المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل فاعد الان النظر فيك وفي نفسك مرة ثانية من الذي دبرك بالطف - مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط العلمية - جـ ١

[ابن القيم]

فهرس الكتاب

- ‌فصل وَلما اهبطه سُبْحَانَهُ من الْجنَّة وَعرضه وَذريته لانواع المحن وَالْبَلَاء

- ‌فصل وَهَذَانِ الضلالان اعني الضلال والشقاء يذكرهما سُبْحَانَهُ كثيرا فِي

- ‌فصل وَقَوله تَعَالَى فاما ياتينكم مني هدى هُوَ خطاب لمن اهبطه من الْجنَّة

- ‌فصل ومتابعة هدى الله الَّتِي رتب عَلَيْهَا هَذِه الامور هِيَ تَصْدِيق خَبره من

- ‌فصل وَالْقلب السَّلِيم الَّذِي ينجو من عَذَاب الله هُوَ الْقلب الَّذِي قد سلم

- ‌فصل وَهَذِه الْمُتَابَعَة هِيَ التِّلَاوَة الَّتِي اثنى الله على اهلها فِي قَوْله

- ‌فصل ثمَّ قَالَ تَعَالَى وَمن اعْرِض عَن ذكري فَإِن لَهُ معيشة ضنكا ونحشره

- ‌فصل وَقَوله تَعَالَى فَإِن لَهُ معيشة ضنكا فَسرهَا غير وَاحِد من السّلف بِعَذَاب

- ‌فصل وَقَوله تَعَالَى ونحشره يَوْم الْقِيَامَة أعمى قَالَ رب لم حشرتني اعمى

- ‌فصل وَالْمَقْصُود ان الله سبحانه وتعالى لما اقْتَضَت حكمته وَرَحمته إِخْرَاج

- ‌قَالَ الله تعال شهد الله انه لَا إِلَه إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَة واولو الْعلم قَائِما

- ‌فصل وَهَذَا الحَدِيث لَهُ طرق عديدة مِنْهَا مَا رَوَاهُ ابْن عدي عَن مُوسَى

- ‌فصل إِذا عرف هَذَا فالفكر هُوَ احضار معرفتين فِي الْقلب ليستثمر مِنْهُمَا

- ‌فصل وَإِذا تَأَمَّلت مَا دعى الله سُبْحَانَهُ فِي كِتَابه عباده الى الْفِكر فِيهِ

- ‌فصل فَارْجِع الان الى النُّطْفَة وَتَأمل حَالهَا اولا وَمَا صَارَت اليه ثَانِيًا

- ‌فصل وَالنَّظَر فِي هَذِه الايات وامثالها نَوْعَانِ نظر اليها بالبصر الظَّاهِر

- ‌فصل وَإِذا نظرت الى الارض وَكَيف خلقت رَأَيْتهَا من اعظم آيَات فاطرها

- ‌فصل وَمن آيَاته سُبْحَانَهُ تَعَالَى اللَّيْل وَالنَّهَار وهما من اعْجَبْ آيَاته

- ‌فصل وَمن آيَاته وعجائب مصنوعاته الْبحار المكتنفة لاقطار الارض الَّتِي هِيَ

- ‌فصل وَمن آيَاته سُبْحَانَهُ خلق الْحَيَوَان على اخْتِلَاف صِفَاته واجناسه

- ‌فصل تامل الْعبْرَة فِي مَوضِع هَذَا الْعَالم وتاليف أَجْزَائِهِ ونظمها على احسن

- ‌فصل فَتَأمل خلق السَّمَاء وارجع الْبَصَر فِيهَا كرة بعد كرة كَيفَ ترَاهَا من

- ‌فصل ثمَّ تَأمل حَال الشَّمْس وَالْقَمَر فِي طلوعهما وغروبهما لاقامة دَوْلَتِي

- ‌فصل ثمَّ تَأمل بعد ذَلِك احوال هَذِه الشَّمْس فِي انخفاضها وارتفاعها لاقامة

- ‌فصل ثمَّ تَأمل حَال الشَّمْس وَالْقَمَر وَمَا اودعاه من النُّور والاضاءة وَكَيف

- ‌فصل ثمَّ تَأمل الْحِكْمَة فِي طُلُوع الشَّمْس على الْعَالم كَيفَ قدره الْعَزِيز

- ‌فصل ثمَّ تَأمل الْحِكْمَة فِي مقادير اللَّيْل وَالنَّهَار تجدها على غَايَة

- ‌فصل ثمَّ تَأمل إنارة الْقَمَر وَالْكَوَاكِب فِي ظلمَة اللَّيْل وَالْحكمَة فِي ذَلِك

- ‌فصل ثمَّ تَأمل حكمته تبارك وتعالى فِي هَذِه النُّجُوم وَكَثْرَتهَا وَعَجِيب خلقهَا

- ‌فصل ثمَّ تَأمل اخْتِلَاف سير الْكَوَاكِب وَمَا فِيهِ من الْعَجَائِب كَيفَ تَجِد بَعْضهَا لَا

- ‌فصل ثمَّ تامل هَذَا الْفلك الدوار بشمسه وقمره ونجومه وبروجه وَكَيف يَدُور

- ‌فصل فسل الْمُعَطل الجاحد مَا تَقول فِي دولاب دائر على نهر قد احكمت

- ‌فصل ثمَّ تَأمل الممسك لِلسَّمَوَاتِ والارض الْحَافِظ لَهما ان تَزُولَا اَوْ تقعا

- ‌فصل ثمَّ تَأمل هَذِه الْحِكْمَة الْبَالِغَة فِي الْحر وَالْبرد وَقيام الْحَيَوَان

- ‌فصل ثمَّ تَأمل الْحِكْمَة فِي خلق النَّار على مَا هِيَ عَلَيْهِ من الكمون

- ‌فصل ثمَّ تَأمل حكمته تَعَالَى فِي كَونه خص بهَا الانسان دون غَيره من

- ‌فصل ثمَّ تامل هَذَا الْهَوَاء وَمَا فِيهِ من الْمصَالح فَإِنَّهُ حَيَاة هَذِه الابدان

- ‌فصل ثمَّ تَأمل خلق الارض على مَا هِيَ عَلَيْهِ حِين خلقهَا واقفة سَاكِنة

- ‌فصل ثمَّ تَأمل تَأمل الْحِكْمَة الْبَالِغَة فِي ان جعل مهب الشمَال عَلَيْهَا ارْفَعْ

- ‌فصل ثمَّ تَأمل الْحِكْمَة العجيبة فِي الْجبَال الَّذِي يحسبها الْجَاهِل الغافل

- ‌فصل وَلما اقْتَضَت حكمته تبارك وتعالى ان جعل من الارض السهل والوعر

- ‌فصل وَلما كَانَت الرِّيَاح تجول فِيهَا وَتدْخل فِي تجاويفها وتحدث فِيهَا

- ‌فصل ثمَّ تَأمل حِكْمَة الله عز وجل فِي عزة هذَيْن النَّقْدَيْنِ الذَّهَب وَالْفِضَّة

- ‌فصل وَتَأمل الْحِكْمَة البديعة فِي تيسيره سُبْحَانَهُ على عباده مَا هم احوج

- ‌فصل وَمن ذَلِك سَعَة الارض وامتدادها وَلَوْلَا ذَلِك لضاقت عَن مسَاكِن الانس

- ‌فصل ثمَّ تَأمل الْحِكْمَة الْبَالِغَة فِي نزُول الْمَطَر على الارض من علو ليعم

- ‌فصل ثمَّ تَأمل الْحِكْمَة البا لُغَة فِي إنزاله بِقدر الْحَاجة حَتَّى إِذا اخذت

- ‌فصل ثمَّ تَأمل الْحِكْمَة الالهية فِي اخراج الاقوات وَالثِّمَار والحبوب

- ‌فصل ثمَّ تَأمل إِذا نصبت خيمة اَوْ فسطاطا كَيفَ تمده من كل جَانب

- ‌فصل ثمَّ تَأمل الْحِكْمَة فِي خلق الْوَرق فَإنَّك ترى فِي الورقة الْوَاحِدَة من جملَة

- ‌فصل ثمَّ تَأمل حِكْمَة اللَّطِيف الْخَبِير فِي كَونهَا جعلت زِينَة للشجر وسترا

- ‌فصل ثمَّ تَأمل حكمته سُبْحَانَهُ فِي إبداع الْعَجم والنوى فِي جَوف الثَّمَرَة وَمَا

- ‌فصل ثمَّ تَأمل خلقه الرُّمَّان وماذا فِيهِ من الحكم والعجائب فَإنَّك ترى دَاخل

- ‌فصل ثمَّ تَأمل هَذَا الرّيع والنماء الَّذِي وَضعه الله فِي الزَّرْع حَتَّى صَارَت

- ‌فصل ثمَّ تَأمل الْحِكْمَة فِي الْحُبُوب كالبر وَالشعِير وَنَحْوهمَا كَيفَ يخرج الْحبّ

- ‌فصل ثمَّ تَأمل الْحِكْمَة الباهرة فِي هَذِه الاشجار كَيفَ ترَاهَا فِي كل عَام

- ‌فصل ثمَّ تَأمل الْحِكْمَة فِي شَجَرَة اليقطين والبطيخ والجزر كَيفَ لما اقْتَضَت

- ‌فصل ثمَّ تَأمل هَذِه النَّخْلَة الَّتِي هِيَ احدى آيَات الله تَجِد فِيهَا من

- ‌فصل ثمَّ تَأمل احوال هَذِه العقاقير والادوية الَّتِي يُخرجهَا الله من

- ‌فصل ثمَّ تَأمل الْحِكْمَة الْبَالِغَة فِي اعطائه سُبْحَانَهُ بَهِيمَة الانعام

- ‌فصل ثمَّ تَأمل الْحِكْمَة فِي خلق الات الْبَطْش فِي الْحَيَوَانَات من الانسان

- ‌فصل ثمَّ تَأمل الْحِكْمَة فِي خلقَة الْحَيَوَان الَّذِي يَأْكُل اللَّحْم من الْبَهَائِم

- ‌فصل ثمَّ تَأمل اولا ذَوَات الاربع من الْحَيَوَان كَيفَ ترَاهَا تتبع امهاتها

- ‌فصل ثمَّ تَأمل الْحِكْمَة الْبَالِغَة فِي قَوَائِم الْحَيَوَان كَيفَ اقْتَضَت ان يكون

- ‌فصل ثمَّ تَأمل الْحِكْمَة الْبَالِغَة فِي ان جعل ظُهُور الدَّوَابّ مبسوطة كَأَنَّهَا

- ‌فصل ثمَّ تَأمل الْحِكْمَة فِي كَون فرج الدَّابَّة جعل بارزا من وَرَائِهَا ليتَمَكَّن

- ‌فصل ثمَّ تَأمل كَيفَ كُسِيت اجسام الْحَيَوَان البهيمي هَذِه الْكسْوَة من الشّعْر

- ‌فصل ثمَّ تَأمل حِكْمَة عَجِيبَة جعلت للبهائم والوحوش وَالسِّبَاع وَالدَّوَاب على

- ‌فصل ثمَّ تَأمل الْحِكْمَة الباهرة فِي وَجه الدَّابَّة كَيفَ هُوَ فانك ترى الْعَينَيْنِ

- ‌فصل ثمَّ تَأمل شفر الْفِيل وَمَا فِيهِ من الحكم الباهرة فَإِنَّهُ يقوم لَهُ

- ‌فصل ثمَّ تَأمل خلق الزرافة وَاخْتِلَاف اعضائهم وَشبههَا باعضاء جَمِيع

- ‌فصل ثمَّ تَأمل هَذِه النملة الضعيفة وَمَا اعطيته من الفطنة اَوْ لحيلة فِي

- ‌فصل وَمن عَجِيب الفطنة فِي الْحَيَوَان ان الثَّعْلَب إِذا اعوزه الطَّعَام وَلم

- ‌فصل ثمَّ تَأمل جسم الطَّائِر وخلقته فَإِنَّهُ حِين قدر بَان يكون طائرا فِي

- ‌فصل ثمَّ تَأمل خلقَة الْبَيْضَة وَمَا فِيهَا من المخ الاصفر الخاثر وَالْمَاء

- ‌فصل وَتَأمل الْحِكْمَة فِي حوصلة الطَّائِر وَمَا قدرت لَهُ فَإِن فِي مَسْلَك الطَّعَام

- ‌فصل ثمَّ تَأمل هَذِه الالوان والاصباغ والوشى الَّتِي ترَاهَا فِي كثير من

- ‌فصل تَأمل هَذَا الطَّائِر الطَّوِيل السَّاقَيْن وَأعرف الْمَنْفَعَة فِي طول سَاقيه

- ‌فصل ثمَّ تَأمل احوال النَّحْل وَمَا فِيهَا من العبر والايات فَانْظُر اليها

- ‌فصل وَمن اعْجَبْ امرها مَالا يَهْتَدِي لَهُ اكثر النَّاس ولايعرفونه وَهُوَ

- ‌فصل ثمَّ تَأمل الْعبْرَة الَّتِي ذكرهَا الله عز وجل فِي الانعام وَمَا سقانا

- ‌فصل ثمَّ تَأمل الْعبْرَة فِي السّمك وَكَيْفِيَّة خلقته وَأَنه خلق غير ذِي قَوَائِم

- ‌فصل فاعد الان النّظر فِيك وَفِي نَفسك مرّة ثَانِيَة من الَّذِي دبرك بالطف

- ‌فصل فَانْظُر كَيفَ جعلت آلَات الْجِمَاع فِي الذّكر والانثى جَمِيعًا على وفْق

- ‌فصل فَارْجِع الان الى نَفسك وَكرر النّظر فِيك فَهُوَ يَكْفِيك وَتَأمل اعضاءك

- ‌فصل فاعد النّظر فِي نَفسك وَتَأمل حِكْمَة اللَّطِيف الْخَبِير فِي تركيب الْبدن

- ‌فصل قَالَ الله تَعَالَى وَلَقَد كرمنا بني آدم وحملناهم فِي الْبر وَالْبَحْر

- ‌فصل فاعد النّظر فِي نَفسك وَحِكْمَة الخلاق الْعَلِيم فِي خلقك وَانْظُر الى

- ‌فصل ثمَّ اعينت هَذِه الْحَواس بمخلوقات اخر مُنْفَصِلَة عَنْهَا تكون وَاسِطَة فِي

- ‌فصل ثمَّ تَأمل حَال من عدم الْبَصَر وَمَا يَنَالهُ من الْخلَل فِي أُمُوره فَإِنَّهُ

- ‌فصل وَأما من عدم البيانين بَيَان الْقلب وَبَيَان اللِّسَان فَذَلِك بِمَنْزِلَة

- ‌فصل ثمَّ تَأمل حكمته فِي الاعضاء الَّتِي خلقت فِيك آحادا ومثنى وَثَلَاث

- ‌فصل من ايْنَ للطبيعة هَذَا الِاخْتِلَاف وَالْفرق الْحَاصِل فِي النَّوْع الانسان

- ‌فصل ثمَّ تَأمل لم صَارَت الْمَرْأَة وَالرجل إِذا ادركا اشْتَركَا فِي نَبَات

- ‌فصل ثمَّ تَأمل هَذَا الصَّوْت الْخَارِج من الْحلق وتهيئة آلاته وَالْكَلَام

- ‌فصل وَفِي هَذِه الالات مآرب اخرى وَمَنَافع سوى مَنْفَعَة الْكَلَام فَفِي الحنجرة

- ‌فصل وَمن جعل فِي الْحلق منفذين احدهما للصوت وَالنَّفس الْوَاصِل الى الرئة

- ‌فصل ثمَّ تَأمل حِكْمَة الله تَعَالَى فِي كَثْرَة بكاء الاطفال وَمَا لَهُم فِيهِ

- ‌فصل وَكَذَلِكَ اعطاهم من الْعُلُوم الْمُتَعَلّقَة بصلاح معاشهم ودنياهم بِقدر

- ‌فصل وَمن حكمته سُبْحَانَهُ مَا مَنعهم من الْعلم علم السَّاعَة وَمَعْرِفَة آجالهم

- ‌فصل وَمِنْهَا انه سُبْحَانَهُ يجب ان يتفضل عَلَيْهِم وَيتم عَلَيْهِم نعمه وَيُرِيهمْ

- ‌فصل وَمِنْهَا انه سُبْحَانَهُ لَهُ الاسماء الْحسنى وَلكُل اسْم من اسمائه اثر من

- ‌فصل وَمِنْه انه سُبْحَانَهُ يعرف عباده عزه فِي قَضَائِهِ وَقدره ونفوذ مَشِيئَته

- ‌فصل وَمِنْهَا انه يعرف العَبْد حَاجته إِلَى حفظه لَهُ ومعونته وصيانته وانه

- ‌فصل وَمِنْهَا انه سُبْحَانَهُ يستجلب من عَبده بذلك مَا هُوَ من اعظم أَسبَاب

- ‌فصل وَمِنْهَا انه سُبْحَانَهُ يسْتَخْرج بذلك من عَبده تَمام عبوديته فَإِن تَمام

- ‌فصل وَمِنْهَا ان العَبْد يعرف حَقِيقَة نَفسه وَأَنَّهَا الظالمة وان مَا صدر مِنْهَا

- ‌فصل وَمِنْهَا تَعْرِيفه سُبْحَانَهُ عَبده سَعَة حلمه وَكَرمه فِي ستره عَلَيْهِ وَأَنه لَو

- ‌فصل وَمِنْهَا تَعْرِيفه عَبده انه لَا سَبِيل لَهُ إِلَى النجَاة إِلَّا بعفوه ومغفرته

- ‌فصل وَمِنْهَا تَعْرِيفه عَبده كرمه سُبْحَانَهُ فِي قبُول تَوْبَته ومغفرته لَهُ على

- ‌فصل وَمِنْهَا إِقَامَة حجَّة عدله على عَبده ليعلم العَبْد ان لله عَلَيْهِ الْحجَّة

- ‌فصل وَمِنْهَا ان يُعَامل العَبْد بني جنسه فِي إسائتهم اليه وزلاتهم مَعَه

- ‌فصل وَمِنْهَا انه إِذا عرف هَذَا فاحسن الى من اساء اليه وَلم يُقَابله

- ‌فصل وَمِنْهَا ان يخلع صولة الطَّاعَة من قلبه وَينْزع عَنهُ رِدَاء الْكبر

- ‌فصل وَمِنْهَا ان لله عز وجل على الْقُلُوب انواعا من الْعُبُودِيَّة من الخشية

- ‌فصل وَمِنْهَا انه يعرف العَبْد مِقْدَار نعْمَة معافاته وفضله فِي توفيقه لَهُ

- ‌فصل وَمِنْهَا ان التَّوْبَة توجب للتائب آثارا عَجِيبَة من المقامات الَّتِي لَا

- ‌فصل وَمِنْهَا ان الله سُبْحَانَهُ يُحِبهُ ويفرح بتوبته اعظم فَرح وَقد تقرر ان

- ‌فصل وَمِنْهَا انه إِذا شهد ذنُوبه ومعاصيه وتفريطه فِي حق ربه استكثر

- ‌فصل وَمِنْهَا ان الذَّنب يُوجب لصَاحبه التقيظ والتحرز من مصائد عدوه

- ‌فصل وَمِنْهَا ان الْقلب يكون ذاهلا عَن عدوه معرضًا عَنهُ مشتغلا بِبَعْض

- ‌فصل وَمِنْهَا ان مثل هَذَا يصير كالطبيب ينْتَفع بِهِ المرضى فِي علاجهم

- ‌فصل وَمِنْهَا انه سُبْحَانَهُ يُذِيق عَبده الم الْحجاب عَنهُ وَالْعَبْد وَزَوَال ذَلِك

- ‌فصل وَمِنْهَا ان الْحِكْمَة الالهية اقْتَضَت تركيب الشَّهْوَة وَالْغَضَب فِي الانسان

- ‌فصل وَمِنْهَا ان الله سُبْحَانَهُ إِذا أَرَادَ بِعَبْدِهِ خيرا انساه رُؤْيَة طاعاته

- ‌فصل وَمِنْهَا ان شُهُود العَبْد ذنُوبه وخطاياه مُوجب لَهُ ان لَا يرى لنَفسِهِ

- ‌فصل وَمِنْهَا انه وَيُوجب لَهُ الامساك عَن عُيُوب النَّاس والفكر فِيهَا فَإِنَّهُ فِي

- ‌فصل وَمِنْهَا انه إِذا شهدنفسه مَعَ ربه مسيئا خاطئا مفرطا مَعَ فرط إِحْسَان

- ‌فصل وَإِذا تَأَمَّلت حكمته سُبْحَانَهُ فِيمَا ابتلى بِهِ عباده وصفوته بِمَا ساقهم

- ‌فصل ثمَّ تَأمل حَال الكليم مُوسَى عليه السلام وَمَا آلت اليه محنته

- ‌فصل فَإِذا جِئْت الى النَّبِي وتأملت سيرته مَعَ قومه وَصَبره فِي الله

- ‌فصل وَإِذا تَأَمَّلت الْحِكْمَة الباهرة فِي هَذَا الدّين القويم وَالْملَّة

- ‌فصل وبصائر النَّاس فِي هَذَا النُّور الباهر تَنْقَسِم الى ثَلَاثَة اقسام احدها

- ‌فصل قد شهِدت الْفطر والعقول بِأَن للْعَالم رَبًّا قَادِرًا حَلِيمًا عليما رحِيما

الفصل: ‌فصل فاعد الان النظر فيك وفي نفسك مرة ثانية من الذي دبرك بالطف

النُّسْخَة من وُجُوههم فلست من المتوسمين واما الاخبار الَّتِي تكَاد تبلغ حد التَّوَاتُر بمسخ من مسخ مِنْهُم عِنْد الْمَوْت خنزيرا فَأكْثر من ان تذكر هَا هُنَا وَقد أفرد لَهَا الْحَافِظ بن عبد الواحد الْمَقْدِسِي كتابا وَتَأمل حكمته تعال فِي عَذَاب الامم السالفة بِعَذَاب الاستئصال لما كَانُوا اطول اعمارا واعظم قوى واعتى على الله وعَلى رَسُوله فَلَمَّا تقاصرت الاعمار وضعفت القوى رفع عَذَاب الاستئصال وَجعل عَذَابهمْ بأيدي الْمُؤمنِينَ فَكَانَت الْحِكْمَة فِي كل وَاحِد من الامرين مَا اقتضته فِي وقته وَتَأمل حكمته تبارك وتعالى فِي إرْسَال الرُّسُل فِي الامم وَاحِدًا بعد وَاحِد كلما مَاتَ وَاحِد خَلفه آخر لحاجتها الى تتَابع الرُّسُل والانبياء لضعف عقولها وَعدم اكتفائها بآثار شَرِيعَة الرَّسُول السَّابِق فَلَمَّا انْتَهَت النُّبُوَّة الى مُحَمَّد بن عبد الله رَسُول الله وَنبيه ارسله الى اكمل الامم عقولا ومعارف واصحها اذهانا واغزرها علوما وَبَعثه باكمل شَرِيعَة ظَهرت فِي الارض مُنْذُ قَامَت الدُّنْيَا الى حِين مبعثه فأغنى الله لَامة بِكَمَال رسولها وَكَمَال شَرِيعَته وَكَمَال عقولها وَصِحَّة اذهانها عَن رَسُول يَأْتِي بعده اقام لَهُ من امته وَرَثَة يحفظون شَرِيعَته ووكلهم بهَا حَتَّى يؤدوها إِلَى نظرائهم ويزرعوها فِي قُلُوب أشباههم فَلم يحتاجوا مَعَه الى سَوَّلَ آخر وَلَا نَبِي وَلَا مُحدث وَلِهَذَا قَالَ انه قد كَانَ قبلكُمْ فِي الامم محدثون فَإِن يكن فِي امتي اُحْدُ فعمر فَجزم بِوُجُود الْمُحدثين فِي الامم وعلق وجوده فِي امته بِحرف الشَّرْط وَلَيْسَ هَذَا بِنُقْصَان فِي الامة على من قبلهم بل هَذَا من كَمَال امته على من قبله فَإِنَّهَا لكمالها وَكَمَال نبيها وَكَمَال شَرِيعَته لَا تحْتَاج الى مُحدث بل إِن وجد فَهُوَ صَالح للمتابعة والاستشهاد لَا انه عُمْدَة لانها فِي غنية بِمَا بعث الله بِهِ نبيها عَن كل مَنَام اَوْ مكاشفة اَوْ الْهَام اَوْ تحديث واما من قبلهَا فللحاجة الى ذَلِك جعل فيهم المحدثون وَلَا تظن ان تَخْصِيص عمر رضى الله عَنهُ بِهَذَا تَفْضِيل لَهُ عَليّ ابي بكر الصّديق بل هَذَا من اقوى مَنَاقِب الصّديق فَإِنَّهُ لكَمَال مشربه من حَوْض النُّبُوَّة وَتَمام رضاعه من ثدي الرسَالَة اسْتغنى بذلك عَمَّا تَلقاهُ من تحديث اوغيره فَالَّذِي يتلقاه من مشاكة النُّبُوَّة اتم من الَّذِي يتلقاه عمر من التحديث فَتَأمل هَذَا الْموضع واعطه حَقه من الْمعرفَة وتامل مَا فِيهِ من الْحِكْمَة الْبَالِغَة الشاهدة لله بانه الْحَكِيم الْخَبِير وان رَسُول الله اكمل خلقه واكملهم شَرِيعَة وان امته اكمل الامم وَهَذَا فصل معترض وَهُوَ انفع فُصُول الْكتاب وَلَوْلَا الاطالة لوسعنا فِيهِ الْمقَال واكثرنا فِيهِ من الشواهد والامثال وَلَقَد فتح الله الْكَرِيم فِيهِ الْبَاب وارشد فِيهِ الى الصَّوَاب وَهُوَ المرجو لتَمام نعْمَته وَلَا قُوَّة الا بِاللَّه الْعلي الْعَظِيم

‌فصل فاعد الان النّظر فِيك وَفِي نَفسك مرّة ثَانِيَة من الَّذِي دبرك بالطف

ص: 255

التَّدْبِير وانت جَنِين فِي بطن امك فِي مَوضِع لَا يَد تنالك وَلَا بصر يدركك وَلَا حِيلَة لَك فِي التمَاس الْغذَاء وَلَا فِي دفع الضَّرَر فَمن الَّذِي اجرى اليك من دم الام مَا يغذوك كَمَا يغذو المَاء النَّبَات وقلب ذَلِك الدَّم لَبَنًا وَلم يزل يغذيك بِهِ فِي اضيق الْمَوَاضِع وابعدها من حِيلَة التكسب والطلب حَتَّى إِذا كمل خلقك واستحكم وقوى اديمك على مُبَاشرَة الْهَوَاء وبصرك على ملاقاة الضياء وصلبت عظامك على مُبَاشرَة الايدي والتقلب على الغبراء هاج الطلق بأمك فازعجك الى الْخُرُوج إيما ازعاج الى عَالم الِابْتِلَاء فركضك الرَّحِم ركضة من مَكَانك كَأَنَّهُ لم يضمك قطّ وَلم يشْتَمل عَلَيْك فِيمَا بعد مَا بَين ذَلِك الْقبُول والاشتمال حِين وضعت نُطْفَة وَبَين هَذَا الدّفع والطرد والاخراج وَكَانَ مبتهجا بحملك فَصَارَ يستغيث ويعج الى رَبك من ثقلك فَمن الَّذِي فتح لَك بَابه حَتَّى ولجت ثمَّ ضمه عَلَيْك حَتَّى حفظت وكملت ثمَّ فتح لَك ذَلِك الْبَاب ووسعه حَتَّى خرجت مِنْهُ كلمح الْبَصَر لم يخنقك ضيقه وَلم تحبسك صعوبة طريقك فِيهِ فَلَو تَأَمَّلت حالك فِي دخولك من ذَلِك الْبَاب وخروجك مِنْهُ لذهب بك الْعجب كل مَذْهَب فَمن الَّذِي اوحى اليه ان يتضايق عَلَيْك وانت نُطْفَة حَتَّى لاتفسد هُنَاكَ واوحى اليه ان يَتَّسِع لَك وينفسح حَتَّى تخرج مِنْهُ سليما الى ان خرجت فريدا وحيدا ضَعِيفا لَا قشرة وَلَا لِبَاس وَلَا مَتَاع وَلَا مَال احوج خلق الله واضعفهم وافقرهم فصرف ذَلِك اللَّبن الَّذِي كنت تتغذى بِهِ فِي بطن امك الى خزانتين معلقتين على صدرها تحمل غذاءك على صدرها كَمَا حَملتك فِي بَطنهَا ثمَّ سَاقه الى تينك الخزانتين الطف سوق على مجار وطرق قد تهيأت لَهُ فَلَا يزَال وَاقِفًا فِي طرقه ومجاريه حَتَّى تستوفي مَا فِي الخزانة فيجرى وينساق اليك فَهُوَ بِئْر لاتنقطع مادتها وَلَا تنسد طرقها يَسُوقهَا اليك فِي طرق لَا يَهْتَدِي اليها الطّواف وَلَا يسلكها الرِّجَال فَمن رققه لَك وصفاه واطاب طعمه وَحسن لَونه واحكم طبخه اعْدِلْ احكام لَا بالحار المؤذي وَلَا بالبارد الردي وَلَا المر وَلَا المالح وَلَا الكريه الرَّائِحَة بل قلبه الى ضرب آخر من التغذية وَالْمَنْفَعَة خلاف مَا كَانَ فِي الْبَطن فوافاك فِي أَشد اوقات الْحَاجة اليه على حِين ظمأ شَدِيد وجوع مفرط جمع لَك فِيهِ بَين الشَّرَاب والغذاء فحين تولد قد تلمظت وحركت شفتيك للرضاع فتجد الثدي الْمُعَلق كالاداوة قدتدلى اليك وَأَقْبل بدره عَلَيْك ثمَّ جعل فِي راسه تِلْكَ الحلمة الَّتِي هِيَ بِمِقْدَار صغر فمك فَلَا يضيق عَنْهَا وَلَا تتعب بالتقامها ثمَّ نقب لَك فِي راسها نقبا لطيفا بِحَسب احتمالك وَلم يوسعه فتختنق بِاللَّبنِ وَلم يضيقه فتمصه بكلفة بل جعله بِقدر اقتضته حكمته ومصلحتك فَمن عطف عَلَيْك قلب الام وَوضع فِيهِ الحنان العجيب وَالرَّحْمَة الباهرة حَتَّى تكون فِي أهنا مَا يكون من شَأْنهَا وراحتها ومقيلها فَإِذا احست مِنْك بِأَدْنَى صَوت اَوْ بكاء قَامَت اليك وآثرتك على نَفسهَا على عدد الانفس منقادة اليك بِغَيْر قَائِد وَلَا سائق الا قَائِد الرَّحْمَة وسائق

ص: 256

الحنان تود لَو ان كل مَا يؤلمك بجسمها وانه لم يطرقك مِنْهُ شَيْء وان حَيَاتهَا تزاد فِي حياتك فَمن الَّذِي وضع ذَلِك فِي قَلبهَا حَتَّى إِذا قوى بدنك واتسعت امعاؤك وخشنت عظامك واحتجت الى غذَاء اصلب من غذائك ليشتد بِهِ عظمك ويقوى عَلَيْهِ لحمك وضع فِي فِيك آله الْقطع والطحن فنصب لَك أسنانا تقطع بهَا الطَّعَام وطواحين تطحنه بهَا فَمن الَّذِي حَبسهَا عَنْك ايام رضاعك رَحْمَة بأمك لطفا بهَا ثمَّ اعطاكها ايام اكلك رَحْمَة بك وأحسانا اليك ولطفا بك فَلَو انك خرجت من الْبَطن ذَا سنّ وناب وناجذ وضرس كَيفَ كَانَ حَال امك بك وَلَو انك منعتها وَقت الْحَاجة اليها كَيفَ كَانَ حالك بِهَذِهِ الاطعمة الَّتِي لَا تسيغها الا بعد تقطيعها وطحنها وَكلما ازددت قُوَّة وحاجة الى الاسنان فِي اكل المطاعم الْمُخْتَلفَة زيد لَك فِي تِلْكَ الالات حَتَّى تَنْتَهِي الى النواجذ فتطيق نهش اللَّحْم وَقطع الْخبز وَكسر الصلب ثمَّ إِذا ازددت قُوَّة زيد لَك فِيهَا حَتَّى تَنْتَهِي الى الطواحين الَّتِي هِيَ آخر الاضراس فَمن الَّذِي ساعدك بِهَذِهِ الالات وانجدك بهَا ومكنك بهَا من ضروب الْغذَاء ثمَّ انه اقْتَضَت حكمته ان اخرجك من بطن امك لَا تعلم شَيْئا بل غبيا لَا عقل وَلَا فهم وَلَا علم وَذَلِكَ من رَحمته بك فَإنَّك على ضعفك لَا تحْتَمل الْعقل والفهم والمعرفة بل كنت تتمزق وتتصدع بل جعل ذَلِك ينْتَقل فِيك بالتدريح شَيْئا فَشَيْئًا فَلَا يصادفك ذَلِك وهلة وَاحِدَة بل يصادفك يَسِيرا يَسِيرا حَتَّى يتكامل فِيك وَاعْتبر ذَلِك بِأَن الطِّفْل إِذا سبي صَغِيرا من بَلَده وَمن بَين ابويه وَلَا عقل لَهُ فَإِنَّهُ لَا يؤلمه ذَلِك علما كَانَ اقْربْ الى الْعقل كَانَ اشق عَلَيْهِ واصعب حَتَّى إِذا كَانَ عَاقِلا فلاتراه إِلَّا كالواله الحيران ثمَّ لَو ولدت عَاقِلا فهيما كحالك فِي كبرك تنغصت عَلَيْك حياتك اعظم تنغيص وتنكدت اعظم تنكيد لانك ترى نَفسك مَحْمُولا رضيعا معصبا بالخرق مربطا بالقمط مسجونا فِي المهد عَاجِزا ضَعِيفا عَمَّا يحاوله الْكَبِير فَكيف كَانَ يكون عيشك مَعَ تعلقك التَّام فِي هَذِه الْحَالة ثمَّ لم يكن يُوجد لَك من الْحَلَاوَة واللطافة والوقع فِي الْقلب وَالرَّحْمَة بك مَا يُوجد للمولود الطِّفْل بل تكون انكد خلق الله واثقلهم واعنتهم واكثرهم فضولا وَكَانَ دخولك هَذَا الْعَالم وانت غبي لَا تعقل شَيْئا وَلَا تعلم مَا فِيهِ اهله مَحْض الْحِكْمَة وَالرَّحْمَة بك وَالتَّدْبِير فَتلقى الاشياء بذهن ضَعِيف وَمَعْرِفَة نَاقِصَة ثمَّ لَا يزَال يتزايد فِيك الْعقل والمعرفة شَيْئا فَشَيْئًا حَتَّى تَالِف الاشياء وتتمرن عَلَيْهَا وَتخرج من التَّأَمُّل لَهَا والحيرة فِيهَا وتستقبلها بِحسن التَّصَرُّف فِيهَا وَالتَّدْبِير لَهَا والاتقان لَهَا وَفِي ذَلِك وُجُوه أخر من الْحِكْمَة غير مَا ذَكرْنَاهُ فَمن هَذَا الَّذِي هُوَ قيم عَلَيْك بالمرصاد يرصدك حَتَّى يوافيك بِكُل شَيْء من الْمَنَافِع والاراب والالات فِي وَقت حَاجَتك لَا يقدمهَا عَن وَقتهَا وَلَا يؤخرها عَنهُ ثمَّ انه اعطاك الاظفار

ص: 257

وَقت حَاجَتك اليها لمنافع شَتَّى فَإِنَّهَا تعين الاصابع وتقويها فَإِن اكثر الْعَمَل لما كَانَ برؤوس الاصابع وَعَلَيْهَا الِاعْتِمَاد اعينت بالاظافر قُوَّة لَهَا مَعَ مَا فِيهَا من مَنْفَعَة حك 2 الْجِسْم وقشط الاذى الَّذِي لَا يخرج بِاللَّحْمِ عَنهُ الى غير ذَلِك من فوائدها ثمَّ جملك بالشعر على الراس زِينَة ووقاية وصيانة من الْحر وَالْبرد إِذْ هُوَ مجمع الْحَواس ومعدن الْفِكر وَالذكر وَثَمَرَة الْعقل تَنْتَهِي اليه ثمَّ خص الذّكر بِأَن جمل وَجهه باللحية وتوابعها وقارا وهيبة لَهُ وجمالا وفصلا لَهُ عَن سنّ الصِّبَا وفرقا بَينه وَبَين الاناث وَبقيت الانثى على حَالهَا لما خلقت لَهُ من استمتاع الذّكر بهَا فبقى وَجههَا على حَاله ونضارته ليَكُون اهيج للرجل على الشَّهْوَة وأكمل للذة الِاسْتِمْتَاع فالماء وَاحِد الْجَوْهَر وَاحِد والوعاء وَاحِد واللقاح وَاحِد فَمن الَّذِي اعطى الذّكر الذكورية والانثى الانوثية وَلَا تلْتَفت الى مَا يَقُوله الجهلة من الطبائعيين فِي سَبَب الاذكار والايناث وإحالة ذَلِك على الامور الطبيعية الَّتِي لاتكاد تصدق فِي هَذَا الْموضع الا اتِّفَاقًا وَكذبه اكثر من صدقهَا وَلَيْسَ استناد الاذكار والايناث الا الى مَحْض المرسوم الالهي الَّذِي يلقيه الى ملك التَّصْوِير حِين يَقُول يَا رب ذكر ام انثى شقى ام سعيد فَمَا الرزق فَمَا الاجل فَيُوحِي رَبك مَا يَشَاء وَيكْتب الْملك فَإِذا كَانَ للطبيعة تَأْثِيرا فِي الاذكار والايناث فلهَا تاثير فِي الرزق والاجل والشقاوة والسعادة وَإِلَّا فَلَا أذ مخرج الْجَمِيع مَا يوحيه الله الى الْملك وَنحن لَا ننكر ان لذَلِك اسبابا اخر وَلَكِن تِلْكَ من الاسباب الَّتِي اسْتَأْثر الله بهَا دون الْبشر قَالَ الله تَعَالَى لله ملك السَّمَوَات والارض يخلق مَا يَشَاء يهب لمن يَشَاء اناثا ويهب لمن يَشَاء الذُّكُور الى قَوْله قدير فَذكر اصناف النِّسَاء الاربعة مَعَ الرِّجَال احدها من تَلد الاناث فَقَط الثَّانِيَة من تَلد الذُّكُور فَقَط الثَّالِثَة من تَلد الزَّوْجَيْنِ الذّكر والانثى وَهُوَ معنى التَّزْوِيج هُنَا ان يَجْعَل مَا يهب لَهُ زَوْجَيْنِ ذكرا اَوْ انثى الرَّابِعَة الْعَقِيم الَّتِي لَا تَلد اصلا وَمِمَّا يدل على ان سَبَب الاذكار والايناث لَا يُعلمهُ الْبشر وَلَا يدْرك بِالْقِيَاسِ والفكر وَإِنَّمَا يعلم بِالْوَحْي مَا روى مُسلم فِي صَحِيحه من حَدِيث ثَوْبَان قَالَ كنت عِنْد النَّبِي فجَاء حبر من احبار الْيَهُود فَقَالَ السَّلَام عَلَيْك يَا مُحَمَّد فَدَفَعته دفْعَة كَاد يصرع مِنْهَا فَقَالَ لم تدفعني فَقلت الا تَقول يَا رَسُول الله فَقَالَ الْيَهُودِيّ إِنَّمَا نَدْعُوهُ باسمه الَّذِي سَمَّاهُ بِهِ اهله فَقَالَ رَسُول الله ان أسمي مُحَمَّد الَّذِي سماني بِهِ اهلي قَالَ الْيَهُودِيّ جِئْت أَسَالَك فَقَالَ رَسُول الله أينفعك شَيْء إِن حدثتك قَالَ اسْمَع بأذني فَنكتَ رَسُول الله بِعُود مَعَه فَقَالَ سل فَقَالَ الْيَهُودِيّ ايْنَ يكون النَّاس يَوْم تبدل الارض غير الارض وَالسَّمَوَات فَقَالَ رَسُول الله هم فِي الظلمَة دون الجسر قَالَ فَمن اول النَّاس إجَازَة قَالَ فُقَرَاء الْمُهَاجِرين قَالَ الْيَهُودِيّ فَمَا تحفتهم حِين يدْخلُونَ الْجنَّة فَقَالَ زِيَادَة كبد حوت ذِي النُّون قَالَ فَمَا غذاؤهم على أَثَرهَا قَالَ

ص: 258

ينْحَر لَهُم ثَوْر الْجنَّة الَّذِي يَأْكُل من اطرافها قَالَ فَمَا شرابهم عَلَيْهِ قَالَ من عين تسمى سلسبيلا قَالَ صدقت وَجئْت أَسَالَك عَن شَيْء لايعلمه الا نَبِي اَوْ رجل اَوْ رجلَانِ قَالَ ينفعك ان حدثتك قَالَ اسْمَع بأذني قَالَ جِئْت أَسأَلك عَن الْوَلَد قَالَ مَاء الرجل ابيض وَمَاء الْمَرْأَة اصفر فَإِذا اجْتمعَا فعلا مني الرجل مني الْمَرْأَة اذكر بِإِذن الله وَإِن علا مني الْمَرْأَة مني الرجل اثْنَي بإ ذن الله قَالَ الْيَهُودِيّ لقد صدقت وَإنَّك لنَبِيّ ثمَّ انْصَرف فَقَالَ رَسُول الله لقد سالني عَن هَذَا الَّذِي سالني عَنهُ وَمَالِي علم بِهِ حَتَّى أَتَانِي الله بِهِ وَالَّذِي دلّ عَلَيْهِ الْعقل وَالنَّقْل ان الْجَنِين يخلق من الماءين جَمِيعًا فالذكر يقذف مَاءَهُ فِي رحم الانثى وَكَذَلِكَ هِيَ تنزل ماءها الى حَيْثُ يَنْتَهِي مَاؤُهُ فيلتقى الماآن على امْر قد قدره الله وشاءه فيخلق الْوَلَد بَينهمَا جَمِيعًا وايهما غلب كَانَ الشّبَه لَهُ كَمَا فِي صَحِيح البُخَارِيّ عَن حميد عَن انس قَالَ بلغ عبد الله بن سَلام قدوم النَّبِي فاتاه فَقَالَ إِنِّي سَائِلك عَن ثَلَاث لَا يعلمهُنَّ الا نَبِي قَالَ مَا أول اشراط السَّاعَة وَمَا اول طَعَام يَأْكُلهُ اهل الْجنَّة وَمن أَي شَيْء ينْزع الْوَلَد إِلَى ابيه وَمن أَي شَيْء ينْزع الى أَخْوَاله فَقَالَ رَسُول الله اخبرني بِهن آنِفا جِبْرِيل فَقَالَ عبد الله ذَاك عَدو الْيَهُود من الْمَلَائِكَة فَقَالَ رَسُول الله اما اول اشراط السَّاعَة فَنَار تحْشر النَّاس من الْمشرق الى الْمغرب واما اول طَعَام ياكله اهل الْجنَّة فَزِيَادَة كبد الْحُوت وَأما الشّبَه فِي الْوَلَد فَإِن الرجل إِذا غشى الْمَرْأَة وسبقها مَاؤُهُ كَانَ الشّبَه لَهُ وَإِن سبقت كَانَ الشّبَه لَهَا فَقَالَ اشْهَدْ انك رَسُول الله وَذكر الحَدِيث وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَن ام سَلمَة قَالَت يَا رَسُول الله إِن الله لَا يستحي من الْحق هَل على الْمَرْأَة من غسل إِذا هِيَ احْتَلَمت قَالَ نعم إِذا رَأَتْ المَاء الاصفر فَضَحكت ام سَلمَة فَقَالَت اَوْ تحتلم المراة فَقَالَ رَسُول الله فيمَ يشبهها الْوَلَد فَهَذِهِ الاحاديث الثَّلَاثَة تدل على ان الْوَلَد يخلق من الماءين وان الاذكار والايناث يكون بِغَلَبَة اُحْدُ الماءين وقهره للآخروعلوه عَلَيْهِ وان الشّبَه يكون بِالسَّبقِ فَمن سبق مَاؤُهُ الى الرَّحِم كَانَ الشّبَه لَهُ وَهَذِه امور لَيْسَ عِنْد أهل الطبيعة مَا يدل عَلَيْهَا وَلَا تعلم الا بِالْوَحْي وَلَيْسَ فِي صناعتهم ايضا مَا ينافيها على ان فِي النَّفس من حَدِيث وَبَان مَا فِيهَا وَأَنه يخَاف ان لَا يكون اُحْدُ رُوَاته حفظه كَمَا يَنْبَغِي وَأَن يكون السُّؤَال إِنَّمَا وَقع فِيهِ عَن الشّبَه لَا عَن الاذكار والايناث كَمَا سَأَلَ عَنهُ عبد الله بن سَلام وَلذَلِك لم يُخرجهُ البُخَارِيّ وَفِي الصَّحِيحَيْنِ من حَدِيث عبد الله بن ابي بكر عَن انس عَن النَّبِي قَالَ ان الله وكل بالرحم ملكا فَيَقُول يَا رب نُطْفَة يَا رب علقَة يَا رب مُضْغَة فَإِذا اراد ان يخلقها قَالَ يَا رب اذكر ام انثى شقي ام سعيد فَمَا الرزق فَمَا الاجل فَيكْتب كَذَلِك فِي بطن امهِ أَفلا ترى كَيفَ أحَال بالاذكار والايناث على مُجَرّد الْمَشِيئَة وقرنه بِمَا لاتأثير للطبيعة فِيهِ من الشقاوة والسعادة والرزق والاجل وَلم يتَعَرَّض الْملك لكتبه الَّذِي للطبيعة فِيهِ مدْخل اولا ترى عبد الله بن سَلام لم يسْأَل الا عَن الشّبَه الَّذِي يُمكن الْجَواب عَنهُ وَلم يسال عَن الاذكار والايناث

ص: 259