المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفصل الثاني: النحو والنحاة في الأندلس والمغرب - نشأة النحو وتاريخ أشهر النحاة

[محمد الطنطاوي]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمات:

- ‌مقدمة المحقق:

- ‌أهم مراجع الكتاب:

- ‌مقدمة المؤلف:

- ‌تمهيد:

- ‌وضع النحو وتسميته:

- ‌سبب وضع النحو:

- ‌متى وأين كان وضعه:

- ‌وضعه عربي محض:

- ‌واضعه:

- ‌تسمية النحو:

- ‌تسميته بالنحو بعد أبي الأسود:

- ‌سب التسمية بالنحو

- ‌نشأة النحو وتدرجه

- ‌مدخل

- ‌أطوار النحو الأربعة

- ‌مدخل

- ‌الأول: طور الوضع والتكوين

- ‌الثاني: طور النشوء والنمو:

- ‌الثالث: طور النضوج والكمال

- ‌كلمة في مناظرات الطورين "الثاني والثالث

- ‌مدخل

- ‌من مناظرات الطور الثاني:

- ‌من مناظرات الطور الثالث:

- ‌مشاهير البصريين والكوفيين:

- ‌طبقات البصريين السبع:

- ‌الطبقة الأولى:

- ‌الطبقة الثانية:

- ‌الطبقة الثالثة:

- ‌الطبقة الرابعة:

- ‌الطبقة الخامسة:

- ‌الطبقة السادسة:

- ‌الطبقة السابعة:

- ‌طبقات الكوفيين الخمس:

- ‌الطبقة الأولى:

- ‌الطبقة الثانية:

- ‌الطبقة الثالثة:

- ‌الطبقة الرابعة:

- ‌الطبقة الخامسة:

- ‌الاختلاف بين البصريين والكوفيين:

- ‌أسبابه:

- ‌المذهب البصري:

- ‌المذهب الكوفي:

- ‌حكمة تخصص كل من المذهبين باتجاهه:

- ‌نتائج المخالفة بين المذهبين:

- ‌سرد مسائل الخلاف بين الكوفيين والبصريين:

- ‌موازنة بين المذهبين:

- ‌أثر تلاقي الفريقين ببغداد في تنويع النزعات إلى ثلاث

- ‌مدخل

- ‌من غلبت عليه النزعة البصرية:

- ‌من غلبت عليه النزعة الكوفية:

- ‌من جمع بين النزعتين:

- ‌نحاة مصر الآخذون عن العراقيين:

- ‌نشوء المذهب البغدادي على أيدي الجامعين بين النزعتين:

- ‌الرابع: طور الترجيح "بغدادي

- ‌تشاطر الدول الإسلامية نهضة هذا العلم

- ‌انتهاء المتقدمين وابتداء المتأخرين

- ‌المطلب الأول: علم النحو وعلماؤه في عهد الدول الإسلامية المتعاصرة

- ‌مدخل

- ‌الفصل الأول: علم النحو في العراق وما يليه شرقا، وما يقرب منه غربا وعلماؤه

- ‌الفصل الثاني: علم النحو في مصر والشام وعلماؤه

- ‌الفصل الثالث: علم النحو في الأندلس والمغرب وعلماؤه

- ‌المطلب الثاني: علم النحو وعلماؤه بعد سقوط بغداد

- ‌مدخل

- ‌الفصل الأول: علم النحو في المشرق وعلماؤه

- ‌الفصل الثاني: النحو والنحاة في الأندلس والمغرب

- ‌الفصل الثالث: النحو والنحاة في مصر والشام في العصرين "عصر المماليك وعصر الترك

- ‌مدخل

- ‌النحو والنحاة في عصر المماليك:

- ‌النحو والنحاة في عصر الترك:

- ‌كلمة الختام:

- ‌فهرس الكتاب:

الفصل: ‌الفصل الثاني: النحو والنحاة في الأندلس والمغرب

‌الفصل الثاني: النحو والنحاة في الأندلس والمغرب

إن بلاد الأندلس والمغرب في هذا الحين قد كثر فيهما علماء النحو الذين دوَّى ذكرهم في كتبه، لأنهم نشئوا بعد نضوجه واستكمال مذهبهم الخاص الذي تقدم شرحه وبعض مسائل منه، وقد خدموا هذا العلم بمصنفاتهم التي أعاضت النحو معظم ما فقده من كارثة بغداد الصماء لتوافر رغبتهم فيه وقدسية منزلته في نفوسهم، بل إن منهم من وقف بحثه ونشاطه عليه كابن عصفور وابن الضائع وغيرهما، فاكتسب النحو منهم قوة ساعدته على استطالة عمره بعد عوامل الفناء التي أصابته بإبادة كثير من كتبه وبفترة الخمول التي خيمت على علمائه من أعاصير اضطرابات المشرق وما تولد عنها مدة طويلة.

ولقد سبق لك أن النحو أوفى على الغاية في هذه البلاد هذا العصر "القرن السابع"، وكان عندهم شارة النبغ والفوق، وأن عنوان عرفانه وسمة الرسوخ فيه استظهار كتاب سيبويه، لأن له المكانة السُّمْيا عندهم، فمن لم يشتهر به فعلمه مطروح مهما حصل، ولذا كانوا يقولون عن أحمد بن عبد النور النحوي المعروف المتوفى سنة 702هـ، إنه لا يعرف شيئا، ولا دهشة من هذا الحال عندهم لأن النهضة الأندلسية في النحو هبت مصاحبة الكتاب عندهم، فللكتاب اليد الطولي في كونها وإنمائها والابقاء عليها، ولها فضل إكبارهم منزلة الكتاب عندهم والاحتفاظ به كأنفس ذخيرة لديهم. هذا؛ وعند الاعتبار والتبصر يجب أن يدرك أن ذلك إيذان بأفول نجمه من هذه البلاد، وهذا ما حدث فإنه ما تم أمر إلا بدا في النقصان، فقد اتفق أن شب ضرام الاضطرابات في البلاد وقد استولى على ملك الأندلس بنو الأحمر الذين يؤثرون الأدب على النحو والناس على دين ملوكهم، فدعا ذانك الأمران علماء النحو في البلاد إلى الاستشراف إلى القطرين "مصر والشام" وصاروا ينزحون إليهما زرافات ووحدانا إلى أن بلغ الشر أناه، وتفرق ملوك بني الأحمر شيعا

ص: 205

واستعدى بعضهم على بعض ملوك الإفرنج فقضوا عليهم القضاء الأخير في حادث تقشعر منه الجلود وسقطت آخرة حواضر الأندلس "غرناطة" على يد فرديناند سنة 897هـ، ونكل الإفرنجة بالمسلمين، ومثلوا بتراثهم العلمي في غرناطة الصورة الكريهة التي ارتكبها المغول في بغداد "وما أشبه الليلة بالبارحة" ففر جل من بقي من العلماء إلى القطرين كما سبق.

وفي الحق أنه لولا العلماء الذين جلوا إلى القطرين من بلاد المغرب ومعهم أغلب مؤلفاتهم لفات العالم العربي من هذا العلم قسط كبير، وهاك بعض المشهورين منهم مرتبين باعتبار سني وفياتهم:

1-

الأندلسي: هو أبو محمد القاسم علم الدين اللورقي بن أحمد، ولد بمرسية وتردد إلى بلنسية، وفيهما أخذ النحو عن ابن شريك وابن نوح وغيرهما ولقي الجزولي، وورد مصر، ثم اتجه إلى دمشق فسمع من تاج الدين الكندري كتاب سيبويه وغيره، ودفعه طموحه إلى علماء بغداد فجلس في حلقة أبي البقاء العكبري، وعاد إلى حلب واستوطن الشام، والتف الناس حوله ينهلون من معارفه إذ كان موطأ الأكناف حسن البزة، كما انتفعوا بمؤلفاته الكثيرة، منها في النحو: شرح مقدمة الجزولي، وشرح المفصل، توفي بدمشق سنة 661هـ1.

2-

ابن عصفور: هو أبو الحسن علي بن مؤمن الإشبيلي، أخذ عن الدباج والشلوبيني، وكان أصبر الناس على المطالعة، بيد أنه وقف عنايته على النحو فما لبث أن توحد بحمل راية النحو في بلاد الأندلس التي تجول فيها كثيرا، وحدثت جفوة بينه وبين الشلوبيني، وله مصنفات منها: المقرب وشرحه لم يتم، ومختصر المحتسب لابن جني، وثلاثة شروح على الجمل الكبيرة للزجاجي، كان رقيق الدين، جلس آخر حياته في مجلس شراب رمي

1 ترجمته في معجم الأدباء ونفح الطيب القسم الأول الباب الخامس، وبغية الوعاة.

ص: 206

بالنارنج إلى أن مات سنة 663هـ1.

3-

ابن مالك: هو أبو عبد الله محمد جمال الدين بن عبد الله الطائي، ولد بجيان "بلد بالأندلس" وسمع من الشلوبيني أياما، ثم ورد المشرق حاجا، ثم استوطن الشام فسمع بدمشق من السخاوي، وبحلب من ابن يعيش الحلبي، ثم تصدر لإقراء العربية في حلب مدة فدمشق التي توطنها، فأتى بما أعجز الأوائل لقوة حافظته، فكان يستشهد بالقرآن، فإن لم يجد فالسنة، فإن لم يجد فأشعار العرب التي كان في استذكارها نسيج وحده، وصنف مؤلفات نظما ونثرا تشهد له بالتفوق على من تقدم، وجمع بعضهم أكثرها في نظم ذكره السيوطي في البغية، ولنقتصر هنا على النحوية، فمن النظم "الكافية الشافية" استوعب فيها كل ما سمعه وشرحها و"الألفية" وهي ملخص الكافية طبقت شهرتها الآفاق، وترجمت إلى لغات، وعليها شروح كثيرة استقرأها كشف الظنون، ومن شروحها شرح ابن الناظم، وشرح المرادي، وشرح ابن عقيل، وشرح الأشموني، وسنذكر عنهما نبذة عند الكلام على ترجمة مؤلفيها، ومن النثر "الفوائد" و"تسهيل الفوائد وتكميل المقاصد"، ولا غرو أن طلاب اللغة العربية مدينون لهذا الإمام الذي أسدى هذه الذخائر، فما أحراه بكتاب منفرد، فيه التعريف بحياته ومؤلفاته وما فيها بالتفصيل، نعم إن المحسن لا يضيع عمله عند الله فقد جعل الله لابن مالك لسان صدق فيمن بعده، فمؤلفاته وأقواله تناقلتها العلماء في كتبهم مشارقة ومغاربة، فالرضي القريب منه زمنا وهو من المشارقة نقل عنه في شرحه الكثير من مقاله، والمغاربة ومن في القطرين اتبعوه واعتمدوا عليه فكان قطب دائرتهم.

هذا؛ والغريب من ابن خلكان الذي كان يشيعه إلى بيته بعد صلاة كل يوم تعظيما له ألا يترجم له في وفيات الأعيان، توفي رحمه الله بدمشق سنة 672هـ.

1 ترجمته في فوات الوفيات، وبغية الوعاة، وشذرات الذهب.

ص: 207

4-

ابن الضائع: هو أبو الحسن علي بن محمد الإشبيلي الكتامي، لازم الشلوبيني وأخذ عنه كتاب سيبويه بين قراءة وسماع، ثم فاق أترابه وأبدع في التصنيف، له شرح على سيبويه جمع فيه بين شرحي السيرافي وابن خروف مع الاختصار الحسن، وله مشكلات عجيبة أبداها في كتاب سيبويه سبق الإلماع إليها في الكلام على علم النحو وعلمائه في الأندلس والمغرب في المطلب الأول، وشرح على الجمل الكبيرة للزجاجي، وكان لا يعتمد في الاستشهاد على الحديث مخالفا سنة ابن خروف في التعويل عليه، توفي سنة 680هـ.

5-

ابن أبي الربيع: هو أبو الحسين عبيد الله بن أحمد الإشبيلي، تلقى عن الدباج والشلوبيني ولم يكن في طلبة الشلوبيني أنجب منه، ثم هاجر من إشبيلية بعد استيلاء الإفرنجة عليها إلى سبتة وتوطنها، ووقعت مناظرة بينه وبين مالك بن المرحل هل يقال:"كان ماذا؟ " ونتج عنها مهاجاة بينهما مقذعة نال فيها ابن الربيع من ابن المرحل وصنف مؤلفا خاصا بمنعها، ولذا قال مالك:

عاب قوم كان ماذا

ليت شعري لما هذا

وإذا عابوه جهلا

دون علم كان ماذا1

ومن مؤلفات ابن أبي الربيع النحوية شرح سيبويه، وشرح الجمل للزجاجي، وقد رأيت في حاشية الشمني على المغني الباب الأول مبحث "لكن" أن كتاب "البسيط" من مؤلفاته مع أني لم أطلع على هذا الكتاب ضمن مؤلفاته في ترجمته، ومع أن ابن عقيل عند قول الناظم:

وفعل امر ومضى بنيا

وأعربوا مضارعا إن عريا

قال: "ونقل ضياء الدين بن العلج في البسييط" وتابعه على ذلك

1 ذكرت المناظرة في ترجمة مالك: في نفح الطيب "الباب السابع" من القسم الأول: وبغية الوعاة، وشرح درة الغواص في الوهم 35.

ص: 208

السيوطي في فهرس بغية الوعاة "باب الكنى والألقاب والأسماء والإضافات" عند حرف الباء ونصه: "صاحب البسيط ضياء الدين بن العلج أكثر أبو حيان وأتباعه من النقل عنه ولم أقف له على ترجمة"، والله أعلم بالحقيقة، توفي سنة 688هـ.

6-

ابن آجروم: هو أبو عبد الله محمد بن محمد الصنهاجي "نسبة إلى صنهاجة قبيلة بالمغرب" المشهور بابن آجروم "الفقير الصوفي" بلغة البربر، ولد بفاس وذاع فضله في علوم كثيرة إلا أنه غلبت عليه القراءات والنحو ولم يؤثر عنه في النحو إلا مقدمته التي طبقت شهرتها الآفاق وترجمت إلى عدة لغات وتناولها بالتعليق عليها كثير من الأعلام، ومن أشهر شروحها بين أيدينا شرح الشيخ حسن الكفراوي المتوفى سنة 1202هـ، قال السيوطي في بغية الوعاة:"وهنا شيء آخر وهو أنا استفدنا من مقدمته أنه كان على مذهب الكوفيين في الجو لأنه عبر بالخفض وهو عبارتهم، وقال: الأمر مجزوم وهو ظاهر في أنه معرب وهو رأيهم، وذكر في الجوازم كيفما والجزم بها رأيهم، وأنكره البصريون فتفطن" توفى بفاس سنة 723هـ1.

7-

أبو حيان: هو محمد أثير الدين بن يوسف الغرناطي، ولد بمطخارش "من ضواحي غرناطة" وتلقى عن كثير منهم ابن الضائع ودرس بين ظهرانيهم، ثم هاجر وضرب في مغارب الأرض ومشارقها وأخذ عن كثير ممن لقيه، ثم انتهى به المطاف إلى القاهرة فأخذ عن ابن النحاس، وتصدر في الجامع الأقمر وصنف كثيرا، فمن مؤلفاته النحوية:"التذييل والتكميل في شرح التسهيل" وملخصه "ارتشاف الضرب من لسان العرب"، وكان على مذهب ابن الضائع في منع الاستشهاد بالحديث، لذا رد على ابن مالك في شرحه على التسهيل بكلام مسهب، توفي رحمه الله بالقاهرة سنة

1 ترجمته في الضوء اللامع، وبغية الوعاء، وشذرات الذهب.

ص: 209