المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌النحو والنحاة في عصر الترك: - نشأة النحو وتاريخ أشهر النحاة

[محمد الطنطاوي]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمات:

- ‌مقدمة المحقق:

- ‌أهم مراجع الكتاب:

- ‌مقدمة المؤلف:

- ‌تمهيد:

- ‌وضع النحو وتسميته:

- ‌سبب وضع النحو:

- ‌متى وأين كان وضعه:

- ‌وضعه عربي محض:

- ‌واضعه:

- ‌تسمية النحو:

- ‌تسميته بالنحو بعد أبي الأسود:

- ‌سب التسمية بالنحو

- ‌نشأة النحو وتدرجه

- ‌مدخل

- ‌أطوار النحو الأربعة

- ‌مدخل

- ‌الأول: طور الوضع والتكوين

- ‌الثاني: طور النشوء والنمو:

- ‌الثالث: طور النضوج والكمال

- ‌كلمة في مناظرات الطورين "الثاني والثالث

- ‌مدخل

- ‌من مناظرات الطور الثاني:

- ‌من مناظرات الطور الثالث:

- ‌مشاهير البصريين والكوفيين:

- ‌طبقات البصريين السبع:

- ‌الطبقة الأولى:

- ‌الطبقة الثانية:

- ‌الطبقة الثالثة:

- ‌الطبقة الرابعة:

- ‌الطبقة الخامسة:

- ‌الطبقة السادسة:

- ‌الطبقة السابعة:

- ‌طبقات الكوفيين الخمس:

- ‌الطبقة الأولى:

- ‌الطبقة الثانية:

- ‌الطبقة الثالثة:

- ‌الطبقة الرابعة:

- ‌الطبقة الخامسة:

- ‌الاختلاف بين البصريين والكوفيين:

- ‌أسبابه:

- ‌المذهب البصري:

- ‌المذهب الكوفي:

- ‌حكمة تخصص كل من المذهبين باتجاهه:

- ‌نتائج المخالفة بين المذهبين:

- ‌سرد مسائل الخلاف بين الكوفيين والبصريين:

- ‌موازنة بين المذهبين:

- ‌أثر تلاقي الفريقين ببغداد في تنويع النزعات إلى ثلاث

- ‌مدخل

- ‌من غلبت عليه النزعة البصرية:

- ‌من غلبت عليه النزعة الكوفية:

- ‌من جمع بين النزعتين:

- ‌نحاة مصر الآخذون عن العراقيين:

- ‌نشوء المذهب البغدادي على أيدي الجامعين بين النزعتين:

- ‌الرابع: طور الترجيح "بغدادي

- ‌تشاطر الدول الإسلامية نهضة هذا العلم

- ‌انتهاء المتقدمين وابتداء المتأخرين

- ‌المطلب الأول: علم النحو وعلماؤه في عهد الدول الإسلامية المتعاصرة

- ‌مدخل

- ‌الفصل الأول: علم النحو في العراق وما يليه شرقا، وما يقرب منه غربا وعلماؤه

- ‌الفصل الثاني: علم النحو في مصر والشام وعلماؤه

- ‌الفصل الثالث: علم النحو في الأندلس والمغرب وعلماؤه

- ‌المطلب الثاني: علم النحو وعلماؤه بعد سقوط بغداد

- ‌مدخل

- ‌الفصل الأول: علم النحو في المشرق وعلماؤه

- ‌الفصل الثاني: النحو والنحاة في الأندلس والمغرب

- ‌الفصل الثالث: النحو والنحاة في مصر والشام في العصرين "عصر المماليك وعصر الترك

- ‌مدخل

- ‌النحو والنحاة في عصر المماليك:

- ‌النحو والنحاة في عصر الترك:

- ‌كلمة الختام:

- ‌فهرس الكتاب:

الفصل: ‌النحو والنحاة في عصر الترك:

‌النحو والنحاة في عصر الترك:

حان حين دولة المماليك فقضت عليها دولة بني عثمان على يد السلطان سليم الذي فتح بلاد القطرين عنوة بعد قتل السلطان "قانصوه الغوري" فدخل القاهرة عاصمة القطرين سنة 923هـ، وجد في طلب "طومان باي" آخر المماليك، ثم صلبه عند "بوابة زويلة" فتم القضاء على المماليك، وأسر الخليفة العباسي "المتوكل على الله" الذي ما انفك سجينا في الآستانة حتى تنازل عن الخلافة للسلطان "سليمان القانوني" بعد توليه.

وبذلك انتهى عصر المماليك وبدأ العصر التركي في القطرين، فانتقلت الخلافة من العباسيين إلى العثمانيين، ومن القاهرة إلى "الآستانة" عاصمة المملكة التركية فاندمج القطران في البلاد التابعة للترك وامحى استقلالهما، واضطرب حبل الهدوء والأمن فيهما، وانتكث فتلهما المبرم ثلاثة قرون، فلا استقلال ولا خلافة، ولا استقرار نظام، وتفشت فيهما أوبئة الضعف من كل النواحي.

وكان من هذا أن فرضت اللغة التركية على البلاد، فركدت ريح هذا العلم وانحط شأنه بين الناس، فقل نتاج العلماء فيه، وكان أغلب مؤلفاتهم تلخيص مطولات أو حواشي على الشروح، فلو تقريت مؤلفات النحاة في القطرين لم تقع عيناك إلا على الحواشي المترادفة على الشروح، وناهيك بحواشي شروح "متون ابن مالك" وحواشي شروح "متون ابن هشام".

وقد امتدت تلك الخطة إلى المشرق، فتوالت الحواشي على شروح "كافية ابن الحاجب" ولا سيما "الفوائد الضيائية للجامي" فقد جاوز الأمر فيها حده فكتبت على حواشيها حواش أخرى، وإن الثبت أمامك في كشف

ص: 233

الظنون والفهارس العامة، فستقف منه على ما لا يدور بخلدك من كثرة الحواشي كثرة تفضي إلى الاستغراب والدهش، وسترى عين اليقين الدليل ماثلا في يدك عند سرد علماء هذا العصر مع ذكر مؤلفاتهم فإنك واجد أنها حواش على شروح السابقين، وهذه الحواشي على البسط فيها مشوبة بالنقول المضطربة المتخالفة، ولعل ذلك منشؤه عدم السهولة في الوصول للمراجع المسند إليها النقول، ومليئة بالاعتراضات والردود عليها ثم الردود على الردود.

هذا كله مع كثرة التعقيد والالتواء في العبارات والتهافت عليها دون الغرض الحقيقي من النحو، ومع كثرة حشوها بالمصطلحات الأخرى من الفنون عربية وعقلية، ومن التعلق بالاستطرد لأوهى الأسباب وعدم ملاحظة من وضع لمستواهم الكتاب، ففي حواشي كتب المبتدئين كالكفراوي والأزهرية والقطر من المسائل ما لا يهضمها إلا من قد تزود من هذا العلم.

وقد ترتب على هذا أن نفر بعض الطلبة الذين لم يتحلوا بفضيلة الجلد والصبر حين صدموا في مطلع حياتهم العلمية بهذه الكتب وعيوا بأمرها، وانطمست عليهم مسالكها، لكنه حرص العلماء على صالح العلم دون انتباه إلى ما سواه.

والخلاصة أن النهضة التأليفية في هذا العهد الغاشم إن صح لنا اعتبارها كانت في الحواشي، ولم تمنع هذه الحال العامة في التصنيف أن يظهر بين الفينة والفينة بعض أفراد لا تنطبق عليهم أحكام هذا العصر، غير أنهم تقسمتهم الأزمنة المتطاولة جدا، فأجادوا في التصنيف ترتيبا وتقريبا، وإن لم تكن لهم آثار من ناحية ابتداع وتجديد، إذ كان غرضهم الأول إنما هو فهم أو تفهيم عبارات السابقين إذا كانت مغلقة وبسطها إن كانت موجزة فقدموا بعملهم هذا صنعا جميلا، وكانوا منحا في أيام كلها محن، كابن قاسم، والشنواني، والدنوشري، ويس، والحفني، والصبان، ولقد تغالى العلماء بعد هؤلاء وكتبوا تقارير على الحواشي، كتقارير الأنبابي المعروفة.

ص: 234

والواقع أن هذه السلسلة في التأليف الواحد ينوء بحملها الطالب عندما ينتقل نظره مرات مترادفة من متن إلى شرح إلى حاشية إلى تقرير، وإذا ضم إلى هذا ما قلما تسلم منه هذه الخطوات في عرض التفسير والإيضاح من انتقادات شائكة إما على ضعف العبارة أو خطأ الفكرة أو مجانفة الاصطلاح الفني أو غلط الرواية المعزوة، إلى غير ذلك، تضاعف الصوارف التي تصرف الذهن عن لب المقصود إلى القشور اللفظية والفلسفة التأليفية.

وليس بخاف أن هذا اللون من التأليف وعر المسلك على المؤلف ويقتضيه مجهودا جبارا يبذله في الوئام بين العلم وبين الكتاب الذي يعلق عليه، فالفرق جلي بين من ينظر إلى العلم للعلم يدون فيه الفكرة الناضجة متوخيا في تصويرها أسلوبه المفطور عليه غير ملتزم محاذاة مؤلف آخر ربما كان متعسفا في منهجه أو متنكبا جادة الصواب أو مشتت المادة، وما إلى ذلك، وبين من ينظر إلى العلم لبيان دواخل الكتاب الذي يعلق عليه باذلا همه في توجيه المراد من العبارة، أو تكميل نقص فيها، أو تمشيها مع عبارة لكتاب آخر، وأمثال هذا مما لم يحل العلم منه بطائل.

فهذه المؤلفات النحوية المتراكمة التي يخطئها العدو التي لم يقيض لفن آخر غير النحو مثلها، لو أنها كلها أو معظمها تفردت في طرقها وتوحدت في هدفها وقل منها القيل والقال وأصاب فلان وأخطأ علان واعتمدت في الخلافات النحوية على الأساليب العربية لا غير، لو كان هذا لأضفت هذه المؤلفات على النحو حلل البهجة والرواء.

نعم، لا نستطيع أن ننكر أن هذا الأسلوب من التأليف يربي فضيلة البحث والتمحيص في الطالب ويكون فيه حلية الاعتماد على النفس ويعوده دقة الملاحظة. إلا أنه يفوت عليه العناية بتعرف أطراف المسألة وتكوين صورة لها متضامة الأجزاء وفي ذلك نوع من التضييع للفائدة المنشودة، فإن لم يكن الطالب لقنا حاضر البديهة قوي النظر فربما أذهب عليه اللاحق من التعليقات السابق، وانتهى من حيث ابتدأ، وثمة تدهش كثيرا من الطالب

ص: 235

القارئ معظم كتب النحاة المتزود بما فيها من الأقاويل المستظهر للآراء في الأوابد من المسائل النحوية حينما تعرض عليه النصوص العربية، فلست بواحد منه خبرة في التطبيق على معلوماته المكنوزة عنده وذلك الداء العقام والمرض العياء.

ومن المعروف أن الشعور بالنقص مبدأ الكمال، ومن ابتغى العرفان سما إليه وإن طال السفر، وإن هذه المحاولات الثقافية منذ انقضاء العصر التركي سنة 1220هـ، في سبيل استعادة النهضة العربية المكللة بالنجاح إن شاء الله تعالى، لأن الثروة العلمية المخلفة لعصرنا الحاضر إنما تتطلب منا تثميرها، والانتفاع بها موكول للرشد وحسن القوام، ودراسة النحو الآن -فيما نعتقد ويصدقه الواقع- يسرته على طالبيه وأدنته إلى راغبيه.

ولو أنه تهيأ للأزهر الشريف، وهو ينبوع الدين واللغة تلك الأعصر الغابرة أن يسترد نهضته مرة أخرى ويعيدها جذعة لكانت له الأخرى كما كانت له الأولى، أبقاه الله للغة والدين معقلا، ووقاه كيد الشانئين.

ودونك أعلام هذا العهد مرتبين بحسب سني وفياتهم.

1-

ابن قاسم العبادي: هو أحمد شهاب الدين الصباغ، أخذ عن ناصر الدين اللقاني وغيره ثم اشتهر بالتحقيق، وله مصنفات في مختلف الفنون غاية في الدقة، منها في النحو حاشية على شرح ابن الناظم، توفي بالمدينة المنورة عائدا من الحج سنة 994هـ1.

2-

الشنواني: هو أبو بكر شهاب الدين، ولد بشنوان "من المنوفية" وتلقى بالأزهر عن ابن قاسم العبادي وغيره مع شغف بالاطلاع ورغبة في حفظ الشعر وميل لتتبع مذاهب النحاة وشواهدهم، ومن مؤلفاته النحوية حاشية "قطر الندى وبل الصدى" لابن هشام وحاشية على شرح القطر للفاكهي سماها "هداية مجيب النداء إلى شرح قطر الندى وبل الصدى"

1 ترجمته في شذرات الذهب.

ص: 236

وحاشية على شرح خالد لقواعد الإعراب لابن هشام سماها "هداية أولى الألباب إلى موصل الطلاب إلى قواعد الإعراب"، توفي بالقاهرة سنة 1019هـ1.

3-

الدنوشري: هو عبد الله بن عبد الرحمن أصله من دنوشر "قرية قريبة من المحلة الكبرى" ولد بالقاهرة وتلقى عن الشمس الرملي ومحمد العلقمي وابن قاسم العبادي وغيرهم، ثم ارتحل إلى بلاد الروم وأقام فيها مدة ثم عاد إلى القاهرة وانتفع الناس به في الأزهر وصنف كتبا قيمة في النحو منها "حاشية" على التصريح، وكان يقول النظم وأكثر شعره في مسائل نحوية وهي مسرودة في كتب النحو بكثرة توفي بالقاهرة سنة 1025هـ2.

4-

يس: هو يس بن زين الدين ولد بحمص وارتحل مع أبيه إلى مصر، فتلقى عن الشهاب الغنيمي والدنوشوي وغيرهما، ثم برع في علوم متنوعة وألف فيها، ومن مصنفاته النحوية حاشية "قطر الندى وبل الصدى" لابن هشام، وحاشية "مجيب الندا إلى شرح قطر الندى وبل الصدى" للفاكهي، وحاشية "التصريح" لخالد، توفي بالقاهرة سنة 1061هـ3.

5-

الحفني: هو يوسف بن سالم ولد بحفنا "قرية بجوار بلبيس" وتلقى بالأزهر عن مشايخ عصره وعنه أخيه محمد، ثم نبغ واشتهر بالأدب والشعر، ومن أبدع مصنفاته النحوية "حاشية" على شرح الأشموني تنافس فيها الفضلاء ولكن الصبان تتبعها في حاشيته هو على الأشموني وفند كثيرا منها، توفي سنة 1178هـ4.

6-

الصبان: هو أبو العرفان محمد بن علي، ولد بالقاهرة ونشأ فقيرا متواكلا مستجديا الخلق مع العفة، ولم ينشب أن حفظ القرآن والمتون واجتهد في طلب العلوم وحضر على أشياخ العصر كالمدابغي والبليدي

1 ترجمته في خلاصة الأثر.

2 ترجمته في خلاصة الأثر.

3 ترجمته في خلاصة الأثر.

4 ترجمته في الجبرتي.

ص: 237

والأجهوري والعدوي، فنبغ في العلوم عقليها ونقليها، ودرس الكتب القيمة في حياة أشياخه، واعترف العلماء بفضله في مصر والشام فالتف حوله الخلائق الكثيرون، وصنف مؤلفات في مختلف العلوم، ومن أشهرها في النحو "حاشيته" على الأشموني التي سارت بها الركبان، فاحتفى بها العلماء وعلقوا عليها تقارير كالأنبابي والحامدي والرفاعي، وتلك كلمة خاصة بها:

حاشية الصبان:

رسم الصبان في مقدمة الحاشية الخطة التي سيتبعها فيها وأنها تقوم على ثلاثة عناصر: تلخيصه زبدة ما كتبه السابقون قبله على شرح الأشموني، وتنبيهه على ما وقع لهم من أسقام الأفهام، وتعليقه مما فتح به الله عليه فاهتدى إليه، كما رسم اصطلاحا خاصا في الإشارة إلى أسماء السابقين ومنهم الحفني الذي التزم التعبير عن اسمه بلفظ "البعض".

- أما العنصر الأول فالصبان فيه مواتٍ موفق.

- وأما العنصر الثاني فإنه فيه عادل رائده تبيان الحقيقة العلمية مع غير الحفني، فإنه تحامل على الحفني في شدة وعنف لا سجاجة معهما، وأسرف في التشهير به متجاوز العرف التقليدي في رد العلماء بعضهم على بعض حتى في الهنات الهينات، ولهذا كثر ما تندر به وبكتابته، ولو أردنا إحصاء لما وافق فيه الصبان الحفني، ولما خالف فيه لتبين لنا موافقته له في النزر اليسير مما لم يستطع الصبان فيه مجابهة الصحيح المسلم به، وهاك عشرة أمثلة للنوعين: ما وافق فيه الصبان وما خالف فيه على ترتيب الكتاب، مع ذكر العبارات النابية من الصبان فيما خالف فيه:

مما وافق فيه الصبان الحفني:

1-

ما كتبه في باب "النداء" على قول الأشموني "والمثنى والمجموع" في شرح قول الناظم: "وابن المعرف المنادى المفردا إلخ".

2-

ما كتبه في باب "ما لا ينصرف" على قول الأشموني: "ما فيه من

ص: 238

الصيغة إلخ" في شرح قول الناظم: "وإن به سمي أو بما لحق إلخ".

3-

ما كتبه في باب "ما لا ينصرف" على قوله "لضعف سبب البناء إلخ" في شرح قول الناظم: "والعدل والتعريف مانعا سحر إلخ".

4-

ما كتبه في باب "إعراب الفعل" على قوله: "وبمعنى ما تأتيا فأنت تحدثنا" في شرح قول الناظم: "وبعد فا جواب نفي أو طلب إلخ".

5-

ما كتبه في باب "لو" على قوله "إذ لو قدر حصوله" في شرح قول الناظم: "لو حرف شرط في مضي إلخ".

مما خالف فيه:

1-

ما كتبه في باب "ما لا ينصرف" على قول الأشموني: "يعني ما كان من الجمع إلخ" في شرح قول الناظم: "وذا اعتلال منه كالجواري إلخ"، ثم قال معلقا:"ولغفلة البعض إلخ".

2-

ما كتبه في باب "ما لا ينصرف" على قول الأشموني: "وذكر الأخفش إلخ" في شرح قول الناظم: "ولسراويل بهذا الجمع إلخ"، ثم قال معلقا ما نصه:"وأن تبجحه هنا مما لا ينبغي على من لولاه ما راح ولا جاء لم يتم، نسأل الله العافية إلخ".

3-

ما كتبه في باب "إعراب الفعل" على قوله: "ولا يطرد إلا بتجوز وتكلف" في شرح قول الناظم "وبعد غير النفي جزما إلخ"، ثم قال معلقا ما لفظه:"ولقد ظهر لك إن كان عندك أدنى تنبه أنه لم يخطئ إلا ابن أخت خالته".

4-

ما كتب في باب "العدد" على قوله: "وإن ترد بالوصف المذكور إلخ" في شرح قول الناظم: "وإن ترد بعض الذي منه بني إلخ"، ثم قال معلقا "وللبعض هنا كلام حقيقي بالطرح".

5-

ما كتب في باب "التصريف" على قوله: "من الحواية" في شرح قول الناظم: "كذاك همز آخر بعد ألف إلخ"، ثم قال معقبا ما حروفه

ص: 239

"وقول البعض بفتح الحاء لا يعتمد عليه وحده، لكثرة تساهله كما لا يخفى على ممارس حاشيتنا" وما كنت أبغي تسطير هذا التعقيب اللاذع فيما خالف فيه الصبان لكنه مسطور في الحاشية، وليس على الراوي تبعه، وستقف على ما تعرف منه أن الصبان كان متجنيا في بعض الأحيان.

وأما العنصر الثالث: فالصبان فيه بحق السابق المجلي في الكثير، إذ لم يسلم في القليل من التثريب واللوم في أمور تتصل بالناحية العلمية، وبالاستطراد إلى غير النحو، وبالخطأ في شرح الشواهد- وسأذكر عن كل من الثلاثة كلمة خاصة به غير مسترسل في التفصيل.

التعقيب عليه في أمور ثلاثة:

الأمر الأول: وقعت منه مسائل: منها عدم معرفته اصطلاح المذهب الكوفي في تسميته "المنصرف" بالمجرى "وغير المنصرف" بغير المجرى وذلك أنه كتب على قول الأشموني في بيان مذهب الفراء "الأمثلة التي تكون للأسماء والأفعال إن غلبت للأفعال فلا تجره في المعرفة إلخ" في شرح قول الناظم: "كذلك ذو وزن يخص الفعلا إلخ". إن المنفي هو الجر بالكسرة معتقدا أن الفعل "تجره" مفتوح التاء، والواقع أنه مضمومها، والمنفي هو الصرف.

الأمر الثاني: من أمثلته الظاهرة ما كتبه في باب عطف النسق عند الكلام على "أم" فقد سطر قوله ضافية فيما تستعار له الهمزة، ثم انجر الحديث إلى غيرها من الأدوات.

الأمر الثالث: وهو خليق بالعناية لأن شواهد الأشموني مستفيضة في الأبواب كلها، والصبان كثير الحدس والتخمين فيها، فقد يفسر البيت بما يبدو له دون تنقيب عن أصله، وقد يقف دون بيانه معتذرا، وقد يردد الاحتمالات التي يستغرب التعرض لها ودونك مقدارا كنموذج للباقي على ترتيب الكتاب:

1-

في باب "المعرب والمبني" مبحث المثنى شرح قول الفرزدق:

ص: 240

كلاهما حين جد الجري بينهما

قد أقلعا وكلا أنفيهما رابي

بما يفيد أنه في وصف فرسين، والحقيقة أنه للتندر في ابنة جرير وبعلها.

2-

في باب "كان وأخواتها" مبحث الأفعال الموافقة "صار" معنى وعملا، ومنها "آض" شرح قول فرعان بن الأعرف:

وبالمخض حتى آض جعدا عنطنطا

إذا قام ساوى غارب الفحل غاربه

بما يفيد أنه في وصف بعير، والحقيقة أنه في وصف "منازل" ابن الشاعر كما في الحماسة "باب الهجاء".

3-

في باب "المفعول المطلق" مبحث ما حذف عامله وجوبا وكان مفيدا التشبيه، شرح قول أبي كبير الهذلي:

ما إن يمس الأرض إلا منكب

منه وحرف الساق طي المحمل

بما يفيد أنه في وصف فرس، والواقع أنه وصف ربيب الشاعر "تأبط شرا".

4-

في باب "أبنية المصادر" مبحث ورود المصدر بزنة اسم المفعول كتب على قول الراعي:

لم يتركوا لعظامه لحما

ولا لفؤاده معقولا

ما يؤخذ منه عدم الاطلاع على أصل البيت، فظن أنه كامل مخمس شذوذا، وتبعة الخطأ على الأشموني، وقد نبهنا على ذلك في ترجمته.

5-

في باب "عطف النسق" مبحث تقدم المعطوف شرح بيتي ذي الرمة المذكورين سابقا على شواهد الأشموني التي طرأ عليها التغيير، مع التهافت في الرد على بعض في فهمه، وخفيت معالم الحقيقة في غبار النقاش.

6-

في باب "أسماء الأفعال" مبحث "رويد" كتب على قول الهذلي:

ص: 241

رويد عليا جد ماثدي أمهم

إلينا ولكن بغضهم متماين

ما نصه "لم أر من تكلم على هذا البيت" مع أن البيت من شواهد سيبويه جـ1، ص124، ومن شواهد المفصل في الجزء الرابع ص40.

7-

في باب "ما لا ينصرف" منتهى الجموع شرح قول ابن ميادة:

يحدو ثماني مولعا بلقاحها

حتى هممن بزيغة الإرتاج

بما يفيد أن النياق طربت من الحداء، والحقيقة أن البيت في وصف حمار اشتد شبقه على الأتن.

8-

في باب "النسب"مبحث المركب الإضافى شرح قول ذي الرمة:

ويسقط بينها المرئي لغوا

كما ألغيت في الدية الحوارا

بما يضحك بعد تغيير الشطر الثاني من البيت بما لا قرابة بينه وبين الأول والواقع أن البيت لجرير من أبيات أسعف بها ذا الرمة في ذمة المرئي.

كما في الأمالي للقالي جـ2 ص141، والأغاني الجزء السادس عشر "ساسي".

وما قدمناه من الشواهد فإنه قليل من كثير، ويضم إليها الشواهد التي عقبنا على الأشموني فيها، فإن التحري على سلامتها من مستلزمات الكتابة عليها.

وصفوة المقال أن حاشية الصبان مفيدة علميا فحسب، ولا يعتمد عليها في شواهد النحو، نعم وكانت الإفادة العلمية أقوى وأقوم لو صرف الصبان النظر عن تتبع عثرات الحفني، فإن النقاش يغيب في عجاجه الأبيض الأزهر، ورحمة الله على الجميع، وقد بسط الجبرتي ترجمة الصبان في الجزء الثاني من تاريخه، توفي وصلي عليه بالأزهر في حفل مهيب سنة 1206هـ.

ص: 242