الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[فَصْلُ الْإِتْيَانُ فِي الدُّبُرِ]
(الْفَصْلُ الْخَامِسُ)
1661 -
(1) - قَوْلُهُ: وَالْإِتْيَانُ فِي الدُّبُرِ حَرَامٌ، لِمَا رُوِيَ «أَنَّهُ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: فِي أَيِّ الْخَرِبَتَيْنِ؟ أَمِنْ دُبُرِهَا فِي قُبُلِهَا فَنَعَمْ، أَوْ مِنْ دُبُرِهَا فِي دُبُرِهَا فَلَا، إنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحِي مِنْ الْحَقِّ، لَا تَأْتُوا النِّسَاءَ فِي أَدْبَارِهِنَّ» . قَالَ: وَالْخُرْبَةُ الثُّقْبَةُ. الشَّافِعِيُّ مِنْ حَدِيثِ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ: «أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنْ إتْيَانِ النِّسَاءِ فِي أَدْبَارِهِنَّ، أَوْ إتْيَانِ الرَّجُلِ امْرَأَتَهُ فِي دُبُرِهَا فَقَالَ: حَلَالٌ فَلَمَّا وَلَّى دَعَاهُ أَوْ أَمَرَ بِهِ فَدُعِيَ، فَقَالَ: كَيْفَ قُلْت؟ فِي أَيِّ الْخَرِبَتَيْنِ، أَوْ فِي أَيِّ الْخَرَزَتَيْنِ، أَوْ فِي أَيِّ الْخَصْفَتَيْنِ؟ أَمِنْ دُبُرِهَا فِي قُبُلِهَا فَنَعَمْ، أَمْ مِنْ دُبُرِهَا فِي دُبُرِهَا فَلَا، إنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحِي مِنْ الْحَقِّ، لَا تَأْتُوا النِّسَاءَ فِي أَدْبَارِهِنَّ» .
(تَنْبِيهٌ) الْخَرِبَتَيْنِ تَثْنِيَةُ خُرْبَةٍ بِضَمِّ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ بَعْدَهَا مُوَحَّدَةٌ وَالْخَرَزَتَيْنِ تَثْنِيَةُ خَرَزَةٍ بِوَزْنِ الْأَوَّلِ لَكِنْ بِزَايٍ بَدَلَ الْمُوَحَّدَةِ وَالْخَصْفَتَيْنِ تَثْنِيَةُ خَصَفَةٍ بِفَتَحَاتٍ وَالْخَاءُ مُعْجَمَةٌ أَيْضًا وَالصَّادُ مُهْمَلَةٌ بَعْدَهَا فَاءٌ.
وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ كُلُّ ثَقْبٍ مُسْتَدِيرَةٍ خُرْبَةٌ وَالْجَمْعُ خُرَبٌ بِضَمَّةٍ ثُمَّ فَتْحٍ وَقَالَ الْأَزْهَرِيُّ أَرَادَ بِالْخَرِبَتَيْنِ الْمَسْلَكَيْنِ وَقَالَ ابْنُ دَاوُد خُرْبُ الْفَاسِ ثُقْبُهُ الَّذِي فِيهِ النِّصَابُ وَالْخَرَزَتَيْنِ تَثْنِيَةُ خَرَزَةٍ وَهِيَ الثُّقْبُ الَّذِي يَثْقُبُهُ الْخَرَّازُ لِيَخْرُزَ كَنَّى بِهِ عَنْ الْمَأْتِيِّ، وَالْخَصْفَتَيْنِ تَثْنِيَةُ خَصَفَةٍ مِنْ قَوْلِك خَصَفْت الْجِلْدَ عَلَى الْجِلْدِ إذَا خَرَزْته مُطَابِقًا. وَفِي هَذَا الْإِسْنَادِ عَمْرُو بْنُ أُحَيْحَةَ، وَهُوَ مَجْهُولُ الْحَالِ، وَاخْتُلِفَ فِي إسْنَادِهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا، وَقَدْ أَطْنَبَ النَّسَائِيُّ فِي تَخْرِيجِ طُرُقِهِ، وَذَكَرَ الِاخْتِلَافَ فِيهِ،
وَهُوَ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ السَّائِبِ، يَرْوِيهِ عَنْهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ شَافِعٍ، وَرَوَاهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الشَّافِعِيُّ الْإِمَامُ، وَابْنُ عَمِّهِ إبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْعَبَّاسِ، وَقَدْ رَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ فِي فَوَائِدِ أَبِي الطَّاهِرِ الذُّهْلِيِّ مِنْ طَرِيقِ إبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ هَذَا، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إلَى مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ فَسَأَلَهُ عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَقَالَ: هَذَا شَيْخُ قُرَيْشٍ فَاسْأَلْهُ، يَعْنِي عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَلِيِّ بْنِ السَّائِبِ، فَسَأَلَهُ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: اللَّهُمَّ قَذِرًا وَلَوْ كَانَ حَلَالًا انْتَهَى.
وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ السَّائِبِ، فَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ وَهْبٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ حُصَيْنِ بْنِ مِحْصَنٍ، عَنْ هَرَمِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ، وَمِنْ طَرِيقِ هَرَمِيٍّ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ، وَهَرَمِيُّ لَا يُعْرَفُ حَالُهُ أَيْضًا، وَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ: غَلِطَ ابْنُ عُيَيْنَةَ فِي إسْنَادِ حَدِيثِ خُزَيْمَةَ، يَعْنِي حَيْثُ رَوَاهُ. وَقَالَ الْبَزَّارُ: لَا أَعْلَمُ فِي الْبَابِ حَدِيثًا صَحِيحًا لَا فِي الْحَظْرِ وَلَا فِي الْإِطْلَاقِ، وَكُلُّ مَا رُوِيَ فِيهِ عَنْ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ مِنْ طَرِيقٍ فِيهِ فَغَيْرُ صَحِيحٍ، انْتَهَى.
وَكَذَا رَوَى الْحَاكِمُ، عَنْ الْحَافِظِ أَبِي عَلِيٍّ النَّيْسَابُورِيِّ، وَمِثْلُهُ عَنْ النَّسَائِيّ، وَقَالَهُ قَبْلَهُمَا الْبُخَارِيُّ.
1662 -
(2) - قَوْلُهُ: وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: مَلْعُونٌ مَنْ أَتَى امْرَأَةً فِي دُبُرِهَا» .
أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد، وَبَقِيَّةُ أَصْحَابِ السُّنَنِ، مِنْ طَرِيقِ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ الْحَارِثِ بْنِ مَخْلَدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا. لَفْظُ أَبِي دَاوُد، وَالنَّسَائِيِّ، وَابْنِ مَاجَهْ:«لَا يَنْظُرُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إلَى رَجُلٍ أَتَى امْرَأَتَهُ فِي دُبُرِهَا» . وَأَخْرَجَهُ الْبَزَّارُ.
وَقَالَ: الْحَارِثُ بْنُ مَخْلَدٍ لَيْسَ بِمَشْهُورٍ، وَقَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ: لَا يُعْرَفُ حَالُهُ، وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى سُهَيْلٍ، فَرَوَاهُ إسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْهُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرٍ. . . أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَابْنُ شَاهِينَ، وَرَوَاهُ عُمَرُ مَوْلَى غَفْرَةَ، عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرٍ أَخْرَجَهُ ابْنُ عَدِيٍّ، وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ، وَلِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ طَرِيقٌ أُخْرَى أَخْرَجَهَا أَحْمَدُ، وَالتِّرْمِذِيُّ مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ حَكِيمٍ الْأَثْرَمَ، عَنْ أَبِي تَمِيمَةَ.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ: «مَنْ أَتَى حَائِضًا، أَوْ امْرَأَةً فِي دُبُرِهَا، أَوْ
كَاهِنًا فَصَدَّقَهُ فِيمَا يَقُولُ، فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ» . قَالَ التِّرْمِذِيُّ: غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ إلَّا مِنْ حَدِيثِ حَكِيمٍ، وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: لَا يُعْرَفُ لِأَبِي تَمِيمَةَ سَمَاعٌ مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
وَقَالَ الْبَزَّارُ: هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ، وَحَكِيمٌ لَا يُحْتَجُّ بِهِ، وَمَا انْفَرَدَ بِهِ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ، وَلَهُ طَرِيقٌ ثَالِثٌ أَخْرَجَهَا النَّسَائِيُّ مِنْ رِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ حَمْزَةُ الْكِنَانِيُّ الرَّاوِي عَنْ النَّسَائِيّ: هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ، وَلَعَلَّ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مُحَمَّدٍ الصَّنْعَانِيَّ سَمِعَهُ مِنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بَعْدَ اخْتِلَاطِهِ، قَالَ: وَهُوَ بَاطِلٌ مِنْ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ، وَالْمَحْفُوظُ عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ أَنَّهُ كَانَ يَنْهَى عَنْ ذَلِكَ، انْتَهَى.
وَعَبْدُ الْمَلِكِ قَدْ تَكَلَّمَ فِيهِ دُحَيْمٌ، وَأَبُو حَاتِمٍ، وَغَيْرُهُمَا، وَلَهُ طَرِيقٌ رَابِعَةٌ أَخْرَجَهَا النَّسَائِيُّ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ بَكْرِ بْنِ خُنَيْسٍ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ:«مَنْ أَتَى شَيْئًا مِنْ الرِّجَالِ أَوْ النِّسَاءِ فِي الْأَدْبَارِ، فَقَدْ كَفَرَ» . وَبَكْرٌ، وَلَيْثٌ ضَعِيفَانِ، وَقَدْ رَوَاهُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ لَيْثٍ بِهَذَا السَّنَدِ مَوْقُوفًا، وَلَفْظُهُ:" إتْيَانُ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ فِي أَدْبَارِهِنَّ كُفْرٌ ". وَكَذَا أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ، عَنْ إسْمَاعِيلَ، عَنْ لَيْثٍ، وَالْهَيْثَمُ بْنُ خَلَفٍ فِي كِتَابِ ذَمِّ اللِّوَاطِ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ فُضَيْلٍ، عَنْ لَيْثٍ، وَفِي رِوَايَةٍ:" مَنْ أَتَى امْرَأَتَهُ فِي دُبُرِهَا فَتِلْكَ كَفْرَةٌ ". وَلَهُ طَرِيقٌ خَامِسَةٌ رَوَاهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ أَبَانَ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ خَالِدٍ الزَّنْجِيِّ، عَنْ الْعَلَاءِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظٍ:«مَلْعُونٌ مَنْ أَتَى النِّسَاءَ فِي أَدْبَارِهِنَّ» . وَمُسْلِمٌ فِيهِ ضَعْفٌ، وَقَدْ رَوَاهُ يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَكِيمٍ عَنْهُ مَوْقُوفًا. وَفِي الْبَابِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ حِبَّانَ، وَأَحْمَدُ، وَالْبَزَّارُ، مِنْ طَرِيقِ كُرَيْبٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ الْبَزَّارُ: لَا نَعْلَمَهُ
يَرْوِي عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ بِإِسْنَادٍ أَحْسَنَ مِنْ هَذَا، تَفَرَّدَ بِهِ أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ، عَنْ الضَّحَّاكِ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ مَخْرَمَةَ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ كُرَيْبٍ، وَكَذَا قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ، وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ، عَنْ هَنَّادٍ، عَنْ وَكِيعٍ، عَنْ الضَّحَّاكِ مَوْقُوفًا، وَهُوَ أَصَحُّ عِنْدَهُمْ مِنْ الْمَرْفُوعِ. وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: طَرِيقٌ أُخْرَى مَوْقُوفَةٌ رَوَاهَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ:" أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنْ إتْيَانِ الْمَرْأَةِ فِي دُبُرِهَا، فَقَالَ: تَسْأَلُنِي عَنْ الْكُفْرِ ". وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ الْمُبَارَكِ، عَنْ مَعْمَرٍ، وَإِسْنَادُهُ قَوِيٌّ، وَسَيَأْتِي لَهُ طَرِيقٌ أُخْرَى بَعْدَ قَلِيلٍ.
وَفِي الْبَابِ أَيْضًا عَنْ عَلِيِّ بْنِ طَلْقٍ، أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ حِبَّانَ، بِلَفْظٍ:«إنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحِي مِنْ الْحَقِّ، لَا تَأْتُوا النِّسَاءَ فِي أَعْجَازِهِنَّ» . وَعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ بِلَفْظِ:" سُئِلَ عَنْ الرَّجُلِ يَأْتِي الْمَرْأَةَ فِي دُبُرِهَا، فَقَالَ: هِيَ اللُّوطِيَّةُ الصُّغْرَى ". وَأَخْرَجَهُ
النَّسَائِيُّ أَيْضًا وَأَعَلَّهُ، وَالْمَحْفُوظُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْن عَمْرٍو مِنْ قَوْلِهِ، كَذَا أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَغَيْرُهُ، وَعَنْ أَنَسٍ أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ فِي مُعْجَمِهِ، وَفِيهِ يَزِيدُ الرَّقَاشِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ. وَعَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ: فِي جُزْءِ الْحَسَنِ بْنِ عَرَفَةَ بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ جِدًّا، وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ عِنْدَ ابْنِ عَدِيٍّ بِإِسْنَادٍ وَاهٍ، وَعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ عِنْدَ أَحْمَدَ وَفِيهِ ابْنُ لَهِيعَةَ، وَعَنْ عُمَرَ أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ، وَالْبَزَّارُ مِنْ طَرِيقِ زَمْعَةَ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ ابْنِ الْهَادِ، عَنْ عُمَرَ، وَزَمْعَةَ ضَعِيفٌ، وَقَدْ اُخْتُلِفَ عَلَيْهِ فِي وَقْفِهِ وَرَفْعِهِ.
قَوْلُهُ: وَحَكَى ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ عَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ قَالَ: لَمْ يَصِحَّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي تَحْرِيمِهِ وَلَا فِي تَحْلِيلِهِ شَيْءٌ، وَالْقِيَاسُ أَنَّهُ حَلَالٌ، قُلْت: هَذَا سَمِعَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ مُحَمَّدٍ، وَكَذَلِكَ الطَّحَاوِيُّ، وَأَخْرَجَهُ عَنْهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي مَنَاقِبِ الشَّافِعِيِّ لَهُ، وَأَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ فِي مَنَاقِبِ الشَّافِعِيِّ، عَنْ الْأَصَمِّ، عَنْهُ، وَأَخْرَجَهُ الْخَطِيبُ، عَنْ أَبِي سَعِيدِ بْنِ مُوسَى، عَنْ الْأَصَمِّ.
وَرَوَى الْحَاكِمُ، عَنْ نَصْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمُعَدَّلِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْقَاسِمِ بْنِ شَعْبَانَ الْفَقِيهِ، قَالَ: ثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عِيَاضٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَمَّادٍ قَالَا: نَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ يَعْنِيَانِ ابْنَ عَبْدِ الْحَكَمِ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ كَلَامًا كَلَّمَ بِهِ مُحَمَّدَ بْنَ الْحَسَنِ فِي مَسْأَلَةِ إتْيَانِ الْمَرْأَةِ فِي دُبُرِهَا، قَالَ: سَأَلَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، فَقُلْت لَهُ: إنْ كُنْت تُرِيدُ الْمُكَابَرَةَ، وَتَصْحِيحَ الرِّوَايَاتِ وَإِنْ لَمْ تَصِحَّ، فَأَنْتَ أَعْلَمُ، وَإِنْ تَكَلَّمْتَ بِالْمُنَاصَفَةِ، كَلَّمْتُك، قَالَ: عَلَى الْمُنَاصَفَةِ.
قُلْت: فَبِأَيِّ شَيْءٍ حَرَّمْته قَالَ: بِقَوْلِ اللَّهِ عز وجل: {فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ} [البقرة: 222] .
وَقَالَ: {فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} [البقرة: 223] وَالْحَرْثُ لَا يَكُونُ إلَّا فِي الْفَرْجِ، قُلْت: أَفَيَكُونُ ذَلِكَ مُحَرِّمًا لِمَا سِوَاهُ؟ قَالَ: نَعَمْ، قُلْت: فَمَا تَقُولُ: لَوْ وَطِئَهَا بَيْنَ
سَاقَيْهَا، أَوْ فِي أَعْكَانِهَا، أَوْ تَحْتَ إبْطِهَا، أَوْ أَخَذَتْ ذَكَرَهُ بِيَدِهَا، أَفِي ذَلِكَ حَرْثٌ؟ قَالَ: لَا، قُلْت: أَفَيُحَرَّمُ ذَلِكَ؟ قَالَ: لَا، قُلْت: فَلِمَ تَحْتَجُّ بِمَا لَا حُجَّةَ فِيهِ؟ قَالَ: فَإِنَّ اللَّهَ قَالَ: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ} [المؤمنون: 5] الْآيَةَ، قَالَ: فَقُلْت لَهُ: إنَّ هَذَا مِمَّا يَحْتَجُّونَ بِهِ لِلْجَوَازِ، إنَّ اللَّهَ أَثْنَى عَلَى مَنْ حَفِظَ فَرْجَهُ مِنْ غَيْرِ زَوْجَتِهِ، وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُهُ، فَقُلْت: أَنْتَ تَتَحَفَّظُ مِنْ زَوْجَتِهِ وَمِمَّا مَلَكَتْ يَمِينُهُ. قَالَ الْحَاكِمُ: لَعَلَّ الشَّافِعِيَّ كَانَ يَقُولُ بِذَلِكَ فِي الْقَدِيمِ، فَأَمَّا فِي الْجَدِيدِ فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ حَرَّمَهُ.
قَوْلُهُ: قَالَ الرَّبِيعُ: كَذَبَ وَاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ، قَدْ نَصَّ الشَّافِعِيُّ عَلَى تَحْرِيمِهِ فِي سِتَّةِ كُتُبٍ، هَذَا سَمِعَهُ أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ مِنْ الرَّبِيعِ، وَحَكَاهُ عَنْهُ جَمَاعَةٌ، مِنْهُمْ الْمَاوَرْدِيُّ فِي الْحَاوِي، وَأَبُو نَصْرِ بْنُ الصَّبَّاغِ فِي الشَّامِلِ، وَغَيْرُهُمَا، وَتَكْذِيبُ الرَّبِيعِ لِمُحَمَّدٍ لَا مَعْنَى لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْفَرِدْ بِذَلِكَ، فَقَدْ تَابَعَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَخُوهُ عَنْ الشَّافِعِيِّ، أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ بْنُ أُسَامَةَ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي السَّمْحِ الْمِصْرِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَمِعْت عَبْدَ الرَّحْمَنِ. فَذَكَرَ نَحْوَهُ عَنْ الشَّافِعِيِّ، وَأَخْرَجَ الْحَاكِمُ، عَنْ الْأَصَمِّ، عَنْ الرَّبِيعِ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: قَالَ اللَّهُ: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} [البقرة: 223] احْتَمَلَتْ الْآيَةُ مَعْنَيَيْنِ: أَحَدَهُمَا: أَنْ تُؤْتَى الْمَرْأَةُ مِنْ حَيْثُ شَاءَ زَوْجُهَا؛ لِأَنَّ (أَنَّى شِئْتُمْ} ، يَأْتِي بِمَعْنَى أَيْنَ شِئْتُمْ. ثَانِيَهُمَا: أَنَّ الْحَرْثَ إنَّمَا يُرَادُ بِهِ النَّبَاتُ فِي مَوْضِعِهِ دُونَ مَا سِوَاهُ، فَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي ذَلِكَ، وَأَحْسِبُ كُلًّا مِنْ الْفَرِيقَيْنِ تَأَوَّلُوا مَا وَصَفْت مِنْ احْتِمَالِ الْآيَةِ، قَالَ: فَطَلَبْنَا الدَّلَالَةَ مِنْ السُّنَّةِ، فَوَجَدْنَا حَدِيثَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ، أَحَدُهُمَا ثَابِتٌ وَهُوَ حَدِيثُ خُزَيْمَةَ فِي التَّحْرِيمِ، قَالَ، فَأَخَذْنَا بِهِ.
قَوْلُهُ: وَفِي مُخْتَصَرِ الْجُوَيْنِيِّ أَنَّ بَعْضَهُمْ أَقَامَ مَا رَوَاهُ، أَيْ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ، قَوْلًا، انْتَهَى. وَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ فَهُوَ قَوْلٌ قَدِيمٌ، وَقَدْ رَجَعَ عَنْهُ الشَّافِعِيُّ كَمَا قَالَ الرَّبِيعُ، وَهَذَا أَوْلَى مِنْ إطْلَاقِ الرَّبِيعِ تَكْذِيبَ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، فَإِنَّهُ لَا خِلَافَ فِي ثِقَتِهِ وَأَمَانَتِهِ، وَإِنَّمَا اغْتَرَّ مُحَمَّدٌ بِكَوْنِ الشَّافِعِيِّ قَصَّ لَهُ الْقِصَّةَ الَّتِي وَقَعَتْ لَهُ بِطَرِيقِ الْمُنَاظَرَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ الْعَالِمَ فِي الْمُنَاظَرَةِ يَتَقَذَّرُ الْقَوْلَ وَهُوَ لَا يَخْتَارُهُ، فَيَذْكُرُ أَدِلَّتَهُ إلَى أَنْ يَنْقَطِعَ خَصْمُهُ، وَذَلِكَ غَيْرُ مُسْتَنْكَرٍ فِي الْمُنَاظَرَةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
قَوْلُهُ: وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ، وَقَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: وَيُعْلَمُ قَوْلُهُ الْإِتْيَانُ فِي الدُّبُرِ بِالْمِيمِ، لِمَا رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ قَالَ: وَأَصْحَابُهُ الْعِرَاقِيُّونَ لَمْ يُثْبِتُوا الرِّوَايَةَ، انْتَهَى. قَرَأْت فِي رِحْلَةِ ابْنِ الصَّلَاحِ أَنَّهُ نَقَلَ ذَلِكَ مِنْ كِتَابِ الْمُحِيطِ لِلشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ الْجُوَيْنِيِّ قَالَ: وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ، وَقَدْ رَجَعَ مُتَأَخِّرُو أَصْحَابِهِ عَنْ ذَلِكَ، وَأَفْتَوْا بِتَحْرِيمِهِ، إلَّا أَنَّ مَذْهَبَهُ أَنَّهُ حَلَالٌ، قَالَ: وَكَانَ عِنْدَنَا قَاضٍ يُقَالُ لَهُ: أَبُو وَائِلَةَ، وَكَانَ يَرَى بِجَوَازِهِ، فَرُفِعَتْ إلَيْهِ امْرَأَةٌ وَزَوْجُهَا، وَاشْتَكَتْ مِنْهُ أَنَّهُ يَطْلُبُ مِنْهَا ذَلِكَ، فَقَالَ: قَدْ اُبْتُلِيت، وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ فِي تَعْلِيقِهِ: نُصَّ فِي كِتَابِ السِّرِّ عَنْ مَالِكٍ عَلَى إبَاحَتِهِ، وَرَوَاهُ عَنْهُ أَهْلُ مِصْرَ، وَأَهْلُ الْمَغْرِبِ.
قُلْت. وَكِتَابُ السِّرِّ وَقَفْت عَلَيْهِ فِي كُرَّاسَةٍ لَطِيفَةٍ مِنْ رِوَايَةِ الْحَارِثِ بْنِ مِسْكِينٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ مَالِكٍ، وَهُوَ يَشْتَمِلُ عَلَى نَوَادِرَ مِنْ الْمَسَائِلِ، وَفِيهَا كَثِيرٌ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِالْخُلَفَاءِ، وَلِأَجْلِ هَذَا سُمِّيَ كِتَابُ السِّرِّ، وَفِيهِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ، وَقَدْ رَوَاهُ أَحْمَدُ بْنُ أُسَامَةَ التُّجِيبِيُّ وَهَذَّبَهُ، وَرَتَّبَهُ عَلَى الْأَبْوَابِ، وَأَخْرَجَ لَهُ أَشْبَاهًا وَنَظَائِرَ فِي كُلِّ بَابٍ.
وَرَوَى فِيهِ مِنْ طَرِيقِ مَعْنِ بْنِ عِيسَى، سَأَلْت مَالِكًا عَنْهُ فَقَالَ. مَا أَعْلَمُ فِيهِ تَحْرِيمًا.
وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي كِتَابِ الْبَيَانِ وَالتَّحْصِيلِ فِي شَرْحِ الْعُتْبِيَّةِ: رَوَى الْعُتْبِيُّ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ لَهُ، وَقَدْ سَأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ مُخَلِّيًا بِهِ، فَقَالَ. حَلَالٌ لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَلَمْ أُدْرِك أَحَدًا اُقْتُدِيَ بِهِ فِي دِينٍ يَشُكُّ فِيهِ، وَالْمَدَنِيُّونَ يَرْوُونَ الرُّخْصَةَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، يُشِيرُ بِذَلِكَ إلَى مَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، وَأَبِي سَعِيدٍ، أَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ: فَلَهُ طُرُقٌ رَوَاهُ عَنْهُ نَافِعٌ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، وَزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، وَسَعِيدُ بْنُ يَسَارٍ، وَغَيْرُهُمْ، أَمَّا نَافِعٌ، فَاشْتُهِرَ عَنْهُ مِنْ طُرُقٍ كَثِيرَةٍ جِدًّا، مِنْهَا رِوَايَةُ مَالِكٍ، وَأَيُّوبَ، وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ الْعُمْرِيِّ، وَابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْنٍ، وَهِشَامِ بْنِ سَعْدٍ، وَعُمَرَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ نَافِعٍ، وَأَبَانَ بْنِ صَالِحٍ، وَإِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْن أَبِي فَرْوَةَ. قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ، فِي أَحَادِيثِ مَالِكٍ الَّتِي رَوَاهَا خَارِجَ الْمُوَطَّأِ: نَا أَبُو جَعْفَرٍ الْأُسْوَانِيُّ الْمَالِكِيُّ بِمِصْرٍ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَمَّادٍ، نَا أَبُو الْحَارِثِ أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الْفِهْرِيُّ،
نَا أَبُو ثَابِتٍ مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنِي الدَّرَاوَرْدِيُّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ حَفْصٍ، عَنْ نَافِعٍ، قَالَ: قَالَ لِي ابْنُ عُمَرَ: أَمْسِكْ عَلَيَّ الْمُصْحَفَ يَا نَافِعُ، فَقَرَأَ حَتَّى أَتَى عَلَى هَذِهِ الْآيَةِ {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ} [البقرة: 223] فَقَالَ: تَدْرِي يَا نَافِعُ، فِيمَنْ أُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ؟ . قَالَ: قُلْت: لَا. قَالَ: فَقَالَ لِي: فِي رَجُلٍ مِنْ الْأَنْصَارِ أَصَابَ امْرَأَتَهُ فِي دُبُرِهَا، فَأَعْظَمَ النَّاسُ ذَلِكَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ} [البقرة: 223] الْآيَةَ. قَالَ نَافِعٌ: فَقُلْت لِابْنِ عُمَرَ: مِنْ دُبُرِهَا فِي قُبُلِهَا؟ قَالَ: لَا، إلَّا فِي دُبُرِهَا،
قَالَ أَبُو ثَابِتٍ: وَحَدَّثَنِي بِهِ الدَّرَاوَرْدِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، وَابْنِ أَبِي ذِئْبٍ وَفِيهِمَا عَنْ نَافِعٍ مِثْلُهُ، وَفِي تَفْسِيرِ الْبَقَرَةِ مِنْ صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ، نَا إِسْحَاقُ، أَنَا النَّضْرُ، أَنَا ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ نَافِعٍ قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ إذَا قَرَأَ الْقُرْآنَ لَمْ يَتَكَلَّمْ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْهُ، قَالَ: فَأَخَذْت عَلَيْهِ يَوْمًا، فَقَرَأَ سُورَةَ الْبَقَرَةِ حَتَّى انْتَهَى إلَى مَكَان، فَقَالَ: تَدْرِي فِيمَ أُنْزِلَتْ؟ فَقُلْت: لَا. قَالَ: نَزَلَتْ فِي كَذَا وَكَذَا. ثُمَّ مَضَى، وَعَنْ عَبْدِ الصَّمَدِ: حَدَّثَنِي أَبِي - يَعْنِي عَبْدَ الْوَارِثِ -، حَدَّثَنِي أَيُّوبُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ فِي قَوْله تَعَالَى:{نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ} [البقرة: 223] قَالَ: يَأْتِيهَا فِي. . . .
قَالَ: وَرَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ هَكَذَا وَقَعَ عِنْدَهُ، وَالرِّوَايَةُ الْأُولَى فِي تَفْسِيرِ إِسْحَاقَ بْنِ رَاهْوَيْهِ مِثْلُ مَا سَاقَ، لَكِنَّ عَيْنَ الْآيَةِ وَهِيَ {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ} [البقرة: 223] وَغَيْرُ قَوْلِهِ كَذَا وَكَذَا فَقَالَ: نَزَلَتْ فِي إتْيَانِ النِّسَاءِ فِي أَدْبَارِهِنَّ، وَكَذَا رَوَاهُ الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ عُلَيَّةَ، عَنْ ابْنِ عَوْنٍ، وَأَمَّا رِوَايَةُ عَبْدِ الصَّمَدِ فَهِيَ تَفْسِيرُ إِسْحَاقَ أَيْضًا عَنْهُ.
وَقَالَ فِيهِ: يَأْتِيهَا فِي الدُّبُرِ، وَأَمَّا رِوَايَةُ مُحَمَّدٍ فَأَخْرَجَهَا الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْأَعْيَنِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ بِلَفْظِ: إنَّمَا نَزَلَتْ {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ} [البقرة: 223] رُخْصَةً فِي إتْيَانِ الدُّبُرِ، وَأَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ فِي تَارِيخِهِ مِنْ طَرِيقِ عِيسَى بْنِ مَثْرُودٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، وَمِنْ طَرِيقِ سَهْلِ بْنِ عَمَّارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نَافِعٍ، وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي غَرَائِبِ مَالِكٍ مِنْ طَرِيقِ زَكَرِيَّا السَّاجِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَارِثِ الْمَدَنِيِّ، عَنْ أَبِي مُصْعَبٍ، وَرَوَاهُ الْخَطِيبُ فِي الرُّوَاةِ عَنْ مَالِكٍ مِنْ طَرِيقِ أَحْمَدَ بْنِ الْحَكَمِ الْعَبْدِيِّ، وَرَوَاهُ أَبُو إِسْحَاقَ الثَّعْلَبِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ إِسْحَاقَ بْنِ مُحَمَّدِ الْفَرْوِيِّ، وَرَوَاهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي
تَارِيخِ أَصْبَهَانَ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ صَدَقَةَ الْفَدَكِيِّ كُلُّهُمْ عَنْ مَالِكٍ.
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: هَذَا ثَابِتٌ عَنْ مَالِكٍ. وَأَمَّا زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ فَرَوَى النَّسَائِيُّ، وَالطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ، عَنْهُ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ:«أَنَّ رَجُلًا أَتَى امْرَأَتَهُ فِي دُبُرِهَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَوَجَدَ مِنْ ذَلِكَ وَجْدًا شَدِيدًا» .
فَأَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ} [البقرة: 223] الْآيَةَ، وَأَمَّا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ: فَرَوَى النَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ عَنْهُ: أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ لَا يَرَى بِهِ بَأْسًا، مَوْقُوفٌ، وَأَمَّا سَعِيدُ بْنُ يَسَارٍ: فَرَوَى النَّسَائِيُّ، وَالطَّحَاوِيُّ، وَالطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، قَالَ: قُلْت لِمَالِكٍ: إنَّ عِنْدَنَا بِمِصْرٍ اللَّيْثَ بْنَ سَعْدٍ يُحَدِّثْ عَنْ الْحَارِثِ بْنِ يَعْقُوبَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ: قُلْت لِابْنِ عُمَرَ: " إنَّا نَشْتَرِي الْجَوَارِيَ فَنُحَمِّضُ لَهُنَّ ". وَالتَّحْمِيضُ الْإِتْيَانُ فِي الدُّبُرِ، فَقَالَ: أُفٍّ أَوَ يَفْعَلُ هَذَا مُسْلِمٌ، قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: فَقَالَ لِي مَالِكٌ: أَشْهَدُ عَلَى رَبِيعَةَ لَحَدَّثَنِي، عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ أَنَّهُ سَأَلَ ابْنَ عُمَرَ عَنْهُ، فَقَالَ: لَا بَأْسَ بِهِ.
وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ: فَرَوَى أَبُو يَعْلَى وَابْنُ مَرْدُوَيْهِ فِي تَفْسِيرِهِ، وَالطَّبَرِيُّ وَالطَّحَاوِيُّ مِنْ طُرُقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نَافِعٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ،
عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ:" أَنَّ رَجُلًا أَصَابَ امْرَأَةً فِي دُبُرِهَا، فَأَنْكَرَ النَّاسُ ذَلِكَ عَلَيْهِ، وَقَالُوا: ثَفَّرَهَا ". فَأَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} [البقرة: 223] .
وَرَوَاهُ أُسَامَةُ بْنُ أَحْمَدَ التُّجِيبِيُّ مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ وَلَفْظُهُ: كُنَّا نَأْتِي النِّسَاءَ فِي أَدْبَارِهِنَّ، وَيُسَمَّى ذَلِكَ الْإِثْفَارُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ الْآيَةَ. وَرَوَاهُ مِنْ طَرِيقِ مَعْنِ بْنِ عِيسَى، عَنْ هِشَامٍ، وَلَمْ يُسَمِّ أَبَا سَعِيدٍ قَالَ: كَانَ رِجَالٌ مِنْ الْأَنْصَارِ، قُلْت: وَقَدْ أَثْبَتَ ابْنُ عَبَّاسٍ الرِّوَايَةَ فِي ذَلِكَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، وَأَنْكَرَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ، وَبَيَّنَ أَنَّهُ أَخْطَأَ فِي تَأْوِيلِ الْآيَةِ، فَرَوَى أَبُو دَاوُد مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ أَبَانَ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: إنَّ ابْنَ عُمَرَ وَاَللَّهُ يَغْفِرُ لَهُ أَوْهَمَ، إنَّمَا كَانَ هَذَا الْحَيُّ مِنْ الْأَنْصَارِ وَهُمْ أَهْلُ وَثَنٍ، مَعَ هَذَا الْحَيِّ مِنْ يَهُودَ وَهُمْ أَهْلُ كِتَابٍ، وَكَانُوا يَرَوْنَ لَهُمْ فَضْلًا عَلَيْهِمْ مِنْ الْعِلْمِ، فَكَانُوا يَقْتَدُونَ بِكَثِيرٍ مِنْ فِعْلِهِمْ، وَكَانَ مِنْ أَمْرِ أَهْلِ الْكِتَابِ لَا يَأْتُونَ النِّسَاءَ إلَّا عَلَى حَرْفٍ، وَذَلِكَ أَسْتَرُ مَا تَكُونُ الْمَرْأَةُ، فَكَانَ هَذَا الْحَيُّ مِنْ الْأَنْصَارِ قَدْ أَخَذُوا بِذَلِكَ مِنْ فِعْلِهِمْ، وَكَانَ هَذَا الْحَيُّ مِنْ قُرَيْشٍ يُشَرِّحُونَ النِّسَاءَ شَرْحًا مُنْكَرًا، وَيَتَلَذَّذُونَ مِنْهُنَّ مُقْبِلَاتٍ وَمُدْبِرَاتٍ وَمُسْتَلْقِيَاتٍ، فَلَمَّا قَدِمَ الْمُهَاجِرُونَ الْمَدِينَةَ تَزَوَّجَ رَجُلٌ امْرَأَةً مِنْ الْأَنْصَارِ، فَذَهَبَ يَصْنَعُ بِهَا ذَلِكَ، فَأَنْكَرَتْهُ عَلَيْهِ، وَقَالَتْ: إنَّمَا كُنَّا نُؤْتَى عَلَى حَرْفٍ، فَاصْنَعْ ذَلِكَ وَإِلَّا فَاجْتَنِبْنِي، فَسَرَى أَمْرُهُمَا حَتَّى بَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: - {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} [البقرة: 223] أَيْ: مُقْبِلَاتٍ وَمُدْبِرَاتٍ وَمُسْتَلْقِيَاتٍ يَعْنِي بِذَلِكَ مَوْضِعَ الْوَلَدِ. وَلَهُ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ.
قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ، نَا عَفَّانُ، نَا وُهَيْبٌ، نَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَابِطٍ قَالَ: دَخَلْت عَلَى حَفْصَةَ ابْنَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَقُلْت: إنِّي
سَائِلُك عَنْ أَمْرٍ، وَأَنَا أَسْتَحِي أَنْ أَسْأَلُك، قَالَتْ: فَلَا تَسْتَحِي يَا ابْنَ أَخِي، قَالَ: عَنْ إتْيَانِ النِّسَاءِ، وَكَانَتْ الْيَهُودُ تَقُولُ: إنَّهُ مَنْ جَبَّى امْرَأَتَهُ كَانَ وَلَدُهُ أَحْوَلَ، فَلَمَّا قَدِمَ الْمُهَاجِرُونَ الْمَدِينَةَ نَكَحُوا فِي نِسَاءِ الْأَنْصَارِ فَجَبُّوهُنَّ، فَأَبَتْ امْرَأَةٌ أَنْ تُطِيعَ زَوْجَهَا، وَقَالَتْ: لَنْ تَفْعَلَ ذَلِكَ، حَتَّى آتِيَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَدَخَلَتْ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ فَذَكَرَتْ لَهَا ذَلِكَ، فَقَالَتْ: اجْلِسِي حَتَّى يَأْتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَلَمَّا جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، اسْتَحْيَتْ الْأَنْصَارِيَّةُ أَنْ تَسْأَلَهُ، فَخَرَجَتْ، «فَحَدَّثَتْ أُمُّ سَلَمَةَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: اُدْعِي الْأَنْصَارِيَّةَ. فَدُعِيَتْ فَتَلَا عَلَيْهَا هَذِهِ الْآيَةَ: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} [البقرة: 223] صِمَامًا وَاحِدًا» .
(تَنْبِيهٌ) :
رَوَى النَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ بَكْرِ بْنِ مُضَرَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْهَادِ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ: أَنَّ رَجُلًا سَأَلَهُ عَنْ الْمَرْأَةِ تُؤْتَى فِي دُبُرِهَا فَقَالَ: إنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ كَانَ يَقُولُ: اسْقِ حَرْثَك مِنْ حَيْثُ نَبَاتُهُ. كَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ، وَفِي بَعْضِهَا مِنْ حَيْثُ شِئْت.
وَكَذَا رَوَاهُ الْفَضْلُ بْنُ حِنْزَابَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَى الْمَأْمُونِيِّ، عَنْ النَّسَائِيّ، وَالْأَوَّلُ أَشْبَهُ بِمَذْهَبِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
وَرَوَى جَابِرٌ: أَنَّ سَبَبَ نُزُولِ الْآيَةِ الْمَذْكُورَةِ: أَنَّ الْيَهُودَ كَانَتْ تَقُولُ: إذَا أَتَى الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ مِنْ خَلْفِهَا فِي قُبُلِهَا، جَاءَ الْوَلَدُ أَحْوَلَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى، أَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا، وَفِي رِوَايَة آدَمَ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، سَمِعْت جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ فِي قَوْلِ اللَّهِ عز وجل:{فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} [البقرة: 223] قَالَ: قَالَتْ الْيَهُودُ: إذَا أَتَى الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ بَارِكَةً، كَانَ الْوَلَدُ أَحْوَلَ، فَأَكْذَبَهُمْ اللَّهُ عز وجل فَأَنْزَلَ:{نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} [البقرة: 223] يَقُولُ: كَيْفَ شِئْتُمْ فِي الْفَرْجِ، يُرِيدُ بِذَلِكَ مَوْضِعَ الْوَلَدِ لِلْحَرْثِ، يَقُولُ: ائْتِ الْحَرْثَ كَيْفَ شِئْت، وَمِنْ قَوْلِهِ يَقُولُ: كَيْفَ شِئْتُمْ، يُحْمَلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ ذَلِكُمْ جَائِزًا وَمِنْ دُونِهِ
(فَائِدَةٌ) :
مَا تَقَدَّمَ نَقْلُهُ عَنْ الْمَالِكِيَّةِ، لَمْ يُنْقَلْ عَنْ أَصْحَابِهِمْ إلَّا عَنْ نَاسٍ قَلِيلٍ، قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: كَانَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إبْرَاهِيمَ الْأَصِيلِيُّ يُجِيزُهُ وَيَذْهَبُ فِيهِ إلَى أَنَّهُ غَيْرُ مُحَرَّمٍ، وَصَنَّفَ فِي إبَاحَتِهِ مُحَمَّدُ بْنُ سَحْنُونٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ شَعْبَانَ، وَنَقَلَا ذَلِكَ عَنْ جَمْعٍ كَثِيرٍ مِنْ التَّابِعِينَ.
وَفِي كَلَامِ ابْنِ الْعَرَبِيِّ وَالْمَازِرِيِّ مَا يُومِئُ إلَى جَوَازِ ذَلِكَ أَيْضًا، وَحَكَى ابْنُ بَزِيزَةَ فِي تَفْسِيرِهِ، عَنْ عِيسَى بْنِ دِينَارٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: هُوَ أَحَلُّ مِنْ الْمَاءِ الْبَارِدِ، وَأَنْكَرَهُ كَثِيرٌ مِنْهُمْ أَصْلًا وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ، وَابْنُ عَطِيَّةَ قَبْلَهُ: لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَأْخُذَ بِذَلِكَ، وَلَوْ ثَبَتَتْ الرِّوَايَةُ فِيهِ لِأَنَّهَا مِنْ الزَّلَّاتِ.
وَذَكَرَ الْخَلِيلِيُّ فِي الْإِرْشَادِ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ أَنَّ مَالِكًا رَجَعَ عَنْهُ، وَفِي مُخْتَصَرِ ابْنِ الْحَاجِبِ، عَنْ ابْنِ وَهْبٍ، عَنْ مَالِكٍ إنْكَارُ ذَلِكَ، وَتَكْذِيبُ مَنْ نَقَلَهُ عَنْهُ، لَكِنَّ الَّذِي رَوَى ذَلِكَ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ غَيْرُ مَوْثُوقٍ بِهِ. وَالصَّوَابُ مَا حَكَاهُ الْخَلِيلِيُّ فَقَدْ ذَكَرَ الطَّبَرِيُّ، عَنْ يُونُسَ بْنِ عَبْدِ الْأَعْلَى، عَنْ ابْنِ وَهْبٍ، عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ أَبَاحَهُ، رَوَى الثَّعْلَبِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ مِنْ طَرِيقِ الْمُزَنِيِّ قَالَ: كُنْت عِنْدَ ابْنِ وَهْبٍ وَهُوَ يَقْرَأُ عَلَيْنَا رِوَايَةَ مَالِكٍ فَجَاءَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ، فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ ارْوِ لَنَا مَا رَوَيْت، فَامْتَنَعَ أَنْ يَرْوِيَ لَهُمْ ذَلِكَ، وَقَالَ: أَحَدُكُمْ يَصْحَبُ الْعَالِمَ، فَإِذَا تَعَلَّمَ مِنْهُ لَمْ يُوجِبْ لَهُ مِنْ حَقِّهِ مَا يَمْنَعُهُ مِنْ أَقْبَحِ مَا يُرْوَى عَنْهُ، وَأَبَى أَنْ يَرْوِيَ ذَلِكَ.
وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ كَرَاهَتُهُ، وَتَكْذِيبُ مَنْ نَقَلَهُ عَنْهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ، أَخْرَجَهُ الْخَطِيبُ فِي الرُّوَاةِ عَنْ مَالِكٍ مِنْ طَرِيقِ إسْمَاعِيلَ بْنِ حِصْنٍ، عَنْ إسْرَائِيلَ بْنِ رَوْحٍ، قَالَ: سَأَلْت مَالِكًا عَنْهُ، فَقَالَ: مَا أَنْتُمْ قَوْمُ عَرَبٍ، هَلْ يَكُونُ الْحَرْثُ إلَّا مَوْضِعَ الزَّرْعِ؟ قُلْت: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ إنَّهُمْ يَقُولُونَ ذَلِكَ، قَالَ: يَكْذِبُونَ عَلَيَّ، وَالْعُهْدَةُ فِي هَذِهِ الْحِكَايَةِ عَلَى إسْمَاعِيلَ فَإِنَّهُ وَاهِي الْحَدِيثِ.
وَقَدْ رَوَيْنَا فِي عُلُومِ الْحَدِيثِ لِلْحَاكِمِ قَالَ: نَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، نَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ الْبَيْرُوتِيُّ، نَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ، سَمِعْت الْأَوْزَاعِيَّ يَقُولُ: يُجْتَنَبُ، أَوْ يُتْرَكُ مِنْ قَوْلِ أَهْلِ الْحِجَازِ خَمْسٌ، وَمِنْ قَوْلِ أَهْلِ الْعِرَاقِ خَمْسٌ، مِنْ أَقْوَالِ أَهْلِ الْحِجَازِ: اسْتِمَاعُ الْمَلَاهِي، وَالْمُتْعَةُ، وَإِتْيَانُ النِّسَاءِ فِي أَدْبَارِهِنَّ، وَالصَّرْفُ، وَالْجَمْعُ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ بِغَيْرِ عُذْرٍ، وَمِنْ أَقْوَالِ أَهْلِ الْعِرَاقِ: شُرْبُ النَّبِيذِ، وَتَأْخِيرُ الْعَصْرِ حَتَّى يَكُونَ ظِلُّ الشَّيْءِ أَرْبَعَةَ أَمْثَالِهِ، وَلَا جُمُعَةَ إلَّا فِي سَبْعَةِ أَمْصَارٍ، وَالْفِرَارُ مِنْ
الزَّحْفِ، وَالْأَكْلُ بَعْدَ الْفَجْرِ فِي رَمَضَانَ.
وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ قَالَ: لَوْ أَنَّ رَجُلًا أَخَذَ بِقَوْلِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ: فِي اسْتِمَاعِ الْغِنَاءِ، وَإِتْيَانِ النِّسَاءِ فِي أَدْبَارِهِنَّ، وَبِقَوْلِ أَهْلِ مَكَّةَ: فِي الْمُتْعَةِ، وَالصَّرْفِ، وَبِقَوْلِ أَهْلِ الْكُوفَةِ: فِي الْمُسْكِرِ، كَانَ شَرَّ عِبَادِ اللَّهِ، وَقَالَ أَحْمَدُ بْنِ أُسَامَةَ التُّجِيبِيُّ: نَا أَبِي، سَمِعْت الرَّبِيعَ بْنَ سُلَيْمَانَ الْجِيزِيَّ يَقُولُ: أَنَا أَصْبَغُ؛ قَالَ: سُئِلَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَهُوَ فِي الْجَامِعِ، فَقَالَ: لَوْ جُعِلَ لِي مِلْءُ هَذَا الْمَسْجِدِ ذَهَبًا مَا فَعَلْته، قَالَ: ونَا أَبِي سَمِعْت الْحَارِثَ بْنَ مِسْكِينٍ يَقُولُ: سَأَلْت ابْنَ الْقَاسِمِ عَنْهُ فَكَرِهَهُ لِي. قَالَ: وَسَأَلَهُ غَيْرِي فَقَالَ: كَرِهَهُ مَالِكٌ. . . .
1663 -
(3) - حَدِيثٌ: «حَتَّى تَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ» . تَقَدَّمَ.
1664 -
(4) - حَدِيثٌ: «الْعَزْلُ هُوَ الْوَأْدُ الْخَفِيُّ» . مُسْلِمٌ مِنْ رِوَايَةِ جُدَامَةَ بِنْتِ وَهْبٍ فِي حَدِيثٍ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مَنْسُوخٌ، فَقَدْ رَوَى أَصْحَابُ السُّنَنِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إنَّ الْيَهُودَ زَعَمُوا أَنَّ الْعَزْلَ الْمَوْءُودَةُ الصُّغْرَى، فَقَالَ: كَذَبَتْ يَهُودٌ، لَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَخْلُقَهُ لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَصْرِفَهُ» . وَنَحْوُهُ لِلنِّسَائِيِّ عَنْ جَابِرٍ، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَجَزَمَ الطَّحَاوِيُّ بِكَوْنِهِ مَنْسُوخًا وَتَعَقَّبْ، وَعَكْسَهُ ابْنُ حَزْمٍ.
1665 -
(5) - حَدِيثُ جَابِرٍ: «كُنَّا نَعْزِلُ، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَلَمْ يَنْهَانَا» . مُسْلِمٌ بِاللَّفْظِ الْمَذْكُورِ، وَاتَّفَقَا عَلَيْهِ بِلَفْظِ:«كُنَّا نَعْزِلُ، وَالْقُرْآنُ يَنْزِلُ» .
1666 -
(6) - حَدِيثٌ: «مَلْعُونٌ مَنْ نَكَحَ يَدَهُ» . الْأَزْدِيُّ فِي الضُّعَفَاءِ، وَابْنُ الْجَوْزِيِّ مِنْ طَرِيقِ الْحَسَنِ بْنِ عَرَفَةَ فِي جُزْئِهِ الْمَشْهُورِ، مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ بِلَفْظِ:«سَبْعَةٌ لَا يَنْظُرُ اللَّهُ إلَيْهِمْ - فَذَكَرَ مِنْهُمْ - النَّاكِحَ يَدَهُ» . وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ، وَلِأَبِي الشَّيْخِ فِي كِتَابِ التَّرْهِيبِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَن الْحُبُلِيِّ، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ جَعْفَرُ الْفِرْيَابِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو، وَفِيهِ ابْنُ لَهِيعَةَ وَهُوَ ضَعِيفٌ.
1667 -
(7) - حَدِيثٌ: «كَانَ يَطُوفُ عَلَى نِسَائِهِ بِغُسْلٍ وَاحِدٍ، وَهُنَّ تِسْعٌ» . مُتَّفِقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ، وَفِي رِوَايَةٍ لِأَبِي نُعَيْمٍ فِي مَعْرِفَةِ الصَّحَابَةِ: فِي ضَحْوَةٍ.
1668 -
(8) - حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودُ، وَابْنُ عَبَّاسٍ: تُسْتَأْذَنُ الْحُرَّةُ فِي الْعَزْلِ، أَمَّا أَثَرُ ابْنِ مَسْعُودٍ: فَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ سَوَّارٍ الْكُوفِيِّ، عَنْهُ، قَالَ:«تُسْتَأْمَرُ الْحُرَّةُ، وَيُعْزَلُ عَنْ الْأَمَةِ» . وَأَمَّا أَثَرُ ابْنِ عَبَّاسٍ: فَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَطَاءٍ عَنْهُ، قَالَ:«نُهِيَ عَنْ عَزْلِ الْحُرَّةِ، إلَّا بِإِذْنِهَا» . وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ
عَنْهُ: أَنَّهُ كَانَ يَعْزِلُ عَنْ أَمَتِهِ، وَفِيهِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ:" يُعْزَلُ عَنْ الْأَمَةِ، وَيُسْتَأْذَنُ الْحُرَّةُ ". وَعَنْ عُمَرَ مِثْلُهُ، رَوَاهُمَا الْبَيْهَقِيّ وَفِيهِ ابْنُ لَهِيعَةَ وَهُوَ مَعْرُوفٌ، وَرُوِيَ مَرْفُوعًا أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ مِنْ طَرِيقِ الْمُحْرِزِ بْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُمَرَ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ أَنْ يَعْزِلَ عَنْ الْحُرَّةِ إلَّا بِإِذْنِهَا» . وَفِيهِ ابْنُ لَهِيعَةَ، قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْعِلَلِ: وَهَمَ فِيهِ، وَالصَّوَابُ عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ حَمْزَةَ، عَنْ عُمَرَ، لَيْسَ فِيهِ ابْنُ عُمَرَ.