الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النُّسْخَة من وُجُوههم فلست من المتوسمين واما الاخبار الَّتِي تكَاد تبلغ حد التَّوَاتُر بمسخ من مسخ مِنْهُم عِنْد الْمَوْت خنزيرا فَأكْثر من ان تذكر هَا هُنَا وَقد أفرد لَهَا الْحَافِظ بن عبد الواحد الْمَقْدِسِي كتابا وَتَأمل حكمته تعال فِي عَذَاب الامم السالفة بِعَذَاب الاستئصال لما كَانُوا اطول اعمارا واعظم قوى واعتى على الله وعَلى رَسُوله فَلَمَّا تقاصرت الاعمار وضعفت القوى رفع عَذَاب الاستئصال وَجعل عَذَابهمْ بأيدي الْمُؤمنِينَ فَكَانَت الْحِكْمَة فِي كل وَاحِد من الامرين مَا اقتضته فِي وقته وَتَأمل حكمته تبارك وتعالى فِي إرْسَال الرُّسُل فِي الامم وَاحِدًا بعد وَاحِد كلما مَاتَ وَاحِد خَلفه آخر لحاجتها الى تتَابع الرُّسُل والانبياء لضعف عقولها وَعدم اكتفائها بآثار شَرِيعَة الرَّسُول السَّابِق فَلَمَّا انْتَهَت النُّبُوَّة الى مُحَمَّد بن عبد الله رَسُول الله وَنبيه ارسله الى اكمل الامم عقولا ومعارف واصحها اذهانا واغزرها علوما وَبَعثه باكمل شَرِيعَة ظَهرت فِي الارض مُنْذُ قَامَت الدُّنْيَا الى حِين مبعثه فأغنى الله لَامة بِكَمَال رسولها وَكَمَال شَرِيعَته وَكَمَال عقولها وَصِحَّة اذهانها عَن رَسُول يَأْتِي بعده اقام لَهُ من امته وَرَثَة يحفظون شَرِيعَته ووكلهم بهَا حَتَّى يؤدوها إِلَى نظرائهم ويزرعوها فِي قُلُوب أشباههم فَلم يحتاجوا مَعَه الى سَوَّلَ آخر وَلَا نَبِي وَلَا مُحدث وَلِهَذَا قَالَ انه قد كَانَ قبلكُمْ فِي الامم محدثون فَإِن يكن فِي امتي اُحْدُ فعمر فَجزم بِوُجُود الْمُحدثين فِي الامم وعلق وجوده فِي امته بِحرف الشَّرْط وَلَيْسَ هَذَا بِنُقْصَان فِي الامة على من قبلهم بل هَذَا من كَمَال امته على من قبله فَإِنَّهَا لكمالها وَكَمَال نبيها وَكَمَال شَرِيعَته لَا تحْتَاج الى مُحدث بل إِن وجد فَهُوَ صَالح للمتابعة والاستشهاد لَا انه عُمْدَة لانها فِي غنية بِمَا بعث الله بِهِ نبيها عَن كل مَنَام اَوْ مكاشفة اَوْ الْهَام اَوْ تحديث واما من قبلهَا فللحاجة الى ذَلِك جعل فيهم المحدثون وَلَا تظن ان تَخْصِيص عمر رضى الله عَنهُ بِهَذَا تَفْضِيل لَهُ عَليّ ابي بكر الصّديق بل هَذَا من اقوى مَنَاقِب الصّديق فَإِنَّهُ لكَمَال مشربه من حَوْض النُّبُوَّة وَتَمام رضاعه من ثدي الرسَالَة اسْتغنى بذلك عَمَّا تَلقاهُ من تحديث اوغيره فَالَّذِي يتلقاه من مشاكة النُّبُوَّة اتم من الَّذِي يتلقاه عمر من التحديث فَتَأمل هَذَا الْموضع واعطه حَقه من الْمعرفَة وتامل مَا فِيهِ من الْحِكْمَة الْبَالِغَة الشاهدة لله بانه الْحَكِيم الْخَبِير وان رَسُول الله اكمل خلقه واكملهم شَرِيعَة وان امته اكمل الامم وَهَذَا فصل معترض وَهُوَ انفع فُصُول الْكتاب وَلَوْلَا الاطالة لوسعنا فِيهِ الْمقَال واكثرنا فِيهِ من الشواهد والامثال وَلَقَد فتح الله الْكَرِيم فِيهِ الْبَاب وارشد فِيهِ الى الصَّوَاب وَهُوَ المرجو لتَمام نعْمَته وَلَا قُوَّة الا بِاللَّه الْعلي الْعَظِيم
فصل فاعد الان النّظر فِيك وَفِي نَفسك مرّة ثَانِيَة من الَّذِي دبرك بالطف
التَّدْبِير وانت جَنِين فِي بطن امك فِي مَوضِع لَا يَد تنالك وَلَا بصر يدركك وَلَا حِيلَة لَك فِي التمَاس الْغذَاء وَلَا فِي دفع الضَّرَر فَمن الَّذِي اجرى اليك من دم الام مَا يغذوك كَمَا يغذو المَاء النَّبَات وقلب ذَلِك الدَّم لَبَنًا وَلم يزل يغذيك بِهِ فِي اضيق الْمَوَاضِع وابعدها من حِيلَة التكسب والطلب حَتَّى إِذا كمل خلقك واستحكم وقوى اديمك على مُبَاشرَة الْهَوَاء وبصرك على ملاقاة الضياء وصلبت عظامك على مُبَاشرَة الايدي والتقلب على الغبراء هاج الطلق بأمك فازعجك الى الْخُرُوج إيما ازعاج الى عَالم الِابْتِلَاء فركضك الرَّحِم ركضة من مَكَانك كَأَنَّهُ لم يضمك قطّ وَلم يشْتَمل عَلَيْك فِيمَا بعد مَا بَين ذَلِك الْقبُول والاشتمال حِين وضعت نُطْفَة وَبَين هَذَا الدّفع والطرد والاخراج وَكَانَ مبتهجا بحملك فَصَارَ يستغيث ويعج الى رَبك من ثقلك فَمن الَّذِي فتح لَك بَابه حَتَّى ولجت ثمَّ ضمه عَلَيْك حَتَّى حفظت وكملت ثمَّ فتح لَك ذَلِك الْبَاب ووسعه حَتَّى خرجت مِنْهُ كلمح الْبَصَر لم يخنقك ضيقه وَلم تحبسك صعوبة طريقك فِيهِ فَلَو تَأَمَّلت حالك فِي دخولك من ذَلِك الْبَاب وخروجك مِنْهُ لذهب بك الْعجب كل مَذْهَب فَمن الَّذِي اوحى اليه ان يتضايق عَلَيْك وانت نُطْفَة حَتَّى لاتفسد هُنَاكَ واوحى اليه ان يَتَّسِع لَك وينفسح حَتَّى تخرج مِنْهُ سليما الى ان خرجت فريدا وحيدا ضَعِيفا لَا قشرة وَلَا لِبَاس وَلَا مَتَاع وَلَا مَال احوج خلق الله واضعفهم وافقرهم فصرف ذَلِك اللَّبن الَّذِي كنت تتغذى بِهِ فِي بطن امك الى خزانتين معلقتين على صدرها تحمل غذاءك على صدرها كَمَا حَملتك فِي بَطنهَا ثمَّ سَاقه الى تينك الخزانتين الطف سوق على مجار وطرق قد تهيأت لَهُ فَلَا يزَال وَاقِفًا فِي طرقه ومجاريه حَتَّى تستوفي مَا فِي الخزانة فيجرى وينساق اليك فَهُوَ بِئْر لاتنقطع مادتها وَلَا تنسد طرقها يَسُوقهَا اليك فِي طرق لَا يَهْتَدِي اليها الطّواف وَلَا يسلكها الرِّجَال فَمن رققه لَك وصفاه واطاب طعمه وَحسن لَونه واحكم طبخه اعْدِلْ احكام لَا بالحار المؤذي وَلَا بالبارد الردي وَلَا المر وَلَا المالح وَلَا الكريه الرَّائِحَة بل قلبه الى ضرب آخر من التغذية وَالْمَنْفَعَة خلاف مَا كَانَ فِي الْبَطن فوافاك فِي أَشد اوقات الْحَاجة اليه على حِين ظمأ شَدِيد وجوع مفرط جمع لَك فِيهِ بَين الشَّرَاب والغذاء فحين تولد قد تلمظت وحركت شفتيك للرضاع فتجد الثدي الْمُعَلق كالاداوة قدتدلى اليك وَأَقْبل بدره عَلَيْك ثمَّ جعل فِي راسه تِلْكَ الحلمة الَّتِي هِيَ بِمِقْدَار صغر فمك فَلَا يضيق عَنْهَا وَلَا تتعب بالتقامها ثمَّ نقب لَك فِي راسها نقبا لطيفا بِحَسب احتمالك وَلم يوسعه فتختنق بِاللَّبنِ وَلم يضيقه فتمصه بكلفة بل جعله بِقدر اقتضته حكمته ومصلحتك فَمن عطف عَلَيْك قلب الام وَوضع فِيهِ الحنان العجيب وَالرَّحْمَة الباهرة حَتَّى تكون فِي أهنا مَا يكون من شَأْنهَا وراحتها ومقيلها فَإِذا احست مِنْك بِأَدْنَى صَوت اَوْ بكاء قَامَت اليك وآثرتك على نَفسهَا على عدد الانفس منقادة اليك بِغَيْر قَائِد وَلَا سائق الا قَائِد الرَّحْمَة وسائق
الحنان تود لَو ان كل مَا يؤلمك بجسمها وانه لم يطرقك مِنْهُ شَيْء وان حَيَاتهَا تزاد فِي حياتك فَمن الَّذِي وضع ذَلِك فِي قَلبهَا حَتَّى إِذا قوى بدنك واتسعت امعاؤك وخشنت عظامك واحتجت الى غذَاء اصلب من غذائك ليشتد بِهِ عظمك ويقوى عَلَيْهِ لحمك وضع فِي فِيك آله الْقطع والطحن فنصب لَك أسنانا تقطع بهَا الطَّعَام وطواحين تطحنه بهَا فَمن الَّذِي حَبسهَا عَنْك ايام رضاعك رَحْمَة بأمك لطفا بهَا ثمَّ اعطاكها ايام اكلك رَحْمَة بك وأحسانا اليك ولطفا بك فَلَو انك خرجت من الْبَطن ذَا سنّ وناب وناجذ وضرس كَيفَ كَانَ حَال امك بك وَلَو انك منعتها وَقت الْحَاجة اليها كَيفَ كَانَ حالك بِهَذِهِ الاطعمة الَّتِي لَا تسيغها الا بعد تقطيعها وطحنها وَكلما ازددت قُوَّة وحاجة الى الاسنان فِي اكل المطاعم الْمُخْتَلفَة زيد لَك فِي تِلْكَ الالات حَتَّى تَنْتَهِي الى النواجذ فتطيق نهش اللَّحْم وَقطع الْخبز وَكسر الصلب ثمَّ إِذا ازددت قُوَّة زيد لَك فِيهَا حَتَّى تَنْتَهِي الى الطواحين الَّتِي هِيَ آخر الاضراس فَمن الَّذِي ساعدك بِهَذِهِ الالات وانجدك بهَا ومكنك بهَا من ضروب الْغذَاء ثمَّ انه اقْتَضَت حكمته ان اخرجك من بطن امك لَا تعلم شَيْئا بل غبيا لَا عقل وَلَا فهم وَلَا علم وَذَلِكَ من رَحمته بك فَإنَّك على ضعفك لَا تحْتَمل الْعقل والفهم والمعرفة بل كنت تتمزق وتتصدع بل جعل ذَلِك ينْتَقل فِيك بالتدريح شَيْئا فَشَيْئًا فَلَا يصادفك ذَلِك وهلة وَاحِدَة بل يصادفك يَسِيرا يَسِيرا حَتَّى يتكامل فِيك وَاعْتبر ذَلِك بِأَن الطِّفْل إِذا سبي صَغِيرا من بَلَده وَمن بَين ابويه وَلَا عقل لَهُ فَإِنَّهُ لَا يؤلمه ذَلِك علما كَانَ اقْربْ الى الْعقل كَانَ اشق عَلَيْهِ واصعب حَتَّى إِذا كَانَ عَاقِلا فلاتراه إِلَّا كالواله الحيران ثمَّ لَو ولدت عَاقِلا فهيما كحالك فِي كبرك تنغصت عَلَيْك حياتك اعظم تنغيص وتنكدت اعظم تنكيد لانك ترى نَفسك مَحْمُولا رضيعا معصبا بالخرق مربطا بالقمط مسجونا فِي المهد عَاجِزا ضَعِيفا عَمَّا يحاوله الْكَبِير فَكيف كَانَ يكون عيشك مَعَ تعلقك التَّام فِي هَذِه الْحَالة ثمَّ لم يكن يُوجد لَك من الْحَلَاوَة واللطافة والوقع فِي الْقلب وَالرَّحْمَة بك مَا يُوجد للمولود الطِّفْل بل تكون انكد خلق الله واثقلهم واعنتهم واكثرهم فضولا وَكَانَ دخولك هَذَا الْعَالم وانت غبي لَا تعقل شَيْئا وَلَا تعلم مَا فِيهِ اهله مَحْض الْحِكْمَة وَالرَّحْمَة بك وَالتَّدْبِير فَتلقى الاشياء بذهن ضَعِيف وَمَعْرِفَة نَاقِصَة ثمَّ لَا يزَال يتزايد فِيك الْعقل والمعرفة شَيْئا فَشَيْئًا حَتَّى تَالِف الاشياء وتتمرن عَلَيْهَا وَتخرج من التَّأَمُّل لَهَا والحيرة فِيهَا وتستقبلها بِحسن التَّصَرُّف فِيهَا وَالتَّدْبِير لَهَا والاتقان لَهَا وَفِي ذَلِك وُجُوه أخر من الْحِكْمَة غير مَا ذَكرْنَاهُ فَمن هَذَا الَّذِي هُوَ قيم عَلَيْك بالمرصاد يرصدك حَتَّى يوافيك بِكُل شَيْء من الْمَنَافِع والاراب والالات فِي وَقت حَاجَتك لَا يقدمهَا عَن وَقتهَا وَلَا يؤخرها عَنهُ ثمَّ انه اعطاك الاظفار
وَقت حَاجَتك اليها لمنافع شَتَّى فَإِنَّهَا تعين الاصابع وتقويها فَإِن اكثر الْعَمَل لما كَانَ برؤوس الاصابع وَعَلَيْهَا الِاعْتِمَاد اعينت بالاظافر قُوَّة لَهَا مَعَ مَا فِيهَا من مَنْفَعَة حك 2 الْجِسْم وقشط الاذى الَّذِي لَا يخرج بِاللَّحْمِ عَنهُ الى غير ذَلِك من فوائدها ثمَّ جملك بالشعر على الراس زِينَة ووقاية وصيانة من الْحر وَالْبرد إِذْ هُوَ مجمع الْحَواس ومعدن الْفِكر وَالذكر وَثَمَرَة الْعقل تَنْتَهِي اليه ثمَّ خص الذّكر بِأَن جمل وَجهه باللحية وتوابعها وقارا وهيبة لَهُ وجمالا وفصلا لَهُ عَن سنّ الصِّبَا وفرقا بَينه وَبَين الاناث وَبقيت الانثى على حَالهَا لما خلقت لَهُ من استمتاع الذّكر بهَا فبقى وَجههَا على حَاله ونضارته ليَكُون اهيج للرجل على الشَّهْوَة وأكمل للذة الِاسْتِمْتَاع فالماء وَاحِد الْجَوْهَر وَاحِد والوعاء وَاحِد واللقاح وَاحِد فَمن الَّذِي اعطى الذّكر الذكورية والانثى الانوثية وَلَا تلْتَفت الى مَا يَقُوله الجهلة من الطبائعيين فِي سَبَب الاذكار والايناث وإحالة ذَلِك على الامور الطبيعية الَّتِي لاتكاد تصدق فِي هَذَا الْموضع الا اتِّفَاقًا وَكذبه اكثر من صدقهَا وَلَيْسَ استناد الاذكار والايناث الا الى مَحْض المرسوم الالهي الَّذِي يلقيه الى ملك التَّصْوِير حِين يَقُول يَا رب ذكر ام انثى شقى ام سعيد فَمَا الرزق فَمَا الاجل فَيُوحِي رَبك مَا يَشَاء وَيكْتب الْملك فَإِذا كَانَ للطبيعة تَأْثِيرا فِي الاذكار والايناث فلهَا تاثير فِي الرزق والاجل والشقاوة والسعادة وَإِلَّا فَلَا أذ مخرج الْجَمِيع مَا يوحيه الله الى الْملك وَنحن لَا ننكر ان لذَلِك اسبابا اخر وَلَكِن تِلْكَ من الاسباب الَّتِي اسْتَأْثر الله بهَا دون الْبشر قَالَ الله تَعَالَى لله ملك السَّمَوَات والارض يخلق مَا يَشَاء يهب لمن يَشَاء اناثا ويهب لمن يَشَاء الذُّكُور الى قَوْله قدير فَذكر اصناف النِّسَاء الاربعة مَعَ الرِّجَال احدها من تَلد الاناث فَقَط الثَّانِيَة من تَلد الذُّكُور فَقَط الثَّالِثَة من تَلد الزَّوْجَيْنِ الذّكر والانثى وَهُوَ معنى التَّزْوِيج هُنَا ان يَجْعَل مَا يهب لَهُ زَوْجَيْنِ ذكرا اَوْ انثى الرَّابِعَة الْعَقِيم الَّتِي لَا تَلد اصلا وَمِمَّا يدل على ان سَبَب الاذكار والايناث لَا يُعلمهُ الْبشر وَلَا يدْرك بِالْقِيَاسِ والفكر وَإِنَّمَا يعلم بِالْوَحْي مَا روى مُسلم فِي صَحِيحه من حَدِيث ثَوْبَان قَالَ كنت عِنْد النَّبِي فجَاء حبر من احبار الْيَهُود فَقَالَ السَّلَام عَلَيْك يَا مُحَمَّد فَدَفَعته دفْعَة كَاد يصرع مِنْهَا فَقَالَ لم تدفعني فَقلت الا تَقول يَا رَسُول الله فَقَالَ الْيَهُودِيّ إِنَّمَا نَدْعُوهُ باسمه الَّذِي سَمَّاهُ بِهِ اهله فَقَالَ رَسُول الله ان أسمي مُحَمَّد الَّذِي سماني بِهِ اهلي قَالَ الْيَهُودِيّ جِئْت أَسَالَك فَقَالَ رَسُول الله أينفعك شَيْء إِن حدثتك قَالَ اسْمَع بأذني فَنكتَ رَسُول الله بِعُود مَعَه فَقَالَ سل فَقَالَ الْيَهُودِيّ ايْنَ يكون النَّاس يَوْم تبدل الارض غير الارض وَالسَّمَوَات فَقَالَ رَسُول الله هم فِي الظلمَة دون الجسر قَالَ فَمن اول النَّاس إجَازَة قَالَ فُقَرَاء الْمُهَاجِرين قَالَ الْيَهُودِيّ فَمَا تحفتهم حِين يدْخلُونَ الْجنَّة فَقَالَ زِيَادَة كبد حوت ذِي النُّون قَالَ فَمَا غذاؤهم على أَثَرهَا قَالَ
ينْحَر لَهُم ثَوْر الْجنَّة الَّذِي يَأْكُل من اطرافها قَالَ فَمَا شرابهم عَلَيْهِ قَالَ من عين تسمى سلسبيلا قَالَ صدقت وَجئْت أَسَالَك عَن شَيْء لايعلمه الا نَبِي اَوْ رجل اَوْ رجلَانِ قَالَ ينفعك ان حدثتك قَالَ اسْمَع بأذني قَالَ جِئْت أَسأَلك عَن الْوَلَد قَالَ مَاء الرجل ابيض وَمَاء الْمَرْأَة اصفر فَإِذا اجْتمعَا فعلا مني الرجل مني الْمَرْأَة اذكر بِإِذن الله وَإِن علا مني الْمَرْأَة مني الرجل اثْنَي بإ ذن الله قَالَ الْيَهُودِيّ لقد صدقت وَإنَّك لنَبِيّ ثمَّ انْصَرف فَقَالَ رَسُول الله لقد سالني عَن هَذَا الَّذِي سالني عَنهُ وَمَالِي علم بِهِ حَتَّى أَتَانِي الله بِهِ وَالَّذِي دلّ عَلَيْهِ الْعقل وَالنَّقْل ان الْجَنِين يخلق من الماءين جَمِيعًا فالذكر يقذف مَاءَهُ فِي رحم الانثى وَكَذَلِكَ هِيَ تنزل ماءها الى حَيْثُ يَنْتَهِي مَاؤُهُ فيلتقى الماآن على امْر قد قدره الله وشاءه فيخلق الْوَلَد بَينهمَا جَمِيعًا وايهما غلب كَانَ الشّبَه لَهُ كَمَا فِي صَحِيح البُخَارِيّ عَن حميد عَن انس قَالَ بلغ عبد الله بن سَلام قدوم النَّبِي فاتاه فَقَالَ إِنِّي سَائِلك عَن ثَلَاث لَا يعلمهُنَّ الا نَبِي قَالَ مَا أول اشراط السَّاعَة وَمَا اول طَعَام يَأْكُلهُ اهل الْجنَّة وَمن أَي شَيْء ينْزع الْوَلَد إِلَى ابيه وَمن أَي شَيْء ينْزع الى أَخْوَاله فَقَالَ رَسُول الله اخبرني بِهن آنِفا جِبْرِيل فَقَالَ عبد الله ذَاك عَدو الْيَهُود من الْمَلَائِكَة فَقَالَ رَسُول الله اما اول اشراط السَّاعَة فَنَار تحْشر النَّاس من الْمشرق الى الْمغرب واما اول طَعَام ياكله اهل الْجنَّة فَزِيَادَة كبد الْحُوت وَأما الشّبَه فِي الْوَلَد فَإِن الرجل إِذا غشى الْمَرْأَة وسبقها مَاؤُهُ كَانَ الشّبَه لَهُ وَإِن سبقت كَانَ الشّبَه لَهَا فَقَالَ اشْهَدْ انك رَسُول الله وَذكر الحَدِيث وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَن ام سَلمَة قَالَت يَا رَسُول الله إِن الله لَا يستحي من الْحق هَل على الْمَرْأَة من غسل إِذا هِيَ احْتَلَمت قَالَ نعم إِذا رَأَتْ المَاء الاصفر فَضَحكت ام سَلمَة فَقَالَت اَوْ تحتلم المراة فَقَالَ رَسُول الله فيمَ يشبهها الْوَلَد فَهَذِهِ الاحاديث الثَّلَاثَة تدل على ان الْوَلَد يخلق من الماءين وان الاذكار والايناث يكون بِغَلَبَة اُحْدُ الماءين وقهره للآخروعلوه عَلَيْهِ وان الشّبَه يكون بِالسَّبقِ فَمن سبق مَاؤُهُ الى الرَّحِم كَانَ الشّبَه لَهُ وَهَذِه امور لَيْسَ عِنْد أهل الطبيعة مَا يدل عَلَيْهَا وَلَا تعلم الا بِالْوَحْي وَلَيْسَ فِي صناعتهم ايضا مَا ينافيها على ان فِي النَّفس من حَدِيث وَبَان مَا فِيهَا وَأَنه يخَاف ان لَا يكون اُحْدُ رُوَاته حفظه كَمَا يَنْبَغِي وَأَن يكون السُّؤَال إِنَّمَا وَقع فِيهِ عَن الشّبَه لَا عَن الاذكار والايناث كَمَا سَأَلَ عَنهُ عبد الله بن سَلام وَلذَلِك لم يُخرجهُ البُخَارِيّ وَفِي الصَّحِيحَيْنِ من حَدِيث عبد الله بن ابي بكر عَن انس عَن النَّبِي قَالَ ان الله وكل بالرحم ملكا فَيَقُول يَا رب نُطْفَة يَا رب علقَة يَا رب مُضْغَة فَإِذا اراد ان يخلقها قَالَ يَا رب اذكر ام انثى شقي ام سعيد فَمَا الرزق فَمَا الاجل فَيكْتب كَذَلِك فِي بطن امهِ أَفلا ترى كَيفَ أحَال بالاذكار والايناث على مُجَرّد الْمَشِيئَة وقرنه بِمَا لاتأثير للطبيعة فِيهِ من الشقاوة والسعادة والرزق والاجل وَلم يتَعَرَّض الْملك لكتبه الَّذِي للطبيعة فِيهِ مدْخل اولا ترى عبد الله بن سَلام لم يسْأَل الا عَن الشّبَه الَّذِي يُمكن الْجَواب عَنهُ وَلم يسال عَن الاذكار والايناث