الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويثقلها وَيجمع الْأَمْوَال ويأتيه بهَا ويعطيها لمن لَا يَسْتَحِقهَا ويمنعها عَمَّن يَسْتَحِقهَا ويهمل كل من فِيهِ نجدة وشجاعة من الفرسان وَيقطع عَنْهُم الْمَعْرُوف وَالْإِحْسَان حَتَّى بَاعَ الْجند ثِيَابهمْ وخيلهم وآلات حربهم وأكلوا أثمانها وَقتل كثيرا من أهل الرَّأْي وَالتَّدْبِير والرؤساء والشجعان من أهل مدن الأندلس وحصونها
انْقِضَاء معاهدة الصُّلْح واستئناف الْحَرْب بَين النَّصَارَى وَالْمُسْلِمين محرم عَام
887
وَلم يزل الْأَمِير مستمرا على حَاله والجيش فِي نقص وَالْملك فِي ضعف إِلَى أَن انْقَضى الصُّلْح الَّذِي كَانَ بَينه وَبَين النَّصَارَى فَلم يشْعر بهم أحد حَتَّى دخلُوا مَدِينَة الْحمة
وَذَلِكَ أَنهم طرقوها لَيْلًا على حِين غَفلَة من أَهلهَا فَدَخَلُوا قصبتها وَكَانَت خَالِيَة فَلم يكن بهَا إِلَّا عِيَال قائدها فملكوا القصبة وَالنَّاس نيام مطمئنون فَلم يشْعر أحد إِلَّا وَالنَّصَارَى قد هَبَطُوا من القصبة على الْبَلَد بِالسَّيْفِ وَالْقَتْل والسبي الشَّديد حَتَّى قتل من نفد أَجله وفر من قدر على الْفِرَار
وَاسْتولى النَّصَارَى على الْبَلَد وَجَمِيع مَا كَانَ فِيهِ من الرِّجَال وَالنِّسَاء وَالصبيان وَالْأَمْوَال
وَكَانَ ذَلِك فِي التَّاسِع عشر من شهر محرم الْحَرَام فاتح سَبْعَة وَثَمَانِينَ وثمان مئة
فَلَمَّا بلغ أهل غرناطة مَا فعلت النَّصَارَى بإخوانهم الْمُسلمين هَاجَتْ الرّعية وَقَالُوا لَا صَبر لنا على هَذِه الْمُصِيبَة الْعُظْمَى وَلَا خير لنا فِي عَيْش بعد هَذِه النكبة الْكُبْرَى إِمَّا أَن نفك إِخْوَاننَا أَو نموت دونهم
فَاجْتمعُوا مَعَ الْأَمِير أبي الْحسن ووزيره فَجعل الْأَمِير والوزير يعجزانهم عَن الْمسير ويتربصان بهم ويقولان لَهُم اصْبِرُوا حَتَّى نَأْخُذ أهبتنا ونعمل على حَال الْحَرْب فَلم تزل بهم الْعَامَّة حَتَّى أخرجوهما
فَتقدم صدر الْجَيْش فوجدوا النَّصَارَى قد أخرجُوا من الْبَلَد مَا سبوا من الرِّجَال وَالنِّسَاء وَالصبيان وَالْأَمْوَال وَقد أوقروا الدَّوَابّ بذلك وهم عازمون على الْمسير إِلَى بِلَادهمْ
فَلَمَّا رَأَوْا خيل الْمُسلمين قد أَقبلت عَلَيْهِم حطوا الْأَحْمَال ودخلوا الْبَلَد وتحصنوا بالأسوار
ثمَّ أقبل الْمُسلمُونَ بمحلتهم واقتربوا مِنْهُم فقاتلوهم قتالا شَدِيدا بجد وعزم وَقُلُوب محترقة وحزم حَتَّى دخلُوا بعض أَبْوَاب الْمَدِينَة وكسروه وحرقوه وتعلقوا بأسوار الْبَلَد وطمعوا فِي الدُّخُول إِلَيْهِ فَبَيْنَمَا هم كَذَلِك إِذْ وصل لَهُم أَمر من الْأَمِير أبي الْحسن والوزير يأمرانهم فِيهِ بِالرُّجُوعِ عَن الْقِتَال فَأبى النَّاس عَن الرُّجُوع فَقَالَا لَهُم إِذا كَانَ غَدا ندخل عَلَيْهِم أول النَّهَار لِأَن اللَّيْل قد أقبل وَدخل علينا
فَترك النَّاس الْقِتَال وَرَجَعُوا إِلَى محلاتهم
أما النَّصَارَى فَبَاتُوا يصلحون شَأْنهمْ وَيمْنَعُونَ أسوارهم ويغلقون نقابهم فَلَمَّا أصبح الصَّباح وَنظر الْمُسلمُونَ إِلَى الْبَلَد فَإِذا