المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل وقوله تعالى فاما ياتينكم مني هدى هو خطاب لمن اهبطه من الجنة - مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط العلمية - جـ ١

[ابن القيم]

فهرس الكتاب

- ‌فصل وَلما اهبطه سُبْحَانَهُ من الْجنَّة وَعرضه وَذريته لانواع المحن وَالْبَلَاء

- ‌فصل وَهَذَانِ الضلالان اعني الضلال والشقاء يذكرهما سُبْحَانَهُ كثيرا فِي

- ‌فصل وَقَوله تَعَالَى فاما ياتينكم مني هدى هُوَ خطاب لمن اهبطه من الْجنَّة

- ‌فصل ومتابعة هدى الله الَّتِي رتب عَلَيْهَا هَذِه الامور هِيَ تَصْدِيق خَبره من

- ‌فصل وَالْقلب السَّلِيم الَّذِي ينجو من عَذَاب الله هُوَ الْقلب الَّذِي قد سلم

- ‌فصل وَهَذِه الْمُتَابَعَة هِيَ التِّلَاوَة الَّتِي اثنى الله على اهلها فِي قَوْله

- ‌فصل ثمَّ قَالَ تَعَالَى وَمن اعْرِض عَن ذكري فَإِن لَهُ معيشة ضنكا ونحشره

- ‌فصل وَقَوله تَعَالَى فَإِن لَهُ معيشة ضنكا فَسرهَا غير وَاحِد من السّلف بِعَذَاب

- ‌فصل وَقَوله تَعَالَى ونحشره يَوْم الْقِيَامَة أعمى قَالَ رب لم حشرتني اعمى

- ‌فصل وَالْمَقْصُود ان الله سبحانه وتعالى لما اقْتَضَت حكمته وَرَحمته إِخْرَاج

- ‌قَالَ الله تعال شهد الله انه لَا إِلَه إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَة واولو الْعلم قَائِما

- ‌فصل وَهَذَا الحَدِيث لَهُ طرق عديدة مِنْهَا مَا رَوَاهُ ابْن عدي عَن مُوسَى

- ‌فصل إِذا عرف هَذَا فالفكر هُوَ احضار معرفتين فِي الْقلب ليستثمر مِنْهُمَا

- ‌فصل وَإِذا تَأَمَّلت مَا دعى الله سُبْحَانَهُ فِي كِتَابه عباده الى الْفِكر فِيهِ

- ‌فصل فَارْجِع الان الى النُّطْفَة وَتَأمل حَالهَا اولا وَمَا صَارَت اليه ثَانِيًا

- ‌فصل وَالنَّظَر فِي هَذِه الايات وامثالها نَوْعَانِ نظر اليها بالبصر الظَّاهِر

- ‌فصل وَإِذا نظرت الى الارض وَكَيف خلقت رَأَيْتهَا من اعظم آيَات فاطرها

- ‌فصل وَمن آيَاته سُبْحَانَهُ تَعَالَى اللَّيْل وَالنَّهَار وهما من اعْجَبْ آيَاته

- ‌فصل وَمن آيَاته وعجائب مصنوعاته الْبحار المكتنفة لاقطار الارض الَّتِي هِيَ

- ‌فصل وَمن آيَاته سُبْحَانَهُ خلق الْحَيَوَان على اخْتِلَاف صِفَاته واجناسه

- ‌فصل تامل الْعبْرَة فِي مَوضِع هَذَا الْعَالم وتاليف أَجْزَائِهِ ونظمها على احسن

- ‌فصل فَتَأمل خلق السَّمَاء وارجع الْبَصَر فِيهَا كرة بعد كرة كَيفَ ترَاهَا من

- ‌فصل ثمَّ تَأمل حَال الشَّمْس وَالْقَمَر فِي طلوعهما وغروبهما لاقامة دَوْلَتِي

- ‌فصل ثمَّ تَأمل بعد ذَلِك احوال هَذِه الشَّمْس فِي انخفاضها وارتفاعها لاقامة

- ‌فصل ثمَّ تَأمل حَال الشَّمْس وَالْقَمَر وَمَا اودعاه من النُّور والاضاءة وَكَيف

- ‌فصل ثمَّ تَأمل الْحِكْمَة فِي طُلُوع الشَّمْس على الْعَالم كَيفَ قدره الْعَزِيز

- ‌فصل ثمَّ تَأمل الْحِكْمَة فِي مقادير اللَّيْل وَالنَّهَار تجدها على غَايَة

- ‌فصل ثمَّ تَأمل إنارة الْقَمَر وَالْكَوَاكِب فِي ظلمَة اللَّيْل وَالْحكمَة فِي ذَلِك

- ‌فصل ثمَّ تَأمل حكمته تبارك وتعالى فِي هَذِه النُّجُوم وَكَثْرَتهَا وَعَجِيب خلقهَا

- ‌فصل ثمَّ تَأمل اخْتِلَاف سير الْكَوَاكِب وَمَا فِيهِ من الْعَجَائِب كَيفَ تَجِد بَعْضهَا لَا

- ‌فصل ثمَّ تامل هَذَا الْفلك الدوار بشمسه وقمره ونجومه وبروجه وَكَيف يَدُور

- ‌فصل فسل الْمُعَطل الجاحد مَا تَقول فِي دولاب دائر على نهر قد احكمت

- ‌فصل ثمَّ تَأمل الممسك لِلسَّمَوَاتِ والارض الْحَافِظ لَهما ان تَزُولَا اَوْ تقعا

- ‌فصل ثمَّ تَأمل هَذِه الْحِكْمَة الْبَالِغَة فِي الْحر وَالْبرد وَقيام الْحَيَوَان

- ‌فصل ثمَّ تَأمل الْحِكْمَة فِي خلق النَّار على مَا هِيَ عَلَيْهِ من الكمون

- ‌فصل ثمَّ تَأمل حكمته تَعَالَى فِي كَونه خص بهَا الانسان دون غَيره من

- ‌فصل ثمَّ تامل هَذَا الْهَوَاء وَمَا فِيهِ من الْمصَالح فَإِنَّهُ حَيَاة هَذِه الابدان

- ‌فصل ثمَّ تَأمل خلق الارض على مَا هِيَ عَلَيْهِ حِين خلقهَا واقفة سَاكِنة

- ‌فصل ثمَّ تَأمل تَأمل الْحِكْمَة الْبَالِغَة فِي ان جعل مهب الشمَال عَلَيْهَا ارْفَعْ

- ‌فصل ثمَّ تَأمل الْحِكْمَة العجيبة فِي الْجبَال الَّذِي يحسبها الْجَاهِل الغافل

- ‌فصل وَلما اقْتَضَت حكمته تبارك وتعالى ان جعل من الارض السهل والوعر

- ‌فصل وَلما كَانَت الرِّيَاح تجول فِيهَا وَتدْخل فِي تجاويفها وتحدث فِيهَا

- ‌فصل ثمَّ تَأمل حِكْمَة الله عز وجل فِي عزة هذَيْن النَّقْدَيْنِ الذَّهَب وَالْفِضَّة

- ‌فصل وَتَأمل الْحِكْمَة البديعة فِي تيسيره سُبْحَانَهُ على عباده مَا هم احوج

- ‌فصل وَمن ذَلِك سَعَة الارض وامتدادها وَلَوْلَا ذَلِك لضاقت عَن مسَاكِن الانس

- ‌فصل ثمَّ تَأمل الْحِكْمَة الْبَالِغَة فِي نزُول الْمَطَر على الارض من علو ليعم

- ‌فصل ثمَّ تَأمل الْحِكْمَة البا لُغَة فِي إنزاله بِقدر الْحَاجة حَتَّى إِذا اخذت

- ‌فصل ثمَّ تَأمل الْحِكْمَة الالهية فِي اخراج الاقوات وَالثِّمَار والحبوب

- ‌فصل ثمَّ تَأمل إِذا نصبت خيمة اَوْ فسطاطا كَيفَ تمده من كل جَانب

- ‌فصل ثمَّ تَأمل الْحِكْمَة فِي خلق الْوَرق فَإنَّك ترى فِي الورقة الْوَاحِدَة من جملَة

- ‌فصل ثمَّ تَأمل حِكْمَة اللَّطِيف الْخَبِير فِي كَونهَا جعلت زِينَة للشجر وسترا

- ‌فصل ثمَّ تَأمل حكمته سُبْحَانَهُ فِي إبداع الْعَجم والنوى فِي جَوف الثَّمَرَة وَمَا

- ‌فصل ثمَّ تَأمل خلقه الرُّمَّان وماذا فِيهِ من الحكم والعجائب فَإنَّك ترى دَاخل

- ‌فصل ثمَّ تَأمل هَذَا الرّيع والنماء الَّذِي وَضعه الله فِي الزَّرْع حَتَّى صَارَت

- ‌فصل ثمَّ تَأمل الْحِكْمَة فِي الْحُبُوب كالبر وَالشعِير وَنَحْوهمَا كَيفَ يخرج الْحبّ

- ‌فصل ثمَّ تَأمل الْحِكْمَة الباهرة فِي هَذِه الاشجار كَيفَ ترَاهَا فِي كل عَام

- ‌فصل ثمَّ تَأمل الْحِكْمَة فِي شَجَرَة اليقطين والبطيخ والجزر كَيفَ لما اقْتَضَت

- ‌فصل ثمَّ تَأمل هَذِه النَّخْلَة الَّتِي هِيَ احدى آيَات الله تَجِد فِيهَا من

- ‌فصل ثمَّ تَأمل احوال هَذِه العقاقير والادوية الَّتِي يُخرجهَا الله من

- ‌فصل ثمَّ تَأمل الْحِكْمَة الْبَالِغَة فِي اعطائه سُبْحَانَهُ بَهِيمَة الانعام

- ‌فصل ثمَّ تَأمل الْحِكْمَة فِي خلق الات الْبَطْش فِي الْحَيَوَانَات من الانسان

- ‌فصل ثمَّ تَأمل الْحِكْمَة فِي خلقَة الْحَيَوَان الَّذِي يَأْكُل اللَّحْم من الْبَهَائِم

- ‌فصل ثمَّ تَأمل اولا ذَوَات الاربع من الْحَيَوَان كَيفَ ترَاهَا تتبع امهاتها

- ‌فصل ثمَّ تَأمل الْحِكْمَة الْبَالِغَة فِي قَوَائِم الْحَيَوَان كَيفَ اقْتَضَت ان يكون

- ‌فصل ثمَّ تَأمل الْحِكْمَة الْبَالِغَة فِي ان جعل ظُهُور الدَّوَابّ مبسوطة كَأَنَّهَا

- ‌فصل ثمَّ تَأمل الْحِكْمَة فِي كَون فرج الدَّابَّة جعل بارزا من وَرَائِهَا ليتَمَكَّن

- ‌فصل ثمَّ تَأمل كَيفَ كُسِيت اجسام الْحَيَوَان البهيمي هَذِه الْكسْوَة من الشّعْر

- ‌فصل ثمَّ تَأمل حِكْمَة عَجِيبَة جعلت للبهائم والوحوش وَالسِّبَاع وَالدَّوَاب على

- ‌فصل ثمَّ تَأمل الْحِكْمَة الباهرة فِي وَجه الدَّابَّة كَيفَ هُوَ فانك ترى الْعَينَيْنِ

- ‌فصل ثمَّ تَأمل شفر الْفِيل وَمَا فِيهِ من الحكم الباهرة فَإِنَّهُ يقوم لَهُ

- ‌فصل ثمَّ تَأمل خلق الزرافة وَاخْتِلَاف اعضائهم وَشبههَا باعضاء جَمِيع

- ‌فصل ثمَّ تَأمل هَذِه النملة الضعيفة وَمَا اعطيته من الفطنة اَوْ لحيلة فِي

- ‌فصل وَمن عَجِيب الفطنة فِي الْحَيَوَان ان الثَّعْلَب إِذا اعوزه الطَّعَام وَلم

- ‌فصل ثمَّ تَأمل جسم الطَّائِر وخلقته فَإِنَّهُ حِين قدر بَان يكون طائرا فِي

- ‌فصل ثمَّ تَأمل خلقَة الْبَيْضَة وَمَا فِيهَا من المخ الاصفر الخاثر وَالْمَاء

- ‌فصل وَتَأمل الْحِكْمَة فِي حوصلة الطَّائِر وَمَا قدرت لَهُ فَإِن فِي مَسْلَك الطَّعَام

- ‌فصل ثمَّ تَأمل هَذِه الالوان والاصباغ والوشى الَّتِي ترَاهَا فِي كثير من

- ‌فصل تَأمل هَذَا الطَّائِر الطَّوِيل السَّاقَيْن وَأعرف الْمَنْفَعَة فِي طول سَاقيه

- ‌فصل ثمَّ تَأمل احوال النَّحْل وَمَا فِيهَا من العبر والايات فَانْظُر اليها

- ‌فصل وَمن اعْجَبْ امرها مَالا يَهْتَدِي لَهُ اكثر النَّاس ولايعرفونه وَهُوَ

- ‌فصل ثمَّ تَأمل الْعبْرَة الَّتِي ذكرهَا الله عز وجل فِي الانعام وَمَا سقانا

- ‌فصل ثمَّ تَأمل الْعبْرَة فِي السّمك وَكَيْفِيَّة خلقته وَأَنه خلق غير ذِي قَوَائِم

- ‌فصل فاعد الان النّظر فِيك وَفِي نَفسك مرّة ثَانِيَة من الَّذِي دبرك بالطف

- ‌فصل فَانْظُر كَيفَ جعلت آلَات الْجِمَاع فِي الذّكر والانثى جَمِيعًا على وفْق

- ‌فصل فَارْجِع الان الى نَفسك وَكرر النّظر فِيك فَهُوَ يَكْفِيك وَتَأمل اعضاءك

- ‌فصل فاعد النّظر فِي نَفسك وَتَأمل حِكْمَة اللَّطِيف الْخَبِير فِي تركيب الْبدن

- ‌فصل قَالَ الله تَعَالَى وَلَقَد كرمنا بني آدم وحملناهم فِي الْبر وَالْبَحْر

- ‌فصل فاعد النّظر فِي نَفسك وَحِكْمَة الخلاق الْعَلِيم فِي خلقك وَانْظُر الى

- ‌فصل ثمَّ اعينت هَذِه الْحَواس بمخلوقات اخر مُنْفَصِلَة عَنْهَا تكون وَاسِطَة فِي

- ‌فصل ثمَّ تَأمل حَال من عدم الْبَصَر وَمَا يَنَالهُ من الْخلَل فِي أُمُوره فَإِنَّهُ

- ‌فصل وَأما من عدم البيانين بَيَان الْقلب وَبَيَان اللِّسَان فَذَلِك بِمَنْزِلَة

- ‌فصل ثمَّ تَأمل حكمته فِي الاعضاء الَّتِي خلقت فِيك آحادا ومثنى وَثَلَاث

- ‌فصل من ايْنَ للطبيعة هَذَا الِاخْتِلَاف وَالْفرق الْحَاصِل فِي النَّوْع الانسان

- ‌فصل ثمَّ تَأمل لم صَارَت الْمَرْأَة وَالرجل إِذا ادركا اشْتَركَا فِي نَبَات

- ‌فصل ثمَّ تَأمل هَذَا الصَّوْت الْخَارِج من الْحلق وتهيئة آلاته وَالْكَلَام

- ‌فصل وَفِي هَذِه الالات مآرب اخرى وَمَنَافع سوى مَنْفَعَة الْكَلَام فَفِي الحنجرة

- ‌فصل وَمن جعل فِي الْحلق منفذين احدهما للصوت وَالنَّفس الْوَاصِل الى الرئة

- ‌فصل ثمَّ تَأمل حِكْمَة الله تَعَالَى فِي كَثْرَة بكاء الاطفال وَمَا لَهُم فِيهِ

- ‌فصل وَكَذَلِكَ اعطاهم من الْعُلُوم الْمُتَعَلّقَة بصلاح معاشهم ودنياهم بِقدر

- ‌فصل وَمن حكمته سُبْحَانَهُ مَا مَنعهم من الْعلم علم السَّاعَة وَمَعْرِفَة آجالهم

- ‌فصل وَمِنْهَا انه سُبْحَانَهُ يجب ان يتفضل عَلَيْهِم وَيتم عَلَيْهِم نعمه وَيُرِيهمْ

- ‌فصل وَمِنْهَا انه سُبْحَانَهُ لَهُ الاسماء الْحسنى وَلكُل اسْم من اسمائه اثر من

- ‌فصل وَمِنْه انه سُبْحَانَهُ يعرف عباده عزه فِي قَضَائِهِ وَقدره ونفوذ مَشِيئَته

- ‌فصل وَمِنْهَا انه يعرف العَبْد حَاجته إِلَى حفظه لَهُ ومعونته وصيانته وانه

- ‌فصل وَمِنْهَا انه سُبْحَانَهُ يستجلب من عَبده بذلك مَا هُوَ من اعظم أَسبَاب

- ‌فصل وَمِنْهَا انه سُبْحَانَهُ يسْتَخْرج بذلك من عَبده تَمام عبوديته فَإِن تَمام

- ‌فصل وَمِنْهَا ان العَبْد يعرف حَقِيقَة نَفسه وَأَنَّهَا الظالمة وان مَا صدر مِنْهَا

- ‌فصل وَمِنْهَا تَعْرِيفه سُبْحَانَهُ عَبده سَعَة حلمه وَكَرمه فِي ستره عَلَيْهِ وَأَنه لَو

- ‌فصل وَمِنْهَا تَعْرِيفه عَبده انه لَا سَبِيل لَهُ إِلَى النجَاة إِلَّا بعفوه ومغفرته

- ‌فصل وَمِنْهَا تَعْرِيفه عَبده كرمه سُبْحَانَهُ فِي قبُول تَوْبَته ومغفرته لَهُ على

- ‌فصل وَمِنْهَا إِقَامَة حجَّة عدله على عَبده ليعلم العَبْد ان لله عَلَيْهِ الْحجَّة

- ‌فصل وَمِنْهَا ان يُعَامل العَبْد بني جنسه فِي إسائتهم اليه وزلاتهم مَعَه

- ‌فصل وَمِنْهَا انه إِذا عرف هَذَا فاحسن الى من اساء اليه وَلم يُقَابله

- ‌فصل وَمِنْهَا ان يخلع صولة الطَّاعَة من قلبه وَينْزع عَنهُ رِدَاء الْكبر

- ‌فصل وَمِنْهَا ان لله عز وجل على الْقُلُوب انواعا من الْعُبُودِيَّة من الخشية

- ‌فصل وَمِنْهَا انه يعرف العَبْد مِقْدَار نعْمَة معافاته وفضله فِي توفيقه لَهُ

- ‌فصل وَمِنْهَا ان التَّوْبَة توجب للتائب آثارا عَجِيبَة من المقامات الَّتِي لَا

- ‌فصل وَمِنْهَا ان الله سُبْحَانَهُ يُحِبهُ ويفرح بتوبته اعظم فَرح وَقد تقرر ان

- ‌فصل وَمِنْهَا انه إِذا شهد ذنُوبه ومعاصيه وتفريطه فِي حق ربه استكثر

- ‌فصل وَمِنْهَا ان الذَّنب يُوجب لصَاحبه التقيظ والتحرز من مصائد عدوه

- ‌فصل وَمِنْهَا ان الْقلب يكون ذاهلا عَن عدوه معرضًا عَنهُ مشتغلا بِبَعْض

- ‌فصل وَمِنْهَا ان مثل هَذَا يصير كالطبيب ينْتَفع بِهِ المرضى فِي علاجهم

- ‌فصل وَمِنْهَا انه سُبْحَانَهُ يُذِيق عَبده الم الْحجاب عَنهُ وَالْعَبْد وَزَوَال ذَلِك

- ‌فصل وَمِنْهَا ان الْحِكْمَة الالهية اقْتَضَت تركيب الشَّهْوَة وَالْغَضَب فِي الانسان

- ‌فصل وَمِنْهَا ان الله سُبْحَانَهُ إِذا أَرَادَ بِعَبْدِهِ خيرا انساه رُؤْيَة طاعاته

- ‌فصل وَمِنْهَا ان شُهُود العَبْد ذنُوبه وخطاياه مُوجب لَهُ ان لَا يرى لنَفسِهِ

- ‌فصل وَمِنْهَا انه وَيُوجب لَهُ الامساك عَن عُيُوب النَّاس والفكر فِيهَا فَإِنَّهُ فِي

- ‌فصل وَمِنْهَا انه إِذا شهدنفسه مَعَ ربه مسيئا خاطئا مفرطا مَعَ فرط إِحْسَان

- ‌فصل وَإِذا تَأَمَّلت حكمته سُبْحَانَهُ فِيمَا ابتلى بِهِ عباده وصفوته بِمَا ساقهم

- ‌فصل ثمَّ تَأمل حَال الكليم مُوسَى عليه السلام وَمَا آلت اليه محنته

- ‌فصل فَإِذا جِئْت الى النَّبِي وتأملت سيرته مَعَ قومه وَصَبره فِي الله

- ‌فصل وَإِذا تَأَمَّلت الْحِكْمَة الباهرة فِي هَذَا الدّين القويم وَالْملَّة

- ‌فصل وبصائر النَّاس فِي هَذَا النُّور الباهر تَنْقَسِم الى ثَلَاثَة اقسام احدها

- ‌فصل قد شهِدت الْفطر والعقول بِأَن للْعَالم رَبًّا قَادِرًا حَلِيمًا عليما رحِيما

الفصل: ‌فصل وقوله تعالى فاما ياتينكم مني هدى هو خطاب لمن اهبطه من الجنة

‌فصل وَهَذَانِ الضلالان اعني الضلال والشقاء يذكرهما سُبْحَانَهُ كثيرا فِي

كَلَامه ويخبر انهما حَظّ اعدائه وَيذكر ضدهما وهما الْهدى والفلاح كثيرا ويخبر انهما حَظّ اوليائه اما الاول فكقوله تَعَالَى ان الْمُجْرمين فِي ضلال وسعر فالضلال الضلال والسعر هُوَ الشَّقَاء وَالْعَذَاب وَقَالَ تَعَالَى قد خسر الَّذين كذبُوا بلقاء الله وَمَا كَانُوا مهتدين وَأما الثَّانِي فكقوله تَعَالَى فِي أول الْبَقَرَة وَقد ذكر الْمُؤمنِينَ وصفاتهم اولئك على هدى من رَبهم واولئك هم المفلحون وَكَذَلِكَ فِي أول لُقْمَان وَقَالَ فِي الانعام الَّذين آمنُوا وَلم يلبسوا ايمانهم بظُلْم اولئك لَهُم الامن وهم مهتدون وَلما كَانَت سُورَة ام الْقُرْآن اعظم سُورَة فِي الْقُرْآن وافرضها قِرَاءَة على الامة واجمعها لكل مَا يحْتَاج اليه العَبْد واعمها نفعا ذكر فِيهَا الامرين فَأمرنَا ان نقُول اهدنا الصِّرَاط الْمُسْتَقيم صِرَاط الَّذين انعمت عَلَيْهِم فَذكر الْهِدَايَة وَالنعْمَة وهما الْهدى والفلاح ثمَّ قَالَ غير المغضوب عَلَيْهِم وَلَا الضَّالّين فَذكر المغضوب عَلَيْهِم وهم اهل الشَّقَاء والضالين وهم اهل الضلال وكل من الطَّائِفَتَيْنِ لَهُ الضلال والشقاء لَكِن ذكر الوصفين مَعًا لتكن الدّلَالَة على كل مِنْهُمَا بِصَرِيح لَفظه وايضا فَإِنَّهُ ذكر ماهو اظهر الوصفين فِي كل طَائِفَة فَإِن الْغَضَب على الْيَهُود أظهر لعنادهم الْحق بعدمعرفته والضلال فِي النَّصَارَى اظهر لغَلَبَة الْجَهْل فيهم وَقد صَحَّ عَن النَّبِي انه قَالَ الْيَهُود مغضوب عَلَيْهِم وَالنَّصَارَى ضالون

‌فصل وَقَوله تَعَالَى فاما ياتينكم مني هدى هُوَ خطاب لمن اهبطه من الْجنَّة

بقوله اهبطا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضكُم لبَعض عَدو ثمَّ قَالَ فاما يَأْتينكُمْ مني هدى وكلا الخطابين لابوي الثقلَيْن وَهُوَ دَلِيل على ان الْجِنّ مامورون منهيون داخلون تَحت شرائع الانبياء وَهَذَا مِمَّا لَا خلاف فِيهِ بَين الامة وان نَبينَا بعث اليهم كَمَا بعث الى الانس كَمَا لَا خلاف بَينهَا ان مسيئهم مُسْتَحقّ للعقاب وانما اخْتلف عُلَمَاء الاسلام فِي الْمُسلم مِنْهُم هَل يدْخل الْجنَّة فالجمهور على ان محسنهم فِي الْجنَّة كَمَا ان مسيئهم فِي النَّار وَقيل بل ثوابهم سلامتهم من الْجَحِيم واما الْجنَّة فَلَا يدخلهَا اُحْدُ من اولاد إِبْلِيس وإنماهي لبني آدم وصالحي ذُريَّته خَاصَّة وَحكى هَذَا القَوْل عَن ابي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى وَاحْتج الاولون بِوُجُوه احدها هَذِه الاية فانه سُبْحَانَهُ اخبر ان من اتبع هداه فَلَا يخَاف وَلَا يحزن وَلَا يضل وَلَا يشقى وَهَذَا مُسْتَلْزم

ص: 37

لكَمَال النَّعيم وَلَا يُقَال ان الاية إِنَّمَا تدل على نفي الْعَذَاب فَقَط وَلَا خلاف ان مؤمنيهم لَا يعاقبون لانا نقُول لولم تدل الاية الا على امْر عدمي فَقَط لم يكن مدحا لمؤمني الانس وَلما كَانَ فِيهَا الا مُجَرّد امرعدمي وَهُوَ عدم الْخَوْف والحزن وَمَعْلُوم ان سِيَاق الاية ومقصودها إِنَّمَا اريد بِهِ ان من اتبع هدى الله الَّذِي انزله حصل لَهُ غَايَة النَّعيم واندفععنه غَايَة الشَّقَاء وَعبر عَن هَذَا الْمَعْنى الْمَطْلُوب بِنَفْي الامور الْمَذْكُورَة لاقْتِضَاء الْحَال لذَلِك فَإِنَّهُ لما اهبط آدم من الْجنَّة حصل لَهُ من الْخَوْف والحزن والشقاء مَا حصل فاخبره سُبْحَانَهُ انه معطيه وَذريته عهدا من اتبعهُ مِنْهُم انْتَفَى عَنهُ الْخَوْف والحزن والضلال والشقاء وَمَعْلُوم انه لَا ينتفى ذَلِك كُله إِلَّا بِدُخُول دَار النَّعيم وَلَكِن الْمقَام بِذكر التَّصْرِيح بِنَفْي غَايَة المكروهات اولى الثَّانِي قَوْله تَعَالَى وَإِذ صرفنَا اليك نَفرا من الْجِنّ يَسْتَمِعُون الْقُرْآن فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا انصتوا فَلَمَّا قضى ولوا الى قَومهمْ منذرين قَالُوا يَا قَومنَا إناسمعنا كتابا انْزِلْ من بعد مُوسَى مُصدقا لما بَين يَدَيْهِ يهدي الى الْحق وَإِلَى طَرِيق مُسْتَقِيم يَا قَومنَا اجيبوا دَاعِي الله وآمنوا بِهِ يغْفر لكم من ذنوبكم ويجركم من عَذَاب اليم فَأخْبرنَا سُبْحَانَهُ عَن نذيرهم اخبارا بقوله ان من اجاب داعيه غفر لَهُ وَأَجَارَهُ من الْعَذَاب وَلَو كَانَت الْمَغْفِرَة لَهُم إِنَّمَا ينالون بهَا مُجَرّد النجَاة من الْعَذَاب كَانَ ذَلِك حَاصِلا بقوله ويجركم من عَذَاب اليم بل تَمام الْمَغْفِرَة دُخُول الْجنَّة والنجاة من النَّار فَكل من غفر الله لَهُ فَلَا بُد من دُخُوله الْجنَّة الثَّالِث قَوْله تَعَالَى فِي الْحور الْعين لم يطمثهن إنس قبلهم وَلَا جَان فَهَذَا يدل على ان مؤمني الْجِنّ والانس يدْخلُونَ الْجنَّة وَأَنه لم يسْبق من اُحْدُ مِنْهُم طمث لَاحَدَّ من الْحور فَدلَّ على ان مؤمنيهم يتأنى مِنْهُم طمث الْحور الْعين بعد الدُّخُول كَمَا يَتَأَتَّى من الانس وَلَو كَانُوا مِمَّن لَا يدْخل الْجنَّة لما حسن الاخبار عَنْهُم بذلك الرَّابِع قَوْله تَعَالَى فَإِن لم تَفعلُوا وَلنْ تَفعلُوا فَاتَّقُوا النَّار الَّتِي وقودها النَّاس وَالْحِجَارَة اعدت للْكَافِرِينَ وَبشر الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات ان لَهُم جنَّات تجْرِي من تحتهَا الانهار كلما رزقوا مِنْهَا من ثَمَرَة رزقا قَالُوا هَذَا الَّذِي رزقنا من قبل وَأتوا بِهِ متشابها وَلَهُم فِيهَا أَزوَاج مطهرة وهم فِيهَا خَالدُونَ وَالْجِنّ مِنْهُم مُؤمن وَمِنْهُم كَافِر كَمَا قَالَ صالحوهم وانا منا الْمُسلمُونَ وَمنا القاسطون فَكَمَا دخل كافرهم فِي الاية الثَّانِيَة وَجب ان يدْخل مؤمنهم فِي الاولى الْخَامِس قَوْله عَن صالحيهم فَمن اسْلَمْ فَأُولَئِك تحروا رشدا والرشد هُوَ الْهدى والفلاح وَهُوَ الَّذِي يهدى اليه الْقُرْآن وَمن لم يدْخل الْجنَّة لم ينل غَايَة الرشد بل لم يحصل لَهُ من الرشد الا مجردالعلم السَّادِس قَوْله تَعَالَى سابقوا الى مغْفرَة من ربكُم وجنة عرضهَا كعرض السَّمَاء والارض اعدت للَّذين آمنُوا بِاللَّه وَرُسُله ذَلِك فضل الله يؤتيه من يَشَاء وَالله ذُو الْفضل الْعَظِيم ومؤمنهم مِمَّن آمن بِاللَّه وَرُسُله فَيدْخل فِي المبشرين وَيسْتَحق الْبشَارَة السَّابِع قَوْله تَعَالَى وَالله يَدْعُو الى دَار السَّلَام وَيهْدِي من يَشَاء الى صِرَاط مُسْتَقِيم {عَم}

ص: 38

سُبْحَانَهُ بالدعوة وَخص بالهداية المفضية اليها فَمن هداه اليها فَهُوَ من دَعَاهُ اليها فَمن اهْتَدَى من الْجِنّ فَهُوَ من المدعوين اليها الثَّامِن قَوْله تَعَالَى وَيَوْم نحشرهم جَمِيعًا يَا معشر الْجِنّ قد استكثرتم من الانس وَقَالَ اولياؤهم من الانس رَبنَا استمتع بَعْضنَا بِبَعْض وبلغنا اجلنا الَّذِي اجلت لنا قَالَ النَّار مثواكم خَالِدين فِيهَا إِلَّا مَا شَاءَ الله ان رَبك حَكِيم عليم وَكَذَلِكَ نولي بعض الظَّالِمين بَعْضًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ يَا معشر الْجِنّ والانس الم ياتكم رسل مِنْكُم يقصون عَلَيْكُم آياتي وينذرونكم لِقَاء يومكم هَذَا قَالُوا شَهِدنَا على انفسنا وغرتهم الْحَيَاة الدُّنْيَا وشهدوا على انفسهم انهم كَانُوا كَافِرين ذَلِك ان لم يكن رَبك مهلك الْقرى بظُلْم واهلها غافلون وَلكُل دَرَجَات مِمَّا عمِلُوا وَهَذَا عَام فِي الْجِنّ والانس فاخبرهم تَعَالَى ان لكلهم دَرَجَات من عمله فَاقْتضى ان يكون لمحسنهم دَرَجَات من عمله كَمَا لمحسن الانس التَّاسِع قَوْله تَعَالَى إِن الَّذين قَالُوا رَبنَا الله ثمَّ استقاموا تتنزل عَلَيْهِم الْمَلَائِكَة ان لَا تخافوا ولاتحزنوا وَأَبْشِرُوا بِالْجنَّةِ الَّتِي كُنْتُم توعدون وقولوه تَعَالَى {إِن الَّذين قَالُوا رَبنَا الله ثمَّ استقاموا فَلَا خوف عَلَيْهِم وَلَا هم يَحْزَنُونَ أُولَئِكَ أَصْحَاب الْجنَّة خَالِدين فِيهَا جَزَاء بِمَا كَانُوا يعْملُونَ} وَوجه التَّمَسُّك بالاية من جوه ثَلَاثَة احدها عُمُوم الِاسْم الْمَوْصُول فِيهَا الثَّانِي ترتيبه الْجَزَاء المذكورعلى الْمَسْأَلَة ليدل على انه مُسْتَحقّ بهَا وَهُوَ قَول رَبنَا الله مَعَ الاسْتقَامَة وَالْحكم يعم بِعُمُوم علته فَإِذا كَانَ دُخُول الْجنَّة مُرَتبا على الاقرار بِاللَّه وربوبيته مَعَ الاسْتقَامَة على امْرَهْ فَمن اتى ذَلِك اسْتحق الْجَزَاء الثَّالِث انه قَالَ فَلَا خوف عَلَيْهِم وَلَا هم يَحْزَنُونَ اولئك اصحاب الْجنَّة خَالِدين فِيهَا جَزَاء بِمَا كانوايعملون فَدلَّ على ان كل من لَا خوف عَلَيْهِ وَلَا حزن فَهُوَ من اهل الْجنَّة وَقد تقدم فِي اول الايات قَوْله تَعَالَى فَمن اتبع هُدَايَ فَلَا خوف عَلَيْهِم وَلَا هم يَحْزَنُونَ وانه متناول لِلْفَرِيقَيْنِ ودلت هَذِه الاية على ان من لَا خوف عَلَيْهِ وَلَا حزن فَهُوَ من اهل الْجنَّة الْعَاشِر انه إِذا دخل مسيئهم النَّار بِعدْل الله فدخول محسنهم الْجنَّة بفضله وَرَحمته اولى فَإِن رَحمته سبقت غَضَبه وَالْفضل اغلب من الْعدْل وَلِهَذَا لَا يدْخل النَّار الا من عمل اعمال اهل النَّار واما الْجنَّة فيدخلها من لم يعْمل خيرا قطّ بل ينشيء لَهَا أَقْوَامًا يسكنهم إِيَّاهَا من غير عمل عملوه وَيرْفَع فِيهَا دَرَجَات العَبْد من غير سعي مِنْهُ بل بِمَا يصل اليه من دُعَاء الْمُؤمنِينَ وصلاتهم وصدقتهم وأعمال الْبر الَّتِي يهدونها اليه بِخِلَاف اهل النَّار فَإِنَّهُ لَا يعذب فِيهَا بِغَيْر عمل اصلا وَقد ثَبت بِنَصّ الْقُرْآن واجماع الامة ان مسيء الْجِنّ فِي النَّار بِعدْل الله وَبِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ فمحسنهم فِي الْجنَّة بِفضل الله بِمَا كَانُوا يعْملُونَ لَكِن قيل انهم يكونُونَ فِي ربض الْجنَّة يراهم اهل الْجنَّة وَلَا يرونهم كَمَا كَانُوا فِي الدُّنْيَا يرَوْنَ بني آدم من حَيْثُ لَا يرونهم وَمثل هَذَا لايعلم الا بتوقيف تَنْقَطِع الْحجَّة عِنْده فَإِن ثبتَتْ حجَّة يجب اتباعها وَإِلَّا فَهُوَ مِمَّا يحْكى ليعلم وَصِحَّته مَوْقُوفَة على الدَّلِيل وَالله أعلم

ص: 39