المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل ثم تأمل الحكمة العجيبة في الجبال الذي يحسبها الجاهل الغافل - مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط العلمية - جـ ١

[ابن القيم]

فهرس الكتاب

- ‌فصل وَلما اهبطه سُبْحَانَهُ من الْجنَّة وَعرضه وَذريته لانواع المحن وَالْبَلَاء

- ‌فصل وَهَذَانِ الضلالان اعني الضلال والشقاء يذكرهما سُبْحَانَهُ كثيرا فِي

- ‌فصل وَقَوله تَعَالَى فاما ياتينكم مني هدى هُوَ خطاب لمن اهبطه من الْجنَّة

- ‌فصل ومتابعة هدى الله الَّتِي رتب عَلَيْهَا هَذِه الامور هِيَ تَصْدِيق خَبره من

- ‌فصل وَالْقلب السَّلِيم الَّذِي ينجو من عَذَاب الله هُوَ الْقلب الَّذِي قد سلم

- ‌فصل وَهَذِه الْمُتَابَعَة هِيَ التِّلَاوَة الَّتِي اثنى الله على اهلها فِي قَوْله

- ‌فصل ثمَّ قَالَ تَعَالَى وَمن اعْرِض عَن ذكري فَإِن لَهُ معيشة ضنكا ونحشره

- ‌فصل وَقَوله تَعَالَى فَإِن لَهُ معيشة ضنكا فَسرهَا غير وَاحِد من السّلف بِعَذَاب

- ‌فصل وَقَوله تَعَالَى ونحشره يَوْم الْقِيَامَة أعمى قَالَ رب لم حشرتني اعمى

- ‌فصل وَالْمَقْصُود ان الله سبحانه وتعالى لما اقْتَضَت حكمته وَرَحمته إِخْرَاج

- ‌قَالَ الله تعال شهد الله انه لَا إِلَه إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَة واولو الْعلم قَائِما

- ‌فصل وَهَذَا الحَدِيث لَهُ طرق عديدة مِنْهَا مَا رَوَاهُ ابْن عدي عَن مُوسَى

- ‌فصل إِذا عرف هَذَا فالفكر هُوَ احضار معرفتين فِي الْقلب ليستثمر مِنْهُمَا

- ‌فصل وَإِذا تَأَمَّلت مَا دعى الله سُبْحَانَهُ فِي كِتَابه عباده الى الْفِكر فِيهِ

- ‌فصل فَارْجِع الان الى النُّطْفَة وَتَأمل حَالهَا اولا وَمَا صَارَت اليه ثَانِيًا

- ‌فصل وَالنَّظَر فِي هَذِه الايات وامثالها نَوْعَانِ نظر اليها بالبصر الظَّاهِر

- ‌فصل وَإِذا نظرت الى الارض وَكَيف خلقت رَأَيْتهَا من اعظم آيَات فاطرها

- ‌فصل وَمن آيَاته سُبْحَانَهُ تَعَالَى اللَّيْل وَالنَّهَار وهما من اعْجَبْ آيَاته

- ‌فصل وَمن آيَاته وعجائب مصنوعاته الْبحار المكتنفة لاقطار الارض الَّتِي هِيَ

- ‌فصل وَمن آيَاته سُبْحَانَهُ خلق الْحَيَوَان على اخْتِلَاف صِفَاته واجناسه

- ‌فصل تامل الْعبْرَة فِي مَوضِع هَذَا الْعَالم وتاليف أَجْزَائِهِ ونظمها على احسن

- ‌فصل فَتَأمل خلق السَّمَاء وارجع الْبَصَر فِيهَا كرة بعد كرة كَيفَ ترَاهَا من

- ‌فصل ثمَّ تَأمل حَال الشَّمْس وَالْقَمَر فِي طلوعهما وغروبهما لاقامة دَوْلَتِي

- ‌فصل ثمَّ تَأمل بعد ذَلِك احوال هَذِه الشَّمْس فِي انخفاضها وارتفاعها لاقامة

- ‌فصل ثمَّ تَأمل حَال الشَّمْس وَالْقَمَر وَمَا اودعاه من النُّور والاضاءة وَكَيف

- ‌فصل ثمَّ تَأمل الْحِكْمَة فِي طُلُوع الشَّمْس على الْعَالم كَيفَ قدره الْعَزِيز

- ‌فصل ثمَّ تَأمل الْحِكْمَة فِي مقادير اللَّيْل وَالنَّهَار تجدها على غَايَة

- ‌فصل ثمَّ تَأمل إنارة الْقَمَر وَالْكَوَاكِب فِي ظلمَة اللَّيْل وَالْحكمَة فِي ذَلِك

- ‌فصل ثمَّ تَأمل حكمته تبارك وتعالى فِي هَذِه النُّجُوم وَكَثْرَتهَا وَعَجِيب خلقهَا

- ‌فصل ثمَّ تَأمل اخْتِلَاف سير الْكَوَاكِب وَمَا فِيهِ من الْعَجَائِب كَيفَ تَجِد بَعْضهَا لَا

- ‌فصل ثمَّ تامل هَذَا الْفلك الدوار بشمسه وقمره ونجومه وبروجه وَكَيف يَدُور

- ‌فصل فسل الْمُعَطل الجاحد مَا تَقول فِي دولاب دائر على نهر قد احكمت

- ‌فصل ثمَّ تَأمل الممسك لِلسَّمَوَاتِ والارض الْحَافِظ لَهما ان تَزُولَا اَوْ تقعا

- ‌فصل ثمَّ تَأمل هَذِه الْحِكْمَة الْبَالِغَة فِي الْحر وَالْبرد وَقيام الْحَيَوَان

- ‌فصل ثمَّ تَأمل الْحِكْمَة فِي خلق النَّار على مَا هِيَ عَلَيْهِ من الكمون

- ‌فصل ثمَّ تَأمل حكمته تَعَالَى فِي كَونه خص بهَا الانسان دون غَيره من

- ‌فصل ثمَّ تامل هَذَا الْهَوَاء وَمَا فِيهِ من الْمصَالح فَإِنَّهُ حَيَاة هَذِه الابدان

- ‌فصل ثمَّ تَأمل خلق الارض على مَا هِيَ عَلَيْهِ حِين خلقهَا واقفة سَاكِنة

- ‌فصل ثمَّ تَأمل تَأمل الْحِكْمَة الْبَالِغَة فِي ان جعل مهب الشمَال عَلَيْهَا ارْفَعْ

- ‌فصل ثمَّ تَأمل الْحِكْمَة العجيبة فِي الْجبَال الَّذِي يحسبها الْجَاهِل الغافل

- ‌فصل وَلما اقْتَضَت حكمته تبارك وتعالى ان جعل من الارض السهل والوعر

- ‌فصل وَلما كَانَت الرِّيَاح تجول فِيهَا وَتدْخل فِي تجاويفها وتحدث فِيهَا

- ‌فصل ثمَّ تَأمل حِكْمَة الله عز وجل فِي عزة هذَيْن النَّقْدَيْنِ الذَّهَب وَالْفِضَّة

- ‌فصل وَتَأمل الْحِكْمَة البديعة فِي تيسيره سُبْحَانَهُ على عباده مَا هم احوج

- ‌فصل وَمن ذَلِك سَعَة الارض وامتدادها وَلَوْلَا ذَلِك لضاقت عَن مسَاكِن الانس

- ‌فصل ثمَّ تَأمل الْحِكْمَة الْبَالِغَة فِي نزُول الْمَطَر على الارض من علو ليعم

- ‌فصل ثمَّ تَأمل الْحِكْمَة البا لُغَة فِي إنزاله بِقدر الْحَاجة حَتَّى إِذا اخذت

- ‌فصل ثمَّ تَأمل الْحِكْمَة الالهية فِي اخراج الاقوات وَالثِّمَار والحبوب

- ‌فصل ثمَّ تَأمل إِذا نصبت خيمة اَوْ فسطاطا كَيفَ تمده من كل جَانب

- ‌فصل ثمَّ تَأمل الْحِكْمَة فِي خلق الْوَرق فَإنَّك ترى فِي الورقة الْوَاحِدَة من جملَة

- ‌فصل ثمَّ تَأمل حِكْمَة اللَّطِيف الْخَبِير فِي كَونهَا جعلت زِينَة للشجر وسترا

- ‌فصل ثمَّ تَأمل حكمته سُبْحَانَهُ فِي إبداع الْعَجم والنوى فِي جَوف الثَّمَرَة وَمَا

- ‌فصل ثمَّ تَأمل خلقه الرُّمَّان وماذا فِيهِ من الحكم والعجائب فَإنَّك ترى دَاخل

- ‌فصل ثمَّ تَأمل هَذَا الرّيع والنماء الَّذِي وَضعه الله فِي الزَّرْع حَتَّى صَارَت

- ‌فصل ثمَّ تَأمل الْحِكْمَة فِي الْحُبُوب كالبر وَالشعِير وَنَحْوهمَا كَيفَ يخرج الْحبّ

- ‌فصل ثمَّ تَأمل الْحِكْمَة الباهرة فِي هَذِه الاشجار كَيفَ ترَاهَا فِي كل عَام

- ‌فصل ثمَّ تَأمل الْحِكْمَة فِي شَجَرَة اليقطين والبطيخ والجزر كَيفَ لما اقْتَضَت

- ‌فصل ثمَّ تَأمل هَذِه النَّخْلَة الَّتِي هِيَ احدى آيَات الله تَجِد فِيهَا من

- ‌فصل ثمَّ تَأمل احوال هَذِه العقاقير والادوية الَّتِي يُخرجهَا الله من

- ‌فصل ثمَّ تَأمل الْحِكْمَة الْبَالِغَة فِي اعطائه سُبْحَانَهُ بَهِيمَة الانعام

- ‌فصل ثمَّ تَأمل الْحِكْمَة فِي خلق الات الْبَطْش فِي الْحَيَوَانَات من الانسان

- ‌فصل ثمَّ تَأمل الْحِكْمَة فِي خلقَة الْحَيَوَان الَّذِي يَأْكُل اللَّحْم من الْبَهَائِم

- ‌فصل ثمَّ تَأمل اولا ذَوَات الاربع من الْحَيَوَان كَيفَ ترَاهَا تتبع امهاتها

- ‌فصل ثمَّ تَأمل الْحِكْمَة الْبَالِغَة فِي قَوَائِم الْحَيَوَان كَيفَ اقْتَضَت ان يكون

- ‌فصل ثمَّ تَأمل الْحِكْمَة الْبَالِغَة فِي ان جعل ظُهُور الدَّوَابّ مبسوطة كَأَنَّهَا

- ‌فصل ثمَّ تَأمل الْحِكْمَة فِي كَون فرج الدَّابَّة جعل بارزا من وَرَائِهَا ليتَمَكَّن

- ‌فصل ثمَّ تَأمل كَيفَ كُسِيت اجسام الْحَيَوَان البهيمي هَذِه الْكسْوَة من الشّعْر

- ‌فصل ثمَّ تَأمل حِكْمَة عَجِيبَة جعلت للبهائم والوحوش وَالسِّبَاع وَالدَّوَاب على

- ‌فصل ثمَّ تَأمل الْحِكْمَة الباهرة فِي وَجه الدَّابَّة كَيفَ هُوَ فانك ترى الْعَينَيْنِ

- ‌فصل ثمَّ تَأمل شفر الْفِيل وَمَا فِيهِ من الحكم الباهرة فَإِنَّهُ يقوم لَهُ

- ‌فصل ثمَّ تَأمل خلق الزرافة وَاخْتِلَاف اعضائهم وَشبههَا باعضاء جَمِيع

- ‌فصل ثمَّ تَأمل هَذِه النملة الضعيفة وَمَا اعطيته من الفطنة اَوْ لحيلة فِي

- ‌فصل وَمن عَجِيب الفطنة فِي الْحَيَوَان ان الثَّعْلَب إِذا اعوزه الطَّعَام وَلم

- ‌فصل ثمَّ تَأمل جسم الطَّائِر وخلقته فَإِنَّهُ حِين قدر بَان يكون طائرا فِي

- ‌فصل ثمَّ تَأمل خلقَة الْبَيْضَة وَمَا فِيهَا من المخ الاصفر الخاثر وَالْمَاء

- ‌فصل وَتَأمل الْحِكْمَة فِي حوصلة الطَّائِر وَمَا قدرت لَهُ فَإِن فِي مَسْلَك الطَّعَام

- ‌فصل ثمَّ تَأمل هَذِه الالوان والاصباغ والوشى الَّتِي ترَاهَا فِي كثير من

- ‌فصل تَأمل هَذَا الطَّائِر الطَّوِيل السَّاقَيْن وَأعرف الْمَنْفَعَة فِي طول سَاقيه

- ‌فصل ثمَّ تَأمل احوال النَّحْل وَمَا فِيهَا من العبر والايات فَانْظُر اليها

- ‌فصل وَمن اعْجَبْ امرها مَالا يَهْتَدِي لَهُ اكثر النَّاس ولايعرفونه وَهُوَ

- ‌فصل ثمَّ تَأمل الْعبْرَة الَّتِي ذكرهَا الله عز وجل فِي الانعام وَمَا سقانا

- ‌فصل ثمَّ تَأمل الْعبْرَة فِي السّمك وَكَيْفِيَّة خلقته وَأَنه خلق غير ذِي قَوَائِم

- ‌فصل فاعد الان النّظر فِيك وَفِي نَفسك مرّة ثَانِيَة من الَّذِي دبرك بالطف

- ‌فصل فَانْظُر كَيفَ جعلت آلَات الْجِمَاع فِي الذّكر والانثى جَمِيعًا على وفْق

- ‌فصل فَارْجِع الان الى نَفسك وَكرر النّظر فِيك فَهُوَ يَكْفِيك وَتَأمل اعضاءك

- ‌فصل فاعد النّظر فِي نَفسك وَتَأمل حِكْمَة اللَّطِيف الْخَبِير فِي تركيب الْبدن

- ‌فصل قَالَ الله تَعَالَى وَلَقَد كرمنا بني آدم وحملناهم فِي الْبر وَالْبَحْر

- ‌فصل فاعد النّظر فِي نَفسك وَحِكْمَة الخلاق الْعَلِيم فِي خلقك وَانْظُر الى

- ‌فصل ثمَّ اعينت هَذِه الْحَواس بمخلوقات اخر مُنْفَصِلَة عَنْهَا تكون وَاسِطَة فِي

- ‌فصل ثمَّ تَأمل حَال من عدم الْبَصَر وَمَا يَنَالهُ من الْخلَل فِي أُمُوره فَإِنَّهُ

- ‌فصل وَأما من عدم البيانين بَيَان الْقلب وَبَيَان اللِّسَان فَذَلِك بِمَنْزِلَة

- ‌فصل ثمَّ تَأمل حكمته فِي الاعضاء الَّتِي خلقت فِيك آحادا ومثنى وَثَلَاث

- ‌فصل من ايْنَ للطبيعة هَذَا الِاخْتِلَاف وَالْفرق الْحَاصِل فِي النَّوْع الانسان

- ‌فصل ثمَّ تَأمل لم صَارَت الْمَرْأَة وَالرجل إِذا ادركا اشْتَركَا فِي نَبَات

- ‌فصل ثمَّ تَأمل هَذَا الصَّوْت الْخَارِج من الْحلق وتهيئة آلاته وَالْكَلَام

- ‌فصل وَفِي هَذِه الالات مآرب اخرى وَمَنَافع سوى مَنْفَعَة الْكَلَام فَفِي الحنجرة

- ‌فصل وَمن جعل فِي الْحلق منفذين احدهما للصوت وَالنَّفس الْوَاصِل الى الرئة

- ‌فصل ثمَّ تَأمل حِكْمَة الله تَعَالَى فِي كَثْرَة بكاء الاطفال وَمَا لَهُم فِيهِ

- ‌فصل وَكَذَلِكَ اعطاهم من الْعُلُوم الْمُتَعَلّقَة بصلاح معاشهم ودنياهم بِقدر

- ‌فصل وَمن حكمته سُبْحَانَهُ مَا مَنعهم من الْعلم علم السَّاعَة وَمَعْرِفَة آجالهم

- ‌فصل وَمِنْهَا انه سُبْحَانَهُ يجب ان يتفضل عَلَيْهِم وَيتم عَلَيْهِم نعمه وَيُرِيهمْ

- ‌فصل وَمِنْهَا انه سُبْحَانَهُ لَهُ الاسماء الْحسنى وَلكُل اسْم من اسمائه اثر من

- ‌فصل وَمِنْه انه سُبْحَانَهُ يعرف عباده عزه فِي قَضَائِهِ وَقدره ونفوذ مَشِيئَته

- ‌فصل وَمِنْهَا انه يعرف العَبْد حَاجته إِلَى حفظه لَهُ ومعونته وصيانته وانه

- ‌فصل وَمِنْهَا انه سُبْحَانَهُ يستجلب من عَبده بذلك مَا هُوَ من اعظم أَسبَاب

- ‌فصل وَمِنْهَا انه سُبْحَانَهُ يسْتَخْرج بذلك من عَبده تَمام عبوديته فَإِن تَمام

- ‌فصل وَمِنْهَا ان العَبْد يعرف حَقِيقَة نَفسه وَأَنَّهَا الظالمة وان مَا صدر مِنْهَا

- ‌فصل وَمِنْهَا تَعْرِيفه سُبْحَانَهُ عَبده سَعَة حلمه وَكَرمه فِي ستره عَلَيْهِ وَأَنه لَو

- ‌فصل وَمِنْهَا تَعْرِيفه عَبده انه لَا سَبِيل لَهُ إِلَى النجَاة إِلَّا بعفوه ومغفرته

- ‌فصل وَمِنْهَا تَعْرِيفه عَبده كرمه سُبْحَانَهُ فِي قبُول تَوْبَته ومغفرته لَهُ على

- ‌فصل وَمِنْهَا إِقَامَة حجَّة عدله على عَبده ليعلم العَبْد ان لله عَلَيْهِ الْحجَّة

- ‌فصل وَمِنْهَا ان يُعَامل العَبْد بني جنسه فِي إسائتهم اليه وزلاتهم مَعَه

- ‌فصل وَمِنْهَا انه إِذا عرف هَذَا فاحسن الى من اساء اليه وَلم يُقَابله

- ‌فصل وَمِنْهَا ان يخلع صولة الطَّاعَة من قلبه وَينْزع عَنهُ رِدَاء الْكبر

- ‌فصل وَمِنْهَا ان لله عز وجل على الْقُلُوب انواعا من الْعُبُودِيَّة من الخشية

- ‌فصل وَمِنْهَا انه يعرف العَبْد مِقْدَار نعْمَة معافاته وفضله فِي توفيقه لَهُ

- ‌فصل وَمِنْهَا ان التَّوْبَة توجب للتائب آثارا عَجِيبَة من المقامات الَّتِي لَا

- ‌فصل وَمِنْهَا ان الله سُبْحَانَهُ يُحِبهُ ويفرح بتوبته اعظم فَرح وَقد تقرر ان

- ‌فصل وَمِنْهَا انه إِذا شهد ذنُوبه ومعاصيه وتفريطه فِي حق ربه استكثر

- ‌فصل وَمِنْهَا ان الذَّنب يُوجب لصَاحبه التقيظ والتحرز من مصائد عدوه

- ‌فصل وَمِنْهَا ان الْقلب يكون ذاهلا عَن عدوه معرضًا عَنهُ مشتغلا بِبَعْض

- ‌فصل وَمِنْهَا ان مثل هَذَا يصير كالطبيب ينْتَفع بِهِ المرضى فِي علاجهم

- ‌فصل وَمِنْهَا انه سُبْحَانَهُ يُذِيق عَبده الم الْحجاب عَنهُ وَالْعَبْد وَزَوَال ذَلِك

- ‌فصل وَمِنْهَا ان الْحِكْمَة الالهية اقْتَضَت تركيب الشَّهْوَة وَالْغَضَب فِي الانسان

- ‌فصل وَمِنْهَا ان الله سُبْحَانَهُ إِذا أَرَادَ بِعَبْدِهِ خيرا انساه رُؤْيَة طاعاته

- ‌فصل وَمِنْهَا ان شُهُود العَبْد ذنُوبه وخطاياه مُوجب لَهُ ان لَا يرى لنَفسِهِ

- ‌فصل وَمِنْهَا انه وَيُوجب لَهُ الامساك عَن عُيُوب النَّاس والفكر فِيهَا فَإِنَّهُ فِي

- ‌فصل وَمِنْهَا انه إِذا شهدنفسه مَعَ ربه مسيئا خاطئا مفرطا مَعَ فرط إِحْسَان

- ‌فصل وَإِذا تَأَمَّلت حكمته سُبْحَانَهُ فِيمَا ابتلى بِهِ عباده وصفوته بِمَا ساقهم

- ‌فصل ثمَّ تَأمل حَال الكليم مُوسَى عليه السلام وَمَا آلت اليه محنته

- ‌فصل فَإِذا جِئْت الى النَّبِي وتأملت سيرته مَعَ قومه وَصَبره فِي الله

- ‌فصل وَإِذا تَأَمَّلت الْحِكْمَة الباهرة فِي هَذَا الدّين القويم وَالْملَّة

- ‌فصل وبصائر النَّاس فِي هَذَا النُّور الباهر تَنْقَسِم الى ثَلَاثَة اقسام احدها

- ‌فصل قد شهِدت الْفطر والعقول بِأَن للْعَالم رَبًّا قَادِرًا حَلِيمًا عليما رحِيما

الفصل: ‌فصل ثم تأمل الحكمة العجيبة في الجبال الذي يحسبها الجاهل الغافل

وَلَا تِجَارَة وَلَا حراثة وَلَا مصلحَة وَكَيف كَانُوا يتهنون بالعيش والارض ترتج من تَحْتَهُ وَاعْتبر ذَلِك بِمَا يصيبهم من الزلازل على قلَّة مكثها كَيفَ تصيرهم الى ترك مَنَازِلهمْ والهرب عَنْهَا وَقد نبه الله تَعَالَى على ذَلِك بقوله {وَألقى فِي الأَرْض رواسي أَن تميد بكم} وَقَوله تَعَالَى {الله الَّذِي جعل لكم الأَرْض قرارا} وَقَوله الله الَّذِي جعل لكم الارض مهدا وَفِي الْقِرَاءَة الاخرى مهادا وَفِي جَامع التِّرْمِذِيّ وَغَيره من حَدِيث انس بن مَالك عَن النَّبِي قَالَ لما خلق الله الارض جعلت تميد فخلق الْجبَال عَلَيْهَا فاستقرت فعجبت الْمَلَائِكَة من شدَّة الْجبَال فَقَالُوا يَا رب هَل من خلقك شَيْء اشد من الْجبَال قَالَ نعم الْحَدِيد قَالُوا يَا رب هَل من خلقك شَيْء أَشد من الْحَدِيد قَالَ نعم النَّار قَالُوا يَا رب فَهَل من خلقك شَيْء اشد من النَّار قَالَ نعم الرّيح قَالُوا يَا رب فَهَل من خلقك شَيْء اشد من الرّيح قَالَ نعم ابْن آدم يتَصَدَّق صَدَقَة بِيَمِينِهِ يخفيها عَن شِمَاله ثمَّ تَأمل الْحِكْمَة الْبَالِغَة فِي ليونة الارض مَعَ يبسها فانها لَو افرطت فِي اللين كالطين لم يسْتَقرّ عَلَيْهَا بِنَاء وَلَا حَيَوَان وَلَا تمَكنا من الِانْتِفَاع بهَا وَلَو افرطت فِي اليبس كالحجر لم يُمكن حرثها وَلَا زَرعهَا وَلَا شقها وفلحها وَلَا حفر عيونها وَلَا الْبناء عَلَيْهَا فنقصت عَن يبس الْحِجَارَة وزادت على ليونة الطين فَجَاءَت بِتَقْدِير فاطرها على احسن مَا جَاءَ عَلَيْهِ مهاد للحيوان من الِاعْتِدَال بَين اللين واليبوسة فتهيأ عَلَيْهَا جَمِيع الْمصَالح

‌فصل ثمَّ تَأمل تَأمل الْحِكْمَة الْبَالِغَة فِي ان جعل مهب الشمَال عَلَيْهَا ارْفَعْ

من مهب الْجنُوب وَحِكْمَة ذَلِك ان تتحدر الْمِيَاه على وَجه الارض فتسقيها وترويها ثمَّ تفيض فتصب فِي الْبَحْر فَكَمَا ان الْبَانِي إِذا رفع سطحا رفع اُحْدُ جانبيه وخفض الاخر ليَكُون مصبا للْمَاء وَلَو جعله مستويا لقام عَلَيْهِ المَاء فافسده كَذَلِك جعل مهب الشمَال فِي كل بلد ارْفَعْ من مهب الْجنُوب وَلَوْلَا ذَلِك لبقي المَاء وَاقِفًا على وَجه الارض فَمنع النَّاس من الْعَمَل وَالِانْتِفَاع وَقطع الطّرق والمسالك واضر بالخلق افيحسن عِنْد من لَهُ مسكة من عقل ان يَقُول هَذَا كُله اتِّفَاق من غير تَدْبِير الْعَزِيز الْحَكِيم الَّذِي اتقن كل شَيْء

‌فصل ثمَّ تَأمل الْحِكْمَة العجيبة فِي الْجبَال الَّذِي يحسبها الْجَاهِل الغافل

فضلَة فِي الارض لَا حَاجَة اليها وفيهَا من الْمَنَافِع مَالا يُحْصِيه الا خَالِقهَا وناصبها وَفِي حَدِيث إِسْلَام ضمام بن ثَعْلَبَة قَوْله للنَّبِي بِالَّذِي نصب الْجبَال واودع فِيهَا الْمَنَافِع آللَّهُ امرك بِكَذَا وَكَذَا قَالَ اللَّهُمَّ نعم فَمن مَنَافِعهَا ان الثَّلج يسْقط عَلَيْهَا فَيبقى فِي قللها حَاصِلا لشراب النَّاس الى حِين نقاذه وَجعل

ص: 218

فِيهَا ليذوب اولا فأولا فتجيء مِنْهُ السُّيُول الغزيرة وتسيل مِنْهُ الانهار والاودية فينبت فِي المروج والوهاد والربا ضروب النَّبَات والفواكه والادوية الَّتِي لَا يكون مثلهَا فِي السهل والرمل فلولا الْجبَال لسقط الثَّلج على وَجه الارض فانحل جملَة وساح دفْعَة فَعدم وَقت الْحَاجة اليه وَكَانَ فِي انحلاله جملَة السُّيُول الَّتِي تهْلك مَا مرت عَلَيْهِ فَيضر بِالنَّاسِ ضَرَرا لَا يُمكن تلافيه وَلَا دَفعه لاذيته من مَنَافِعهَا مَا يكون فِي حصونها وقللها من المغارات والكهوف والمعاقل الَّتِي منزلَة الْحُصُون والقلاع وَهِي ايضا اكنان للنَّاس وَالْحَيَوَان وَمن مَنَافِعهَا مَا ينحت من احجارها للأبينة على اخْتِلَاف اصنافها والارحية وَغَيرهَا وَمن مَنَافِعهَا مَا يُوجد فِيهَا من الْمَعَادِن على اخْتِلَاف اصنافها من الذَّهَب وَالْفِضَّة والنحاس وَالْحَدِيد والرصاص والزبرجد والزمرد واضعاف ذَلِك من انواع الْمَعَادِن الَّذِي يعجز الْبشر عَن مَعْرفَتهَا على التَّفْصِيل حَتَّى ان فِيهَا مَا يكون الشَّيْء الْيَسِير مِنْهُ تزيد قِيمَته ومنفعته على قيمَة الذَّهَب باضعاف مضاعفة وفيهَا من الْمَنَافِع مَالا يُعلمهُ الا فاطرها ومبدعها سُبْحَانَهُ وَمن مَنَافِعهَا ايضا انها ترد الرِّيَاح الْعَاصِفَة وتكسر حدتها فَلَا تدعها تصدم مَا تحتهَا وَلِهَذَا فالساكنون تحتهَا فِي امان من الرِّيَاح الْعِظَام المؤذية وَمن مَنَافِعهَا ايضا انها ترد عَنْهُم السُّيُول إِذا كَانَت فِي مجاريها فتصرفها عَنْهُم ذَات الْيَمين وَذَات الشمَال ولولاها خربَتْ السُّيُول فِي مجاريها مَا مرت بِهِ فَتكون لَهُم بِمَنْزِلَة السد والسكن وَمن مَنَافِعهَا انها أَعْلَام يسْتَدلّ بهَا فِي الطرقات فَهِيَ منزلَة الادلة المنصوبة المرشدة الى الطّرق وَلِهَذَا سَمَّاهَا الله أعلاما فَقَالَ وَمن آيَاته الْجَوَارِي فِي الْبَحْر كالاعلام فالجواري هِيَ السفن والاعلام الْجبَال وَاحِدهَا علم قَالَت الخنساء

وَأَن صخرا لتأتم الهداة بِهِ

كانه علم فِي راسه نَار فَسمى الْجَبَل علما من الْعَلامَة والظهور وَمن مَنَافِعهَا ايضا مَا ينْبت فِيهَا من العقاقير والادوية الَّتِي لَا تكون فِي السهول والرمال كَمَا ان مَا ينْبت فِي السهول والرمال لَا ينْبت مثله فِي الْجبَال وَفِي كل من هَذَا وَهَذَا مَنَافِع وَحكم لَا يُحِيط بِهِ الا الخلاق الْعَلِيم وَمن مَنَافِعهَا انها تكون حصونا من الاعداء يتحرز فِيهَا عباد الله من اعدائهم كَمَا يتحصنون بالقلاع بل تكون أبلغ وَأحْصن من كثير من القلاع والمدن وَمن مَنَافِعهَا مَا ذكره الله تَعَالَى فِي كِتَابه ان جعلهَا للْأَرْض اوتادا تثبتها ورواسي بِمَنْزِلَة مراسي السفن واعظم بهَا من مَنْفَعَة وَحِكْمَة هَذَا وَإِذا تَأَمَّلت خلقتها العجيبة البديعة على هَذَا الْوَضع وَجدتهَا فِي غَايَة الْمُطَابقَة للحكمة فانها لَو طَالَتْ واستدفت كالحائط لتعذر الصعُود عَلَيْهَا وَالِانْتِفَاع بهَا وسترت عَن النَّاس الشَّمْس والهواء فَلم يتمكنوا من الِانْتِفَاع بهَا وَلَو بسطت على وَجه الارض لضيقت عَلَيْهِم الْمزَارِع والمساكن ولملأت السهل وَلما حصل لَهُم بهَا الِانْتِفَاع من التحصن والمغارات والاكنان وَلما سترت عَنْهُم الرِّيَاح وَلما حجبت السُّيُول

ص: 219

وَلَو جعلت مستديرة شكل الكرة لم يتمكنوا من صعودها وَلما حصل لَهُم بهَا الِانْتِفَاع التَّام فَكَانَ اولى الاشكال والاوضاع بهَا واليقها واوقعها على وفْق الْمصلحَة هَذَا الشكل الَّذِي نصبت عَلَيْهِ وَلَقَد دَعَانَا الله سُبْحَانَهُ فِي كِتَابه الى النّظر فِيهَا وَفِي كَيْفيَّة خلقهَا فَقَالَ {أَفلا ينظرُونَ إِلَى الْإِبِل كَيفَ خلقت وَإِلَى السَّمَاء كَيفَ رفعت وَإِلَى الْجبَال كَيفَ نصبت} فخلقها ومنافعها من اكبر الشواهد على قدره باريها وفاطرها وَعلمه وحكمته ووحدانيته هَذَا مَعَ انها تسبح بِحَمْدِهِ وتخشع لَهُ وتسجد وتشقق وتهبط من خَشيته وَهِي الَّتِي خَافت من رَبهَا وفاطرها وخالقها على شدتها وَعظم خلقهَا من الامانة إِذْ عرضهَا عَلَيْهَا واشفقت من حملهَا وَمِنْهَا الْجَبَل الَّذِي كلم الله عَلَيْهِ مُوسَى كليمه ونجيه وَمِنْهَا الْجَبَل الَّذِي تجلى لَهُ ربه فساخ وتدكدك وَمِنْهَا الْجَبَل الَّذِي حبب الله رَسُوله واصحابه اليه واحبه رَسُول الله وَأَصْحَابه وَمِنْهَا الجبلان اللَّذَان جَعلهمَا الله سورا على نبيه وَجعل الصَّفَا فِي ذيل احدهما والمروة فِي ذيل الاخر وَشرع لِعِبَادِهِ السَّعْي بَينهمَا وَجعله من مناسكهم وتعبداتهم وَمِنْهَا جبل الرَّحْمَة الْمَنْصُوب عَلَيْهِ ميدان عَرَفَات فَللَّه كم بِهِ من ذَنْب مغْفُور وعثرة مقَالَة وزلة مَعْفُو عَنْهَا وحاجة مقضية وكربة مفروجة وبلية مَرْفُوعَة ونعمة متجددة وسعادة مكتسبة وشقاوة ممحوة كَيفَ وَهُوَ الْجَبَل الْمَخْصُوص بذلك الْجمع الاعظم والوفد الاكرم الَّذين جاؤا من كل فج عميق وقوفا لرَبهم مستكينين لعظمته خاشعين لعزته شعثا غبرا حاسرين عَن رُؤْسهمْ يستقبلوله عثراتهم ويسألونه حاجاتهم فيدنو مِنْهُم ثمَّ يباهي بهم الْمَلَائِكَة فَللَّه ذَاك الْجَبَل وَمَا ينزل عَلَيْهِ من الرَّحْمَة والتجاوز عَن الذُّنُوب الْعِظَام وَمِنْهَا جبل حراء الَّذِي كَانَ رَسُول الله يَخْلُو فِيهِ بربه حَتَّى اكرمه الله برسالته وَهُوَ فِي غَارة فَهُوَ الْجَبَل الَّذِي فاض مِنْهُ النُّور على اقطار الْعَالم فَإِنَّهُ ليفخر على الْجبَال وَحقّ لَهُ ذَلِك فسبحان من اخْتصَّ برحمته وتكريمه من شَاءَ من الْجبَال وَالرِّجَال فَجعل مِنْهَا جبالا هِيَ مغناطيس الْقُلُوب كَأَنَّهَا مركبة مِنْهُ فَهِيَ تهوى اليها كلما ذكرتها وتهفو نَحْوهَا كَمَا اخْتصَّ من الرِّجَال من خصّه بكرامته وَأتم عَلَيْهِ نعْمَته وَوضع عَلَيْهِ محبته مِنْهُ فَأَحبهُ وحببه الى مَلَائكَته وعباده الْمُؤمنِينَ وَوضع لَهُ الْقبُول فِي الارض بَينهم

وَإِذا تَأَمَّلت الْبِقَاع وَجدتهَا

تشقى كَمَا تشقى الرِّجَال وتسعد فدع عَنْك الْجَبَل الْفُلَانِيّ وجبل بني فلَان وجبل كَذَا

خُذ مَا ترَاهُ ودع شَيْئا سَمِعت بِهِ

فِي طلعة الشَّمْس مَا يُغْنِيك عَن زحل

هَذَا وانها لتعلم ان لَهَا موعدا ويما تنسف فِيهَا نسفا وَتصير كالعهن من هوله وعظمه فَهِيَ مشفقة من هول ذَلِك الْموعد منتظرة لَهُ وَكَانَت ام الدَّرْدَاء رضى الله عَنْهَا إِذا سَافَرت فَصَعدت على جبل تَقول لمن مَعهَا اسمعت الْجبَال مَا وعدها رَبهَا فَيُقَال مَا اسمعها فَتَقول {ويسألونك}

ص: 220