الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
للفريقين المعاصرين للجامعين بين النزعتين في هذا العهد، فإن المجتهدين السابقين من المصرين مضى الحديث عنهما حين كان كل في مصره إبان تكوين النحو ونموه ونضوجه، فالحديث الآن عن النحاة الذين رفرفت عليهم بغداد بظلها الظليل.
وطبعي أن البلاد الإسلامية التي كانت مستشرفة لهذا العلم قد تأثرت بهذه النزعات لأن بغداد كعبة الجميع، وقد نزح إليها من مصر في ذلك العهد عدد كبير سنذكر المشهورين منهم بعد الطوائف الثلاث العراقية، فإليهم يرجع الفضل في دخول النحو وكتبه ودراسته البلاد المصرية.
ونحن الآن بصدد الطوائف العراقية الثلاثة، غير أنا نكتفي بترجمة المشهورين فقط، مع إحالة الراغب في الاطلاع على الكل على كتاب الفهرست لأنه مؤرخ هذا العهد على ما نبهنا سابقا.
فهاك أشهر الطوائف الثلاثة:
من غلبت عليه النزعة البصرية:
1-
الزجاج: هو أبو إسحاق إبراهيم بن السري، ولقب بالزجاج لأنه كان يخرط الزجاج، نشأ ببغداد، وتلقى عن ثعلب ثم عن المبرد في مقابل أجر معين دائم، ورفع المبرد من شأنه حتى أدب القاسم بن عبيد الله الذي أخذ يناصره بعد توليه الوزارة للمعتضد، ثم ساعدته الأقدار ونادم الخليفة المعتضد.
دخل يوما دار ثعلب فوجد معه أبا موسى الحامض، واستطرد الحديث إلى ذمهما "المبرد ثم سيبوبه ويونس"، فاغتاظ الزجاج وخطأ ثعلبًا في نصف كتابه "الفصيح" لما عرض ثعلب لتخطئة سيبويه في الكتاب، إذ تعقبه باعتراضات عشرة بينما كتاب الفصيح كله عشرون ورقة، وقد ذكرت هذه الاعتراضات في معجم الأدباء ترجمة الزجاج، كما ذكرت أيضا في الأشباه والنظائر، الفن السابع في الجزء الرابع، والمزهر النوع التاسع معرفة الفصيح.
وما من ريب أن العصبية المذهبية هي التي حملت الزجاج على تجبيه1 ثعلب، وشينه كتابه حتى قيل إن ثعلبا كاد ينكر نسبته بعد إليه، كما أنها حملت في مقبل الأيام ابن خالويه -وهو كوفي النزعة- على تخطئة الزجاج في اعتراضاته على ما سترى في ترجمته إن شاء الله.
له مؤلفات منها: مختصر النحو، وما ينصرف وما لا ينصرف، وشرح أبيات سيبويه، وكتاب فعلت وأفعلت، توفي ببغداد سنة 310هـ2.
2-
ابن السراج: هو أبو بكر بن السري، نشأ ببغداد وسمع من المبرد، وكان أحدث تلاميذه وقرأ عليه كتاب سيبويه، ثم انصرف إلى علم الموسيقي، لكن لم ينشب أن رجع إلى الكتاب والبحث في المسائل النحوية وبرز في اللغة العربية وخلف المبرد في بغداد، وله من التصانيف النحوية "كتاب الأصول"، "وهو أحسنها وأكبرها، وإليه المرجع عند اضطراب النقل واختلافه، جمع فيه أصول العربية، وأخذ مسائل سيبويه ورتبها أحسن ترتيب"، وكتاب جمل الأصول، وشرح كتاب سيبويه، والموجز، توفي سنة 316هـ.
3-
الزجاجي: هو أبو القاسم عبد الرحمن بن إسحاق من نهاوند قدم بغداد وسمع من ابن السراج والأخفش، ولازم الزجاج فنسب إليه، وسكن دمشق وانتفع الناس بعلمه، وله مؤلفات في النحو منها:"الجمل" ولهذا الكتاب حظوة عند المغاربة، تداني كتاب سيبويه عند المشارقة فتصدى الكثير لشرحه وشرح شواهده، والكافي، وفي النحو والأدب واللغة وغيرها "الأمالي" الصغرى والوسطى والكبرى، توفي بدمشق سنة 337هـ.
4-
مبرمان: هو أبو بكر محمد بن علي العسكري، سمع من المبرد
1 أي جعله ينكس رأسه خجلا.
2 في النجوم الزاهرة أنه توفي سنة 311هـ وذكر الذهبي أنه توفي في جمادى الآخرة سنة 311 وذكر له صاحب النجوم الزاهرة من المؤلفات: كتاب "معاني القرآن" و"الاشتقاق" و"القوافي والعروض".