الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تأريخ
أولًا: بمعنى التاريخ العام أي تسجيل أهم حوادث الأمم، وبمعنى الحوليات أي تدوين الحوادث عامًا عامًا، وبمعنى الأخبار مرتبة بحسب العصور.
وقد وردت كلمة التاريخ بهذه المعاني عنوانًا لمصنفات تاريخية مثل (تكملة تاريخ الطبري) و"تاريخ بغداد" و"مكة" وغيرهما، و"تأريخ الأندلس"، وأطلقت كلمة التاريخ أيضًا على طائفة أخرى من مصنفات تباين في موضوعها المصنفات الآنفة معو "تأريخ الهند" الذي ألفه أبوالريحان البيرونى فإنه إلى مصنف في البحوث العقلية أقرب منه إلى مصنف في التاريخ. وكتاب تاريخ الحكماء المعروف بـ "إخبار العلماء بأخبار الحكماء" لابن القفطى فإنه أشبه بمعجم يتضمن أخبار العلماء المتقدمين ومن حذا حذوهم من العرب الذين حافظوا على التقاليد اليونانية في العلم مقرونة بسرد ما أثمرته قرائحهم من المصنفات الكثيرة، منه بمصنف في التاريخ.
ثانيا: بمعنى تحديد بداية الأخبار الخاصة بعصر من العصور، وبمعنى حساب الأزمان وحصرها، وبمعنى تحديد زمن وقوع الحوادث تحديدًا دقيقًا.
وقد وقف المسلمون فضلا عن تأريخ الهجرة الذي هو خاص بهم على طائفة من تواريخ عصور أخرى كتأريخ العالم الذي إنما هو حصر مشكوك في صحته لسعة الفوارق فيما يتعلق بتواريخ اليهود والنصارى والمجوس. فالبيرونى وأبو الفرج الملطى المسيحي العقيدة ينعيان على اليهود ما أتوه من إنقاص عدد السنين عن المدة التي انقضت منذ الخليفة على وجه جعل تأريخ ميلاد المسيح غير متفق مع النبوءات الخاصة بظهوره. ومما نعياه عليهم أيضًا أنهم أخروا مولد شيث بن آدم عن موعده الصحيح بمائة سنة، وجروا على هذه الطريقة بالنسبة لغيره من الزعماء والشيوخ الذين تعاقبوا إلى عهد إبراهيم بحيث إذا حسب مدى ما بين الخليقة إلى ظهور المسيح كان 4.210 سنين بدلا من 5.586 سنة تقريبا وهي المدة التي نص عليها العهد القديم.
ويقول أبو الريحان البيرونى أن اليهود كانوا يرقبون ظهور المسيح في أخريات سنة 1335 من تأريخ الإسكندر، بينما المسيح قد ولد بحسب ما أجمعت الآراء عليه في سنة 311 من هذا التاريخ.
وتاريخ الطوفان من ناحيته ما زال موضوع خلاف في الرأى بين اليهود والنصارى. وقد أخذ به أبو معشر الفلكى في قانونه.
وكذا تأريخ بختنصر الأول اعتمد عليه بطليموس الفالوذى في كتابه "المجسطى" كما اعتمد على تصحيح الأدوار الزمنية لقاللبس (1).
ومثله تاريخ "فيلفس أرديوس Philip "Arrhidaeus أبي الإسكندر أخذ به "ثاون الإسكندرى Theon في قانونه، وكذا تأريخ الإسكندر المبنى على الأشهر اليونانية ويعرف بتاريخ السلوقيين يبدأ من دخول "سلوق نيقاطور " Scleucus Nocator مدينة بابل بعد وفاة الاسكندر باثنتى عشرة سنة، وقد أخذ به السريان واليهود ويعرف عندهم "بتاريخ العقود Ere des Con- "tracts كما أخذ به الروم بفوارق طفيفة. وبمقتضى هذا التأريخ يكون مولد محمد صلى الله عليه وسلم (2) في سنة 882 للإسكندر.
وهناك أيضًا تأريخ قيصر أنطونيوس الذي اعتمد عليه بطليموس الفالوذى في تصحيحاته لمواقع النجوم.
وكذا تأريخ دقلطيانوس المعروف بتاريخ الشهداء ويبتدئ بالسنة الأولى من حكمه الموافقة لسنة 596 من تأريخ الإسكندر، وهذا التاريخ هو الذي عليه القبط إلى يومنا.
وقد أخذ الفرس وأصحاب زرادشت بتأريخين ليزدجرد الثالث يبدأ أحدهما من يوم اعتلائه عرش الملك والثاني من يوم وفاته.
وفي عهد الحكم الإسلامى بفارس أدخل الخليفة المعتضد على التقويم الفارسى تعديلا رجع بيوم النيروز، الذي هو رأس السنة الفارسية، إلى أوان أكثر ملاءمة لمواسم الزراعة بعد أن تقدم هذا الأوان في مجرى الزمن على أثر الإضافات المتوالية لأيام النسئ.
وهناك إصلاح آخر قام بإدخاله على التقويم بنفسه السلطان ملك شاه
السلجوقى واضع التاريخ الجلالى (3) في غرة رجب عام 710 م.
وأدخل غازان محمود تاريخ الإيلخانية في أول رجب سنة 701.
وفي أول مارس سنة 1676 (بحساب التقويم القديم) اعتمد العثمانيون التقويم الشمسى القائم على التقويم البوليوسى وأسموه "التقويم المالى العثماني".
وإذا كانت السنة اليوليوسية تزيد على السنة القمرية بأحد عشر يومًا فقد ظلت تواريخ التقويم مخالفة لتواريخ التقويم الهجرى.
وفي السنة الثلاثين من حكم السلطان أكبر وضع هذا السلطان التقويم الموصوف بالإلهى وهو يبدأ من يوم 5 ربيع الثاني سنة 963 (19 فبراير سنة 1556) تأريخ جلوسه على العرش وسنواته شمسية.
وفي عصرنا الحاضر قدم الغازى أحمد مختار باشا تقويمًا آخر على جانب كبير من الضبط والدقة لأن الخطا فيه (أي الفرق) لا يتجاوز 28، . من اليوم لكل مائة قرن: وفي عام 1926 م نبذ الأتراك الكماليون التقويم القمرى الإسلامى وأحلوا محله التقويم الأوربى.
ويحسن بنا، ونحن بسبيل الكلام على التواريخ، أن نشير هنا إلى طريقة الترقيم المعروفة بحساب الجمّل وهي الطريقة التي ترى أحيانًا في النصوص المتصلة بالأدب، فإن المقصود منها إثبات التأريخ بوساطة الحروف التي تتألف منها الكلمات إذ تجمع دلالاتها الرقمية فتثبت ذلك التاريخ: وعلى هذا المنوال يكون حساب الجمّل لعبارة "نجاة الخلق من الكفر بمحمد" هو 1335. وهذا المثل منقول عن البيرونى.
المصادر:
(1)
البيرونى: الآثار الباقية، طبعة وترجمة sachau، لندن سنة 1789، الفصل الثالث وغير ذلك من المواضع.
(2)
أبو الفرج: تأريخ مختصر الدول، طبعة صالحانى، بيروت 1890 م.
(3)
Table de con-: E. Lacoine cordance des dates des Calendriers arabe، copte، gregorien، israelite etc، باريس سنة 1891.
[كارا ده فو B. Carra De Vaux]