الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
745هـ1.
8-
الشاطبي: هو أبو إسحاق إبراهيم بن موسى بن محمد اللخمي الغرناطي، تلقى العربية وغيرها عن أئمة المغاربة، منهم أبو القاسم السبتي وأبو عبد الله التلمساني والمقري وابن لب فنبغ في فنون متنوعة وصنف فيها مؤلفات أعجب بها العلماء، منها "الموافقات" في أصول الفقه، ومن مؤلفاته النحوية: شرحه على الألفية لابن مالك فإنه المنهل العذب الذي اغترف منه النحاة بعده.
ومن آرائه الصائبة تجويزه الاستشهاد بالحديث إذا علم أن المعني به فيه نقل الألفاظ لمقصود خاص بها كالأحاديث المنقولة في الاستدلال على فصاحته صلى الله عليه وسلم خلافا لابن خروف وابن مالك المجيزين مطلقا وابن الضائع وأبي حيان المانعين مطلقا، وقد أوفى هذا المبحث حقه في باب الاستثناء، ونقله عنه بحذافيره البغدادي في مقدمة الخزانة، توفي الشاطبي بالأندلس سنة 790هـ2.
1 ترجمته في الوافي، وفوات الوفيات، والدرر، والبغية، وحسن المحاضرة "أئمة النحو واللغة"، ونفح الطيب "الباب الخامس - القسم الأول"، والشذرات، والبدر.
2 ترجمته في "نيل الابتهاج بتطريز الديباج" ديباج ابن فرحون.
الفصل الثالث: النحو والنحاة في مصر والشام في العصرين "عصر المماليك وعصر الترك
"
مدخل
…
الفصل الثالث: النحو والنحاة في مصر والشام في العصرين "عصر المماليك وعصر الترك"
إن مصر والشام في هذه الآونة كانتا مستقلتين تخفق عليهما راية واحدة حملها المماليك الذين ولوا أمرهما بعد الأيوبيين منذ سنة 648هـ واتخذوا القاهرة قاعدة ملكهم، وكان المماليك لشعورهم بنقص أحسابهم، ولأنهم دخلاء يحاولون استكمال مهابتهم بغرس ما يثمر النفع للبلاد، ثم كان حادث بغداد موحيا إليهم جسامة العبء الملقى على كاهلهم إذ لم يبق للإسلام بلاد
ذات شوكة تعقد عليها الآمال سوى القطرين والأندلس في دور احتضارها الأخير، فناصروا اللغة العربية لأنها لغة الدين والشعب، ولم تحل جنسيتهم التركية والجركسية دون اعتمادها لسان الدولة الرسمي، وتحبيب علمائها إلى نشرها، ورفع لوائها ليستعيدوا مجد العراق في بلادهم.
وقد كان ذلك مستحكما في أدمغتهم حتى أن الظاهر بيبرس البندقداري استدعى أحد أولاد الخلفاء العباسيين الهاربين من أيدي التتر وعقد له بيعة الخلافة فألبسه تاجها بالقاهرة سنة 658هـ ولقبه المستنصر بالله، واستمد منه سلطة الملك نائبا عنه ولما خرج الخليفة على رأس جيش لمحاربة التتر فقتل، بايع الظاهر بعده عباسيا آخر هو "أبو العباس أحمد" ولقبه الحاكم بأمر الله، وهو جد الخلفاء العباسيين بمصر.
وهكذا استمرت الخلافة العباسية في القاهرة مدة ولاية المماليك للقطرين، وإن كانت صورية، فقوي بالاعتزاز بها شأنهم، واشتدت شوكتهم، فاستطاعوا مقاومة "تيمورلنك" الذي حاول بعد فتوحاته إلى سورية أن يستحوذ على القطرين فأرسل إلى السلطان "قلاوون" وكان يضطغن عليه؛ لكن الله أنقذه من شره، وتغلب عليه في موقعة "حمص" فنجا القطران من الوقوع في يده.
مضت الحقبة الطويلة التي ولي فيها المماليك القطرين، وكأن الله أراد أن يعيد إلى المسلمين فيهما بعض ما رأوه في العراق إبان مجده الزاهي، فقامت القاهرة مقام بغداد؛ وكما ورثتها في الخلافة العباسية نابت عنها في النهوض بالثقافة العلمية، فلا غرو أن القطرين كانا آنئذ ملتقى علماء المسلمين من مشارق الأرض ومغاربها.
وتوالت النهضة في القطرين إلى أن أدال الله لبني عثمان من المماليك، واستولى السلطان سليم على القطرين سنة 923هـ، فضعفت النهضة وتغيرت الحال، وعلى هذا فينبغي الكلام على النحو وعلمائه في كل عصر من العصرين على حدة لاختلاف الشأن فيها.