الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ص: باب: الإهلال من أين ينبغي أن يكون
؟
ش: أي هذا باب في بيان مكان الإهلال وهو رفع الصوت بالتلبية، وقد استوفينا الكلام فيه في كتاب الجنازة.
ص: حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا وَهْب، قال: ثنا شعبة، عن قتادة، عن أبي حسان، عن ابن عباس رضي الله عنهما:"أن رسول الله عليه السلام صلى بذي الحليفة، ثم أُتي براحلته فركبها، فلما استوت به البَيْداء أهلّ".
ش: إسئاده صحيح، ورجاله ثقات، وأبو حسان الأجرد ويقال الأعرج البصري، واسمه مسلم بن عبد الله، روي له الجماعة البخاري مستشهدًا.
وأخرجه أحمد في "مسنده"(1) بأتم منه: ثنا بهز، قال: ثنا شعبة، قال: قتادة أخبرني، قال: سمعت أبا حسان يحدث، عن ابن عباس قال:"صلى رسول الله عليه السلام الظهر بذي الحليفة ثم أُتي ببدنة فأشعر صفحة سنامها الأيمن، ثم سلت الدم عنها، ثم قلدها نعلين، ثم أُتي براحلته، فلما قعد عليها واستوت به البيداء أهلّ بالحج".
قوله: "براحلته" والراحلةُ من البعيرِ القوي على الأسفار والأحمال، والذكر والأنثى فيه سواء، والهاء فيه للمبالغة، وهي التي يختارها الرجل لمركبه ورَحْله على النجابة وتمام الخلق وحسن المنظر، فإذا كانت في جماعة الإبل عرفت.
و"البيداء" في اللغة: المفازة لا شيء بها.
وقال ابن الأثير: البيداء ها هنا اسم موضع مخصوص بين مكة والمدينة، وأكثر ما تَرِدُ ويُرادُ بها هذه.
وقال الكرماني: البيداء ها هنا فوق علمي ذي الحليفة إذا صعدت من الوادي، وفي أول البيداء بئرُ ماء.
(1)"مسند أحمد"(1/ 280 رقم 2528).
وقال عياض: البيداء ها هنا هي الشرف الذي أمام ذي الحليفة، وهي أقرب إلى مكة من ذي الحليفة، وكل مفازة بيداء وجمعها بَيَدٌ.
وفي كتاب "الأنوار" شرح الموطأ: ولدت أسماءُ بنت عميسٍ محمدَ بن أبي بكر بالبيداء فَذُكر ذلك لرسول الله عليه السلام فقال: مُرْها فلتغتسل ثم لتهل".
وفي رواية: "ولدت بذي الحليفة".
ثم قال: هذا ليس بخلاف؛ لأن البيداء صحراء متصلة بذي الحليفة، ولعل أبا بكر رضي الله عنه قصد النزول بها للانفراد لحاجة أهله إلى الولادة، وأضاف ذلك في رواية إلى ذي الحليفة لأنها المقصودة، ولا يكون الإهلال إلَّا بذي الحليفة. انتهى.
وانتصاب "البيداء" ها هنا على الظرفية، أي على البيداء أو فيها.
قوله: "أَهَلَّ" أي رفع صوته بالتلبية.
ص: حدثنا محمَّد بن عبد الله بن ميمون، قال: ثنا الوليد، قال: ثنا أبو عمرو -وهو الأوزاعي- عن عطاء -هو ابن أبي رباح: "أنه سمعه يُحدث، عن جابر يعني يخبر عن إهلال رسول الله عليه السلام من ذي الحليفة حين استوت به راحلته".
ش: إسناده صحيح، ورجاله قد ذُكروا غير مرة، والوليد هو ابن مسلم الدمشقي، واسم الأوزاعي عبد الرحمن بن عمرو، وأبو عمرو كنيته.
والحديث أخرجه البخاري (1): ثنا إبراهيم بن موسى، ثنا الوليد، عن الأوزاعي، سمع عطاء يحدث عن جابر بن عبد الله:"أن إهلال رسول الله عليه السلام من ذي الحليفة حين استوت به راحلته".
وأخرجه أبو داود أيضًا نحوه (2).
(1)"صحيح البخاري"(2/ 552 رقم 1444).
(2)
"سنن أبي داود"(2/ 182 رقم 1905).
ص: قال أبو جعفر رحمه الله فذهب قوم إلى هذا، فاستحبوا الإِحرام من الييداء لإِحرام النبي عليه السلام منها.
ش: أراد بالقوم هؤلاء: الأوزاعي وعطاء وقتادة؛ فإنهم ذهبوا إلى هذا الحديث، فاستحبوا الإِحرام من البيداء، وذلك لأنه عليه السلام أحرم منها.
ص: وخالفهم في ذلك آخرون، فقالوا: قد يجوز أن يكون النبي عليه السلام أحرم منها لا لأنه قصد أن يكون إحرامه منها خاصة لفضل الإِحرام منها على الإِحرام مما سواها، وقد رأيناه فعل أشياء في حجته في مواضع لا لفضل قصده في تلك المواضع مما تفضل به غيرها من سائر المواضع، من ذلك نزوله بالمحصب من مِنَى، فلم يكن ذلك لأنه سنة؛ ولكن لمعنى آخر قد اختلف الناس فيه، ما هو؟
فرُوي عن عائشة رضي الله عنها في ذلك ما حدثنا يونس، قال: ثنا أنس بن عياض، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة أنها قالت له:"إنما كان منزلًا نزله رسول الله عليه السلام لأنه كان أسمح للخروج" ولم يكن عروة يحصب ولا أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنه.
ورُوي عن أبي رافع أنه قال: "إنما أمرني رسول الله عليه السلام أن أضرب له الخيمة، ولم يأمرني بمكانٍ بعينه، فضربتها بالمحصب".
حدثنا بذلك ابن أبي عمران، قال: ثنا إسحاق بن إسماعيل، قال: ثنا سفيان، عن صالح بن كيسان، عن سليمان بن يسار، عن أبي رافع.
ورُوي عن ابن عباس ما حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا خالد بن عبد الرحمن، قال: ثنا ابن أبي ذئب، عن شعبة -يعني مولى ابن عباس- أن ابن عباس قال:"إنما كان المحصب لأن العرب كانت تخاف بعضها بعضًا، فيرتادون فيخرجون، فجرى الناس عليها".
حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا خالدٌ، قال: ثنا ابن أي ذئب، عن صالح مولى التوأمة، عن ابن عباس .. مثله، غير أنه قال:"كانت تميم وربيعة يخاف بعضها بعضًا".
حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا أسد، قال: ثنا سفيان، عن عمرو، عن عطاء، عن ابن عباس رضي الله عنه قال: "ليس المحصب بشيء؛ إنما هو منزلٌ نزله رسول الله عليه السلام.
فلما كان رسول الله عليه السلام قد حصب ولم يكن ذلك لأنه سنة، فكذلك يجوز أن يكون أحرم حين صار على البيداء لا لأن ذلك سنة.
ش: أي خالف القوم المذكورين جماعة آخرون، وأراد بهم: جماهير العلماء من التابعين ومن بعدهم، منهم الأئمة الأربعة وكثر أصحابهم، فإنهم قالوا: سنة الإِحرام أن يكون من ذي الحليفة.
وفي "شرح الموطأ": استحب مالك وأكثر الفقهاء أن يهل الراكب إذا استوت به راحلته قائمة.
واستحب أبو حنيفة أن يكون إهلاله عقيب الصلاة إذا سَلَّم منها.
وقال الشافعي: يهل إذا أخذت ناقته في المشي ومن كان يركب راحلته قائمةً كما يفعله [كثير](1) من الحاج اليوم، فيهل على مذهب مالك إذا استوى عليها راكبًا.
وقال عياض: جاء في رواية: "أَهَلَّ رسول الله عليه السلام إذا استوت الناقة" وفي رواية أخرى: "حتى استوت به راحلته" وفي أخرى: "حتى تنبعث به ناقته" وكل ذلك متفق لأن قيامها به انبعاثها، ولا تستوي به حتى تنبعث به، ولا يفهم منه أخذها في المشي.
وقال: قال مالك وأكثر أصحابه: يستحب أن يهل إذا استوت به إن كان راكبًا ويتوجه بأثر ذلك، وإن كان راحلًا فحين يأخذ في المشي.
وقال الشافعي: إن كان راكبًا فكذلك.
وقال أبو حنيفة: إذا سلم من الصلاة.
قلت: الانبعاث: أخذها في القيام، والاستواء: كمال القيام.
(1) تكررت في "الأصل، ك".
قوله: "فقالوا قد يجوز .. " إلى آخره جواب عما قاله أهل المقالة الأولى من استحباب الإِحرام من البيداء لكون النبي عليه السلام أحرم منها.
بيانه أن يقال: لا نسلم أن إهلال النبي عليه السلام من البيداء يدل على استحباب الإِحرام منها، وأنه فضيلة اختارها رسول الله عليه السلام؛ لأنه يجوز أن يكون قد كان فعل ذلك لا لقصد أنه للإِحرام منها فضيلة على الإِحرام من غيرها، وقد رأيناه. أي النبي عليه السلام فعل أشياء في حجه في مواضع لا لأجل فضلٍ قصدُه على أنه لا يوجد في غيرها من المواضع، فمن ذلك نزوله بالمحصب، فإن ذلك لم يكن لأنه سُنة وإنما كان لأجل معنى اختلفوا فيه، ما هو؟
فذكر فيه أربعة معان:
الأول: ما أشار إليه بقوله: "فرُوي عن عائشة رضي الله عنه أنها قالت: إنما كان -أي المحصب- منزلًا نزله رسول الله عليه السلام لأنه كان أسمح للخروج" أي أسهل وأقرب لخروجه عليه السلام إلى المدينة، وليجتمع إليه من معه مدة مقامه فيه بقية يومه؛ ليرحلوا برحيله.
أخرجه بإسناد صحيح عن يونس بن عبد الأعلى المصري، عن أنس بن عياض ابن ضمرة المدني روى له الجماعة، عن هشام بن عروة، عن أبيه عروة بن الزبير، عن عائشة رضي الله عنهم.
وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه"(1): ثنا حفص بن غياث، عن هشام بن عروة، عن عروة، عن عائشة قالت:"إنما نزل رسول الله عليه السلام الأبطح لأنه أسمح لخروجه، وأنه ليس بسُنة".
وأخرجه مسلم (2) عن ابن أبي شيبة.
(1)"مصنف ابن أبي شيبة"(3/ 191 رقم 13346).
(2)
"صحيح مسلم"(2/ 951 رقم 1311).
وأخرجه البخاري (1) وأبو داود أيضاً.
ولفظ أبي داود (2): "ليكون أسمح لخروجه وليس بسنة، فمن شاء نزله، ومن شاء لم ينزله"(3).
قوله: "ولم يكن عروة يحصب" أي لم يكن ينزل بالمحصب لأنه ليس بسنة.
وقال ابن أبي شيبة (4): ثنا عبدة، عن هشام بن عروة:"أن أباه كان لا يحصب".
قوله: "ولا أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها" أي ولم تكن أسماء تحصب أيضاً.
قال ابن أبي شيبة في "مصنفه"(5): ثنا عبدة بن سليمان، عن هشام بن عروة، عن فاطمة:"أن أسماء كانت لا تحصب".
قلت: وهو مذهب عطاء وطاوس ومجاهد وسعيد بن جبير.
قال ابن أبي شيبة (6): ثنا إسماعيل بن عياش، عن ليث:"أن عطاء وطاوسًا ومجاهدًا وسعيد بن جبير كانوا لا يحصبون".
ثنا وكيع (7)، عن عمر بن ذر، عن مجاهد:"أنه كان يكره التحصيب".
ثنا وكيع (8) عن سفيان [عن الليث](9) عن طاوس قال: "إنما الحصبة في السماء" انتهى.
(1)"صحيح البخاري"(2/ 626 رقم 1676).
(2)
"سنن أبي داود"(2/ 209 رقم 2008).
(3)
ورواه الترمذي أيضاً (3/ 264 رقم 923) من طريق حبيب المعلم عن هشام بن عروة به.
(4)
"مصنف ابن أبي شيبة"(3/ 191 رقم 13352).
(5)
"مصنف ابن أبي شيبة"(3/ 191 رقم 13349).
(6)
"مصنف ابن أبي شيبة"(3/ 191 رقم 13348).
(7)
"مصنف ابن أبي شيبة"(3/ 191 رقم 13351).
(8)
"مصنف ابن أبي شيبة"(3/ 191 رقم 13350).
(9)
سقط من "الأصل، ك"، والمثبت من "المصنف".
وقال ابن الأثير: المحصب: هو الشِّعب الذي مخرجه إلى الأبطح بين مكة ومنى، سُمي بذلك للحصى الذي فيه، وكذلك سُمِّي موضع الجمار بمنى محصبًا، وهو في اللغة من التحصيب، وهو أن يُلقى في الأرض الحصباء وهو الحصى الصغار.
الثاني: ما أشار إليه بقوله: "ورُوي عن أبي رافع" وهو مولى النبي عليه السلام، يقال: اسمه إبراهيم، وقيل: أسلم، وقيل: ثابت، وقيل: هرمز، فإنه قال:"أمرني رسول الله عليه السلام أن أضرب له الخيمة ولم يأمرني بمكان بعينه، فضربتها بالمحصب".
فهذا يدل على أنه عليه السلام ما قصد إلَاّ النزول في أي أرضٍ كانت، ولم يقصد به النزول في موضع معين لفضله على النزول في غيره، واتفق أن أبا رافع ضرب خيمة النبي عليه السلام بالمحصب.
وأخرجه بإسناد صحيح، عن أحمد بن أبي عمران موسى الفقيه البغدادي، عن إسحاق بن إبراهيم الطالقاني شيخ أبي داود، عن صالح بن كيسان، عن سليمان بن يسار، عنه.
وأخرجه مسلم (1): ثنا قتيبة بن سعيد وأبو بكر بن أبي شيبة وزهير بن حرب جميعًا، عن ابن عيينة -قال زهير: نا سفيان بن عيينة- عن صالح بن كيسان، عن سليمان بن يسار، قال: قال أبو رافع: "لم يأمرني رسول الله عليه السلام أن أنزل الأبطح حين خرج من مِنَى، ولكني جئت فضربت قبته، فجاء فنزل".
الثالث: ما أشار إليه بقوله: "ورُوي عن ابن عباس ما حدثنا ربيع المؤذن .. " إلى آخره.
فإنه قال: "إنما كانت المحصب لأن العرب كانت تخاف بعضها بعضًا فيرتادون" من الارتياد وهو طلب المكان للنزول فيه، يقال: رادَ، وارتادَ، واسترادَ.
"فيخرجون جميعًا فجرى الناس عليها" أي على هذه الفعلة.
(1)"صحيح مسلم"(2/ 952 رقم 1313).
فأخبر ابن عباس أن النزول في المحصب لم يكن لكونه سنة وإنما كان للعلة التي ذكرها.
وأخرجه من طريقين:
الأول: عن ربيع بن سليمان المؤذن، عن خالد بن عبد الرحمن الخراساني وثقه يحيى عن محمد بن عبد الرحمن بن الحارث بن أبي ذئب المدني روى له الجماعة، عن شعبة بن دينار مولى ابن عباس، فيه مقال.
الثاني: وهو صحيح، عن ربيع أيضًا، عن خالد بن عبد الرحمن أيضاً، عن محمد بن أبي ذئب أيضًا.
عن صالح بن نبهان مولى التوأمة -عن يحيى: ثقة حجة. وعن أحمد: هو صالح الحديث ما أعلم به بأسًا.
الرابع: ما أشار إليه بقوله: حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا أسد، وهو أسد بن موسى، عن سفيان بن عُيينة، عن عمرو بن دينار، عن عطاء بن أبي رباح، عن ابن عباس.
وأخرجه البخاري (1) ومسلم (2) نحوه من حديث عمرو بن دينار، عن عطاء، عن ابن عباس أنه قال:"ليس [التحصيب] (3) بشيء؛ إنما هو منزل نزله رسول الله عليه السلام".
فهذا ابن عباس يخبر أن المحصب لا سنة ولا فضيلة، وإنما نزل النبي عليه السلام فيه كما كان ينزل في سائر المنازل، وقد عرفت أن مذهب جماعة من الصحابة منهم: ابن عباس وعائشة وأبو رافع وابن مسعود، أن التحصيب ليس بسنة، وإليه ذهب جماعة من التابعين كما ذكرناهم.
(1)"صحيح البخاري"(2/ 626 رقم 1677).
(2)
"صحيح مسلم"(2/ 952 رقم 1312).
(3)
في "الأصل، ك": "المحصب"، والمثبت من "الصحيحين".
وقال ابن عمر: "النزول بالمحصب سنة، أناخ به رسول الله عليه السلام وأبو بكر وعمر وعثمان والخلفاء".
وقال مسلم (1): حدثني محمد بن حاتم بن ميمون، قال: ثنا روح بن عبادة، قال: ثنا صخر بن جويرية، عن نافع:"أن ابن عمر كان يرى التحصيب سنة، وكان يصلي الظهر يوم النفر بالحصبة"، قال نافع:"قد حصب رسول الله عليه السلام والخلفاء بعده".
وفي "شرح الموطأ": ورُوي عن ابن المواز، عن مالك: استحب النزول بالمحصب إذا فرغ الإِمام من أيام الرمي وصَدَرَ، وإن لم يفعل فلا بأس.
قال ابن وهب عنه: ذلك حسن للرجال والنساء وليس بواجب.
وقال أيضًا: قال مالك: استحب للأئمة ومن يفتَدى به ألَّا يتجاوزوه حتى ينزلوا به، ويتعين إحياء سنة النبي عليه السلام لئلَّا تترك جملةً.
وروى ابن حبيب عن مالك: هو لمن لم يتعجل، فأما من تعجل في يومين فلا أرى له التحصيب.
ص: وقد أنكر قومٌ أن يكون رسول الله عليه السلام أحرم من البيداء، وقالوا: ما أحرم إلَاّ من عند المسجد، ورووا ذلك عن ابن عمر.
حدثنا يزيد بن سنان، قال: ثنا عبد الله بن مسلمة، قال: قرأت على مالك، عن موسى بن عقبة، عن سالم، عن أبيه أنه قال:"بيداؤكم هذه التي تكذبون على رسول الله عليه السلام فيها، ما أهلَّ رسول الله عليه السلام إلَاّ من عند المسجد يعني مسجد ذي الحليفة".
حدثنا يونس، قال: ثنا ابن وهب، أن مالكًا أخبره، عن موسى
…
فذكر بإسناده مثله.
(1)"صحيح مسلم"(2/ 951 رقم 1310).
حدثنا نصر بن مرزوق، قال: ثنا الخصيب، قال: ثنا وُهيب بن خالد، عن موسى .. فذكر بإسناده مثله.
ش: أراد بالقوم هؤلاء: محمد بن مسلم الزهري، وعبد الملك بن جريج، وعبد الله بن وهب؛ فإنهم قالوا: ما أحرم رسول الله عليه السلام إلَاّ من عند المسجد، ورووا ذلك عن عبد الله بن عمر، وأرادوا بالمسجد مسجد ذي الحليفة.
وأخرجه من ثلاث طرق صحاح:
الأول: عن يزيد بن سنان القزاز
…
إلى آخره.
وأخرجه مسلم (1) قال: ثنا يحيى بن يحيى، قال: قرأت على مالك، عن موسى ابن عقبة
…
إلى آخره نحوه.
وأخرجه أبو داود (2) أيضًا.
الثاني: عن يونس بن عبد الأعلى، عن عبد الله بن وهب، عن مالك
…
إلى آخره.
وأخرجه مالك في "موطإه"(3)، وابن وهب في "مسنده".
الثالث: عن نصر بن مرزوق، عن الخصيب بن ناصح الحارثي البصري نزيل مصر، عن وهيب بن خالد، عن موسى بن عقبة، عن سالم بن عبد الله، عن أبيه عبد الله بن عمر.
وأخرجه الترمذى (4): ثنا قتيبة بن سعيد، قال: ثنا حاتم بن إسماعيل، عن موسى بن عقبة، عن سالم بن عبد الله بن عمر، عن ابن عمر قال:"البيداء التي تكذبون فيها على رسول الله عليه السلام والله ما أهَلَّ رسول الله عليه السلام إلَاّ من عند المسجد من عند الشجرة".
(1)"صحيح مسلم"(2/ 843 رقم 1186).
(2)
"سنن أبي داود"(2/ 150 رقم 1771).
(3)
"موطأ مالك"(1/ 332 رقم 732).
(4)
"جامع الترمذي"(3/ 181 رقم 818).
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.
قوله: "بيداؤكم هذه
…
" إلى آخره محمول على أنه أراد أن ذلك وقع منهم على جهة السهو ولا نظن به أنه كان ينسب الصحابة إلى الكذب الذي لا يحل، وقد يجيء بمعنى أخطأ وسُمي الخطأ كذبا لأنه يشبهه في كونه ضد الصواب، كما أن الكذب ضد الصدق وافترقا من حيث النية والقصد، لأن الكاذب يعلم أن الذي يقوله كذب والمخطىء لا يعلم.
قوله: "ما أهل رسول الله عليه السلام" قد ذكرنا أن أصل الإِهلال في اللغة رفع الصوت، وكل رافع صوته فهو مهل، ومنه قيل للطفل إذا سقط من بطن أمه فصاح: قد استهل صارخًا، والاستهلال والإِهلال سواء، وأما الإِهلال في الشريعة هو الإِحرام بالحج وهو التلبية بالحج أو العمرة وينوي ما شاء منها.
ص: قالوا وإنما كان ذلك بعد ما ركب راحلته، وذكروا في ذلك ما حدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: ثنا مكي بن إبراهيم، قال: ثنا ابن جريج، قال: أخبرني صالح، عن نافع، عن ابن عمر:"أن النبي عليه السلام أهل حين استوت به راحلته قائمة، وقال وكان ابن عمر يفعله".
حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا مكي، قال: ثنا ابن جريج، قال: ثنا محمد بن المنكدر، عن أنس بن مالك قال:"بات رسول الله عليه السلام بذي الحليفة حتى أصبح، فلما ركب راحلته، واستوت به أهّل".
حدثنا صالح بن عبد الرحمن، قال: ثنا حجاج بن إبراهيم الأزرق، قال: ثنا عيسى بن يونس، عن ابن جريج، قال: ثنا ابن شهاب، عن أنس، عن النبي عليه السلام مثله.
ش: أي قال هؤلاء القوم: إنما كان إهلاله عليه السلام بعد أن ركب راحلته، والدليل على ذلك حديث ابن عمر وأنس بن مالك رضي الله عنهم-
أما حديث ابن عمر فأخرجه بإسناد صحيح: عن إبراهيم بن مرزوق، عن مكي بن إبراهيم البلخي شيخ البخاري، عن عبد الملك بن جريج روى له الجماعة، عن صالح بن كيسان المدني روى له الجماعة.
وأخرجه مسلم (1): حدثني هارون بن عبد الله، قال: ثنا حجاج بن محمد، قال: قال ابن جريج: أخبرني صالح بن كيسان، عن نافع، عن ابن عمر أنه كان يخبر:"أن النبي عليه السلام أهّل حين استوت به ناقته قائمة".
وأما حديث أنس فأخرجه من طريقين صحيحين:
الأول: عن إبراهيم بن مرزوق
…
إلى آخره.
وأخرجه البخاري (2): ثنا عبد الله بن محمد، ثنا هشام بن يوسف، أنا بن جريج، قال: حدثني ابن المنكدر، عن أنس بن مالك قال:"صلى النبي عليه السلام بالمدينة أربعًا، وبذي الحليفة ركعتين، حتى أصبح بذي الحليفة، فلما ركب راحلته واستوت به أهّل".
الثاني: عن صالح بن عبد الرحمن .... إلى آخره.
وأخرجه أبو داود (3) والترمذي (4) والنسائي (5) مقتصرًا على ذكر المبيت.
ص: قالوا: وينبغي أن يكون ذلك بعد ما تنبعث به ناقته، وذكروا في ذلك ما حدثنا يونس، قال: ثنا ابن وهب، أن مالكًا حدثه، عن سعيد المقبري، عن عُبيد بن جريج، عن ابن عمر قال:"لم أر رسول الله عليه السلام يهل حتى تنبعث به راحلته".
(1)"صحيح مسلم"(2/ 845 رقم 1187).
(2)
"صحيح البخاري"(2/ 561 رقم 1471).
(3)
"سنن أبي داود"(2/ 157 رقم 1796).
(4)
"جامع الترمذي"(2/ 431 رقم 546).
(5)
"المجتبى"(1/ 235 رقم 469).
حدثنا فهد، قال: ثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: ثنا علي بن مسهر، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر قال:"كان رسول الله عليه السلام إذا وضع رجله في الغرز وانبعثت به راحلته قائمة أهّلَّ من ذي الحليفة".
ش: أي قال هؤلاء القوم المذكورون: ينبغي أن يكون الإِهلال بعد انبعاث الناقة، وهو أخذها في القيام، واستدلوا على ذلك بحديث عبد الله بن عمر.
وأخرجه من طريقين صحيحين:
الأول: عن يونس بن عبد الأعلى، عن عبد الله بن وهب، عن مالك، عن سعيد المقبري
…
إلى آخره.
وأخرجه مسلم (1) مطولًا ثنا يحيى بن يحيى، قال: قرأت على مالك، عن سعيد ابن أبي سعيد المقبري، عن عبيد بن جريج، أنه قال لعبد الله بن عمر:"يا أبا عبد الرحمن رأيتك تصنع أربعًا لم أر أحدًا من أصحابك يصنعها، قال: ما هن يا ابن جريج؟ قال: رأيتك لا تمس من الأركان إلَاّ اليمانيين، ورأيتك تلبس النعال السبتية، ورأيتك تصبغ بالصفرة، ورأيتك إذا كنت بمكة أهل الناس إذا رأوا الهلال، ولم تهلل أنت حتى يكون يوم التروية، فقال عبد الله بن عمر: أما الأركان فإني لم أر رسول الله عليه السلام يمس إلَاّ اليمانيين، وأما النعال السبتية فإني رأيت رسول الله عليه السلام يلبس النعال التي ليس فيها شعر ويتوضأ فيها، فإني أحب أن ألبسها، وأما الصفرة فإني رأيت رسول الله عليه السلام يصبغ بها فإني أحب أن أصبغ بها، وأما الإِهلال فإني لم أر رسول الله عليه السلام يهل حتى تنبعث به راحلته".
الثاني: عن فهد بن سليمان، عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن علي بن مسهر، عن عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب، عن نافع.
وأخرجه مسلم (2) أيضًا عن أبي بكر بن أبي شيبة
…
إلى آخره نحوه.
(1)"صحيح مسلم"(2/ 844 رقم 1187).
(2)
"صحيح مسلم"(2/ 845 رقم 1187).
قوله: "في الغَرزْ" أي الركاب، وقال ابن الأثير: الغرز ركاب كور الجمل إذا كان من جلد أو خشب، وقيل: هو الكور مطلقًا مثل الركاب للسرج.
قلت: هو بغين معجمة مفتوحة وراء مهملة ساكنة، وفي آخره زاي.
و"قائمة" نصب على الحال من الراحلة، ومن فوائد حديث مسلم:
إباحة لبس النعال السبتية وجواز الوضوء فيها وهي النعال السود التي لا شعر عليها، كذا فسره ابن وهب عن مالك، وقال الخليل: السبت: الجلد المدبوغ بالقرظ، وقال أبو عمرو بن العلاء: هو كل جلد مدبوغ، وقال أبو زيد: السبت جلود البقر خاصة مدبوغة كانت أو غير مدبوغة، لا يقال لغيرها: سبت، وجمعها سبوت، وقال غيره: السبت نوع من الدباغ بقلع الشعر، والنعال السبتية من لباس وجوه الناس وأشراف العرب، وهي معروفة عندهم، وقد مر الكلام فيه مستقصى في كتاب الجنائز.
وفيه إباحة صبغ اللحية بالصفرة، قال أبو عمر: اختلف العلماء في قوله: "ورأيتك تصبغ بالصفر" فقال قوم: أراد خضاب اللحية بالصفرة، واحتجوا بما روى ابن جريج قال:"رأيت ابن عمر يصفر لحيته، فقلت: أراك تصفر لحيتك، قال: رأيت النبي عليه السلام يصفر لحيته"، وقال آخرون: إنما أراد كان يصفر ثيابه ويلبس ثيابًا صفراء، وأما الخضاب فلم يكن رسول الله عليه السلام يخضب، وقال: فَضَّلَ جماعة من العلماء: الخضب بالصفرة والحمرة على بياض الشيب وعلى الخضاب بالسواد، وجاء عن جماعة كثيرة منهم أنهم لم يخضبوا وكل ذلك واسع.
ورُوي عن علي وأنس رضي الله عنهما أنهما كان يصفران لحاهما، والصحيح عن علي رضي الله عنه أنه كانت لحيته بيضاء، وقد ملأت ما بين منكبيه، وذكر وكيع، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن الشعبي، قال:"رأيت علي بن أبي طالب رضي الله عنه أبيض الرأس واللحية، قد ملأت ما بين منكبيه"، وقال أبو إسحاق السبيعي:"رأيت عليًّا أصلع أبيض الرأس واللحية"، وكان السائب بن يزيد وجابر بن زيد ومجاهد
وسعيد بن جبير لا يخضبون، وذكر الربيع بن سليمان قال: كان الشافعي يخضب لحيته حمراء قانية، وقال يحيى بن يحيى الأندلسي: رأيت الليث بن سعد يخضب بالحناء، قال: ورأيت مالكًا يغير الشيب وكان نقي البشرة ناصع بياض الشيب حسن اللحية لا يأخذ منها من غير أن يدعها تطول، قال: ورأيت عثمان بن كنانة ومحمد بن إبراهيم وعبد الله بن نافع وعبد الرحمن بن القاسم وعبد الله بن وهب وأشهب بن عبد العزيز لا يغيرون الشيب، وذكر الليث بن سعد عن أبي عشانة وقال: "رأيت عقبة بن عامر يخضب بالسواد، ورُوي عن الحسن والحسن ومحمد ابن الحنفية أنهم كانوا يخضبون بالوسمة، ورُوي عن موسى بن طلحة وأبي أسامة ونافع بن جبير أنهم خضبوا بالسواد وكان إبراهيم والحسن وابن سيرين لا يرون به بأسًا.
وكره الخضاب بالسواد عطاء ومجاهد ومكحول والشعبي وسعيد بن جبير، ثم قال أبو عمر: ومما يدل على أن الصبغ بالصفرة المذكورة في هذا الحديث هو صبغ الثياب لا صبغ اللحية ما ذكره مالك، عن نافع:"أن عبد الله بن عمر كان يلبس الثوب المصبوغ بالمشق والمصبوغ بالزعفران".
وذكر في كتاب "الأنوار" في "شرح الموطأ": والذي رُوي عن ابن عمر أنه كان يصفر لحيته أكثر وأصح، ولا يمتنع أن يكون النبي عليه السلام كان يصبغ ثيابة بالصفرة فيقتدي به ابن عمر ويستحبها من أجله، ويصبغ بها ثيابه ولحيته، وقد روى أبو داود (1) عن ابن عمر: "كان يصبغ لحيته بالصفرة حتى تمتلئ ثيابه من الصفرة، فقيل له: لم تصبغ بالصفرة؟
قال: إني رأيت رسول الله عليه السلام يصبغ بها. ولم يكن شيء أحب إليه منها، وقد كان يصبغ بها ثيابه كلها حتى عمامته".
(1)"سنن أبي داود"(4/ 52 رقم 4064).
ص: فلما اختلفوا في ذلك أردنا أن ننظر من أين جاء اختلافهم؟
فإذا إسماعيل بن إسحاق بن سهل الكوفي حدثنا -إملاءً- قال: ثنا أبو نعيم، قال: ثنا عبد السلام بن حرب، عن خصيف، عن سعيد بن جبير، قال:"قيل لابن عباس: كيف اختلف الناس في إهلال النبي عليه السلام فقالت طائفةٌ: أَهَلَّ في مصلاه، وقالت طائفة: حيث استوت به راحلته، وقالت طائفة: حين علا البيداء؟ فقال: سأخبركم [عن] (1) ذلك، إن رسول الله عليه السلام أهل في مصلاه، فشهده قومٌ فأخبروا بذلك، فلما استوت به راحلته أهل، فشهده قومٌ لم يشهدوه، وفي المرة الأولى فقالوا: أهل رسول الله عليه السلام الساعة، فاخبروا بذلك، فلما علا البيداء أهل فشهده قومٌ لم [يشهدوه]، (2) في المرتين الأولتين فقالوا: أهّلَّ رسول الله عليه السلام الساعة فاخبروا بذلك، وإنما كان أهّلَّ النبي عليه السلام في مصلاه".
فبَيَّنَ عبد الله بن عباس الوجه الذي منه جاء اختلافهم، وأن إهلال النبي عليه السلام الذي ابتدأ الحج ودخل به فيه كان في مصلاه، فبهذا نأخذ.
وينبغي للرجل إذا أراد الِإحرام أن يصلي ركعتين ثم يحرم في دُبرهما كما فعل رسول الله عليه السلام وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمدٍ رحمهم الله.
ش: أي فلما اختلف الفرق الثلاث المذكورون فيما مضى في إهلال النبي عليه السلام لاختلاف ألفاظ الحديث أردنا أن ننظر من أين جاء هذا الاختلاف؟ فنظرنا في ذلك، فوجدنا حديث ابن عباس يخبر عن وجه الاختلاف ما هو؟ ويبين أن إهلال النبي عليه السلام الذي ابتدأ به الحج، ودخل به في الحج كان في مصلاه، فاخترنا ذلك، وقلنا: ينبغي للرجل إذا أراد الإِحرام أن يصلي ركعتين ثم يحرم عقبهما، وهو اختيار أبي حنيفة وأصحابه، وهذا أقرب إلى الاقتداء بفعل النبي عليه السلام، وأشبه به من الإِهلال حين استوت به راحلته كما ذهب إليه مالك، ومن الإِهلال حين تأخذ ناقته
(1) في "الأصل، ك": "من"، وهو تحريف، والمثبت من "شرح معاني الآثار".
(2)
في "الأصل، ك": "يشهده"، والمثبت من "شرح معاني الآثار".
في المشي كما ذهب إليه الشافعي، ومن الإِهلال حين استوت به راحلته على البيداء كما ذهبت إليه طائفة من أهل العلم.
ثم إسناد حديث ابن عباس صحيح ورجاله ثقات، وأبو نعيم هو الفضل بن دكين شيخ البخاري، وخُصيف -بالفاء في آخره- ابن عبد الرحمن الجزري، وثقه يحيى وأبو زرعة والعجلي، وعن أحمد: ضعيف الحديث.
وأخرجه أبو داود (1): ثنا محمد بن منصور، قال: ثنا يعقوب -يعني ابن إبراهيم- قال: نا أبي، عن ابن إسحاق، قال: حدثني خُصيف بن عبد الرحمن الجزري، عن سعيد بن جبير، قال:"قلت لابن عباس: يا أبا العباس، عجبتُ لاختلاف أصحاب رسول الله عليه السلام في إهلال رسول الله عليه السلام حين أوجب، فقال: إني لأعلم الناس بذلك، إنها إنما كانت من رسول الله عليه السلام حجة واحدة، فمن هنالك اختلفوا، خرج رسول الله عليه السلام حاجًّا، فلما صلى في مسجده بذي الحليفة ركعتيه أوجبه في مجلسه، فأهلَّ بالحج حين فرغ من ركعتيه، فسمع ذلك منه أقوامٌ فحفظته عنه، ثم ركب، فلما استقلت به ناقته أهل، وأدرك ذلك منه أقوام، وذلك أن الناس إنما كانوا يأتون أرسالًا فسمعوه حين استقلت به ناقته يهل، فقالوا: إنما أهل رسول الله عليه السلام حين استقلت به ناقته، ثم مضى رسول الله عليه السلام، فلما علا على شرف البيداء أهلَّ، وأدرك ذلك منه أقوام، فقالوا: إنما أهل حين علا شرف البيداء، وايم الله، لقد أوجب في مصلاه، وأهل حين استقلت به ناقته، وأهّل حين علا شرف البيداء. قال سعيد: فمن أخذ بقول ابن عباس أهل في مصلاه إذا فرغ من ركعتيه".
وأخرجه الحاكم في "مستدركه"(2): أنا أحمد بن جعفر القطيعي، نا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثني يعقوب بن إبراهيم بن سعد، ثنا أبي، عن
(1)"سنن أبي داود"(2/ 150 رقم 1770).
(2)
"مستدرك الحاكم"(1/ 620 رقم 1657).
ابن إسحاق، حدثني خُصيف بن عبد الرحمن الجزري، عن سعيد بن جبير
…
إلى آخره نحو رواية أبي داود، ثم قال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم مفسرٌ في الباب ولم يخرجاه.
ص: وقد رُوي عن الحسن بن محمد في ذلك شيء مما رُوي عن ابن عباس: حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا عثمان بن الهيثم، قال: ثنا ابن جريج، قال: أخبرني حبيب بن أبي ثابت، أنه سمع الحسن بن محمد بن علي يقول:"كل ذلك قد فعل النبي عليه السلام، قد أهل حين استوت به راحلته، وقد أهلَّ حين جاء الييداء".
ش: أي قد رُوي عن الحسن بن محمد بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم المعروف أبوه بابن الحنفية- في بيان الاختلاف في إهلال النبي عليه السلام شيء مما رُوي عن عبد الله بن عباس.
وأخرجه بإسناد صحيح عن محمد بن خزيمة بن راشد، عن عثمان بن الهيثم بن جَهْم البصري العبدي أبي عمر البصري مؤذن الجامع بالبصرة وشيخ البخاري، عن عبد الملك [بن](1) جريج المكي روى له الجماعة، عن حبيب بن أبي ثابت قيس بن دينار الكوفي روى له الجماعة.
…
(1) في "الأصل، ك": "ابن أبي"، وهو تحريف، والصواب حذف "أبي".