الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الأول
الاتصال في الآية نفسها
وهو أن يَرد جزءٌ من الآية، وفي لاحقها المتَّصل بها في ذات الآية، بيانٌ لها.
نماذج من البيان المتَّصل في الآية نفسها:
النموذج الأول:
المبيَّن: {يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ} .
البيان المتَّصل: {يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ (49)} .
المعنى الإجمالي للبيان المتَّصل:
ذكر الله في الآية منّته على بني إسرائيل بإنجائهم من آل فرعون، الذين كانوا يسومونهم سوء العذاب، ثم وصف سوء العذاب وبيَّنه بقوله:{يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ} ، أي يُذَّبحون أبناءكم الصغار، ويتركون نساءكم أحياءً للخدمة، وكان سبب قتل فرعون لأبناء بني إسرائيل؛ أنَّ فرعون رأى رؤيا هالته فعبَّرها له الكهنة بأنه يولد في بني إسرائيل غلامٌ يكون هلاك فرعون على يده، فأمر عند ذلك بذبح الصّبيان من مواليد بني إسرائيل، وأبقى على البنات (2).
(1) سورة البقرة: 49.
(2)
يُنظر: جامع البيان (2/ 41)، تفسير السمرقندي (1/ 51)، الجامع لأحكام القرآن (1/ 384)، تفسير القرآن العظيم، لابن كثير (1/ 258).
النموذج الثاني:
المبيَّن: {يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ مَا لَا يُبْدُونَ لَكَ} .
البيان المتَّصل: {يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا} .
المعنى الإجمالي للبيان المتصل:
" أي يخفي-يا محمد- هؤلاء المنافقون الذين وصفتُ لك صفتهم في أنفسهم من الكفر والشكّ في الله، ما لا يبدون لك.
ثم أظهر نبيَّه صلى الله عليه وسلم على ما كانوا يخفونه بينهم من نفاقهم، والحسرة التي أصابتهم على حضورهم مع المسلمين مشهدهم بأحد، فقال مخبرًا عن قِيلهم الكفر وإعلانهم النفاق بينهم:{يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا} ، يعني بذلك أنّ هؤلاء المنافقين يقولون: لو كان الخروج إلى حرب من خرجنا لحربه من المشركين إلينا، ما خرجنا إليهم، ولا قُتِل منا أَحدٌ في الموضع الذي قتلوا فيه بأُحد" (2).
قال الشّوكاني (3) رحمه الله: "وقوله: {يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا}
(1) سورة آل عمران: 154.
(2)
جامع البيان (7/ 323، 322).
(3)
هو محمد بن علي بن محمد بن عبد الله بن الحسن بن محمد الشوكاني، أبو عبد الله، ولد سنة 1217 هـ كان فقيها، أصوليا، محدثا، مفسرا، من كبار علماء اليمن، من أشهر مؤلفاته:"فتح القدير " و"نيل الأوطار"، توفي سنة 1250 هـ. يُنظر: الأعلام (5/ 17)، ومعجم المفسرين (2/ 593).
استئناف، كأنه قيل: ما هو الأمر الذي يخفون في أنفسهم؟
فقيل: يقولون فيما بينهم، أو في أنفسهم {لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا} ، أي: ما قُتِل من قتل منا في هذه المعركة، فردّ الله سبحانه ذلك عليهم: أن لو كنتم قاعدين في بيوتكم لم يكن بدٌ من خروج من كُتب عليه القتل إلى هذه المصارع التي صرعوا فيها، فإن قضاء الله لا يُرد" (1).
(1) فتح القدير، للشوكاني (1/ 449).