المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

استحدث فيها آخر الأمر معهد للكلب ومعهد لعلم الجراثيم ومركز - موجز دائرة المعارف الإسلامية - جـ ٧

[مجموعة من المؤلفين]

الفصل: استحدث فيها آخر الأمر معهد للكلب ومعهد لعلم الجراثيم ومركز

استحدث فيها آخر الأمر معهد للكلب ومعهد لعلم الجراثيم ومركز للتطعيم. وتخرج في هذه المدرسة عدد من الأطباء ملمين باللغات الأوروبية وبالطرائق الطبية الحديثة. وقد مضى هؤلاء إلى الأناضول وأقاموا فيه مستشفيات حديثة، واتخذت إجراءات للتحصين ضد مرضى الكلب والجديرى هناك قرابة ذلك الوقت الذي بدأت فيه هذه الإجراءات في أوروبا. وكانت الحكومة العثمانية من الحكومات التي ساعدت على إنشاء معهد باستير.

أما مستشفى شيشلى للأطفال الذي كان من أكبر المستشفيات في إستانبول فقد أقامه السلطان عبد الحميد الثاني سنة 1316 هـ (1898 م).

وكانت هذه المستشفيات التي ذكرناها أهم المستشفيات في الإمبراطورية العثمانية، وإن كان يوجد كثير غيرها في جميع أرجاء تركية، يضيق المقام عن ذكرها. وقد أقام الأتراك في خمسة قرون ما يقرب من سبعين مستشفى في إستانبول وحدها.

خورشيد [شاه سوار أوغلى. Bedi. N Shehswaroghlu].

‌البينة

(والجمع بينات)، وهي مؤنث "بين" بمعنى "جلى، واضح" وقد وردت بمعنى "الدليل الواضح" في آيات كثيرة من القرآن الكريم (سورة البينة، الآية رقم 1، ولذلك سميت السورة باسم سورة البينة) وتدل الكلمة في الاصطلاح الشرعي على الدليل القاطع، ذلك الذي يثبت بالشهادة، على الرغم من أن المصطلح أصبح منذ العصر القديم لا يطلق على الشهادة الشرعية فحسب، بل على الشهود أنفسهم أيضًا. وهناك ألفاظ غيرها تعبر عن وجوه أو درجات أخرى من مصطلح الدليل، وبخاصة حجة (والجمع حجج) ودليل وبرهان. ويهتم القرآن الكريم، في المجال الشرعي، بالدليل في أمور مختلفة مدنية وجنائية، والذي يبرز لأول وهله هو أن القرآن الكريم ينص على الالتجاء أساسا إلى الشهادة ويوصى بألا تتم بعض الأمور الشرعية إلا بحضور شهود، وهي [حالات من] الطلاق (سورة الطلاق: الآية 2)، والوصية (سورة المائدة، الايات 106 -

ص: 2077

108)، وحساب أموال اليتامى (سورة النساء، الآية 8)، والتداين بأجل مسمى (سورة البقرة، الآية 282). وعلى الرغم من أن القرآن الكريم يؤيد، في الحالة الأخيرة، جود دليل مكتوب فإن هذا الدليل يرتبط ارتباطا وثيقا بشهود. العيان الذين يجب عليهم الاعتراف بالدين الذي أملاه الدائن على الكاتب بمجرد إتمامه. وتلك هي صيغ البينة التي ينظمها القرآن الكريم، ولو أنها وردت فيه بإيجاز؛ وهو ينص، علاوة على ذلك، على ضررة الاستشهاد بضعف عدد الشهود (أربعة شهود بدلا من اثنين كما هو المعتاد)، دليلا شرعيا لإثبات الفاحشة (سورة النساء: الآية 15؛ سورة النور الآية 4، 13)، ولكنه في الحالة التي يعجز فيها الزوج عن تقديم هذا الدليل الصعب على اقتراف زوجته جريمة الزنا، ينص على إجراء استثنائى هو اللعان، وهو أن يحلف كل من الزوجين أنه صادق وأن لعنة الله عليه، إن كان من الكاذبين. (سورة النور: الآيات 6 - 9). ومع أن هذا الإجراء لا يعد دليلا بمعنى الكلمة، فإن له آثارا شرعية هامة. ومن جهة أخرى فإن الكتاب الكريم لا يورد شيئًا عن النظم البدائية الخاصة بالالتجاء إلى التعذيب البدنى والأيمان بتبرئة الساحة.

وقد خصت الشريعة الإسلامية المأثورة بالذكر سيادة الدليل بالشهادة التي تسللزم لصحتها توافر شروط نظرية صارمة إلى حد لا بأس به. ولم تصبح الشهادة مقبولة بوجه عام، وعلى نطاق واسع، إلا بعد أن أمكن تفسير الدليل المكتوب على أنه "وثيقة الشهادة" Zeugenurkunde، على الرغم من أن هذا الموضوع لا يخلو من نقاش حاد وتحفظ وحيطة حتى في حالة العقود الموثقة (انظر Le no-: E. T yan tariat et le regime de la preuve par ecrit - musulman، An dans la pratique du droit -nales Ecole francaise de droit de Bey routh سنة 1945، العدد رقم 2).

وفي آيات القرآن الكريم الخاصة بأحكام الوصية (سورة المائدة: الآيات 106 - 108) يطلب من الشاهدين في حالة الريبة، أو وجود شاهدين آخرين يقومان مقامهما، أن يحلفا بالله، وهو الحكم الوحيد في القرآن الكريم الذي

ص: 2078

ينص على ضرورة وجود شاهدين غير الأولين يثبت دليلهما بقسم. ويمكن تقديم بعض الأمثلة التي حدثت من حين لآخر، وبصفة استثنائية في ظل الإسلام، لقضاة طلبوا من شهود، ارتابوا فيهم أن يقسموا. ومهما يكن من أمر فإن العقيدة أنشات فارقا واضحا قاطعا فيما يختص بالحجج الشرعية التي تنص عليها وتنظمها، بين الشهادة والقسم. وتنص القاعدة المشهورة على أن "البينة على من ادعى واليمين على من أنكر" وفي رواية أخرى "على المدعى عليه". وينبغى أن نذكر أن المدعى، في حالة التجائه إلى الشرع، لا يكون بالضرورة المدعى الأصلي (ومن هنا فإن عبء الإثبات قد يتأرجح)، يضاف إلى هذا أن بعض العلماء يرون أن الدليل إنما يمكن أن يقدم في الغالب لإثبات الحقائق اليقينية.

والبينة نفسها، من حيث المبدأ، لها حجية قائمة بذاتها: فعندما تتوافر الشروط الشرعية للصحة تكون ملزمة للقاضي، وهذه قاعدة عامة. وقد بذلت عدة محاولات لتأييد الشهادة بقسم، يحلفه المدعى، ولكن هذه المحاولات لم تنجح بحال في التأثير على الشريعة المأثورة، اللهم إلا الحالات التي يغيب فيها المدعى عليه، أو يعانى من اللا أهلية (Origins: Schacht ص 187 - 188؛ انظر ابن قدامة: المغني، جـ 9، ص 277: : وبالنسبة لرأى الفاطميين المعارض انظر القاضي النعمان: اقتصار، دمشق سنة 1957، ص 163). ويتمسك المذهب الحنفي تمسكا تاما بلفظ القاعدة المذكورة آنفا، والحق إن هذا المذهب قد أسهم في انتشار أثرها بله صياغتها، لأنه يخالف المذاهب الأخرى في أنه لا يسمح للمدعى بأن يحلف لكى يستكمل بقسمه بينة ناقصة (شاهد واحد) في المنازعات الخاصة بالمال، ولا يسمح للمدعى عليه بأن يحلف ردًّا على المدعى. وفي تبادل القسم، الذي يتمسك به الحنفية هم وباقي المذاهب في بعض الحالات التي تعوزها البينة، يقف كل من الطرفين أمام الآخر موقف المدعى عليه، وبالنسبة لتطورات القسم الأخرى أمام القاضي. ونلاحظ هنا فحسب أن القسم لتبرئة الساحة المعروف في الجاهلية، بقى في الشريعة الإسلامية وسيلة إثبات في مجال محدود من الإجراء الجنائى.

ص: 2079

ومن الممكن، خاصة فيما يتعلق بادعاء الملكية، أن تتعارض بينات أطراف الخصومة، وتهتم نصوص الفقه بتعارض البينات وتحاول أن تقضى على النزاع بإعلان أن أحد الأدلة أقوى من غيره على أساس المقاييس التي تخللف بين المذاهب المتعددة، وقد تؤدى إلى حلول متفاوتة. وإذا تساوت الأدلة المذكورة فإن الحلول تختلف، حتى في حدود المذاهب نفسها، بين الفسخ المتبادل والالتجاء إلى صيغة دليل إضاقية حاسمة. وبين الحكم عليها بالقيمة الاسمية- التي تستلزم عندئذ إما تقسيم المال أو سحب الأنصبة.

ومع أن البينة قد تكون لها الغلبة باعتبارها وسيلة إثبات فإن من الصعب أن نعدها في كل الظروف أقوى من الإقرار، أو من مصطلح أقل شيوعًا وهو الاعتراف. والحق إن ابن حزم الظاهرى يذكر النقيض صراحة في كتابه المحلى، (جـ 9، ص 426). ويقتضى المبدأ في الإقرار أهلية أدنى من الشهادة، لأنه يفترض أساسًا الصدق في الشخص الذي يصدر الإقرار. ولكن المؤلفين يميزون عادة- وهم في ذلك لا يجانبهم المنطق- في هذا المجال بين الإقرار الذي لا يكون له أثر ملزم إلا على نفس من يصدره، والإقرار الذي يؤثر في حق الغير، وتخللف قوتهما الفاصلة ونتائجهما الشرعية اختلافًا كبيرًا.

ولعل من المناسب في موضوع البينة أن يدخل في الحكم عليها رأى الخبير الذي قد يطلبه القاضي، وفضلا عن ذلك فإنه إذا كان لأحد أن يحاول تكوين نظرية عامة عن الدليل في الشريعة الإسلامية فإن من المناسب أن يعمل حسابًا للجدل الذي دار حول علم القاضي الشخصى بحقائق قضية، لتأكيد الأهمية الكبيرة للافتراضات الشرعية وكثرتها، ولتسجيل شأن بعض الأدلة المساعدة أو الخطوات الأولى المتخذة في دليل تعترف به الشريعة وشأن هذه الأدلة. وفي مجال هذا الدليل الشرعي يمكن ملاحظة اتجاهين: الرغبة في إثبات ما هو أرجح، على نحو إنسانى، بوسائل تنظمها قواعد، أكثر من السعي وراء الحقيقة الخالصة التي لا يعلمها على وجه اليقين غير الله، واتجاه نحو العقلاخية،

ص: 2080

وهي، وإن كانت لا تغلب في كل الظروف وفي كل ناحية، فإنها مع ذلك مضمرة فيما يتمتع به القسم على تبرئة الساحة من مكانة، وغياب الاحتكام إلى المحن في أمر متهم بتعريضه للعذاب البدنى (على الرغم من الآثار التي لا يزال يتشبث بها العرف الجارى بين المجتمعات القبلية حتى اليوم).

المصادر:

نصوص الفقه والمواد المنشورة في الطبعة الأولى من هذه الدائرة، وهي التي أشير إليها في صلب هذه المادة، والدراسات الحديثة التي يشار إليها في Recueils de la Societe Jean Bodin مجلد La Preuve (نشر عام 1960).

د، . يونس (برنشفيك R. Brunschvig)

ص: 2081