المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل ثم تأمل العبرة في السمك وكيفية خلقته وأنه خلق غير ذي قوائم - مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط العلمية - جـ ١

[ابن القيم]

فهرس الكتاب

- ‌فصل وَلما اهبطه سُبْحَانَهُ من الْجنَّة وَعرضه وَذريته لانواع المحن وَالْبَلَاء

- ‌فصل وَهَذَانِ الضلالان اعني الضلال والشقاء يذكرهما سُبْحَانَهُ كثيرا فِي

- ‌فصل وَقَوله تَعَالَى فاما ياتينكم مني هدى هُوَ خطاب لمن اهبطه من الْجنَّة

- ‌فصل ومتابعة هدى الله الَّتِي رتب عَلَيْهَا هَذِه الامور هِيَ تَصْدِيق خَبره من

- ‌فصل وَالْقلب السَّلِيم الَّذِي ينجو من عَذَاب الله هُوَ الْقلب الَّذِي قد سلم

- ‌فصل وَهَذِه الْمُتَابَعَة هِيَ التِّلَاوَة الَّتِي اثنى الله على اهلها فِي قَوْله

- ‌فصل ثمَّ قَالَ تَعَالَى وَمن اعْرِض عَن ذكري فَإِن لَهُ معيشة ضنكا ونحشره

- ‌فصل وَقَوله تَعَالَى فَإِن لَهُ معيشة ضنكا فَسرهَا غير وَاحِد من السّلف بِعَذَاب

- ‌فصل وَقَوله تَعَالَى ونحشره يَوْم الْقِيَامَة أعمى قَالَ رب لم حشرتني اعمى

- ‌فصل وَالْمَقْصُود ان الله سبحانه وتعالى لما اقْتَضَت حكمته وَرَحمته إِخْرَاج

- ‌قَالَ الله تعال شهد الله انه لَا إِلَه إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَة واولو الْعلم قَائِما

- ‌فصل وَهَذَا الحَدِيث لَهُ طرق عديدة مِنْهَا مَا رَوَاهُ ابْن عدي عَن مُوسَى

- ‌فصل إِذا عرف هَذَا فالفكر هُوَ احضار معرفتين فِي الْقلب ليستثمر مِنْهُمَا

- ‌فصل وَإِذا تَأَمَّلت مَا دعى الله سُبْحَانَهُ فِي كِتَابه عباده الى الْفِكر فِيهِ

- ‌فصل فَارْجِع الان الى النُّطْفَة وَتَأمل حَالهَا اولا وَمَا صَارَت اليه ثَانِيًا

- ‌فصل وَالنَّظَر فِي هَذِه الايات وامثالها نَوْعَانِ نظر اليها بالبصر الظَّاهِر

- ‌فصل وَإِذا نظرت الى الارض وَكَيف خلقت رَأَيْتهَا من اعظم آيَات فاطرها

- ‌فصل وَمن آيَاته سُبْحَانَهُ تَعَالَى اللَّيْل وَالنَّهَار وهما من اعْجَبْ آيَاته

- ‌فصل وَمن آيَاته وعجائب مصنوعاته الْبحار المكتنفة لاقطار الارض الَّتِي هِيَ

- ‌فصل وَمن آيَاته سُبْحَانَهُ خلق الْحَيَوَان على اخْتِلَاف صِفَاته واجناسه

- ‌فصل تامل الْعبْرَة فِي مَوضِع هَذَا الْعَالم وتاليف أَجْزَائِهِ ونظمها على احسن

- ‌فصل فَتَأمل خلق السَّمَاء وارجع الْبَصَر فِيهَا كرة بعد كرة كَيفَ ترَاهَا من

- ‌فصل ثمَّ تَأمل حَال الشَّمْس وَالْقَمَر فِي طلوعهما وغروبهما لاقامة دَوْلَتِي

- ‌فصل ثمَّ تَأمل بعد ذَلِك احوال هَذِه الشَّمْس فِي انخفاضها وارتفاعها لاقامة

- ‌فصل ثمَّ تَأمل حَال الشَّمْس وَالْقَمَر وَمَا اودعاه من النُّور والاضاءة وَكَيف

- ‌فصل ثمَّ تَأمل الْحِكْمَة فِي طُلُوع الشَّمْس على الْعَالم كَيفَ قدره الْعَزِيز

- ‌فصل ثمَّ تَأمل الْحِكْمَة فِي مقادير اللَّيْل وَالنَّهَار تجدها على غَايَة

- ‌فصل ثمَّ تَأمل إنارة الْقَمَر وَالْكَوَاكِب فِي ظلمَة اللَّيْل وَالْحكمَة فِي ذَلِك

- ‌فصل ثمَّ تَأمل حكمته تبارك وتعالى فِي هَذِه النُّجُوم وَكَثْرَتهَا وَعَجِيب خلقهَا

- ‌فصل ثمَّ تَأمل اخْتِلَاف سير الْكَوَاكِب وَمَا فِيهِ من الْعَجَائِب كَيفَ تَجِد بَعْضهَا لَا

- ‌فصل ثمَّ تامل هَذَا الْفلك الدوار بشمسه وقمره ونجومه وبروجه وَكَيف يَدُور

- ‌فصل فسل الْمُعَطل الجاحد مَا تَقول فِي دولاب دائر على نهر قد احكمت

- ‌فصل ثمَّ تَأمل الممسك لِلسَّمَوَاتِ والارض الْحَافِظ لَهما ان تَزُولَا اَوْ تقعا

- ‌فصل ثمَّ تَأمل هَذِه الْحِكْمَة الْبَالِغَة فِي الْحر وَالْبرد وَقيام الْحَيَوَان

- ‌فصل ثمَّ تَأمل الْحِكْمَة فِي خلق النَّار على مَا هِيَ عَلَيْهِ من الكمون

- ‌فصل ثمَّ تَأمل حكمته تَعَالَى فِي كَونه خص بهَا الانسان دون غَيره من

- ‌فصل ثمَّ تامل هَذَا الْهَوَاء وَمَا فِيهِ من الْمصَالح فَإِنَّهُ حَيَاة هَذِه الابدان

- ‌فصل ثمَّ تَأمل خلق الارض على مَا هِيَ عَلَيْهِ حِين خلقهَا واقفة سَاكِنة

- ‌فصل ثمَّ تَأمل تَأمل الْحِكْمَة الْبَالِغَة فِي ان جعل مهب الشمَال عَلَيْهَا ارْفَعْ

- ‌فصل ثمَّ تَأمل الْحِكْمَة العجيبة فِي الْجبَال الَّذِي يحسبها الْجَاهِل الغافل

- ‌فصل وَلما اقْتَضَت حكمته تبارك وتعالى ان جعل من الارض السهل والوعر

- ‌فصل وَلما كَانَت الرِّيَاح تجول فِيهَا وَتدْخل فِي تجاويفها وتحدث فِيهَا

- ‌فصل ثمَّ تَأمل حِكْمَة الله عز وجل فِي عزة هذَيْن النَّقْدَيْنِ الذَّهَب وَالْفِضَّة

- ‌فصل وَتَأمل الْحِكْمَة البديعة فِي تيسيره سُبْحَانَهُ على عباده مَا هم احوج

- ‌فصل وَمن ذَلِك سَعَة الارض وامتدادها وَلَوْلَا ذَلِك لضاقت عَن مسَاكِن الانس

- ‌فصل ثمَّ تَأمل الْحِكْمَة الْبَالِغَة فِي نزُول الْمَطَر على الارض من علو ليعم

- ‌فصل ثمَّ تَأمل الْحِكْمَة البا لُغَة فِي إنزاله بِقدر الْحَاجة حَتَّى إِذا اخذت

- ‌فصل ثمَّ تَأمل الْحِكْمَة الالهية فِي اخراج الاقوات وَالثِّمَار والحبوب

- ‌فصل ثمَّ تَأمل إِذا نصبت خيمة اَوْ فسطاطا كَيفَ تمده من كل جَانب

- ‌فصل ثمَّ تَأمل الْحِكْمَة فِي خلق الْوَرق فَإنَّك ترى فِي الورقة الْوَاحِدَة من جملَة

- ‌فصل ثمَّ تَأمل حِكْمَة اللَّطِيف الْخَبِير فِي كَونهَا جعلت زِينَة للشجر وسترا

- ‌فصل ثمَّ تَأمل حكمته سُبْحَانَهُ فِي إبداع الْعَجم والنوى فِي جَوف الثَّمَرَة وَمَا

- ‌فصل ثمَّ تَأمل خلقه الرُّمَّان وماذا فِيهِ من الحكم والعجائب فَإنَّك ترى دَاخل

- ‌فصل ثمَّ تَأمل هَذَا الرّيع والنماء الَّذِي وَضعه الله فِي الزَّرْع حَتَّى صَارَت

- ‌فصل ثمَّ تَأمل الْحِكْمَة فِي الْحُبُوب كالبر وَالشعِير وَنَحْوهمَا كَيفَ يخرج الْحبّ

- ‌فصل ثمَّ تَأمل الْحِكْمَة الباهرة فِي هَذِه الاشجار كَيفَ ترَاهَا فِي كل عَام

- ‌فصل ثمَّ تَأمل الْحِكْمَة فِي شَجَرَة اليقطين والبطيخ والجزر كَيفَ لما اقْتَضَت

- ‌فصل ثمَّ تَأمل هَذِه النَّخْلَة الَّتِي هِيَ احدى آيَات الله تَجِد فِيهَا من

- ‌فصل ثمَّ تَأمل احوال هَذِه العقاقير والادوية الَّتِي يُخرجهَا الله من

- ‌فصل ثمَّ تَأمل الْحِكْمَة الْبَالِغَة فِي اعطائه سُبْحَانَهُ بَهِيمَة الانعام

- ‌فصل ثمَّ تَأمل الْحِكْمَة فِي خلق الات الْبَطْش فِي الْحَيَوَانَات من الانسان

- ‌فصل ثمَّ تَأمل الْحِكْمَة فِي خلقَة الْحَيَوَان الَّذِي يَأْكُل اللَّحْم من الْبَهَائِم

- ‌فصل ثمَّ تَأمل اولا ذَوَات الاربع من الْحَيَوَان كَيفَ ترَاهَا تتبع امهاتها

- ‌فصل ثمَّ تَأمل الْحِكْمَة الْبَالِغَة فِي قَوَائِم الْحَيَوَان كَيفَ اقْتَضَت ان يكون

- ‌فصل ثمَّ تَأمل الْحِكْمَة الْبَالِغَة فِي ان جعل ظُهُور الدَّوَابّ مبسوطة كَأَنَّهَا

- ‌فصل ثمَّ تَأمل الْحِكْمَة فِي كَون فرج الدَّابَّة جعل بارزا من وَرَائِهَا ليتَمَكَّن

- ‌فصل ثمَّ تَأمل كَيفَ كُسِيت اجسام الْحَيَوَان البهيمي هَذِه الْكسْوَة من الشّعْر

- ‌فصل ثمَّ تَأمل حِكْمَة عَجِيبَة جعلت للبهائم والوحوش وَالسِّبَاع وَالدَّوَاب على

- ‌فصل ثمَّ تَأمل الْحِكْمَة الباهرة فِي وَجه الدَّابَّة كَيفَ هُوَ فانك ترى الْعَينَيْنِ

- ‌فصل ثمَّ تَأمل شفر الْفِيل وَمَا فِيهِ من الحكم الباهرة فَإِنَّهُ يقوم لَهُ

- ‌فصل ثمَّ تَأمل خلق الزرافة وَاخْتِلَاف اعضائهم وَشبههَا باعضاء جَمِيع

- ‌فصل ثمَّ تَأمل هَذِه النملة الضعيفة وَمَا اعطيته من الفطنة اَوْ لحيلة فِي

- ‌فصل وَمن عَجِيب الفطنة فِي الْحَيَوَان ان الثَّعْلَب إِذا اعوزه الطَّعَام وَلم

- ‌فصل ثمَّ تَأمل جسم الطَّائِر وخلقته فَإِنَّهُ حِين قدر بَان يكون طائرا فِي

- ‌فصل ثمَّ تَأمل خلقَة الْبَيْضَة وَمَا فِيهَا من المخ الاصفر الخاثر وَالْمَاء

- ‌فصل وَتَأمل الْحِكْمَة فِي حوصلة الطَّائِر وَمَا قدرت لَهُ فَإِن فِي مَسْلَك الطَّعَام

- ‌فصل ثمَّ تَأمل هَذِه الالوان والاصباغ والوشى الَّتِي ترَاهَا فِي كثير من

- ‌فصل تَأمل هَذَا الطَّائِر الطَّوِيل السَّاقَيْن وَأعرف الْمَنْفَعَة فِي طول سَاقيه

- ‌فصل ثمَّ تَأمل احوال النَّحْل وَمَا فِيهَا من العبر والايات فَانْظُر اليها

- ‌فصل وَمن اعْجَبْ امرها مَالا يَهْتَدِي لَهُ اكثر النَّاس ولايعرفونه وَهُوَ

- ‌فصل ثمَّ تَأمل الْعبْرَة الَّتِي ذكرهَا الله عز وجل فِي الانعام وَمَا سقانا

- ‌فصل ثمَّ تَأمل الْعبْرَة فِي السّمك وَكَيْفِيَّة خلقته وَأَنه خلق غير ذِي قَوَائِم

- ‌فصل فاعد الان النّظر فِيك وَفِي نَفسك مرّة ثَانِيَة من الَّذِي دبرك بالطف

- ‌فصل فَانْظُر كَيفَ جعلت آلَات الْجِمَاع فِي الذّكر والانثى جَمِيعًا على وفْق

- ‌فصل فَارْجِع الان الى نَفسك وَكرر النّظر فِيك فَهُوَ يَكْفِيك وَتَأمل اعضاءك

- ‌فصل فاعد النّظر فِي نَفسك وَتَأمل حِكْمَة اللَّطِيف الْخَبِير فِي تركيب الْبدن

- ‌فصل قَالَ الله تَعَالَى وَلَقَد كرمنا بني آدم وحملناهم فِي الْبر وَالْبَحْر

- ‌فصل فاعد النّظر فِي نَفسك وَحِكْمَة الخلاق الْعَلِيم فِي خلقك وَانْظُر الى

- ‌فصل ثمَّ اعينت هَذِه الْحَواس بمخلوقات اخر مُنْفَصِلَة عَنْهَا تكون وَاسِطَة فِي

- ‌فصل ثمَّ تَأمل حَال من عدم الْبَصَر وَمَا يَنَالهُ من الْخلَل فِي أُمُوره فَإِنَّهُ

- ‌فصل وَأما من عدم البيانين بَيَان الْقلب وَبَيَان اللِّسَان فَذَلِك بِمَنْزِلَة

- ‌فصل ثمَّ تَأمل حكمته فِي الاعضاء الَّتِي خلقت فِيك آحادا ومثنى وَثَلَاث

- ‌فصل من ايْنَ للطبيعة هَذَا الِاخْتِلَاف وَالْفرق الْحَاصِل فِي النَّوْع الانسان

- ‌فصل ثمَّ تَأمل لم صَارَت الْمَرْأَة وَالرجل إِذا ادركا اشْتَركَا فِي نَبَات

- ‌فصل ثمَّ تَأمل هَذَا الصَّوْت الْخَارِج من الْحلق وتهيئة آلاته وَالْكَلَام

- ‌فصل وَفِي هَذِه الالات مآرب اخرى وَمَنَافع سوى مَنْفَعَة الْكَلَام فَفِي الحنجرة

- ‌فصل وَمن جعل فِي الْحلق منفذين احدهما للصوت وَالنَّفس الْوَاصِل الى الرئة

- ‌فصل ثمَّ تَأمل حِكْمَة الله تَعَالَى فِي كَثْرَة بكاء الاطفال وَمَا لَهُم فِيهِ

- ‌فصل وَكَذَلِكَ اعطاهم من الْعُلُوم الْمُتَعَلّقَة بصلاح معاشهم ودنياهم بِقدر

- ‌فصل وَمن حكمته سُبْحَانَهُ مَا مَنعهم من الْعلم علم السَّاعَة وَمَعْرِفَة آجالهم

- ‌فصل وَمِنْهَا انه سُبْحَانَهُ يجب ان يتفضل عَلَيْهِم وَيتم عَلَيْهِم نعمه وَيُرِيهمْ

- ‌فصل وَمِنْهَا انه سُبْحَانَهُ لَهُ الاسماء الْحسنى وَلكُل اسْم من اسمائه اثر من

- ‌فصل وَمِنْه انه سُبْحَانَهُ يعرف عباده عزه فِي قَضَائِهِ وَقدره ونفوذ مَشِيئَته

- ‌فصل وَمِنْهَا انه يعرف العَبْد حَاجته إِلَى حفظه لَهُ ومعونته وصيانته وانه

- ‌فصل وَمِنْهَا انه سُبْحَانَهُ يستجلب من عَبده بذلك مَا هُوَ من اعظم أَسبَاب

- ‌فصل وَمِنْهَا انه سُبْحَانَهُ يسْتَخْرج بذلك من عَبده تَمام عبوديته فَإِن تَمام

- ‌فصل وَمِنْهَا ان العَبْد يعرف حَقِيقَة نَفسه وَأَنَّهَا الظالمة وان مَا صدر مِنْهَا

- ‌فصل وَمِنْهَا تَعْرِيفه سُبْحَانَهُ عَبده سَعَة حلمه وَكَرمه فِي ستره عَلَيْهِ وَأَنه لَو

- ‌فصل وَمِنْهَا تَعْرِيفه عَبده انه لَا سَبِيل لَهُ إِلَى النجَاة إِلَّا بعفوه ومغفرته

- ‌فصل وَمِنْهَا تَعْرِيفه عَبده كرمه سُبْحَانَهُ فِي قبُول تَوْبَته ومغفرته لَهُ على

- ‌فصل وَمِنْهَا إِقَامَة حجَّة عدله على عَبده ليعلم العَبْد ان لله عَلَيْهِ الْحجَّة

- ‌فصل وَمِنْهَا ان يُعَامل العَبْد بني جنسه فِي إسائتهم اليه وزلاتهم مَعَه

- ‌فصل وَمِنْهَا انه إِذا عرف هَذَا فاحسن الى من اساء اليه وَلم يُقَابله

- ‌فصل وَمِنْهَا ان يخلع صولة الطَّاعَة من قلبه وَينْزع عَنهُ رِدَاء الْكبر

- ‌فصل وَمِنْهَا ان لله عز وجل على الْقُلُوب انواعا من الْعُبُودِيَّة من الخشية

- ‌فصل وَمِنْهَا انه يعرف العَبْد مِقْدَار نعْمَة معافاته وفضله فِي توفيقه لَهُ

- ‌فصل وَمِنْهَا ان التَّوْبَة توجب للتائب آثارا عَجِيبَة من المقامات الَّتِي لَا

- ‌فصل وَمِنْهَا ان الله سُبْحَانَهُ يُحِبهُ ويفرح بتوبته اعظم فَرح وَقد تقرر ان

- ‌فصل وَمِنْهَا انه إِذا شهد ذنُوبه ومعاصيه وتفريطه فِي حق ربه استكثر

- ‌فصل وَمِنْهَا ان الذَّنب يُوجب لصَاحبه التقيظ والتحرز من مصائد عدوه

- ‌فصل وَمِنْهَا ان الْقلب يكون ذاهلا عَن عدوه معرضًا عَنهُ مشتغلا بِبَعْض

- ‌فصل وَمِنْهَا ان مثل هَذَا يصير كالطبيب ينْتَفع بِهِ المرضى فِي علاجهم

- ‌فصل وَمِنْهَا انه سُبْحَانَهُ يُذِيق عَبده الم الْحجاب عَنهُ وَالْعَبْد وَزَوَال ذَلِك

- ‌فصل وَمِنْهَا ان الْحِكْمَة الالهية اقْتَضَت تركيب الشَّهْوَة وَالْغَضَب فِي الانسان

- ‌فصل وَمِنْهَا ان الله سُبْحَانَهُ إِذا أَرَادَ بِعَبْدِهِ خيرا انساه رُؤْيَة طاعاته

- ‌فصل وَمِنْهَا ان شُهُود العَبْد ذنُوبه وخطاياه مُوجب لَهُ ان لَا يرى لنَفسِهِ

- ‌فصل وَمِنْهَا انه وَيُوجب لَهُ الامساك عَن عُيُوب النَّاس والفكر فِيهَا فَإِنَّهُ فِي

- ‌فصل وَمِنْهَا انه إِذا شهدنفسه مَعَ ربه مسيئا خاطئا مفرطا مَعَ فرط إِحْسَان

- ‌فصل وَإِذا تَأَمَّلت حكمته سُبْحَانَهُ فِيمَا ابتلى بِهِ عباده وصفوته بِمَا ساقهم

- ‌فصل ثمَّ تَأمل حَال الكليم مُوسَى عليه السلام وَمَا آلت اليه محنته

- ‌فصل فَإِذا جِئْت الى النَّبِي وتأملت سيرته مَعَ قومه وَصَبره فِي الله

- ‌فصل وَإِذا تَأَمَّلت الْحِكْمَة الباهرة فِي هَذَا الدّين القويم وَالْملَّة

- ‌فصل وبصائر النَّاس فِي هَذَا النُّور الباهر تَنْقَسِم الى ثَلَاثَة اقسام احدها

- ‌فصل قد شهِدت الْفطر والعقول بِأَن للْعَالم رَبًّا قَادِرًا حَلِيمًا عليما رحِيما

الفصل: ‌فصل ثم تأمل العبرة في السمك وكيفية خلقته وأنه خلق غير ذي قوائم

‌فصل ثمَّ تَأمل الْعبْرَة الَّتِي ذكرهَا الله عز وجل فِي الانعام وَمَا سقانا

من بطونها من اللَّبن الْخَالِص السائغ الهنيء المريء الْخَارِج من بَين الفرث وَالدَّم فَتَأمل كَيفَ ينزل الْغذَاء من أفواهها الى الْمعدة فينقلب بعضه دَمًا باذن الله وَمَا يسرى فِي عروقها واعضائها وشحومها ولحومها فَإِذا ارسلته الْعُرُوق فِي مجاريها الى جملَة الاجزاء قلبه كل عُضْو اَوْ عصب وغضروف وَشعر وظفر وحافر الى طَبِيعَته ثمَّ يبْقى الدَّم فِي تِلْكَ الخزائن الَّتِي لَهُ إِذْ بِهِ قوام الْحَيَوَان ثمَّ ينصب ثقله الى الكرش فَيصير زبلا ثمَّ يَنْقَلِب بَاقِيَة لَبَنًا صافيا ابيض سائغا للشاربين فَيخرج من بَين الفرث وَالدَّم حَتَّى إِذا انهكت الشَّاة اَوْ غَيرهَا حَلبًا خرج الدَّم مشوبا بحمرة فصفى الله سُبْحَانَهُ الالطف من الثفل بالطبخ الاول فانفصل الى الكبد وَصَارَ دَمًا وَكَانَ مخلوطا بالاخلاط الاربعة فَأذْهب الله عز وجل كل خلط مِنْهَا الى مقره وخزانته المهيأة لَهُ من المرارة وَالطحَال والكلية وَبَاقِي الدَّم الْخَالِص يدْخل فِي اوردة الكبد فينصب من تِلْكَ الْعُرُوق الى الضَّرع فيقلبه الله تبارك وتعالى من صُورَة الدَّم وطبعه وطعمه الى صُورَة اللَّبن وطبعه وطعمه فاستخرج من الفرث وَالدَّم فسل الْمُعَطل الجاحد من الَّذِي دبر هَذَا التَّدْبِير وَقدر هَذَا التَّقْدِير واتقن هَذَا الصنع ولطف هَذَا اللطف سوى اللَّطِيف الْخَبِير

‌فصل ثمَّ تَأمل الْعبْرَة فِي السّمك وَكَيْفِيَّة خلقته وَأَنه خلق غير ذِي قَوَائِم

لانه لَا يحْتَاج الى الْمَشْي إِذْ كَانَ مَسْكَنه المَاء وَلم يخلق لَهُ رئة لَان مَنْفَعَة الرئة التنفس والسمك لم يحْتَج اليه لانه ينغمس فِي المَاء وخلقت لَهُ عوض القوائم اجنحة شدادي يقذف بهَا من جانبيه كَمَا يقذف صَاحب الْمركب بالمقاذيف من جَانِبي السَّفِينَة وكسى لجده قسورا متداخلة كتداخل الجوشن ليقيه من الافات واعين بِقُوَّة الشم لَان بَصَره ضَعِيف وَالْمَاء يَحْجُبهُ فَصَارَ يشم الطَّعَام من بعد فيقصده وَقد ذكر فِي بعض كتب الْحَيَوَان ان من فِيهِ الى صماخه منافذ فَهُوَ يصب المَاء فِيهَا بِفِيهِ ويرسله من صماخيه فيتروح بذلك كَمَا يَأْخُذ الْحَيَوَان النسيم الْبَارِد بِأَنْفِهِ ثمَّ يُرْسِلهُ ليتروح بِهِ فَإِن المَاء للحيوان البحري كالهواء للحيوان الْبري فهما بحران احدهما الطف من الاخر بَحر هَوَاء يسبح فِيهِ حَيَوَان الْبر وبحر مَاء يسبح فِيهِ حَيَوَان الْبَحْر فَلَو فَارق كل من الصِّنْفَيْنِ بحره الى الْبَحْر الاخر مَاتَ فَكَمَا يختنق الْحَيَوَان الْبري فِي المَاء يختق الْحَيَوَان البحري فِي الْهَوَاء فسبحان من لايحصى العادون آيَاته وَلَا يحيطون بتفصيل آيَة مِنْهَا على الِانْفِرَاد بل ان علمُوا فِيهَا وَجها جهلوا مِنْهَا اوجها فَتَأمل الْحِكْمَة الْبَالِغَة فِي كَون السّمك اكثر الْحَيَوَان نَسْلًا وَلِهَذَا ترى فِي وف السَّمَكَة الْوَاحِد من الْبيض مَالا يُحْصى كَثْرَة وَحِكْمَة ذَلِك ان يَتَّسِع لما

ص: 251

يغتذى بِهِ من اصناف الْحَيَوَان فَإِن اكثرها يَأْكُل السّمك حَتَّى السباغ لانها فِي حافات الاجام جاثمة تعكف على المَاء الصافي فَإِذا تعذر عَلَيْهَا صيدالبر رصدت السّمك فاختطفته فَلَمَّا كَانَت السبَاع تَأْكُل السّمك وَالطير تَأْكُله وَالنَّاس تَأْكُله والسماك الْكِبَار تَأْكُله ودواب الْبر تَأْكُله وَقد جعله الله سُبْحَانَهُ غذَاء لهَذِهِ الاصناف اقْتَضَت حكمته ان يكون بِهَذِهِ الْكَثْرَة وَلَو رأى العَبْد مَا فِي الْبَحْر من ضروب الْحَيَوَانَات والجواهر والاصناف الَّتِي لَا يحصيها الا الله وَلَا يعرف النَّاس مِنْهَا إِلَّا الشَّيْء الْقَلِيل الَّذِي لانسبة لَهُ اصلا الى مَا غَابَ عَنْهُم لرأي الْعجب ولعلم سَعَة ملك الله وَكَثْرَة جُنُوده الَّتِي لايعلمها إِلَّا هُوَ وَهَذَا الْجَرَاد نثرة حوت من حيتان الْبَحْر يَنْثُرهُ من مَنْخرَيْهِ وَهُوَ جند من جنود الله ضَعِيف الْخلقَة عَجِيب التَّرْكِيب فِيهِ خلق سبع حيوانات فَإِذا رايت عساكره قد اقبلت ابصرت جندا لَا مرد لَهُ وَلَا يُحْصى مِنْهُ عدد وَلَا عدَّة فَلَو جمع الْملك خيله وَرجله ودوابه وسلاحه ليصده عَن بِلَاده لما أمكنه ذَلِك فَانْظُر كَيفَ ينساب على الارض كالسيل فيغشى السهل والجبل والبدو والحضر حَتَّى يستر نور الشَّمْس بكثرته ويسد وَجه السَّمَاء بأجنحته ويبلغ من الجو الى حَيْثُ لَا يبلغ طَائِر اكبر جناحين مِنْهُ فسل الْمُعَطل من الَّذِي بعث هَذَا الْجند الضَّعِيف الَّذِي لَا يَسْتَطِيع ان يرد عَن نَفسه حَيَوَانا رام اخذه بلية على الْعَسْكَر اهل الْقُوَّة وَالْكَثْرَة وَالْعدَد وَالْحِيلَة فَلَا يقدرُونَ بأجمعهم على دَفعه بل ينظرُونَ اليه يستبد بأقواتهم دونهم ويمزقها كل ممزق ويذر الارض قفرا مِنْهَا وهم لَا يَسْتَطِيعُونَ ان يردوه وَلَا يحولوا بَينه وَبَينهَا وَهَذَا من حكمته سُبْحَانَهُ ان يُسَلط الضَّعِيف من خلقه الَّذِي لَا مُؤنَة لَهُ على القوى فينتقم بِهِ مِنْهُ وَينزل بِهِ مَا كَانَ يحذرهُ مِنْهُ حَتَّى لايستطيع لذَلِك ردا ولاصرفا قَالَ الله تَعَالَى ونزيد ان نمن على الَّذين استضعفوا فِي الارض ونجعلهم ائمة ونجعلهم الْوَارِثين ونمكن لَهُم فِي الارض ونرى فِرْعَوْن وهامان وجنودهما مِنْهُم مَا كَانُوا يحذرون فواحسرتاه على استقامه مَعَ الله وايثار لمرضاته فِي كل حَال يُمكن بِهِ الضَّعِيف المستضعف حَتَّى يرى من اسْتَضْعَفَهُ انه اولى بِاللَّه وَرَسُوله مِنْهُ وَلَكِن اقْتَضَت حِكْمَة الله الْعَزِيز الْحَكِيم ان يَأْكُل الظَّالِم الْبَاغِي ويتمتع فِي خفارة ذنُوب الْمَظْلُوم المبغي عَلَيْهِ فذنوبه من اعظم اسباب الرَّحْمَة فِي حق ظالمة كَمَا ان المسؤل إِذا رد السَّائِل فَهُوَ فِي خفارة كذبه وَلَو صدق السَّائِل لما أفلحمن رده وَكَذَلِكَ السَّارِق وقاطع الطَّرِيق فِي خفارة منع اصحاب الاموال حُقُوق الله فِيهَا وَلَو ادوا مَا لله عَلَيْهِم فِيهَا لحفظها الله عَلَيْهِم وَهَذَا ايضا بَاب عَظِيم من حِكْمَة الله يطلع النَّاظر فِيهِ على أسرار من أسرار التَّقْدِير وتسليط الْعَالم بَعضهم على بعض وتمكين الجناة والبغاة فسبحان من لَهُ فِي كل شَيْء حِكْمَة

ص: 252

بَالِغَة وَآيَة باهرة حَتَّى ان الْحَيَوَانَات العادية على النَّاس فِي اموالهم وارزاقهم وابدانهم تعيش فِي خفارة مَا كسبت ايديهم وَلَوْلَا ذَلِك لم يُسَلط عَلَيْهِم مِنْهَا شَيْء وَلَعَلَّ هَذَا الْفَصْل الاستطرادي انفع لمتأمله من كثير من الْفُصُول الْمُتَقَدّمَة فَإِنَّهُ إِذا اعطاه حَقه من النّظر والفكر عظم انتفاعه بِهِ جدا وَالله الْمُوفق ويحكى ان بعض اصحاب الْمَاشِيَة كَانَ يشوب اللَّبن ويبيعه على انه خَالص فارسل الله عَلَيْهِ سيلا فَذهب بالغنم فَجعل يعجب فاتى فِي مَنَامه فَقيل لَهُ اتعجب من اخذ السَّيْل غنمك انه تِلْكَ القطرات الَّتِي شبت بهَا البن اجْتمعت وَصَارَت سيلا فقس على هَذِه الْحِكَايَة مَا ترَاهُ فِي نَفسك وَفِي غَيْرك تعلم حِينَئِذٍ ان الله قَائِم بِالْقِسْطِ وانه قَائِم على كل نفس بِمَا كسبت وانه لَا يظلم مِثْقَال ذرة والاثر الاسرائيلي مَعْرُوف ان رجلا كَانَ يشوب الْخمر ويبيعه على انه خَالص فَجمع من ذَلِك كيس ذهب وسافر بِهِ فَركب الْبَحْر وَمَعَهُ قرد لَهُ فَلَمَّا نَام اخذ القرد الْكيس وَصعد بِهِ الى اعلى الْمركب ثمَّ فَتحه فَجعل يلقيه دِينَارا فِي المَاء ودينارا فِي الْمركب كَأَنَّهُ يَقُول لَهُ بِلِسَان الْحَال ثمن المَاء صَار الى المَاء وَلم يظلمك وَتَأمل حِكْمَة الله عز وجل فِي حبس الْغَيْث عَن عباده وابتلائهم بِالْقَحْطِ إِذا منعو الزَّكَاة وحرموا الْمَسَاكِين كَيفَ جوزوا على منع مَا للْمَسَاكِين قبلهم من الْقُوت بِمَنْع الله مَادَّة الْقُوت والرزق وحبسها عَنْهُم فَقَالَ لَهُم بِلِسَان الْحَال منعتم الْحق فمنعتم الْغَيْث فَهَلا استنزلتموه ببذل مَا لله قبلكُمْ وَتَأمل حِكْمَة الله تَعَالَى فِي صرفه الْهدى والايمان عَن قُلُوب الَّذين يصرفون النَّاس عَنهُ فصدهم عَنهُ كَمَا صدوا عباده صدا بصد ومنعا بِمَنْع وَتَأمل حكمته تَعَالَى فِي محق اموال المرابين وتسليط الْمُتْلفَات عَلَيْهَا كَمَا فعلوا باموال النَّاس ومحقوها عَلَيْهِم واتلفوها بالربا جوزوا اتلافا باتلاف فَقل ان ترى مرابيا إِلَّا وآخرته الى محق وَقلة وحاجة وَتَأمل حكمته تَعَالَى فِي تسليط الْعَدو على الْعباد إِذا جَار قويهم على ضعيفهم وَلم يُؤْخَذ للمظلوم حَقه من ظالمه كَيفَ يُسَلط عَلَيْهِم من يفعل بهم كفعلهم برعاياهم وضعفائهم سَوَاء وَهَذِه سنة الله تَعَالَى مُنْذُ قَامَت الدُّنْيَا الى ان تطوى الارض وَيُعِيدهَا كَمَا بدأها وَتَأمل حكمته تَعَالَى فِي ان جعل مُلُوك الْعباد وأمراءهم وولاتهم من جنس اعمالهم بل كَأَن أَعْمَالهم ظَهرت فِي صور ولاتهم وملوكهم فَإِن ساتقاموا استقامت مُلُوكهمْ وَإِن عدلوا عدلت عَلَيْهِم وَإِن جاروا جارت مُلُوكهمْ وولاتهم وَإِن ظهر فيهم الْمَكْر والخديعة فولاتهم كَذَلِك وَإِن منعُوا حُقُوق الله لديهم وبخلوا بهَا منعت مُلُوكهمْ وولاتهم مَا لَهُم عِنْدهم من الْحق ونحلوا بهَا عَلَيْهِم وَإِن اخذوا مِمَّن يستضعفونه مَالا يستحقونه فِي معاملتهم اخذت مِنْهُم الْمُلُوك مَالا يستحقونه وَضربت عَلَيْهِم المكوس والوظائف وَكلما يستخرجونه من الضَّعِيف يَسْتَخْرِجهُ الْمُلُوك مِنْهُم بِالْقُوَّةِ فعمالهم ظَهرت فِي صور اعمالهم وَلَيْسَ فِي الْحِكْمَة الالهية ان يُولى على الاشرار الْفجار الا من يكون من جنسهم وَلما كَانَ الصَّدْر الاول خِيَار

ص: 253

الْقُرُون وابرها كَانَت ولاتهم كَذَلِك فَلَمَّا شابوا شابت لَهُم الْوُلَاة فَحكمه الله تأبى ان يولي علينا فِي مثل هَذِه الازمان مثل مُعَاوِيَة وَعمر بن عبد العزيز فضلا عَن مثل ابي بكر وَعمر بل ولاتنا على قَدرنَا وولاة من قبلنَا على قدرهم وكل من الامرين مُوجب الْحِكْمَة ومقتضاها وَمن لَهُ فطنه إِذا سَافر بفكره فِي هَذَا الْبَاب رأى الْحِكْمَة الالهية سائرة فِي الْقَضَاء وَالْقدر ظَاهِرَة وباطنة فِيهِ كَمَا فِي الْخلق والامر سَوَاء فإياك ان تظن بظنك الفاسدان شَيْئا من اقضيته واقداره عَار عَن الْحِكْمَة الْبَالِغَة بل جَمِيع اقضيته تَعَالَى وأقداره وَاقعَة على اتم وُجُوه الْحِكْمَة وَالصَّوَاب وَلَكِن الْعُقُول الضعيفة محجوبة بضعفها عَن إِدْرَاكهَا كَمَا ان الابصار الخفاشية محجوبة بضعفها عَن ضوء الشَّمْس وَهَذِه الْعُقُول الضِّعَاف إِذا صادفها الْبَاطِل جالت فِيهِ وصالت ونطقت وَقَالَت كَمَا ان الخفاش إِذا صادفه ظلام اللَّيْل طَار وَسَار

خفافيش اعشاها النَّهَار بضوئه

ولازمها قطع من اللَّيْل مظلم وَتَأمل حكمته تبارك وتعالى فِي عقوبات الامم الخالية وتنويعها عَلَيْهِم بِحَسب تنوع جرائمهم كَمَا قَالَ تَعَالَى {وعادا وَثَمُود وَقد تبين لكم من مساكنهم} إِلَى قَوْله {يظْلمُونَ} وَتَأمل حكمته تَعَالَى فِي مسخ من مسخ من الامم فِي صور مُخْتَلفَة مُنَاسبَة لتِلْك الجرائم فَإِنَّهَا لما مسخت قُلُوبهم وَصَارَت على قُلُوب تِلْكَ الْحَيَوَانَات وطباعها اقْتَضَت الْحِكْمَة الْبَالِغَة ان جعلت صورهم على صورها لتتم الْمُنَاسبَة ويكمل الشّبَه وَهَذَا غَايَة الْحِكْمَة وَاعْتبر هَذَا بِمن مسخوا قردة وَخَنَازِير كَيفَ غلبت عَلَيْهِم صِفَات هَذِه الحيواات واخلاقها وأعمالها ثمَّ إِن كنت من المتوسمين فاقرأ هَذِه النُّسْخَة من وُجُوه اشباههم ونظرائهم كَيفَ ترَاهَا بادية عَلَيْهَا وَإِن كَانَت مستورة بِصُورَة الانسانية فاقرا نُسْخَة القردة من صرو اهل الْمَكْر والخديعة وَالْفِسْق الَّذين لَا عقول لَهُم بل هم اخف النَّاس عقولا واعظمهم مكرا وخداعا وفسقا فَإِن لم تقرا نُسْخَة القردة من وجوهم فلست من المتوسمين واقرا نُسْخَة الْخَنَازِير من صور اشبهاهم وَلَا سِيمَا اعداء خِيَار خلق الله بعدالرسل وهم اصحاب رَسُول الله فَإِن هَذِه النُّسْخَة ظَاهِرَة على وُجُوه الرافضة يَقْرَأها كل مُؤمن كَاتب وَغير كَاتب وَهِي تظهر وتخفى بِحَسب خنزيرية الْقلب وخبثه فَإِن الْخِنْزِير اخبث الْحَيَوَانَات واردؤها طباعا وَمن خاصيته انه يدع الطَّيِّبَات فَلَا يأكلها وَيقوم الانسان عَن رجيعة فيبادر اليه فَتَأمل مُطَابقَة هَذَا الْوَصْف لاعداء الصَّحَابَة كَيفَ تَجدهُ منطبقا عَلَيْهِم فَإِنَّهُم عَمدُوا الى اطيب خلق الله واطهرهم فعادوهم وتبرؤوا مِنْهُم ثمَّ والواكل عَدو لَهُم من النَّصَارَى وَالْيَهُود وَالْمُشْرِكين فاستعانوا فِي كل زمَان على حَرْب الْمُؤمنِينَ الموالين لاصحاب رَسُول الله بالمشركين وَالْكفَّار وصرحوا بِأَنَّهُم خير مِنْهُم فاي شبه ومناسبة اولى بِهَذَا الضَّرْب من الْخَنَازِير فَإِن لم تقْرَأ هَذِه

ص: 254