المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث الرابع: اليوم الآخر عند الماتريدية - موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام - جـ ٢

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌المبحث الثاني: انقطاع صلة المنهج الأشعري في كثير من مسائله بالسلف:

- ‌المبحث الثالث: بيان مخالفة متأخّري الأشاعرة للأشعري ولكبار أصحابه

- ‌المبحث الرابع: نصوص أئمة أصحاب الأشعري في إثبات الصفات لله تعالى والمنع من تأويلها

- ‌المبحث الخامس: متابعة الأشاعرة لمنهج المعتزلة إما صراحة وإما لزوماً

- ‌المبحث السادس: نصوص العلماء في مخالفة الكلابية والأشاعرية لأهل السنة ولطريق السلف

- ‌المبحث الأول: قولهم في الإيمان

- ‌المبحث الثاني: أشاعرة وافقوا السلف

- ‌المبحث الثالث: الصلة بين الإيمان والإسلام عند الأشاعرة

- ‌المبحث الرابع: قولهم في الزيادة والنقصان

- ‌المبحث الخامس: قولهم في الاستثناء في الإيمان

- ‌المبحث السادس: الفرق بين تصديق الأشاعرة ومعرفة جهم

- ‌المبحث السابع: رأي الأشاعرة في مرتكب الكبيرة

- ‌المبحث الثامن: مفهوم الكفر عند الأشاعرة

- ‌المبحث التاسع: الرد على من زعم أن الأنبياء والرسل ليسوا اليوم أنبياء ولا رسلا

- ‌المبحث الأول: تعريفه

- ‌المبحث الثاني: مراتب القدر:

- ‌المطلب الأول: تعليل أفعال الله وإثبات الحكمة فيها:

- ‌المطلب الثاني: هل الإرادة تقتضي المحبة أم لا

- ‌المبحث الرابع: أفعال العباد عند الأشاعرة

- ‌المطلب الأول: تعريف العلة عند الأشاعرة:

- ‌المطلب الثاني: موقف الأشاعرة من الحكمة والتعليل

- ‌المطلب الثالث: تحرير محل النزاع بين الأشاعرة والمعتزلة

- ‌المطلب الرابع: أدلة الأشاعرة والجواب عنها

- ‌المطلب الأول: التحسين والتقبيح

- ‌المطلب الثاني: معاني الحسن والقبح، وتحرير محل النزاع بين الأشاعرة والمعتزلة

- ‌المطلب الثالث: ثمرة الخلاف بين المعتزلة والأشاعرة في الحسن والقبح العقليين

- ‌المطلب الرابع: أدلة نفاة الحسن والقبح العقليين والجواب عنها

- ‌المطلب الخامس: أحكام متعلقة بأفعال الله المتعدية عند الأشاعرة

- ‌المطلب السادس: هل يجب على الله تعالى شيء

- ‌المطلب السابع: معنى الظلم

- ‌المطلب الأول: عقيدة العادة عند الأشاعرة

- ‌المطلب الثاني: الحكم المترتب على مخالفة عقيدة العادة

- ‌المطلب الثالث: نقد مفهوم العادة

- ‌المطلب الرابع: عقيدة العادة مبطلة لعقيدة التوحيد

- ‌المطلب الخامس: عقيدة العادة مبطلة لمبادئ العلوم

- ‌المطلب السادس: الأسباب والمسببات عند الأشاعرة وعلاقتها بأفعال الله

- ‌المبحث الثامن: نقد موقف الأشاعرة من الخوارق والمعجزات

- ‌المطلب الأول: نشأة مصطلح "أهل السنة" وتاريخ إطلاقه:

- ‌المطلب الثاني: معنى أهل السنة

- ‌المطلب الثالث: تنازع الطوائف هذا اللقب

- ‌المطلب الرابع: طريق معرفة السنة وإدراكها

- ‌المطلب الخامس: موقف الأشاعرة من النقل عموماً والسنة خصوصاً

- ‌المطلب السادس: سلف الأشاعرة وموقف أهل السنة منهم

- ‌المبحث الثاني: موقف علماء أهل السنة من دعوى الأشاعرة أنهم أهل السنة

- ‌المبحث الثالث: مواقف العلماء الآخرين من المذهب الأشعري

- ‌المبحث الرابع: من أهم المسائل التي خالف فيها الأشاعرة أهل السنة

- ‌المبحث الأول: الرد على متأخري الأشاعرة بأقوال شيوخهم وردود بعضهم على بعض

- ‌المبحث الثاني: إبطال دعوى الأشاعرة أنهم أكثر الأمة

- ‌المبحث الثالث: ذكر بعض من نسبوا إلى الأشعرية وبيان براءتهم منها

- ‌المبحث الرابع: بطلان دعوى أن ابن حجر كان أشعريا

- ‌المبحث الخامس: مسائل الخلاف بين الأشعرية والماتريدية

- ‌المبحث السادس: تناقض الأشاعرة

- ‌المبحث السابع: التناحر الأشعري الأشعري

- ‌المبحث الثامن: حيرة الأشاعرة وشكهم ورجوعهم عن علم الكلام

- ‌المبحث التاسع: من كلام الإمام الجويني (الأب) في رسالته التي وجهها إلى شيوخه بعد رجوعه إلى مذهب السلف

- ‌المبحث الأول: التعريف بالماتريدية

- ‌المطلب الأول: حياته

- ‌المطلب الثاني: مصنفاته

- ‌المطلب الثالث: شيوخه وتلاميذه

- ‌المطلب الرابع: أهم آراء الماتريدي إجمالا

- ‌المبحث الأول: نشأة الماتريدية وأهم زعمائها

- ‌المبحث الثاني: أسباب انتشار الماتريدية

- ‌المبحث الأول: الاعتماد على العقل

- ‌المبحث الثاني: ترك الاحتجاج بأحاديث الآحاد في العقيدة

- ‌المبحث الثالث: القول بالمجاز

- ‌المبحث الرابع: معرفة الله واجبة عندهم بالعقل قبل ورود السمع

- ‌المبحث الخامس: القول بالتحسين والتقبيح العقليين

- ‌المبحث السادس: التأويل والتفويض

- ‌المطلب الأول: معنى الإيمان وحقيقته

- ‌المطلب الثاني: زيادة الإيمان ونقصانه

- ‌المطلب الثالث: الاستثناء في الإيمان

- ‌المطلب الرابع: الإيمان والإسلام

- ‌المطلب الخامس: حكم إيمان المقلد

- ‌المطلب السادس: حكم مرتكب الكبيرة

- ‌التمهيد

- ‌المطلب الأول: توحيد الربوبية والألوهية

- ‌تمهيد

- ‌أولا: مذهب الماتريدية في الأسماء الحسنى

- ‌ثانيا: مذهب الماتريدية في صفات الله تعالى

- ‌أولا: ما تثبت به النبوة عند الماتريدية

- ‌المبحث الرابع: اليوم الآخر عند الماتريدية

- ‌المطلب الأول: مراتب القضاء والقدر عند الماتريدية

- ‌المطلب الثاني: مذهب الماتريدية في أفعال العباد

- ‌أولا: القدرة والاستطاعة

- ‌ثانيا: التكليف بما لا يطاق

- ‌المبحث السادس: خلاصة المسائل العقدية التي خالف فيها الماتريدية السلف

- ‌المبحث الأول: الموازنة بين الماتريدية والأشاعرة

- ‌المبحث الثاني: الموازنة بين الماتريدية والمعتزلة

- ‌الفصل السادس: الرد على الماتريدية

- ‌المبحث الأول: الرد على الماتريدية في عدم الاحتجاج بخبر الآحاد في العقيدة

- ‌المطلب الأول: معنى "التفويض" في اصطلاح السلف

- ‌المطلب الثاني: التفويض عند الماتريدية

- ‌المطلب الثالث: في إبطال التفويض

- ‌المبحث الثالث: الرد على الماتريدية في باب الأسماء والصفات

- ‌أولا: مخالفة الماتريدية للنقل الصحيح

- ‌ثانيا: خروج الماتريدية على إجماع جميع بني آدم

- ‌ثالثا: مكابرة الماتريدية بداهة العقل الصريح

- ‌خامسا: إبطال شبهاتهم حول "علو" الله تعالى

- ‌المبحث الخامس: الرد على الماتريدية في تعطيلهم لصفة استواء الله تعالى على عرشه

- ‌المبحث السادس: الرد على الماتريدية في تعطيلهم لصفة "نزول" الله إلى السماء الدنيا

- ‌المبحث السابع: الرد على الماتريدية في تعطيلهم لصفة "اليدين" لله تعالى وتحريفهم لنصوصها

- ‌المبحث الثامن: الرد على الماتريدية في تعطيلهم لصفة الكلام

- ‌المبحث التاسع: الرد على قولهم بخلق أسماء الله الحسنى

الفصل: ‌المبحث الرابع: اليوم الآخر عند الماتريدية

‌المبحث الرابع: اليوم الآخر عند الماتريدية

تسمي الماتريدية المسائل المتعلقة باليوم الآخر السمعيات وذلك بناء على أن هذه المسائل لا تعلم إلا بالسمع أي أن مصدرهم في التلقي فيما يتعلق باليوم الآخر هو السمع فقط لذا نجدهم قد وافقوا أهل السنة والجماعة في هذا الباب إلا أن اعتقادهم بأن اليوم الآخر وما يتعلق به لا يعلم إلا بالسمع ليس بسديد بل إن العقل قد دل على اليوم الآخر كما دل عليه السمع بل إن السمع قد نبه على دلالة العقل كما في قوله تعالى إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ رَبَّنَا إِنَّكَ مَن تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ [آل عمران: 90 - 92] وقوله تعالى: وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَاّ بِالْحَقِّ وَإِنَّ السَّاعَةَ لآتِيَةٌ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ [الحجر:85]." فهذا العالم المحكم المتقن لا يجوز في مقتضيات العقول الصحيحة أن يكون أمره عبثا ولا أن يكون بناؤه باطلا ويستحيل عقلا أن يكون ليس وراءه حكمة عليا هي نتيجة لحكمة خلقه ونشأته بل لا بد وأن هناك نشأة أخرى وراء هذه النشأة تتجلى فيها جميع حكم النشأة الأولى وتظهر فيها نتائج التكاليف الشرعية ويميز الله تعالى فيها الخبيث من الطيب والصالح من الطالح والمسيء من المحسن وينتقم فيها من الظالم للمظلوم ومن الباغي للمبغي عليه ولولا تلك النشأة الآخرة لضاعت حكمة خلق هذا العالم ولكان أمره عبثا باطلا "(1)

‌المصدر:

الماتريدية دراسة وتقويما لأحمد بن عوض الله بن داخل اللهيبي الحربي - ص 399، 400

يعد الماتريدية جميع المباحث المتعلقة باليوم الآخر من السمعيات أي أن التعويل فيها يقتصر على الكتاب والسنة دون الركون إلى العقل وأحكامه ومن ثم جاءت عقيدة الماتريدية في اليوم الآخر مطابقة لمذهب أهل السنة والجماعة فقد أثبتوا نعيم القبر وعذابه وأشراط الساعة والبعث والنشور والميزان والصراط والحوض

‌المصدر:

الفرق الإسلامية وأصولها الإيمانية للدكتور عبد الفتاح أحمد فؤاد - 1/ 276

(1)((الإيمان بعوالم الآخرة ومواقفها)) عبد الله سراج الدين (ص7).

ص: 324

ولما كانت رؤية الله تعالى من المسائل المتعلقة باليوم الآخر قالت الماتريدية بإثباتها لدلالة السمع عليها وبجوازها في العقل إلا أنهم قيدوها بنفي الجهة والمقابلة وذلك لأنهم ينفون عن الله علو الذات فاحتاجوا إلى أن يجمعوا بين مسألة نفي العلو وإثبات الرؤية وهم قالوا بهذا لأنهم قالوا بـ"صحة الدليل الذي استدلت به المعتزلة على حدوث العالم وهو أن الجسم لا يخلو عن الحركة والسكون وما لا يخلو عن حادث فهو حادث لامتناع حوادث لا أول لها. قالوا فيلزم حدوث كل جسم فيمتنع أن يكون البارئ جسما لأنه قديم ويمتنع أن يكون في جهة لأنه لا يكون في الجهة إلا جسم فيمتنع أن يكون مقابلا للرائي لأن المقابلة لاتكون إلا بين جسمين"(1). قال الماتريدي: " القول في رؤية الرب عز وجل عندنا لازم وحق من غير إدراك ولا تفسير فأما الدليل على الرؤية فقوله تعالى لَاّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ [الأنعام:103] ولو كان لا يرى لم يكن لنفي الإدراك حكمة .... الثاني قول موسى عليه السلام: رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ [الأعراف:143] ولو كان لا يجوز الرؤية لكان ذلك السؤال منه جهل بربه

وأيضا قوله تعالى: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ إلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ [القيامة:23]

وأيضا قوله تعالى: لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ [يونس:26]

وأيضا ما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غير خبر أنه قال: ((سترون ربكم يوم القيامة كما ترون القمر لا تضامون

)) (2) " (3).

ثم قال: " فإن قيل كيف يرى؟ قيل: بلا كيف إذ الكيفية تكون لذي صورة بل يرى بلا وصف قيام وقعود واتكاء وتعلق واتصال وانفصال ومقابلة ومدابرة وقصير وطويل ونور وظلمة وساكن ومتحرك ومماس ومباين وخارج وداخل ولا معنى يأخذه الوهم أو يقدره العقل لتعاليه عن ذلك "(4).وقال أبو المعين النسفي: " في العقل دليل على جواز رؤية الله تعالى وقد ورد الدليل السمعي بإيجاب رؤية المؤمنين الله تعالى في الدار الآخرة فيرى لا في مكان ولا على جهة من مقابلة أو اتصال شعاع أو ثبوت مسافة بين الرائي وبين الله تعالى وغير ذلك من المعاني التي هي من أمارات الحدث "(5).وبعد ذكره للأدلة السمعية قال: " والمعقول أنا نرى في الشاهد الجواهر والألوان والأكوان إذ كما نميز بحاسة البصر بين جوهر وجوهر نميز بين الأبيض والأسود والمتحرك والساكن والاجتماع والافتراق غير مرئية ولم ير إلا الجواهر لما وقع التمييز بين الأبيض والأسود والمتحرك والساكن كما لا يقع بين العالم والجاهل والحكيم والسفيه والساخط والراضي ثم لما ثبتت رؤية هذه المعاني ولم نعلم وضعا جامعا بين هذه الأجناس إلا الوجود إذ لا جوهرية ولا لونية في الحركة والسكون وعند السبر يتبين أن ليس وراء الوجود صفة تجمع هذه الأجناس فعلمنا أن المعنى المطلق للرؤية المجوز لها ليس إلا الوجود

ثم رأينا ان الوجود يتعدى من الشاهد إلى الغائب فيكون جائز الرؤية في العقل ثم الشرع ورد بإثباتها في الآخرة للمؤمنين " (6).

وقال الأوشي:

يراه المؤمنون بغير كيف

وإدراك وضرب من مثال

(1)((منهاج السنة)) (3/ 342)، وانظر ((بيان تلبيس الجهمية)) (2/ 77)، و ((منهاج السنة)) (2/ 334).

(2)

رواه البخاري (554) ومسلم (633) دون لفظة (يوم القيامة) وروى هذه اللفظة ابن ماجه (178) والطبراني (2/ 296)(2234) وغيرهما

(3)

((التوحيد)) (ص 77 - 80).

(4)

((التوحيد)) (85).

(5)

((التمهيد)) (ص 38).

(6)

((التمهيد)) (ص 40، 41)، وانظر ((تبصرة الأدلة)) (ل 236، وما بعدها)((بحر الكلام)) (ص 39 - 31).

ص: 325

فينسون النعيم إذا رأوه

فيا خسران أهل الاعتزال (1)

وقول الماتريدية بإثبات الرؤية ونفي الجهة والمقابلة قول متناقض حتى أن المعتزلة صارت تسخر منهم ومن أمثالهم فيقول قائلهم:" من سلم أن الله ليس في جهة وادعى مع ذلك أنه يرى فقد أضحك الناس على عقله"(2)." ولهذا صار كثير من أهل العلم والحديث يصف أقوال هؤلاء بأن فيها نفاقا وتناقضا حيث يوافقون أهل السنة والجماعة على شيء من الحق ويخالفونهم فيما هو أولى بالحق منه ويفسرون ما يوافقون فيه بما يحيله عن حقيقته .... "(3).وحقيقة قول الماتريدية أنهم أثبتوا ما لا يمكن رؤيته حيث إنهم " جمعوا بين أمرين متناقضين فإن ما لا يكون داخل العالم ولا خارجه ولا يشار إليه يمتنع أن يرى بالعين ولو كان وجوده في الخارج ممكنا فكيف وهو ممتنع؟ وإنما يقدر في الأذهان من غير أن يكون له وجود في الأعيان فهو من باب الوهم والخيال الباطل "(4).

(1)((نثر اللآلئ)(ص 77، 83)، ((ضوء المعالي)) (ص 41، 45)، وانظر ((سلام الأحكم)) (ص 114، 115)، ((أصول الدين)) للبزدوي (ص 77، 86)، ((النور اللامع)) (ل 72، 73، 76، 86 - 89)، ((كشف الأسرار)) (1/ 59)، ((المسايرة)) (ص 36 - 42)، ((شرح الفقه الأكبر)) للقاري (ص 83، 84)، ((شرح الطحاوية)) للميداني (ص 68 - 72)، ((الصحائف الإلهية)) (ص 360 - 367).

(2)

((بيان تلبيس الجهمية)) (2/ 88)، وانظر ((شرح الأصول الخمسة)) (ص 249 - 253)، ((المغني في أبواب التوحيد والعدل)) (4/ 139 وما بعدها).

(3)

((بيان تلبيس الجهمية)) (2/ 89).

(4)

((الفتاوى)) (16/ 87).

ص: 326

وقول الماتريدية هذا معلوم الفساد بالضرورة كما أن الأحاديث المتواترة الواردة في الرؤية دلت على أن المؤمنين يرون ربهم في جهة العلو من وجوه: أحدها: " أن الرؤية في لغتهم لا تعرف إلا لرؤية ما يكون بجهة منهم فأما رؤية ما ليس في الجهة فهذا لم يكونوا يتصورونه فضلا عن أن يكون اللفظ يدل

فإنك لست تجد أحدا من الناس يتصور وجود موجود في غير جهة فضلا عن أن يتصور أنه يرى فضلا عن أن يكون اسم الرؤية المشهور في اللغات كلها يدل على هذه الرؤية الخاصة " (1).الوجه الثاني: أنه صلى الله عليه وسلم " شبه لهم رؤيته برؤية الشمس والقمر وليس ذلك تشبيها للمرئي بالمرئي ومن المعلوم أنه إذا كانت رؤيته مثل رؤية الشمس والقمر وجب أن يرى في جهة من الرائي كما أن رؤية الشمس والقمر كذلك فإنه لو لم يكن كذلك لأخبرهم برؤية مطلقة نتأولها على ما يتأول من يقول بالرؤية في غير جهة أما بعد أن يستفسرهم عن رؤية الشمس صحوا ورؤية البدر صحوا ويقول: ((إنكم ترون ربكم كذلك)) فهذا لا يمكن أن يتأول على الرؤية التي يزعمونها فإن هذا اللفظ لا يحتملها لا حقيقة ولا مجازا" (2).الوجه الثالث: " أنه قال: ((هل تضارون في الشمس ليس دونها سحاب وهل تضارون في القمر)) (3) فشبه رؤيته برؤية أظهر المرئيات إذا لم يكن ثم حجاب منفصل عن الرائي يحول بينه وبين المرئي ومن يقول إنه يرى في غير جهة يمتنع عنده أن يكون بينه وبين العباد حجاب منفصل عنهم إذ الحجاب لا يكون إلا لجسم ولما يكون في جهة وهم يقولون الحجاب عدم خلق الإدراك في العين والنبي صلى الله عليه وسلم مثل رؤيته برؤية هذين النورين العظيمين إذا لم يكن دونهما حجاب " (4).الوجه الرابع: "أنه أخبر أنهم لا يضارون في رؤيته وفي حديث آخر: ((لا يضامون)) (5) ونفي الضير والضيم إنما يكون لإمكانه لحوقه للرائي ومعلوم إنما يسمونه رؤية ما ليس بجهة من الرائي لا فوقه ولا شيء من جهاته لا يتصور فيها ضير ولا ضيم حتى ينفي ذلك بخلاف رؤية ما يواجه االرائي ويكون فوقه فإنه قد يلحقه فيه ضيم وضير إما بالازدحام عليه أو كلال البصر لخفائه كالهلال وإما لجلائه كالشمس والقمر " (6).

وأما دليلهم العقلي على إمكان الرؤية والذي حاصله أن كل موجود تصح رؤيته فهو ضعيف جدا لأنه يلزم منه رؤية الأصوات والروائح والعلوم والإرادات والمعاني وجواز أكلها وشربها ولمسها. ومعلوم أن " من الأشياء ما يرى ومنها ما لا يرى والفارق بينهما لا يجوز أن يكون أمورا عدمية لأن الرؤية أمر وجودي والمرئي لا يكون إلا موجودا فليست عدمية لا تتعلق بالمعدوم ولا يكون الشرط فيه إلا أمرا وجوديا لا يكون عدميا وكل ما لا يشترط فيه إلا الوجود دون العدم كان بالوجود الأكمل أولى منه بالأنقص فكل ما كان وجوده أكمل كان أحق بأن يرى وكل ما لم يمكن أن يرى فهو أضعف وجودا مما يمكن أن يرى فالأجسام الغليظة أحق بالرؤية من الهواء والضياء أحق بالرؤية من الظلام لأن النور أولى بالوجود والظلمة أولى بالعدم والموجود الواجب الوجود أكمل الموجودات وجودا وأبعد الأشياء عن العدم فهو أحق بأن يرى وإنما لم نره لعجز أبصارنا عن رؤيته لا لأجل امتناع رؤيته .... فإذا كان في الدار الآخرة أكمل الله تعالى الآدميين وقواهم حتى أطاقوا رؤيته

" (7).فالعقل إذًا دل على إمكان الرؤية ووقوعها بدليل " أن الرؤية أمر وجودي لا يتعلق إلا بموجود وما كان أكمل وجودا كان أحق أن يرى فالباري سبحانه أحق أن يرى من كل ما سواه لأن وجوده أكمل من كل موجود سواه" (8)

‌المصدر:

الماتريدية دراسة وتقويما لأحمد بن عوض الله بن داخل اللهيبي الحربي - ص - 452 - 430

(1)((بيان تلبيس الجهمية).

(2)

((بيان تلبيس الجهمية)) (2/ 410، 411)، وانظر ((الفتاوى)) (16/ 84، 85).

(3)

رواه البخاري (6573) ومسلم (183).

(4)

((بيان تلبيس الجهمية)) (2/ 411).

(5)

رواه البخاري (554) ومسلم (633) بلفظ (تضامون) أما لفظ يضامون فليست واردة.

(6)

((بيان تلبيس الجهمية)) (2/ 411).

(7)

((منهاج السنة)) (2/ 331 - 333)، وانظر ((الدرء)) (1/ 252).

(8)

((مختصر الصواعق)) (1/ 280).

ص: 327