المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل ومن حكمته سبحانه ما منعهم من العلم علم الساعة ومعرفة آجالهم - مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط العلمية - جـ ١

[ابن القيم]

فهرس الكتاب

- ‌فصل وَلما اهبطه سُبْحَانَهُ من الْجنَّة وَعرضه وَذريته لانواع المحن وَالْبَلَاء

- ‌فصل وَهَذَانِ الضلالان اعني الضلال والشقاء يذكرهما سُبْحَانَهُ كثيرا فِي

- ‌فصل وَقَوله تَعَالَى فاما ياتينكم مني هدى هُوَ خطاب لمن اهبطه من الْجنَّة

- ‌فصل ومتابعة هدى الله الَّتِي رتب عَلَيْهَا هَذِه الامور هِيَ تَصْدِيق خَبره من

- ‌فصل وَالْقلب السَّلِيم الَّذِي ينجو من عَذَاب الله هُوَ الْقلب الَّذِي قد سلم

- ‌فصل وَهَذِه الْمُتَابَعَة هِيَ التِّلَاوَة الَّتِي اثنى الله على اهلها فِي قَوْله

- ‌فصل ثمَّ قَالَ تَعَالَى وَمن اعْرِض عَن ذكري فَإِن لَهُ معيشة ضنكا ونحشره

- ‌فصل وَقَوله تَعَالَى فَإِن لَهُ معيشة ضنكا فَسرهَا غير وَاحِد من السّلف بِعَذَاب

- ‌فصل وَقَوله تَعَالَى ونحشره يَوْم الْقِيَامَة أعمى قَالَ رب لم حشرتني اعمى

- ‌فصل وَالْمَقْصُود ان الله سبحانه وتعالى لما اقْتَضَت حكمته وَرَحمته إِخْرَاج

- ‌قَالَ الله تعال شهد الله انه لَا إِلَه إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَة واولو الْعلم قَائِما

- ‌فصل وَهَذَا الحَدِيث لَهُ طرق عديدة مِنْهَا مَا رَوَاهُ ابْن عدي عَن مُوسَى

- ‌فصل إِذا عرف هَذَا فالفكر هُوَ احضار معرفتين فِي الْقلب ليستثمر مِنْهُمَا

- ‌فصل وَإِذا تَأَمَّلت مَا دعى الله سُبْحَانَهُ فِي كِتَابه عباده الى الْفِكر فِيهِ

- ‌فصل فَارْجِع الان الى النُّطْفَة وَتَأمل حَالهَا اولا وَمَا صَارَت اليه ثَانِيًا

- ‌فصل وَالنَّظَر فِي هَذِه الايات وامثالها نَوْعَانِ نظر اليها بالبصر الظَّاهِر

- ‌فصل وَإِذا نظرت الى الارض وَكَيف خلقت رَأَيْتهَا من اعظم آيَات فاطرها

- ‌فصل وَمن آيَاته سُبْحَانَهُ تَعَالَى اللَّيْل وَالنَّهَار وهما من اعْجَبْ آيَاته

- ‌فصل وَمن آيَاته وعجائب مصنوعاته الْبحار المكتنفة لاقطار الارض الَّتِي هِيَ

- ‌فصل وَمن آيَاته سُبْحَانَهُ خلق الْحَيَوَان على اخْتِلَاف صِفَاته واجناسه

- ‌فصل تامل الْعبْرَة فِي مَوضِع هَذَا الْعَالم وتاليف أَجْزَائِهِ ونظمها على احسن

- ‌فصل فَتَأمل خلق السَّمَاء وارجع الْبَصَر فِيهَا كرة بعد كرة كَيفَ ترَاهَا من

- ‌فصل ثمَّ تَأمل حَال الشَّمْس وَالْقَمَر فِي طلوعهما وغروبهما لاقامة دَوْلَتِي

- ‌فصل ثمَّ تَأمل بعد ذَلِك احوال هَذِه الشَّمْس فِي انخفاضها وارتفاعها لاقامة

- ‌فصل ثمَّ تَأمل حَال الشَّمْس وَالْقَمَر وَمَا اودعاه من النُّور والاضاءة وَكَيف

- ‌فصل ثمَّ تَأمل الْحِكْمَة فِي طُلُوع الشَّمْس على الْعَالم كَيفَ قدره الْعَزِيز

- ‌فصل ثمَّ تَأمل الْحِكْمَة فِي مقادير اللَّيْل وَالنَّهَار تجدها على غَايَة

- ‌فصل ثمَّ تَأمل إنارة الْقَمَر وَالْكَوَاكِب فِي ظلمَة اللَّيْل وَالْحكمَة فِي ذَلِك

- ‌فصل ثمَّ تَأمل حكمته تبارك وتعالى فِي هَذِه النُّجُوم وَكَثْرَتهَا وَعَجِيب خلقهَا

- ‌فصل ثمَّ تَأمل اخْتِلَاف سير الْكَوَاكِب وَمَا فِيهِ من الْعَجَائِب كَيفَ تَجِد بَعْضهَا لَا

- ‌فصل ثمَّ تامل هَذَا الْفلك الدوار بشمسه وقمره ونجومه وبروجه وَكَيف يَدُور

- ‌فصل فسل الْمُعَطل الجاحد مَا تَقول فِي دولاب دائر على نهر قد احكمت

- ‌فصل ثمَّ تَأمل الممسك لِلسَّمَوَاتِ والارض الْحَافِظ لَهما ان تَزُولَا اَوْ تقعا

- ‌فصل ثمَّ تَأمل هَذِه الْحِكْمَة الْبَالِغَة فِي الْحر وَالْبرد وَقيام الْحَيَوَان

- ‌فصل ثمَّ تَأمل الْحِكْمَة فِي خلق النَّار على مَا هِيَ عَلَيْهِ من الكمون

- ‌فصل ثمَّ تَأمل حكمته تَعَالَى فِي كَونه خص بهَا الانسان دون غَيره من

- ‌فصل ثمَّ تامل هَذَا الْهَوَاء وَمَا فِيهِ من الْمصَالح فَإِنَّهُ حَيَاة هَذِه الابدان

- ‌فصل ثمَّ تَأمل خلق الارض على مَا هِيَ عَلَيْهِ حِين خلقهَا واقفة سَاكِنة

- ‌فصل ثمَّ تَأمل تَأمل الْحِكْمَة الْبَالِغَة فِي ان جعل مهب الشمَال عَلَيْهَا ارْفَعْ

- ‌فصل ثمَّ تَأمل الْحِكْمَة العجيبة فِي الْجبَال الَّذِي يحسبها الْجَاهِل الغافل

- ‌فصل وَلما اقْتَضَت حكمته تبارك وتعالى ان جعل من الارض السهل والوعر

- ‌فصل وَلما كَانَت الرِّيَاح تجول فِيهَا وَتدْخل فِي تجاويفها وتحدث فِيهَا

- ‌فصل ثمَّ تَأمل حِكْمَة الله عز وجل فِي عزة هذَيْن النَّقْدَيْنِ الذَّهَب وَالْفِضَّة

- ‌فصل وَتَأمل الْحِكْمَة البديعة فِي تيسيره سُبْحَانَهُ على عباده مَا هم احوج

- ‌فصل وَمن ذَلِك سَعَة الارض وامتدادها وَلَوْلَا ذَلِك لضاقت عَن مسَاكِن الانس

- ‌فصل ثمَّ تَأمل الْحِكْمَة الْبَالِغَة فِي نزُول الْمَطَر على الارض من علو ليعم

- ‌فصل ثمَّ تَأمل الْحِكْمَة البا لُغَة فِي إنزاله بِقدر الْحَاجة حَتَّى إِذا اخذت

- ‌فصل ثمَّ تَأمل الْحِكْمَة الالهية فِي اخراج الاقوات وَالثِّمَار والحبوب

- ‌فصل ثمَّ تَأمل إِذا نصبت خيمة اَوْ فسطاطا كَيفَ تمده من كل جَانب

- ‌فصل ثمَّ تَأمل الْحِكْمَة فِي خلق الْوَرق فَإنَّك ترى فِي الورقة الْوَاحِدَة من جملَة

- ‌فصل ثمَّ تَأمل حِكْمَة اللَّطِيف الْخَبِير فِي كَونهَا جعلت زِينَة للشجر وسترا

- ‌فصل ثمَّ تَأمل حكمته سُبْحَانَهُ فِي إبداع الْعَجم والنوى فِي جَوف الثَّمَرَة وَمَا

- ‌فصل ثمَّ تَأمل خلقه الرُّمَّان وماذا فِيهِ من الحكم والعجائب فَإنَّك ترى دَاخل

- ‌فصل ثمَّ تَأمل هَذَا الرّيع والنماء الَّذِي وَضعه الله فِي الزَّرْع حَتَّى صَارَت

- ‌فصل ثمَّ تَأمل الْحِكْمَة فِي الْحُبُوب كالبر وَالشعِير وَنَحْوهمَا كَيفَ يخرج الْحبّ

- ‌فصل ثمَّ تَأمل الْحِكْمَة الباهرة فِي هَذِه الاشجار كَيفَ ترَاهَا فِي كل عَام

- ‌فصل ثمَّ تَأمل الْحِكْمَة فِي شَجَرَة اليقطين والبطيخ والجزر كَيفَ لما اقْتَضَت

- ‌فصل ثمَّ تَأمل هَذِه النَّخْلَة الَّتِي هِيَ احدى آيَات الله تَجِد فِيهَا من

- ‌فصل ثمَّ تَأمل احوال هَذِه العقاقير والادوية الَّتِي يُخرجهَا الله من

- ‌فصل ثمَّ تَأمل الْحِكْمَة الْبَالِغَة فِي اعطائه سُبْحَانَهُ بَهِيمَة الانعام

- ‌فصل ثمَّ تَأمل الْحِكْمَة فِي خلق الات الْبَطْش فِي الْحَيَوَانَات من الانسان

- ‌فصل ثمَّ تَأمل الْحِكْمَة فِي خلقَة الْحَيَوَان الَّذِي يَأْكُل اللَّحْم من الْبَهَائِم

- ‌فصل ثمَّ تَأمل اولا ذَوَات الاربع من الْحَيَوَان كَيفَ ترَاهَا تتبع امهاتها

- ‌فصل ثمَّ تَأمل الْحِكْمَة الْبَالِغَة فِي قَوَائِم الْحَيَوَان كَيفَ اقْتَضَت ان يكون

- ‌فصل ثمَّ تَأمل الْحِكْمَة الْبَالِغَة فِي ان جعل ظُهُور الدَّوَابّ مبسوطة كَأَنَّهَا

- ‌فصل ثمَّ تَأمل الْحِكْمَة فِي كَون فرج الدَّابَّة جعل بارزا من وَرَائِهَا ليتَمَكَّن

- ‌فصل ثمَّ تَأمل كَيفَ كُسِيت اجسام الْحَيَوَان البهيمي هَذِه الْكسْوَة من الشّعْر

- ‌فصل ثمَّ تَأمل حِكْمَة عَجِيبَة جعلت للبهائم والوحوش وَالسِّبَاع وَالدَّوَاب على

- ‌فصل ثمَّ تَأمل الْحِكْمَة الباهرة فِي وَجه الدَّابَّة كَيفَ هُوَ فانك ترى الْعَينَيْنِ

- ‌فصل ثمَّ تَأمل شفر الْفِيل وَمَا فِيهِ من الحكم الباهرة فَإِنَّهُ يقوم لَهُ

- ‌فصل ثمَّ تَأمل خلق الزرافة وَاخْتِلَاف اعضائهم وَشبههَا باعضاء جَمِيع

- ‌فصل ثمَّ تَأمل هَذِه النملة الضعيفة وَمَا اعطيته من الفطنة اَوْ لحيلة فِي

- ‌فصل وَمن عَجِيب الفطنة فِي الْحَيَوَان ان الثَّعْلَب إِذا اعوزه الطَّعَام وَلم

- ‌فصل ثمَّ تَأمل جسم الطَّائِر وخلقته فَإِنَّهُ حِين قدر بَان يكون طائرا فِي

- ‌فصل ثمَّ تَأمل خلقَة الْبَيْضَة وَمَا فِيهَا من المخ الاصفر الخاثر وَالْمَاء

- ‌فصل وَتَأمل الْحِكْمَة فِي حوصلة الطَّائِر وَمَا قدرت لَهُ فَإِن فِي مَسْلَك الطَّعَام

- ‌فصل ثمَّ تَأمل هَذِه الالوان والاصباغ والوشى الَّتِي ترَاهَا فِي كثير من

- ‌فصل تَأمل هَذَا الطَّائِر الطَّوِيل السَّاقَيْن وَأعرف الْمَنْفَعَة فِي طول سَاقيه

- ‌فصل ثمَّ تَأمل احوال النَّحْل وَمَا فِيهَا من العبر والايات فَانْظُر اليها

- ‌فصل وَمن اعْجَبْ امرها مَالا يَهْتَدِي لَهُ اكثر النَّاس ولايعرفونه وَهُوَ

- ‌فصل ثمَّ تَأمل الْعبْرَة الَّتِي ذكرهَا الله عز وجل فِي الانعام وَمَا سقانا

- ‌فصل ثمَّ تَأمل الْعبْرَة فِي السّمك وَكَيْفِيَّة خلقته وَأَنه خلق غير ذِي قَوَائِم

- ‌فصل فاعد الان النّظر فِيك وَفِي نَفسك مرّة ثَانِيَة من الَّذِي دبرك بالطف

- ‌فصل فَانْظُر كَيفَ جعلت آلَات الْجِمَاع فِي الذّكر والانثى جَمِيعًا على وفْق

- ‌فصل فَارْجِع الان الى نَفسك وَكرر النّظر فِيك فَهُوَ يَكْفِيك وَتَأمل اعضاءك

- ‌فصل فاعد النّظر فِي نَفسك وَتَأمل حِكْمَة اللَّطِيف الْخَبِير فِي تركيب الْبدن

- ‌فصل قَالَ الله تَعَالَى وَلَقَد كرمنا بني آدم وحملناهم فِي الْبر وَالْبَحْر

- ‌فصل فاعد النّظر فِي نَفسك وَحِكْمَة الخلاق الْعَلِيم فِي خلقك وَانْظُر الى

- ‌فصل ثمَّ اعينت هَذِه الْحَواس بمخلوقات اخر مُنْفَصِلَة عَنْهَا تكون وَاسِطَة فِي

- ‌فصل ثمَّ تَأمل حَال من عدم الْبَصَر وَمَا يَنَالهُ من الْخلَل فِي أُمُوره فَإِنَّهُ

- ‌فصل وَأما من عدم البيانين بَيَان الْقلب وَبَيَان اللِّسَان فَذَلِك بِمَنْزِلَة

- ‌فصل ثمَّ تَأمل حكمته فِي الاعضاء الَّتِي خلقت فِيك آحادا ومثنى وَثَلَاث

- ‌فصل من ايْنَ للطبيعة هَذَا الِاخْتِلَاف وَالْفرق الْحَاصِل فِي النَّوْع الانسان

- ‌فصل ثمَّ تَأمل لم صَارَت الْمَرْأَة وَالرجل إِذا ادركا اشْتَركَا فِي نَبَات

- ‌فصل ثمَّ تَأمل هَذَا الصَّوْت الْخَارِج من الْحلق وتهيئة آلاته وَالْكَلَام

- ‌فصل وَفِي هَذِه الالات مآرب اخرى وَمَنَافع سوى مَنْفَعَة الْكَلَام فَفِي الحنجرة

- ‌فصل وَمن جعل فِي الْحلق منفذين احدهما للصوت وَالنَّفس الْوَاصِل الى الرئة

- ‌فصل ثمَّ تَأمل حِكْمَة الله تَعَالَى فِي كَثْرَة بكاء الاطفال وَمَا لَهُم فِيهِ

- ‌فصل وَكَذَلِكَ اعطاهم من الْعُلُوم الْمُتَعَلّقَة بصلاح معاشهم ودنياهم بِقدر

- ‌فصل وَمن حكمته سُبْحَانَهُ مَا مَنعهم من الْعلم علم السَّاعَة وَمَعْرِفَة آجالهم

- ‌فصل وَمِنْهَا انه سُبْحَانَهُ يجب ان يتفضل عَلَيْهِم وَيتم عَلَيْهِم نعمه وَيُرِيهمْ

- ‌فصل وَمِنْهَا انه سُبْحَانَهُ لَهُ الاسماء الْحسنى وَلكُل اسْم من اسمائه اثر من

- ‌فصل وَمِنْه انه سُبْحَانَهُ يعرف عباده عزه فِي قَضَائِهِ وَقدره ونفوذ مَشِيئَته

- ‌فصل وَمِنْهَا انه يعرف العَبْد حَاجته إِلَى حفظه لَهُ ومعونته وصيانته وانه

- ‌فصل وَمِنْهَا انه سُبْحَانَهُ يستجلب من عَبده بذلك مَا هُوَ من اعظم أَسبَاب

- ‌فصل وَمِنْهَا انه سُبْحَانَهُ يسْتَخْرج بذلك من عَبده تَمام عبوديته فَإِن تَمام

- ‌فصل وَمِنْهَا ان العَبْد يعرف حَقِيقَة نَفسه وَأَنَّهَا الظالمة وان مَا صدر مِنْهَا

- ‌فصل وَمِنْهَا تَعْرِيفه سُبْحَانَهُ عَبده سَعَة حلمه وَكَرمه فِي ستره عَلَيْهِ وَأَنه لَو

- ‌فصل وَمِنْهَا تَعْرِيفه عَبده انه لَا سَبِيل لَهُ إِلَى النجَاة إِلَّا بعفوه ومغفرته

- ‌فصل وَمِنْهَا تَعْرِيفه عَبده كرمه سُبْحَانَهُ فِي قبُول تَوْبَته ومغفرته لَهُ على

- ‌فصل وَمِنْهَا إِقَامَة حجَّة عدله على عَبده ليعلم العَبْد ان لله عَلَيْهِ الْحجَّة

- ‌فصل وَمِنْهَا ان يُعَامل العَبْد بني جنسه فِي إسائتهم اليه وزلاتهم مَعَه

- ‌فصل وَمِنْهَا انه إِذا عرف هَذَا فاحسن الى من اساء اليه وَلم يُقَابله

- ‌فصل وَمِنْهَا ان يخلع صولة الطَّاعَة من قلبه وَينْزع عَنهُ رِدَاء الْكبر

- ‌فصل وَمِنْهَا ان لله عز وجل على الْقُلُوب انواعا من الْعُبُودِيَّة من الخشية

- ‌فصل وَمِنْهَا انه يعرف العَبْد مِقْدَار نعْمَة معافاته وفضله فِي توفيقه لَهُ

- ‌فصل وَمِنْهَا ان التَّوْبَة توجب للتائب آثارا عَجِيبَة من المقامات الَّتِي لَا

- ‌فصل وَمِنْهَا ان الله سُبْحَانَهُ يُحِبهُ ويفرح بتوبته اعظم فَرح وَقد تقرر ان

- ‌فصل وَمِنْهَا انه إِذا شهد ذنُوبه ومعاصيه وتفريطه فِي حق ربه استكثر

- ‌فصل وَمِنْهَا ان الذَّنب يُوجب لصَاحبه التقيظ والتحرز من مصائد عدوه

- ‌فصل وَمِنْهَا ان الْقلب يكون ذاهلا عَن عدوه معرضًا عَنهُ مشتغلا بِبَعْض

- ‌فصل وَمِنْهَا ان مثل هَذَا يصير كالطبيب ينْتَفع بِهِ المرضى فِي علاجهم

- ‌فصل وَمِنْهَا انه سُبْحَانَهُ يُذِيق عَبده الم الْحجاب عَنهُ وَالْعَبْد وَزَوَال ذَلِك

- ‌فصل وَمِنْهَا ان الْحِكْمَة الالهية اقْتَضَت تركيب الشَّهْوَة وَالْغَضَب فِي الانسان

- ‌فصل وَمِنْهَا ان الله سُبْحَانَهُ إِذا أَرَادَ بِعَبْدِهِ خيرا انساه رُؤْيَة طاعاته

- ‌فصل وَمِنْهَا ان شُهُود العَبْد ذنُوبه وخطاياه مُوجب لَهُ ان لَا يرى لنَفسِهِ

- ‌فصل وَمِنْهَا انه وَيُوجب لَهُ الامساك عَن عُيُوب النَّاس والفكر فِيهَا فَإِنَّهُ فِي

- ‌فصل وَمِنْهَا انه إِذا شهدنفسه مَعَ ربه مسيئا خاطئا مفرطا مَعَ فرط إِحْسَان

- ‌فصل وَإِذا تَأَمَّلت حكمته سُبْحَانَهُ فِيمَا ابتلى بِهِ عباده وصفوته بِمَا ساقهم

- ‌فصل ثمَّ تَأمل حَال الكليم مُوسَى عليه السلام وَمَا آلت اليه محنته

- ‌فصل فَإِذا جِئْت الى النَّبِي وتأملت سيرته مَعَ قومه وَصَبره فِي الله

- ‌فصل وَإِذا تَأَمَّلت الْحِكْمَة الباهرة فِي هَذَا الدّين القويم وَالْملَّة

- ‌فصل وبصائر النَّاس فِي هَذَا النُّور الباهر تَنْقَسِم الى ثَلَاثَة اقسام احدها

- ‌فصل قد شهِدت الْفطر والعقول بِأَن للْعَالم رَبًّا قَادِرًا حَلِيمًا عليما رحِيما

الفصل: ‌فصل ومن حكمته سبحانه ما منعهم من العلم علم الساعة ومعرفة آجالهم

وضروب الْمحَال وفنون الوساوس والهوى والهوس والخبط وهم يحسبون انهم على شَيْء إِلَّا انهم هم الْكَاذِبُونَ فَالْحَمْد لله الَّذِي من على الْمُؤمنِينَ {إِذْ بعث فيهم رَسُولا من أنفسهم يَتْلُو عَلَيْهِم آيَاته ويزكيهم وَيُعلمهُم الْكتاب وَالْحكمَة وَإِن كَانُوا من قبل لفي ضلال مُبين}

‌فصل وَمن حكمته سُبْحَانَهُ مَا مَنعهم من الْعلم علم السَّاعَة وَمَعْرِفَة آجالهم

وَفِي ذَلِك من الْحِكْمَة الْبَالِغَة مَالا يحْتَاج الى نظر فَلَو عرف الانسان مِقْدَار عمره فَإِن كَانَ قصير الْعُمر لميتهنأ بالعيش وَكَيف يتهنأ بِهِ وَهُوَ يترقب الْمَوْت فِي ذَلِك الْوَقْت فلولا طول الامل لخربت الدُّنْيَا وأنما عمارتها بالامال وَإِن كَانَ طَوِيل الْعُمر وَقد تحقق ذَلِك فَهُوَ واثق بِالْبَقَاءِ فَلَا يُبَالِي بالانهماك فِي الشَّهَوَات والمعاصي وأنواع الْفساد وَيَقُول إِذا قرب الْوَقْت احدثت تَوْبَة وَهَذَا مَذْهَب لَا يرتضيه الله تَعَالَى عز وجل من عباده وَلَا يقبله مِنْهُم وَلَا تصلح عَلَيْهِ احوال الْعَالم وَلَا يصلح الْعَالم إِلَّا على هَذَا الَّذِي اقتضته حكمته وَسبق فِي علمه فَلَو ان عبدا من عبيدك عمل على ان يستحضك اعواما ثمَّ يرضيك سَاعَة وَاحِدَة إِذا تَيَقّن انه صائر اليك لم تقبل مِنْهُ وَلم يفز لديك بِمَا يفوز بِهِ من همه رضاك وَكَذَا سنة الله عز وجل ان العَبْد إِذا عاين الِانْتِقَال الى الله تَعَالَى لم يَنْفَعهُ تَوْبَة وَلَا اقلاع قَالَ تَعَالَى {وَلَيْسَت التَّوْبَة للَّذين يعْملُونَ السَّيِّئَات حَتَّى إِذا حضر أحدهم الْمَوْت قَالَ إِنِّي تبت الْآن} وَقَوله فَلَمَّا رَأَوْا بأسنا قَالُوا آمنا بِاللَّه وَحده وكفرنا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكين فَلم يَك يَنْفَعهُمْ إِيمَانهم لما رَأَوْا باسنا سنة الله الَّتِي خلت فِي عباده وَالله تَعَالَى إِنَّمَا يغْفر للْعَبد إِذا كَانَ وُقُوع الذَّنب مِنْهُ على وَجه غَلَبَة الشَّهْوَة وَقُوَّة الطبيعة فيواقع الذَّنب مَعَ كَرَاهَته لَهُ من غير إِصْرَار فِي نَفسه فَهَذَا ترجى لَهُ مغْفرَة الله وصفحه وعفوه لعلمه تَعَالَى بضفعه وَغَلَبَة شَهْوَته لَهُ وَأَنه يرى كل وَقت مَالا صَبر لَهُ عَلَيْهِ فَهُوَ إِذا وَاقع الذَّنب واقعه مواقعة ذليل خاضع لرَبه خَائِف مختلج فِي صَدره شَهْوَة النَّفس الذَّنب وَكَرَاهَة الايمان لَهُ فَهُوَ يُجيب دَاعِي النَّفس تاره وداعي الايمان تارات فاما من بنى امْرَهْ على ان لَا يقف عَن ذَنْب وَلَا يقدم خوفًا وَلَا يدع لله شَهْوَة وَهُوَ فَرح مسرور يضْحك ظهرا لبطن إِذْ ظفر بالذنب فَهَذَا الَّذِي يخَاف عَلَيْهِ ان يُحَال بَينه وَبَين التَّوْبَة وَلَا يوفق لَهَا فَإِنَّهُ من مَعَاصيه وقبائحه على نقد عَاجل يتقاضاه سلفا وتعجيلا وَمن تَوْبَته وإيابه ورجوعه إِلَى الله على دين مُؤَجل الى انْقِضَاء الاجل وَإِنَّمَا كَانَ هَذَا الضَّرْب من النَّاس يُحَال بَينهم وَبَين التَّوْبَة غَالِبا لَان النُّزُوع عَن اللَّذَّات والشهوات الى مُخَالفَة الطَّبْع وَالنَّفس والاستمرار على ذَلِك شَدِيد على النَّفس صَعب عَلَيْهَا اثقل من الْجبَال وَلَا سِيمَا إِذا انضاف إِلَى ذَلِك ضعف البصيرة وَقلة النَّصِيب من الايمان فنفسه لَا تطوع لَهُ ان يَبِيع نَقْدا بنسيئة وَلَا عَاجلا بآجل كَمَا قَالَ بعض هَؤُلَاءِ وَقد سُئِلَ ايما احب اليك دِرْهَم الْيَوْم اَوْ دِينَار غَدا فَقَالَ لَا هَذَا وَلَا هَذَا وَلَكِن ربع دِرْهَم من اول امس فَحَرَام على هَؤُلَاءِ ان يوفقوا للتَّوْبَة إِلَّا ان يَشَاء الله فَإِذا بلغ

ص: 283

العَبْد حد الْكبر وضعفت بصيرته ووهت قواه وَقد اوجبت لَهُ تِلْكَ الاعمال قُوَّة فِي غيه وضعفا فِي إيمَانه صَارَت كالملكة لَهُ بِحَيْثُ لَا يتَمَكَّن من تَركهَا فَإِن كَثْرَة المزاولات تُعْطى الملكات فَتبقى للنَّفس هَيْئَة راسخة وملكة ثَابِتَة فِي الغي والمعاصي وَكلما صدر عَنهُ وَاحِد مِنْهَا اثرا أثرا زَائِدا على اثر مَا قبله فيقوى الاثران وهلم جرا فيهجم عَلَيْهِ الضعْف وَالْكبر ووهن الْقُوَّة على هَذِه الْحَال فَينْتَقل الى الله بِنَجَاسَتِهِ واوساخه وادرانه لم يتَطَهَّر للقدوم على الله فَمَا ظَنّه بربه وَلَو انه تَابَ وأناب وَقت الْقُدْرَة والامكان لقبلت تَوْبَته ومحيت سيئاته وَلَكِن حيل بَينهم وَبَين مَا يشتهون وَلَا شَيْء اشهى لمن انْتقل الى الله على هَذِه الْحَال من التَّوْبَة وَلَكِن فرط فِي أَدَاء الدّين حَتَّى نفذ المَال وَلَو أَدَّاهُ وَقت الامكان لقبله ربه وَسَيعْلَمُ المسرف والمفرط أَي ديان ادان وَأي غَرِيم بتقاضاه وَيَوْم يكون الْوَفَاء من الْحَسَنَات فَإِن فنيت فَيحمل السَّيِّئَات فَبَان ان من حِكْمَة الله ونعمه على عباده ان ستر عَنْهُم مقادير آجالهم ومبلغ اعمارهم فَلَا يزَال الْكيس يترقب الْمَوْت وَقد وَضعه بَين عَيْنَيْهِ فينكف عَمَّا يضرّهُ فِي معاده ويجتهد فِيمَا يَنْفَعهُ وَيسر بِهِ عِنْد الْقدوم فَإِن قلت فها هُوَ مَعَ كَونه قد غيب عَنهُ مِقْدَار اجله وَهُوَ يترقب الْمَوْت فِي كل سَاعَة وَمَعَ ذَلِك يقارف الْفَوَاحِش وينتهك الْمَحَارِم فَأَي فَائِدَة وَحِكْمَة حصلت بستر اجله عَنهُ قيل لعمر الله ان الامر كَذَلِك وَهُوَ الْموضع الَّذِي حير الالباب والعقلاء وافترق النَّاس لاجله فرقا شَتَّى ففرقة انكرت الْحِكْمَة وتعليل افعال الرب جملَة وَقَالُوا بالجبر الْمَحْض وسدوا على انفسهم الْبَاب وَقَالُوا لَا تعلل افعال الرب تَعَالَى ولاهي مَقْصُود بهَا مصَالح الْعباد وَإِنَّمَا مصدرها مَحْض الْمَشِيئَة وَصرف الارادة فأنكروا حِكْمَة الله فِي امْرَهْ وَنَهْيه وَفرْقَة نفت لاجله الْقدر جملَة وَزَعَمُوا ان أَفعَال الْعباد غير مخلوقة لله حَتَّى يطْلب لَهَا وُجُوه الْحِكْمَة وَإِنَّمَا هِيَ خلقهمْ وابداعهم فَهِيَ وَاقعَة بِحَسب جهلهم وظلمهم وضعفهم فَلَا يَقع على السداد وَالصَّوَاب الا اقل الْقَلِيل مِنْهَا فهاتان الطائفتان متقابلتان اعظم تقَابل فَالْأولى غلت فِي الْجَبْر وانكار الحكم الْمَقْصُودَة فِي أَفعَال الله وَالثَّانيَِة غلت فِي الْقدر واخرجت كثيرا من الْحَوَادِث بل اكثرها عَن ملك الرب وَقدرته وَهدى الله اهل السّنة الْوسط لما اخْتلفُوا فِيهِ من الْحق باذنه فأثبتوا لله عز وجل عُمُوم الْقُدْرَة والمشيئة وَأَنه تَعَالَى ان يكون فِي مسلكه مَالا يَشَاء اَوْ يَشَاء مَالا يكون وَأَن اهل سمواته وارضه اعجز واضعف من ان يخلقوا مَالا يخلقه الله اَوْ يحدثوا مَالا يَشَاء بل مَا شَاءَ الله كَانَ وَوجد وجوده بمشيئته وَمَا لم يَشَأْ لم يكن وَامْتنع وجوده لعدم الْمَشِيئَة لَهُ وانه لَا حول وَلَا قُوَّة الا بِهِ وَلَا تتحرك فِي الْعَالم الْعلوِي والسفلي ذرة الا بِإِذْنِهِ وَمَعَ ذَلِك فَلهُ فِي كل مَا خلق وَقضى وَقدر وَشرع من الحكم الْبَالِغَة والعواقب الحميدة مَا اقْتَضَاهُ كَمَال حكمته وَعلمه وَهُوَ الْعَلِيم الْحَكِيم فَمَا خلق شَيْئا وَلَا قَضَاهُ وَلَا شَرعه الا لحكمة بَالِغَة وان تقاصرت عَنْهَا عقول الْبشر فَهُوَ الْحَكِيم الْقَدِير فَلَا تجحد حكمته كمالا تجحد قدرته

ص: 284

والطائفة الاولى جحدت الْحِكْمَة وَالثَّانيَِة جحدت الْقُدْرَة والامة الْوسط اثبتت لَهُ كَمَال الْحِكْمَة وَكَمَال الْقُدْرَة فالفرقة الاولى تشهد فِي الْمعْصِيَة مُجَرّد الْمَشِيئَة والخلق العاري عَن الْحِكْمَة وَرُبمَا شهِدت الْجَبْر وَأَن حركاتهم بِمَنْزِلَة حركات الاشجار وَنَحْوهَا والفرقة الثَّانِيَة تشهد فِي الْمعْصِيَة مُجَرّد كَونهَا فاعلة محدثة مختارة هِيَ الَّتِي شَاءَت ذَلِك بِدُونِ مَشِيئَة الله والامة الْوسط تشهد عز الربوبية وقهر الْمَشِيئَة ونفوذها فِي كل شَيْء وَتشهد مَعَ ذَلِك فعلهَا وكسبها واختيارها وايثارها شهواتها على مرضات رَبهَا فَيُوجب الشُّهُود الاول لَهَا سُؤال رَبهَا والتذلل والتضرع لَهُ ان يوفقها لطاعته ويحول بَينهَا وَبَين مَعْصِيَته وان يثبتها على دينه ويعصمها بطواعيته وَيُوجب الشُّهُود الثَّانِي لَهَا اعترافها بالذنب وإقرارها بِهِ على نَفسهَا وَأَنَّهَا هِيَ الظالمة الْمُسْتَحقَّة للعقوبة وتنزيه رَبهَا عَن الظُّلم وان يعذبها بِغَيْر اسْتِحْقَاق مِنْهَا اَوْ يعذبها على مَا لم تعمله فيجتمع لَهَا من الشهودين شُهُود التَّوْحِيد وَالشَّرْع وَالْعدْل وَالْحكمَة وَقد ذكرنَا فِي الفتوحات القدسية مشَاهد الْخلق فِي مواقعة الذَّنب وانها تَنْتَهِي الى ثَمَانِيَة مشَاهد احدها المشهد الحيواني البهيمي الَّذِي شُهُود صَاحبه مَقْصُور على شهوات لذته بِهِ فَقَط وَهُوَ فِي هَذَا المشهد مشارك لجَمِيع الْحَيَوَانَات وَرُبمَا يزِيد عَلَيْهَا فِي اللَّذَّة وَكَثْرَة التَّمَتُّع وَالثَّانِي مشْهد الْجَبْر وان الْفَاعِل فِيهِ سواهُ والمحرك لَهُ غَيره وَلَا ذَنْب لَهُ هُوَ وَهَذَا مشْهد الْمُشْركين واعداء الرُّسُل الثَّالِث مشْهد الْقدر وَهُوَ انه هُوَ الْخَالِق لفعله الْمُحدث لَهُ بِدُونِ مَشِيئَة الله وخلقه وَهَذَا مشْهد الْقَدَرِيَّة الْمَجُوسِيَّة الرَّابِع مشْهد اهل الْعلم والايمان وَهُوَ مشْهد الْقدر وَالشَّرْع يشْهد فعله وَقَضَاء الله وَقدره كَمَا تقدم الْخَامِس مشْهد الْفقر والفاقة وَالْعجز والضعف وانه إِن لم يعنه الله ويثبته ويوفقه فَهُوَ هَالك وَالْفرق بَين مشْهد هَذَا ومشهد الجبرية ظَاهر السَّادِس مشْهد التَّوْحِيد وَهُوَ الَّذِي يشْهد فِيهِ إنفراد الله عز وجل بالخلق والابداع ونفوذ الْمَشِيئَة وان الْخلق اعجز من ان يعصوه بِغَيْر مَشِيئَته وَالْفرق بَين هَذَا المشهد وَبَين المشهد الْخَامِس ان صَاحبه شَاهد لكَمَال فقره وَضَعفه وَحَاجته وَهَذَا شَاهد لِتَفَرُّد الله بالخلق والابداع وَأَنه لَا حول وَلَا قُوَّة الا بِهِ السَّابِع مشْهد الْحِكْمَة وَهُوَ ان يشْهد حِكْمَة الله عز وجل فِي قَضَائِهِ وتخليته بَين العَبْد والذنب وَللَّه فِي ذَلِك حكم تعجز الْعُقُول عَن الاحاطة بهَا وَذكرنَا مِنْهَا فِي ذَلِك الْكتاب قَرِيبا من اربعين حِكْمَة وَقد تقدم فِي اول هَذَا الْكتاب التَّنْبِيه على بَعْضهَا الثَّامِن مشْهد الاسماء وَالصِّفَات وَهُوَ ان يشْهد ارتباط الْخلق والامر وَالْقَضَاء وَالْقدر بأسمائه تَعَالَى وَصِفَاته وان ذَلِك مُوجبهَا ومقتضاها فأسماؤه الْحسنى اقْتَضَت مَا اقتضته من التَّخْلِيَة بَين العَبْد وَبَين الذَّنب فَإِنَّهُ الْغفار التواب الْعَفو الْحَلِيم وَهَذِه اسماء تطلب آثارها وموجباتها وَلَا بُد فَلَو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بِقوم يذنبون فيستغفرون فَيغْفر لَهُم وَهَذَا المشهد وَالَّذِي قبله اجل هَذِه الْمشَاهد واشرفها وارفعها قدرا

ص: 285

وهما لخواص الْخَلِيفَة فَتَأمل بعد مَا بَينهمَا وَبَين المشهد الاول وَهَذَانِ المشهدان يطرحان العَبْد على بَاب الْمحبَّة ويفتحان لَهُ من المعارف والعلوم امورا لَا يعبر عَنْهَا وَهَذَا بَاب عَظِيم من ابواب الْمعرفَة قل من استفتحه من النَّاس وَهُوَ شُهُود الْحِكْمَة الْبَالِغَة فِي قَضَاء السَّيِّئَات وَتَقْدِير الْمعاصِي وَإِنَّمَا استفتح النَّاس بَاب الحكم فِي الاوامر والنواهي وخاضوا فِيهَا واتوا بِمَا وصلت اليه علومهم واستفتحوا ايضا بَابهَا فِي الْمَخْلُوقَات كَمَا قدمْنَاهُ وَأتوا فِيهِ بِمَا وصلت اليه قواهم واما هَذَا الْبَاب فَكَمَا رَأَيْت كَلَامهم فِيهِ فَقل ان ترى لاحدهم فِيهِ مَا يشفى اَوْ يلموكيف يطلع على حِكْمَة هَذَا الْبَاب من عِنْده ان اعمال الْعباد لَيست مخلوقة لله وَلَا دَاخِلَة تَحت مَشِيئَته اصلا وَكَيف يتطلب لَهَا حِكْمَة اَوْ يثبتها ام كَيفَ يطلع عَلَيْهَا من يَقُول هِيَ خلق الله وَلَكِن افعاله غير معللة بالحكم وَلَا يدخلهَا لَام تَعْلِيل اصلا وَإِن جَاءَ شَيْء من ذَلِك صرف الى لَام الْعَاقِبَة لَا الى لَام الْعلَّة والغاية فَأَما إِذا جَاءَت الْبَاء فِي افعاله صرفت الى بَاء المصاحبة لَا الى بَاء السَّبَبِيَّة وَإِذا كَانَ المتكلمون عِنْد النَّاس هم هَؤُلَاءِ الطائفتان فَإِنَّهُم لَا يرَوْنَ الْحق خَارِجا عَنْهُمَا ثمَّ كثير من الْفُضَلَاء يتحير إِذا رأى بعض اقوالهم الْفَاسِدَة وَلَا يدرى أَيْن يذهب وَلما عربت كتب الفلاسفة صَار كثير من النَّاس إِذا رأى اقوال الْمُتَكَلِّمين الضعيفة وَقد قَالُوا إِن هَذَا هُوَ الَّذِي جَاءَ بِهِ الرَّسُول قطع القنطرة وعدي الى ذَلِك الْبر وكل ذَلِك من الْجَهْل الْقَبِيح وَالظَّن الْفَاسِد ان الْحق لَا يخرج عَن اقوالهم فَمَا اكثر خُرُوج الْحق عَن اقوالهم وَمَا اكثر مَا يذهبون فِي الْمسَائِل الَّتِي هِيَ حق وصواب الى خلاف الصَّوَاب وَالْمَقْصُود ان الْمُتَكَلِّمين لَو اجْمَعُوا على شَيْء لم يكن اجماعهم حجَّة عِنْد اُحْدُ من الْعلمَاء فَكيف إِذا اخْتلفُوا وَالْمَقْصُود ان مُشَاهدَة حِكْمَة الله فِي اقضيته واقداره الَّتِي يجربها على عباده باختياراتهم وإراداتهم هِيَ من الطف مَا تكلم فِيهِ النَّاس وأدقه واغمضه وَفِي ذَلِك حكم لَا يعلمهَا إِلَّا الْحَكِيم الْعَلِيم سُبْحَانَهُ وَنحن نشِير الى بَعْضهَا فَمِنْهَا أَنه سُبْحَانَهُ يحب التوابين حَتَّى انه من محبته لَهُم يفرح بتوبة احدهم اعظم من فَرح الْوَاحِد براحلته الَّتِي عَلَيْهَا طَعَامه وَشَرَابه فِي الارض الدوية الْمهْلكَة إِذا فقدها وايس مِنْهَا وَلَيْسَ فِي أَنْوَاع الْفَرح أكمل وَلَا اعظم من هَذَا الْفَرح كَمَا سنوضح ذَلِك ونزيده تقريرا عَن قريب إِن شَاءَ الله وَلَوْلَا الْمحبَّة التَّامَّة للتَّوْبَة ولأهلها لم يحصل هَذَا الْفَرح وَمن الْمَعْلُوم ان وجود الْمُسَبّب بِدُونِ سَببه مُمْتَنع وَهل يُوجد ملزوم بِدُونِ لَازمه اَوْ غَايَة بِدُونِ وسيلتها وَهَذَا معنى قَول بعض العارفين وَلَو لم تكن التَّوْبَة احب الاشياء اليه لما ابتلى بالذنب اكرم الْمَخْلُوقَات عَلَيْهِ فالتوبة هِيَ غَايَة كَمَال كل آدَمِيّ وَإِنَّمَا كَانَ كَمَال ابيهم بهَا فكم بَين حَالَة وَقد قيل لَهُ إِن لَك أَلا تجوع فِيهَا وَلَا تعرى وَإنَّك لَا تظمأ فِيهَا وَلَا تضحى وَبَين قَوْله ثمَّ اجتباه ربه فَتَابَ عَلَيْهِ وَهدى فالحال الاولى حَال أكل وَشرب

ص: 286