المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌البيعة ومعناها الصحيح الصفقة على إيجاب البيع (لسان العرب، جـ 9، - موجز دائرة المعارف الإسلامية - جـ ٧

[مجموعة من المؤلفين]

الفصل: ‌ ‌البيعة ومعناها الصحيح الصفقة على إيجاب البيع (لسان العرب، جـ 9،

‌البيعة

ومعناها الصحيح الصفقة على إيجاب البيع (لسان العرب، جـ 9، س 37) ومن ثم جاء معناها يمين الولاء يقسم بين يدي الخليفة عند ولايته، وهذه الشعيرة عبارة عن وضع اليد في يد الأمير المبسوطة دلالة على الخضوع. وقد أعطانا عمر صيغة البيعة يوم السقيفة وهي "فقلت: ابسط يدك يا أبا بكر، فبسط يده، فبايعته". وهذا الفعل رمز تقليد السلطة (ابن خلدون: المقدمة، جـ 1، ص 171).

والبيعة عند الدروز تدل على اليمين أو العهد الذي يرتبط به من يعتنق معتقداتهم. وقد خلط مخالفوهم هذه الكلمة بكلمة بيعة أي كنيسة النصارى ورتبوا على هذا نتائج خاطئة.

المصادر:

(1)

الماوردى: الأحكام السلطانية، ترجمة Ostrorog، جـ 1، ص 110، تعليق 2

(2)

Expose de la religion: S.de Sacy des Druzes جـ 2، ص 53

(3)

L'Epitre J. Khalil & Ronzevalle a Constantin في Melanges de Beyrouth جـ 3، ص 532، تعليق 2.

[إيوار CL. Huart] .

+ البيعة: مصطلح عربي يدل، بمعنى واسع جدا، على الفعل الذي بمقتضاه يعترف عدد من الأشخاص، يعملون منفردين أو مجتمعين، بسلطان شخص آخر. ومن ثم أصبحت البيعة للخليفة هي الإجراء الذي بمقتضاه ينادى بشخص ويعترف به رئيسا لدولة إسلامية. وكلمة مبايعة تعبير مرادف لها.

الاشتقاق: لفظ بيعة، في رأى أصبح مأثورًا، مشتق من الفعل باع، فالبيعة مثل البيع تشمل معاملة. ويبدو أن هذا التفسير متكلف غاية التكلف. ويرى كاتب هذه المادة أن كلمة بيعة تدين باسمها للحركة البدنية نفسها، التي كانت ترمز في العرف العربي القديم إلى إبرام اتفاق بين شخصين، والتي كان قوامها صفق اليدين (انظر الاتفاق في القانون القديم لبعض البلاد الغربية). ثم إن عبارة "تبايع على

ص: 2060

الأمر" بمعناها غير الاصطلاحى، تدل على الوصول إلى اتفاق في ذلك الأمر وقد أطلق على الحركة البدنية لفظ بيعة لأن قوامها بالدقة حركة من اليد والذراع (الباع). ولما كان اختيار أمير (والتعهد بالخضوع لسلطانه) يعبر عنه بصفق اليدين فقد كان من الطبيعي أن يوصف باللفظ نفسه الدال على هذه الحركة.

وكان للبيعة هدفان رئيسيان، يختلفان في مجالهما وطبيعتهما، أولهما هو الانضواء تحت لواء عقيدة والاعتراف بالسلطة التي رسخت من قبل للشخص الذي يدعو إليها. وبهذا المعنى تمت البيعة في العلاقات بين محمد [صلى الله عليه وسلم] وبين أنصاره من المؤمنين الجدد (انظر القرآن الكريم، سورة الفتح، آية 10، آية 18؛ سورة الممتحنة: آية 12). واستعمل لفظ بيعة فحسب بالمعنى نفسه، وإن كان ذلك لغرض أكثر تحديدًا، للاعتراف بسلطان رسخ من قبل لشخص والتعهد بطاعته. وهذا هو الحال في البيعة التي كانت تتم لخليفة جديد، ثبت حقه في الخلافة بعهد صدر من سلفه.

والهدف الرئيسى للبيعة بمعناها الثاني هو اختيار شخص لمنصب القيادة، وبخاصة اختيار خليفة، عندما يقتضي الأمر وعدًا بالطاعة، وهكذا ولى الخلافة أبو بكر، أول الخلفاء الراشدين بمقتضى البيعة التي تمت على يد جماعة السقيفة في 13 ربيع الأول عام 11 هـ (8 يونيه عام 632 م). وطبق الإجراء نفسه بلا خلاف في جميع المناسبات التالية التي خلا فيها منصب الخلافة، ولم يول خليفة بوسائل أخرى. والحق إن مذهب أهل السنة يرى أن البيعة إجراء من إجراءين لتولية الخليفة. أما مذهب الشيعة فيرى أن البيعة لم تستطع قط أن يكون لها هذا الشأن، لأن الشيعة لا يعترفون إلا بطريقة واحدة لتعيين الإمام، وهي التعيين بالنص (أو الوصية) لواحد من أهل البيت. ومع ذلك فإن الزيدية، وهم فرع من الشيعة، يرون أن الإمامة إنما تكتسب بالاختيار من بين أبناء الأسرة العلوية، وتمت البيعة منذ ذاك باعتبارها إجراء انتخابيا.

الصفة الشرعية: المبدأ في الشريعة أن البيعة اتفاق تعاقدى: في أحد

ص: 2061

الجانبين إرادة أهل الاختيار، ويعبر عنها بتسمية المرشح، وتؤلف ركن الإيجاب، وفي الجانب الآخر إرادة الشخص المختار، وتؤلف ركن القبول. وقد يكون هذا التحليل مقبولا، بشرط ألا يصل إلى حد الخلط بين البيعة وبين العقود الشرعية العادية. ذلك لأن البيعة فعل إرادى "من نوعه"، يستلزم وجود الجمهور. ولابد من التأكيد مرة أخرى أن تحليل هذا المبدأ، حتى ولو اعتبر هكذا، لا يكون صحيحا تماما إلا بالنسبة للبيعة المقصود بها الاختيار، وليس بالنسبة للبيعة المقصود بها مجرد إظهار الولاء، لأن الانضواء في الحالة الأخيرة يصبح إلزاميًا، ولا يبقى مجار للحرية في اتخاذ قرار.

ولكن ما هو عدد أهل الاختيار اللازمين بصفة خاصة لصحة الإجراء بالنسبة للبيعة؟ لقد تعددت الآراء في هذا الموضوع وتباينت تباينا عظيما، وتراوحت بين رأى متطرف وآخر يقابله - من رأى يستلزم أن تصدر البيعة من كل "الرجال الصالحين في الدولة بأسرها" إلى رأى يكتفى بصوت فرد واحد. ومهما يكن من أمر فإن هيئة أهل الاختيار كانت تتألف من كبار القوم والأشراف في الدولة.

والبيعة إجراء لا يتم إلا بالاتفاق فحسب. لا يشترط في صحتها، أو حتى يعد دليلا عليها، الحركة البدنية الدالة على الموافقة ولا تأكيدها بقسم، ولا يفرض لإظهار الإرادة أي شكل له قداسته، ويكفى، التعبير عنها صراحة وبشكل قاطع.

ولا يختلف شكل بيعة في كل من الدورين اللذين تقودهما، وهما دورها في الاختيار ودورها في الإيجاب البسيط بالولاء.

وإجراءات البيعة قد تنشعب إلى مجلسين أو عدة مجالس. فمن ناحية اختيار الخلفاء تكون أول خطوة هي- بوجه عام- ما اصطلح على تسميته "بيعة الخاصة"، وفيها يشترك عدد جد محدود من كبار رجال الدولة والحاشية، ثم تليها بيعة العامة. ثم تعقد بعد ذلك مجالس رسمية لعرض البيعة في قصبات الولايات المختلفة.

وثمة بدعة أدخلت منذ عهد الأمويين وهي تجديد البيعة، عندما يلجأ الخليفة

ص: 2062

أو السلطان إبان حكمه، إلى إجراء بيعة جديدة له أو لولى عهده، وقد تتكرر هذه البيعة مرتين أو أكثر. ويلجأ إليها الحاكم لتأكيد ولاء رعاياه.

آثار البيعة: ثمة سؤال يتردد حول البيعة المقصود بها الاختيار، وهو معرفة ما إذا كان لها أثر تخويل الحاكم السلطة أم أنها مجرد تأييد له. وثمة رأى يؤيد الفكرة الأخيرة أن القاعدة قد استقرت بوجه عام على أن الحاكم يتلقى التفويض بالحكم من الله جل وعلا.

والذين يقومون بالبيعة، ومعهم بقية الجماعة، يصبحون مرتبطين بها ارتباطًا وثيقًا. وتدعم الصفة الدينية التي اكتسبتها البيعة، منذ أوائل العصر العباسى، هذا الأثر الملزم بالارتباط، وأدى تطور طبيعة السلطة من الناحية النظرية إلى أن الالتزامات نحو الحاكم، تعد- في الواقع- التزامات نحو الله. والأثر الملزم للبيعة شخصى، ويستمر مدى الحياة. والحق إن فكرة البيعة لمدة محدودة غير معروفة.

ومهما يكن من أمر فإن هذا الأثر محدود بنص الشريعة. لأن البيعة تتم بشرط أن يظل من يقبلها مخلصًا لأوامر الله، وهذا يعني أن الحاكم، إذا لم يظل امستمسكا بهذه الأوامر، فإن لمن بايعوه الحق في التحلل من التزاماتهم.

المصادر:

(1)

Suppl.: Dozy انظر مادة بيع

(2)

الفرّاء: الأحكام السلطانية، القاهرة، من غير تاريخ

(3)

الفيروزآبادى: القاموس المحيط، انظر مادة بيع

(4)

ابن خلدون: المقدمة، طبعة بيروت سنة 1900 (الترجمة الإنكليزية التي قام بها F. Rosenthal، نيويورك سنة 1958، جـ 1، ص 428 وما بعدها)

(5)

Lane، انظر مادة بيع

(6)

الماوردى: الأحكام السلطانية، القاهرة، من غير تاريخ

(7)

Institutions du droit: E. Tuan public Musulam باريس سنة 1954، جـ 1، ص 315 وما بعدها، وسنة 1957، جـ 2، ص 605 و 129 وما بعدها (مع مصادر).

د. يونس [إ. طيان E. Tyan]

ص: 2063