أَجَازَ لَزِمَ الْبَائِعَ النَّقْلُ وَتَسْوِيَةُ الْأَرْضِ.

ــ

[مغني المحتاج]

أَوْ الْمُثْبَتَةُ (فِيهَا) ؛ لِأَنَّهَا مِنْ أَجْزَائِهَا، فَإِنْ كَانَتْ تَضُرُّ بِالزَّرْعِ أَوْ الْغَرْسِ فَهُوَ عَيْبٌ إنْ كَانَتْ الْأَرْضُ تُقْصَدُ لِذَلِكَ مُثْبِتٌ لِلْخِيَارِ (دُونَ الْمَدْفُونَةِ) فِيهَا كَالْكُنُوزِ فَلَا تَدْخُلُ فِيهَا كَبَيْعِ دَارٍ فِيهَا أَمْتِعَةٌ (وَلَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي إنْ عَلِمَ) الْحَالَ وَلَوْ ضَرَّ قَلْعُهَا. نَعَمْ إنْ جَهِلَ ضَرَرَهَا وَكَانَ لَا يَزُولُ بِالْقَلْعِ أَوْ تَتَعَطَّلُ بِهِ مُدَّةً لِمِثْلِهَا أُجْرَةٌ فَلَهُ الْخِيَارُ كَمَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي (وَيَلْزَمُ الْبَائِعَ) الْقَلْعُ وَ (النَّقْلُ) تَفْرِيغًا لِمِلْكِ الْمُشْتَرِي، بِخِلَافِ الزَّرْعِ؛ لِأَنَّ لَهُ أَمَدًا يُنْتَظَرُ، وَلِلْبَائِعِ التَّفْرِيغُ أَيْضًا وَإِنْ ضَرَّ الْمُشْتَرِي وَيَلْزَمُهُ تَسْوِيَةُ حُفَرِ الْأَرْضِ الْحَاصِلَةِ بِالْقَلْعِ. قَالَ فِي الْمَطْلَبِ: بِأَنْ يُعِيدَ التُّرَابَ الْمُزَالَ بِالْقَلْعِ مِنْ فَوْقِ الْحِجَارَةِ مَكَانَهُ: أَيْ وَإِنْ لَمْ يُسَوِّ، إذْ يَبْعُدُ أَنْ يُقَالَ يُسَوِّيهَا بِتُرَابٍ آخَرَ مِنْ مَكَان خَارِجٍ أَوْ مِمَّا فِيهَا؛ لِأَنَّ فِي الْأَوَّلِ إيجَابَ عَيْنٍ لَمْ تَدْخُلْ فِي الْبَيْعِ، وَفِي الثَّانِي تَغْيِيرُ الْمَبِيعِ وَلَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ لِمُدَّةِ ذَلِكَ وَإِنْ طَالَتْ (وَكَذَا) لَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي (إنْ جَهِلَ) الْحَالَ (وَلَمْ يَضُرَّ قَلْعُهَا) بِأَنْ لَمْ تَنْقُصْ الْأَرْضُ بِهِ وَلَمْ يُحْوِج النَّقْلُ وَالتَّسْوِيَةُ إلَى مُدَّةِ لِمِثْلِهَا أُجْرَةٌ سَوَاءٌ أَضَرَّ تَرْكُهَا أَمْ لَا، وَيَلْزَمُ الْبَائِعَ النَّقْلُ وَتَسْوِيَةُ الْأَرْضِ وَلَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ لِمُدَّةِ ذَلِكَ كَمَا مَرَّ (وَإِنْ ضَرَّ) قَلْعُهَا بِأَنْ نَقَصَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ أَحْوَجَ التَّفْرِيغُ وَتَسْوِيَةُ الْأَرْضِ لِمُدَّةٍ لِمِثْلِهَا أُجْرَةٌ (فَلَهُ الْخِيَارُ) ضَرَّ تَرْكُهَا أَمْ لَا، وَلَا يَسْقُطُ خِيَارُهُ بِقَوْلِ الْبَائِعِ أَنَا أَغْرَمُ لَكَ الْأُجْرَةَ وَالْأَرْشَ لِلْمِنَّةِ، فَلَوْ تَرَكَ لَهُ الْحِجَارَةَ وَتَرْكُهَا لَا يَضُرُّ الْمُشْتَرِي سَقَطَ خِيَارُهُ. فَإِنْ قِيلَ فِي ذَلِكَ مِنَّةٌ أَيْضًا.

أُجِيبَ بِأَنَّ الْمِنَّةِ الَّتِي فِيهَا حَصَلَتْ بِمَا هُوَ مُتَّصِلٍ بِالْمَبِيعِ يُشْبِهُ جُزْأَهُ بِخِلَافِهَا فِي ذَلِكَ، وَهَذَا التَّرْكُ إعْرَاضٌ لَا تَمْلِيكٌ، فَلِلْبَائِعِ الرُّجُوعُ فِيهِ وَيَعُودُ بِرُجُوعِهِ خِيَارُ الْمُشْتَرِي. نَعَمْ لَوْ وَهَبَهَا لَهُ وَاجْتَمَعَتْ شُرُوطُ الْهِبَةِ حَصَلَ الْمِلْكُ وَلَا رُجُوعَ لِلْبَائِعِ فِيهَا، فَإِنْ فُقِدَ مِنْهَا شَرْطٌ فَهُوَ إعْرَاضٌ كَالتَّرْكِ؛ لِأَنَّهُ إذَا بَطَلَ الْخُصُوصُ بَقِيَ الْعُمُومُ (فَإِنْ أَجَازَ) حَيْثُ ثَبَتَ لَهُ الْخِيَارُ (لَزِمَ الْبَائِعَ) الْقَلْعُ وَ (النَّقْلُ) تَفْرِيغًا لِمِلْكِ الْمُشْتَرِي (وَ) لَزِمَهُ (تَسْوِيَةُ الْأَرْضِ) كَمَا سَبَقَ سَوَاءٌ أَنَقَلَ قَبْلَ الْقَبْضِ أَمْ بَعْدَهُ، فَلَوْ رَضِيَ الْبَائِعُ بِتَرْكِهَا. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ فَفِيهِ مَا سَبَقَ.

تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ عِبَارَةِ الشَّيْخَيْنِ أَنَّهُ لَوْ جَهِلَ ضَرَرَ التَّرْكِ فَقَطْ أَنَّهُ لَا خِيَارَ لَهُ، وَاسْتَدْرَكَ النَّسَائِيُّ وَالْإِسْنَوِيُّ عَلَيْهِمَا بِأَنَّ مُقْتَضَى كَلَامِ غَيْرِهِمَا ثُبُوتُهُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَطْمَعُ فِي أَنَّ الْبَائِعَ قَدْ يَتْرُكُهَا لَهُ، وَرُدَّ هَذَا الِاسْتِدْرَاكُ بِأَنَّ طَمَعَهُ فِي تَرْكِهَا لَا يَصْلُحُ عِلَّةً لِثُبُوتِ الْخِيَارِ وَلَا يُقَاسُ

ص: 486

وَفِي وُجُوبِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ مُدَّةَ النَّقْلِ أَوْجُهٌ. أَصَحُّهَا تَجِبُ إنْ نَقَلَ بَعْدَ الْقَبْضِ لَا قَبْلَهُ.

وَيَدْخُلُ فِي بَيْعِ الْبُسْتَانِ الْأَرْضُ وَالشَّجَرُ وَالْحِيطَانُ،

ــ

[مغني المحتاج]

ثُبُوتُهُ عَلَى ثُبُوتِهِ فِيمَا لَوْ ضَرَّ قَلْعُهَا دُونَ تَرْكِهَا كَمَا مَرَّ؛ لِأَنَّهُ ثَمَّ جَاهِلٌ بِهَا وَهُنَا عَالِمٌ بِهَا.

(وَفِي وُجُوبِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ مُدَّةَ النَّقْلِ) إذَا نَقَلَ الْبَائِعُ فِي مُدَّةٍ لِمِثْلِهَا أُجْرَةٌ (أَوْجُهٌ: أَصَحُّهَا تَجِبُ إنْ نَقَلَ بَعْدَ الْقَبْضِ لَا قَبْلَهُ) حَيْثُ خُيِّرَ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ التَّفْرِيغَ الْمُفَوِّتَ لِلْمَنْفَعَةِ مُدَّةَ جِنَايَةٍ مِنْ الْبَائِعِ وَهِيَ مَضْمُونَةٌ عَلَيْهِ بَعْدَ الْقَبْضِ لَا قَبْلَهُ لِمَا مَرَّ أَنَّ جِنَايَتَهُ قَبْلَ الْقَبْضِ [كَالْآفَةِ. وَالثَّانِي: تَجِبُ مُطْلَقًا بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يَضْمَنُ جِنَايَتَهُ قَبْلَ الْقَبْضِ] . وَالثَّالِثَ: لَا تَجِبُ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ إجَازَةَ الْمُشْتَرِي رِضًا بِتَلَفِ الْمَنْفَعَةِ مُدَّةَ النَّقْلِ، وَيَجْرِي الْخِلَافُ كَمَا قَالَا فِي وُجُوبِ الْأَرْشِ فِيمَا لَوْ بَقِيَ فِي الْأَرْضِ بَعْدَ التَّسْوِيَةِ عَيْبٌ وَإِنْ اسْتَبْعَدَهُ السُّبْكِيُّ. قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: فَلَوْ بَاعَ الْبَائِعُ الْأَحْجَارَ بِطَرِيقِهِ فَهَلْ يَحِلُّ الْمُشْتَرِي مَحَلَّ الْبَائِعِ أَوْ تَلْزَمُهُ الْأُجْرَةُ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ أَجْنَبِيٌّ عَنْ الْبَائِعِ؟ لَمْ أَقِفْ فِيهِ عَلَى نَقْلٍ، وَالْأَصَحُّ الثَّانِي اهـ.

وَهَذَا أَوْجَهُ مِمَّا قَالَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ عَدَمِ اللُّزُومِ. أَمَّا إذَا لَمْ يُخَيِّرْ فَإِنَّهُ لَا أُجْرَةَ لَهُ وَإِنْ طَالَتْ مُدَّةُ التَّفْرِيغِ وَلَوْ بَعْدَ الْقَبْضِ.

تَنْبِيهٌ هَلْ تَجِبُ أُجْرَةُ مُدَّةِ تَفْرِيغِ الْأَرْضِ مِنْ الزَّرْعِ كَمُدَّةِ تَفْرِيغِهَا مِنْ الْحِجَارَةِ وَإِنْ لَمْ تَجِبْ لِمُدَّةِ بَقَائِهِ كَمَا مَرَّ. قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ: نَعَمْ.

وَالْأَوْجَهُ كَمَا قَالَ شَيْخِي: عَدَمُ الْوُجُوبِ؛ لِأَنَّهَا تَابِعَةٌ لِمُدَّةِ بَقَائِهِ، وَلَوْ أَحْدَثَ الْمُشْتَرِي فِي هَذِهِ الْأَرْضِ غَرْسًا وَهُوَ جَاهِلٌ بِالْأَحْجَارِ ثُمَّ عَلِمَ بِهَا فَلَهُ الْمُطَالَبَةُ بِالْقَلْعِ تَفْرِيغًا لِمِلْكِهِ، وَيَضْمَنُ الْبَائِعُ نَقْصًا حَدَثَ بِالْقَلْعِ فِي الْغِرَاسِ، وَلَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي إنْ اخْتَصَّ النَّقْصُ الْمَذْكُورُ بِالْغِرَاسِ؛ لِأَنَّ الضَّرَرَ رَاجِعٌ لِغَيْرِ الْمَبِيعِ؛ وَلِأَنَّ الْغِرَاسَ عَيْبٌ فِي الْأَرْضِ الْبَيْضَاءِ وَقَدْ حَدَثَ عِنْدَهُ، فَإِنْ نَقَصَتْ الْأَرْضُ بِالْأَحْجَارِ فَلَهُ قَلْعُ الْغِرَاسِ وَالْفَسْخُ إنْ لَمْ يَحْصُلْ بِالْغَرْسِ وَقَلْعِ الْمَغْرُوسِ نَقْصٌ فِي الْأَرْضِ وَإِلَّا فَهُوَ عَيْبٌ حَدَثَ عِنْدَهُ يَمْنَعُ الرَّدَّ وَيُوجِبُ الْأَرْشَ، وَإِنْ أَحْدَثَ الْغَرْسُ عَالِمًا بِالْأَحْجَارِ فَلَهُ الْمُطَالَبَةُ بِالْقَلْعِ تَفْرِيغًا لِمِلْكِهِ كَمَا مَرَّ، وَلَا يَضْمَنُ الْبَائِعُ أَرْشَ نَقْصِ الْغِرَاسِ، وَلَوْ كَانَ فَوْقَ الْأَحْجَارِ زَرْعٌ لِأَحَدِهِمَا تُرِكَ إلَى أَوَانِ حَصَادِهِ؛ لِأَنَّ لَهُ أَمَدًا يُنْتَظَرُ بِخِلَافِ الْغِرَاسِ، وَلَا أُجْرَةَ لِمُدَّةِ بَقَائِهِ، وَإِذَا قَلَعَهَا الْبَائِعُ بَعْدَ الْحَصَادِ فَعَلَيْهِ تَسْوِيَةُ الْأَرْضِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ. .

ثُمَّ شَرَعَ فِي اللَّفْظِ الثَّانِي وَهُوَ الْبُسْتَانُ، فَقَالَ:(وَيَدْخُلُ فِي بَيْعِ الْبُسْتَانِ) وَهُوَ فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ وَجَمْعُهُ بَسَاتِينُ. وَالْبَاغُ، وَهُوَ الْبُسْتَانُ بِالْعَجَمِيَّةِ وَالْكَرْمُ وَالْحَدِيقَةُ وَالْجُنَيْنَةُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ (الْأَرْضُ وَالشَّجَرُ وَالْحِيطَانُ) الْمُحِيطَةُ بِهَا لِدُخُولِهَا فِي مُسَمَّى الْبُسْتَانِ، بَلْ لَا

ص: 487

وَكَذَا الْبِنَاءُ عَلَى الْمَذْهَبِ.

وَفِي بَيْعِ الْقَرْيَةِ الْأَبْنِيَةُ وَسَاحَاتٌ يُحِيطُ بِهَا السُّورُ، لَا الْمَزَارِعُ عَلَى الصَّحِيحِ.

وَفِي بَيْعِ الدَّارِ الْأَرْضُ، وَكُلُّ بِنَاءٍ حَتَّى حَمَّامُهَا،

ــ

[مغني المحتاج]

يُسَمَّى بُسْتَانًا بِدُونِ حَائِطٍ كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ (وَكَذَا) يَدْخُلُ (الْبِنَاءُ) الَّذِي فِيهِ (عَلَى الْمَذْهَبِ) وَقِيلَ لَا يَدْخُلُ، وَقِيلَ فِي دُخُولِهِ قَوْلَانِ، وَهِيَ الطُّرُقُ الْمُتَقَدِّمَةُ فِي دُخُولِهِ فِي بَيْعِ الْأَرْضِ، وَيُدْخَلُ عَرِيشٌ تُوضَعُ عَلَيْهِ قُضْبَانُ الْعِنَبِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ، وَجَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي فِي رَوْضِهِ، وَلَا تَدْخُلُ الْمَزَارِعُ الَّتِي حَوْلَ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْهَا، وَلَوْ قَالَ: بِعْتُكَ هَذِهِ الدَّارَ الْبُسْتَانَ دَخَلَتْ الْأَبْنِيَةُ وَالْأَشْجَارُ جَمِيعًا، أَوْ هَذِهِ الْحَائِطَ الْبُسْتَانَ، أَوْ هَذِهِ الْمَحُوطَةُ دَخَلَ الْحَائِطُ الْمُحِيطُ وَمَا فِيهِ مِنْ شَجَرٍ وَبِنَاءٍ.

ثُمَّ شَرَعَ فِي اللَّفْظِ الثَّالِثَ وَهُوَ الْقَرْيَةُ وَنَحْوُهَا، فَقَالَ (وَ) يَدْخُلُ (فِي بَيْعِ الْقَرْيَةِ) عِنْدَ الْإِطْلَاقِ (الْأَبْنِيَةُ) مِنْ سُورٍ وَغَيْرِهِ (وَسَاحَاتٍ) وَأَشْجَارٍ (يُحِيطُ بِهَا السُّورُ) بِخِلَافِ الْخَارِجِ عَنْهُ (لَا الْمَزَارِعُ) وَالْأَشْجَارُ الَّتِي حَوْلَهَا فَلَا تَدْخُلُ (عَلَى الصَّحِيحِ) وَلَوْ قَالَ: بِعْتُكَهَا بِحُقُوقِهَا؛ لِأَنَّ الْعُرْفَ لَا يَقْتَضِي دُخُولَهَا، وَلِهَذَا لَا يَحْنَثُ مَنْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ الْقَرْيَةَ بِدُخُولِهَا، وَالثَّانِي: تَدْخُلُ، وَالثَّالِثُ: إنْ قَالَ بِحُقُوقِهَا دَخَلَتْ وَإِلَّا فَلَا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا سُورٌ دَخَلَ مَا اخْتَلَطَ بِبِنَائِهَا مِنْ الْمَسَاكِنِ وَالْأَبْنِيَةِ، وَلَا تَدْخُلُ الْأَبْنِيَةُ الْخَارِجَةُ عَنْ السُّورِ الْمُتَّصِلَةِ بِهِ كَمَا هُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ وَإِنْ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ فِيهِ نَظَرٌ، وَسَكَتَ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْحَرِيمِ، وَقَدْ صَرَّحَ بِدُخُولِ حَرِيمِ الدَّارِ فِي بَيْعِهَا فَيَأْتِي مِثْلُهُ هُنَا، وَسَكَتَ الْمُصَنِّفُ عَنْ دُخُولِ السُّورِ. قَالَ السُّبْكِيُّ: وَلَا بُدَّ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ دَاخِلٌ تَحْتَ اسْمِهَا وَحَيْثُ دَخَلَ السُّورُ دَخَلَتْ الْمَزَارِعُ الَّتِي مِنْ دَاخِلِهِ كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَمِثْلُ الْقَرْيَةِ فِيمَا مَرَّ الدَّسْكَرَةُ، وَتُقَالُ لِقَصْرٍ حَوْلَهُ بُيُوتٌ، وَلِلْقَرْيَةِ وَالْأَرْضِ الْمُسْتَوِيَةِ وَالصَّوْمَعَةِ وَلِبُيُوتِ الْأَعَاجِمِ يَكُونُ فِيهَا الشَّرَابُ وَالْمَلَاهِي.

ثُمَّ شَرَعَ فِي اللَّفْظِ الرَّابِعَ وَهُوَ الدَّارُ فَقَالَ (وَ) يَدْخُلُ (فِي بَيْعِ الدَّارِ) عِنْدَ الْإِطْلَاقِ (الْأَرْضُ) إجْمَاعًا إذَا كَانَتْ مَمْلُوكَةً لِلْبَائِعِ، فَإِنْ كَانَتْ مَوْقُوفَةً أَوْ مُحْتَكَرَةً لَمْ تَدْخُلْ، وَيَثْبُتُ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي إذَا كَانَ جَاهِلًا بِذَلِكَ (وَكُلُّ بِنَاءٍ) مِنْ عُلْوٍ وَسُفْلٍ؛ لِأَنَّ الدَّارَ اسْمٌ لِلْبِنَاءِ وَالْأَرْضِ، وَتَدْخُلُ الْأَجْنِحَةُ وَالرَّوَاشِنُ وَالدَّرَجُ وَالْمَرَاقِي الْمَعْقُودَةُ وَالسَّقْفُ وَالْآجُرُّ وَالْبَلَاطُ الْمَفْرُوشُ الثَّابِتُ فِي الْأَرْضِ (حَتَّى حَمَّامُهَا) الْمُثْبَتُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ مَرَافِقِهَا. وَحُكِيَ عَنْ النَّصِّ أَنَّ حَمَّامَهَا لَا يَدْخُلُ، وَحَمَلَهُ الرَّبِيعُ عَلَى حَمَّامَاتِ الْحِجَازِ، وَهِيَ بُيُوتٌ مِنْ خَشَبٍ تُنْقَلُ.

تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ حَمَّامُهَا مَرْفُوعٌ، قِيلَ: لِأَنَّ حَتَّى عَاطِفَةٌ كَالْوَاوِ، وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ ابْنَ مَالِكٍ

ص: 488

لَا الْمَنْقُولُ كَالدَّلْوِ وَالْبَكْرَةِ وَالسَّرِيرِ، وَتَدْخُلُ الْأَبْوَابُ الْمَنْصُوبَةُ وَحِلَقُهَا وَالْإِجَّانَاتُ وَالرَّفُّ وَالسُّلَّمُ الْمُسَمَّرَانِ، وَكَذَا الْأَسْفَلُ مِنْ حَجَرَيْ الرَّحَى عَلَى الصَّحِيحِ، وَالْأَعْلَى وَمِفْتَاحُ غَلْقٍ مُثْبَتٌ فِي الْأَصَحِّ.

ــ

[مغني المحتاج]

ذَكَرَ أَنَّ عَطْفَ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ يَخْتَصُّ بِالْوَاوِ، فَالْأَحْسَنُ أَنْ تَكُونَ ابْتِدَائِيَّةً وَالْخَبَرُ مَحْذُوفٌ: أَيْ يَدْخُلُ، وَيَدْخُلُ شَجَرٌ رَطْبٌ مَغْرُوسٌ فِيهَا أَمَّا الْيَابِسُ فَلَا يَدْخُلُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْخُلُ فِي بَيْعِ الْأَرْضِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ، وَتَدْخُلُ حَرِيمُهَا بِشَجَرِهِ الرَّطْبِ إنْ كَانَتْ فِي طَرِيقٍ لَا يَنْفُذُ، فَإِنْ كَانَتْ فِي طَرِيقٍ نَافِذٍ فَلَا حَرِيمَ لَهَا (لَا الْمَنْقُولُ كَالدَّلْوِ وَالْبَكْرَةِ) بِإِسْكَانِ الْكَافِ أَشْهَرُ مِنْ فَتْحِهَا (وَالسَّرِيرِ) غَيْرِ الْمُسَمَّرِ وَالدَّفِينِ، فَلَا يَدْخُلُ فِي بَيْعِ الدَّارِ؛ لِأَنَّ اسْمَهَا لَا يَتَنَاوَلُهُ (وَتَدْخُلُ الْأَبْوَابُ الْمَنْصُوبَةُ وَحِلَقُهَا) بِفَتْحِ اللَّامِ وَغَلَقُهَا الْمُثْبَتُ وَالْخَوَابِي وَمَعَاجِنُ الْخَبَّازِينَ وَخَشَبُ الْقَصَّارِينَ (وَالْإِجَّانَاتُ) الْمُثْبَتَةُ، وَهِيَ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَتَشْدِيدِ الْجِيمِ مَا يُغْسَلُ فِيهَا (وَالرَّفُّ وَالسُّلَّمُ) بِفَتْحِ اللَّامِ (الْمُسَمَّرَانِ) وَمِثْلُ التَّسْمِيرِ التَّطْيِينُ (وَكَذَا) يَدْخُلُ (الْأَسْفَلُ مِنْ حَجَرَيْ الرَّحَى عَلَى الصَّحِيحِ) لِثَبَاتِهِ. وَالثَّانِي: لَا يَدْخُلُ؛ لِأَنَّهُ مَنْقُولٌ وَإِنَّمَا أُثْبِتَ لِسُهُولَةِ الِارْتِفَاقِ بِهِ كَيْ لَا يَتَزَحْزَحَ عِنْدَ الِاسْتِعْمَالِ (وَ) يَدْخُلُ (الْأَعْلَى) أَيْضًا مِنْ الْحَجَرَيْنِ (وَمِفْتَاحُ غَلْقٍ مُثْبَتٌ فِي الْأَصَحِّ) وَهُوَ بِفَتْحِ اللَّامِ: مَا يُغْلَقُ بِهِ الْبَابُ؛ لِأَنَّهُمَا تَابِعَانِ لِشَيْءٍ مُثْبَتٍ بِخِلَافِ مِفْتَاحِ الْقُفْلِ، فَإِنَّ الْقُفْلَ لَا يَدْخُلُ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُثْبَتٍ. وَالثَّانِي: لَا يَدْخُلَانِ نَظَرًا إلَى أَنَّهُمَا مَنْقُولَانِ، وَالْخِلَافُ مَبْنِيٌّ عَلَى دُخُولِ الْأَسْفَلِ، صَرَّحَ بِهِ فِي الشَّرْحِ وَالْمُحَرَّرِ وَأَسْقَطَهُ مِنْ الرَّوْضَةِ كَالْمِنْهَاجِ، وَأَسْقَطَ مِنْهُ تَقْيِيدَ الْإِجَّانَاتِ بِالْمُثْبَتَةِ وَحِكَايَةُ وَجْهٍ فِيهَا وَفِي الْمَسْأَلَتَيْنِ بَعْدَهَا وَلَفْظُ الْمُحَرَّرِ، وَكَذَا الْإِجَّانَاتُ وَالرُّفُوفُ الْمُثْبَتَةُ وَالسَّلَالِمُ الْمُسَمَّرَةُ وَالتَّحْتَانِيُّ مِنْ حَجَرَيْ الرَّحَى عَلَى أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ، فَفَهِمَ الْمُصَنِّفُ أَنَّ التَّقْيِيدَ وَحِكَايَةَ الْخِلَافِ لِمَا وَلِيَاهُ فَقَطْ، وَتَدْخُلُ أَلْوَاحُ الدَّكَاكِينِ وَكُلُّ مُنْفَصِلٍ يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ نَفْعٌ مُتَّصِلٌ كَرَأْسِ التَّنُّورِ وَصُنْدُوقِ الْبِئْرِ وَالطَّاحُونِ وَآلَاتِ السَّفِينَةِ. فَإِنْ قِيلَ: لَمْ يُقَيِّدُوا أَلْوَاحَ الدَّكَاكِينِ بِالْمَنْصُوبَةِ كَمَا فَعَلُوا فِي بَابِ الدَّارِ لِمَاذَا؟ .

أُجِيبَ بِأَنَّ الْعَادَةَ جَارِيَةٌ فِي انْفِصَالِ أَلْوَاحِ الدَّكَاكِينِ بِخِلَافِ بَابِ الدَّارِ.

فَرْعٌ: لَا يَدْخُلُ فِي بَيْعِ الدَّارِ وَنَحْوِهَا إذَا كَانَ بِهَا بِئْرُ مَاءٍ مَاءُ الْبِئْرِ الْحَاصِلُ حَالَةَ الْبَيْعِ كَالثَّمَرَةِ الْمُؤَبَّرَةِ وَمَاءُ الصِّهْرِيجِ، فَإِنْ لَمْ يُشْرَطْ دُخُولَهُ فِي الْعَقْدِ فَسَدَ لِاخْتِلَاطِهِ بِالْحَادِثِ، فَلَا يَصِحُّ بَيْعُهُ وَحْدَهُ، وَلَا بُدَّ مِنْ شَرْطِ دُخُولِهِ لِيَصِحَّ الْبَيْعُ بِخِلَافِ مَاءِ الصِّهْرِيجِ، وَيَدْخُلُ

ص: 489

وَفِي بَيْعِ الدَّابَّةِ نَعْلُهَا، وَكَذَا ثِيَابُ الْعَبْدِ فِي بَيْعِهِ فِي الْأَصَحِّ قُلْت: الْأَصَحُّ لَا تَدْخُلُ ثِيَابُ الْعَبْدِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

فَرْعٌ: بَاعَ شَجَرَةً دَخَلَ عُرُوقُهَا وَوَرَقُهَا وَفِي وَرَقِ التُّوتِ وَجْهٌ، وَأَغْصَانُهَا إلَّا الْيَابِسَ،

ــ

[مغني المحتاج]

فِي بَيْعِهَا الْمَعَادِنُ الْبَاطِنَةُ كَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ لَا الظَّاهِرَةُ كَالْمِلْحِ وَالنُّورَةِ وَالْكِبْرِيتِ، فَحُكْمُ الظَّاهِرِ كَالْمَاءِ الْحَاصِلِ فِي أَنَّهُ لَا يَصِحُّ بَيْعُ مَا ذُكِرَ وَلَا تَدْخُلُ هِيَ فِيهِ إلَّا بِشَرْطِ دُخُولِهَا.

ثُمَّ شَرَعَ فِي اللَّفْظِ الْخَامِسِ وَهُوَ الْحَيَوَانُ فَقَالَ (وَ) يَدْخُلُ (فِي بَيْعِ الدَّابَّةِ نَعْلُهَا) وَبَرَّتُهَا، وَهِيَ حَلْقَةٌ تُجْعَلُ فِي أَنْفِهَا إنْ لَمْ يَكُونَا ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً، وَإِلَّا فَلَا يَدْخُلَانِ لِلْعُرْفِ فِيهِمَا وَلِحُرْمَةِ اسْتِعْمَالِهَا حِينَئِذٍ، وَلَا يَدْخُلُ فِي بَيْعِهَا الْعَذَارُ وَالْمِقْوَدُ وَاللِّجَامُ وَالسَّرْجُ اقْتِصَارًا عَلَى مُقْتَضَى اللَّفْظِ (وَكَذَا) تَدْخُلُ (ثِيَابُ الْعَبْدِ) الَّتِي عَلَيْهِ (فِي بَيْعِهِ فِي الْأَصَحِّ) لِلْعُرْفِ (قُلْت: الْأَصَحُّ لَا تَدْخُلُ ثِيَابُ الْعَبْدِ) فِي بَيْعِهِ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) وَلَوْ كَانَتْ سَاتِرَةَ الْعَوْرَةِ اقْتِصَارًا عَلَى مُقْتَضَى اللَّفْظِ، وَالْأَمَةُ كَالْعَبْدِ كَمَا فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ، وَمِثْلُهَا الْخُنْثَى، وَلَا يَدْخُلُ الْقُرْطُ الَّذِي فِي أُذُنِ الرَّقِيقِ، وَلَا الْخَاتَمُ الَّذِي فِي يَدِهِ بِلَا خِلَافٍ، وَجَعَلُوا الْمَدَاسَ كَذَلِكَ، وَالْقِيَاسُ أَنْ يَكُونَ كَالثِّيَابِ.

ثُمَّ شَرَعَ فِي اللَّفْظِ السَّادِسِ وَتَرْجَمَ لَهُ بِفَرْعٍ فَقَالَ: فَرْعٌ إذَا (بَاعَ شَجَرَةً) رَطْبَةً وَأَطْلَقَ وَلَوْ مَعَ الْأَرْضِ تَبَعًا أَوْ بِالتَّصْرِيحِ (دَخَلَ عُرُوقُهَا) إنْ لَمْ يَشْرُطْ قَطْعَهَا (وَوَرَقُهَا) لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ مُسَمَّاهَا، وَلَا فَرْقَ فِي دُخُولِ الْوَرَقِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ مِنْ فِرْصَادٍ وَسِدْرٍ وَحِنَّاءٍ وَتُوتٍ أَبْيَضَ أَوْ غَيْرِهِ لِمَا ذُكِرَ (وَفِي وَرَقِ التُّوتِ) الْأَبْيَضِ الْأُنْثَى الْمَبِيعِ شَجَرَتُهُ فِي الرَّبِيعِ، وَقَدْ خَرَجَ (وَجْهٌ) أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ، وَكَذَا فِي وَرَقِ النَّبِقِ، وَصَحَّحَ ابْنُ الرِّفْعَةِ أَنَّ وَرَقَ الْحِنَّاءِ لَا يَدْخُلُ. وَعَلَّلَ عَدَمَ الدُّخُولِ فِيمَا ذُكِرَ بِأَنَّهُ كَثَمَرِ سَائِرِ الْأَشْجَارِ، وَالتُّوتُ بِتَاءَيْنِ عَلَى الْفَصِيحِ، وَفِي لُغَةٍ أَنَّهُ بِالْمُثَلَّثَةِ فِي آخِرِهِ (وَ) دَخَلَ (أَغْصَانُهَا إلَّا الْيَابِسَ) فَلَا يَدْخُلُ؛ لِأَنَّ الرَّطْبَةَ تُعَدُّ مِنْ أَجْزَائِهَا بِخِلَافِ الْيَابِسَةِ إذَا كَانَتْ الشَّجَرَةُ رَطْبَةً كَمَا مَرَّ؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ فِيهِ الْقَطْعُ كَالثَّمَرَةِ.

تَنْبِيهٌ: شَمِلَ كَلَامُهُ أَغْصَانَ شَجَرِ الْخِلَافِ، وَفِيهِ خِلَافٌ، فَقَدْ صَرَّحَ الْإِمَامُ فِي مَوْضِعٍ بِالدُّخُولِ وَفِي آخَرَ بِعَدَمِهِ وَجُمِعَ بَيْنَهُمَا بِمَا قَالَهُ الْقَاضِي: إنَّ الْخِلَافَ نَوْعَانِ: مَا يُقْطَعُ مِنْ أَصْلِهِ فَتَدْخُلُ أَغْصَانُهُ، وَمَا يُتْرَكُ سَاقُهُ وَتُؤْخَذُ أَغْصَانُهُ فَلَا تَدْخُلُ وَيَدْخُلُ أَيْضًا الْكِمَامُ، وَهِيَ بِكَسْرِ الْكَافِ أَوْعِيَةُ الطَّلْعِ وَغَيْرِهِ وَلَوْ كَانَ ثَمَرُهَا مُؤَبَّرًا؛ لِأَنَّهَا تَبْقَى بِبَقَاءِ

ص: 490

وَيَصِحُّ بَيْعُهَا بِشَرْطِ الْقَلْعِ أَوْ الْقَطْعُ، وَبِشَرْطِ الْإِبْقَاءِ، وَالْإِطْلَاقُ يَقْتَضِي الْإِبْقَاءَ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْمَغْرِسِ لَكِنْ يَسْتَحِقُّ مَنْفَعَتَهُ مَا بَقِيَتْ الشَّجَرَةُ. وَلَوْ كَانَتْ

ــ

[مغني المحتاج]

الْأَغْصَانِ، وَمِثْلُهَا الْعُرْجُونُ كَمَا بَحَثَهُ شَيْخُنَا وَإِنْ قَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّهُ لِمَنْ لَهُ الثَّمَرَةُ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَتَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الْعُرُوقِ وَالْأَوْرَاقِ بَيْنَ الْيَابِسَةِ وَغَيْرِهَا، وَهُوَ مُقْتَضَى إطْلَاقِ الرَّافِعِيِّ أَيْضًا وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ فِي الْكِفَايَةِ، لَكِنْ فِي الْعُرُوقِ خَاصَّةً. اهـ.

وَيُؤْخَذُ مِنْ اقْتِصَارِ صَاحِبِ الْكِفَايَةِ عَلَى الْعُرُوقِ أَنَّ الْأَوْرَاقَ الْيَابِسَةَ لَا تَدْخُلُ وَهُوَ الْأَوْجَهُ كَمَا قَالَ شَيْخِي؛ لِأَنَّ الْوَرَقَ أَوْلَى بِعَدَمِ الدُّخُولِ مِنْ الْغُصْنِ الْيَابِسِ (وَيَصِحُّ بَيْعُهَا بِشَرْطِ الْقَلْعِ) وَتَدْخُلُ الْعُرُوقُ (أَوْ الْقَطْعُ) وَلَا تَدْخُلُ كَمَا مَرَّ بَلْ تُقْطَعُ عَنْ وَجْهِ الْأَرْضِ (وَبِشَرْطِ الْإِبْقَاءِ) وَيُتْبَعُ الشَّرْطُ (وَالْإِطْلَاقُ) بِأَنْ لَمْ يَشْرِطْ قَلْعًا وَلَا قَطْعًا وَلَا إبْقَاءً (يَقْتَضِي الْإِبْقَاءَ) فِي الشَّجَرَةِ الرَّطْبَةِ لِلْعَادَةِ بِخِلَافِ الْيَابِسَةِ كَمَا سَيَأْتِي (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ) أَيْ الشَّأْنَ لَا يَدْخُلُ فِي بَيْعِهَا (الْمَغْرِسِ) بِكَسْرِ الرَّاءِ مَوْضِعِ غَرْسِهَا حَيْثُ أُبْقِيَتْ؛ لِأَنَّ اسْمَ الشَّجَرَةِ لَا يَتَنَاوَلُهُ فَلَيْسَ لَهُ بَيْعُهُ، وَلَا أَنْ يَغْرِسَ بَدَلَهَا إذَا قُلِعَتْ (لَكِنْ يَسْتَحِقُّ) الْمُشْتَرِي (مَنْفَعَتَهُ) فَيَجِبُ عَلَى مَالِكِهِ أَوْ مُسْتَحَقِّ مَنْفَعَتِهِ بِإِجَارَةٍ أَوْ وَصِيَّةٍ أَنْ يُمَكِّنَهُ مِنْهُ (مَا بَقِيَتْ الشَّجَرَةُ) تَبَعًا لَهَا، وَلَوْ بَذَلَ مَالِكُهُ أَرْشَ الْقَلْعِ لِمَالِكِهَا وَأَرَادَ قَلْعَهَا فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ إبْقَاؤُهَا، وَلَا يَجُوزُ لَهُ قَلْعُهَا، وَلَوْ تَفَرَّخَتْ مِنْهَا شَجَرَةٌ أُخْرَى فَهَلْ يَسْتَحِقُّ إبْقَاءَهَا إلْحَاقًا لَهَا بِمَا يَتَجَدَّدُ فِي الْأَصْلِ مِنْ الْعُرُوقِ وَالْغِلَظِ أَوْ يُؤْمَرُ بِقَطْعِهَا لِكَوْنِهَا لَمْ تَكُنْ حَالَةَ الْعَقْدِ، أَوْ يُفَرِّقُ بَيْنَ مَا جَرَتْ الْعَادَةُ فِي اسْتِخْلَافِهِ وَبَيْنَ مَا لَمْ تَجْرِ بِهِ. قَالَ بَعْضُهُمْ: فِيهِ احْتِمَالَاتٌ. قَالَ فِي الْمَطْلَبِ: وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ. وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ: يُحْتَمَلُ أَنْ تَبْقَى مُدَّةَ الْأَصْلِ، فَإِنْ زَالَ أُزِيلَتْ اهـ.

وَهَذَا أَظْهَرُ. قَالَ فِي الْمَطْلَبِ: وَمَا يُعْلَمُ اسْتِخْلَافُهُ كَشَجَرِ الْمَوْزِ، فَلَا شَكَّ فِي وُجُوبِ بَقَائِهِ اهـ.

وَالثَّانِي: يَدْخُلُ لِاسْتِحْقَاقِهِ مَنْفَعَتَهُ لَا إلَى غَايَةٍ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: هَلْ مَحَلُّ الْخِلَافِ فِيمَا يُسَامِتُ الشَّجَرَةَ مِنْ الْأَرْضِ دُونَ مَا يَمْتَدُّ إلَيْهِ أَغْصَانُهَا أَمْ الْخِلَافُ فِي الْجَمِيعِ؟ ، فَإِنْ كَانَ الثَّانِي فَيَلْزَمُ أَنْ يَتَجَدَّدَ لِلْمُشْتَرِي كُلُّ وَقْتِ مِلْكٌ لَمْ يَكُنْ اهـ.

وَالْأَوْجَهُ مَا قَالَهُ غَيْرُهُ: وَهُوَ مَا يُسَامِتُ أَصْلَ الشَّجَرَةِ خَاصَّةً وَالْمَوْضِعُ الَّذِي يَنْتَشِرُ فِيهِ عُرُوقُ الشَّجَرَةِ حَرِيمٌ لِلْمُغْرِسِ حَتَّى لَا يَجُوزَ لِلْبَائِعِ أَنْ يَغْرِسَ إلَى جَانِبِهَا مَا يَضُرُّ بِهَا، وَيَجْرِي الْخِلَافُ فِيمَا لَوْ بَاعَ أَرْضًا وَاسْتَثْنَى لِنَفْسِهِ شَجَرَةً هَلْ يَبْقَى لَهَا مَغْرِسُهَا أَوْ لَا، وَفِيمَا إذَا بَاعَ أَرْضًا فِيهَا مَيِّتٌ مَدْفُونٌ هَلْ يَبْقَى لَهُ مَكَانُ الدَّفْنِ أَوْ لَا كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ فِي أَوَّلِ الدَّفْنِ.

(وَلَوْ كَانَتْ) الشَّجَرَةُ الْمَبِيعَةُ مَعَ الْإِطْلَاقِ

ص: 491

يَابِسَةً لَزِمَ الْمُشْتَرِيَ الْقَلْعُ.

وَثَمَرَةُ النَّخْلِ الْمَبِيعِ إنْ شُرِطَتْ لِلْبَائِعِ أَوْ الْمُشْتَرِي عُمِلَ بِهِ، وَإِلَّا فَإِنْ لَمْ يَتَأَبَّرْ مِنْهَا شَيْءٌ فَهِيَ لِلْمُشْتَرِي، وَإِلَّا فَلِلْبَائِعِ، وَمَا يَخْرُجُ ثَمَرُهُ بِلَا نَوْرٍ: كَتِينٍ وَعِنَبٍ

ــ

[مغني المحتاج]

(يَابِسَةً لَزِمَ الْمُشْتَرِي الْقَلْعَ) لِلْعَادَةِ فِي ذَلِكَ، وَتَعْبِيرُهُ بِالْقَلْعِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ الْمُحَرَّرِ بِالْقَطْعِ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ الْعُرُوقَ لَا تَدْخُلُ وَلَيْسَ مُرَادًا، فَإِنْ شَرَطَ قَطْعَهَا أَوْ قَلْعَهَا لَزِمَهُ الْوَفَاءُ بِهِ أَوْ إبْقَاءَهَا بَطَلَ الْبَيْعُ، كَمَا لَوْ اشْتَرَى ثَمَرَةً مُؤَبَّرَةً وَشَرَطَ عَدَمَ قَطْعِهَا عِنْدَ الْجُذَاذِ. نَعَمْ إنْ كَانَ لَهُ فِي إبْقَائِهَا غَرَضٌ مَقْصُودٌ كَأَنْ كَانَتْ مُجَاوِرَةً لِأَرْضِهِ وَقَصَدَ أَنْ يَضَعَ عَلَيْهَا جُذُوعًا أَوْ بِنَاءً أَوْ نَحْوَهُ كَعَرِيشٍ صَحَّ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ.

ثُمَّ شَرَعَ فِي ذِكْرِ ثَمَرِ الْمَبِيعِ وَهُوَ الْمَقْصُودُ مِنْهُ وَلَوْ مَشْمُومًا كَالْوَرْدِ فَقَالَ (وَثَمَرَةُ النَّخْلِ الْمَبِيعِ إنْ شُرِطَتْ لِلْبَائِعِ أَوْ الْمُشْتَرِي عُمِلَ بِهِ) سَوَاءٌ أَكَانَتْ قَبْلَ التَّأْبِيرِ أَمْ بَعْدَهُ وَفَاءً بِالشَّرْطِ، وَلَوْ شَرَطَ غَيْرَ الْمُؤَبَّرَةِ لِلْمُشْتَرِي كَانَ تَأْكِيدًا كَمَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي وَإِنْ قَالَ السُّبْكِيُّ: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَشَرْطِ الْحَمْلِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ تُشْرَطْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا بِأَنْ سَكَتَ عَنْ ذَلِكَ (فَإِنْ لَمْ يَتَأَبَّرْ مِنْهَا شَيْءٌ فَهِيَ) كُلُّهَا (لِلْمُشْتَرِي، وَإِلَّا) بِأَنْ تَأَبَّرَ مِنْهَا شَيْءٌ (فَلِلْبَائِعِ) أَيْ فَهِيَ كُلُّهَا لَهُ. وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ «مَنْ بَاعَ نَخْلًا قَدْ أُبِّرَتْ فَثَمَرُهَا لِلْبَائِعِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهَا الْمُبْتَاعُ» مَفْهُومُهُ أَنَّهَا إذَا لَمْ تُؤَبَّرْ تَكُونُ الثَّمَرَةُ لِلْمُشْتَرِي إلَّا أَنْ يَشْرُطَهَا الْبَائِعُ، وَكَوْنُهَا فِي الْأَوَّلِ لِلْبَائِعِ صَادِقٌ بِأَنْ يَشْرُطَ لَهُ أَوْ يَسْكُتَ عَنْ ذَلِكَ، وَكَوْنُهَا فِي الثَّانِي لِلْمُشْتَرِي صَادِقٌ بِذَلِكَ، وَأُلْحِقَ بِالنَّخْلِ سَائِرُ الثِّمَارِ وَبِتَأْبِيرِ كُلِّهَا تَأْبِيرُ بَعْضِهَا بِتَبَعِيَّةِ غَيْرِ الْمُؤَبَّرِ لِلْمُؤَبَّرِ لِمَا فِي تَتَبُّعِ ذَلِكَ مِنْ الْعُسْرِ، وَالتَّأْبِيرُ تَشْقِيقُ طَلْعِ الْإِنَاثِ وَذَرِّ طَلْعِ الذُّكُورِ فِيهِ لِيَجِيءَ رُطَبُهَا أَجْوَدَ مِمَّا لَمْ يُؤَبَّرُ، وَالْعَادَةُ الِاكْتِفَاءُ بِتَأْبِيرِ الْبَعْضِ وَالْبَاقِي يَتَشَقَّقُ بِنَفْسِهِ وَيَنْبَثُّ رِيحُ الذُّكُورِ إلَيْهِ، وَقَدْ لَا يُؤَبَّرُ بِشَيْءٍ وَيَتَشَقَّقُ الْكُلُّ، وَالْحُكْمُ فِيهِ كَالْمُؤَبَّرِ اعْتِبَارًا بِظُهُورِ الْمَقْصُودِ، وَلِذَلِكَ عَدَلَ الْمُصَنِّفُ عَنْ قَوْلِ الْمُحَرَّرِ: لَمْ تَكُنْ مُؤَبَّرَةً إلَى مَا قَالَهُ، وَشَمِلَ طَلْعُ الذُّكُورِ فَإِنَّهُ يَتَشَقَّقُ بِنَفْسِهِ، وَلَا يُشَقَّقُ غَالِبًا، وَفِيمَا لَمْ يَتَشَقَّقْ مِنْهُ وَجْهٌ: أَنَّهُ لِلْبَائِعِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ لَا ثَمَرَ لَهُ حَتَّى يُعْتَبَرَ ظُهُورُهَا بِخِلَافِ طَلْعِ الْإِنَاثِ، وَتُسَمَّى ذُكُورُ النَّخْلِ فُحَّالَةٌ بِضَمِّ الْفَاءِ وَتَشْدِيدِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ، وَالْمَقْصُودُ مِنْ طَلْعِهَا الْكَشِّيُّ بِضَمِّ الْكَافِ وَبِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ، وَهُوَ مَا يُلَقَّحُ بِهِ الْإِنَاثُ، وَهُوَ غَيْرُ ظَاهِرٍ حَتَّى يَتَشَقَّقَ، وَلَيْسَ الْمَقْصُودُ مِنْهُ الْأَكْلَ (وَمَا يَخْرُجُ ثَمَرُهُ بِلَا نَوْرٍ) بِفَتْحِ النُّونِ: أَيْ زَهْرٍ (كَتِينٍ وَعِنَبٍ) وَفُسْتُقٍ بِفَتْحِ التَّاءِ، وَيَجُوزُ

ص: 492

إنْ بَرَزَ ثَمَرُهُ فَلِلْبَائِعِ، وَإِلَّا فَلِلْمُشْتَرِي، وَمَا خَرَجَ فِي نَوْرِهِ ثُمَّ سَقَطَ كَمِشْمِشٍ وَتُفَّاحٍ فَلِلْمُشْتَرِي إنْ لَمْ تَنْعَقِدْ الثَّمَرَةُ، وَكَذَا إنْ انْعَقَدَتْ وَلَمْ يَتَنَاثَرْ النَّوْرُ فِي الْأَصَحِّ وَبَعْدَ التَّنَاثُرِ لِلْبَائِعِ،

ــ

[مغني المحتاج]

ضَمُّهَا، وَجَوْزٍ (إنْ بَرَزَ ثَمَرُهُ) أَيْ ظَهَرَ (فَلِلْبَائِعِ، وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَبْرُزْ (فَلِلْمُشْتَرِي) ؛ لِأَنَّ الْبُرُوزَ هُنَا كَالتَّشَقُّقِ فِي الطَّلْعِ، وَلَا يُعْتَبَرُ تَشَقُّقُ الْقِشْرِ الْأَعْلَى مِنْ نَحْوِ جَوْزٍ بَلْ هُوَ لِلْبَائِعِ مُطْلَقًا لِاسْتِتَارِهِ بِمَا هُوَ مِنْ صَلَاحِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَظْهَرُ تَشَقُّقُ الْأَعْلَى مِنْهُ، وَإِنْ ظَهَرَ بَعْضُ التِّينِ أَوْ الْعِنَبِ فَمَا ظَهَرَ لِلْبَائِعِ وَمَا لَمْ يَظْهَرْ فَلِلْمُشْتَرِي كَمَا فِي التَّتِمَّةِ وَالْمُهَذَّبِ، وَالتَّهْذِيبِ وَإِنْ تَوَقَّفَ فِيهِ الشَّيْخَانِ، وَجَزَمَ بِالتَّوَقُّفِ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ، وَفَرَّقَ الْأَئِمَّةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ طَلْعِ النَّخْلِ بِأَنَّ ثَمَرَةَ النَّخْلِ ثَمَرَةُ عَامٍ وَاحِدٍ وَهُوَ لَا يَحْمِلُ فِيهِ إلَّا مَرَّةً، وَالتِّينُ وَنَحْوُهُ يَحْمِلُ حَمْلَيْنِ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى، فَكَانَتْ الْأُولَى لِلْبَائِعِ وَالثَّانِيَةُ لِلْمُشْتَرِي، وَكَالتِّينِ فِيمَا ذُكِرَ الْجُمَّيْزُ وَنَحْوُهُ كَالْقِثَّاءِ وَالْبِطِّيخِ لَا يَتْبَعُ بَعْضُهُ بَعْضًا؛ لِأَنَّهَا بُطُونٌ بِخِلَافِ مَا مَرَّ فِي ثَمَرَةِ النَّخْلِ وَنَحْوِهِ فَإِنَّهَا تُعَدُّ حَمْلًا وَاحِدًا (وَمَا خَرَجَ فِي نَوْرِهِ ثُمَّ سَقَطَ) نَوْرُهُ (كَمِشْمِشٍ) بِكَسْرِ مِيمَيْهِ، وَحُكِيَ فَتْحُهُمَا، وَرُمَّانٍ (وَتُفَّاحٍ) وَلَوْزٍ (فَلِلْمُشْتَرِي إنْ لَمْ تَنْعَقِدْ الثَّمَرَةُ) ؛ لِأَنَّهَا كَالْمَعْدُومَةِ (وَكَذَا) هِيَ لَهُ أَيْضًا (إنْ انْعَقَدَتْ وَلَمْ يَتَنَاثَرْ النَّوْرُ فِي الْأَصَحِّ) إلْحَاقًا لَهَا بِالطَّلْعِ قَبْلَ تَشَقُّقِهِ؛ لِأَنَّ اسْتِتَارَهَا بِالنَّوْرِ بِمَنْزِلَةِ اسْتِتَارِ ثَمَرَةِ النَّخْلِ بِكِمَامِهِ، وَالثَّانِي: يُلْحِقُهَا بِهِ بَعْدَ تَشَقُّقِهِ لِاسْتِتَارِهِ بِالْقِشْرِ الْأَبْيَضِ فَتَكُونُ لِلْبَائِعِ (وَبَعْدَ التَّنَاثُرِ لِلْبَائِعِ) قَطْعًا لِظُهُورِهَا، وَصَرَّحَ فِي التَّنْبِيهِ بِأَنْ مَا لَمْ يَظْهَرْ مِنْ ذَلِكَ تَابِعٌ لِمَا ظَهَرَ.

تَنْبِيهٌ عَدَلَ الْمُصَنِّفُ عَنْ قَوْلِ الْمُحَرَّرِ يَخْرُجُ الْمُنَاسِبُ لِلتَّقْسِيمِ بَعْدَهُ. قَالَ الشَّارِحُ: كَأَنَّهُ لِئَلَّا يَشْتَبِهَ بِمَا قَبْلَهُ وَمَا يُقْصَدُ مِنْهُ الْوَرْدُ ضَرْبَانِ: مَا يَخْرُجُ مِنْ كِمَامٍ ثُمَّ يَنْفَتِحُ كَالْوَرْدِ الْأَحْمَرِ إنْ بِيعَ أَصْلُهُ بَعْدَ تَفَتُّحِهِ فَلِلْبَائِعِ كَالطَّلْعِ الْمُتَشَقِّقِ أَوْ قَبْلَهُ فَلِلْمُشْتَرِي، وَمَا يَخْرُجُ ظَاهِرًا كَالْيَاسَمِينِ، فَإِنْ خَرَجَ وَرْدُهُ فَلِلْبَائِعِ وَإِلَّا فَلِلْمُشْتَرِي، وَتَشَقُّقُ جَوْزِ قُطْنٍ يَبْقَى أَصْلُهُ سَنَتَيْنِ فَأَكْثَرَ كَتَأْبِيرِ النَّخْلِ فَيَتْبَعُ الْمُسْتَتِرَ غَيْرُهُ، وَمَا لَا يَبْقَى أَصْلُهُ أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ إنْ بِيعَ قَبْلَ تَكَامُلِ قُطْنِهِ لَمْ يَجُزْ إلَّا بِشَرْطِ الْقَطْعِ كَالزَّرْعِ سَوَاءٌ أَخَرَجَ الْجَوْزُ أَمْ لَا. ثُمَّ إنْ لَمْ يَقْطَعْ حَتَّى خَرَجَ الْجَوْزُ فَهُوَ لِلْمُشْتَرِي لِحُدُوثِهِ فِي مِلْكِهِ، وَإِنْ بِيعَ بَعْدَ تَكَامُلِ قُطْنِهِ وَتَشَقُّقِ جَوْزِهِ صَحَّ الْعَقْدُ لِظُهُورِ الْمَقْصُودِ وَدَخَلَ الْقُطْنُ فِي الْبَيْعِ. فَإِنْ قِيلَ إذَا تَشَقَّقَ يَكُونُ كَالثَّمَرَةِ الْمُؤَبَّرَةِ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْقَاضِي فَلَا يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ.

أُجِيبَ بِأَنَّ الشَّجَرَةَ الْمُؤَبَّرَةَ مَقْصُودَةٌ كَثِمَارِ سَائِرِ

ص: 493

وَلَوْ بَاعَ نَخَلَاتِ بُسْتَانٍ مُطْلِعَةٍ وَبَعْضُهَا مُؤَبَّرٌ فَلِلْبَائِعِ، فَإِنْ أَفْرَدَ مَا لَمْ يُؤَبَّرْ فَلِلْمُشْتَرِي فِي الْأَصَحِّ، وَلَوْ كَانَتْ فِي بَسَاتِينَ فَالْأَصَحُّ إفْرَادُ كُلِّ بُسْتَانٍ بِحُكْمِهِ، وَإِذَا بَقِيَتْ الثَّمَرَةُ لِلْبَائِعِ، فَإِنْ شَرَطَ الْقَطْعَ لَزِمَهُ، وَإِلَّا فَلَهُ تَرْكُهَا إلَى الْجِدَادِ، وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا السَّقْيُ إنْ انْتَفَعَ بِهِ الشَّجَرُ وَالثَّمَرُ. وَلَا مَنْعَ لِلْآخَرِ،

ــ

[مغني المحتاج]

الْأَعْوَامِ، وَلَا مَقْصُودَ هُنَا سِوَى الثَّمَرَةِ الْمَوْجُودَةِ وَإِنْ لَمْ يَتَشَقَّقْ جَوْزُهُ لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ لِاسْتِتَارِ قُطْنِهِ بِمَا لَيْسَ مِنْ صَلَاحِهِ (وَلَوْ بَاعَ نَخَلَاتِ بُسْتَانٍ مُطْلِعَةٍ) بِكَسْرِ اللَّامِ: أَيْ خَرَجَ طَلْعُهَا (وَبَعْضُهَا) قَالَ الشَّارِحُ: أَيْ مِنْ حَيْثُ الطَّلْعُ (مُؤَبَّرٌ) دُونَ بَعْضٍ وَاتَّحَدَ الْجِنْسُ وَالْعَقْدُ (فَلِلْبَائِعِ) طَلْعُهَا جَمِيعُهُ الْمُؤَبَّرُ وَغَيْرُهُ لِمَا مَرَّ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ مِنْ حَيْثُ الطَّلْعُ اخْتِلَافُ النَّوْعِ وَاخْتِلَافُ الْجِنْسِ، فَإِنَّ الْأَوَّلَ يُتْبَعُ عَلَى الْأَصَحِّ وَالثَّانِي: لَا يُتْبَعُ جَزْمًا (فَإِنْ أَفْرَدَ مَا لَمْ يُؤَبَّرْ) بِالْبَيْعِ وَاتَّحَدَ النَّوْعُ (فَلِلْمُشْتَرِي) طَلْعُهُ (فِي الْأَصَحِّ) لِمَا مَرَّ، وَالثَّانِي: هُوَ لِلْبَائِعِ اكْتِفَاءً بِدُخُولِ وَقْتِ التَّأْبِيرِ عَنْهُ، وَأَمَّا الْمُؤَبَّرُ فَلِلْبَائِعِ، وَلَوْ بَاعَ نَخْلَةً وَبَقِيَتْ ثَمَرَتُهَا لِلْبَائِعِ ثُمَّ خَرَجَ طَلْعٌ آخَرَ كَانَ لَهُ أَيْضًا كَمَا صَرَّحَا بِهِ. قَالَا: لِأَنَّهُ مِنْ ثَمَرَةِ الْعَامِ. قَالَ شَيْخُنَا قُلْت: وَإِلْحَاقًا لِلنَّادِرِ بِالْأَعَمِّ الْأَغْلَبِ (وَلَوْ كَانَتْ) أَيْ النَّخَلَاتُ الْمَذْكُورَةُ (فِي بَسَاتِينَ) أَيْ الْمُؤَبَّرَةِ فِي بُسْتَانٍ وَغَيْرِهَا فِي بُسْتَانٍ وَاتَّحَدَ الْعَقْدُ وَالْجِنْسُ وَالْمَالِكُ (فَالْأَصَحُّ إفْرَادُ كُلِّ بُسْتَانٍ بِحُكْمِهِ) سَوَاءٌ أَتَبَاعَدَا أَمْ تَلَاصَقَا، وَالثَّانِي: هُمَا كَالْبُسْتَانِ الْوَاحِدِ. أَمَّا إذَا تَعَدَّدَ الْعَقْدُ أَوْ اخْتَلَفَ الْجِنْسُ أَوْ تَعَدَّدَ الْمَالِكُ أُفْرِدَ كُلٌّ بِحُكْمِهِ جَزْمًا (وَإِذَا بَقِيَتْ الثَّمَرَةُ لِلْبَائِعِ) بِشَرْطٍ أَوْ غَيْرِهِ (فَإِنْ شَرَطَ الْقَطْعَ لَزِمَهُ) وَفَاءً بِالشَّرْطِ (وَإِلَّا) بِأَنْ أَطْلَقَ أَوْ شَرَطَ الْإِبْقَاءَ وَهُوَ مَزِيدٌ عَلَى الْمُحَرَّرِ وَالرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا (فَلَهُ تَرْكُهَا إلَى) زَمَنِ (الْجِدَادِ) تَحْكِيمًا لِلْعَادَةِ كَمَا يَجِبُ تَبْقِيَةُ الزَّرْعِ إلَى أَوَانِ الْحَصَادِ وَإِبْقَاءِ الْمَتَاعِ فِي السَّفِينَةِ فِي اللُّجَّةِ إلَى الْوُصُولِ إلَى الشَّطِّ، وَهُوَ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَكَسْرِهَا وَإِهْمَالِ الدَّالَيْنِ كَمَا فِي الصِّحَاحِ، وَحُكِيَ إعْجَامُهُمَا. ثُمَّ إذَا جَاءَ أَوَانُ الْجِدَادِ لَيْسَ لَهُ الصَّبْرُ حَتَّى يَأْخُذَهَا عَلَى التَّدْرِيجِ وَلَا تَأْخِيرُهَا إلَى تَنَاهِي نُضْجِهَا بَلْ الْمُعْتَبَرُ فِي ذَلِكَ الْعَادَةُ، وَلَوْ كَانَتْ الثَّمَرَةُ مِنْ نَوْعٍ يُعْتَادُ قَطْعُهُ قَبْلَ النُّضْجِ كَالْمَوْزِ الْأَخْضَرِ فِي بِلَادٍ لَا يَنْتَهِي فِيهَا كُلِّفَ الْبَائِعُ قَطْعَهَا عَلَى الْعَادَةِ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ التَّبْقِيَةِ صُورَتَانِ: الْأُولَى إذَا تَعَذَّرَ سَقْيُ الثَّمَرَةِ لِانْقِطَاعِ الْمَاءِ وَعِظَمِ ضَرَرِ الشَّجَرِ بِإِبْقَائِهَا فَلَيْسَ لَهُ إبْقَاؤُهَا. الثَّانِيَةُ إذَا أَصَابَتْهَا آفَةٌ وَلَا فَائِدَةَ فِي تَرْكِهَا فَلَيْسَ لَهُ إبْقَاؤُهَا (وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا) أَيْ الْمُتَبَايِعَيْنِ فِي الْإِبْقَاءِ (السَّقْيُ إنْ انْتَفَعَ بِهِ الشَّجَرُ وَالثَّمَرُ) أَوْ أَحَدُهُمَا (وَلَا مَنْعَ لِلْآخَرِ) مِنْهُ لِعَدَمِ ضَرَرِهِ.

ص: 494