الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التقية
" التقية": لغة الحذر والخوف (انظر حواشى الطبري، مادة "تقية") أو الكتمان. واصطلاحًا: ترك فرائض الدين في حالة الإكراه أو التهديد بالإيذاء (1).
وفي مسائل العقائد لم يتقرر حكم عام في هذه المسألة، وحتى الفرق لم تقطع فيها برأى. أما المسائل الصغرى التي فصلت تفصيلًا فهي: هل التقية رخصة أو فرض، وهل هي جائزة لمصلحة الفرد أولمصلحة الجماعة.
ولم ينكر غلاة الخوارج أنفسهم التقية، وإن كان الازارقة قد غلب عليهم الاستشهاد في موضوع صلاة الخوف، وهي مسألة قريبة من التقية، بالرجل يحرم عليه أن يقطع صلاته حتَّى ولو سرق سارق فرسه أو ماله أثناء تأديته لها. وقد بذل القدماء النصيحة فقالوا:"قد وسع الله على المؤمنين بالتقية فاستتر"(2). وجرى الإباضية على شريعة أن التقية ستر للمؤمن وأن من لا تقية له لا دين له (3)(جميل بن خميس: قاموس الشريعة ج 13، ص 127 وما بعدها).
(1) هذا الاصطلاح ليس كما يوهم ظاهر السياق، فإنه ليس اصطلاحًا عند علماء اهل السنة واتباعهم، لذلك لم تذكر الكلمة في الكتب المصنفة للاصطلاحات العلمية. وإنما هو اصطلاح عند علماء الشيعة ومن والأهم.
اللجنة
(2)
لم يشر كاتب إلي المصدرالذي نقل عنه هذه العبارة، وقد بحثنا عنها في مظانها فلم نهتد إليها.
اللجنة
(3)
نص العبارة التي ترجمها كاتب المقال عن جميل ابن خميس هو:
La takiya est une couverture pour le croyant celui-la qui n'a pas de takiya n'a pas . de religion
وقد بحثنا عن هذا الكتاب في دور الكتب فلم نجد منه إلا العشرة الأجزاء الأولى فقط في دار الكتب المصرية. وهذا النص كما يقول كاتب المادة في الجزه الثالث عشر. ورجعنا إلى العلماء المختصين فلم نجده عندهم.
وقد رجعنا إلى فضيلة الشيخ إبراهيم أطفيش العالم الأباضي في هذا الشأن فقال "إن التقية جائزة عند الأباضية إجماعًا ودعوى أن من لا تقية له لا دين له من تصوير الكاتب، وجوازها فيما إذا كانت تنجية النفس والمال من الهلاك بشرط أن لا تؤدى إلى أضرار الغير في نفسه أو ماله فإن فعل ما يؤدى إلى ذلك وجب عليه الضمان من قود وعوض اتفاقًا. والإجماع على جوازها بالقول ولو شركًا باللفظ لا بالقلب. أما التقية بما اباحه الله من الميتة والدم ولحم الخنزير فجائزة أيضًا عند الجمهور، ومنعه بعض، لأن الآية خصصته بالمخمصة وليس بشيء عند المحققين لأن المخمصة من قبيل الوصف الغالب ولا تجوز التقية بما يجب فيه الحد، فإن فعل فرجح درء الحد للشبهة (راجع شرح مشارق الأنوار للسالمى) والكتمان حال المسلمين عند العجز عن إظهار حدود الدين والقيام به وهو مقابل الظهور، وهو حال المسلمين زمن الخلفاء الراشدين ومن جرى من ملوك الإسلام على نهجهم في العدل وحماية الإسلام، فأنت ترى من هذه الخلاصة أن التقية لا تعدو أن تكون عند الأباضية جائزة كما هي عند أهل السنة، وتعبير الكاتب في صلب الكتاب من قبيل التحريف للكلام على هوى يحمل في طياته ما يحمله. هذا خلاصة الموضوع".
اللجنة
ولم يكن للتقية هذا الشأن الخطير عند أئمة أهل السنة. على أن الطبري روى في تفسير الآية 106 من سورة النحل (التفسير، بولاق سنة 1323. وما بعدها؛ ج 4، ص 122) أن "من أكره [على الكفر] فتكلم به لسانه وخالفه قلبه بالإيمان لينجو من عدوه فلا حرج عليه لأن الله سبحانه انما يأخذ العباد بما عقدت عليه قلوبهم". والإجماع أن هذه الآية نزلت في عمار بن ياسر.
وتقصّى مسألة الهجرة في هذا المقام أدخل في باب النظر. ففي بعض الأحوال - كحالة الخوف من القتل - يجوز للمسلم الهجرة إذا وقع في محل لا يستطيع فيه إظهار دينه، "فإن أرض الله واسعة". أما النساء والصبيان والمرضى ومن حقت عليه رعايتهم فإنه يجوز لهم الموافقة، ولا تقبل التقية أو الهجرة من غير هؤلاء إذا كانت المشقة التي تلحقهم محتملة، كالحبس الموقوت والضرب الَّذي لا يفضى إلى الهلاك. على أن النزوع إلى القول بأن التقية ليست في الأكثر إلا شيئًا جائزًا وأنها ليست واجبة في جميع الأحوال -كما يذهب بعض اهل السنة استنادًا إلى الآية 191 من سورة البقرة - قد أدى إلى وضع أحاديث في التحذير منها مثل "رأس الفعل المداراة". (1) وسيقت قصة الرجلين اللذين أخذهما مسيلمة لاثبات فضل الاستشهاد على الصدق، فقد أكره أحدهما فأنكر أن محمدًا
(1) يظهر أن كاتب نقل هذا الحديث من كتاب مختصر ترجمة التحفة الاثنى عشرية للسيد محمود شكرى الآلوسى، ص 189 فقد جاء فيه "وروى ابن أبي الدنيا رأس الفعل بعد الإيمان بالله تعالى مداراة الناس؛ وفي رواية البيهقي رأس الفعل المداراة".
اللجنة
لا يفهم أن هذا اللفظ تحذير من التقية ولا حض عليها. ثم ما الَّذي يحفزهم على التزام ادعاه وضع الأحايث عند كل مناسبة. والذي ورد في هذا حديث "رأس العقل بعد الإيمان بالله التودد إلى الناس" وهو حديث في صحته خلاف. انظره ش كشف الخفاء ج 1، ص 421 - 422 حديث، مدراة الناس صدقة" وهو حديث رواه الطبراني وأبو نعيم وابن السنى وابن حبان عن جابر وصححه ابن حبان. وانظر كشف الخفاء ج 2، ص 200 والجامع الصغير طبعة التجارية سنة 1352 رقم 4368 و 8170 وروضة العقلاء لابن حيان، ص 55 وفتح الباري للحافظ ابن حجر، ج 10، ص 437. وليس في هذين الحديثين ما يدل على وجوب التقية أو التحذير منها، بل هما أمر بحسن معاملة الناس وتعليم في مكارم الأخلاق، لا يمنعان قائلًا أن يقول الحق في مواطن الصدق.
أحمد محمد شاكر
رسول الله وقتل الآخر دون ذلك. وزعموا أن النبي [صلى الله عليه وسلم] قال: "أما هذا المقتول فقد مضى على صدقه ويقينه وأخذ بفضله فهنيئًا له، وأما الآخر فقد رخصه الله تعالى فلا تبعة عليه".
وللتقية شأن خاص عند الشيعة، وهي في الحقيقة صفتهم المميزة، إلا أن هذا القول لا يطابق الواقع دائمًا كما يستفاد من ردود نصير الدين الطوسى في "تلخيص المحصل" على الرازي (راجع ذيل كتاب الرازي "محصل أفكار المتقدمين والمتأخرين" القاهرة سنة 1323 هـ، ص 182، تعليق 1). وقد كتب على الشيعة خاصة أن يكونوا فئة قليلة مضطهدة تجاهر مضطهديها بالعداء أحيانا فلا تخلو فعالها من بطولة، وآتاها هذا المصير ما لم يوات الخوارج من الأسباب والأمثلة على الغلو في التقية حينا والاشتداد في إنكارها حينًا آخر، وحتى الاسماعيلية - الذين لا يشق لهم غبار في اخفاء عقائدهم - قد تحدوا أئمتهم فقالوا:"ليس إماما من قعد عن السعي إلى حقه وتحت إمرته أربعون رجلًا"(1). أما الزيدية فيقولون إنه لا يحل الإمام من التقية إلا إذا كان أعوانه في مكل عدد أهل بدر. وقد نقل أهل السنة من كتب الشيعة أنفسهم أقوالًا آخذهم عليها جمهور السنيين وجادلوهم فيها، ذلك أنهم ذكروا في هذه الكتب أنَّه لا تحل لهم التقية بوصفهم أنصار الشهداء المجاهدين، في حين أن الاثنى عشرية خاصة يظهرون الأئمة بمظهر القادة: يضربون الأمثلة للناس فيدفعونهم إلى الإقدام، ويتمثلون في الوقت نفسه بموقف على من الخلفاء الثلاثة الذين سبقوه وبغيبة المهدي، ويزعمون أن ذلك هو التقية المثلى. والإيمان يكون بالقلب واللسان واليد. وهم يقلبون هذه المسألة على وجوهها ويفصلونها تفصيلًا تتجلى فيه القدرة الفائقة على الجدل، فيزنون المكاره التي تصيب المؤمنين والبلاء الَّذي يتوقعونه، ومتى يجوز لهم فعل ما يرضى عنه الله وترك ما يغضبه. والإيمان بالقلب واجب مطلق. فلو غلب على ظن المؤمن أو أيقن بتوجه الضرر إليه أو إلى ماله أو إلى أحد من المسلمين سقط وجوب الإنكار باليد أو باللسان.
(1) لم يشر كاتب المادة إلى المصدر الذي استقي منه هذه العبارة "وقد بحثنا عنها في مظانها التي بين أيدينا فلم نهتد إليها.
والاستتار سمة مألوفة في سير الشيعة، وقد خبرنا أيضًا أن الإمام يخالف الشرع فيشرب الخمر مثلًا إذا أُكره عليه، وهم لا يجوزون له ذلك في جميع الأحوال. على أن الشيعة يؤمنون برسالة محمد [صلى الله عليه وسلم]، ويقولون كما يقول اهل السنة بأن النبي لا يصطنع التقية في أمر رسالته، لأنه لو فعل هذا لارتاب المؤمنون في كلام الله. وقد استتبع هذين المثلين المتقابلين هي الإمامة أننا وجدنا في السنن الأخلاقية للعامة من أتقياء الشيعة قول على:"علامة الإيمان إيثارك الصدق حيث يضرك على الكذب حيث ينفعك" جنبًا إلى جنب مع تفسير الآية 13 من سورة الحجرات 5 "إن أكرمكم عند الله أتقاكم" بأكثركم تقية. ويقول الشيعة أيضًا: "الكتمان جهادنا" ولكن ينبغي ألا يغيب عن الذهن عند قراءة أبواب الجهاد أنه جهاد أصحاب المذاهب الأخرى من المسلمين أولًا وقبل كل شيء. وكذلك لا يفوتنا أن تقية الشيعة ليست غاية يقصد إليها المرء مختارًا (الخوانساري: روضات الجنات، طهران سنة 1306 هـ، ج 4، ص 66 وما بعدها) وإنما يجب عليه تجنب الاستشهاد الَّذي لا داعى له ولا منفعة فيه، وأن يبقى على حياته لخير العقيدة ومصلحة المسلمين.
ثم أن التقية تقوم على النية، ومن ثم نجدهم دائمًا يشيرون إلى النية في هذا المقام. والشهادة بوصفها من الفرائض لا تقوم بصحة الجهر بها، وإنما تقوم بالنية ومن هنا لا يحاسب المسلم إلا على نيته إذا أكره على الكفر بلسانه أو التعبد مع الكفار. ولا يمكن أن تمس التقية إلا حق الله. فهو يعاقب المكرِه ولا ينزل بالمكرَه إلا عقابًا رحيمًا في بعض الأحوال. على أن الحيل التي تصطنع في هذا المقام وبخاصة في الأيمان المعلقة يهيئ للمرء أسباب الإضرار بالناس.
ويكتنف التقية شرور خلقية لا يستهان بها، على أننا نجد للتقية نظائر في الأديان الأخرى وعند الصوفية أنفسهم. أما المسألة الخلقية وهي: هل هذا الإكراه على الكذب يعد
أم ذلك كذبا، وهذا الإكراه على إنكار العقيدة إنكارًا فلا تعرض للمستتر قط، لأنه ليس في حالة اطمئنان يفسدها الكذب أو الإنكار.
المصادر:
(1)
Zeitschr. Deutsch. Morg .. : Goldziher . Gesells، ج 60، سنة 1906، ص 213 - 226، وقد أشار الكاتب إلى مراجع أخرى.
عند أهل السنة:
(1)
البخاري: كتاب الإكراه
(2)
القدوري: مختصر، كاسان سنة 1880، ص 162.
(3)
النووي: منهاج الطالبين، طبعة فإن دن برج، باتافيا سنة 1882 - 1884 - ، ج 2، ص 433.
عند الخوارج:
(1)
البسيوى: مختصر، زنجبار سنة 11304 هـ، ص 123.
(2)
جميل بن خميس: قاموس الشريعة، زنجبار سنة 1297 - 1304 هـ، ج 13، ص 127، وما بعدها، ص 157.
عند الزيدية:
(1)
انظر فهرس المخطوطات ببرلين رقم 9665، ورقة 135، ورقم 4878، وررقة 96 ب.
(2)
komst oan: C. Van Arendonk in Yemen het Zaidietische Imamaat ليدن سنة 1919، الفهرس
(3)
Das Staatsrecht: R. Strothmann der Zaaidit، ستراسبورغ سنة 1912، ص 90 وما بعدها.
عند الإمامية:
(1)
جعفر بن حسين الحلِّى: شرائع الإسلام، سانت بطرسبرغ سنة 1862، ص 149 وما بعدها.
(2)
ابن المطهر العلامة الحلِّى: مختلف الشيعة، طهران سنة 1323 هـ وما بعدها، ج 2، ص 158 وما بعدها
(3)
IsL .. Horovitz ج 3، ص 63 - 67.
عند الدروز:
(1)
مخطوط ببرلين رقم 814 /. M. g (لم يرد في فهرس آلورت Ahlwardt) ورقة 11 ب