الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الثالث
شبه الاتّصال
وهو أن يكون المبيَّن في الآيات مفصولًا عن البيان بفاصلٍ مرتبطٍ بالآية المبيَّنة.
نماذج من شبه الاتّصال:
النموذج الأول:
المبيَّن: {وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ}
البيان شبه المتَّصل: {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا} .
المعنى الإجمالي للبيان المتَّصل:
ذم الله الشعراء بقوله: {وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ} ، ولم يخصِّص بذلك بعض الغواة دون بعض، وأَتبع الآية بذكر بعضٍ من صفات الشعراء التي استحقوا بسببها الذم بقوله:{أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ (225) وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ} ، ثم جاء ببيانٍ للآية الأولى بأن استثنى منهم صنفًا بقوله:{إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا} ، وهذا الاستثناء يدخل فيه شعراء الأنصار وغيرهم، ومن كان متلبسًا من شعراء الجاهلية بذم الإسلام وأهله، ثم تاب وأناب، ورجع وأقلع، وعمل صالحا، وذكر الله كثيرا في مقابلة ما تقدم من الكلام السيئ، فإن الحسنات
(1) سورة الشعراء: 224 - 227.
يذهبن السيئات (1).
النموذج الثاني:
قوله تعالى: {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ (46) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (47) ذَوَاتَا أَفْنَانٍ (48)} (2).
المبيَّن: {جَنَّتَانِ} .
البيان شبه المتصل: {ذَوَاتَا أَفْنَانٍ} .
وفُصل بين المبيَّن والمبيِّن بفاصلٍ، وهو قوله:{فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} .
المعنى الإجمالي للبيان المتَّصل:
أن الله تعالى امتنّ على عباده الذين خافوا مقام ربهم من الثَّقلين بالجزاء الوافر، فقال:{وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ} ، ثم عقَّب بقوله:{فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} ؛ إيقاظًا للغافلين، وتنبيهًا للمؤمنين، وتقريعًا وتوبيخًا للغافلين، ثم نعت الجنّتين المذكورتين في الآية الأولى، فقال: إنهما ذواتا ألوان، وضروبٍ من الملاذّ، مما يُنبئ بسعتهما وفضلهما ومَزيّتهما على ما سواهما، ومن ذلك أنهما ذواتا أغصانٍ يمسُّ بعضها بعضًا، في كل غصنٍ فنونٌ من الفاكهة (3).
(1) يُنظر: جامع البيان (19/ 418، 417)، وتفسير السمعاني (4/ 75، 73)، تفسير ابن كثير (6/ 175).
(2)
سورة الرحمن: 46 - 48.
(3)
يُنظر: مِلاك التأويل القاطع بذوي الإلحاد والتعطيل، للغرناطي (2/ 465)، تفسير القرآن العظيم، لابن كثير (7/ 502)، وفتح القدير (5/ 168).