الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَوْ بَاعَ حَامِلًا مُطْلَقًا دَخَلَ الْحَمْلُ فِي الْبَيْعِ.
فَصْلٌ وَمِنْ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ مَا لَا يُبْطِلُ لِرُجُوعِهِ: إلَى مَعْنًى يَقْتَرِنُ بِهِ كَبَيْعِ حَاضِرٍ لِبَادٍ بِأَنْ يَقْدُمَ غَرِيبٌ بِمَتَاعٍ تَعُمُّ الْحَاجَةُ إلَيْهِ
ــ
[مغني المحتاج]
بَيْعُ الْحَامِلِ بِرَقِيقٍ لِغَيْرِ مَالِكِ الْأُمِّ، فَلَوْ وَكَّلَ مَالِكُ الْحَمْلِ مَالِكَ الْأُمِّ فَبَاعَهُمَا دُفْعَةً لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْ الْعَقْدَ بِنَفْسِهِ فَلَا يَصِحُّ مِنْهُ التَّوْكِيلُ فِيهِ. فَإِنْ قِيلَ: يَشْكُلُ عَلَى عَدَمِ صِحَّةِ بَيْعِ الْحَامِلِ بِحُرٍّ أَوْ بِرَقِيقٍ لِغَيْرِ مَالِكِ الْأُمِّ صِحَّةُ بَيْعِ الدَّارِ الْمُسْتَأْجَرَةِ مَعَ أَنَّ الْمَنْفَعَةَ لَا تَدْخُلُ فَكَأَنَّهُ اسْتَثْنَاهَا.
أُجِيبَ بِأَنَّ الْحَمْلَ أَشْدُ اتِّصَالًا مِنْ الْمَنْفَعَةِ بِدَلِيلِ جَوَازِ إفْرَادِهَا بِالْعَقْدِ بِخِلَافِهِ، وَبِأَنَّ اسْتِثْنَاءَ الْمَنْفَعَةِ قَدْ وَرَدَ فِي قِصَّةِ جَابِرٍ لِمَا بَاعَ جَمَلَهُ مِنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَاسْتَثْنَى ظَهْرَهُ إلَى الْمَدِينَةِ فَبَقِيَ مَا سِوَاهُ عَلَى الْأَصْلِ.
(وَلَوْ بَاعَ حَامِلًا) حَمْلُهَا لَهُ (مُطْلَقًا) مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِدُخُولٍ أَوْ عَدَمِهِ (دَخَلَ الْحَمْلُ فِي الْبَيْعِ) تَبَعًا لَهَا بِالْإِجْمَاعِ. أَمَّا إذَا كَانَ حَمْلُهَا لِغَيْرِهِ فَإِنَّ الْبَيْعَ لَا يَصِحُّ كَمَا مَرَّ، وَلَوْ وَضَعَتْ وَلَدًا ثُمَّ بَاعَهَا مَالِكُهَا فَوَضَعَتْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي وَلَدًا آخَرَ وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَوَّلِ دُونَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، فَفِي أَوَاخِرِ النِّهَايَةِ عَنْ النَّصِّ أَنَّهُ لِلْبَائِعِ لِأَنَّهُ حَمْلٌ وَاحِدٌ. قَالَ الْإِمَامُ: وَالْقِيَاسُ أَنَّهُ لِلْمُشْتَرِي لِانْفِصَالِهِ فِي مِلْكِهِ، وَبِهَذَا جَزَمَ الشَّيْخَانِ فِي بَابِ الْكِتَابَةِ مُسْتَدِلَّيْنِ بِهِ عَلَى نَظَائِرِهَا مِنْ الْكِتَابَةِ وَقَالَ الْمُتَوَلِّي: فِي بَابِ بَيْعِ الْأُصُولِ وَالثِّمَارِ: إنَّهُ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ فَمَنْ اسْتَثْنَى هَذِهِ الصُّورَةَ مِنْ إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ فَقَدْ وَهِمَ.
[فَصْلٌ فِيمَا نُهِيَ عَنْهُ مِنْ الْبُيُوعِ نَهْيًا لَا يَقْتَضِي بُطْلَانَهَا]
، وَفِيهِ أَيْضًا مَا يَقْتَضِي الْبُطْلَانَ وَغَيْرَ ذَلِكَ، وَقَدْ شَرَعَ فِي بَيَانِ ذَلِكَ فَقَالَ (وَمِنْ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ مَا لَا يُبْطِلُ) بِضَمِّ الْيَاءِ بِضَبْطِ الْمُصَنِّفِ: أَيْ مَعَ كَسْرِ الطَّاءِ: أَيْ النَّهْيُ فِيهِ الْبَيْعَ وَيَجُوزُ فَتْحُ الطَّاءِ مَعَ ضَمِّ الْيَاءِ أَيْضًا وَعَكْسُهُ وَالضَّمِيرُ لِلْمَنْهِيِّ عَنْهُ وَالضَّمِيرُ فِي (لِرُجُوعِهِ) يَعُودُ إلَى النَّهْيِ لِدَلَالَةِ الْمَنْهِيِّ عَلَيْهِ (إلَى مَعْنًى يَقْتَرِنُ بِهِ) لَا إلَى ذَاتِهِ؛ لِأَنَّ النَّهْيَ لَيْسَ لِلْبَيْعِ بِخُصُوصِهِ، بَلْ لِأَمْرٍ آخَرَ، هَذَا هُوَ الْقِسْمُ الثَّانِي، فَجَمِيعُ مَا فِيهِ مِنْ الصُّوَرِ يَصِحُّ فِيهَا الْبَيْعُ وَيَحْرُمُ إلَّا فِي الصُّورَتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ آخِرَ الْفَصْلِ وَلَوْ قَدَّمَهُمَا عَلَيْهِ كَانَ أَوْلَى. ثُمَّ شَرَعَ فِي الصُّوَرِ الَّتِي لَا يَبْطُلُ الْبَيْعُ فِيهَا وَهِيَ سَبْعَةٌ مُبْتَدِئًا بِوَاحِدَةٍ مِنْهَا فَقَالَ (كَبَيْعِ حَاضِرٍ لِبَادٍ بِأَنْ يَقْدُمَ) شَخْصٌ (غَرِيبٌ) أَوْ غَيْرُهُ (بِمَتَاعٍ تَعُمُّ الْحَاجَةُ) أَيْ حَاجَةُ أَهْلِ الْبَلَدِ (إلَيْهِ) كَالطَّعَامِ، وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ بِبَيْعِهِ سَعَةٌ فِي الْبَلَدِ لِقِلَّتِهِ،
لِيَبِيعَهُ بِسِعْرِ يَوْمِهِ فَيَقُولُ بَلَدِيٌّ: اُتْرُكْهُ عِنْدِي لِأَبِيعَهُ عَلَى التَّدْرِيجِ بِأَغْلَى.
وَتَلَقِّي الرُّكْبَانِ: بِأَنْ يَتَلَقَّى طَائِفَةً يَحْمِلُونَ مَتَاعًا إلَى الْبَلَدِ
ــ
[مغني المحتاج]
أَوْ لِعُمُومِ وُجُودِهِ وَرُخْصِ السِّعْرِ، أَوْ لِكِبَرِ الْبَلَدِ (لِيَبِيعَهُ بِسِعْرِ يَوْمِهِ) أَيْ حَالًّا (فَيَقُولُ) لَهُ شَخْصٌ (بَلَدِيٌّ) أَوْ غَيْرُهُ (اُتْرُكْهُ عِنْدِي) أَوْ عِنْدَ غَيْرِي (لِأَبِيعَهُ) لَكَ (عَلَى التَّدْرِيجِ) أَيْ شَيْئًا فَشَيْئًا (بِأَغْلَى) مِنْ بَيْعِهِ حَالًّا، وَذَلِكَ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «لَا يَبِعْ حَاضِرٌ لِبَادٍ» زَادَ مُسْلِمٌ «دَعُوا النَّاسَ يَرْزُقُ اللَّهُ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ» وَقَالَ ابْنُ شُهْبَةَ: زَادَ مُسْلِمٌ «دَعُوا النَّاسَ فِي غَفَلَاتِهِمْ» إلَخْ وَالْمَعْنَى فِي التَّحْرِيمِ التَّضْيِيقُ عَلَى النَّاسِ فَإِنْ الْتَمَسَهُ الْبَادِي مِنْهُ بِأَنْ قَالَ لَهُ ابْتِدَاءً: أَتْرُكُهُ عِنْدَكَ لِتَبِيعَهُ بِالتَّدْرِيجِ أَوْ انْتَفَى عُمُومُ الْحَاجَةِ إلَيْهِ كَأَنْ لَمْ يَحْتَجْ إلَيْهِ أَصْلًا أَوْ إلَّا نَادِرًا أَوْ عَمَّتْ وَقَصَدَ الْبَدْوِيُّ بَيْعَهُ بِالتَّدْرِيجِ فَسَأَلَهُ الْحَضَرِيُّ أَنْ يُفَوِّضَهُ إلَيْهِ، أَوْ قَصَدَ بَيْعَهُ بِسِعْرِ يَوْمِهِ فَقَالَ لَهُ اُتْرُكْهُ عِنْدِي لِأَبِيعَهُ كَذَلِكَ لَمْ يَحْرُمْ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَضُرَّ بِالنَّاسِ، وَلَا سَبِيلَ إلَى مَنْعِ الْمَالِكِ مِنْهُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِضْرَارِ بِهِ، وَلِهَذَا اخْتَصَّ بِالْإِثْمِ الْحَضَرِيُّ كَمَا نَقَلَهُ فِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ عَنْ الْقَفَّالِ وَأَقَرَّهُ. فَإِنْ قِيلَ: الْأَصَحُّ أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى الْمَرْأَةِ تَمْكِينُ الْمُحْرِمِ مِنْ الْوَطْءِ؛ لِأَنَّهُ إعَانَةٌ عَلَى مَعْصِيَةٍ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هَذَا مِثْلَهُ.
أُجِيبَ بِأَنَّ الْمَعْصِيَةَ إنَّمَا هِيَ فِي الْإِرْشَادِ إلَى التَّأْخِيرِ فَقَطْ وَقَدْ انْقَضَتْ لَا الْإِرْشَادِ مَعَ الْبَيْعِ الَّذِي هُوَ الْإِيجَابُ الصَّادِرُ مِنْهُ. وَأَمَّا الْبَيْعُ فَلَا تَضْيِيقَ فِيهِ لَا سِيَّمَا إذَا صَمَّمَ الْمَالِكُ عَلَى مَا أَشَارَ بِهِ حَتَّى لَوْ لَمْ يُبَاشِرْهُ الْمُشِيرُ عَلَيْهِ بَاشَرَهُ غَيْرُهُ بِخِلَافِ تَمْكِينِ الْمَرْأَةِ الْحَلَالَ الْمُحْرِمَ مِنْ الْوَطْءِ، فَإِنَّ الْمَعْصِيَةَ بِنَفْسِ الْوَطْءِ، وَلَوْ اسْتَشَارَهُ الْبَدَوِيُّ فِيمَا فِيهِ حَظُّهُ فَفِي وُجُوبِ إرْشَادِهِ إلَى الِادِّخَارِ وَالْبَيْعِ بِالتَّدْرِيجِ وَجْهَانِ أَوْجَهُهُمَا يَجِبُ إرْشَادُهُ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إنَّهُ الْأَشْبَهُ وَكَلَامُ أَصْلِ الرَّوْضَةِ يَمِيلُ إلَيْهِ. وَالثَّانِي لَا تَوْسِيعًا عَلَى النَّاسِ، وَلَوْ قَدِمَ الْبَادِي يُرِيدُ الشِّرَاءَ فَتَعَرَّضَ لَهُ حَاضِرٌ يُرِيدُ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ رَخِيصًا وَهُوَ الْمُسَمَّى بِالسِّمْسَارِ فَهَلْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ كَمَا فِي الْبَيْعِ تَرَدُّدٌ فِيهِ فِي الْمَطْلَبِ وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ فِي شَرْحِ الْوَجِيزِ: هُوَ حَرَامٌ وَيَنْبَغِي كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ الْجَزْمُ بِهِ، وَالْحَاضِرُ: سَاكِنُ الْحَاضِرَةِ، وَهِيَ الْمُدُنُ وَالْقُرَى وَالرِّيفُ، وَهِيَ أَرْضٌ فِيهَا زَرْعٌ وَخَصْبٌ، وَالْبَادِي: سَاكِنُ الْبَادِيَةِ، وَهِيَ خِلَافُ الْحَاضِرَةِ، وَالتَّعْبِيرُ بِالْحَاضِرِ وَالْبَادِي جَرَى عَلَى الْغَالِبِ، وَالْمُرَادُ أَيُّ شَخْصٍ كَانَ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ.
ثُمَّ شَرَعَ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ فَقَالَ (وَتَلَقِّي الرُّكْبَانِ بِأَنْ يَتَلَقَّى) شَخْصٌ (طَائِفَةً يَحْمِلُونَ مَتَاعًا) طَعَامًا أَوْ غَيْرَهُ (إلَى الْبَلَدِ) مَثَلًا
فَيَشْتَرِيَهُ قَبْلَ قُدُومِهِمْ وَمَعْرِفَتِهِمْ بِالسِّعْرِ، وَلَهُمْ الْخِيَارُ إذَا عَرَفُوا الْغَبْنَ.
وَالسَّوْمُ عَلَى سَوْمِ غَيْرِهِ، وَإِنَّمَا يَحْرُمُ ذَلِكَ بَعْدَ اسْتِقْرَارِ الثَّمَنِ.
وَالْبَيْعُ عَلَى بَيْعِ غَيْرِهِ قَبْلَ لُزُومِهِ
ــ
[مغني المحتاج]
(فَيَشْتَرِيَهُ) مِنْهُمْ (قَبْلَ قُدُومِهِمْ) الْبَلَدَ (وَمَعْرِفَتِهِمْ بِالسِّعْرِ) فَيَعْصِي بِالشِّرَاءِ وَيَصِحُّ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ التَّلَقِّيَ، وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «لَا تَلَقَّوْا الرُّكْبَانَ لِلْبَيْعِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ.
وَالْمَعْنَى فِيهِ احْتِمَالُ غَبْنِهِمْ سَوَاءٌ أَخْبَرَهُمْ الْمُشْتَرِي كَاذِبًا أَمْ لَمْ يُخْبِرْ (وَلَهُمْ الْخِيَارُ إذَا) غُبِنُوا، وَ (عَرَفُوا الْغَبْنَ) وَلَوْ قَبْلَ قُدُومِهِمْ لِمَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ «لَا تَلَقَّوْا السِّلَعَ حَتَّى يُهْبَطَ بِهَا إلَى السُّوقِ، فَمَنْ تَلَقَّاهَا فَصَاحِبُ السِّلْعَةِ بِالْخِيَارِ» وَهُوَ عَلَى الْفَوْرِ قِيَاسًا عَلَى خِيَارِ الْعَيْبِ فَإِنْ الْتَمَسُوا الْبَيْعَ مِنْهُ وَلَوْ مَعَ جَهْلِهِمْ بِالسِّعْرِ، أَوْ لَمْ يَغْبِنُوا كَأَنْ اشْتَرَاهُ مِنْهُمْ بِسِعْرِ الْبَلَدِ أَوْ بِدُونِهِ وَهُمْ عَالِمُونَ فَلَا خِيَارَ لَهُمْ لِانْتِفَاءِ الْمَعْنَى السَّابِقِ، وَكَذَا لَا خِيَارَ لَهُمْ إذَا كَانَ التَّلَقِّي بَعْدَ دُخُولِ الْبَلَدِ وَلَوْ خَارِجَ السُّوقِ لِإِمْكَانِ مَعْرِفَتِهِمْ الْأَسْعَارَ مِنْ غَيْرِ الْمُتَلَقِّينَ، وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُ الْخَبَرِ يَقْتَضِي خِلَافَهُ، وَبَعْضُهُمْ نَسَبَ لِظَاهِرِ الْحَدِيثِ خِلَافَ ذَلِكَ فَاحْذَرْهُ، وَلَوْ لَمْ يَعْرِفُوا الْغَبْنَ حَتَّى رَخُصَ السِّعْرُ وَعَادَ إلَى مَا بَاعُوا بِهِ فَفِي ثُبُوتِ الْخِيَارِ وَجْهَانِ فِي الْبَحْرِ أَوْجَهُهُمَا عَدَمُ ثُبُوتِهِ كَمَا فِي زَوَالِ عَيْبِ الْمَبِيعِ وَإِنْ قِيلَ بِالْفَرْقِ بَيْنَهُمَا وَتَلَقِّي الرُّكْبَانِ لِلْبَيْعِ مِنْهُمْ كَالتَّلَقِّي لِلشِّرَاءِ فِي أَحَدِ وَجْهَيْنِ رَجَّحَهُ الزَّرْكَشِيُّ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ نَظَرًا لِلْمَعْنَى وَإِنْ رَجَّحَ الْأَذْرَعِيُّ مُقَابِلَهُ، وَبَعْضُهُمْ نَسَبَ لِلْأَذْرَعِيِّ خِلَافَ ذَلِكَ فَاحْذَرْهُ، وَالرُّكْبَانِ جَمْعُ رَاكِبٍ، وَالتَّعْبِيرُ بِهِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ، وَالْمُرَادُ الْقَادِمُ وَلَوْ كَانَ وَاحِدًا أَوْ مَاشِيًا. .
ثُمَّ شَرَعَ فِي الصُّورَةِ الثَّالِثَةِ فَقَالَ (وَالسَّوْمُ عَلَى سَوْمِ غَيْرِهِ) لِخَبَرِ «لَا يَسُومُ الرَّجُلُ عَلَى سَوْمِ أَخِيهِ» وَهُوَ خَبَرٌ بِمَعْنَى النَّهْيِ، وَالْمَعْنَى فِيهِ الْإِيذَاءُ، وَذِكْرُ الرَّجُلِ وَالْأَخِ لَيْسَ لِلتَّقَيُّدِ بَلْ الْأَوَّلُ: لِأَنَّهُ الْغَالِبُ. وَالثَّانِي: لِلرَّأْفَةِ وَالْعَطْفِ، فَغَيْرُهُمَا مِثْلُهُمَا فِي ذَلِكَ، وَلِهَذَا قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَالسَّوْمُ عَلَى سَوْمِ غَيْرِهِ (وَإِنَّمَا يَحْرُمُ ذَلِكَ بَعْدَ اسْتِقْرَارِ الثَّمَنِ) بِالتَّرَاضِي صَرِيحًا وَقَبْلَ الْعَقْدِ، كَأَنْ يَقُولَ شَخْصٌ لِمَنْ يُرِيدُ شِرَاءَ شَيْءٍ بِكَذَا: لَا تَأْخُذْهُ وَأَنَا أَبِيعُكَ خَيْرًا مِنْهُ بِهَذَا الثَّمَنِ أَوْ بِأَقَلَّ مِنْهُ أَوْ مِثْلِهِ بِأَقَلَّ أَوْ يَقُولَ لِمَالِكِهِ: لَا تَبِعْهُ، وَأَنَا أَشْتَرِيهِ مِنْكَ بِأَكْثَرَ، فَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ لَهُ الْمَالِكُ بِالْإِجَابَةِ، بِأَنْ عَرَضَ بِهَا أَوْ سَكَتَ أَوْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ قَبْلَ اسْتِقْرَارِ الثَّمَنِ أَوْ كَانَ إذْ ذَاكَ يُنَادِي عَلَيْهِ بِطَلَبِ الزِّيَادَةِ لَمْ يَحْرُمْ ذَلِكَ لَكِنْ يُكْرَهُ فِيمَا إذَا عَرَضَ لَهُ بِالْإِجَابَةِ.
ثُمَّ شَرَعَ فِي الصُّورَةِ الرَّابِعَةِ، فَقَالَ:(وَالْبَيْعُ عَلَى بَيْعِ غَيْرِهِ قَبْلَ لُزُومِهِ) أَيْ الْبَيْعِ بِأَنْ يَكُونَ فِي زَمَنِ خِيَارِ الْمَجْلِسِ أَوْ الشَّرْطِ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ الْفَسْخِ. أَمَّا بَعْدَ لُزُومِهِ فَلَا مَعْنَى لَهُ، نَعَمْ لَوْ اطَّلَعَ بَعْدَ اللُّزُومِ عَلَى عَيْبٍ وَلَمْ يَكُنْ التَّأْخِيرُ مُضِرًّا، كَأَنْ كَانَ فِي لَيْلٍ
بِأَنْ يَأْمُرَ الْمُشْتَرِي بِالْفَسْخِ لِيَبِيعَهُ مِثْلَهُ.
وَالشِّرَاءِ عَلَى الشِّرَاءِ بِأَنْ يَأْمُرَ الْبَائِعَ بِالْفَسْخِ لِيَشْتَرِيَهُ.
وَالنَّجْشُ
ــ
[مغني المحتاج]
فَالْمُتَّجَهُ كَمَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ التَّحْرِيمُ لِمَا ذُكِرَ (بِأَنْ) أَوْلَى مِنْهُ كَأَنْ (يَأْمُرَ الْمُشْتَرِي بِالْفَسْخِ لِيَبِيعَهُ مِثْلَهُ) أَيْ الْمَبِيعِ بِأَقَلَّ مِنْ هَذَا الثَّمَنِ أَوْ خَيْرًا مِنْهُ بِمِثْلِ ثَمَنِهِ أَوْ أَقَلَّ.
ثُمَّ شَرَعَ فِي الصُّورَةِ الْخَامِسَةِ، فَقَالَ (وَالشِّرَاءِ عَلَى الشِّرَاءِ) فِي زَمَنِ الْخِيَارِ كَمَا مَرَّ (بِأَنْ) أَوْلَى مِنْهُ كَأَنْ (يَأْمُرَ الْبَائِعَ بِالْفَسْخِ لِيَشْتَرِيَهُ) بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِهِ، وَكِلَا الصُّورَتَيْنِ حَرَامٌ، وَلَوْ رَأَى الْمُشْتَرِي فِي الْأُولَى وَالْبَائِعُ فِي الثَّانِيَةِ مَغْبُونًا لِعُمُومِ خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «لَا يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ» زَادَ النَّسَائِيُّ حَتَّى يَبْتَاعَ أَوْ يَذَرَ، وَفِي مَعْنَاهُ الشِّرَاءُ عَلَى الشِّرَاءِ، وَالْمَعْنَى فِيهِمَا الْإِيذَاءُ، وَفِي مَعْنَى الْبَيْعِ عَلَى الْبَيْعِ مَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ مِنْ نَهْيِ الرَّجُلِ أَنْ يَبِيعَ الْمُشْتَرِي فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ سِلْعَةً مِثْلَ الَّتِي اشْتَرَاهَا خَشْيَةَ أَنْ يَرُدَّ الْأُولَى وَمِثْلُ خِيَارِ الْمَجْلِسِ فِي ذَلِكَ خِيَارُ الشَّرْطِ، وَأَلْحَقَ الْمَاوَرْدِيُّ بِالشِّرَاءِ عَلَى الشِّرَاءِ طَلَبَ السِّلْعَةِ مِنْ الْمُشْتَرِي بِزِيَادَةِ رِبْحٍ وَالْبَائِعُ حَاضِرٌ لِأَدَائِهِ إلَى الْفَسْخِ أَوْ النَّدَمِ ثُمَّ مَحَلُّ التَّحْرِيمِ عِنْدَ عَدَمِ الْإِذْنِ، فَلَوْ أَذِنَ الْبَائِعُ فِي الْبَيْعِ عَلَى بَيْعِهِ أَوْ الْمُشْتَرِي فِي الشِّرَاءِ عَلَى شِرَائِهِ لَمْ يَحْرُمْ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُمَا وَقَدْ أَسْقَطَاهُ، وَلِمَفْهُومِ الْخَبَرِ السَّابِقِ، هَذَا كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إنْ كَانَ الْآذِنُ مَالِكًا، فَإِنْ كَانَ وَلِيًّا أَوْ وَصِيًّا أَوْ وَكِيلًا أَوْ نَحْوَهُ فَلَا عِبْرَةَ بِإِذْنِهِ إنْ كَانَ فِيهِ ضَرَرٌ عَلَى الْمَالِكِ، وَلَا يُشْتَرَطُ لِلتَّحْرِيمِ تَحَقُّقُ مَا وَعَدَ بِهِ مِنْ الْبَيْعِ أَوْ الشِّرَاءِ لِوُجُودِ الْإِيذَاءِ بِكُلِّ تَقْدِيرٍ خِلَافًا لِابْنِ النَّقِيبِ فِي اشْتِرَاطِهِ.
تَنْبِيهٌ الْأَمْرُ بِالْفَسْخِ وَقَعَ فِي كُتُبِ الشَّيْخَيْنِ وَغَيْرِهِمَا. قَالَ السُّبْكِيُّ: وَلَيْسَ الْأَمْرُ شَرْطًا، وَاَلَّذِي فِي كَلَامِ الْأَكْثَرِينَ أَنْ يَعْرِضَ عَلَيْهِ سِلْعَةً مِثْلَهَا بِأَرْخَصَ أَوْ أَجْوَدَ مِنْهَا بِمِثْلِ الثَّمَنِ اهـ وَقَدْ تَقَدَّمَ مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ،.
ثُمَّ شَرَعَ فِي الصُّورَةِ السَّادِسَةِ، فَقَالَ (وَالنَّجْشُ
بِأَنْ يَزِيدَ فِي الثَّمَنِ لَا لِرَغْبَةٍ بَلْ لِيَخْدَعَ غَيْرَهُ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا خِيَارَ.
وَبَيْعُ الرُّطَبِ وَالْعِنَبِ لِعَاصِرِ الْخَمْرِ.
ــ
[مغني المحتاج]
بِأَنْ يَزِيدَ فِي الثَّمَنِ) لِلسِّلْعَةِ الْمَعْرُوضَةِ لِلْبَيْعِ (لَا لِرَغْبَةٍ) فِي شِرَائِهَا (بَلْ لِيَخْدَعَ غَيْرَهُ) فَيَشْتَرِيهَا لِلنَّهْيِ عَنْهُ فِي خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ، وَالْمَعْنَى فِيهِ الْإِيذَاءُ (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا خِيَارَ) لِلْمُشْتَرِي لِتَفْرِيطِهِ حَيْثُ لَمْ يَتَأَمَّلْ وَلَمْ يُرَاجِعْ أَهْلَ الْخِبْرَةِ. وَالثَّانِي: لَهُ الْخِيَارُ لِلتَّدْلِيسِ كَالتَّصْرِيَةِ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ عِنْدَ مُوَاطَأَةِ الْبَائِعِ لِلنَّاجِشِ وَإِلَّا فَلَا خِيَارَ جَزْمًا، وَيَجْرِي الْوَجْهَانِ فِيمَا لَوْ قَالَ الْبَائِعُ أَعْطَيْتُ فِي هَذِهِ السِّلْعَةِ كَذَا فَبَانَ خِلَافُهُ، وَكَذَا لَوْ أَخْبَرَهُ عَارِفٌ بِأَنَّ هَذَا عَقِيقٌ أَوْ فَيْرُوزَجُ بِمُوَاطَأَةٍ فَاشْتَرَاهُ، ثُمَّ بَانَ خِلَافُهُ.
تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ لِيَخْدَعَ غَيْرَهُ قَدْ يُوهِمُ أَنَّهُ لَوْ زَادَ لِيُسَاوِي قِيمَةَ السِّلْعَةِ أَنَّهُ يَجُوزُ، وَجَرَى عَلَى ذَلِكَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ وَالْمُتَّجَهُ التَّحْرِيمُ لِإِيذَاءِ الْمُشْتَرِي، وَلِعُمُومِ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «دَعُوا النَّاسَ يَرْزُقُ اللَّهُ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ» .
ثُمَّ شَرَعَ فِي الصُّورَةِ السَّابِعَةِ، فَقَالَ:(وَبَيْعُ الرُّطَبِ وَالْعِنَبِ) وَنَحْوِهِمَا كَتَمْرٍ وَزَبِيبٍ (لِعَاصِرِ الْخَمْرِ) وَالنَّبِيذِ: أَيْ لِمُتَّخِذِهَا لِذَلِكَ بِأَنْ يَعْلَمَ مِنْهُ ذَلِكَ أَوْ يَظُنَّهُ ظَنًّا غَالِبًا، وَمِثْلُ ذَلِكَ بَيْعُ الْغِلْمَانِ الْمُرْدِ مِمَّنْ عُرِفَ بِالْفُجُورِ بِالْغِلْمَانِ وَبَيْعُ السِّلَاحِ مِنْ بَاغٍ وَقَاطِعِ طَرِيقٍ وَنَحْوِهِمَا، وَكَذَا كُلُّ تَصَرُّفٍ يُفْضِي إلَى مَعْصِيَةٍ كَمَا نَقَلَهُ فِي زَوَائِدِ الرَّوْضَةِ عَنْ الْغَزَالِيِّ وَأَقَرَّهُ. أَمَّا إذَا شَكَّ فِيمَا ذُكِرَ أَوْ تَوَهَّمَهُ فَالْبَيْعُ مَكْرُوهٌ، وَيَحْرُمُ الِاحْتِكَارُ لِلتَّضْيِيقِ عَلَى النَّاسِ: وَهُوَ إمْسَاكُ مَا اشْتَرَاهُ وَقْتَ الْغَلَاءِ لِيَبِيعَهُ بِأَكْثَرَ مِمَّا اشْتَرَاهُ عِنْدَ اشْتِدَادِ الْحَاجَةِ بِخِلَافِ إمْسَاكِ مَا اشْتَرَاهُ وَقْتَ الرُّخْصِ لَا يَحْرُمُ مُطْلَقًا وَلَا إمْسَاكِ غَلَّةِ ضَيْعَتِهِ، وَلَا مَا اشْتَرَاهُ فِي وَقْتِ الْغَلَاءِ لِنَفْسِهِ وَعِيَالِهِ أَوْ لِيَبِيعَهُ بِمِثْلِ مَا اشْتَرَاهُ، وَفِي كَرَاهَةِ إمْسَاكِ مَا فَضَلَ عَنْ كِفَايَتِهِ وَكِفَايَةِ عِيَالِهِ سَنَةً وَجْهَانِ أَوْجَهُهُمَا عَدَمُ الْكَرَاهَةِ، لَكِنَّ الْأَوْلَى بَيْعُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ، وَيَخْتَصُّ تَحْرِيمُ الِاحْتِكَارِ بِالْأَقْوَاتِ، وَمِنْهَا الذُّرَةُ وَالْأُرْزُ وَالتَّمْرُ وَالزَّبِيبُ فَلَا يَعُمُّ جَمِيعَ الْأَطْعِمَةِ، وَيَحْرُمُ التَّسْعِيرُ وَلَوْ فِي وَقْتِ الْغَلَاءِ بِأَنْ يَأْمُرَ الْوَالِي السُّوقَةَ أَنْ لَا يَبِيعُوا أَمْتِعَتَهُمْ إلَّا بِكَذَا لِلتَّضْيِيقِ عَلَى النَّاسِ فِي أَمْوَالِهِمْ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَخْتَصُّ بِالْأَطْعِمَةِ: وَهُوَ كَذَلِكَ، فَلَوْ سَعَّرَ الْإِمَامُ عُزِّرَ مُخَالِفُهُ بِأَنْ بَاعَ بِأَزْيَدَ مِمَّا سَعَّرَ لِمَا فِيهِ مِنْ مُجَاهَرَةِ الْإِمَامِ بِالْمُخَالَفَةِ، وَصَحَّ الْبَيْعُ إذْ لَمْ يَعْهَدْ الْحَجْرَ عَلَى الشَّخْصِ فِي مِلْكِهِ أَنْ يَبِيعَ بِثَمَنٍ مُعَيَّنٍ، وَظَاهِرُ كَلَامِ أَصْلِ الرَّوْضَةِ أَنَّ التَّعْزِيرَ مُفَرَّعٌ عَلَى تَحْرِيمِ التَّسْعِيرِ، وَجَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي لِمَا مَرَّ، وَإِنْ خَالَفَ فِي ذَلِكَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ. وَقَالُوا: إنَّهُ مُفَرَّعٌ عَلَى جَوَازِهِ
وَيَحْرُمُ التَّفْرِيقُ بَيْنَ الْأُمِّ وَالْوَلَدِ حَتَّى يُمَيِّزَ، وَفِي قَوْلٍ حَتَّى يَبْلُغَ،
ــ
[مغني المحتاج]
وَشَرْطُ التَّحْرِيمِ فِي جَمِيعِ الْمَنَاهِي عِلْمُ النَّهْيِ بِهَا حَتَّى فِي النَّجْشِ كَمَا نَقَلَ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ خِلَافًا لِمَا جَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي تَبَعًا لِبَحْثِ الرَّافِعِيِّ.
ثُمَّ شَرَعَ فِي الصُّورَتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ مُبْتَدِئًا بِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا، فَقَالَ (وَيَحْرُمُ التَّفْرِيقُ بَيْنَ الْأُمِّ) الرَّقِيقَةِ (وَالْوَلَدِ) الرَّقِيقِ الصَّغِيرِ الْمَمْلُوكَيْنِ لِوَاحِدٍ بِبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ فَسْخٍ بِإِقَالَةٍ أَوْ رَدٍّ بِعَيْبٍ أَوْ قِسْمَةٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ لَا بِعِتْقٍ وَوَصِيَّةٍ (حَتَّى يُمَيِّزَ) وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ وَالِدَةٍ وَوَلَدِهَا فَرَّقَ اللَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَحِبَّتِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَحَسَّنَهُ، وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ، وَلِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «مَلْعُونٌ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ وَالِدٍ وَوَلَدِهِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَسَوَاءٌ رَضِيَتْ الْأُمُّ بِذَلِكَ أَمْ لَا رِعَايَةً لِحَقِّ الْوَلَدِ، وَخَرَجَ بِمَا ذَكَرَ مَا لَوْ كَانَا لِمَالِكَيْنِ فَيَجُوزُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي مِلْكِهِ.
وَمَا إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا حُرًّا فَإِنَّهُ يَجُوزُ لِمَالِكِ الرَّقِيقِ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهِ وَمَا إذَا فَرَّقَ بِعِتْقٍ أَوْ وَصِيَّةٍ أَوْ وَقْفٍ؛ لِأَنَّ الْمُعْتِقَ مُحْسِنٌ، وَكَذَا الْوَاقِفُ، وَالْوَصِيَّةُ لَا تَقْتَضِي التَّفْرِيقَ بِوَضْعِهَا فَلَعَلَّ الْمَوْتَ يَكُونُ بَعْدَ زَمَانِ التَّحْرِيمِ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالْمُتَّجَهُ مَنْعُ التَّفْرِيقِ بِرُجُوعِ الْمُقْرِضِ، وَمَالِكُ اللُّقَطَةِ دُونَ الْوَاهِبِ إذَا كَانَ أَصْلًا؛ لِأَنَّ الْحَقَّ فِي الْقَرْضِ وَاللُّقَطَةِ ثَابِتٌ فِي الذِّمَّةِ، فَإِذَا تَعَذَّرَ الرُّجُوعُ فِي الْعَيْنِ رَجَعَ فِي غَيْرِهَا بِخِلَافِهِ فِي الْهِبَةِ فَإِنَّا لَوْ مَنَعْنَاهُ فِيهَا الرُّجُوعَ لَمْ يَرْجِعْ الْوَاهِبُ بِشَيْءٍ، وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْمُوصِي لَوْ مَاتَ قَبْلَ تَمْيِيزِ الْوَلَدِ لَمْ تَبْطُلْ الْوَصِيَّةُ، وَهُوَ كَذَلِكَ وَلَهُ الْقَبُولُ وَحِينَئِذٍ، أَمَّا بَعْدَ التَّمْيِيزِ فَلَا يَحْرُمُ، لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَسْتَغْنِي عَنْ التَّعَهُّدِ وَالْحَضَانَةِ، وَخَبَرُ " لَا يُفَرَّقُ بَيْنَ الْأُمِّ وَوَلَدِهَا، قِيلَ إلَى مَتَى؟ قَالَ: حَتَّى يَبْلُغَ الْغُلَامُ، وَتَحِيضَ الْجَارِيَةُ " ضَعِيفٌ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ الِاكْتِفَاءُ بِالتَّمْيِيزِ وَإِنْ حَصَلَ قَبْلَ السَّبْعِ، وَعِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ إلَى سِنِّ التَّمْيِيزِ، وَعِبَارَةُ الْجُمْهُورِ إلَى سَبْعِ سِنِينَ، فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ إطْلَاقُهُمْ لِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ التَّمْيِيزِ كَمَا فِي الْحَضَانَةِ وَغَيْرِهَا، وَيَجُوزُ أَنْ يُعْتَبَرَ هُنَا مَنْعُ التَّمْيِيزِ قَبْلَهَا لِيَحْصُلَ لَهُ قُوَّةٌ وَاسْتِبْدَادٌ عَلَى الِانْفِرَادِ اهـ.
هَذَا كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ حَسَنٌ.
تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ حَتَّى يُمَيِّزَ قَدْ يُفْهِمُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ التَّفْرِيقُ بَيْنَ الْأُمِّ وَالْوَلَدِ الْمَجْنُونِ الْبَالِغِ، وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي حُسَيْنٌ وَأَتْبَاعُهُ، لَكِنَّ قَوْلَهُ (وَفِي قَوْلٍ حَتَّى يَبْلُغَ) يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ التَّمْيِيزُ الْمُتَقَدِّمُ عَلَى الْبُلُوغِ، وَإِنَّمَا اعْتَبَرَ هَذَا الْقَوْلُ الْبُلُوغَ لِنُقْصَانِ تَمْيِيزِهِ قَبْلَهُ،
وَإِذَا فَرَّقَ بِبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ بَطَلَا فِي الْأَظْهَرِ.
ــ
[مغني المحتاج]
وَلِهَذَا يَجُوزُ الْتِقَاطُهُ مَا لَمْ يَبْلُغْ عَلَى الصَّحِيحِ وَأَفْهَمَ جَوَازَ التَّفْرِيقِ بَعْدَهُ جَزْمًا، وَهُوَ كَذَلِكَ خِلَافًا لِلْإِمَامِ أَحْمَدَ وَهُوَ مَكْرُوهٌ بَعْدَ التَّمْيِيزِ وَقَبْلَ الْبُلُوغِ وَكَذَا بَعْدَ الْبُلُوغِ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّشْوِيشِ، وَيَصِحُّ الْعَقْدُ وَيُفْهَمُ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالتَّمْيِيزِ أَنَّ غَيْرَ الْآدَمِيِّ يَجُوزُ التَّفْرِيقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أُمِّهِ وَهُوَ الْمَذْهَبُ إنْ اسْتَغْنَى عَنْ اللَّبَنِ، لَكِنْ يُكْرَهُ، وَقِيلَ يَحْرُمُ وَيَجُوزُ بِالذَّبْحِ قَطْعًا كَمَا فِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ، قَالَ السُّبْكِيُّ: وَمُرَادُهُ ذَبْحُ الْوَلَدِ.
أَمَّا ذَبْحُهَا مَعَ بَقَائِهِ فَيَظْهَرُ أَنَّهُ كَغَيْرِ الذَّبْحِ، وَظَاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ ذَبْحُ الْمَأْكُولِ إذْ غَيْرُهُ لَا يَجُوزُ ذَبْحُهُ وَلَا بَيْعُهُ لِذَبْحِهِ بِحَالٍ، وَأَحْسَنُ مَا قِيلَ فِي حَدِّ التَّمْيِيزِ أَنْ يَصِيرَ الطِّفْلُ؛ بِحَيْثُ يَأْكُلُ وَحْدَهُ وَيَشْرَبُ وَحْدَهُ وَيَسْتَنْجِي وَحْدَهُ، وَقِيلَ: أَنْ يَصِيرَ بِحَيْثُ يَفْهَمُ الْخِطَابَ وَيَرُدُّ الْجَوَابَ وَلَوْ اجْتَمَعَ الْأَبُ وَالْأُمُّ حَرُمَ التَّفْرِيقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا وَحَلَّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَبِ أَوْ اجْتَمَعَ الْأَبُ وَالْجَدَّةُ لِلْأُمِّ عِنْدَ فَقْدِ الْأُمِّ فَهُمَا سَوَاءٌ فَيُبَاعُ مَعَ أَيِّهِمَا كَانَ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْجَدَّةُ لِلْأُمِّ كَالْأُمِّ عِنْدَ عَدَمِهَا لَا عِنْدَ وُجُودِهَا عَلَى الْأَصَحِّ، وَفِي الْجَدَّاتِ وَالْأَجْدَادِ لِلْأَبِ عِنْدَ فَقْدِ الْأَبَوَيْنِ وَأُمِّ الْأُمِّ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ حَكَاهَا الشَّيْخَانِ فِي بَابِ السِّيَرِ مِنْ غَيْرِ تَرْجِيحٍ، ثَالِثُهَا: جَوَازُ التَّفْرِيقِ فِي الْأَجْدَادِ دُونَ الْجَدَّاتِ؛ لِأَنَّهُنَّ أَصْلَحُ لِلتَّرْبِيَةِ.
قَالَ الْوَلِيُّ الْعِرَاقِيُّ: وَيَظْهَرُ تَصْحِيحُ الْمَنْعِ وَهُوَ الَّذِي أَوْرَدَهُ الرُّويَانِيُّ وَالْجُرْجَانِيُّ، وَأَمَّا الْجَدُّ لِلْأُمِّ، فَقَالَ الْمُتَوَلِّي: إنَّهُ كَالْجَدِّ لِلْأَبِ. وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: إنَّهُ كَسَائِرِ الْمَحَارِمِ، وَالْأَقْرَبُ كَمَا قَالَ السُّبْكِيُّ الْأَوَّلُ، وَلَا يَحْرُمُ التَّفْرِيقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَائِرِ الْمَحَارِمِ كَالْأَخِ وَالْعَمِّ وَإِنْ قَوَّى السُّبْكِيُّ التَّحْرِيمَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ (وَإِذَا فَرَّقَ) بَيْنَ الْوَلَدِ بَعْدَ سَقْيِهِ اللِّبَأَ وَبَيْنَ مَنْ يَمْتَنِعُ التَّفْرِيقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ (بِبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ بَطَلَا فِي الْأَظْهَرِ) لِعَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى التَّسْلِيمِ شَرْعًا.
وَالثَّانِي لَا، لِأَنَّ النَّهْيَ لِلْإِضْرَارِ لَا لِلْخَلَلِ فِي نَفْسِ الْمَبِيعِ، وَعَلَى هَذَا لَا نُقِرُّهُمَا عَلَى التَّفْرِيقِ، بَلْ إنْ تَرَاضَيَا عَلَى ضَمِّ أَحَدِهِمَا إلَى الْآخَرِ اسْتَمَرَّ الْعَقْدُ وَإِلَّا فُسِخَ كَمَا قَالَاهُ. وَيَجْرِي الْقَوْلَانِ فِي جَمِيعِ أَنْوَاعِ التَّمْلِيكِ، وَأَمَّا قَبْلَ سَقْيِهِ اللِّبَأَ فَيَبْطُلُ جَزْمًا. وَيُسْتَثْنَى مِنْ الْأَوَّلِ مَا لَوْ كَانَ الْمَبِيعُ مِمَّنْ يُحْكَمُ بِعِتْقِهِ عَلَى الْمُشْتَرِي. فَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ عَدَمُ التَّحْرِيمِ وَصِحَّةُ الْبَيْعِ لِتَحْصِيلِ مَصْلَحَةِ الْحُرِّيَّةِ. وَلِمَا مَرَّ مِنْ جَوَازِ التَّفْرِيقِ بِالْإِعْتَاقِ، وَيَحْرُمُ بَيْعُ بَعْضِ أَحَدِهِمَا فَقَطْ وَبَيْعُ أَحَدِهِمَا مَعَ بَعْضِ الْآخَرِ وَبَيْعُ بَعْضِ كُلٍّ مِنْهُمَا عِنْدَ عَدَمِ التَّسَاوِي. فَإِنْ تَسَاوَى الْبَعْضَانِ كَأَنْ بَاعَ نِصْفَهُمَا مَعًا جَازَ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ فِي السِّيَرِ. وَأَلْحَقَ الْغَزَالِيُّ التَّفْرِيقَ بِالسَّفَرِ بِالتَّفْرِيقِ بِالْبَيْعِ وَطَرَدَهُ فِي التَّفْرِيقِ بَيْنَ الزَّوْجَةِ وَوَلَدِهَا وَإِنْ كَانَتْ حُرَّةً بِخِلَافِ الْمُطَلَّقَةِ لَا يَحْرُمُ لِإِمْكَانِ صُحْبَتِهَا لَهُ.
وَيُسْتَثْنَى
وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ الْعُرْبُونِ بِأَنْ يَشْتَرِيَ وَيُعْطِيَهُ دَرَاهِمَ لِتَكُونَ مِنْ الثَّمَنِ إنْ رَضِيَ السِّلْعَةَ، وَإِلَّا فَهِبَةً.
ــ
[مغني المحتاج]
مِنْ إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ مَا لَوْ مَلَكَ كَافِرٌ صَغِيرًا وَأَبَوَيْهِ وَهُمَا كَافِرَانِ ثُمَّ أَسْلَمَ الْأَبُ وَتَخَلَّفَتْ الْأُمُّ فَإِنَّ الْوَلَدَ يَتْبَعُهُ وَيُؤْمَرُ بِإِزَالَةِ الْمِلْكِ عَنْهُمَا دُونَهَا قَالَهُ صَاحِبُ الِاسْتِقْصَاءِ. وَيَنْبَغِي أَنَّهُ لَوْ مَاتَ الْأَبُ أَنْ يُبَاعَ الْوَلَدُ لِلضَّرُورَةِ كَمَا قَالَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَمِثْلُهُ لَوْ تَبِعَ الطِّفْلُ السَّابِي فِي الْإِسْلَامِ ثُمَّ مَلَكَ أُمَّهُ الْكَافِرَةَ فَلَهُ بَيْعُ أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ فِيمَا يَظْهَرُ اهـ.
وَهَذَا مَمْنُوعٌ؛ لِأَنَّ الْأَصْحَابَ لَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ الْأُمِّ الْمُسْلِمَةِ وَالْكَافِرَةِ، وَالتَّفْرِيقُ وَجْهٌ حَكَاهُ الدَّارِمِيُّ، وَإِنَّمَا فَرَّقَ فِي الصُّورَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ لِلضَّرُورَةِ.
تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ بَطَلَا. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ كَانَ الْأَحْسَنُ إسْقَاطَ الْأَلِفِ مِنْهُ. فَإِنَّ الْأَفْصَحَ فِي الضَّمِيرِ الْوَاقِعِ بَعْدَ أَوْ أَنْ يُؤْتَى بِهِ مُفْرَدًا تَقُولُ إذَا لَقِيتَ زَيْدًا أَوْ عَمْرًا فَأَكْرِمْهُ. وَقَالَ الْوَلِيُّ الْعِرَاقِيُّ: وَالصَّوَابُ حَذْفُ الْأَلِفِ اهـ.
وَالْأَوْلَى مَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ مِنْ أَنَّهُ إنَّمَا ثَنَّى الضَّمِيرَ؛ لِأَنَّ أَوْ لِلتَّنْوِيعِ فَهُوَ نَظِيرُ قَوْله تَعَالَى: {إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا} [النساء: 135] .
ثُمَّ شَرَعَ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ، فَقَالَ (وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ الْعُرْبُونِ) وَهُوَ (بِأَنْ يَشْتَرِيَ) سِلْعَةً (وَيُعْطِيَهُ دَرَاهِمَ) مَثَلًا (لِتَكُونَ مِنْ الثَّمَنِ إنْ رَضِيَ السِّلْعَةَ وَإِلَّا فَهِبَةً) بِالنَّصْبِ لِلنَّهْيِ عَنْهُ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ؛ وَلِأَنَّ فِيهِ شَرْطَيْنِ فَاسِدَيْنِ أَحَدُهُمَا: شَرْطُ الْهِبَةِ. وَالثَّانِي: شَرْطُ الرَّدِّ عَلَى تَقْدِيرِ أَنْ لَا يَرْضَى.
تَنْبِيهٌ فِي الْعُرْبُونِ سِتُّ لُغَاتٍ: فَتْحُ الْعَيْنِ وَالرَّاءِ: وَهِيَ الْفَصِيحَةُ، وَضَمُّ الْعَيْنِ وَإِسْكَانُ الرَّاءِ، وَعُرْبَانٌ بِالضَّمِّ وَالْإِسْكَانِ وَإِبْدَالِ الْعَيْنِ هَمْزَةً مَعَ الثَّلَاثَةِ وَهُوَ أَعْجَمِيٌّ مُعَرَّبٌ، وَأَصْلُهُ فِي اللُّغَةِ التَّسْلِيفُ وَالتَّقْدِيمُ.
فَائِدَةٌ: الْبَيْعُ يَنْقَسِمُ إلَى الْأَحْكَامِ الْخَمْسَةِ: وَهِيَ الْوَاجِبُ وَالْحَرَامُ وَالْمَنْدُوبُ وَالْمَكْرُوهُ وَالْمُبَاحُ، فَالْوَاجِبُ كَبَيْعِ الْوَلِيِّ مَالَ الْيَتِيمِ إذَا تَعَيَّنَ بَيْعُهُ، وَبَيْعِ الْقَاضِي مَالَ الْمُفْلِسِ بِشُرُوطِهِ. وَأَمَّا بَيْعُ الْمَاءِ لِمُحْتَاجِهِ وَالطَّعَامِ مِنْ الْمُضْطَرِّ، فَالْوَاجِبُ فِيهِمَا التَّمْلِيكُ لَا الْبَيْعُ نَفْسُهُ، وَبَعْضُهُمْ أَدْرَجَهُمَا فِي الْبَيْعِ الْوَاجِبِ. وَأَمَّا الْحَرَامُ فَغَالِبُ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي هَذَا الْفَصْلِ وَاَلَّذِي قَبْلَهُ. وَأَمَّا الْمَنْدُوبُ فَكَالْبَيْعِ بِالْمُحَابَاةِ وَبَيْعِ الطَّعَامِ زَمَنَ الْغَلَاءِ وَنَحْوِهِ. وَأَمَّا الْمَكْرُوهُ فَكَبَيْعِ دُورِ مَكَّةَ وَالْبَيْعِ مِمَّنْ أَكْثَرُ مَالِهِ حَرَامٌ أَوْ فِيهِ حَرَامٌ وَلَمْ يَتَحَقَّقْ أَنَّ الْمَأْخُوذَ