المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[باب خصائص النبي صلى الله عليه وسلم في النكاح وغيره] - التلخيص الحبير - ط قرطبة - جـ ٣

[ابن حجر العسقلاني]

فهرس الكتاب

- ‌[كِتَابُ الْبُيُوعِ] [

- ‌بَابُ مَا يَصِحُّ بِهِ الْبَيْعُ]

- ‌[بَابُ الرِّبَا]

- ‌[بَابُ الْبُيُوعِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا]

- ‌[بَابُ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ]

- ‌[بَابُ خِيَارِ الْمَجْلِسِ وَالشَّرْطِ]

- ‌[بَابُ الْمُصَرَّاةِ وَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ]

- ‌[بَابُ الْقَبْضِ وَأَحْكَامِهِ]

- ‌[بَابُ بَيْع الْأُصُولِ وَالثِّمَارِ]

- ‌[بَابُ مُعَامَلَةِ الْعَبِيدِ]

- ‌[بَابُ اخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ]

- ‌[بَابُ السَّلَمِ]

- ‌[بَابُ الْقَرْضِ]

- ‌[كِتَابُ الرَّهْنِ]

- ‌[كِتَابُ التَّفْلِيسِ]

- ‌[كِتَابُ الْحَجْرِ]

- ‌[كِتَابُ الصُّلْحِ]

- ‌[كِتَابُ الْحَوَالَةِ]

- ‌[كِتَابُ الضَّمَانِ]

- ‌[كِتَابُ الشَّرِكَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْوَكَالَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْإِقْرَارِ]

- ‌[كِتَابُ الْعَارِيَّةِ]

- ‌[كِتَابُ الْغَصْبِ]

- ‌[كِتَابُ الشُّفْعَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْقِرَاضِ]

- ‌[كِتَابُ الْمُسَاقَاةِ وَالْمُزَارَعَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْإِجَارَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْجَعَالَةِ]

- ‌[كِتَابُ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ]

- ‌[كِتَابُ الْوَقْفِ]

- ‌[كِتَابُ الْهِبَةِ]

- ‌[كِتَابُ اللُّقَطَةِ]

- ‌[كِتَابُ اللَّقِيطِ]

- ‌[كِتَابُ الْفَرَائِضِ]

- ‌[كِتَابُ الْوَصَايَا]

- ‌[كِتَابُ الْوَدِيعَةِ]

- ‌[كِتَابُ قَسْمِ الْفَيْءِ وَالْغَنِيمَةِ]

- ‌[كِتَابُ قَسْمِ الصَّدَقَاتِ وَمَصَارِفِهَا الثَّمَانِيَةِ]

- ‌[بَابُ صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ]

- ‌[كِتَابُ النِّكَاحِ]

- ‌[بَابُ خَصَائِصِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فِي النِّكَاحِ وَغَيْرِهِ]

- ‌[خَصَائِصِهِ صلى الله عليه وسلم فِي وَاجِبَاتِ النِّكَاحِ]

- ‌[خَصَائِصِهِ صلى الله عليه وسلم فِي مُحَرَّمَاتِ النِّكَاحِ]

- ‌[الْمُبَاحَاتُ لَهُ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فَصْلٌ فِي التَّخْفِيفِ فِي النِّكَاحِ]

- ‌[الْخَصَائِصِ وَالْكَرَامَاتِ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[بَابُ مَا جَاءَ فِي اسْتِحْبَابِ النِّكَاحِ وَصِفَةُ الْمَخْطُوبَةِ]

- ‌[بَابُ النَّهْيِ عَنْ الْخِطْبَةِ عَلَى الْخِطْبَةِ]

- ‌[بَابُ اسْتِحْبَابِ خُطْبَةِ النِّكَاحِ]

- ‌[بَابُ أَرْكَانِ النِّكَاحِ]

- ‌[بَابُ الْأَوْلِيَاءِ وَأَحْكَامِهِمْ]

- ‌[بَابُ مَوَانِعِ النِّكَاحِ]

- ‌[بَابُ نِكَاحِ الْمُشْرِكَاتِ]

- ‌[بَابُ مُثْبِتَاتِ الْخِيَارِ فِي النِّكَاح]

- ‌[فَصْلُ الْإِتْيَانُ فِي الدُّبُرِ]

- ‌[بَاب أَنْ عَائِشَةَ اشْتَرَتْ بَرِيرَةَ وَلَهَا زَوْجٌ فَأَعْتَقَتْهَا فَخَيَّرَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[كِتَابُ الصَّدَاقِ]

- ‌[بَابُ الْمُتْعَةِ]

- ‌[بَابُ الْوَلِيمَةِ وَالنَّثْرِ]

- ‌[كِتَابُ الْقَسْمِ وَالنُّشُوزِ]

- ‌[كِتَابُ الْخُلْعِ]

- ‌[كِتَابُ الطَّلَاقِ]

- ‌[الْآثَارِ الَّتِي فِي كِتَابِ الطَّلَاقِ]

- ‌[كِتَابُ الرَّجْعَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْإِيلَاءِ]

- ‌[كِتَابُ الظِّهَارِ]

- ‌[كِتَابُ الْكَفَّارَاتِ]

- ‌[كِتَابُ اللِّعَانِ]

- ‌[كِتَابُ الْعِدَدِ]

- ‌[بَابُ الْإِحْدَادِ]

- ‌[بَابُ السُّكْنَى لِلْمُعْتَدَّةِ]

الفصل: ‌[باب خصائص النبي صلى الله عليه وسلم في النكاح وغيره]

[بَابُ خَصَائِصِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فِي النِّكَاحِ وَغَيْرِهِ]

بَابُ الْخَصَائِصِ فِي النِّكَاحِ وَغَيْرِهِ

وَذُكِرَتْ فِي النِّكَاحِ لِكَوْنِهَا فِيهِ أَكْثَرَ، وَقَدْ نَبَّهْتُ عَلَى جَمِيعِ مَا ذَكَرَهُ، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ لَهُ خَبَرًا خَاصًّا، لِأَنَّ مُضَمَّنَهَا النَّقْلُ الْمَحْضُ، إذْ لَا مَجَالَ لِلِاجْتِهَادِ فِي ذَلِكَ، فَمَا وَجَدْت لَهُ دَلِيلًا مِنْ النَّقْلِ الْحَدِيثِيِّ ذَكَرْتُهُ، وَمَا ذَكَرَهُ هُوَ مِنْ أَدِلَّةِ الْقُرْآنِ لَمْ أَتَعَرَّضْ لَهُ إلَّا إنْ وَجَدْتُ مِنْ الْمُفَسِّرِينَ مَا يُخَالِفُهُ، فَأُشِيرُ إلَى ذَلِكَ، وَمَا لَمْ أَجِدْ لَهُ دَلِيلًا قُلْتُ: لَمْ أَجِدْ عَلَى ذَلِكَ دَلِيلًا

ص: 253

بَابُ الْوَاجِبَاتِ 50 1531 - (1) - قَوْلُهُ: وَالْحِكْمَةُ فِيهِ زِيَادَةُ الزُّلْفَى، فَلَمْ يَتَقَرَّبْ الْمُتَقَرِّبُونَ إلَى اللَّهِ بِمِثْلِ أَدَاءِ مَا افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ.

هَذَا طَرَفٌ مِنْ حَدِيثٍ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا:«إنَّ اللَّهَ قَالَ: مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ، وَمَا تَقَرَّبَ إلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ» - الْحَدِيثَ -.

(فَائِدَةٌ) :

نَقَلَ النَّوَوِيُّ فِي زِيَادَاتِ الرَّوْضَةِ عَنْ إمَامِ الْحَرَمَيْنِ، عَنْ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ: أَنَّ ثَوَابَ الْفَرِيضَةِ يَزِيدُ عَلَى ثَوَابِ النَّافِلَةِ بِسَبْعِينَ دَرَجَةً، قَالَ النَّوَوِيُّ: وَاسْتَأْنَسُوا فِيهِ بِحَدِيثٍ. انْتَهَى.

وَالْحَدِيثُ الْمَذْكُورُ ذَكَرَهُ الْإِمَامُ فِي نِهَايَتِهِ وَهُوَ حَدِيثُ سَلْمَانَ مَرْفُوعًا: «فِي شَهْرِ رَمَضَانَ مَنْ تَقَرَّبَ فِيهِ بِخَصْلَةٍ مِنْ خِصَالِ الْخَيْرِ، كَانَ كَمَنْ أَدَّى فَرِيضَةً فِيمَا سِوَاهُ، وَمَنْ أَدَّى فَرِيضَةً فِيهِ، كَانَ كَمَنْ أَدَّى سَبْعِينَ فَرِيضَةً فِي غَيْرِهِ» .

انْتَهَى.

وَهُوَ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ أَخْرَجَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ، وَعَلَّقَ الْقَوْلَ بِصِحَّتِهِ، وَاعْتَرَضَ عَلَى اسْتِدْلَالِ الْإِمَامِ بِهِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ خَصَائِصِ رَمَضَانَ، وَلِهَذَا قَالَ النَّوَوِيُّ: اسْتَأْنَسُوا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

1532 -

(2) - قَوْلُهُ: فَمِنْهَا صَلَاةُ الضُّحَى، رُوِيَ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«كُتِبَ عَلَيَّ رَكْعَتَا الضُّحَى، وَهُمَا لَكُمْ سُنَّةٌ» . أَحْمَدُ مِنْ طَرِيقِ إسْرَائِيلَ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ بِلَفْظِ:«أُمِرْتُ بِرَكْعَتَيْ الضُّحَى وَلَمْ تُؤْمَرُوا بِهَا، وَأُمِرْتُ بِالْأَضْحَى وَلَمْ تُكْتَبْ» . وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ مِنْ أَجْلِ جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ، وَرَوَاهُ أَبُو يَعْلَى مِنْ طَرِيقِ شَرِيكٍ بِلَفْظِ:«كُتِبَ عَلَيَّ النَّحْرُ وَلَمْ يُكْتَبْ عَلَيْكُمْ، وَأُمِرْتُ بِصَلَاةِ الضُّحَى وَلَمْ تُؤْمَرُوا بِهَا» . وَرَوَاهُ الْبَزَّارُ بِلَفْظِ: «أُمِرْتُ بِرَكْعَتَيْ

ص: 254

الْفَجْرِ وَالْوِتْرِ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ» . وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي خَبَّابٍ الْكَلْبِيِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْهُ، بِلَفْظِ:«ثَلَاثٌ هُنَّ عَلَيَّ فَرَائِضُ، وَلَكُمْ تَطَوُّعٌ: النَّحْرُ، وَالْوِتْرُ، وَرَكْعَتَا الضُّحَى» وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ، وَابْنُ عَدِيٍّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَلَفْظُهُ:«الْأَضْحَى» بَدَلُ «النَّحْرِ» وَ «رَكْعَتَا الْفَجْرِ» بَدَلُ «الضُّحَى» وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَالْبَيْهَقِيُّ، وَرَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الضُّعَفَاءِ، وَابْنُ شَاهِينَ فِي نَاسِخِهِ مِنْ طَرِيقِ وَضَّاحِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ مِنْدَلٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْهُ بِلَفْظِ:«ثَلَاثٌ عَلَيَّ فَرِيضَةٌ وَهُنَّ لَكُمْ تَطَوُّعٌ: الْوِتْرُ، وَرَكْعَتَا الْفَجْرِ وَرَكْعَتَا الضُّحَى» . وَالْوَضَّاحُ ضَعِيفٌ، فَتَلَخَّصَ ضَعْفُ الْحَدِيثِ مِنْ جَمِيعِ طُرُقِهِ، وَيَلْزَمُ مَنْ قَالَ بِهِ أَنْ يَقُولَ بِوُجُوبِ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ عَلَيْهِ، وَلَمْ يَقُولُوا بِذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ قَدْ نُقِلَ ذَلِكَ عَنْ بَعْضِ السَّلَفِ، وَوَقَعَ فِي كَلَامِ الْآمِدِيِّ، وَابْنِ الْحَاجِبِ، وَقَدْ وَرَدَ مَا يُعَارِضُهُ، فَرَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ وَابْنُ شَاهِينَ فِي نَاسِخِهِ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَرَّرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ مَرْفُوعًا:«أُمِرْتُ بِالْوِتْرِ، وَالْأَضْحَى وَلَمْ يُعْزَمْ عَلَيَّ» وَلَفْظُ ابْنِ شَاهِينِ: وَلَمْ يُفْرَضْ عَلَيَّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَرَّرٍ مَتْرُوكٌ.

(فَائِدَةٌ) :

اخْتَارَ شَيْخُنَا شَيْخُ الْإِسْلَامِ: الْقَوْلَ بِعَدَمِ وُجُوبِ الضُّحَى، وَأَدِلَّتُهُ ظَاهِرَةٌ فِي الصَّحِيحَيْنِ، مِنْهَا لِمُسْلِمٍ عَنْ عَائِشَةَ:«كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لَا يُصَلِّي الضُّحَى إلَّا أَنْ يَجِيءَ مِنْ مَغِيبِهِ» . وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْهَا: «مَا

ص: 255

رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي سُبْحَةَ الضُّحَى قَطُّ، وَإِنِّي لَأُسَبِّحُهَا» . وَلِلْبُخَارِيِّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ نَحْوُهُ، وَلَهُ عَنْ أَنَسٍ «وَقِيلَ لَهُ: هَلْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ يُصَلِّي الضُّحَى؟ قَالَ: مَا رَأَيْتُهُ صَلَّاهَا غَيْرَ هَذَا الْيَوْمِ» . وَلِلتِّرْمِذِيِّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ: «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي الضُّحَى، حَتَّى نَقُولَ لَا يَدَعُهَا، وَيَدَعُهَا حَتَّى نَقُولَ لَا يُصَلِّيهَا» . وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ. وَلِأَبِي دَاوُد، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى قَالَ:«مَا أَخْبَرَنَا أَحَدٌ أَنَّهُ رَأَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَلَّى الضُّحَى غَيْرَ أُمُّ هَانِئٍ، فَإِنَّهَا أَخْبَرَتْ بِهَا، ثُمَّ أُبِيحَ، وَلَمْ يَرَهُ أَحَدٌ صَلَّاهُنَّ بَعْدُ» ، وَهَذَا يَرُدُّ عَلَى الْمَاوَرْدِيِّ دَعْوَاهُ أَنَّهُ وَاظَبَ عَلَيْهَا بَعْدَ يَوْمِ الْفَتْحِ إلَى أَنْ مَاتَ، وَذَكَرَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ عَنْ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ لَا يُدَاوِمُ عَلَى صَلَاةِ الضُّحَى، مَخَافَةَ أَنْ تُفْرَضَ عَلَى الْأُمَّةِ فَيَعْجِزُوا عَنْهَا، وَكَانَ يَفْعَلُهَا فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ، وَلَعَلَّهُ أَرَادَ بِذَلِكَ إظْهَارَهَا فِي وَقْتٍ دُونَ وَقْتٍ لِيَجْمَعَ بَيْنَ كَلَامَيْهِ.

قَوْلُهُ: وَمِنْهَا الْأُضْحِيَّةُ رُوِيَ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «ثَلَاثٌ كُتِبَتْ عَلَيَّ، وَلَمْ تُكْتَبْ عَلَيْكُمْ: السِّوَاكُ، وَالْوِتْرُ، وَالْأُضْحِيَّةُ» .

لَمْ أَجِدْهُ هَكَذَا، وَالْمُخْتَصُّ بِالْأُضْحِيَّةِ يُوجَدُ مِنْ الْحَدِيثِ الَّذِي قَبْلَهُ مِنْ طُرُقٍ فِيهَا ذِكْرُ الْأَضْحَى، وَالنَّحْرِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَأَمَّا الْوِتْرُ وَالسِّوَاكُ فَسَيَأْتِي فِي الْحَدِيثِ الَّذِي بَعْدَهُ.

(فَائِدَةٌ) :

نَقَلَ الْمُصَنِّفُ عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ الرُّويَانِيِّ أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ وَاجِبَةً عَلَيْهِ.

1533 -

(3) - قَوْلُهُ: وَمِنْهَا الْوِتْرُ، وَالتَّهَجُّدُ، قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ:{وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ} [الإسراء: 79] أَيْ زِيَادَةً عَلَى الْفَرَائِضِ، وَعَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«ثَلَاثٌ هُنَّ عَلَيَّ فَرِيضَةٌ، وَلَكُمْ سُنَّةٌ: الْوِتْرُ، وَالسِّوَاكُ، وَقِيَامُ اللَّيْلِ» . أَمَّا احْتِجَاجُهُ بِالْآيَةِ فَسَبَقَهُ إلَيْهِ الْبَيْهَقِيّ، وَوَجْهُهُ أَنَّ النَّافِلَةَ لُغَةً الزِّيَادَةُ، وَظَاهِرُ الْأَمْرِ بِالتَّهَجُّدِ الْوُجُوبُ، قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ: فَإِنْ قِيلَ: النَّافِلَةُ هِيَ السُّنَّةُ، قُلْنَا: بَلْ

ص: 256

النَّافِلَةُ هُنَا هِيَ الزِّيَادَةُ، وَقَدْ قِيلَ: مَا يَزِيدُهُ الْعَبْدُ مِنْ تَطَوُّعَاتِهِ، يُجْبِرُ بِهِ نُقْصَانَ مَفْرُوضَاتِهِ، وَصَلَاتُهُ صلى الله عليه وسلم مَعْصُومَةٌ، فَكَانَ تَهَجُّدُهُ زَائِدًا عَلَى مَفْرُوضَاتِهِ، وَهَكَذَا قَالَ الْبَغَوِيّ فِي تَفْسِيرِهِ نَحْوَهُ، لَكِنْ يَتَعَقَّبُ ذَلِكَ بِأَنَّ مُقْتَضَاهُ أَنَّ الرَّوَاتِبَ الَّتِي وَاظَبَ عَلَيْهَا كَانَتْ وَاجِبَةً فِي حَقِّهِ، وَلَا قَائِلَ بِذَلِكَ، وَحَكَى النَّوَوِيُّ فِي زِيَادَاتِهِ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ: أَنَّ الشَّافِعِيَّ نَصَّ عَلَى أَنَّهُ نُسِخَ وُجُوبُهُ فِي حَقِّهِ. كَمَا نُسِخَ فِي حَقِّ غَيْرِهِ، قَالَ: وَهَذَا هُوَ الْأَصَحُّ أَوْ الصَّحِيحُ، وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ، انْتَهَى. وَأَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي احْتَجُّوا بِهِ فَهُوَ ضَعِيفٌ جِدًّا، لِأَنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ مُوسَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الصَّنْعَانِيِّ عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ مِثْلَهُ، أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَالْبَيْهَقِيُّ، وَقَدْ قَالَ الطَّبَرَانِيُّ: إنَّ مُوسَى تَفَرَّدَ بِهِ، وَأَشَارَ النَّوَوِيُّ إلَى مَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي قِصَّةِ قِيَامِ اللَّيْلِ، فَصَارَ قِيَامُ اللَّيْلِ تَطَوُّعًا بَعْدَ فَرْضِهِ، وَفِي سِيَاقِهِ أَيْضًا دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ حِينَ وَجَبَ لَمْ يَكُنْ مِنْ خَصَائِصِهِ، وَاسْتَدَلَّ غَيْرُهُ عَلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ أَيْضًا بِحَدِيثِ جَابِرٍ الطَّوِيلِ فِي مُسْلِمٍ فِي صِفَةِ الْحَجِّ فَفِيهِ:«ثُمَّ أَتَى الْمُزْدَلِفَةَ فَصَلَّى بِهَا الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ بِأَذَانٍ وَإِقَامَتَيْنِ، وَلَمْ يُسَبِّحْ بَيْنَهُمَا شَيْئًا، ثُمَّ اضْطَجَعَ حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ، فَصَلَّى حِينَ تَيَسَّرَ لَهُ الصُّبْحَ» .

وَقَدْ نَصَّ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ عَلَى أَنَّ السُّنَّةَ تَرْكُ التَّنَفُّلِ بَعْدَ الْعِشَاءِ لِلْبَائِتِ بِمُزْدَلِفَةَ، وَصَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ، وَاسْتَدَلَّ أَيْضًا بِأَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي التَّطَوُّعَ فِي اللَّيْلِ عَلَى الرَّاحِلَةِ فِي السَّفَرِ، وَيُصَلِّيهِ فِي الْحَضَرِ جَالِسًا، وَقَدْ اسْتَدَلَّ الشَّافِعِيُّ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ الْوِتْرِ عَلَيْهِ بِذَلِكَ، وَقِيلَ: كَانَ ذَلِكَ وَاجِبًا عَلَيْهِ فِي حَالِ الْحَضَرِ وَفِي حَالِ عَدَمِ الْمَشَقَّةِ، وَهَذَا يَحْتَاجُ إلَى نَقْلٍ خَاصٍّ، وَإِنْ كَانَ الْحَلِيمِيُّ، وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، وَالْغَزَالِيُّ قَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّ الْوِتْرَ كَانَ وَاجِبًا عَلَيْهِ فِي الْحَضَرِ دُونَ السَّفَرِ، وَذَكَرَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: بِأَنَّ مِنْ خَصَائِصِهِ فِعْلَ هَذَا الْوَاجِبِ، مِنْ الْوِتْرِ وَالتَّهَجُّدِ، عَلَى الرَّاحِلَةِ.

1534 -

(4) - قَوْلُهُ: وَمِنْهَا السِّوَاكُ كَانَ وَاجِبًا عَلَيْهِ لِلْخَبَرِ، يَعْنِي بِهِ الْخَبَرَ

ص: 257

الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنْ عَائِشَةَ قَبْلَهُ، وَهُوَ وَاهٍ جِدًّا لَا يَجُوزُ الِاحْتِجَاجُ بِهِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُسْتَدَلَّ لِوُجُوبِهِ.

1535 -

(5) - بِحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْظَلَةَ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ بِ الْوُضُوءِ لِكُلِّ صَلَاةٍ طَاهِرًا وَغَيْرَ طَاهِرٍ، فَلَمَّا شَقَّ عَلَيْهِ ذَلِكَ أَمَرَ بِالسِّوَاكِ لِكُلِّ صَلَاةٍ» . وَفِي لَفْظٍ: «وُضِعَ عَنْهُ الْوُضُوءِ إلَّا مِنْ حَدَثٍ» . وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ، وَوَجْهُ التَّمَسُّكِ بِهِ أَنَّ الْأَمْرَ لِلْوُجُوبِ، وَالْمَشَقَّةَ إنَّمَا تَلْزَمُ عَنْ الْوَاجِبِ، فَكَانَ الْوُضُوءُ وَاجِبًا عَلَيْهِ أَوَّلًا، ثُمَّ نُسِخَ إلَى السِّوَاكِ، وَالْوَجْهُ الَّذِي حَكَاهُ أَوْضَحُ، وَقَدْ رَوَى ابْنُ مَاجَهْ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ مَرْفُوعًا:«مَا جَاءَنِي جِبْرِيلُ إلَّا أَوْصَانِي بِالسِّوَاكِ حَتَّى لَقَدْ خَشِيتُ أَنْ يُفْرَضَ عَلَيَّ وَعَلَى أُمَّتِي» وَفِيهِ ضَعْفٌ، وَلِأَحْمَدَ مِنْ حَدِيثِ وَاثِلَةَ مَرْفُوعًا:«أُمِرْتُ بِالسِّوَاكِ حَتَّى خَشِيتُ أَنْ يُكْتَبَ عَلَيَّ» .

قَوْلُهُ: كَانَ يَجِبُ عَلَيْهِ إذَا رَأَى مُنْكَرًا أَنْ يُنْكِرَ عَلَيْهِ وَيُغَيِّرَهُ، أَوْ يَعْتَرِضَ، بِأَنَّ كُلَّ مُكَلَّفٍ إذَا تَمَكَّنَ مِنْ إزَالَةِ الْمُنْكَرِ لَزِمَهُ تَغْيِيرُهُ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ عَنْهُ لِلْخَوْفِ لِثُبُوتِ الْعِصْمَةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} [المائدة: 67] ، بِخِلَافِ غَيْرِهِ، فَلَوْ أَقَرَّ عَلَى الْمُنْكَرِ لَاسْتُفِيدَ مِنْ تَقْرِيرِهِ أَنَّهُ جَائِزٌ، نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ ابْنُ الصَّبَّاغِ.

1536 -

(6) - قَوْلُهُ: لِأَنَّ اللَّهَ وَعَدَهُ بِالْعِصْمَةِ يُشِيرُ إلَى الْآيَةِ الَّتِي فِي الْمَائِدَةِ، أَوْ إلَى مَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ، عَنْ عَائِشَةَ:«كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُحْرَسُ، حَتَّى نَزَلَتْ: {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} [المائدة: 67] فَأَخْرَجَ رَأْسَهُ مِنْ الْقُبَّةِ، فَقَالَ لَهُمْ: أَيُّهَا النَّاسُ انْصَرِفُوا، فَقَدْ عَصَمَنِي اللَّهُ» . وَاحْتَجَّ الْبَيْهَقِيّ لِلْمَسْأَلَةِ بِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ: عَنْ عَائِشَةَ: «مَا

ص: 258

خُيِّرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ أَمْرَيْنِ إلَّا اخْتَارَ أَيْسَرَهُمَا مَا لَمْ يَكُنْ إثْمًا، فَإِذَا كَانَ إثْمًا كَانَ أَبْعَدَ النَّاسِ مِنْهُ، وَمَا انْتَقَمَ رَسُولُ اللَّهِ لِنَفْسِهِ إلَّا أَنْ تُنْتَهَكَ حُرْمَةُ اللَّهِ فَيَنْتَقِمَ لِلَّهِ» .

1537 -

(7) - قَوْلُهُ: كَانَ يَجِبُ عَلَيْهِ مُصَابَرَةُ الْعَدُوِّ وَإِنْ كَثُرَ عَدَدُهُمْ، لَمْ يُبَوِّبْ لَهُ الْبَيْهَقِيّ وَكَأَنَّهُ يُشِيرُ إلَى مَا وَقَعَ فِي يَوْمِ أُحُدٍ، فَإِنَّهُ أُفْرِدَ فِي اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلًا، كَمَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَفِي يَوْمِ حُنَيْنٍ، فَإِنَّهُ أُفْرِدَ فِي عَشَرَةٍ، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ أَيْضًا.

قَوْلُهُ: «كَانَ يَجِبُ عَلَيْهِ قَضَاءُ دَيْنِ مَنْ مَاتَ مُعْسِرًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ» تَقَدَّمَ فِي آخِرِ بَابِ الضَّمَانِ.

1538 -

(8) - قَوْلُهُ: وَقِيلَ: " كَانَ يَجِبُ عَلَيْهِ إذَا رَأَى شَيْئًا يُعْجِبُهُ أَنْ يَقُولَ: لَبَّيْكَ إنَّ الْعَيْشَ عَيْشُ الْآخِرَةِ ". هَذَا بَوَّبَ عَلَيْهِ الْبَيْهَقِيّ فِي الْخَصَائِصِ وَقَدْ رَوَى الشَّافِعِيُّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ سَالِمٍ، عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ حُمَيْدٍ الْأَعْرَجِ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ:«كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُظْهِرُ مِنْ التَّلْبِيَةِ» ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، حَتَّى إذَا كَانَ ذَاتَ يَوْمٍ وَالنَّاسُ يُصْرَفُونَ عَنْهُ، فَكَأَنَّهُ أَعْجَبَهُ مَا هُوَ فِيهِ، فَزَادَ فِيهَا:«لَبَّيْكَ إنَّ الْعَيْشَ عَيْشُ الْآخِرَةِ» قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: وَأَحْسِبُ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ يَوْمَ عَرَفَةَ، قُلْت: وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ مَا يَدُلُّ عَلَى الْوُجُوبِ.

(تَتِمَّةٌ)

مِمَّا لَمْ يَذْكُرْهُ الرَّافِعِيُّ، مِمَّا ادَّعَى بَعْضُهُمْ وُجُوبَهُ عَلَيْهِ، كَانَ عَلَيْهِ إذَا فَرَضَ الصَّلَاةَ كَامِلَةً لَا خَلَلَ فِيهَا، قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ، وَكَانَ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَدْفَعَ بِاَلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَكَاهُ ابْنُ الْقَاصِّ وَكَذَا مَا بَعْدَهُ، قَالَ: وَمِنْهَا: أَنَّهُ كُلِّفَ مِنْ الْعِلْمِ وَحْدَهُ بِمَا كُلِّفَ بِهِ النَّاسُ بِأَجْمَعِهِمْ.

وَمِنْهَا: أَنَّهُ كَانَ يُغَانُ عَلَى قَلْبِهِ فَيَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَيَتُوبُ إلَيْهِ فِي الْيَوْمِ سَبْعِينَ مَرَّةً.

وَمِنْهَا: أَنَّهُ كَانَ يُؤْخَذُ عَنْ الدُّنْيَا عِنْدَ نُزُولِ الْوَحْيِ، وَهُوَ مُطَالَبٌ بِأَحْكَامِهَا

ص: 259

عِنْدَ الْأَخْذِ عَنْهَا.

وَمِنْهَا: أَنَّهُ كَانَ مُطَالَبًا بِرُؤْيَةِ مُشَاهَدَةِ الْحَقِّ مَعَ مُعَاشَرَةِ النَّاسِ بِالنَّفْسِ وَالْكَلَامِ، انْتَهَى.

وَهَذِهِ الْأُمُورُ تَحْتَاجُ دَعْوَى وُجُوبِهَا إلَى أَدِلَّةٍ وَكَيْفَ بِهَا، فَاَللَّهُ الْمُسْتَعَانُ

ص: 260