المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ص: كتاب مناسك الحج - نخب الأفكار في تنقيح مباني الأخبار في شرح معاني الآثار - جـ ٩

[بدر الدين العيني]

الفصل: ‌ص: كتاب مناسك الحج

[بسم الله الرحمن الرحيم]

‌ص: كتاب مَنَاسِك الحَجِّ

ش: أي هذا كتاب في بيان مناسك الحج، والمناسك جمع مَنْسَك بفتح السين وكسرها، وهو المتُعَبَّد، ويقع على المصدر والزمان والمكان، ثم سُمِّيت أمور الحج كلها مناسك الحج.

والمَنْسِك: المذبح، وقد نَسَكَ يَنْسُك نُسْكًا إذا ذبح.

والنسيكة: الذبيحة، وجمعها نُسُك.

والنُّسك أيضًا الطاعة والعبادة وكل ما تُقُرِّبَ به إلى الله تعالى، والنُّسُك: ما أمرت به الشريعة، والورع:[ما](1) نهت عنه، والناسِك العابد، وسُئل ثعلب عن الناسك ما هو؟ فقال: هو مأخوذ من النَسِيكة وهي سبيكة الفضة المصفاة، كأنه صفّى نفسه لله تعالى".

وفي "المطالع": المناسك مواضع متعبدات الحج.

والحج من حججت الشيء أحجه حجًّا، إذا قصدته.

قال الزجاج في قوله تعالى،:{وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ} (2): تقرأ بفتح الحاء وكسرها، والأصل الفتح.

وقال الطبري: أكثر العرب يكسرون الحاء.

وقال ابن السكيت: بفتح الحاء: القصد، وبالكسر: القوم الحجاج، والحَجّة: الفَعلة من الحج، وبكسر الحاء: التلبية والإجابة.

(1) في "الأصل، ك": "وما"، والمثبت من "لسان العرب"(نسك).

(2)

سورة آل عمران، آية:[97].

ص: 5

وقال الأزهري: وأصل الحج من قولك: حَجَجْتُ فلانًا أَحُجَّه حجًّا إذا عدت إليه مرة بعد أخرى، فقيل: حج البيت؛ لأن الناس يأتونه كل سنةٍ، ومنه قول المخبل السَّعْدي:

وأشهد من عوف حلولًا كثيرةً

يَحُجُّون سِبَّ الزِّبرقان المزعفرا

يقول: يأتوه مرة بعد أخرى لسُؤدَدِه، وسِبَّه: عمامته.

وقال صاحب "العين": السِّبُّ: الثوب الرقيق، وقيل: الخمار، وقيل: غلالة رقيقة يمنية.

وذكره في "الدستور" في باب: السنن المكسورة.

والزبرقان: اسم القمر في الأصل، ولُقِّب به الحصين؛ لصفرة عمامته.

وأما معنى الحج في الشرع: هو قصد إلى زيارة البيت الحرام بأفعال مخصوصة على وجه التعظيم، وسببه البيت؛ لأنه يضاف إليه، ولهذا لا يجب في العمر إلَّا مرةً واحدةً؛ لأن السبب غير متكرر.

وذكر القرطبي أن الحج فُرِضَ سنة خمس من الهجرة، وقيل: سنة تسع، قال: وهو الصحيح.

وذكر البيهقي أنه كان سَنة ست، وفي حديث ضمام بن ثعلبة ذِكْرُ الحج، وذَكَرَ محمَّد بن حبيب أن قدومه كان سَنة خمس من الهجرة.

وقال الطرطوشي: وقد رُوي أن قدومه على النبي عليه السلام كان في سنة تسع.

وذكر الماوردي أنه فُرِض في سَنة ثمان.

وقال (الطرطوشي وإمام الحرمين)(1): سنة تسع أو عشر، وقيل: قبل هجرته عليه السلام، وقيل: سنة سبع والله أعلم.

(1) كذا في "الأصل، ك"، ولعل إعادة ذكر الطرطوشي هنا انتقال نظر من المؤلف رحمه الله، وعزا المؤلف هذا القول في "عمدة القاري"(9/ 175) لإمام الحرمين فقط.

ص: 6

وفي بعض النسخ ذكر عقيب كتاب الصوم كتاب الحج، وفي بعضها كتاب الجهاد والأول أصح؛ لأن المناسبة تقتضي ذكر الحج مع الصلاة والزكاة والصوم لأنه من الخمس الذي بنُي الإِسلام عليه، وأما تأخيره عن الثلاثة فلما قلنا إن الصلاة ثانية الإيمان والزكاة ثالثته في الكتاب والسُّنة، وإلَّا فالقياس كان يقتضي أن يتقدم الصوم على الزكاة؛ لأن كلًّا من الصلاة والصوم عبادة بدنية صرفًا، والزكاة عبادة مالية صرفًا، ولما فرغ عن العبادات الغير [مركبة](1) شَرَعَ في بيان العبادة المركبة؛ لأن الحج عبادة بدنية ومالية.

(1) في "الأصل، ك": "المركبة".

ص: 7