الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ عَسْبِ الْفَحْلِ، وَهُوَ ضِرَابُهُ، وَيُقَالُ: مَاؤُهُ،
ــ
[مغني المحتاج]
فَبِالْقِيَاسِ عَلَى بَيْعِ اللَّحْمِ بِاللَّحْمِ. وَأَمَّا فِي غَيْرِهِ فَوُجِّهَ بِأَنَّ سَبَبَ الْمَنْعِ بَيْعُ مَالِ الرِّبَا بِأَصْلِهِ الْمُشْتَمِلِ عَلَيْهِ وَلَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ هُنَا. أَمَّا بَيْعُ الْجِلْدِ بِالْحَيَوَانِ فَيَصِحُّ بَعْدَ دَبْغِهِ بِخِلَافِهِ قَبْلَهُ. خَاتِمَةٌ: يَجُوزُ بَيْعُ لَبَنِ شَاةٍ بِشَاةٍ حُلِبَ لَبَنُهَا فَإِنْ بَقِيَ فِيهَا لَبَنٌ بِقَصْدِ حَلْبِهِ لِكَثْرَتِهِ أَوْ بَاعَ ذَاتَ لَبَنٍ مَأْكُولَةٍ بِذَاتِ لَبَنٍ كَذَلِكَ مِنْ جِنْسِهَا لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّ اللَّبَنَ فِي الضَّرْعِ يَأْخُذُ قِسْطًا مِنْ الثَّمَنِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَجِبُ التَّمْرُ فِي مُقَابَلَتِهِ فِي الْمُصَرَّاةِ بِخِلَافِ الْآدَمِيَّاتِ ذَوَاتِ اللَّبَنِ. فَقَدْ نُقِلَ فِي الْبَيَانِ عَنْ الشَّاشِيِّ الْجَوَازُ فِيهَا، وَفَرَّقَ بِأَنَّ لَبَنَ الشَّاةَ فِي الضَّرْعِ لَهُ حُكْمُ الْعَيْنِ. وَلِهَذَا لَا يَجُوزُ عَقْدُ الْإِجَارَةِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ لَبَنِ الْآدَمِيَّةِ، فَإِنَّ لَهُ حُكْمَ الْمَنْفَعَةِ. وَلِهَذَا يَجُوزُ عَقْدُ الْإِجَارَةِ عَلَيْهِ. وَلَوْ بَاعَ لَبَنَ بَقَرَةٍ بِشَاةٍ فِي ضَرْعِهَا لَبَنٌ صَحَّ لِاخْتِلَافِ الْجِنْسِ كَمَا مَرَّ. أَمَّا بَيْعُ ذَاتِ لَبَنٍ بِغَيْرِ ذَاتِ لَبَنٍ فَصَحِيحٌ وَبَيْعُ بَيْضٍ بِدَجَاجَةٍ كَبَيْعِ لَبَنٍ بِشَاةٍ. فَإِنْ كَانَ فِي الدَّجَاجَةِ بَيْضٌ وَالْبَيْضُ الْمَبِيعُ بَيْضُ دَجَاجَةٍ لَمْ يَصِحَّ. وَالْأَصَحُّ، وَبَيْعُ دَجَاجَةٍ فِيهَا بَيْضٌ بِدَجَاجَةٍ كَذَلِكَ بَاطِلٌ كَبَيْعِ ذَاتِ لَبَنٍ بِمِثْلِهَا.
[بَابٌ فِي الْبُيُوعِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا وَغَيْرِهَا]
، وَالْبُيُوعُ الْمَنْهِيُّ عَنْهَا قِسْمَانِ: فَاسِدٌ لِاخْتِلَالِ رُكْنٍ أَوْ شَرْطٍ وَهُوَ الْمُصَدَّرُ بِهِ، وَغَيْرُ فَاسِدٍ لِكَوْنِ النَّهْيِ لَيْسَ لِخُصُوصِيَّتِهِ بَلْ لِأَمْرٍ آخَرَ كَمَا سَيَأْتِي، وَتَعَاطِي الْعُقُودِ الْفَاسِدَةِ حَرَامٌ فِي الرِّبَوِيِّ وَغَيْرِهِ إلَّا فِي مَسْأَلَةِ الْمُضْطَرِّ الْمَعْرُوفَةِ، وَهِيَ فِيمَا إذَا لَمْ يَبِعْهُ مَالِكُ الطَّعَامِ إلَّا بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ الْمِثْلِ، فَلَهُ أَنْ يَشْتَرِيَهُ شِرَاءً فَاسِدًا إنْ أَمْكَنَ حَتَّى لَا يَلْزَمُهُ أَكْثَرُ مِنْهُ. ثُمَّ شَرَعَ فِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ وَهُوَ ثَمَانِيَةٌ مُبْتَدِئًا بِوَاحِدٍ مِنْهَا، فَقَالَ ( «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ عَسْبِ الْفَحْلِ) » رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ (وَهُوَ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَسُكُونِ السِّينِ الْمُهْمَلَتَيْنِ وَبِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ (ضِرَابُهُ) وَهُوَ بِكَسْرِ الضَّادِ طُرُوقُ الْفَحْلِ لِلْأُنْثَى. قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ فِي كُتُبِ الْفِقْهِ (وَيُقَالُ مَاؤُهُ) وَصَحَّحَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ، وَعَلَيْهِمَا لَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيرٍ فِي
وَيُقَالُ: أُجْرَةُ ضِرَابِهِ، فَيَحْرُمُ ثَمَنُ مَائِهِ، وَكَذَا أُجْرَتُهُ فِي الْأَصَحِّ.
وَعَنْ حَبَلِ الْحَبَلَةِ، وَهُوَ نَتَاجُ النَّتَاجِ بِأَنْ يَبِيعَ نَتَاجَ النَّتَاجِ أَوْ بِثَمَنٍ إلَى نَتَاجِ النَّتَاجِ.
وَعَنْ الْمَلَاقِيحِ وَهِيَ مَا فِي الْبُطُونِ.
ــ
[مغني المحتاج]
الْحَدِيثِ لِيَصِحَّ النَّهْيُ؛ لِأَنَّ نَفْسَ الْعَسْبِ وَهُوَ الضِّرَابُ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ النَّهْيُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَفْعَالِ الْمُكَلَّفِينَ وَالْإِعَارَةُ لَهُ مَحْبُوبَةٌ فَيَكُونُ التَّقْدِيرُ عَلَى الْأَوَّلِ أُجْرَةُ عَسْبِ الْفَحْلِ، وَعَلَى الثَّانِي ثَمَنُ مَائِهِ (وَيُقَالُ أُجْرَةُ ضِرَابِهِ) وَرَجَّحَهُ الْخَطَّابِيُّ فِي غَرِيبِ الْحَدِيثِ، وَجَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْكَافِي: أَيْ إنَّهُ نَهَى عَنْ بَذْلِ ذَلِكَ وَأَخْذِهِ. فَإِنْ قِيلَ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ مَا الْفَرْقُ بَيْنَ التَّفْسِيرِ الْأَوَّلِ وَالثَّالِثِ؟ . .
أُجِيبَ بِأَنَّ الْأُجْرَةَ عَلَى التَّفْسِيرِ الْأَوَّلِ مُقَدَّرَةٌ، وَعَلَى الثَّالِثِ ظَاهِرَةٌ. وَهَذَا كَافٍ فِي الْفَرْقِ (فَيَحْرُمُ ثَمَنُ مَائِهِ) عَمَلًا بِالْأَصْلِ فِي النَّهْيِ مِنْ التَّحْرِيمِ، وَالْبَيْعُ بَاطِلٌ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَقَوِّمٍ وَلَا مَعْلُومٍ وَلَا مَقْدُورِ التَّسْلِيمِ (وَكَذَا) يَحْرُمُ (أُجْرَتُهُ فِي الْأَصَحِّ) لِمَا ذُكِرَ، وَلَمْ تَصِحَّ إجَارَتُهُ؛ لِأَنَّ فِعْلَ الضِّرَابِ غَيْرُ مَقْدُورٍ عَلَيْهِ لِلْمَالِكِ بَلْ يَتَعَلَّقُ بِاخْتِيَارِ الْفَحْلِ، وَالثَّانِي يَجُوزُ كَالِاسْتِئْجَارِ لِتَلْقِيحِ النَّخْلِ.
وَأَجَابَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الْأَجِيرَ قَادِرٌ عَلَى تَسْلِيمِ نَفْسِهِ وَلَيْسَ عَلَيْهِ عَيْنٌ حَتَّى لَوْ شُرِطَ عَلَيْهِ مَا يُلَقَّحُ بِهِ فَسَدَتْ الْإِجَارَةُ، وَهَهُنَا الْمَقْصُودُ الْمَاءُ وَالْمُؤَجِّرُ عَاجِزٌ عَنْ تَسْلِيمِهِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ لِمَالِكِ الْأُنْثَى أَنْ يُعْطِيَ مَالِكَ الْفَحْلِ شَيْئًا هَدِيَّةً، وَإِعَارَتُهُ لِلضِّرَابِ مَحْبُوبَةٌ كَمَا مَرَّ.
(وَ) الثَّانِي مِنْهَا النَّهْيُ (عَنْ) بَيْعِ (حَبَلِ الْحَبَلَةِ) رَوَاهُ الشَّيْخَانِ (وَهُوَ) بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَالْمُوَحَّدَةِ وَغَلِطَ مَنْ سَكَّنَهَا (نَتَاجُ النَّتَاجِ بِأَنْ يَبِيعَ نَتَاجَ النَّتَاجِ) هَذَا تَفْسِيرُ أَهْلِ اللُّغَةِ وَوَجْهُ الْبُطْلَانِ انْتِفَاءُ الْمِلْكِ وَغَيْرِهِ مِنْ شُرُوطِ الْبَيْعِ (أَوْ) يَبِيعَ شَيْئًا (بِثَمَنٍ إلَى نَتَاجِ النَّتَاجِ) وَهَذَا تَفْسِيرُ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَهُوَ رَاوِي الْحَدِيثِ، وَوَجْهُ الْبُطْلَانِ جَهَالَةُ الْأَجَلِ.
تَنْبِيهٌ الْحَبَلَةُ جَمْعُ حَابِلٍ، وَقِيلَ هُوَ مُفْرَدٌ وَهَاؤُهُ لِلْمُبَالَغَةِ، وَفِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ تَبَعًا لِلْحَدِيثِ مَجَازٌ مِنْ وَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ إطْلَاقُ الْحَبَلِ عَلَى الْبَهَائِمِ مَعَ أَنَّهُ مُخْتَصٌّ بِالْآدَمِيَّاتِ بِالِاتِّفَاقِ حَتَّى قِيلَ: إنَّهُ لَا يُقَالُ لِغَيْرِهِنَّ إلَّا فِي الْحَدِيثِ، وَإِنَّمَا يُقَالُ لِلْبَهَائِمِ الْحَمْلُ بِالْمِيمِ. وَالثَّانِي: أَنَّهُ مَصْدَرٌ، وَالْمُرَادُ بِهِ اسْمُ الْمَفْعُولِ وَهُوَ الْمَحْبُولُ بِهِ، وَالنَّتَاجُ بِفَتْحِ النُّونِ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَضَبَطَهُ الْمُصَنِّفُ بِخَطِّهِ بِكَسْرِهَا وَهُوَ الَّذِي يَتَلَفَّظُ بِهِ الْفُقَهَاءُ. يُقَالُ: نُتِجَتْ النَّاقَةُ عَلَى مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ.
(وَ) الثَّالِثُ مِنْهَا النَّهْيُ (عَنْ) بَيْعِ (الْمَلَاقِيحِ) جَمْعُ مَلْقُوحٍ، وَهُوَ لُغَةً جَنِينُ النَّاقَةِ خَاصَّةً، وَشَرْعًا: أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ (وَهِيَ مَا فِي الْبُطُونِ) مِنْ
وَالْمَضَامِينِ وَهِيَ مَا فِي أَصْلَابِ الْفُحُولِ.
وَالْمُلَامَسَةِ بِأَنْ يَلْمَسَ ثَوْبًا مَطْوِيًّا ثُمَّ يَشْتَرِيَهُ عَلَى أَنْ لَا خِيَارَ لَهُ إذَا رَآهُ أَوْ يَقُولَ إذَا لَمَسْته فَقَدْ بِعْتُكَهُ.
وَالْمُنَابَذَةِ بِأَنْ يَجْعَلَا النَّبْذَ بَيْعًا.
وَبَيْعِ الْحَصَاةِ بِأَنْ يَقُولَ لَهُ بِعْتُكَ مِنْ هَذِهِ الْأَثْوَابِ مَا تَقَعُ هَذِهِ الْحَصَاةُ عَلَيْهِ أَوْ يَجْعَلَا الرَّمْيَ بَيْعًا، أَوْ بِعْتُكَ وَلَك الْخِيَارُ إلَى رَمْيِهَا.
ــ
[مغني المحتاج]
الْأَجِنَّةِ.
(وَ) الرَّابِعُ مِنْهَا النَّهْيُ عَنْ بَيْعِ (الْمَضَامِينِ) جَمْعُ مَضْمُونٍ كَمَجَانِينَ جَمْعُ مَجْنُونٍ أَوْ مِضْمَانٍ كَمَفَاتِيحَ جَمْعُ مِفْتَاحٍ (وَهِيَ مَا فِي أَصْلَابِ الْفُحُولِ) مِنْ الْمَاءِ. رَوَى النَّهْيَ عَنْ بَيْعِهِمَا مَالِكٌ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ مُرْسَلًا وَالْبَزَّارُ مُسْنَدًا، وَبُطْلَانُ بَيْعِهِمَا لِانْتِفَاءِ الشُّرُوطِ.
(وَ) الْخَامِسُ مِنْهَا النَّهْيُ عَنْ بَيْعِ (الْمُلَامَسَةِ) رَوَاهُ الشَّيْخَانِ (بِأَنْ يَلْمَسَ ثَوْبًا مَطْوِيًّا) أَوْ فِي ظُلْمَةٍ (ثُمَّ يَشْتَرِيَهُ عَلَى أَنْ لَا خِيَارَ لَهُ إذَا رَآهُ) اكْتِفَاءً بِلَمْسِهِ عَنْ رُؤْيَتِهِ (أَوْ يَقُولَ إذَا لَمَسْته فَقَدْ بِعْتُكَهُ) اكْتِفَاءً بِلَمْسِهِ عَنْ الصِّيغَةِ، وَبُطْلَانُ الْبَيْعِ فِي ذَلِكَ عَدَمُ الرُّؤْيَةِ عَلَى التَّفْسِيرِ الْأَوَّلِ وَعَدَمُ الصِّيغَةِ عَلَى التَّفْسِيرِ الثَّانِي.
(وَ) السَّادِسُ مِنْهَا النَّهْيُ عَنْ بَيْعِ (الْمُنَابَذَةِ) بِالْمُعْجَمَةِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَالنَّبْذُ الطَّرْحُ وَالْإِلْقَاءُ. قَالَ تَعَالَى:{فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ} [آل عمران: 187](بِأَنْ يَجْعَلَا النَّبْذَ بَيْعًا) اكْتِفَاءً بِهِ عَنْ الصِّيغَةِ، فَيَقُولُ أَحَدُهُمَا: أَنْبِذُ إلَيْكَ ثَوْبِي بِعَشْرَةٍ فَيَأْخُذُهُ الْآخَرُ، وَوَجْهُ الْبُطْلَانِ فَقْدُ الصِّيغَةِ، وَيَجِيءُ فِيهِ الْخِلَافُ الْمَذْكُورُ فِي الْمُعَاطَاةِ، فَإِنَّ الْمُنَابَذَةَ مَعَ قَرِينَةِ الْبَيْعِ هِيَ الْمُعَاطَاةُ بِعَيْنِهَا. هَكَذَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْأَئِمَّةِ حَتَّى قِيلَ: إنَّ النَّصَّ عَلَى الْمَنْعِ هُنَا نَصٌّ عَلَى إبْطَالِ الْمُعَاطَاةِ. وَرَدَّهُ السُّبْكِيُّ قَالَ: لِأَنَّ الْمُعَاطَاةَ فِعْلٌ مَعَهُ قَرِينَةٌ تَدُلُّ عَلَى قَصْدِ الْبَيْعِ حَتَّى كَأَنَّهُ وُضِعَ عُرْفًا لِذَلِكَ، وَهَذَا مَا عُلِمَ ذَلِكَ مِنْهُ إلَّا بِقَوْلِهِ: إذَا نَبَذْت فَقَدْ بِعْت، وَحَالَةَ النَّبْذِ لَمْ يُوجَدْ قَصْدٌ وَلَا قَرِينَةٌ وَلَيْسَ ذَلِكَ حَقِيقَةَ الْمُعَاطَاةِ اهـ.
أَوْ يَقُولُ بِعْتُكَ هَذَا بِكَذَا عَلَى أَنِّي إذَا نَبَذْته إلَيْكَ لَزِمَ الْبَيْعُ وَانْقَطَعَ الْخِيَارُ، وَوَجْهُ الْبُطْلَانِ فِي ذَلِكَ وُجُودُ الشَّرْطِ الْفَاسِدِ.
(وَ) السَّابِعُ مِنْهَا النَّهْيُ عَنْ (بَيْعِ الْحَصَاةِ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ (بِأَنْ يَقُولَ لَهُ بِعْتُكَ مِنْ هَذِهِ الْأَثْوَابِ مَا تَقَعُ هَذِهِ الْحَصَاةُ عَلَيْهِ) أَوْ بِعْتُكَ مِنْ هَذِهِ الْأَرْضِ مِنْ هُنَا إلَى مَا انْتَهَتْ إلَيْهِ هَذِهِ الْحَصَاةُ (أَوْ يَجْعَلَا) أَيْ الْمُتَبَايِعَانِ (الرَّمْيَ) لَهَا (بَيْعًا) بِأَنْ يَقُولَ إذَا رَمَيْتَ هَذِهِ الْحَصَاةَ فَقَدْ بِعْتُكَ هَذَا الثَّوْبَ بِكَذَا (أَوْ) يَجْعَلَاهُ قَاطِعًا لِلْخِيَارِ بِأَنْ يَقُولَ (بِعْتُكَ وَلَك) أَوْ لِي أَوْ لِغَيْرِهِمَا (الْخِيَارُ إلَى رَمْيِهَا) وَوَجْهُ الْبُطْلَانِ فِي الْأَوَّلِ جَهَالَةُ الْمَبِيعِ وَفِي الثَّانِي فِقْدَانُ الصِّيغَةِ، وَفِي الثَّالِثِ الْجَهْلُ بِمُدَّةِ الْخِيَارِ.
تَنْبِيهٌ: لَا يَجُوزُ عَطْفُ الثَّالِثِ عَلَى مَا قَبْلَهُ بَلْ عَلَى الْأَوَّلِ فَإِنَّهُمَا مَعْمُولَانِ لِقَوْلِهِ فِي
وَعَنْ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ بِأَنْ يَقُولَ بِعْتُكَ بِأَلْفٍ نَقْدًا أَوْ أَلْفَيْنِ إلَى سَنَةٍ أَوْ بِعْتُكَ ذَا الْعَبْدَ بِأَلْفٍ عَلَى أَنْ تَبِيعَنِي دَارَكَ بِكَذَا، وَعَنْ بَيْعٍ وَشَرْطٍ كَبَيْعٍ بِشَرْطِ بَيْعٍ أَوْ قَرْضٍ.
وَلَوْ اشْتَرَى زَرْعًا بِشَرْطِ أَنْ يَحْصُدَهُ الْبَائِعُ أَوْ ثَوْبًا وَيَخِيطَهُ فَالْأَصَحُّ بُطْلَانُهُ،
ــ
[مغني المحتاج]
الْأَوَّلِ بِأَنْ يَقُولَ، فَكَانَ يَنْبَغِي تَقْدِيمُهُ عَلَى الثَّانِي أَوْ يَزِيدَ لَفْظَةً يَقُولُ كَمَا قَدَّرْتُهَا تَبَعًا لِلْمُحَرَّرِ.
(وَ) الثَّامِنُ مِنْهَا النَّهْيُ (عَنْ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ) رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ (بِأَنْ يَقُولَ بِعْتُكَ) هَذَا (بِأَلْفٍ نَقْدًا أَوْ أَلْفَيْنِ إلَى سَنَةٍ) فَخُذْ بِأَيِّهِمَا شِئْتَ أَنْتَ أَوْ شِئْتُ أَنَا وَهُوَ بَاطِلٌ لِلْجَهَالَةِ (أَوْ بِعْتُكَ ذَا الْعَبْدَ بِأَلْفٍ عَلَى أَنْ تَبِيعَنِي دَارَكَ بِكَذَا) أَوْ تَشْتَرِيَ دَارِي مِنِّي بِكَذَا (وَ) عَدَمُ الصِّحَّةِ لِلنَّهْيِ (عَنْ بَيْعٍ وَشَرْطٍ) رَوَاهُ عَبْدُ الْحَقِّ فِي أَحْكَامِهِ وَذَلِكَ (كَبَيْعٍ بِشَرْطِ بَيْعٍ) كَمَا تَقَدَّمَ (أَوْ) بِشَرْطِ (قَرْضٍ) كَأَنْ يَبِيعَهُ عَبْدَهُ بِأَلْفٍ بِشَرْطِ أَنْ يُقْرِضَهُ مِائَةً، وَالْمَعْنَى فِي ذَلِكَ أَنَّهُ جَعَلَ الْأَلْفَ وَرَفَقَ الْعَقْدَ الثَّانِيَ ثَمَنًا. وَاشْتِرَاطُ الْعَقْدِ الثَّانِي فَاسِدٌ فَبَطَلَ بَعْضُ الثَّمَنِ وَلَيْسَ لَهُ قِيمَةٌ مَعْلُومَةٌ حَتَّى يَفْرِضَ التَّوْزِيعَ عَلَيْهِ وَعَلَى الْبَاقِي فَبَطَلَ الْعَقْدُ، وَلَوْ عَقَدَ الْبَيْعَ الثَّانِيَ لَمْ يَصِحَّ إنْ جَهِلَا أَوْ أَحَدُهُمَا بُطْلَانَ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُمَا أَثْبَتَاهُ عَلَى حُكْمِ الشَّرْطِ الْفَاسِدِ، فَإِنْ عَلِمَا فَسَادَ الْأَوَّلِ صَحَّ، وَسَبَبُ فَسَادِ الشَّرْطِ كَمَا قَالَهُ الْغَزَالِيُّ إنَّ انْضِمَامَ الشَّرْطِ إلَى الْبَيْعِ يَبْقَى عَلَقَةً بَعْدَ الْبَيْعِ يَثُورُ بِسَبَبِهَا مُنَازَعَةٌ بَيْنَ الْمُتَبَايِعَيْنِ فَبَطَلَ: أَعْنِي الشَّرْطَ إلَّا مَا اُسْتُثْنِيَ لِمَعْنًى كَمَا سَيَأْتِي.
تَنْبِيهٌ قَالَ: اشْتَرَيْتُهُ بِعَشْرَةٍ وَاسْتَأْجَرْتُكَ لِحَصْدِهِ أَوْ خِيَاطَتِهِ بِدِرْهَمٍ وَقَبِلَ بِأَنْ قَالَ بِعْتُكَ وَآجَرْتُك (وَلَوْ اشْتَرَى زَرْعًا بِشَرْطِ أَنْ يَحْصُدَهُ الْبَائِعُ) بِضَمِّ الصَّادِ وَكَسْرِهَا أَوْ وَيَحْصُدُهُ الْبَائِعُ (أَوْ ثَوْبًا) بِشَرْطِ أَنْ يَخِيطَهُ الْبَائِعُ أَوْ (وَيَخِيطَهُ) الْبَائِعُ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ (فَالْأَصَحُّ) مِنْ طُرُقٍ ثَلَاثَةٍ (بُطْلَانُهُ) أَيْ الشِّرَاءِ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى شَرْطِ عَمَلٍ فِيمَا لَمْ يَمْلِكْهُ الْمُشْتَرِي الْآنَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي إلَّا بَعْدَ الشَّرْطِ، وَذَلِكَ فَاسِدٌ وَالطَّرِيقَةُ الثَّانِيَةُ فِي الْبَيْعِ وَالشَّرْطِ الْقَوْلَانِ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ بَيْعٍ وَإِجَارَةٍ، وَالطَّرِيقَةُ الثَّالِثَةُ يَبْطُلُ، وَفِي الْبَيْعِ قَوْلَا تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ.
تَنْبِيهٌ قَدْ عَبَّرَ فِي الْمُحَرَّرِ بِلَفْظِ الشَّرْطِ فِي الْمِثَالَيْنِ، فَقَالَ: أَوْ ثَوْبًا بِشَرْطِ أَنْ يَخِيطَهُ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: فَعَدَلَ إلَى مَا ذَكَرَهُ لِلتَّنْبِيهِ عَلَى فَائِدَةٍ نَفِيسَةٍ، وَهِيَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُصَرِّحَ بِالشَّرْطِ أَوْ يَأْتِيَ بِهِ عَلَى صُورَةِ الْإِخْبَارِ، وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، فَقَالَ: وَسَوَاءٌ قَالَ: بِعْتُكَهُ بِأَلْفٍ عَلَى أَنْ تَحْصُدَهُ أَوْ وَتَحْصُدُهُ، وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ: لَا يَصِحُّ الْأَوَّلُ قَطْعًا وَفِي الثَّانِي الطَّرِيقَانِ اهـ.
وَلَمْ يَتَعَرَّضْ الرَّافِعِيُّ فِي كُتُبِهِ إلَى هَذِهِ الْفَائِدَةِ وَلَا الْمُصَنِّفُ فِي الرَّوْضَةِ، وَلَوْ قَالَ: اشْتَرَيْته بِعَشْرَةٍ وَاسْتَأْجَرْتُك لِحَصْدِهِ أَوْ خِيَاطَتِهِ بِدِرْهَمٍ وَقَبِلَ، بِأَنْ قَالَ: بِعْتُكَ وَآجَرْتُك صَحَّ الْبَيْعُ دُونَ الْإِجَارَةِ لِأَنَّهُ اسْتَأْجَرَهُ قَبْلَ الْمَالِكِ لِمَحَلِّ
وَيُسْتَثْنَى صُوَرٌ كَالْبَيْعِ بِشَرْطِ الْخِيَارِ أَوْ الْبَرَاءَةِ مِنْ الْعَيْبِ أَوْ بِشَرْطِ قَطْعِ الثَّمَرِ أَوْ الْأَجَلِ وَالرَّهْنِ وَالْكَفِيلِ الْمُعَيِّنَاتِ لِثَمَنٍ فِي الذِّمَّةِ
ــ
[مغني المحتاج]
الْعَمَلِ، فَإِنْ اشْتَرَاهُ أَوْ اسْتَأْجَرَهُ بِالْعَشَرَةِ فَقَوْلَا تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ فِي الْبَيْعِ وَتَبْطُلُ الْإِجَارَةُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ، وَلَوْ اشْتَرَى حَطَبًا مَثَلًا عَلَى دَابَّةٍ بِشَرْطِ إيصَالِهِ مَنْزِلَهُ لَمْ يَصِحَّ، وَإِنْ عَرَفَ مَنْزِلَهُ؛ لِأَنَّهُ بَيْعٌ بِشَرْطٍ، فَإِنْ أَطْلَقَ الْعَقْدَ صَحَّ، وَلَا يَجِبُ إيصَالُهُ مَنْزِلَهُ وَإِنْ اُعْتِيدَ بَلْ يُسَلِّمُهُ لَهُ فِي مَوْضِعِهِ (وَيُسْتَثْنَى) مِنْ النَّهْيِ عَنْ بَيْعٍ وَشَرْطٍ (صُوَرٌ) تَصِحُّ كَمَا سَيَأْتِي (كَالْبَيْعِ بِشَرْطِ الْخِيَارِ أَوْ الْبَرَاءَةِ مِنْ الْعَيْبِ أَوْ بِشَرْطِ قَطْعِ الثَّمَرِ) وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهَا فِي مَحَالِّهَا (أَوْ) بِشَرْطِ (الْأَجَلِ) فِي عَقْدِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْحُلُولُ وَالتَّقَابُضُ كَالرِّبَوِيَّاتِ (وَالرَّهْنِ وَالْكَفِيلِ الْمُعَيِّنَاتِ لِثَمَنٍ) أَوْ مَبِيعٍ (فِي الذِّمَّةِ) أَمَّا الْأَجَلُ فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى:{إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى} [البقرة: 282] أَيْ مُعَيَّنٍ. نَعَمْ التَّأْجِيلُ بِمَا يُسْتَبْعَدُ بَقَاءُ الدُّنْيَا إلَيْهِ كَأَلْفِ سَنَةٍ فَاسِدٌ كَمَا قَالَهُ فِي زَوَائِدِ الرَّوْضَةِ وَأَمَّا الرَّهْنُ وَالْكَفِيلُ فَلِلْحَاجَةِ إلَيْهِمَا فِي مُقَابَلَةِ مَنْ لَا يَرْضَى إلَّا بِهِمَا وَالتَّعْيِينُ فِي الرَّهْنِ بِالْمُشَاهَدَةِ أَوْ الْوَصْفِ بِصِفَاتِ السَّلَمِ، وَفِي الْكَفِيلِ بِالْمُشَاهَدَةِ أَوْ بِالِاسْمِ وَالنَّسَبِ، وَلَا يَكْفِي الْوَصْفُ كَمُوسِرٍ ثِقَةٍ، وَبَحَثَ الرَّافِعِيُّ الِاكْتِفَاءَ بِهِ وَقَالَ: إنَّهُ أَوْلَى مِنْ الِاكْتِفَاءِ بِمُشَاهَدَةِ مَنْ لَا يُعْرَفُ حَالُهُ.
وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ الْأَحْرَارَ لَا يُمْكِنُ الْتِزَامُهُمْ فِي الذِّمَّةِ لِعَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِمْ، بِخِلَافِ الْمَرْهُونِ، فَإِنَّهُ مَالٌ يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ، وَهَذَا جَرَى عَلَى الْغَالِبِ وَإِلَّا فَقَدْ يَكُونُ الضَّامِنُ رَقِيقًا. وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمَرْهُونُ غَيْرَ الْمَبِيعِ، فَإِنْ شَرَطَا رَهْنَهُ لَمْ يَصِحَّ، سَوَاءٌ اشْتَرَطَ أَنْ يَرْهَنَهُ إيَّاهُ بَعْدَ قَبْضِهِ أَمْ قَبْلَهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي إلَّا بَعْدَ الشَّرْطِ، فَإِنْ رَهَنَهُ بَعْدَ قَبْضِهِ بِلَا شَرْطٍ صَحَّ.
تَنْبِيهٌ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ: الْمُعَيَّنَاتُ إلَى تَعْيِينِ الثَّلَاثَةِ، وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: الْمُعَيَّنَيْنِ تَغْلِيبًا لِلْعَاقِلِ، وَهُوَ الْكَفِيلُ عَلَى غَيْرِهِ، وَلَوْ عَبَّرَ بِقَوْلِهِ: بِعِوَضٍ حَتَّى يَشْمَلَ الْمَبِيعَ لَاسْتَغْنَى عَمَّا قَدَّرْتُهُ، فَإِنَّ الْمَبِيعَ قَدْ يَكُونُ فِي الذِّمَّةِ أَيْضًا كَمَا لَوْ قَالَ: اشْتَرَيْت مِنْك صَاعًا فِي ذِمَّتُك بِصِفَةِ كَذَا فَيَصِحُّ فِيهِ اشْتِرَاطُ الْأَجَلِ وَالرَّهْنِ وَالْكَفِيلِ، وَخَرَجَ بِقَيْدٍ فِي الذِّمَّةِ الْمُعَيَّنُ كَمَا لَوْ قَالَ بِعْتُكَ بِهَذِهِ الدَّرَاهِمَ عَلَى أَنْ تُسَلِّمَهَا إلَيَّ وَقْتَ كَذَا أَوْ تَرْهَنَ بِهَا كَذَا أَوْ يَضْمَنُك بِهَا فُلَانٌ فَإِنَّ الْعَقْدَ بِهَذَا الشَّرْطِ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُ رِفْقٌ شُرِعَ لِتَحْصِيلِ الْحَقِّ وَالْمُعَيَّنُ حَاصِلٌ، فَشَرْطُ كُلٍّ مِنْ الثَّلَاثَةِ مَعَهُ وَاقِعٌ فِي غَيْرِ مَا شُرِعَ لَهُ، وَأَمَّا صِحَّةُ ضَمَانِ الْعِوَضِ الْمُعَيَّنِ فَمَشْرُوطٌ بِقَبْضِهِ كَمَا سَيَأْتِي فِي مَحَلِّهِ وَبِالثَّمَنِ، وَالْمَبِيعُ مَا لَوْ شُرِطَ رَهْنًا أَوْ ضَامِنًا بِدَيْنٍ آخَرَ، فَإِنَّهُ لَا
وَالْإِشْهَادِ، وَلَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ الشُّهُودِ فِي الْأَصَحِّ، فَإِنْ لَمْ يَرْهَنْ أَوْ لَمْ يَتَكَفَّلْ الْمُعَيَّنُ فَلِلْبَائِعِ الْخِيَارُ.
وَلَوْ بَاعَ عَبْدًا بِشَرْطِ إعْتَاقِهِ فَالْمَشْهُورُ صِحَّةُ الْبَيْعِ وَالشَّرْطِ،
ــ
[مغني المحتاج]
يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ مَقْصُودٌ لَا يُوجِبُهُ الْعَقْدُ، وَلَيْسَ مِنْ مَصَالِحِهِ. وَيُسْتَثْنَى مِنْ إطْلَاقِهِ الْكَفِيلَ مَا لَوْ بَاعَ سِلْعَةً مِنْ اثْنَيْنِ وَشَرَطَ أَنْ يَتَضَامَنَا، فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ كَمَا فِي تَعْلِيقِ الْقَاضِي حُسَيْنٍ وَالْوَسِيطِ وَغَيْرِهِمَا، وَعَلَّلُوهُ بِأَنَّهُ شُرِطَ عَلَى الْمُشْتَرِي أَنْ يَكُونَ ضَامِنًا لِغَيْرِهِ وَهُوَ بَاطِلٌ لِخُرُوجِهِ عَنْ مَصْلَحَةِ عَقْدِهِ بِخِلَافِ عَكْسِهِ.
(وَ) بِشَرْطِ (الْإِشْهَادِ) عَلَى الثَّمَنِ أَوْ الْمُثَمَّنِ سَوَاءٌ الْمُعَيَّنُ وَمَا فِي الذِّمَّةِ لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى: {وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ} [البقرة: 282] وَلِلْحَاجَةِ إلَيْهِ (وَلَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ الشُّهُودِ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ الْمَقْصُودَ ثُبُوتُ الْحَقِّ، وَهُوَ يَثْبُتُ بِأَيِّ عُدُولٍ كَانُوا. وَالثَّانِي يُشْتَرَطُ كَمَا فِي الرَّهْنِ وَالْكَفِيلِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ عَيَّنَهُمْ لَمْ يَتَعَيَّنُوا، وَلَا خِيَارَ لِمَنْ شَرَطَ ذَلِكَ إذَا امْتَنَعُوا فَيَجُوزُ إبْدَالُهُمْ بِمِثْلِهِمْ أَوْ فَوْقَهُمْ فِي الصِّفَاتِ (فَإِنْ لَمْ) يَشْهَدْ مَنْ شُرِطَ عَلَيْهِ الْإِشْهَادُ كَأَنْ مَاتَ قَبْلَهُ أَوْ لَمْ (يَرْهَنْ) مَا شُرِطَ رَهْنُهُ كَأَنْ تَلِفَ الْمَرْهُونُ أَوْ أَعْتَقَهُ مَالِكُهُ أَوْ دَبَّرَهُ أَوْ بَانَ مَعِيبًا قَبْلَ الْقَبْضِ (أَوْ لَمْ يَتَكَفَّلْ الْمُعَيَّنُ) كَأَنْ مَاتَ قَبْلَهُ (فَلِلْبَائِعِ الْخِيَارُ) إنْ شُرِطَ لَهُ، وَإِنْ شُرِطَ لِلْمُشْتَرِي فَلَهُ إذَا فَاتَ الْمَشْرُوطُ مِنْ جِهَةِ الْبَائِعِ لِفَوَاتِ الْمَشْرُوطِ وَهُوَ عَلَى الْفَوْرِ؛ لِأَنَّهُ خِيَارُ نَقْصٍ، وَلَا يُجْبَرُ مَنْ شُرِطَ عَلَيْهِ ذَلِكَ عَلَى الْقِيَامِ بِمَا شَرَطَ لِزَوَالِ الضَّرَرِ بِالْفَسْخِ، وَلَا يَقُومُ غَيْرُ الْمُعَيَّنِ مَقَامَهُ إذَا تَلِفَ وَلَا خِيَارَ لَهُ إنْ تَعَيَّبَ بَعْدَ الْقَبْضِ إلَّا إنْ اسْتَنَدَ إلَى سَبَبٍ سَابِقٍ جَهِلَهُ، كَرِدَّةٍ وَسَرِقَةٍ سَابِقَيْنِ فَيَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ مَاتَ بِمَرَضٍ سَابِقٍ، وَلَوْ تَغَيَّرَ حَالُ الْكَفِيلِ بِإِعْسَارٍ أَوْ غَيْرِهِ قَبْلَ أَنْ يَتَكَفَّلَ، أَوْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ كَانَ قَدْ تَغَيَّرَ قَبْلَهُ فَالْقِيَاسُ كَمَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ إلْحَاقُهُ بِالرَّهْنِ، وَلَوْ عَلِمَ الْمُرْتَهِنُ بِالْعَيْبِ بَعْدَ هَلَاكِ الْمَرْهُونِ فَلَا خِيَارَ لَهُ؛ لِأَنَّ الْفَسْخَ إنَّمَا يَثْبُتُ إذَا أَمْكَنَهُ رَدُّ الْمَرْهُونِ كَمَا أَخَذَهُ. نَعَمْ إنْ كَانَ الْهَلَاكُ يُوجِبُ الْقِيمَةَ فَأَخَذَهَا الْمُرْتَهِنُ رَهْنًا ثُمَّ عَلِمَ بِالْعَيْبِ، فَلَهُ الْخِيَارُ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ.
(وَلَوْ بَاعَ) رَقِيقًا (عَبْدًا) أَوْ أَمَةً (بِشَرْطِ إعْتَاقِهِ) مُطْلَقًا أَوْ عَنْ الْمُشْتَرِي (فَالْمَشْهُورُ صِحَّةُ الْبَيْعِ وَالشَّرْطِ) لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ إلَى الْعِتْقِ، وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - اشْتَرَتْ بَرِيرَةَ وَشَرَطَ مَوَالِيهَا أَنْ تَعْتِقَهَا وَيَكُونَ وَلَاؤُهَا لَهُمْ، فَلَمْ يُنْكِرْ صلى الله عليه وسلم إلَّا شَرْطَ الْوَلَاءِ لَهُمْ بِقَوْلِهِ: مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى مَا كَانَ مِنْ شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ» .
وَالْأَصَحُّ أَنَّ لِلْبَائِعِ مُطَالَبَةَ الْمُشْتَرِي بِالْإِعْتَاقِ.
ــ
[مغني المحتاج]
وَالثَّانِي: لَا يَصِحَّانِ كَمَا لَوْ شُرِطَ بَيْعُهُ أَوْ هِبَتُهُ. وَالثَّالِثُ: يَصِحُّ الْبَيْعُ وَيَبْطُلُ الشَّرْطُ كَمَا فِي النِّكَاحِ. أَمَّا إذَا شَرَطَ إعْتَاقَهُ عَنْ الْبَائِعِ أَوْ أَجْنَبِيٍّ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي مَعْنَى مَا وَرَدَ بِهِ الْخَبَرُ، وَخَرَجَ بِإِعْتَاقِ الْمَبِيعِ شَرْطُ إعْتَاقِ غَيْرِهِ فَلَا يَصِحُّ مَعَهُ الْبَيْعُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ مَصَالِحِهِ وَشُرِطَ إعْتَاقُ بَعْضِهِ. نَعَمْ إنْ عَيَّنَ الْمِقْدَارَ الْمَشْرُوطَ فَالْمُتَّجَهُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا الصِّحَّةُ، وَلَوْ بَاعَ بَعْضَهُ بِشَرْطِ إعْتَاقِ ذَلِكَ الْبَعْضِ صَحَّ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الْبَهْجَةِ كَالْحَاوِي. وَيُسْتَثْنَى مِنْ إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ مَا لَوْ كَانَ الْمَشْرُوطُ إعْتَاقَهُ قَرِيبَهُ الَّذِي يَعْتِقُ عَلَيْهِ بِالشِّرَاءِ كَأَبِيهِ أَوْ ابْنِهِ فَإِنَّ الْبَيْعَ لَا يَصِحُّ لِتَعَذُّرِ الْوَفَاءِ بِالشَّرْطِ؛ لِأَنَّهُ يُعْتَقُ عَلَيْهِ قَبْلَ إعْتَاقِهِ، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَإِنْ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَفِيهِ نَظَرٌ، وَيَحْتَمِلُ الصِّحَّةَ وَيَكُونُ شَرْطُهُ تَوْكِيدًا لِلْمَعْنَى. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ شِرَاءَ مَنْ أُقِرَّ بِحُرِّيَّتِهِ بِشَرْطِ الْعِتْقِ كَشِرَاءِ الْقَرِيبِ، وَيُحْتَمَلُ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا اهـ.
وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ (وَالْأَصَحُّ) عَلَى الْأَوَّلِ (أَنَّ لِلْبَائِعِ مُطَالَبَةَ الْمُشْتَرِي بِالْإِعْتَاقِ) ، وَإِنْ قُلْنَا الْحَقُّ فِيهِ لَيْسَ لَهُ بَلْ لِلَّهِ تَعَالَى، وَهُوَ الْأَصَحُّ كَالْمُلْتَزِمِ بِالنَّذْرِ؛ لِأَنَّهُ لُزِمَ بِاشْتِرَاطِهِ، وَيُثَابُ عَلَى شَرْطِهِ فَلَهُ غَرَضٌ فِي تَحْصِيلِهِ، وَلِذَلِكَ قَدْ يُتَسَامَحُ فِي الثَّمَنِ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَلِمَ لَا يُقَالُ لِلْآحَادِ الْمُطَالَبَةُ بِهِ حِسْبَةً، لَا سِيَّمَا عِنْدَ مَوْتِ الْبَائِعِ أَوْ جُنُونِهِ. وَالثَّانِي: لَيْسَ لَهُ مُطَالَبَتُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لَهُ فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى. فَإِنْ قُلْنَا: الْعِتْقُ حَقٌّ لِلْبَائِعِ، فَلَهُ الْمُطَالَبَةُ قَطْعًا وَلَوْ أَسْقَطَ الْبَائِعُ حَقَّهُ سَقَطَ عَلَى الْمَذْهَبِ كَمَا لَوْ شَرَطَ رَهْنًا أَوْ كَفِيلًا ثُمَّ عَفَا عَنْهُ، وَلَوْ امْتَنَعَ الْمُشْتَرِي مِنْ الْإِعْتَاقِ أَجْبَرَهُ الْحَاكِمُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ فِيهِ لِلَّهِ تَعَالَى كَمَا مَرَّ، فَإِنْ أَصَرَّ عَلَى الِامْتِنَاعِ أَعْتَقَهُ الْحَاكِمُ عَلَيْهِ كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي وَالْمُتَوَلِّي، وَقِيلَ يَحْبِسُهُ حَتَّى يَعْتِقَهُ. أَمَّا إذَا قُلْنَا الْحَقُّ فِيهِ لِلْبَائِعِ لَمْ يُجْبِرْهُ بَلْ يَثْبُتُ لِلْبَائِعِ الْخِيَارُ، وَإِذَا أَعْتَقَهُ الْمُشْتَرِي أَوْ الْحَاكِمُ عَنْهُ فَالْوَلَاءُ لَهُ، وَإِنْ قُلْنَا الْحَقُّ فِيهِ لِلْبَائِعِ، وَلِلْمُشْتَرِي قَبْلَ الْعِتْقِ اسْتِخْدَامُهُ وَأَكْسَابُهُ وَقِيمَتُهُ إنْ قُتِلَ وَلَا يُكَلَّفُ صَرْفَهَا إلَى عِتْقِ غَيْرِهِ، وَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرَى أَمَةً كَانَ لَهُ وَطْؤُهَا عَلَى الْأَصَحِّ، فَإِنْ أَوْلَدَهَا لَمْ يُجْزِهِ عَنْ الْإِعْتَاقِ بَلْ عَلَيْهِ إعْتَاقُهَا وَلَيْسَ لَهُ الْبَيْعُ وَلَوْ بِشَرْطِ الْإِعْتَاقِ؛ لِأَنَّ عِتْقَهُ مُتَعَيَّنٌ عَلَيْهِ، وَلَا الْإِجَارَةُ عَلَى الْأَصَحِّ فِي الْمَجْمُوعِ، وَلَوْ جَنَى قَبْلَ إعْتَاقِهِ لَزِمَهُ فِدَاؤُهُ كَأُمِّ الْوَلَدِ، وَلَوْ أَعْتَقَهُ عَنْ كَفَّارَتِهِ لَمْ يُجْزِهِ عَنْهَا، وَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِيهِ الْبَائِعُ لِاسْتِحْقَاقِهِ الْعِتْقَ بِجِهَةِ الشَّرْطِ فَلَا يُصْرَفُ إلَى غَيْرِهَا كَمَا لَا يُعْتَقُ الْمَنْذُورُ عَنْ الْكَفَّارَةِ، وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْإِعْتَاقُ فَوْرًا وَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ إذَا طَلَبَهُ مِنْهُ الْحَاكِمُ أَوْ الْبَائِعُ أَوْ ظَنَّ فَوَاتَهُ لَوْ لَمْ يَأْتِ بِهِ، فَلَوْ مَاتَ الْمُشْتَرِي قَبْلَ إعْتَاقِهِ فَالْقِيَاسُ أَنَّ وَارِثَهُ يَقُومُ مَقَامَهُ، هَذَا ظَاهِرٌ فِي غَيْرِ مَنْ اسْتَوْلَدَهَا. أَمَّا مَنْ
وَأَنَّهُ لَوْ شَرَطَ مَعَ الْعِتْقِ الْوَلَاءَ لَهُ أَوْ شَرَطَ تَدْبِيرَهُ أَوْ كِتَابَتَهُ أَوْ إعْتَاقَهُ بَعْدَ شَهْرٍ لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ.
وَلَوْ شَرَطَ مُقْتَضَى الْعَقْدِ كَالْقَبْضِ وَالرَّدِّ بِعَيْبٍ أَوْ مَا لَا غَرَضَ فِيهِ كَشَرْطِ أَنْ لَا يَأْكُلَ إلَّا كَذَا صَحَّ
وَلَوْ شَرَطَ
ــ
[مغني المحتاج]
اسْتَوْلَدَهَا فَيَنْبَغِي أَنَّهَا تُعْتَقُ بِمَوْتِهِ، وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ قَوْلَهُمْ: إنَّ الِاسْتِيلَادَ لَا يُجْزِئُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِإِعْتَاقٍ، إذْ مَعْنَاهُ أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ عَنْهُ طَلَبُ الْعِتْقِ، لَا أَنَّهَا لَا تُعْتَقُ بِمَوْتِهِ؛ لِأَنَّ الشَّارِعَ مُتَشَوِّفٌ إلَى الْعِتْقِ مَا أَمْكَنَ، وَالْحَقُّ فِي ذَلِكَ لِلَّهِ تَعَالَى لَا لِلْبَائِعِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ فَعِتْقُهَا بِمَوْتِهِ أَوْلَى مِنْ أَنْ نَأْمُرَ الْوَارِثَ لِيُعْتِقَهَا، وَلَوْ شَرَطَ عِتْقَ حَامِلٍ فَوَلَدَتْ ثُمَّ أَعْتَقَهَا لَمْ يُعْتَقْ الْوَلَدُ عَلَى الْأَصَحِّ فِي الْمَجْمُوعِ لِانْقِطَاعِ التَّبَعِيَّةِ بِالْوِلَادَةِ.
(وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهُ لَوْ شَرَطَ مَعَ الْعِتْقِ الْوَلَاءَ لَهُ) أَيْ الْبَائِعُ (أَوْ شَرَطَ تَدْبِيرَهُ) أَوْ تَعْلِيقَ عِتْقِهِ بِصِفَةٍ (أَوْ كِتَابَتَهُ أَوْ إعْتَاقَهُ بَعْدَ شَهْرٍ) مَثَلًا (لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ) أَمَّا فِي الْأُولَى فَلِمُخَالَفَتِهِ مَا تَقَرَّرَ فِي الشَّرْعِ مِنْ أَنَّ الْوَلَاءَ لِمَنْ أَعْتَقَ.
وَأَجَابَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: " وَاشْتَرِطِي لَهُمْ الْوَلَاءَ " بِمَعْنَى عَلَيْهِمْ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا} [الإسراء: 7] وَشَرْطُ الْوَلَاءِ لِأَجْنَبِيٍّ أَوْلَى بِالْبُطْلَانِ. وَأَمَّا فِي الْبَاقِي: فَلِأَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ فِي وَاحِدٍ مِنْهُ مَا تَشَوَّفَ إلَيْهِ الشَّارِعُ مِنْ الْعِتْقِ النَّاجِزِ، وَالثَّانِي: يَصِحُّ الْبَيْعُ وَيَبْطُلُ الشَّرْطُ وَاشْتِرَاطُ الْوَقْفِ كَاشْتِرَاطِ التَّدْبِيرِ وَنَحْوِهِ، وَاحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ: مَعَ الْعِتْقِ عَمَّا إذَا شَرَطَ الْوَلَاءَ فَقَطْ بِأَنْ قَالَ: إنْ أَعْتَقْتُهُ فَوَلَاؤُهُ لِي فَإِنَّ الْبَيْعَ بَاطِلٌ قَطْعًا؛ لِأَنَّ الْوَلَاءَ تَابِعٌ لِلْعِتْقِ، وَهُوَ لَمْ يَشْتَرِطْ الْأَصْلَ، وَلَوْ بَاعَ رَقِيقًا بِشَرْطِ أَنْ يَبِيعَهُ الْمُشْتَرِي بِشَرْطِ الْإِعْتَاقِ لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ، وَكَذَا لَوْ اشْتَرَى دَارًا بِشَرْطِ أَنْ يَقِفَهَا أَوْ ثَوْبًا بِشَرْطِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ فِي مَعْنَى مَا وَرَدَ بِهِ الشَّرْعُ.
(وَلَوْ شَرَطَ مُقْتَضَى الْعَقْدِ كَالْقَبْضِ وَالرَّدِّ بِعَيْبٍ أَوْ) شَرَطَ (مَا لَا غَرَضَ فِيهِ، كَشَرْطِ أَنْ لَا يَأْكُلَ إلَّا كَذَا) كَهَرِيسَةٍ أَوْ لَا يَلْبَسُهُ إلَّا كَذَا كَحَرِيرٍ (صَحَّ) الْعَقْدُ فِيهِمَا. أَمَّا فِي الْأُولَى؛ فَلِأَنَّ اشْتِرَاطَهُ تَأْكِيدٌ وَتَنْبِيهٌ عَلَى مَا أَوْجَبَهُ الشَّارِعُ عَلَيْهِ، وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ؛ فَلِأَنَّ ذِكْرَهُ لَا يُوَرِّثُ تَنَازُعًا فِي الْغَالِبِ فَذِكْرُهُ فِيهَا لَغْوٌ، وَهَذَا مَا جَزَمَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ، وَنَقَلَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ عَنْ الْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ ثُمَّ قَالَ: لَكِنْ فِي التَّتِمَّةِ أَنَّهُ لَوْ شَرَطَ إلْزَامَ مَا لَيْسَ بِلَازِمٍ كَمَا لَوْ بَاعَ بِشَرْطِ أَنْ يُصَلِّيَ النَّوَافِلَ، أَوْ يَصُومَ شَهْرًا غَيْرَ رَمَضَانَ، أَوْ يُصَلِّيَ الْفَرَائِضَ فِي أَوَّلِ أَوْقَاتِهَا فَسَدَ الْعَقْدُ؛ لِأَنَّهُ إلْزَامُ مَا لَيْسَ بِلَازِمٍ. قَالَ: وَقَضِيَّتُهُ فَسَادُ الْعَقْدِ فِي مَسْأَلَةِ الْهَرِيسَةِ وَالْحَرِيرِ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَمْ يَجِدْ تَصْرِيحًا بِالْبُطْلَانِ، وَإِنَّمَا يُؤْخَذُ مِنْ مُقْتَضَى كَلَامِ التَّتِمَّةِ، وَهُوَ عَجِيبٌ فَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ، فَقَالَ: وَإِذَا بَاعَهُ الْعَبْدُ عَلَى أَنْ لَا يَبِيعَهُ مِنْ فُلَانٍ أَوْ عَلَى أَنْ يَبِيعَهُ مِنْهُ أَوْ عَلَى أَنْ لَا يَسْتَخْدِمَهُ أَوْ عَلَى أَنْ
وَلَوْ شَرَطَ وَصْفًا يُقْصَدُ: كَكَوْنِ الْعَبْدِ كَاتِبًا، أَوْ الدَّابَّةِ حَامِلًا، أَوْ لَبُونًا صَحَّ،
ــ
[مغني المحتاج]
يُنْفِقَ عَلَيْهِ كَذَا وَكَذَا فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ، فَتَلَخَّصَ أَنَّ مَذْهَبَ الشَّافِعِيِّ فِي اشْتِرَاطِ مَا لَا غَرَضَ فِيهِ الْبُطْلَانُ وَأَنَّ الرَّافِعِيَّ لَمْ يَطَّلِعْ فِيهِ إلَّا عَلَى كَلَامِ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ الْمَعْدُودِينَ فِي الْمُصَنِّفِينَ لَا فِي أَصْحَابِ الْوُجُوهِ. قَالَ وَقَدْ اخْتَارَ ابْنُ الصَّلَاحِ وَابْنُ الرِّفْعَةِ: فِي لَا يَأْكُلُ إلَّا الْهَرِيسَةَ أَنْ يُقْرَأَ بِتَاءِ الْخِطَابِ، فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ لَا غَرَضَ فِيهِ أَصْلًا، بِخِلَافِ مَا إذَا قُرِئَ بِالْيَاءِ آخِرَ الْحُرُوفِ فَقَدْ يُتَخَيَّلُ فِيهِ الْإِفْسَادُ؛ لِأَنَّهُ يَنْفَعُ الْعَبْدَ كَالْإِعْتَاقِ، وَمَا قَالَاهُ بَعِيدٌ عَنْ السِّيَاقِ لَكِنَّهُ صَحِيحٌ نَقْلًا كَمَا بَيَّنْتُهُ.
وَأَجَابَ عَنْ ذَلِكَ الزَّرْكَشِيُّ بِأَنَّ مَا فِي التَّتِمَّةِ مَحَلُّهُ فِيمَا لَا يَلْزَمُ السَّيِّدَ أَصْلًا، وَمَسْأَلَتُنَا مَحَلُّهَا فِيمَا يَلْزَمُهُ فِي الْجُمْلَةِ؛ إذْ نَفَقَةُ الرَّقِيقِ مُقَدَّرَةٌ بِالْكِفَايَةِ، وَقَدْ شُرِطَ عَلَيْهِ أَدَاؤُهَا مِنْ أَحَدِ الْأَنْوَاعِ الَّتِي تَتَأَدَّى هِيَ بِبَعْضِهَا فَيَصِحُّ، وَلَا يَلْزَمُهُ الْوَفَاءُ بِهِ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ أَحَدُهَا، فَأَشْبَهَ خِصَالَ الْكَفَّارَةِ لَا يَتَعَيَّنُ أَحَدُهَا بِالتَّعْيِينِ. قَالَ وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي الْأُمِّ عَلَى أَنْ تُنْفِقَ عَلَيْهِ كَذَا وَكَذَا فَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى التَّقْدِيرِ بِقَدْرٍ مَعْلُومٍ وَإِلَى أَنَّهُ يُجْمَعُ لَهُ بَيْنَ أُدْمَيْنِ أَوْ نَوْعَيْنِ مِنْ الْأَطْعِمَةِ، وَذَلِكَ لَا يَلْزَمُ السَّيِّدَ فَإِذَا شَرَطَ فَقَدْ شَرَطَ مَا لَا يَلْزَمُهُ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمُقْتَضَى الْعَقْدِ فَأَبْطَلَهُ. قَالَ وَفِي التَّمْثِيلِ بِلِبْسِ الْحَرِيرِ نَظَرٌ إذَا كَانَ الْعَبْدُ بَالِغًا فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَصِحَّ الْبَيْعُ كَمَا لَوْ بَاعَ سَيْفًا بِشَرْطِ أَنْ يَقْطَعَ بِهِ الطَّرِيقَ.
وَأَجَابَ عَنْهُ شَيْخِي بِأَنَّ لُبْسَ الْحَرِيرِ جَائِزٌ فِي الْجُمْلَةِ بِخِلَافِ الْمَنْظَرِ بِهِ. قَالَ الْبَغَوِيّ: وَلَوْ بَاعَهُ إنَاءً بِشَرْطِ أَنْ لَا يَجْعَلَ فِيهِ مُحَرَّمًا أَوْ سَيْفًا بِشَرْطِ أَنْ لَا يَقْطَعَ بِهِ الطَّرِيقَ أَوْ عَبْدًا بِشَرْطِ أَنْ لَا يُعَاقِبَهُ بِمَا لَا يَجُوزُ صَحَّ الْبَيْعُ، وَيُقَاسُ بِهِ مَا يُشَابِهُهُ، وَلَوْ قَالَ: بِعْتُكَ الدَّارَ عَلَى أَنَّ لَك نِصْفَهَا بِأَلْفٍ صَحَّ كَمَا لَوْ قَالَ: بِعْتُكَهَا بِأَلْفٍ إلَّا نِصْفَهَا.
(وَلَوْ شَرَطَ) الْبَائِعِ بِمُوَافَقَةِ الْمُشْتَرِي حَبْسَ الْمَبِيعِ بِثَمَنٍ فِي الذِّمَّةِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ الزَّمَنَ الْحَالَّ لَا الْمُؤَجَّلَ وَخَافَ فَوْتَ الثَّمَنِ بَعْدَ التَّسْلِيمِ وَلَمْ يَقُلْ بِالْبُدَاءَةِ بِالْبَائِعِ صَحَّ؛ لِأَنَّ حَبْسَهُ مِنْ مُقْتَضَيَاتِ الْعَقْدِ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ مُؤَجَّلًا أَوْ حَالًّا وَلَمْ يَخَفْ فَوْتَهُ بَعْدَ التَّسْلِيمِ، لِأَنَّ الْبُدَاءَةَ حِينَئِذٍ بِالتَّسْلِيمِ لِلْبَائِعِ.
(وَلَوْ شَرَطَ وَصْفًا يُقْصَدُ كَكَوْنِ الْعَبْدِ كَاتِبًا أَوْ الدَّابَّةِ) أَوْ الْأَمَةِ (حَامِلًا أَوْ) الدَّابَّةِ (لَبُونًا) أَيْ ذَاتَ لَبَنٍ (صَحَّ) الْعَقْدُ مَعَ الشَّرْطِ؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ يَتَعَلَّقُ بِمَصْلَحَةِ الْعَقْدِ، وَهُوَ الْعِلْمُ بِصِفَاتِ الْمَبِيعِ الَّتِي تَخْتَلِفُ بِهَا الْأَغْرَاضُ؛ وَلِأَنَّهُ الْتَزَمَ مَوْجُودًا عِنْدَ الْعَقْدِ، وَلَا يَتَوَقَّفُ الْتِزَامُهُ عَلَى إنْشَاءِ أَمْرٍ مُسْتَقْبَلٍ فَلَا يَدْخُلُ فِي النَّهْيِ عَنْ بَيْعٍ وَشَرْطٍ وَإِنْ سُمِّيَ شَرْطًا تَجَوُّزًا فَإِنَّ الشَّرْطَ لَا يَكُونُ إلَّا مُسْتَقْبَلًا، وَيَكْفِي فِي الصِّفَةِ الْمَشْرُوطَةِ مَا يُطْلَقُ عَلَيْهَا الِاسْمُ. نَعَمْ لَوْ شَرَطَ حُسْنَ الْخَطِّ، فَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُسْتَحْسَنٍ فِي الْعُرْفِ فَلَهُ الْخِيَارُ وَإِلَّا فَلَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي، وَلَوْ شَرَطَ وَضْعَ الْحَمْلِ لِشَهْرٍ مَثَلًا أَوْ أَنَّهَا تَدِرُّ كُلَّ يَوْمٍ صَاعًا مَثَلًا لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ مَقْدُورٍ عَلَيْهِ فِيهِمَا
وَلَهُ الْخِيَارُ إنْ أَخْلَفَ، وَفِي قَوْلٍ يَبْطُلُ الْعَقْدُ فِي الدَّابَّةِ.
وَلَوْ قَالَ: بِعْتُكَهَا وَحَمْلَهَا بَطَلَ فِي الْأَصَحِّ.
وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ الْحَمْلِ وَحْدَهُ، وَلَا الْحَامِلِ دُونَهُ وَلَا الْحَامِلِ بِحُرٍّ.
ــ
[مغني المحتاج]
وَغَيْرُ مُنْضَبِطٍ فِي الثَّانِيَةِ، فَصَارَ كَمَا لَوْ شَرَطَ أَنْ يَكْتُبَ الْعَبْدُ كُلَّ يَوْمٍ عَشْرَ وَرَقَاتٍ مَثَلًا.
تَنْبِيهٌ قَالَ بَعْضُ شُرَّاحِ الْكِتَابِ: وَلَوْ أَبْدَلَ الْمُصَنِّفُ لَفْظَ الدَّابَّةِ بِالْحَيَوَانِ لَكَانَ أَحْسَنَ لِيَشْمَلَ الْأَمَةَ، فَإِنَّ حُكْمَهَا كَذَلِكَ، وَلِذَلِكَ قَدَّرْتُهَا فِي كَلَامِهِ، وَلَعَلَّ هَذَا حَمْلُ الدَّابَّةِ عَلَى الْعُرْفِ، فَإِنْ حُمِلَتْ عَلَى اللُّغَةِ فَهُوَ كَالتَّعْبِيرِ بِالْحَيَوَانِ (وَلَهُ الْخِيَارُ) فَوْرًا كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ (إنْ أَخْلَفَ) الْمَشْرُوطَ لِفَوَاتِ شَرْطِهِ (وَفِي قَوْلٍ يَبْطُلُ الْعَقْدُ فِي الدَّابَّةِ) بِصُورَتَيْهَا بِالشَّرْطِ لَا بِالْخُلْفِ؛ لِأَنَّهُ شَرَطَ مَعَهَا شَيْئًا مَجْهُولًا فَأَشْبَهَ مَا لَوْ قَالَ بِعْتُكَهَا وَحَمْلَهَا.
وَأَجَابَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الْمَقْصُودَ الْوَصْفُ بِهِ لَا إدْخَالُهُ فِي الْعَقْدِ لِأَنَّهُ دَاخِلٌ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ، وَخَرَجَ بِيُقْصَدُ مَا لَا يُقْصَدُ بَلْ هُوَ مِنْ الْعُيُوبِ كَالزِّنَا وَالسَّرِقَةِ فَإِنَّهُ لَا خِيَارَ بِفَوَاتِهِ، بَلْ إنْ كَانَ مِنْ الْبَائِعِ فَهُوَ بَيَانٌ لِلْعَيْبِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ الْمُشْتَرِي فَهُوَ فِي حُكْمِ الرِّضَا بِالْعَيْبِ، وَلَوْ شَرَطَ ثُيُوبَتَهَا فَخَرَجَتْ بِكْرًا فَلَا خِيَارَ لَهُ عَلَى الْأَصَحِّ خِلَافًا لِلْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَلَوْ شَرَطَ أَنَّهُ خَصِيٌّ فَبَانَ فَحْلًا ثَبَتَ لَهُ الْخِيَارُ، قَالُوا: لِأَنَّهُ لَا يَدْخُلُ عَلَى الْحُرُمِ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِهِ الْمَمْسُوحُ، وَإِلَّا فَبَاقِي الذَّكَرِ كَالْفَحْلِ فِي وُجُوبِ الِاحْتِجَابِ مِنْهُ.
(وَلَوْ قَالَ: بِعْتُكَهَا) أَيْ الدَّابَّةَ وَمِثْلُهَا الْأَمَةُ (وَحَمْلَهَا) أَوْ بِعْتُكَهَا وَلَبَنَ ضَرْعِهَا (بَطَلَ) الْبَيْعُ (فِي الْأَصَحِّ) لِجَعْلِهِ الْحَمْلَ أَوْ اللَّبَنَ الْمَجْهُولَ مَبِيعًا مَعَ الْمَعْلُومِ بِخِلَافِ بَيْعِهَا بِشَرْطِ كَوْنِهَا حَامِلًا أَوْ لَبُونًا كَمَا مَرَّ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ ذَلِكَ وَصْفًا تَابِعًا، وَبَيْضُ الطَّيْرِ كَالْحَمْلِ. وَالثَّانِي يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ دَاخِلٌ فِي الْعَقْدِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ فَلَا يَضُرُّ التَّنْصِيصُ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ قَالَ: بِعْتُكَ هَذَا الْجِدَارَ بِأَسَاسِهِ وَفَرَّقَ الْأَوَّلُ، بِأَنَّ الْأَسَاسَ دَاخِلٌ فِي مُسَمَّى الْجِدَارِ فَذِكْرُهُ ذِكْرٌ لِمَا دَخَلَ فِي اللَّفْظِ فَلَا يَضُرُّ التَّنْصِيصُ عَلَيْهِ، وَالْحَمْلُ غَيْرُ دَاخِلٍ فِي مُسَمَّى الْبَهِيمَةِ، فَإِذَا ذَكَرَ فَقَدْ ذَكَرَ شَيْئًا مَجْهُولًا وَبَاعَهُ مَعَ الْمَعْلُومِ، وَدُخُولُهُ تَبَعًا لَا يَسْتَلْزِمُ دُخُولَهُ فِي مُسَمَّى اللَّفْظِ، وَيَصِحُّ بَيْعُ الْجُبَّةِ بِحَشْوِهَا لِدُخُولِ الْحَشْوِ فِي مُسَمَّى الْجُبَّةِ فَلَا يَضُرُّ ذِكْرُهُ؛ لِأَنَّهُ تَأْكِيدٌ كَمَا مَرَّ فِي الْأَسَاسِ، وَلَا فَرْقَ فِي هَذِهِ الْأَمْثِلَةِ بَيْنَ أَنْ يَأْتِيَ بِالْوَاوِ أَوْ بِالْبَاءِ أَوْ مَعَ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ فِي أَثْنَاءِ الْأَمْثِلَةِ، وَإِنْ فَرَّقَ السُّبْكِيُّ بَيْنَ الْوَاوِ وَالْبَاءِ فَقَالَ بِالْبُطْلَانِ فِي الْوَاوِ وَبِالصِّحَّةِ مَعَ الْبَاءِ.
(وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ الْحَمْلِ وَحْدَهُ) لِلنَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الْمَلَاقِيحِ، وَهَذِهِ مُكَرَّرَةٌ، فَإِنَّهُ عَيَّنَ بَيْعَ الْمَلَاقِيحِ، وَإِنَّمَا ذَكَرَهَا تَوْطِئَةً لِقَوْلِهِ (وَلَا) بَيْعُ (الْحَامِلِ دُونَهُ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ إفْرَادُهُ بِالْعَقْدِ فَلَا يُسْتَثْنَى كَأَعْضَاءِ الْحَيَوَانِ (لَا) بَيْعُ (الْحَامِلِ بِحُرٍّ) إلْحَاقًا لِلِاسْتِثْنَاءِ الشَّرْعِيِّ بِالِاسْتِثْنَاءِ الْحِسِّيِّ، وَلَا