الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
921 م) وصدع عبد الحميد بن بسيل قائد جند عبد الرحمن الثالث بأمر مولاه واسترد هذه المدينة بعد ذلك بثلاث سنوات. ولم يذكر مؤرخو العرب تاريخ دخول تطيلة في حوزة النصارى نهائيًا.
المصادر:
(1)
الإدريسي: المسالك والممالك، النص ص 176، 190 والترجمة ص 211، 231.
(2)
أبو الفداء: تقويم البلدان، النص، ص 180، والترجمة ص 259.
(3)
ياقوت: معجم البلدان، جـ 1، ص 853.
(4)
ابن عبد المنعم الحميرى: الروض المعطار، رقم 55.
(5)
Extraits inedits relatifs: E. Fagnan au Maghrib، ص 28.
(6)
ابن عذارى: البيان المغرب، جـ 2، في مواضع مختلفة، انظر الفهرس.
[ليفى بروفنسال E. Levi- Provencal]
تعزية
المواساة بوجه عام ومشهد الشيعة بوجه خاص. وكلمة تعزية مصدر الفعل المضعف من "عزى" ولم يرد هذا المصدر في القرآن "ورد لفظ عزين في سورة المعارج، الآية 37) ولكنه ورد في كتب الفقه على المذاهب كلها في نهاية كتاب العبادات باب الجنائز، وفيها حض على تعزية أقارب الميت. وأول معاني التعزية عند الشيعة النواح على من استشهد من الأئمة عند قبورهم أو في منازل النائحين وهم يندبون الحسين خاصة. والتعزية في لغة العامة التابوت المصنوع على غرار القبر القائم في كربلاء، فالناس يحتفظون في بيوتهم بنماذج من هذا التابوت صنعوها من النفائس. على أن التعزية تدل بوجه خاص على المشهد نفسه. ويقام هذا المشهد في الثلث الأول من المحرم وخاصة في العاشر من "روز قتل" وهو اليوم الذي استشهد فيه الحسين، ويوافق يوم عاشوراء وتختلف المشاهد اختلافًا كبيرًا باختلاف البلدان، فهي في فارس غيرها في مواطن الشيعة من أرض الجزيرة وبلاد الهند.
ويدخل في المشاهد بمعناها الواسع المواكب التي تسير في الطرقات كموكب الفرسان وفيه جواد الحسن، وموكب زواج القاسم ولد الحسن من فاطمة ابنة الحسين والموكب الذي يسير إلى القرافة، وفيه التابوت.
ثم إن التعزية تدل على تأدية هذا المشهد المؤثر نفسه، فيقام المسرح في الأماكن العامة والحانات، وفي المساجد، وفي "إمام بارا" الذي شيد خصيصًا لإقامة هذا الحفل.
وأهم ما يجهز به المسرح تابوت كبير ومستقبلات للنور توضع في مقدم المسرح ثم قوس الحسين ورمحه وحربته وعلمه.
ويشترك في الحفل إلى جانب المهرجين الـ "روضه خوان" والشاعر، أي الرجل الذي يرثى الشهداء، فهو الذي يفتتح المشهد ويلقى الخطبة وهو يؤمئ بإشارات فيها معنى الأسى، ويستكثر فيها من الأحاديث بصوت المتفجع، ويحيط به طائفة من الصبيان المرتلين يطلق عليهم اسم "بش خوان" ومعناها لغة المنادون، بينما ترتدى الـ"نوه حَنّانه" ثياب الحداد ويندبن ندب الأرامل والثكالى، والرجال من النظارة في جانب والنساء في جانب. ويوزع عليهم "مَهْر" وأقراص من طين كربلاء مضمخة بالمسك يضعونها على جباههم في حزن بالغ، ويمثلون على المسرح أصدق تمثيل ما قاساه الشهداء من جوع وما عانوه خاصة من عطش، في حين يدار على النظارة الماء والمرطبات. والجود بجهاز المسرح وكل مايشتمل عليه -بما في ذلك جُعْل الشاعر- فريضة على الأثرياء، وهو أيضًا عمل من أعمال البر والتقوى، وللأشراف شأن هام في هذه المحافل، لأن ارتفاع نسبهم إلى الحسين يكسبهم حقًّا في صدقة المتصدقين، وهم يلحفون في طلبها.
وأغراض هذه المشاهد متشابهة وجل ما يتلى فيها واحد. ويفتن الشعراء في تناول هذه الأقوال ويتوسعون فيها" (انظر فهارس المخطوطات) وأشهرها فارسى وبعضها عربي وبعضها تركى .. ولا يمكننا أن نطلق على المشهد
(1) الإتقان 2: 224.
اسم المسرحية إلا تجوزا، ذلك أن مناظرة تتراوح أحيانًا بين الأربعين والخمسين كل منظر مستقل عن الآخر.
وأشخاص المشهد من غير الملائكة كثيرًا ما يوازن بين مصيرهم ومصير الشهيد، ويعترف يعقوب ويوسف أن الحسين وأولاده قاسوا أكثر مما قاسيا، بل إن حواء وراحيل ومريم قد أحسسن بلوعة أمه فاطمة. أما علاقة الحسن بأخيه الحسين فقد سموا بها سموًا عظيما. ويظهر في المشهد إلى جانب روح أمه فاطمة، أختاه كلثوم وزينب وزوجه شهربانو ابنة يزدجرد الثالث وولده على أكبر الذي استشهد في القتال؛ وكثيرًا ما يمثلون تزويج ابنة الحسين من شهربانو، وهي فاطمة، من القاسم ولد الحسن. وهم يقصدون إلى التأثير العميق في جمهور المشاهدين بتمثيل مقتل ولد صغير من أولاد الحسين وابن عم يافع له، أما ابنه الآخر على زين العابدين الذي سلم من القتل فله شأن هام في الموكب المفجع الذي يحمل فيه رأس الحسين وسبايا النساء والأطفال إلى الخليفة يزيد بن معاوية، فإذا لقى الموكب ديرًا نصرانيًّا بات فيه ليلته، وينطق راهبه بالشهادتين عند رأس القتيل، ويقوم اليهود والكفار وشعراء النصارى في قصر الخليفة بمثل ذلك. ومن المناظر البليغة التأثير في نفوس المشاهدين استسلام أسد وتبجيله لرأس الحسين.
وأهم من ذلك وأخطر أن هذه المشاهد تنقل للشيعة صورًا ملؤها الغرض لرجالات صدر الإسلام، فتسلك في زمرة الشيعة سلمان الفارسى وأبا ذرّ وبلالا والحُرّ الذي انحاز إلى الحسين، وتجعل من المناوئين لهم: أبا بكر وعمر، وهو الذي قيل فيه إنه حرم فاطمة ميراثها في واحة فدك وآذاها. وهذه المشاهد لا تفرق بين الرجال من غير الشيعة فهي لا تعد -مثلًا- ابن ملجم الذي قتل عليًّا خارجيًا وتأخذ أهل السنة بجريرته، كما أنهم يصورون أقبح تصوير ابن سعد قائد جيوش خصومهم، وشمر الذي ضرب الحسين الضربة القاضية -فيما يقال- وخاصة يزيد بن معاوية، وبلغ أنهم كانوا يسمحون بشهود حفلاتهم لغير
المسلمين ولا يسمحون بذلك للمسلمين من غير الشيعة وتظهر شعوبيتهم وكراهتهم للترك في بعض المناظر مثل منظر عودة شهربانو زوج الحسين إلى بيتها في فارس، أو نجاة فاطمة الصغيرة على يد ملك فارس.
وجل المشاهد منظومة من بحر الهزج، وهي من مصادر شتى، وإن تكن مادتها وألفاظها قديمة في الغالب، فقد أخذوا آيات من القرآن وفسروها تفسيرًا شيعيًا، كما اختاروا أحاديث قديمة في صالح الشيعة، وعنوا في صياغتها بالتأثير على السامعين. وفي خطبهم عبارات قديمة قدم الطبري، وقد حفلت مصنفات الشيعة القديمة بعظات كاملة ولعنات ودعوات، مثل مصنفات ابن بابويه والكلينى والشيخ الطوسى، وخاصة في أبواب الزيارات من كتب الحج والإمامة، وفي كتب المقاتل. وثمت أيضًا عدة ترانيم، وماتزال المراثى تنظم إلى وقتنا هذا.
أما من جهة النظارة فإن التعزية من أقوى المشاهد تاثيرًا في النفوس، بيد أن الأجانب لا يستطيعون إدراك ما ينطوى عليه المشهد، ولذلك فقد ينفرون من واقعيته السافرة، وبخاصة المناظر الختامية التي يصبح فيها رأس القتيل أهم متكلم في المشهد وأول ممثل. ولعل أول مايتبادر إلى أذهانهم أن النظارة ينتشون بما ينطوى عليه المشهد من فظاعة وألم. ولسنا نستطيع أن نتبين الغاية الحقيقية من هذا المشهد إلا إذا درسنا ما يقال فيه دراسة بعيدة عن الهوى، وهذه المشاهد مليئة بالعقائد التي تُغَلّب الأحاديث الشيعية. وإظهار هذه المشاهد في هذا الثوب البدائى يجيز لنا أن نقول إن ما أدخل فيها من مناظر تهز النفس وتروعها لم يكن الغرض منه إلا إحداث التأثير في النفوس، والواقع أن الفكرة الغالبة على المشهد بأسره هي فكرة الفداء، وقد جُسّمت هذه الفكرة بحيث تتفق مع مصنفات العقيدة الشيعية ولكنها أخرجت في صورة أوضح وحسبنا هنا أن نحيل إلى أحد هذه المشاهد الواردة في كتاب شودزكو Chodzko، انظر المصادر) ففي مستهل المنظر الأول "منظر رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يُعلم جبريل محمدًا بأن الحسن ملاق مصير أخيه
الحسين قائلا: "ولسوف يحز سبطاك صرعى عدو زنيم، ولن يكون هذا جزاء عصيانهما أوامر ربهما، فما تعلق أوضار الإثم بواحد من أهل بيتك ياخير البرية، وإنما يفتديان المسلمين، فيتلألأ جبيناهما أبد الآبدين بنور الأبرار المصطفين فإن شئت أن يغفر الله ذنوب الآثمين، فلا تضننّ بزهرتى بستانك أن تقطفا قبل الأوان"(ص 5 وما بعدها). ويسترسل في توضيح فكرة الاستشهاد في سبيل غفران ذنوب الآخرين حتى يجئ الختام المتوقع في المنظر الأخير الذي يجتمع فيه الآباء كافة من آدم إلى فاطمة أم الحسن حول الرأس الشريف. ويخاطب فاطمة (ص 215) بقول: "لا تثريب عليك في بكاء ولدك المقتول المضرج بدهه الزكى، فقد غاب عنك سر هذا الاستشهاد، وسنُجزى عليه يوم القيامة بمفاتيح الجنة والنار؟ " ونحن نستطيع أن نتبين تاريخ هذه الأقوال في الخلاص بالشفاعة من دعوات أولئك التوابين بزعامة سليمان بن صُرَد الذين تزودوا بالسلاح ووقفوا مستغفرين عند قبر الحسين بكربلاء لأربع سنين خلون من مقتله، وأقسموا أن يقاتلوا الأمويين أو يموتوا، ذلك أنهم رغبوا أن يكفرو عن خطيئتهم بقعودهم عن نصرته أو الموت معه. وقد قال أحدهم، وهو عبد الله ابن وال التيمى:"إن حسينًا وأباه وأخاه [أفضل أمة محمد [صلى الله عليه وسلم] وسيلة عند الله يوم القيامة"(الطبري، جـ 2، ص 547) وهذه الرواية عن أبي مخلف عن سلمة بن كُهيل الشيعى عن علوى هو محمد الباقر حفيد الحسين، والرأى الغالب أن سلمة بن كُهيل من الزيدية، ولذلك فهو ليس من غلاة الشيعة.
والتعزية في أكمل صورها محدثة، فقد كان هن العسير في وقت من الأوقات إقامة التعزية دون معارضة "الملّا" لما تنطوى عليه من عقيدة ساذجة وما يصاحبها من رقص ومواكب ليست من الدين في شىئ. ولم يذكر آدم أوليريوس Adam Olearius - الذي شهد عام 1637 عدة محافل فخمة في أردبيل- شيئًا عن التعزية، ولم ير تافر نييه: J.B. Tavernier (انظر Vierzig - Jaehrige Reisebeschreibung، نورنبرغ سنة 1681، ص 178 وما بعدها)
مشهدًا من هذا القبيل بين ما رآه من أعياد شهر المحرم بإصفهان عام 1667، على أن مورييه J.Morier رأى هذه المشاهد في طهران عام 1811. ولعل بعض شعائر الأولين في الأعياد الأسطورية القديمة مثل شعائر تموز وأدونيس -قد بقيت في المشاهد العارضة التي اقتبسها بعض أهل السنة والهندوس في الهند، فأعلام المواكب والهراوة الضخمة واليد التي يتداولها الداعون إلى الحفل والتي يقولون إنها يد الحسين المقطوعة، كل أولئك له أصوله القديمة. ومما يدل على أن صفات هذه الآثار المقدسة قد تغيرت، ما يقوله الشيعة من التتر من أن التابوت هو دار عرس القاسم. وللتعزية في بعض البلدان شعائر تتصل بالماء، وقد نشأت هذه الشعائر بين أهل هذه البلدان، وقد يرد إلقاء التابوت في الماء عند شيعة الهند إلى أصل هندوسى، بل إن ثياب الحداد قد تأثرت بالأزياء القديمة إلى حد ما، على أن المشهد نفسه هو تعبير العامة عن ذلك الشعور الدينى الذي نجد مصدره في حادث كربلاء.
المصادر:
(1)
Das Drama in Persien: W. Litten سنة 1929.
(2)
Theatre Persan: A. Chodzko باريس سنة 1878.
(3)
Miracle Play of: Lewis Pelly The Hasan and Husain في مجلدين، لندن سنة 1779.
(4)
La Passion: Ch. Virolleaud de l، imam Hosseyn، باريس سنة 1927
(5)
the Glory of the shiah World ، طبعة وترجمة P.M. Sykes وخان نهادر أحمد دين خان، لندن سنة 1910.
(6)
Voyage en: J. Morier Second LPerse باريس سنة 1818.
(7)
Les religions et: M.de Gobineu les Philosophies dans l، Asie Centrale باريس سنة 1866.
(8)
The Muharram، Myster-: J.Lassy -Azerbijan Turks of Cau ies among the casia هلسنكفورس سنة 1916.