الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
واستفاد المعماريون الفرس من المزايا التي للطوب ونبغوا في إبداع أشكال مختلفة بعضها عن بعض اختلافا كبيرًا، كالقباب المضلعة المكونة من عقود خفيفة تعبر فوق المساحة التي يراد تغطيتها، وتدعم عقودا مقابلة تملأ الفراغ بينها. وهذا الطراز من القباب الذي كان معروفا لدى الساسانيين): A.Godard: في Vnutes Iraniennes في آثار إيران، عام انتقل من بلاد فارس إلى الأندلس في القرن الثالث الهجرى (القرن التاسع الميلادي)، ثم من قرطبة إلى طليطلة واشتهر في القرن السادس الهجرى (القرن الثاني عشر الميلادي) في المغرب كما اشتهر حوالي هذا الوقت في جميع أرجاء الجنوب الغربي لفرنسا.
عبد القادر [كك. مارسيه G. Marcais]
بنزرت
" بنزرت" Bizerta. مدينة على الشاطئ الشمالي لبلاد تونس على مسيرة أربعين ميلا تقريبًا من شمالي غرب مدينة تونس، وبنزرت على خط طول 539 شرقي كرينوبتش وخط عرض 1737 شمالا. وقد بلغ عدد سكانها 35.000 نسمة، وهي بين البحر وبين بحيرة متوغلة في داخل البلاد مسافة أحد عشر ميلا تبلغ مساحتها 35 ميلًا مربعا. وموقع بنزرت يسيطر على المضيق بين صقلية والشاطئ الإفريقى، ولذلك فإن له شأنا عظيما من الناحية الحربية.
وبنزرت تشغل موقع المدينة الفينيقية هيوديريتوس Hippo - Diarrhytus (بالإيطالية Hippone Zarito وبالعربية بنزرت) التي أصبحت من ممتلكات قرطاجنة، واستولى عليها الرومان بعد ذلك وجعلوا منها مستعمرة يحكمها أغسطس. وخربها القوط ثم سلبها معاوية بن حُدَيج عام 41 هـ (661 - 662 م)، واستعادها الروم وظلت في حوزتهم أمدا وجيزا، ثم استولى عليها آخر الأمر حسان بن النعمان في الوقت الذي استولى فيه على قرطاجنة. وذكرها ابن حوقل في القرن الثالث الهجرى فقال إنها قصبة الكورة البحرية سطفورة، ولو أنها كانت في ذلك الوقت قد هجرها الناس تقريبًا وعمها الخراب (ابن حوقل، ترجمة ده
سلان في المجلة الأسيوية، عام 1842 م، ص 179) وأفاقت المدينة من كبوتها، وشاهد ذلك أنها كانت زمن البكرى محاطة بسور من الحجر. وكان بها جامع وعدة أسواق، كما كانت مركزًا هامًا لتجارة الأسماك. وكانت تشرف على المدينة قلعة يتخذها أهلها ملجأ يحتمون فيه من غارات الروم ورباطا لأولئك الذين يريدون تكريس حياتهم للعبادة. وكان بالمدينة في ذلك الوقت مرسى يعرف بمرسى القبة (البكرى، طبعة ده سلان ص 47 وما بعدها؛ ترجمة ده سلان، ص 129. وروى الإدريسي أن بنزرت مدينة نشطت فيها الحركة التجارية. وقاست بنزرت كثيرًا من جراء الفتن والغارات التي خربت بلاد تونس. ووقعت بسبب الغزوة الهلالية في يد أفاقى عربي يدعى الورد اللخمى فاستقل بها. وخضعت لعبد المؤمن عام 1160، وغزاها يحيى بن غانية المرابطى فيما بين عامي 1202 - 1203. وظلت الأحوال راكدة في بنزرت إلى القرن السادس عشر على الرغم من وفود العرب من الأندلس وبنائهم ضاحية الأندلسيين فيها. ويصفها الحسن بن محمد الزياتى بقوله إنها بليدة أهلها فقراء مساكين (. Leo Africanus . Description de l'Afrique، جـ 3، الباب الخامس طبعة شيفر، ص 129).
وفي القرن الخامس عشر كثر عدد القرصان في هذا الثغر؛ شأنه في ذلك شأن بقية ثغور الدول البربرية، وأخذ هذا العدد يزداد بعد ذلك إلى حد حمل الدول المسيحية على أن تتخذ من الخطوات ما هو كفيل بإيقاف غارات هؤلاء القرصان. فظهرت أمام بنزرت حملة فرنسية جنوية بقيادة كبير أساقفة سالرنو عام 1516، غير أنها لم تستطع الاستيلاء على المدينة. وأراد أهل بنزرت الانتقام، فما إن أصبح خير الدين سيد تونس عام 1534 حتى نفضوا عنهم سلطان بنى حفص وخضعوا له. لكن شارل الخامس استولى علي بنزرت في العام التالي عقب استيلائه على مدينة تونس ووضع حامية بها. ثم عمد توًا إلى تخريب الحصون، فأعاد الأسبان بناءها بعد ذلك وشيدوا قلعة أخرى سموها
قلعة أسبانيا؛ ولا تزال هذه القلعة موجودة إلى اليوم. وأنهى الحكم الأسبانى للمدينة عام 1572 عندما احتلها الترك آخر الأمر. وكانت بنزرت معقل قرصان البربر. وكان القراصنة الذين يقلعون من هذا الثغر لا يهابون أن يُغيروا على شواطن صقلية وإيطاليا وأن يهاجموا المراكب الخاصة بأعظم الدول النصرانية على الرغم من وجود مراكب فرسان مالطة. وكان معتقل بنزرت يضم 2.000 أسير من النصارى.
وفي نهاية القرن السابع عشر قررت فرنسا أن تلجأ إلى القوة بعد أن وجدت أن المفاوضات لم تأت بنتيجة، فضرب دوكوسن Doquesne المدينة بالقنابل عام 1681 وعام 1684 م. وحملت نفس الأسباب الفرنسيين على ضرب المدينة ثانية بالقنابل في القرن الثامن عشر، وتم ذلك على يد عمارة بحرية فرنسية يقودها أمير البحر ده بوفيه de Boves في اليومين الرابع والخامس من يولية عام 1770 م، ثم على يد أمير البحر البندقى إيمو Emn الذي كاد أن يخرب المدينة تخريبا تامًّا عام 1785. وأخذت بنزرت في الأضمحلال في القرن التاسع عشر وذلك من جراء إخضاع القراصنة وامتلاء الثغر بالمستنقعات.
ولم تكن بنزرت سوى بليدة خيمت عليها التعاسة تخترقها دروب مليئة بالرمال عندما احتلها الجنود الفرنسيون في أول مايو سنة 1881 في بداية الحملة على بلاد تونس.
وتغيرت بنزرت إذ تناولها كثير من ضروب الإصلاح منذ بسطت الحماية الفرنسية على البلاد. فامتلأ جزء من القناة القديمة بالماء، وحفرت قناة أخرى بين البحر والبحيرة تسمح بسير مراكب ذات حمولة أكثر مما سبق، وشيدت ميناء صالحة ممتدة في البحر، وقامت عمائر على شواطن البحيرة وبنيت دار للصنعة في سيدى عبد الله على مسيرة عشرة أميال من البحر. وشيدت قلاع منيعة على المرتفعات المحيطة لتذود عن المدينة. ثم بنيت آخر الأمر مدينة جديدة بين المدينة القديمة والقناة ازدهرت سريعًا، ولو أن الازدياد في سكانها ورواج تجارتها لم