المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب زكاة النقد - مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج - جـ ٢

[الخطيب الشربيني]

فهرس الكتاب

- ‌كِتَابُ الْجَنَائِزِ

- ‌[فَصْلٌ فِي تَكْفِينِ الْمَيِّتِ وَحَمْلِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ الْمُسْلِمِ غَيْرِ الشَّهِيدِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي دَفْنِ الْمَيِّتِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌كِتَابُ الزَّكَاةِ

- ‌بَابُ زَكَاةِ الْحَيَوَانِ

- ‌فَصْلٌ إنْ اتَّحَدَ نَوْعُ الْمَاشِيَةِ

- ‌بَابُ زَكَاةِ النَّبَاتِ

- ‌بَابُ زَكَاةِ النَّقْدِ

- ‌بَابُ زَكَاةِ الْمَعْدِن وَالرِّكَازِ وَالتِّجَارَةِ

- ‌[فَصْلٌ شَرْطُ زَكَاةِ التِّجَارَةِ]

- ‌بَاب زَكَاةِ الْفِطْرِ

- ‌بَابُ مَنْ تَلْزَمُهُ الزَّكَاةُ، وَمَا تَجِبُ فِيهِ

- ‌[فَصْلٌ فِي أَدَاءِ زَكَاةِ الْمَالِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَعْجِيلِ الزَّكَاةِ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ]

- ‌كِتَابُ الصِّيَامِ

- ‌[فَصْلٌ فِي أَرْكَانِ الصَّوْمِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي شَرْطِ صِحَّةِ الصَّوْمِ مِنْ حَيْثُ الْفِعْلُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي شَرْطِ صِحَّةِ الصَّوْمِ مِنْ حَيْثُ الْفَاعِلُ]

- ‌فَصْلٌ شَرْطُ وُجُوبِ صَوْمِ رَمَضَانَ:

- ‌[فَصْلٌ فِي فِدْيَةِ الصَّوْمِ الْوَاجِبِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مُوجِبِ كَفَّارَةِ الصَّوْمِ]

- ‌[بَاب فِي صَوْمِ التَّطَوُّعِ]

- ‌كِتَابُ الِاعْتِكَافِ

- ‌[فَصْلٌ فِي حُكْمِ الِاعْتِكَافِ الْمَنْذُورِ]

- ‌كِتَابُ الْحَجِّ

- ‌بَابُ الْمَوَاقِيتِ

- ‌بَابُ الْإِحْرَامِ

- ‌[فَصْلٌ فِي رُكْنِ الْإِحْرَامِ وَمَا يُطْلَبُ لِلْمُحْرِمِ]

- ‌[بَابُ دُخُولِ مَكَّةَ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يُطْلَبُ فِي الطَّوَافِ مِنْ وَاجِبَاتٍ وَسُنَنٍ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يُخْتَمُ بِهِ الطَّوَافُ وَبَيَانُ كَيْفِيَّةِ السَّعْيِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْمَبِيتِ بِالْمُزْدَلِفَةِ وَالدَّفْعِ مِنْهَا وَفِيمَا يُذْكَرُ مَعَهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْمَبِيتِ بِمِنًى لَيَالِيَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ أَرْكَانِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَكَيْفِيَّةِ أَدَاءِ النُّسُكَيْنِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ]

- ‌بَابُ مُحَرَّمَاتِ الْإِحْرَامِ

- ‌بَابُ الْإِحْصَارِ وَالْفَوَاتِ

- ‌[كِتَابُ الْبَيْعِ]

- ‌[كتاب البيع]

- ‌باب الربا

- ‌[بَابٌ فِي الْبُيُوعِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا وَغَيْرِهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا نُهِيَ عَنْهُ مِنْ الْبُيُوعِ نَهْيًا لَا يَقْتَضِي بُطْلَانَهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ وَتَعَدُّدِهَا]

- ‌بَابُ الْخِيَارِ

- ‌[فَصْلٌ فِي خِيَارِ الشَّرْطِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي خِيَارِ النَّقِيصَةِ]

- ‌فَصْلٌ التَّصْرِيَةِ

- ‌[بَابٌ فِي حُكْمِ الْمَبِيعِ وَنَحْوِهِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَبَعْدَهُ]

- ‌بَابُ التَّوْلِيَةِ وَالْإِشْرَاكُ وَالْمُرَابَحَةُ

- ‌[بَابٌ بَيْعِ الْأُصُولِ وَالثِّمَارِ وَغَيْرِهِمَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ بَيْعِ الثَّمَرِ وَالزَّرْعِ وَبُدُوِّ صَلَاحِهِمَا]

- ‌بَابُ اخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ

- ‌[بَابٌ فِي مُعَامَلَةِ الرَّقِيقِ]

الفصل: ‌باب زكاة النقد

أَوْ بِمُحْتَمَلٍ قُبِلَ فِي الْأَصَحِّ.

‌بَابُ زَكَاةِ النَّقْدِ

نِصَابُ الْفِضَّةِ

ــ

[مغني المحتاج]

إلَّا هَذَا فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ إذْ لَا تَكْذِيبَ فِيهِ لِأَحَدٍ لِاحْتِمَالِ تَلَفِهِ. قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ.

فَائِدَةٌ: يُقَالُ: غَلِطَ فِي مَنْطِقِهِ، وَغَلِتَ بِالْمُثَنَّاةِ فِي الْحِسَابِ (أَوْ) ادَّعَى غَلَطَهُ (بِمُحْتَمَلٍ) بِفَتْحِ الْمِيمِ بَعْدَ تَلَفِ الْمَخْرُوصِ وَبَيَّنَ قَدْرَهُ، وَكَانَ مِقْدَارًا يَقَعُ عَادَةً بَيْنَ الْكَيْلَيْنِ كَوَسْقٍ فِي مِائَةٍ (قُبِلَ فِي الْأَصَحِّ) وَحُطَّ عَنْهُ مَا ادَّعَاهُ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ فَوَجَبَ الرُّجُوعُ إلَيْهِ فِي دَعْوَى نَقْصِهِ عِنْدَ كَيْلِهِ؛ لِأَنَّ الْكَيْلَ يَقِينٌ وَالْخَرْصَ تَخْمِينٌ فَالْإِحَالَةُ عَلَيْهِ أَوْلَى، وَالثَّانِي: لَا يُحَطُّ لِاحْتِمَالِ أَنَّ النُّقْصَانَ فِي كَيْلِهِ لَهُ وَلَعَلَّهُ يُوَفِّي لَوْ كَالَهُ ثَانِيًا، فَإِنْ كَانَ الْمَخْرُوصُ بَاقِيًا أُعِيدَ كَيْلُهُ، فَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِمَّا يَقَعُ بَيْنَ الْكَيْلَيْنِ مِمَّا هُوَ مُحْتَمَلٌ أَيْضًا كَخَمْسَةِ أَوْسُقٍ مِنْ مِائَةٍ. قَالَ الْبَنْدَنِيجِيُّ: وَكَعُشْرِ الثَّمَرَةِ وَسُدُسِهَا قُبِلَ قَوْلُهُ، وَحُطَّ عَنْهُ ذَلِكَ الْقَدْرُ بِلَا خِلَافٍ؛ فَإِنْ اُتُّهِمَ فِي دَعْوَاهُ بِمَا ذَكَرَ حَلَفَ، وَلَوْ ادَّعَى غَلَطَهُ وَلَمْ يُبَيِّنْ قَدْرًا لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهُ.

خَاتِمَةٌ: قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: يُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ الْجِدَادُ نَهَارًا لِيُطْعِمَ الْفُقَرَاءَ، وَقَدْ وَرَدَ النَّهْيُ عَنْ الْجِدَادِ لَيْلًا سَوَاءٌ وَجَبَتْ فِي الْمَجْدُودِ الزَّكَاةُ أَمْ لَا.

وَإِذَا أَخْرَجَ زَكَاةَ الثِّمَارِ وَالْحُبُوبِ وَأَقَامَتْ عِنْدَهُ سِنِينَ لَمْ يَجِبْ فِيهَا شَيْءٌ آخَرُ بِخِلَافِ الْمَاشِيَةِ وَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى عَلَّقَ وُجُوبَ الزَّكَاةِ بِحَصَادِهَا وَلَمْ يَتَكَرَّرْ فَلَا تَتَكَرَّرُ الزَّكَاةُ؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا تُكَرَّرُ فِيهِ الْأَمْوَالُ النَّامِيَةُ وَهَذِهِ مُنْقَطِعَةُ النَّمَاءِ مُتَعَرِّضَةٌ لِلْفَسَادِ.

وَتُؤْخَذُ الزَّكَاةُ وَلَوْ كَانَتْ الْأَرْضُ خَرَاجِيَّةً، وَالْخَرَاجُ الْمَأْخُوذُ ظُلْمًا لَا يَقُومُ مَقَامَ الْعُشْرِ، فَإِنْ أَخَذَهُ السُّلْطَانُ عَلَى أَنْ يَكُونَ بَدَلَ الْعُشْرِ فَهُوَ كَأَخْذِ الْقِيمَةِ بِالِاجْتِهَادِ فَيَسْقُطُ بِهِ الْفَرْضُ فِي الْأَصَحِّ وَالنَّوَاحِي الَّتِي يُؤْخَذُ مِنْهَا الْخَرَاجُ وَلَا يُعْلَمُ حَالُهَا يُسْتَدَامُ الْأَخْذُ مِنْهَا فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ صَنَعَ بِهَا كَمَا صَنَعَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي خَرَاجِ السَّوَادِ.

[بَاب زَكَاةِ النَّقْدِ]

(بَابُ زَكَاةِ النَّقْدِ) وَهُوَ ضِدُّ الْعَرْضِ وَالدَّيْنِ. قَالَهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ: فَيَشْمَلُ الْمَضْرُوبَ وَغَيْرَهُ، وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ اعْتِرَاضُ الْإِسْنَوِيِّ بِأَنَّ النَّقْدَ هُوَ الْمَضْرُوبُ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ خَاصَّةً، فَلَوْ عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ بِهِمَا كَمَا عَبَّرَ فِي الرَّوْضَةِ لَكَانَ أَوْلَى.

وَقَالَ الْأَزْهَرِيُّ: النَّاضُّ مِنْ الْمَالِ مَا كَانَ نَقْدًا وَهُوَ ضِدُّ الْعَرْضِ، وَيَنْدَفِعُ بِهَذَا اعْتِرَاضُ الْمُصَنِّفِ عَلَى التَّنْبِيهِ بِأَنَّ النَّاضَّ هُوَ الدَّرَاهِمُ وَالدَّنَانِيرُ خَاصَّةً وَأَنَّهُ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ: الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ. وَأَصْلُ النَّقْدِ لُغَةً الْإِعْطَاءُ. ثُمَّ أُطْلِقَ النَّقْدُ عَلَى الْمَنْقُودِ مِنْ بَابِ إطْلَاقِ الْمَصْدَرِ عَلَى اسْمِ الْمَفْعُولِ. وَالْأَصْلُ، فِي الْبَابِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ مَعَ مَا يَأْتِي قَوْله تَعَالَى:{وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ} [التوبة: 34] وَالْكَنْزُ هُوَ الَّذِي لَمْ تُؤَدَّ زَكَاتُهُ (نِصَابُ الْفِضَّةِ

ص: 92

مِائَتَا دِرْهَمٍ، وَالذَّهَبِ عِشْرُونَ مِثْقَالًا بِوَزْنِ مَكَّةَ، وَزَكَاتُهُمَا رُبْعُ عُشْرٍ.

ــ

[مغني المحتاج]

مِائَتَا دِرْهَمٍ، وَ) نِصَابُ (الذَّهَبِ عِشْرُونَ مِثْقَالًا) بِالْإِجْمَاعِ (بِوَزْنِ مَكَّةَ) لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «الْمِكْيَالُ مِكْيَالُ الْمَدِينَةِ وَالْوَزْنُ وَزْنُ مَكَّةَ» (1) رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ، وَسَوَاءٌ الْمَضْرُوبُ مِنْهُمَا وَغَيْرُهُ وَهَذَا الْمِقْدَارُ تَحْدِيدٌ، فَلَوْ نَقَصَ فِي مِيزَانٍ وَتَمَّ فِي آخَرَ فَلَا زَكَاةَ عَلَى الْأَصَحِّ لِلشَّكِّ فِي النِّصَابِ، وَقَدَّمَ الْفِضَّةَ عَلَى الذَّهَبِ؛ لِأَنَّهَا أَغْلَبُ، وَالْمِثْقَالُ لَمْ يَتَغَيَّرْ جَاهِلِيَّةً وَلَا إسْلَامًا، وَهُوَ اثْنَانِ وَسَبْعُونَ حَبَّةً، وَهِيَ شَعِيرَةٌ مُعْتَدِلَةٌ لَمْ تُقَشَّرْ وَقُطِعَ مِنْ طَرَفَيْهَا مَا دَقَّ وَطَالَ، وَالْمُرَادُ بِالدَّرَاهِمِ الدَّرَاهِمُ الْإِسْلَامِيَّةُ الَّتِي كُلُّ عَشَرَةٍ مِنْهَا سَبْعَةُ مَثَاقِيلَ، وَكُلُّ عَشَرَةِ مَثَاقِيلَ أَرْبَعَةَ عَشَرَ دِرْهَمًا وَسُبْعَانِ، وَكَانَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ مُخْتَلِفَةً ثُمَّ ضُرِبَتْ فِي زَمَانِ عُمَرَ وَقِيلَ عَبْدِ الْمَلِكِ عَلَى هَذَا الْوَزْنِ. وَأَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهِ، وَوَزْنُ الدِّرْهَمِ سِتَّةُ دَوَانِقَ، وَالدَّانِقُ ثَمَانِ حَبَّاتٍ وَخُمُسَا حَبَّةٍ، فَالدِّرْهَمُ خَمْسُونَ حَبَّةً وَخُمُسَا حَبَّةٍ، وَمَتَى زِيدَ عَلَى الدِّرْهَمِ ثَلَاثَةُ أَسْبَاعِهِ كَانَ مِثْقَالًا، وَمَتَى نَقَصَ مِنْ الْمِثْقَالِ ثَلَاثَةُ أَعْشَارِهِ كَانَ دِرْهَمًا؛ لِأَنَّ الْمِثْقَالَ عَشَرَةُ أَسْبَاعٍ، فَإِذَا نَقَصَ مِنْهَا ثَلَاثَةٌ بَقِيَ دِرْهَمٌ.

فَائِدَةٌ: كُلُّ دَرَاهِمَ أَخَذَ نِصْفَهَا وَخُمُسَهَا كَانَ الْمَأْخُوذُ مَثَاقِيلَ، وَكَذَا لَوْ أَخَذَ خُمُسَهَا وَنِصْفَ خُمُسِهَا كَانَ الْبَاقِي مَثَاقِيلَ، وَكُلُّ مَثَاقِيلَ ضُرِبَتْ فِي عَشَرَةٍ وَقُسِمَتْ عَلَى سَبْعَةٍ خَرَجَتْ دَرَاهِمَ.

(وَزَكَاتُهُمَا) أَيْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ (رُبْعُ عُشْرٍ) فِي النِّصَابِ لِمَا رَوَى الشَّيْخَانِ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ «لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ مِنْ الْوَرِقِ صَدَقَةٌ» (2) وَرَوَى الْبُخَارِيُّ «وَفِي الرِّقَةِ رُبْعُ الْعُشْرِ» وَالرِّقَةُ وَالْوَرِقُ الْفِضَّةُ وَالْهَاءُ عِوَضٌ مِنْ الْوَاوِ، وَالْأُوقِيَّةُ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ عَلَى الْأَشْهَرِ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا بِالنُّصُوصِ الْمَشْهُورَةِ وَالْإِجْمَاعِ قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ. قَالَ وَرَوَى أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ أَوْ حَسَنٍ عَنْ عَلِيٍّ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ «لَيْسَ فِي أَقَلَّ مِنْ عِشْرِينَ دِينَارًا شَيْءٌ وَفِي عِشْرِينَ نِصْفُ دِينَارٍ» وَرَوَى أَبُو دَاوُد وَالْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ «لَيْسَ عَلَيْكَ شَيْءٌ حَتَّى يَكُونَ عِشْرُونَ دِينَارًا، فَإِذَا كَانَتْ لَكَ وَحَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ فَفِيهَا نِصْفُ دِينَارٍ» وَالْمَعْنَى فِي ذَلِكَ أَنَّ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ مُعَدَّانِ لِلنَّمَاءِ كَالْمَاشِيَةِ السَّائِمَةِ، وَهُمَا مِنْ أَشْرَفِ نِعَمِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى عِبَادِهِ إذْ بِهِمَا قِوَامُ الدُّنْيَا وَنِظَامُ أَحْوَالِ الْخَلْقِ، فَإِنَّ حَاجَاتِ النَّاسِ كَثِيرَةٌ وَكُلُّهَا تَنْقَضِي بِهِمَا بِخِلَافِ غَيْرِهِمَا مِنْ الْأَمْوَالِ، فَمَنْ كَنَزَهُمَا فَقَدْ أَبْطَلَ الْحِكْمَةَ الَّتِي خَلَقَهَا لَهَا كَمَنْ حَبَسَ قَاضِيَ الْبَلَدِ وَمَنَعَهُ أَنْ يَقْضِيَ حَوَائِجَ النَّاسِ.

وَيَجِبُ فِيمَا زَادَ عَلَى النِّصَابِ بِحِسَابِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَوَاشِي ضَرَرُ الْمُشَارَكَةِ وَلَا يَكْمُلُ نِصَابُ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ لِاخْتِلَافِ الْجِنْسِ كَمَا لَا يَكْمُلُ التَّمْرُ بِالزَّبِيبِ، وَيَكْمُلُ الْجَيِّدُ بِالرَّدِيءِ مِنْ الْجِنْسِ الْوَاحِدِ وَعَكْسُهُ كَمَا فِي

ص: 93

وَلَا شَيْءَ فِي الْمَغْشُوشِ حَتَّى يَبْلُغَ خَالِصُهُ نِصَابًا.

وَلَوْ اخْتَلَطَ إنَاءٌ مِنْهُمَا وَجَهِلَ أَكْثَرَهُمَا زَكَّى الْأَكْثَرَ ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً أَوْ مَيَّزَ.

ــ

[مغني المحتاج]

الْمَاشِيَةِ، وَالْمُرَادُ بِالْجَوْدَةِ النُّعُومَةُ وَنَحْوُهَا وَبِالرَّدَاءَةِ الْخُشُونَةُ وَنَحْوُهَا، وَيُؤْخَذُ مِنْ كُلِّ نَوْعٍ بِالْقِسْطِ إنْ سَهُلَ الْأَخْذُ بِأَنْ قَلَّتْ أَنْوَاعُهُ، فَإِنْ كَثُرَتْ وَشَقَّ اعْتِبَارُ الْجَمِيعِ أُخِذَ مِنْ الْوَسَطِ كَمَا فِي الْمُعَشَّرَاتِ.

وَلَا يُجْزِئُ رَدِيءٌ عَنْ جَيِّدٍ وَلَا مُكَسَّرٌ عَنْ صَحِيحٍ كَمَا لَوْ أَخْرَجَ مَرِيضَةً عَنْ صِحَاحٍ قَالُوا: وَيَجُوزُ عَكْسُهُ بَلْ هُوَ أَفْضَلُ؛ لِأَنَّهُ زَادَ خَيْرًا، فَيُسَلِّمُ مُخْرِجُ الدِّينَارِ الصَّحِيحِ أَوْ الْجَيِّدِ إلَى مَنْ يُوَكِّلُهُ الْفُقَرَاءَ مِنْهُمْ أَوْ مِنْ غَيْرِهِمْ. .

قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَإِنْ لَزِمَهُ نِصْفُ دِينَارٍ سَلَّمَ إلَيْهِمْ دِينَارًا نِصْفُهُ عَنْ الزَّكَاةِ وَنِصْفُهُ يَبْقَى لَهُ مَعَهُمْ أَمَانَةً ثُمَّ يَتَفَاصَلُ هُوَ وَهُمْ فِيهِ بِأَنْ يَبِيعُوهُ لِأَجْنَبِيٍّ وَيَتَقَاسَمُوا ثَمَنَهُ أَوْ يَشْتَرُوا مِنْهُ نِصْفَهُ أَوْ يَشْتَرِيَ نِصْفَهُمْ، لَكِنْ يُكْرَهُ لَهُ شِرَاءُ صَدَقَتِهِ مِمَّنْ تَصَدَّقَ عَلَيْهِ سَوَاءٌ فِيهِ الزَّكَاةُ وَصَدَقَةُ التَّطَوُّعِ.

(وَلَا شَيْءَ فِي الْمَغْشُوشِ) أَيْ الْمَخْلُوطِ بِمَا هُوَ أَدْوَنُ مِنْهُ كَذَهَبٍ بِفِضَّةٍ وَفِضَّةٍ بِنُحَاسٍ (حَتَّى يَبْلُغَ خَالِصُهُ نِصَابًا) لِلْأَحَادِيثِ السَّابِقَةِ، فَإِذَا بَلَغَهُ أَخْرَجَ الْوَاجِبَ خَالِصًا أَوْ مَغْشُوشًا خَالِصُهُ قَدْرَ الْوَاجِبِ، وَكَانَ مُتَطَوِّعًا بِالنُّحَاسِ، فَمَا قِيلَ إنَّ هَذَا ظَاهِرٌ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْقِسْمَةَ إفْرَازٌ لَا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا بَيْعٌ لِامْتِنَاعِ بَيْعِ الْمَغْشُوشِ بِمِثْلِهِ مَرْدُودٌ بِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ قِسْمَةَ بَيْعٍ بِمَغْشُوشٍ؛ لِأَنَّهُ فِي الْحَقِيقَةِ إنَّمَا أَعْطَى لِلزَّكَاةِ خَالِصًا عَنْ خَالِصٍ وَالنُّحَاسُ وَقَعَ تَطَوُّعًا كَمَا تَقَرَّرَ. لَكِنَّ الْمُتَّجَهَ كَمَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ عَلَى وَلِيِّ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ إخْرَاجُ الْخَالِصِ حِفْظًا لِلنُّحَاسِ إذَا كَانَتْ مُؤْنَةُ السَّبْكِ تَنْقُصُ عَنْ قِيمَةِ الْغِشِّ.

وَلَوْ أَخْرَجَ رَدِيئًا عَنْ جَيِّدٍ كَأَنْ أَخْرَجَ خَمْسَةً مَعِيبَةً عَنْ مِائَتَيْنِ جَيِّدَةٍ فَلَهُ اسْتِرْدَادُهُ إنْ بَيَّنَ ذَلِكَ عِنْدَ الدَّفْعِ أَنَّهُ عَنْ ذَلِكَ الْمَالِ كَمَا لَوْ عَجَّلَ الزَّكَاةَ فَتَلِفَ مَالُهُ قَبْلَ الْحَوْلِ وَإِلَّا فَلَا يَسْتَرِدُّهُ،.

وَيُكْرَهُ لِلْإِمَامِ ضَرْبُ الْمَغْشُوشِ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا» وَلِئَلَّا يَغُشَّ بِهَا بَعْضُ النَّاسِ بَعْضًا، فَإِنْ عُلِمَ مِعْيَارُهَا صَحَّتْ الْمُعَامَلَةُ بِهَا مُعَيَّنَةً، وَفِي الذِّمَّةِ اتِّفَاقًا، وَإِنْ كَانَ مَجْهُولًا فَفِيهِ أَرْبَعَةُ أَوْجُهٍ أَصَحُّهَا الصِّحَّةُ مُطْلَقًا كَبَيْعِ الْغَالِيَةِ وَالْمَعْجُونَاتِ؛ وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ رَوَاجُهَا وَهِيَ رَائِجَةٌ وَلِحَاجَةِ الْمُعَامَلَةِ بِهَا، وَالثَّانِي: لَا يَصِحُّ مُطْلَقًا كَاللَّبَنِ الْمَخْلُوطِ بِالْمَاءِ، وَالثَّالِثُ: إنْ كَانَ الْغِشُّ مَغْلُوبًا صَحَّ التَّعَامُلُ بِهَا وَإِنْ كَانَ غَالِبًا لَمْ يَصِحَّ، وَالرَّابِعُ: يَصِحُّ التَّعَامُلُ بِهَا فِي الْعَيْنِ دُونَ الذِّمَّةِ وَلَوْ كَانَ الْغِشُّ قَلِيلًا بِحَيْثُ لَا يَأْخُذُ حَظًّا مِنْ الْوَزْنِ فَوُجُودُهُ كَعَدَمِهِ، وَيُكْرَهُ لِغَيْرِ الْإِمَامِ ضَرْبُ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ وَلَوْ خَالِصَةً؛ لِأَنَّهُ مِنْ شَأْنِ الْإِمَامِ؛ وَلِأَنَّ فِيهِ افْتِيَاتًا عَلَيْهِ.

وَمَنْ مَلَكَ دَرَاهِمَ مَغْشُوشَةً كُرِهَ لَهُ إمْسَاكُهَا، بَلْ يَسْبُكُهَا وَيُصَفِّيهَا. قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ إلَّا إنْ كَانَتْ دَرَاهِمُ الْبَلَدِ مَغْشُوشَةً فَلَا يُكْرَهُ إمْسَاكُهَا ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ.

(وَلَوْ اخْتَلَطَ إنَاءٌ مِنْهُمَا) أَيْ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ بِأَنْ أُذِيبَا وَصِيغَ مِنْهُمَا الْإِنَاءُ كَأَنْ كَانَ وَزْنُهُ أَلْفَ دِرْهَمٍ أَحَدُهُمَا سِتُّمِائَةٍ وَالْآخَرُ أَرْبَعُمِائَةٍ (وَجَهِلَ أَكْثَرَهُمَا زَكَّى) كُلًّا مِنْهُمَا بِفَرْضِهِ (الْأَكْثَرَ ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً) احْتِيَاطًا إنْ كَانَ رَشِيدًا. أَمَّا غَيْرُهُ فَيَتَعَيَّنُ التَّمْيِيزُ؛ لِأَنَّهُ الْأَحْوَطُ لَهُ، وَلَا يَجُوزُ فَرْضُ كُلِّهِ ذَهَبًا؛ لِأَنَّ أَحَدَ الْجِنْسَيْنِ لَا يُجْزِئُ عَنْ الْآخَرِ وَإِنْ كَانَ أَعْلَى مِنْهُ كَمَا مَرَّ (أَوْ مَيَّزَ) بَيْنَهُمَا بِالنَّارِ، وَيَحْصُلُ ذَلِكَ بِسَبْكِ قَدْرٍ يَسِيرٍ إذَا تَسَاوَتْ أَجْزَاؤُهُ. قَالَهُ فِي

ص: 94

وَيُزَكَّى الْمُحَرَّمُ مِنْ حُلِيٍّ وَغَيْرِهِ، لَا الْمُبَاحُ فِي الْأَظْهَرِ، فَمِنْ الْمُحَرَّمِ الْإِنَاءُ وَالسِّوَارُ وَالْخَلْخَالُ لِلُبْسِ الرَّجُلِ.

ــ

[مغني المحتاج]

الْبَسِيطِ، أَوْ امْتَحَنَ بِالْمَاءِ فَيَضَعُ مَاءً فِي قَصْعَةٍ مَثَلًا ثُمَّ يَضَعُ فِيهِ أَلْفًا ذَهَبًا وَيَعْلَمُ ارْتِفَاعَهُ ثُمَّ يُخْرِجُهَا ثُمَّ يَضَعُ فِيهِ أَلْفًا فِضَّةً وَيُعَلِّمُهُ، وَهَذِهِ الْعَلَامَةُ فَوْقَ الْأُولَى؛ لِأَنَّ الْفِضَّةَ أَكْثَرُ حَجْمًا مِنْ الذَّهَبِ فَيَزِيدُ ارْتِفَاعُ الْمَاءِ بِسَبَبِ ذَلِكَ ثُمَّ يُخْرِجُهَا ثُمَّ يَضَعُ فِيهِ الْمَخْلُوطَ فَإِلَى أَيِّهِمَا كَانَ ارْتِفَاعُهُ أَقْرَبَ فَالْأَكْثَرُ مِنْهُ، وَيَكْتَفِي بِوَضْعِ الْمَخْلُوطِ أَوَّلًا وَآخِرًا وَوَسَطًا. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَأَسْهَلُ مِنْ هَذَا وَأَضْبَطُ أَنْ تَضَعَ فِي الْمَاءِ قَدْرَ الْمَخْلُوطِ مِنْهُمَا مَعًا مَرَّتَيْنِ فِي أَحَدِهِمَا الْأَكْثَرُ ذَهَبًا وَالْأَقَلُّ فِضَّةً، وَفِي الثَّانِيَةِ بِالْعَكْسِ، وَتُعَلِّمَ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَامَةً ثُمَّ تَضَعَ الْمَخْلُوطَ فَيُلْحَقَ بِمَا وَصَلَ إلَيْهِ.

قَالَ: وَالطَّرِيقُ الْأَوَّلُ يَأْتِي أَيْضًا فِي مُخْتَلِطٍ جُهِلَ وَزْنُهُ بِالْكُلِّيَّةِ كَمَا قَالَهُ الْفُورَانِيُّ فَإِنَّك إذَا وَضَعْتَ الْمُخْتَلِطَ الْمَذْكُورَ تَكُونُ عَلَامَتُهُ بَيْنَ عَلَامَتَيْ الْخَالِصِ، فَإِنْ كَانَتْ نِسْبَتُهُ إلَيْهِمَا سَوَاءً فَنِصْفُهُ ذَهَبٌ وَنِصْفُهُ فِضَّةٌ وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَلَامَةِ الذَّهَبِ شَعِيرَتَانِ وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ عَلَامَةِ الْفِضَّةِ شَعِيرَةٌ فَثُلُثَاهُ فِضَّةٌ وَثُلُثُهُ ذَهَبٌ، أَوْ بِالْعَكْسِ فَبِالْعَكْسِ وَمُؤْنَةُ السَّبْكِ عَلَى الْمَالِكِ. قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَإِذَا تَعَذَّرَ الِامْتِحَانُ وَعَسُرَ التَّمْيِيزُ بِفَقْدِ آلَاتِ السَّبْكِ أَوْ يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى زَمَانٍ صَالِحٍ وَجَبَ الِاحْتِيَاطُ، فَإِنَّ الزَّكَاةَ وَاجِبَةٌ عَلَى الْفَوْرِ فَلَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهَا مَعَ وُجُودِ الْمُسْتَحِقِّينَ، ذَكَرَهُ فِي النِّهَايَةِ، وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَجْعَلَ السَّبْكَ أَوْ مَا فِي مَعْنَاهُ مِنْ شُرُوطِ الْإِمْكَانِ اهـ.

وَلَا يَعْتَمِدُ الْمَالِكُ فِي مَعْرِفَةِ الْأَكْثَرِ غَلَبَةَ ظَنِّهِ وَلَوْ تَوَلَّى إخْرَاجَهَا بِنَفْسِهِ، وَيُصَدَّقُ فِيهِ إنْ أَخْبَرَ عَنْ عِلْمٍ.

وَلَوْ مَلَكَ نِصَابًا نِصْفُهُ فِي يَدِهِ وَبَاقِيه مَغْصُوبٌ أَوْ دَيْنٌ مُؤَجَّلٌ زَكَّى الَّذِي فِي يَدِهِ فِي الْحَالِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْإِمْكَانَ شَرْطٌ لِلضَّمَانِ لَا لِلْوُجُوبِ؛ وَلِأَنَّ الْمَيْسُورَ لَا يَسْقُطُ بِالْمَعْسُورِ.

(وَيُزَكَّى الْمُحَرَّمُ) مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ (مِنْ حُلِيٍّ) بِضَمِّ الْحَاءِ وَكَسْرِ اللَّامِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ جَمْعُ حَلْيٍ بِفَتْحِ الْحَاءِ وَسُكُونِ اللَّامِ (وَ) مِنْ (غَيْرِهِ) كَالْأَوَانِي بِالْإِجْمَاعِ، وَكَذَا الْمَكْرُوهُ كَالضَّبَّةِ الْكَبِيرَةِ لِلْحَاجَةِ وَالصَّغِيرَةِ لِلزِّينَةِ (لَا) الْحُلِيُّ (الْمُبَاحُ فِي الْأَظْهَرِ) كَخَلْخَالٍ لِامْرَأَةٍ لِأَنَّهُ مُعَدٌّ لِاسْتِعْمَالٍ مُبَاحٍ فَأَشْبَهَ الْعَوَامِلَ مِنْ النَّعَمِ، وَالثَّانِي يُزَكَّى؛ لِأَنَّ زَكَاةَ النَّقْدِ تُنَاطُ بِجَوْهَرِهِ. وَرُدَّ بِأَنَّ زَكَاتَهُ إنَّمَا تُنَاطُ بِالِاسْتِغْنَاءِ عَنْ الِانْتِفَاعِ بِهِ لَا بِجَوْهَرِهِ إذْ لَا غَرَضَ فِي ذَاتِهِ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ إطْلَاقِهِ أَنَّهُ لَا زَكَاةَ فِي الْحُلِيِّ الْمُبَاحِ مَا لَوْ مَاتَ عَنْ حُلِيٍّ مُبَاحٍ، وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ وَارِثُهُ إلَّا بَعْدَ الْحَوْلِ فَإِنَّهُ تَجِبُ زَكَاتُهُ؛ لِأَنَّ الْوَارِثَ لَمْ يَنْوِ إمْسَاكَهُ لِاسْتِعْمَالٍ مُبَاحٍ، ذَكَرَهُ الرُّويَانِيُّ، ثُمَّ ذَكَرَ عَنْ وَالِدِهِ احْتِمَالَ وَجْهٍ فِيهِ إقَامَةُ نِيَّةِ مُوَرِّثِهِ مَقَامَ نِيَّتِهِ. وَاسْتَشْكَلَ الْأَوَّلُ بِالْحُلِيِّ الَّذِي اتَّخَذَهُ بِلَا قَصْدِ شَيْءٍ بِأَنَّهُ لَا زَكَاةَ فِيهِ كَمَا سَيَأْتِي.

وَأُجِيبَ بِأَنَّ فِي تِلْكَ اتِّخَاذًا دُونَ هَذِهِ (فَمِنْ الْمُحَرَّمِ الْإِنَاءُ) مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ لِلذَّكَرِ وَغَيْرِهِ كَمَا مَرَّ فِي الْأَوَانِي، وَهُوَ مُحَرَّمٌ لِعَيْنِهِ، وَمِنْهُ الْمَيْلُ لِلْمَرْأَةِ وَغَيْرِهَا فَيَحْرُمُ عَلَيْهِمَا. نَعَمْ لَوْ اتَّخَذَ شَخْصٌ مَيْلًا مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ لِجَلَاءِ عَيْنِهِ فَهُوَ مُبَاحٌ كَمَا مَرَّ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْأَوَانِي، وَلَا زَكَاةَ فِيهِ عَلَى الْأَظْهَرِ (وَالسِّوَارُ) بِكَسْرِ السِّينِ وَيَجُوزُ ضَمُّهَا (وَالْخَلْخَالُ) بِفَتْحِ الْخَاءِ (لِلُبْسِ الرَّجُلِ) بِأَنْ يَقْصِدَهُ بِاِتِّخَاذِهِمَا فَهُمَا مُحَرَّمَانِ بِالْقَصْدِ،.

وَالْخُنْثَى فِي حُلِيِّ النِّسَاءِ كَالرَّجُلِ، وَفِي حُلِيِّ الرِّجَالِ كَالْمَرْأَةِ

ص: 95

فَلَوْ اتَّخَذَ سِوَارًا بِلَا قَصْدٍ أَوْ بِقَصْدِ إجَارَتِهِ لِمَنْ لَهُ اسْتِعْمَالُهُ فَلَا زَكَاةَ فِي الْأَصَحِّ، وَكَذَا لَوْ انْكَسَرَ الْحُلِيُّ وَقَصَدَ إصْلَاحَهُ.

وَيَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلِ حُلِيُّ الذَّهَبِ إلَّا الْأَنْفَ وَالْأُنْمُلَةَ

ــ

[مغني المحتاج]

احْتِيَاطًا لِلشَّكِّ فِي إبَاحَتِهِ (فَلَوْ اتَّخَذَ) الرَّجُلُ (سِوَارًا) مَثَلًا (بِلَا قَصْدٍ) لَا لِلُبْسٍ وَلَا لِغَيْرِهِ (أَوْ بِقَصْدِ إجَارَتِهِ لِمَنْ لَهُ اسْتِعْمَالُهُ) بِلَا كَرَاهَةٍ (فَلَا زَكَاةَ) فِيهِ (فِي الْأَصَحِّ) لِانْتِفَاءِ الْقَصْدِ الْمُحَرَّمِ وَالْمَكْرُوهِ، وَالثَّانِي: يَنْظُرُ فِي الْأُولَى إلَى أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ لُبْسُهُ، وَفِي الثَّانِيَةِ إلَى أَنَّهُ مُعَدٌّ لِلنَّمَاءِ أَمَّا لَوْ اتَّخَذَهُ لِيُعِيرَهُ لِمَنْ لَهُ لُبْسُهُ فَلَا زَكَاةَ جَزْمًا، وَخَرَجَ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ بِلَا قَصْدٍ مَا إذَا قَصَدَ اتِّخَاذَهُ كَنْزًا فَإِنَّ الصَّحِيحَ وُجُوبُ الزَّكَاةِ فِيهِ وَلَوْ قَصَدَ بِاتِّخَاذِهِ مُبَاحًا، ثُمَّ غَيَّرَهُ إلَى مُحَرَّمٍ أَوْ بِالْعَكْسِ تَغَيَّرَ الْحُكْمُ كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ (وَكَذَا لَوْ انْكَسَرَ الْحُلِيُّ) الْمُبَاحُ لِلِاسْتِعْمَالِ بِحَيْثُ يُمْنَعُ الِاسْتِعْمَالُ (وَقَصَدَ إصْلَاحَهُ) وَأَمْكَنَ بِلَا صَوْغٍ فَلَا زَكَاةَ أَيْضًا عَلَى الْأَصَحِّ، وَإِنْ دَامَ أَحْوَالًا لِدَوَامِ صُورَةِ الْحُلِيِّ وَقَصَدَ إصْلَاحَهُ، وَالثَّانِي تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ لِتَعَذُّرِ اسْتِعْمَالِهِ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ وَقَصَدَ إصْلَاحَهُ مَا إذَا لَمْ يَقْصِدْهُ بِأَنْ قَصَدَ جَعْلَهُ تِبْرًا أَوْ دِرْهَمًا أَوْ كَنَزَهُ أَوْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا، وَبِقَوْلِي وَأَمْكَنَ بِلَا صَوْغٍ مَا لَوْ أَحْوَجَ انْكِسَارُهُ إلَى صَوْغٍ فَإِنَّ زَكَاتَهُ تَجِبُ وَيَنْعَقِدُ حَوْلُهُ مِنْ حِينِ انْكِسَارِهِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَعْمَلٍ وَلَا مُعَدٍّ لِلِاسْتِعْمَالِ، وَلَوْ كَانَ الِانْكِسَارُ لَا يَمْنَعُ الِاسْتِعْمَالَ فَلَا أَثَرَ لَهُ.

تَنْبِيهٌ: حَيْثُ أَوْجَبْنَا الزَّكَاةَ فِي الْحُلِيِّ وَاخْتَلَفَتْ قِيمَتُهُ وَوَزْنُهُ فَالْعِبْرَةُ بِقِيمَتِهِ لَا وَزْنِهِ بِخِلَافِ الْمُحَرَّمِ لِعَيْنِهِ كَالْأَوَانِي فَالْعِبْرَةُ بِوَزْنِهِ لَا قِيمَتِهِ، فَلَوْ كَانَ لَهُ حُلِيٌّ وَزْنُهُ مِائَتَا دِرْهَمٍ وَقِيمَتُهُ ثَلَاثُمِائَةٍ تَخَيَّرَ بَيْنَ أَنْ يُخْرِجَ رُبْعَ عُشْرِهِ مُشَاعًا، ثُمَّ يَبِيعُهُ السَّاعِي بِغَيْرِ جِنْسِهِ وَيُفَرِّقُ ثَمَنَهُ عَلَى الْمُسْتَحِقِّينَ، أَوْ يُخْرِجَ خَمْسَةً مَصُوغَةً قِيمَتُهَا سَبْعَةٌ وَنِصْفٌ نَقْدًا، وَلَا يَجُوزُ كَسْرُهُ لِيُعْطِيَ مِنْهُ خَمْسَةً مُكَسَّرَةً؛ لِأَنَّ فِيهِ ضَرَرًا عَلَيْهِ وَعَلَى الْمُسْتَحِقِّينَ، أَوْ كَانَ لَهُ إنَاءٌ كَذَلِكَ تَخَيَّرَ بَيْنَ أَنْ يُخْرِجَ خَمْسَةً مِنْ غَيْرِهِ أَوْ يُكَسِّرَهُ وَيُخْرِجَ خَمْسَةً أَوْ يُخْرِجَ رُبْعَ عُشْرِهِ مُشَاعًا.

(وَيَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلِ حُلِيُّ الذَّهَبِ) وَلَوْ فِي آلَةِ الْحَرْبِ، لِمَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ «أُحِلَّ الذَّهَبُ وَالْحَرِيرُ لِإِنَاثِ أُمَّتِي وَحُرِّمَ عَلَى ذُكُورِهَا» (إلَّا الْأَنْفَ) إذَا جُدِعَ فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُتَّخَذَ مِنْ الذَّهَبِ وَإِنْ أَمْكَنَ اتِّخَاذُهُ مِنْ فِضَّةٍ؛ لِأَنَّ عَرْفَجَةَ بْنَ سَعْدٍ قُطِعَ أَنْفُهُ يَوْمَ الْكُلَابِ بِضَمِّ الْكَافِ اسْمٌ لِلْمَكَانِ الَّذِي كَانَتْ الْوَقْعَةُ عِنْدَهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَاتَّخَذَ لَهُ أَنْفًا مِنْ فِضَّةٍ فَأَنْتَنَ عَلَيْهِ، فَأَمَرَهُ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَتَّخِذَهُ مِنْ ذَهَبٍ. رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ.

وَالْحِكْمَةُ فِي الذَّهَبِ أَنَّهُ لَا يَصْدَأُ إذَا كَانَ خَالِصًا بِخِلَافِ الْفِضَّةِ (وَ) إلَّا (الْأُنْمُلَةَ) فَإِنَّهُ يَجُوزُ اتِّخَاذُهَا لِمَنْ قُطِعَتْ مِنْهُ وَلَوْ لِكُلِّ أُصْبُعٍ مِنْ الذَّهَبِ قِيَاسًا عَلَى الْأَنْفِ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَيَجِبُ أَنْ يُقَيِّدَ ذَلِكَ بِمَا إذَا كَانَ مَا تَحْتَ الْأُنْمُلَةِ سَلِيمًا دُونَ مَا إذَا كَانَ أَشَلَّ كَمَا أَرْشَدَ إلَيْهِ تَعْلِيلُهُمْ بِالْعَمَلِ اهـ.

وَهُوَ تَقْيِيدٌ حَسَنٌ، وَعَلَيْهِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فِي

ص: 96

وَالسِّنَّ، لَا الْأُصْبُعَ، وَيَحْرُمُ سِنُّ الْخَاتَمِ عَلَى الصَّحِيحِ.

وَيَحِلُّ لَهُ مِنْ الْفِضَّةِ الْخَاتَمُ.

ــ

[مغني المحتاج]

غَيْرِ الْأُنْمُلَةِ السُّفْلَى، ثُمَّ رَأَيْتُ الْغَزِّيَّ قَالَ: وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: الْأُنْمُلَةُ السُّفْلَى كَالْأُصْبُعِ فِي الْمَنْعِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَتَحَرَّكُ اهـ.

فَائِدَةٌ: فِي الْأُنْمُلَةِ تِسْعُ لُغَاتٍ تَثْلِيثُ هَمْزَتِهَا مَعَ تَثْلِيثِ الْمِيمِ، وَأَفْصَحُهَا فَتْحُ الْهَمْزَةِ وَضَمُّ الْمِيمِ، قَالَ جُمْهُورُ أَهْلِ اللُّغَةِ: الْأَنَامِلُ أَطْرَافُ الْأَصَابِعِ: أَيْ مِنْ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ، وَقَالَ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَأَصْحَابُهُ فِي كُلِّ أُصْبُعٍ غَيْرِ الْإِبْهَامِ ثَلَاثُ أَنَامِلَ (وَ) إلَّا (السِّنَّ) فَإِنَّهُ يَجُوزُ لِمَنْ قُلِعَتْ سِنُّهُ اتِّخَاذُ سِنٍّ مِنْ ذَهَبٍ قِيَاسًا عَلَى الْأَنْفِ وَإِنْ تَعَدَّدَتْ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ، وَيَجُوزُ أَيْضًا شَدُّ السِّنِّ بِهِ عِنْدَ تَحْرِيكِهَا، وَلَا زَكَاةَ فِيمَا ذُكِرَ وَإِنْ أَمْكَنَ نَزْعُهُ وَرَدُّهُ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الْمَاوَرْدِيُّ، وَكُلُّ مَا جَازَ مِنْ الذَّهَبِ فَهُوَ بِالْفِضَّةِ أَوْلَى (لَا الْأُصْبُعَ) فَلَا يَجُوزُ اتِّخَاذُهَا مِنْ الذَّهَبِ وَلَا مِنْ الْفِضَّةِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَعْمَلُ فَتَكُونُ لِمُجَرَّدِ الزِّينَةِ وَلَا أُنْمُلَتَيْنِ مِنْهُ لِذَلِكَ بِخِلَافِ الْأُنْمُلَةِ وَالسِّنِّ فَإِنَّهُ يُمْكِنُ تَحْرِيكُهُمَا، وَيَحْرُمُ اتِّخَاذُ الْيَدِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى (وَيَحْرُمُ سِنُّ الْخَاتَمِ) مِنْ الذَّهَبِ اتِّخَاذًا وَاسْتِعْمَالًا عَلَى الرَّجُلِ، وَهِيَ الشُّعْبَةُ الَّتِي يَسْتَمْسِكُ بِهَا الْفَصُّ (عَلَى الصَّحِيحِ) لِعُمُومِ أَدِلَّةِ التَّحْرِيمِ، وَمُقَابِلُهُ احْتِمَالٌ لِلْإِمَامِ فَقَالَ: لَا يَبْعُدُ تَشْبِيهُ الْقَلِيلِ مِنْهُ بِالضَّبَّةِ الصَّغِيرَةِ فِي الْإِنَاءِ وَفَرَّقَ الرَّافِعِيُّ بِأَنَّ الْخَاتَمَ أَلْزَمُ لِلشَّخْصِ مِنْ الْإِنَاءِ وَاسْتِعْمَالُهُ أَدْوَمُ. نَعَمْ إنْ صَدَأَ بِحَيْثُ لَا يُبَيَّنُ جَازَ اسْتِعْمَالُهُ. نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ.

وَأُجِيبَ عَنْ قَوْلِ الْقَاضِي بِأَنَّ الذَّهَبَ لَا يَصْدَأُ بِأَنَّ مِنْهُ نَوْعًا يَصْدَأُ وَهُوَ مَا يُخَالِطُهُ غَيْرُهُ. وَأُجِيبَ عَنْ قَوْلِ الْأَذْرَعِيِّ: الصَّحِيحُ التَّحْرِيمُ؛ لِأَنَّ عِلَّةَ التَّحْرِيمِ الْعَيْنُ لَا الْخُيَلَاءُ بِأَنَّ عِلَّةَ التَّحْرِيمِ الْعَيْنُ بِشَرْطِ الْخُيَلَاءِ، فَالصَّحِيحُ عَدَمُ التَّحْرِيمِ.

(وَيَحِلُّ لَهُ) أَيْ الرَّجُلِ وَمِثْلُهُ الْخُنْثَى بَلْ أَوْلَى (مِنْ الْفِضَّةِ الْخَاتَمُ) بِالْإِجْمَاعِ، وَلِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم اتَّخَذَ خَاتَمًا مِنْ فِضَّةٍ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، بَلْ لُبْسُهُ سُنَّةٌ، سَوَاءٌ أَكَانَ فِي الْيَمِينِ أَمْ فِي الْيَسَارِ، لَكِنَّ الْيَمِينَ أَفْضَلُ عَلَى الصَّحِيحِ فِي بَابِ اللِّبَاسِ مِنْ الرَّوْضَةِ. وَقِيلَ الْيَسَارُ أَفْضَلُ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ صَارَ شِعَارًا لِلرَّوَافِضِ، وَالسُّنَّةُ أَنْ يَجْعَلَ فَصَّ الْخَاتَمِ مِمَّا يَلِي كَفَّهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرَّافِعِيُّ فِي الْوَدِيعَةِ لِثُبُوتِهِ فِي الصَّحِيحِ، وَلَا يُكْرَهُ لِلْمَرْأَةِ لُبْسُ خَاتَمِ الْفِضَّةِ خِلَافًا لِلْخَطَّابِيِّ. قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ الْأَصْحَابُ لِمِقْدَارِ الْخَاتَمِ الْمُبَاحِ وَلَعَلَّهُمْ اكْتَفَوْا فِيهِ بِالْعُرْفِ: أَيْ وَهُوَ عُرْفُ تِلْكَ الْبَلَدِ وَعَادَةُ أَمْثَالِهِ فِيهَا، فَمَا خَرَجَ عَنْ ذَلِكَ كَانَ إسْرَافًا كَمَا قَالُوهُ فِي خَلْخَالِ الْمَرْأَةِ، هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ.

وَإِنْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: الصَّوَابُ ضَبْطُهُ بِدُونِ مِثْقَالٍ لِمَا فِي صَحِيحِ ابْنِ حِبَّانَ وَسُنَنِ أَبِي دَاوُد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِلَابِسِ الْخَاتَمِ الْحَدِيدِ: مَا لِي أَرَى عَلَيْكَ حِلْيَةَ أَهْلِ النَّارِ فَطَرَحَهُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مِنْ أَيِّ شَيْءٍ أَتَّخِذُهُ؟ قَالَ اتَّخِذْهُ مِنْ وَرِقٍ وَلَا تُتِمُّهُ مِثْقَالًا» قَالَ وَلَيْسَ فِي كَلَامِهِمْ مَا يُخَالِفُهُ اهـ.

وَهَذَا لَا يُنَافِي مَا ذُكِرَ لِاحْتِمَالِ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ عُرْفَ بَلَدِهِ وَعَادَةَ أَمْثَالِهِ، وَتَوْحِيدُ الْمُصَنِّفِ رحمه الله الْخَاتَمَ وَجَمْعُ مَا بَعْدَهُ قَدْ يُشْعِرُ بِامْتِنَاعِ التَّعَدُّدِ

ص: 97

وَحِلْيَةُ آلَاتِ الْحَرْبِ: كَالسَّيْفِ وَالرُّمْحِ وَالْمِنْطَقَةِ، لَا مَا لَا يَلْبَسُهُ كَالسَّرْجِ وَاللِّجَامِ فِي الْأَصَحِّ.

وَلَهَا لُبْسُ أَنْوَاعِ حُلِيِّ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ،

ــ

[مغني المحتاج]

اتِّخَاذًا وَلُبْسًا، وَهُوَ خِلَافُ مَا فِي الْمُحَرَّرِ فَإِنَّهُ عَبَّرَ بِقَوْلِهِ، وَيَجُوزُ التَّخَتُّمُ بِالْفِضَّةِ لِلرِّجَالِ، وَفِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا: وَلَوْ اتَّخَذَ الرَّجُلُ خَوَاتِيمَ كَثِيرَةً لِيَلْبَسَ الْوَاحِدَ مِنْهَا عُدَّ الْوَاحِدُ جَازَ، فَظَاهِرُهُ الْجَوَازُ فِي الِاتِّخَاذِ دُونَ اللُّبْسِ، وَفِيهِ خِلَافٌ مُنْتَشِرٌ، وَاَلَّذِي يَنْبَغِي اعْتِمَادُهُ فِيهِ مَا أَفَادَهُ شَيْخِي مِنْ أَنَّهُ جَائِزٌ مَا لَمْ يُؤَدِّ إلَى سَرَفٍ، وَلَوْ تَخَتَّمَ الرَّجُلُ فِي غَيْرِ الْخِنْصَرِ فَفِي حِلِّهِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا

فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ الْحِلُّ مَعَ كَرَاهَةِ التَّنْزِيهِ.

(وَ) يَحِلُّ لِلرَّجُلِ مِنْ الْفِضَّةِ (حِلْيَةُ آلَاتِ الْحَرْبِ كَالسَّيْفِ) وَأَطْرَافِ السِّهَامِ وَالدِّرْعِ وَالْخُوذَةِ (وَالرُّمْحِ وَالْمِنْطَقَةِ) بِكَسْرِ الْمِيمِ: مَا يُشَدُّ بِهَا الْوَسَطُ وَالتُّرْسِ وَالْخُفِّ وَسِكِّينِ الْحَرْبِ؛ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ إرْهَابًا لِلْكُفَّارِ، وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ قَبِيعَةَ سَيْفِهِ صلى الله عليه وسلم كَانَتْ مِنْ فِضَّةٍ، وَأَنَّ نَعْلَ سَيْفِهِ كَانَ مِنْ فِضَّةٍ، وَالْقَبِيعَةُ بِفَتْحِ الْقَافِ وَكَسْرِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ: هِيَ الَّتِي تَكُونُ عَلَى رَأْسِ قَائِمِ السَّيْفِ، وَنَعْلُ السَّيْفِ مَا يَكُونُ فِي أَسْفَلَ غِمْدِهِ مِنْ حَدِيدٍ أَوْ فِضَّةٍ وَنَحْوِهِمَا، وَلِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم «دَخَلَ مَكَّةَ يَوْمَ الْفَتْحِ وَعَلَى سَيْفِهِ ذَهَبٌ وَفِضَّةٌ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ، لَكِنْ خَالَفَهُ ابْنُ الْقَطَّانِ فَضَعَّفَهُ، وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِجَزْمِ الْأَصْحَابِ بِتَحْرِيمِ تَحْلِيَةِ ذَلِكَ بِالذَّهَبِ، وَأَمَّا سِكِّينُ الْمِهْنَةِ أَوْ الْمَقْلَمَةُ فَيَحْرُمُ تَحْلِيَتُهَا عَلَى الرَّجُلِ وَغَيْرِهِ مِمَّا يَحْرُمُ عَلَيْهِمَا تَحْلِيَةِ الْمِرْآةِ وَالدَّوَاةِ (لَا مَا لَا يَلْبَسُهُ كَالسَّرْجِ وَاللِّجَامِ) وَنَحْوِهِمَا مِمَّا هُوَ مَنْسُوبٌ إلَى الْفَرَسِ كَالرِّكَابِ وَالْقِلَادَةِ وَالثَّغْرِ وَبَرَّةِ النَّاقَةِ وَأَطْرَافِ السُّيُورِ (فِي الْأَصَحِّ) الْمَنْصُوصِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ مَلْبُوسٍ لِلرَّاكِبِ، فَهُوَ كَالْأَوَانِي، وَكَذَا يَحْرُمُ تَحْلِيَةُ الْمِقْرَاضِ وَنَحْوِهِ لِمَا ذُكِرَ، وَالثَّانِي يَجُوزُ كَالسَّيْفِ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ. قَالَ فِي الذَّخَائِرِ: وَلَا يَجُوزُ تَحْلِيَةُ لِجَامِ الْبَغْلِ وَالْحِمَارِ وَسَرْجِهِمَا وَجْهًا وَاحِدًا؛ لِأَنَّهُمَا لَا يُعَدَّانِ لِلْحَرْبِ، وَلَا يَحِلُّ لَهُ تَحْلِيَةُ شَيْءٍ مِمَّا ذَكَرْنَا بِالذَّهَبِ جَزْمًا لِمَا فِيهِ مِنْ زِيَادَةِ الْخُيَلَاءِ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِي الْمُقَاتِلِ، أَمَّا غَيْرُهُ فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ ذَلِكَ جَزْمًا، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي تَحْلِيَةِ آلَةِ الْحَرْبِ بَيْنَ الْمُجَاهِدِ وَغَيْرِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ بِسَبِيلٍ مِنْ أَنْ يُجَاهِدَ.

(وَلَيْسَ لِلْمَرْأَةِ حِلْيَةُ آلَةِ الْحَرْبِ) بِذَهَبٍ وَلَا فِضَّةٍ، وَإِنْ جَازَ لَهُنَّ الْمُحَارَبَةُ بِآلَتِهَا لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ التَّشَبُّهِ بِالرِّجَالِ وَهُوَ حَرَامٌ كَعَكْسِهِ، لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ «لَعَنَ اللَّهُ الْمُتَشَبِّهِينَ بِالنِّسَاءِ مِنْ الرِّجَالِ وَالْمُتَشَبِّهَات مِنْ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ» وَاللَّعْنُ لَا يَكُونُ عَلَى مَكْرُوهٍ، وَلَيْسَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِي الْأُمِّ: وَلَا أَكْرَهُ لِلرَّجُلِ لُبْسَ اللُّؤْلُؤِ إلَّا لِلْأَدَبِ، وَأَنَّهُ مِنْ زِيِّ النِّسَاءِ لَا لِلتَّحْرِيمِ مُخَالِفًا لِهَذَا؛ لِأَنَّ مُرَادَهُ أَنَّهُ مِنْ جِنْسِ زِيِّ النِّسَاءِ لَا أَنَّهُ زِيُّ لُبْسٍ يَخْتَصُّ بِهِنَّ. فَإِنْ قِيلَ: إذَا جَازَ لِلنِّسَاءِ الْمُحَارَبَةُ بِآلَتِهَا غَيْرِ مُحَلَّاةٍ جَازَ مَعَ التَّحْلِيَةِ؛ لِأَنَّ التَّحَلِّيَ أَجْوَزُ لَهُنَّ مِنْ الرِّجَالِ.

أُجِيبَ بِأَنَّهُ إنَّمَا جَازَ لَهُنَّ لُبْسُ آلَةِ الْحَرْبِ لِلضَّرُورَةِ، وَلَا ضَرُورَةَ وَلَا حَاجَةَ إلَى التَّحْلِيَةِ، وَمِثْلُ الْمَرْأَةِ الْخُنْثَى احْتِيَاطًا.

(وَلَهَا لُبْسُ أَنْوَاعِ حُلِيِّ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ) بِالْإِجْمَاعِ لِلْحَدِيثِ السَّابِقِ كَالسِّوَارِ، وَالطَّوْقِ وَالْخَاتَمِ، وَالْحَلَقِ فِي الْآذَانِ وَالْأَصَابِعِ، وَالتَّاجِ وَإِنْ لَمْ يَتَعَوَّدْنَهُ كَمَا صَوَّبَهُ فِي الْمَجْمُوعِ فِي بَابِ اللِّبَاسِ وَالنَّعْلِ، وَلَوْ تَقَلَّدَتْ الْمَرْأَةُ الدَّرَاهِمَ وَالدَّنَانِيرَ الْمَثْقُوبَةَ بِأَنْ جَعَلَتْهَا فِي قِلَادَتِهَا زُكِّيَتْ بِنَاءً عَلَى تَحْرِيمِهَا وَهُوَ

ص: 98

وَكَذَا مَا نُسِجَ بِهِمَا فِي الْأَصَحِّ، وَالْأَصَحُّ تَحْرِيمُ الْمُبَالَغَةِ فِي السَّرَفِ كَخَلْخَالٍ وَزْنُهُ مِائَتَا دِينَارٍ.

وَكَذَا إسْرَافُهُ فِي آلَةِ الْحَرْبِ.

وَجَوَازُ تَحْلِيَةِ الْمُصْحَفِ بِفِضَّةٍ، وَكَذَا لِلْمَرْأَةِ بِذَهَبٍ.

ــ

[مغني المحتاج]

الْمُعْتَمَدُ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ، وَإِنْ خَالَفَ فِي الْمَجْمُوعِ فِي بَابِ اللِّبَاسِ فَقَدْ وَافَقَهَا فِي مَوْضِعٍ آخَرَ، وَيُحْمَلُ مَا فِي بَابِ اللِّبَاسِ عَلَى الْمُعَرَّاةِ وَهِيَ الَّتِي جُعِلَ لَهَا عُرًا وَجُعِلَتْ فِي الْقِلَادَةِ فَإِنَّهَا لَا زَكَاةَ فِيهَا (وَكَذَا مَا نُسِجَ بِهِمَا) مِنْ الثِّيَابِ لَهَا لُبْسُهُ (فِي الْأَصَحِّ) لِعُمُومِ الْأَدِلَّةِ، وَلِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ جِنْسِ الْحُلِيِّ، وَالثَّانِي: لَا، لِزِيَادَةِ السَّرَفِ وَالْخُيَلَاءِ.

(وَالْأَصَحُّ تَحْرِيمُ الْمُبَالَغَةِ فِي السَّرَفِ) فِي كُلِّ مَا أَبَحْنَاهُ (كَخَلْخَالٍ) لِلْمَرْأَةِ (وَزْنُهُ مِائَتَا دِينَارٍ) ؛ لِأَنَّ الْمُبَاحَ مَا يُتَزَيَّنُ بِهِ وَلَا زِينَةَ فِي مِثْلِ ذَلِكَ، بَلْ تَنْفِرُ مِنْهُ النَّفْسُ لِاسْتِبْشَاعِهِ، وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا التَّعْلِيلِ إبَاحَةُ مَا تَتَّخِذُهُ النِّسَاءُ فِي هَذَا الزَّمَانِ مِنْ الْعَصَائِبِ الذَّهَبِ وَإِنْ كَثُرَ ذَهَبُهَا؛ لِأَنَّ النَّفْسَ لَا تَنْفِرُ مِنْهُ وَلَا تَسْتَبْشِعُ، بَلْ هُوَ فِي غَايَةِ الزِّينَةِ، وَالثَّانِي: لَا يَحْرُمُ كَمَا لَا يَحْرُمُ اتِّخَاذُ أَسَاوِرَ وَخَلَاخِلَ لِتَلْبَسَ الْوَاحِدَ مِنْهَا بَعْدَ الْوَاحِدِ، وَيَأْتِي فِي لُبْسِ ذَلِكَ مَعًا مَا مَرَّ فِي لُبْسِ الْخَوَاتِيمِ لِلرَّجُلِ، وَخَرَجَ بِتَقْيِيدِهِ السَّرَفَ تَبَعًا لِلْمُحَرَّرِ بِالْمُبَالَغَةِ مَا إذَا أَسْرَفَتْ وَلَمْ تُبَالِغْ فَإِنَّهُ لَا يَحْرُمُ، لَكِنَّهُ يُكْرَهُ فَتَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ الْعِمَادِ، وَفَارَقَ مَا سَيَأْتِي فِي آلَةِ الْحَرْبِ حَيْثُ لَمْ يُعْتَبَرْ فِيهِ عَدَمُ الْمُبَالَغَةِ بِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ حِلُّهُمَا لِلْمَرْأَةِ بِخِلَافِهِمَا لِغَيْرِهَا فَاغْتُفِرَ لَهَا قَلِيلُ السَّرَفِ.

(وَكَذَا) يَحْرُمُ (إسْرَافُهُ) أَيْ الرَّجُلِ (فِي آلَةِ الْحَرْبِ) فِي الْأَصَحِّ، وَإِنْ لَمْ يُبَالِغْ فِيهِ لِمَا مَرَّ مِنْ الْفَرْقِ وَلَوْ اتَّخَذَ آلَاتٍ كَثِيرَةً لِلْحَرْبِ مُحَلَّاةً جَازَ كَمَا مَرَّ فِي اتِّخَاذِ الْخَوَاتِيمِ لِلرَّجُلِ.

فَائِدَةٌ: السَّرَفُ: مُجَاوَزَةُ الْحَدِّ، وَيُقَالُ فِي النَّفَقَةِ التَّبْذِيرُ وَهُوَ الْإِنْفَاقُ فِي غَيْرِ حَقٍّ فَالْمُسْرِفُ الْمُنْفِقُ فِي مَعْصِيَةٍ وَإِنْ قَلَّ إنْفَاقُهُ، وَغَيْرُهُ الْمُنْفِقُ فِي الطَّاعَةِ وَإِنْ أَفْرَطَ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَيْسَ فِي الْحَلَالِ إسْرَافٌ، وَإِنَّمَا السَّرَفُ فِي ارْتِكَابِ الْمَعَاصِي. قَالَ الْحَسَنُ بْنُ سَهْلٍ: لَا سَرَفَ فِي الْخَيْرِ كَمَا لَا خَيْرَ فِي السَّرَفِ.

وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: الْحَلَالُ لَا يَحْتَمِلُ السَّرَفَ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ حِينَ زَوَّجَهُ ابْنَتَهُ مَا نَفَقَتُكَ. قَالَ الْحَسَنَةُ بَيْنَ السَّيِّئَتَيْنِ ثُمَّ تَلَا قَوْله تَعَالَى: {وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا} [الفرقان: 67] الْآيَةَ.

(وَ) الْأَصَحُّ (جَوَازُ تَحْلِيَةِ الْمُصْحَفِ بِفِضَّةٍ) لِلرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ إكْرَامًا لَهُ. وَالثَّانِي لَا يَجُوزُ كَالْأَوَانِي، وَالْخِلَافُ قَوْلَانِ مَنْصُوصَانِ، وَقِيلَ وَجْهَانِ كَمَا حَكَاهُ الْمُصَنِّفُ (وَكَذَا) يَجُوزُ (لِلْمَرْأَةِ) فَقَطْ (بِذَهَبٍ) لِعُمُومِ «أُحِلَّ الذَّهَبُ وَالْحَرِيرُ لِإِنَاثِ أُمَّتِي» وَالثَّانِي: يَجُوزُ لَهُمَا إكْرَامًا. وَالثَّالِثُ: الْمَنْعُ لَهُمَا، وَالطِّفْلُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ كَالْمَرْأَةِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَلْحَقَ بِالْمُصْحَفِ فِي ذَلِكَ اللَّوْحُ الْمُعَدُّ لِكِتَابَةِ الْقُرْآنِ.

وَيَحِلُّ تَحْلِيَةُ غِلَافِ الْمُصْحَفِ الْمُنْفَصِلِ عَنْهُ بِالْفِضَّةِ لِلرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ، وَأَمَّا بِالذَّهَبِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ فَحَرَامٌ بِلَا خِلَافٍ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ أَيْ وَإِنَّمَا لَمْ يَجُزْ لِلْمَرْأَةِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ حِلْيَةً لِلْمُصْحَفِ. .

قَالَ الْغَزَالِيُّ: وَمَنْ كَتَبَ الْمُصْحَفَ

ص: 99