الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الأول
لزوم التفصيل في قبول التفسير بالبيان المتَّصل
يتفاوت التفسير بالبيان المتَّصل من حيث الحجية إلى قسمين:
أولا: القسم التوقيفي، وهو نوعان:
الأول: أن يكون في الآية أو الآيات لبسٌ أو خفاءٌ؛ فيأتي ما يزيله ويفسره بعده مباشرةً، فيُحمل عليه قطعًا، ويكون ذلك مما لا مجال فيه للاجتهاد والنَّظر، ولا يمكن حصول خلافٍ فيه بين المفسرين، كأن يكون جوابًا لسؤال، أو بيانًا لمفردة (1).
وهو ما عناه الزركشي بقوله: " وقد يكون بيانه واضحًا وهو أقسام:
أحدها: أن يكون عقبه كقوله تعالى: {اللَّهُ الصَّمَدُ} (2).
قال محمد بن كعب القرظي (3): تفسيره: {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ} (4).
وكقوله تعالى: {إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا (19)} (5).
قال أبو العالية (6): تفسيره: {إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا (20) وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ
(1) تفسير القرآن بالقرآن تأصيل وتقويم، ص: 83، بتصرف.
(2)
سورة الإخلاص: 2.
(3)
هو محمد بن كعب بن سليم بن أسد القرظي، حلفاء الأوس، ويكنى أبا حمزة. كوفي المولد والمنشأ، ثم المدني، روى عن كبار الصحابة. وبعضهم يقول: ولد في حياة النبي‘ وكان كبير القدر ثقة، عالما كثير الحديث ورعا، توفي سنة 108 هت، وقيل: 118 هـ. يُنظر: شذرات الذهب في أخبار من ذهب (2/ 46)، والطبقات الكبرى - متمم التابعين - محققا (ص: 134).
(4)
سورة الإخلاص: 2 - 3.
(5)
سورة المعارج: 19.
(6)
هو رفيع بن مهران الرّياحي مولاهم، البصري المقرئ المفسّر، يكنى أبو العالية، دخل على أبي بكر، وقرأ القرآن على أبيّ، من كبار التّابعين، وكان ثقة كثير الحديث، توفي سنة 90 هـ، وقيل: 93 هـ. يُنظر: شذرات الذهب في أخبار من ذهب (1/ 367)، والطبقات الكبرى (7/ 84)، والإصابة في تمييز الصحابة (2/ 428).
مَنُوعًا (21)} (1)
…
، وكقوله:{فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ} فسّره بقوله: {مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا} (2)
…
" (3).
الثاني: أن يصرِّح الرسول صلى الله عليه وسلم به في التفسير.
حكمه: يُحمل عليه قطعًا، لكونه من التفسير بالمأثور الذي يجب قبوله مطلقًا، ويُلحق به ما صرّح به الصحابي (4).
ثانيا: القسم الاجتهادي:
ويعتمد على سلامة الفهم، وحسن الرّبط بين الآيات، بأن يحمل آيةً على أنها بيان لما قبلها، مما لم يصرَّح به في الآيات.
حكمه: هذا النوع منه المقبول، ومنه المردود؛ فقد يكون اجتهاد المفسر في الربط بين الآيات خاطئًا، أو فيه اتباعٌ لهوًى أو بدعة، كما سيأتي بيانه لاحقا في هذا الفصل.
(1) سورة المعارج: 21، 20.
(2)
سورة آل عمران: 97.
(3)
البرهان في علوم القرآن (2/ 186).
(4)
تقدمت أمثلته في الفصل الأول: (إعمال الرسول صلى الله عليه وسلم، وصحابته
…
)، ص:21.