الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(4)
Disraeli،: R.W. Seton-Watson Gladstone and the Eastern Question، لندن سنة 1935.
(5)
La Tunisie J.L. de Lanessan، باريس سنة 1917.
شفيق غربال
التونسي
محمد بن عمر بن سليمان: كاتب عربي من كتاب القرن التاسع عشر، وهو من أسرة تونسية انصرفت إلى العلم عامة وإلى الدين خاصة. وكان جده سليمان نساخًا وقد خلف عند حجه إلى مكة أبناءه الثلاثة في رعاية خاله أحمد بن سليمان الأزهرى وكان عالمًا فقيها. ولما فرغ سليمان من حجه لم يعد إلى تونس لضياع ثروته، فأقام بادئ الأمر في جدة وتعيش من نسخ الكتب، وتعرف في تلك المدينة إلى نفر من أهل سنار فحببوا إليه الذهاب إلى بلادهم. وتلقاه واليها بالترحاب وخصه بمنزل وأرض وأجرى عليه معاشًا.
وتزوج سليمان بامرأة من أهل سنار وأعقب منها ذكرًا وأنثى، واسم الذكر أحمد زروق. وشب عمر، وهو ثانى أبناء سليمان من زوجه الأولى التي بنى بها في تونس، وصحب أخا جده في الحج إلى مكة، فقابل في طريقه أباه سليمان مصادفة وكان ذاهبًا إلى القاهرة في عمل له مع قافلة من سنار. وقد توفى أخو جده بمكة فعاد عمر إلى القاهرة للمجاورة بالأزهر، ثم رحل إلى سنار ليزور أباه ثم عاد إلى دراسته بالأزهر وتزوج عام 1201 هـ (1786 م). ورجع بعد ذلك بسنتين إلى تونس مسقط رأسه وفيها رزق بابنه محمد (التونسى) عام 1204 هـ (1789 م). وأقام عمر في تونس ثلاث سنوات فقط عاد بعدها هو وأسرته إلى القاهرة ليتفرغ مرة أخرى إلى الدرس بالأزهر. وسرعان ما انتخب نقيبًا لرواق المغاربة. وفي عام 1211 هـ (1797) بعث إليه أخوه لأبيه بسنار ينعى أباه ويشكو إليه سوء حالهم، فذهب عمر من فوره إلى سنار ولم يعد إلى أسرته قط. ومن محاسن الصدف أن أخاه الأصغر طاهرًا ذهب في العام نفسه إلى القاهرة في عمل له، وكان معتزمًا الحج إلى مكة بعد فراغه من عمله هذا، فضم إليه أسرة أخيه، وكان
محمد حدثا في السابعة من عمره قد ختم القرآن فبعث به إلى الأزهر يجاور فيه. ونضب معين محمد شيئًا فشيئًا بعد رحيل طاهر إلى مكة فعزم على أن يبحث عن والده في السودان. فقد وردت الأخبار إلى القاهرة بأنه رحل إلى دارفور عقب وصوله إلى سنار. ولقى في القافلة التي وصلت القاهرة من دارفور صديقًا لأبيه فرجاه أن يأخذه معه إلى دارفور ففعل. ولاشدُ أن ذلك كان عام 1218 هـ (1803 م). ولقى في دارفور أول الأمر أحمد زروق أخا أبيه غير الشقيق فأخذه إلى جلتو من أعمال أبي الجدل حيث كان يقيم أبوه عمر. وكان قد علا نجمه في حاشية السلطان يعيش في رخاء ويسر، وقد تزوج فيها من جديد وأنجب. وشرح عمر بأمر من عبد الرحمن بن أحمد سلطان دارفور المتوفى عام 1214 هـ الموافق 1799 (انظر جريدة ملوك دارفور) كتابين في الفقه والشريعة (انظر Voyage au Dar- Fuor. ص 107، وانظر عن تواليفه الأخرى ص 424)(ولما وصل محمد (انظر Nachtigal: Sahara and Sudan جـ 3، برلين سنة 1879، ص 387 ويسميه أبو شيخ كرا) إلى دارفور كان محمد كرا وصيًا على السلطان الحدث محمد الفضل. وقد لقى محمد كرا حتفه بعد ذلك في فتنة. وقدم أحمد زروق إلى محمد كرا محمدا فتلقاه بقبول حسن. وسمح كرا لعمر بالرحيل إلى تونس لزيارة أقاربه بعد أن وعده بالرجوع ثانية. وترك عمر أملاكه في جلتو إبان غيابه في يد ولده محمد.
وذهب عمر أول الأمر إلى واداى ومكث فيها سنوات، ذلك أنه كان يتطلع إلى منصب رفيع في حاشية سابون سلطان، وقد اختير للوزارة وحصل على أملاك في قرية أبلى. وانتظر مجئ ولده إلى هناك دون جدوى فعزم على الرحيل إلى تونس. ومكث محمد بعد رحيل أبيه سبع سنوات ونصفًا في دار فور عرف خلالها البلاد وأهلها معرفة تامة. ولم يتمكن من الشخوص إلى واداى إلَّا بعد أن وضعت الحرب أوزارها بين دارفور وواداى، إذ ذهب إليها على رأس وفد من قبل سلطان دارفور. وقد بلغ أولًا وارة وكانت مقر سلطان سابون وقتذاك فأسبغ عليه من
عطفه ما أسبغه على أبيه من قبل. وأقام هو أيضًا في واداى زمنًا طويلًا، إلَّا أن أحواله أخذت تسوء لسببين: أولهما أن خاله زروق كان قد لحق بعمر في واداى فعهد إليه عمر عند رحيله بالإشراف علي بنيه وأسرته في قرية أبلى فاستولى على أملاك عمر ولم يعط ولد محمد إلَّا ما يسد رمقه، والثاني أن الوحشة ازدادت بينه وبين أحمد الفأسى (انظر Voyage au Ouaday ص 66 وما بعدها، 497 وما بعدها) الذي استوزر بعد رحيل عمر بتوصية منه، فوشى به عند سابون فارتاب فيه وتجهم له. وحضر عمر إلى واداى تلبية لطلب ولده واستطاع أن يصرف أحمد الفأسى عن منصبه ولكنه استوزر ثانية بعد رحيل عمر. وأذن السلطان لمحمد بالرحيل فاستغل هذه الظروف وغادر واداى بعد أن ظل بها ثمانية عشر شهرًا، فلحق بقافلة ذاهبة إلى فزان واخترق بلاد توبو (تيبستى) حتى مرزوق عاصمة فزان. وأقام فيها ثلاثة أشهر توفى خلالها المنتصر والى هذه البلاد. ثم تابع رحلته إلى طرابلس ووصل أخيرًا إلى تونس عن طريق صفاقس حوالي عام 1228 هـ (1813 م) وذلك بعد عشر سنوات تقريبًا من مغادرته القاهرة إلى السودان. واستقر محمد أولًا في تونس ثم رحل إلى القاهرة وفيها خدم محمد على. وفي عام 1824 أنفذ محمد على حملة على المورة بقيادة ولده إبراهيم باشا، والتحق محمد التونسى بهذه الحملة واعظا لإحدى فرق المشاة (انظر Voyage au Darfour، ص 6). وقد ذكر في كتابه الرحلة إلى واداى - Voyage au Oua day (ص 634 - 635) خبر حصار مسولونجى (1825 - 1826). واشتغل محمد بعد هذه الحرب بتنقيح الترجمة العربية لكتب الطب وخاصة المتصلة بعلم الأقراباذين الموجودة في كلية الطب البيطرى التي أنشأها محمد على في أبي زعبل إلى الشمال الشرقي من القاهرة. وتعرف محمد التونسى في هذه الكلية بالدكتور بيرون Dr. Perron بعد وصوله إلى القاهرة وأخذ ييرون عليه دروسًا في العربية وأغراه بكتابة مذكراته عن رحلاته في السودان، وكان غرضه الأول من ذلك أن تكون كتبًا للمطالعة العربية.
وفي عام 1839 غدا الدكتور ييرون مديرًا لمدرسة الطب بالقصر العينى فأوصى بمحمد التونسى فعين كبيرًا للمراجعين فيها، وقال كريمر A.V.Kremer الذي جاء مصر لأول مرة عام 1850 إن محمدًا كان أحد أساتذته وأنه يجله كثيرًا (انظر كتاب Kremer وانظر المصادر) ويزيد على ذلك أن محمدًا قد أكب أيضًا على طبع المؤلفات العربية القديمة مثل مقامات الحريرى والمستطرف للأبشيهى (ولعلها طبعة بولاق عام 1272 هـ = 1856 م). وذكر جومار Jomard (انظر Voyaga au Dar four ص 19) أن محمدًا قد انتخب للإشراف على طبع نسخة من "القاموس" للفيروزآبادى فنقح نسخة كلكتة المطبوعة عام 1230 هـ (1817 م). وعمد التونسى تحقيقًا لهذا الغرض إلى تصحيح نسخة كلكتة ومراجعتها على سبع نسخ أو ثمان مخطوطة من هذا القاموس. وطبعت النسخة الجديدة في بولاق عام 1274 هـ (1857 م). وجرى الشيخ محمد التونسى في أواخر حياته على تدريس الحديث بمسجد السيدة زينب في يوم الجمعة من كل أسبوع، وتوفى بالقاهرة عام 1274 هـ الموافق 1857 م (انظر Kremer كتابه المذكور) ودفع الدكتور بيرون Perron محمدًا التونسى إلى كتابة مشاهداته وما عرفه عن أهل الجهات التي زارها أثناء إقامته الطويلة بالسودان وتجاربه في تلدُ البلاد. وقد جمع هذه المعلومات في مجلدين كبيرين نقلهما الدكتور بيرون إلى اللغة الفرنسية وهما:
(1)
Voyage au Darfour par le Cheick Omar-el Tounsy Mohammed Ebn (والتنسى هي النسبة الشائعة بدلًا من التونسى؛ انظر Gramm. des: Stumme tunesisch Arabisch، ليبسك سنة 1896، ص 66). Reviseur en Chef a l'Ecole de Medecine du Caire traduit de l'Arabe par -Dr. Perron. Directeur de l'Ecole mede cine du Caine، باريس سنة 1845. وللكتاب مقدمة في 88 صفحة وعدد صفحاته 492 من القطع الكبير وبه مصور جغرافي. وكتب جومار Jomard مقدمة هذا الكتاب (ص 1 إلى 71 من المقدمة) وطبعت هذه المقدمة على حدة بعنوان Observations sur le Voyage au
Darfour suivies d'un Vocabulaire de la Langue des Habitants et de Remarque 3 sur le Nil-Blanc superieur. باريس سنة 1845. وسبق أن نشر بيرون معلومات عن هذا الكتاب وشواهد من ترجمته له في المجلة الأسيوية، المجموعة الثالثة، جـ 8، سنة 1839 ص 177 - 206 (خطابه إلى مول Mohl) وفي Biblio - theque universelle de Geneve السنة الخامسة، جـ 28 (رقم 56) سنة 1840، ص 325 وما بعدها. وفصل سديو Sedillot تفصيلًا في المجلة الأسيوية، المجموعة الرابعة، جـ 7، سنة 1846، ص 522 - 543 الكلام عما نشره بيرون.
ونشر بيرون النص العربي لرحلة دارفور بعنوان "تشحيذ الأذهان بسيرة بلاد العرب والسودان"(= L`Aiguisement de L'Esprit par le Voyage au Sudan et parmi les Arabes) عام 1850 في باريس وهي النسخة التي كتبها المؤلف بخط يده (310 صفحة، قطع متوسط يضاف إلى ذلك أربع صفحات بالفرنسية وهي مقدمة وتصويبات وزيادات على الترجمة).
(2)
Voyage au Ouaday par le Cheich Mohammed Ebn Omar al Tounsy، traduit de 1'Arabe par Dr. Perron، باريس سنة 1851 (ومقدمة في 75 صفحة وبه 756 صفحة من القطع الكبير ومصور جغرافي وتسع لوحات مصورة). وكتب جومار لهذا الكتاب مقدمة طويلة (ص 1 - 75) بها ملاحظات تاريخية وجغرافية. وتناول بيرون نفسه في مقدمته (ص 1 - 35) الكلام بصفة خاصة عن أقسام السودان.
ولم ينشر قط النص العربي لهذا الكتاب الثاني وكان ييرون قد اعتزم نشره (كتابه المذكور، ص 34) ولعل النسخة الخطية من هذا الكتاب كانت في حوزته، ولكنى لا أعلم مصيرها بعد وفاة بيرون في باريس عام 1876 وكان قد عاد إليها عام 1850.
ومحمد التونسى أول من زودنا بأخبار وافية موثوق بها عن بعض نواح من السودان هامة. ولم يكن لدينا قبل عهده عن دارفور سوى مذكرات قليلة كتبها الرحالة براون G.Browne، وعن واداى إلَّا المعلومات القليلة التي جمعها
بوركارت Burckhardt. ولم يزر هذه البلاد بارث، Barth وناختجال Nachtigal إلَّا بعد ذلك بعشرات السنين، وقد أسهبوا الكلام عنها في كتبهم. وليس هناك ما يدعو إلى الشك في صحة أخبار التونسى، فقد تبين بيرون صحتها من جماعة من أهل دارفور وواداى كانوا يعيشون في القاهرة فأيدوا ما رواه التونسى تمام التأييد. على أننا لا ننكر أن هناك بعض الهنات في وصف الشيخ التونسى هذه الديار، فقد كانت أخباره يعوزها الترتيب لا تتبع منهجًا مألوفًا، كما كلف بالاستطراد، وكان سريع التصديق لمعتقدات العامة من مسلمي هذه البلاد (وخاصة ماكان منها متعلقًا بالسحر) وليست هذه الهنات جسيمة بالقياس إلى غيرها، فقد أخذ على صاحب الكتاب أنه لم يذكر شيئًا مضبوطًا عن الأحوال الجغرافية والطبوغرافية والإحصائية والأرصاد الجوية لهذه البلاد. (انظر Barth في- Rei -sen and Entdeckungen in Nord and Cen tralafrika جـ 3، برلين سنة 1859، ص 525 وما بعدها؛ Nachtigal في - Pe termanns Geogr. Mitteil،، جـ 21، سنة 1875، ص 176، وفي - Sahara undSu dan جـ 3، ص 8). ومع هذا فإن كتابى التونسى مصدر هام عن الأحوال الجنسية والثقافية والسياسية لبلاد السودان التي زارها يقدر بعد حق قدره. ومجمل القول أن كلا منهما يكمل الآخر، ففي الكتاب الخاص بواداى - وهو أطولهما - أخبار كثيرة عن دارفور.
ونسوق كذلك تذييلًا ونبذة عن الشيخ زين العابدين التونسى أحد مواطنيه وهو يشبهه من عدة وجوه. فقد كان هذا الرجل واسع العلم غزير المادة درس في الأزهر وخالط الأوربيين، فلما اشتد عوده رحل إلى السودان عام 1818 أو عام 1819. ويظهر أنه لبث هناك ما يقرب من عشر سنوات كما فعل التونسى فصرف جانبًا من جهده في الدعوة إلى الإسلام ينتقل من بلد إلى آخر لتفقيه الناس في الدين. وقد رحل بادئ الأمر إلى سنار وكردفان. ثم مكث زمنًا طويلًا في دارفور وواداى يكسب معاشه من التدريس. وعاد إلى تونس عن طريق فزان بعد أن صرف في واداى أكثر من
ثلاث سنوات. وجمع تجاربه ومشاهداته في كتاب عربي متوسط الحجم، وقد طبع هذا الكتاب، ولكنا لا نعرف متى أو أين طبع. وترجم إلى التركية وطبع. بإستانبول عام 1262 هـ الموافق 1846 م (انظر. Zeitsch der . Deutsch Morgenl Gesell جـ 2، ص 482) ونقل روزن G.Rosen هذه النسخة التركية إلى اللغة الألمانية بعنوان leas Buch des Sudan oder Reisen des Scheich Zain et Abidin in Niguitien ليبسك سنة 1847. وقيمة هذا الكتاب في وصفه للحضارة والنظام الاجتماعى في دارفور وواداى، ففيه أخبار عن الحياة في البلاط وعن الجند والحرب والأهالى والعبيد والزنوج والتجارة والخرافات والز واج وغير ذلك. وهذه الطرائف الشائقة ذيل عظيم الشأن للأوصاف المفصلة التي أوردها محمد التونسى. ومما هو جدير بالذكر بيان أعمال الحفر والتنقيب التي قام بها زين العابدين بإذن من سلطان واداى في الأطلال القريبة من العاصمة (انظر ص 47 - 49، 61 - 75). وغادر زين العابدين واداى في الوقت الذي ولى فيه عرش هذه البلاد سلطان آخر. وقد ترجم روزن للسلطان الجديد (ص 108) فذكر أن اسمه عبد العظيم وصحته عبد العزيز (انظر Nachtigal: كتابه المذكور، جـ 3، ص 284 وقد ذكر فيه حفيد لسابون اسمه عبد العزيز).
المصادر:
إن أهم مصدر عن حياة محمد التونسى وأسرته هما الكتابان اللذان كتبهما التونسى عن رحلته وخاصة سيرته التي كتبها لنفسه في الفصل التمهيدى لرحلة دارفور (ص 1 - 25) هذا إلى جانب الإشارات المتفرقة الواردة في هذا الكتاب مثل ص 48 - 49 وفي رحلة واداى، ص 37، 39، 50، 62، 66 - 67، 129، 199، 211 وما بعدها، 215، 497، 499، 508، 512 وما بعدها، 643 - 645. وما ولا تخلو النبذة التي كتبها جومار jomard عن حياة التونسى (Voyage au Darfour ص 8 - 10) من الأخطاء والنقص؛ انظر ملوحظات بيرون Vayage au) Perron Darfour ص 81 - 82) وانظر أيضًا. A.v. Aegypten: Kremer ليبسك سنة 1863،