الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فقاتلها قتالا شَدِيدا وَقرب إِلَيْهَا أنفاطه حَتَّى هدم بعض أسوارها فَلَمَّا رأى أَهلهَا مَالا طَاقَة لَهُم بِهِ طلبُوا الْأمان وَخَرجُوا مُؤمنين بِمَا مَعَهم
فَلَمَّا استولى الْعَدو على مَدِينَة رندة دخلت تِلْكَ الْجِهَات كلهَا فِي ذمَّته من غير قتال
موقعة مكلين وانتصار الْمُسلمين وامتلاك الْحصن شعْبَان عَام
890
وَفِي التَّاسِع عشر من شهر شعْبَان عَام التَّارِيخ الْمَذْكُور خرج الْأَمِير مُحَمَّد بن سعد بِأَهْل غرناطة إِلَى حصن المكلين لبِنَاء
بعض أسواره لِأَنَّهُ بلغه أَن الْعَدو دمره الله خَارج إِلَيْهِ فَخرج بجيشه وَعَامة أهل غرناطة لِيُصْلِحُوا من شَأْنه مَا تهدم
فَبَيْنَمَا هم فِي الْحصن إِذْ بَلغهُمْ أَن الْعَدو خَارج يُرِيد الْحصن وَهُوَ مُتَوَجّه نَحوه وَظهر آخر النَّهَار للْمُسلمين غُبَار محلّة النَّصَارَى فِي أَرض القلعة فَلم يلْتَفت الْأَمِير وَلَا وزيره لذَلِك وَلم يعملوا بِحِسَاب الْحَرْب وَلم يجْعَلُوا بياتهم على الْبعد فَبَاتُوا تِلْكَ اللَّيْلَة مُطْمَئِنين وَهِي اللَّيْلَة الثَّانِيَة وَالْعشْرُونَ من شعْبَان الْمَذْكُور فَلم يشْعر أحد من الْمُسلمين إِلَّا وَالنَّصَارَى قد اختلطوا مَعَهم عِنْد الْفجْر وَكَذَلِكَ النَّصَارَى لم يشعروا بِالْمُسْلِمين حَتَّى اختلطوا مَعَهم أَيْضا وَإِنَّمَا أدلجوا ليصبحوا على الْحصن
فَلَمَّا التقى الْجَمْعَانِ أعلنت الْأَصْوَات بالصياح والضجيج
وَضربت النَّصَارَى أطبالهم وزعقوا بالبوقات ونصبوا الأنفاط وَوَقع الْقِتَال بَين الْفَرِيقَيْنِ وَاشْتَدَّ حَتَّى وصل النَّصَارَى إِلَى مضرب الْأَمِير وَأَرَادُوا أَخذه فَثَبت الله الْمُسلمين وصبروا صبرا جميلا ووقعوا على مضرب الْأَمِير صابرين محتسبين لله تَعَالَى فَلم تكن إِلَّا هنيهات حَتَّى هزم الله النَّصَارَى وولوا الأدبار وتبعهم الْمُسلمُونَ يَقْتُلُونَهُمْ كَيفَ شاؤوا حَتَّى قتلوا مِنْهُم خلقا كثيرا ثمَّ قصروا فِي طَلَبهمْ مَخَافَة أَن يدركهم جَيش الْعَدو لأَنهم كَانُوا مُقْبِلين على المكلين يُرِيدُونَ قتال أَهله وَأَخذه وَكَانَ ذَلِك صدر الْمحلة قل أقبل بالعدة والأنفاط والبارود والفؤوس وَغير ذَلِك
فاحتوى الْمُسلمُونَ على جَمِيع ذَلِك كُله وَارْتَحَلُوا بَقِيَّة يومهم رَاجِعين إِلَى غرناطة فرحين بنصر الله تَعَالَى حامدين لَهُ شاكرين فَدَخَلُوا غرناطة بَقِيَّة النَّهَار
وَكَانَت هَذِه الْغَزْوَة من الْغَزَوَات الْمَشْهُورَة
قَالَ الْمُؤلف عَفا الله عَنهُ فَلَقَد حَدثنِي بعض الفرسان النجباء من أهل الشجَاعَة والنجدة والإقدام فِي ذَلِك الْيَوْم وَنحن فِي الطَّرِيق رَاجِعين إِلَى غرناطة قَالَ كنت فِي أول الفرسان وَنحن نتبع النَّصَارَى فَكنت أسبق إِلَى بعض الْمَوَاضِع فأجد النَّصَارَى أَمَامِي مقتولين وَلم أر أحدا سبقني وَلَا أَدْرِي من قَتلهمْ
فَلَمَّا خيب الله سعي الْعَدو وَكسر حِدته عدل عَن السّير إِلَى حصن المكلين فَأَقَامَ فِي حصن قنبيل إِلَى شهر رَمَضَان من الْعَام الْمَذْكُور