الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[بَابُ مَوَانِعِ النِّكَاحِ]
1630 -
(1) - حَدِيثٌ: «يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنْ الْوِلَادَةِ» . وَيُرْوَى: «مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ بِاللَّفْظِ الْأَوَّلِ وَلِلْبُخَارِيِّ مِنْ حَدِيثِهَا: «حَرِّمُوا مِنْ الرَّضَاعَةِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ» . وَفِي لَفْظٍ لِلنَّسَائِيِّ: «مَا حَرَّمَتْهُ الْوِلَادَةُ حَرَّمَهُ الرَّضَاعُ» . وَفِي الْبَابِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قِصَّةِ بِنْتِ حَمْزَةَ، فَقَالَ:«وَإِنَّهُ يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَلِمُسْلِمٍ «مِنْ الرَّحِمِ» .
1631 -
(2) - قَوْلُهُ: فِي حِلِّ زَوْجَةِ مَنْ تَبَنَّى أَجْنَبِيًّا، «لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم زَوَّجَ زَيْدًا زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ، وَكَانَ تَبَنَّاهُ، ثُمَّ تَزَوَّجَهَا» . أَمَّا قِصَّةُ تَزْوِيجِ زَيْنَبَ فَتَقَدَّمَتْ، وَأَمَّا «كَوْنُهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ تَبَنَّى زَيْدًا» ، فَرَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي تَرْجَمَةِ زَيْدٍ مِنْ مُسْتَدْرَكِهِ.
1632 -
(3) - حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ: «مَنْ نَكَحَ امْرَأَةً ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا، حَرُمَتْ عَلَيْهِ أُمَّهَاتُهَا، وَلَمْ تَحْرُمْ عَلَيْهِ بِنْتُهَا» . التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ
عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ بِمَعْنَاهُ وَقَالَ: لَا يَصِحُّ، وَإِنَّمَا رَوَاهُ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ: الْمُثَنَّى بْنُ الصَّبَّاحِ وَابْنُ لَهِيعَةَ وَهُمَا ضَعِيفَانِ. وَقَالَ غَيْرُهُ: يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ ابْنُ لَهِيعَةَ أَخَذَهُ عَنْ الْمُثَنَّى ثُمَّ أَسْقَطَهُ، فَإِنَّ أَبَا حَاتِمٍ قَدْ قَالَ: لَمْ يَسْمَعْ ابْنُ لَهِيعَةَ مِنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ.
(تَنْبِيهٌ) :
تَبَيَّنَ أَنَّ قَوْلَ الرَّافِعِيِّ: ابْنُ عُمَرَ، فِيهِ تَحْرِيفٌ لَعَلَّهُ مِنْ النَّاسِخِ، وَالصَّوَابُ ابْنُ عَمْرٍو بِزِيَادَةِ وَاوٍ.
وَفِي الْبَابِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ قَوْلِهِ أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي تَفْسِيرِهِ بِإِسْنَادٍ قَوِيٍّ إلَيْهِ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: إذَا طَلَّقَ الرَّجُلُ امْرَأَةً قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا وَمَاتَتْ، لَمْ تَحِلَّ لَهُ أُمُّهَا، وَنَقَلَ الطَّبَرَانِيُّ فِيهِ الْإِجْمَاعَ، لَكِنْ فِي ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى بَأْسًا إذَا طَلَّقَهَا، وَيُكْرَهُ إذَا مَاتَتْ عَنْهُ.
وَرَوَى مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْهُ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ تَزَوَّجَ، ثُمَّ مَاتَتْ قَبْلَ أَنْ يُصِيبَهَا، هَلْ تَحِلُّ لَهُ أُمُّهَا؟ قَالَ: لَا، الْأُمُّ مُبْهَمَةٌ وَإِنَّمَا الشَّرْطُ فِي الرَّبَائِبِ.
1633 -
(4) - قَوْلُهُ: رُوِيَ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يَجْمَعْ مَاءَهُ فِي رَحِمِ أُخْتَيْنِ» . وَيُرْوَى: «مَلْعُونٌ مَنْ جَمَعَ مَاءً فِي رَحِمِ أُخْتَيْنِ» لَا أَصْلَ لَهُ بِاللَّفْظَيْنِ.
وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ اللَّفْظَ الثَّانِيَ، وَلَمْ يَعْزُهُ إلَى كِتَابٍ مِنْ كُتُبِ الْحَدِيثِ، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْهَادِي: لَمْ أَجِدْ لَهُ سَنَدًا بَعْدَ أَنْ فَتَّشْت عَلَيْهِ فِي كُتُبٍ كَثِيرَةٍ. وَفِي الْبَابِ حَدِيثُ أُمِّ حَبِيبَةَ فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهَا قَالَتْ: «يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْكِحْ
أُخْتِي، قَالَ: لَا تَحِلُّ لِي» . الْحَدِيثَ وَلِأَبِي دَاوُد مِنْ حَدِيثِ فَيْرُوزَ الدَّيْلَمِيِّ قَالَ: «قُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي أَسْلَمْت وَتَحْتِي أُخْتَانِ قَالَ: طَلِّقْ أَيَّهُمَا شِئْت» . وَالتِّرْمِذِيُّ فِي رِوَايَتِهِ: «اخْتَرْ أَيَّهُمَا شِئْت» .
وَسَيَأْتِي فِي بَابِ نِكَاحِ الْمُشْرِكِ
1634 -
(5) - حَدِيثُ عَلِيٍّ فِي الْأُخْتَيْنِ: سَيَأْتِي أَوَاخِرَ الْبَابِ.
1635 -
(6) - حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ: «لَا تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ عَلَى عَمَّتِهَا، وَلَا الْعَمَّةُ عَلَى بِنْتِ أَخِيهَا، وَلَا الْمَرْأَةُ عَلَى خَالَتِهَا، وَلَا الْخَالَةُ عَلَى بِنْتِ أُخْتِهَا، لَا الْكُبْرَى عَلَى الصُّغْرَى، وَلَا الصُّغْرَى عَلَى الْكُبْرَى» . أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ دَاوُد بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْهُ، وَلَيْسَ فِي رِوَايَةِ النَّسَائِيّ:«لَا تُنْكَحُ الْكُبْرَى عَلَى الصُّغْرَى» إلَى آخِرِهِ، وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَأَصْلُهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ طَرِيقِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ:«لَا يُجْمَعُ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَعَمَّتِهَا، وَلَا بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَخَالَتِهَا» . وَلِمُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ قَبِيصَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ «لَا تُنْكَحُ الْعَمَّةُ عَلَى بِنْتِ الْأَخِ، وَلَا ابْنَةُ الْأُخْتِ عَلَى الْخَالَةِ» . وَلَهُ مِنْ طَرِيقِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْهُ «لَا تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ عَلَى عَمَّتِهَا، وَلَا عَلَى خَالَتِهَا» . وَفِي رِوَايَةٍ:
«لَا يُجْمَعُ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَعَمَّتِهَا، وَلَا الْمَرْأَةِ وَخَالَتِهَا» . وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ بِنَحْوِهِ عَنْ جَابِرٍ، وَقِيلَ: إنَّ رَاوِيَهُ عَنْ الشَّعْبِيِّ أَخْطَأَ فِي قَوْلِهِ: عَنْ جَابِرٍ، وَإِنَّمَا هُوَ أَبُو هُرَيْرَةَ لَكِنْ أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ أَيْضًا، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: طُرُقُ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مُتَوَاتِرَةٌ عَنْهُ، وَزَعَمَ قَوْمٌ أَنَّهُ تَفَرَّدَ بِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، ثُمَّ سَاقَ لَهُ طُرُقًا عَنْ غَيْرِهِ.
وَفِي الْبَابِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ. وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ. وَعَنْ عَلِيٍّ رَوَاهُ الْبَزَّارُ وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَفِيهِ أَيْضًا عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَزَيْنَبَ امْرَأَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَأَبِي أُمَامَةَ، وَعَائِشَةَ، وَأَبِي مُوسَى، وَسَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ.
(تَنْبِيهٌ) :
قَالَ الشَّافِعِيُّ: لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ وَجْهٍ يُثْبِتُهُ أَهْلُ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ إلَّا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: قَدْ رُوِيَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ إلَّا أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ.
قُلْت: قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ الْبُخَارِيَّ أَخْرَجَهُ عَنْ جَابِرٍ.
1636 -
(7) - قَوْلُهُ: رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ أَشَارَ إلَى عِلَّةِ النَّهْيِ فَقَالَ: «إنَّكُمْ إذَا فَعَلْتُمْ ذَلِكَ؛ قَطَعْتُمْ أَرْحَامَهُنَّ» . ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ وَابْنُ عَدِيٍّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي حُرَيْزٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ بِنَحْوِ مَا تَقَدَّمَ، وَزَادَ فِي آخِرِهِ هَذِهِ الزِّيَادَةَ، وَرَوَاهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي التَّمْهِيدِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، وَأَبُو حُرَيْزٍ بِالْمُهْمَلَةِ، وَالرَّاءِ ثُمَّ الزَّايِ اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حُسَيْنٍ، عَلَّقَ لَهُ الْبُخَارِيُّ، وَوَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَأَبُو زُرْعَةَ، وَضَعَّفَهُ جَمَاعَةٌ، فَهُوَ حَسَنُ الْحَدِيثِ. وَفِي الْبَابِ مَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد فِي الْمَرَاسِيلِ عَنْ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ قَالَ:«نَهَى رَسُولُ اللَّهِ عَنْ أَنْ تُنْكَحَ الْمَرْأَةُ عَلَى قَرَابَتِهَا مَخَافَةَ الْقَطِيعَةِ» .
(تَنْبِيهٌ) :
رِوَايَةُ ابْنِ حِبَّانَ بِالنُّونِ، بِلَفْظِ الْخَطَّابِ لِلنِّسَاءِ فِي الْمَوَاضِعِ كُلِّهَا «إنَّكُنَّ إذَا فَعَلْتُنَّ ذَلِكَ قَطَعْنَ أَرْحَامَهُنَّ» ، وَرِوَايَةُ ابْنِ عَدِيٍّ بِلَفْظِ الْخَطَّابِ لِلرِّجَالِ، وَبِالْمِيمِ فِي الْمَوَاضِعِ كُلِّهَا، وَمَا أَوْرَدَهُ الْمُصَنِّفُ لَا يُوَافِقُ وَاحِدًا مِنْهُمَا.
قَوْلُهُ: «لَا يُحَرِّمُ الْحَرَامُ الْحَلَالَ» . هُوَ لَفْظُ حَدِيثٍ أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ.
1637 -
(8) - حَدِيثٌ: «أَنَّ غَيْلَانَ أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ عَشْرُ نِسْوَةٍ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم اخْتَرْ أَرْبَعًا وَفَارَقَ سَائِرَهُنَّ» . الشَّافِعِيُّ، عَنْ الثِّقَةِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ نَحْوُهُ، وَرَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ بِهَذَا اللَّفْظِ وَبِأَلْفَاظٍ أُخَرَ، وَرَوَاهُ أَيْضًا التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ
كُلُّهُمْ مِنْ طُرُقٍ عَنْ مَعْمَرٍ. مِنْهُمْ ابْنُ عُلَيَّةَ، وَغُنْدَرٌ، وَيَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، وَسَعِيدٌ، وَعِيسَى بْنُ يُونُسَ، وَكُلُّهُمْ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ. قَالَ الْبَزَّارُ: جَوَّدَهُ مَعْمَرٌ بِالْبَصْرَةِ، وَأَفْسَدَهُ بِالْيَمَنِ فَأَرْسَلَهُ، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: قَالَ الْبُخَارِيُّ: هَذَا الْحَدِيثُ غَيْرُ مَحْفُوظٍ، وَالْمَحْفُوظُ مَا رَوَاهُ شُعَيْبٌ، عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ: حَدَّثْت عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُوَيْد الثَّقَفِيِّ «أَنَّ غَيْلَانَ أَسْلَمَ» . الْحَدِيثَ.
قَالَ الْبُخَارِيُّ: وَإِنَّ حَدِيثَ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، فَإِنَّمَا هُوَ أَنَّ رَجُلًا مِنْ ثَقِيفٍ طَلَّقَ نِسَاءَهُ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ:" لِتُرْجِعَن نِسَاءَك، أَوْ لَأَرْجُمَنك ". وَحَكَمَ مُسْلِمٌ فِي التَّمَيُّزِ عَلَى مَعْمَرٍ بِالْوَهْمِ فِيهِ، وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ أَبِيهِ وَأَبِي زُرْعَةَ: الْمُرْسَلُ أَصَحُّ، وَحَكَى الْحَاكِمُ عَنْ مُسْلِمٍ: أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ مِمَّا وَهَمَ فِيهِ مَعْمَرٌ بِالْبَصْرَةِ، قَالَ: فَإِنْ رَوَاهُ عَنْهُ ثِقَةٌ خَارِجَ الْبَصْرَةِ حَكَمْنَا لَهُ بِالصِّحَّةِ.
وَقَدْ أَخَذَ ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ بِظَاهِرِ هَذَا الْحُكْمِ، فَأَخْرَجُوهُ مِنْ طُرُقٍ، عَنْ مَعْمَرٍ مِنْ حَدِيثِ أَهْلِ الْكُوفَةِ وَأَهْلِ خُرَاسَانَ وَأَهْلِ الْيَمَامَةِ عَنْهُ.
قُلْت: وَلَا يُفِيدُ ذَلِكَ شَيْئًا، فَإِنَّ هَؤُلَاءِ كُلَّهُمْ إنَّمَا سَمِعُوا مِنْهُ بِالْبَصْرَةِ، وَإِنْ كَانُوا مِنْ غَيْرِ أَهْلِهَا، وَعَلَى تَقْدِيرِ تَسْلِيمِ أَنَّهُمْ سَمِعُوا مِنْهُ بِغَيْرِهَا، فَحَدِيثُهُ الَّذِي حَدَّثَ بِهِ فِي غَيْرِ بَلَدِهِ، مُضْطَرِبٌ، لِأَنَّهُ كَانَ يُحَدِّثُ فِي بَلَدِهِ مِنْ كُتُبِهِ عَلَى الصِّحَّةِ، وَأَمَّا إذَا رَحَلَ فَحَدَّثَ مِنْ حِفْظِهِ بِأَشْيَاءَ وَهَمَ فِيهَا، اتَّفَقَ عَلَى ذَلِكَ أَهْلُ الْعِلْمِ بِهِ كَابْنِ الْمَدِينِيِّ وَالْبُخَارِيِّ، وَأَبِي حَاتِمٍ، وَيَعْقُوبَ بْنِ شَيْبَةَ، وَغَيْرِهِمْ، وَقَدْ قَالَ الْأَثْرَمُ عَنْ أَحْمَدَ: هَذَا الْحَدِيثُ لَيْسَ بِصَحِيحٍ، وَالْعَمَلُ عَلَيْهِ بِهِ، وَأَعَلَّهُ بِتَفَرُّدِ مَعْمَرٍ بِوَصْلِهِ وَتَحْدِيثِهِ بِهِ فِي غَيْرِ بَلَدِهِ هَكَذَا، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: طُرُقُهُ كُلُّهَا مَعْلُولَةٌ، وَقَدْ أَطَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْعِلَلِ تَخْرِيجَ طُرُقِهِ، وَرَوَاهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ وَمَالِكٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ مُرْسَلًا، وَكَذَا رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ، وَقَدْ وَافَقَ مَعْمَرًا عَلَى وَصْلِهِ بَحْرُ بْنُ كَثِيرٍ السَّقَّا، عَنْ
الزُّهْرِيِّ، لَكِنْ بَحْرٌ ضَعِيفٌ، وَكَذَا وَصَلَهُ يَحْيَى بْنُ سَلَّامٍ عَنْ مَالِكٍ، وَيَحْيَى ضَعِيفٌ.
(فَائِدَةٌ) :
قَالَ النَّسَائِيُّ، أَنَا أَبُو بَرِيدٍ عَمْرُو بْنُ يَزِيدَ الْجَرْمِيُّ، أَنَا سَيْفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ سَرَّارِ بْنِ مُجَشِّرٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ وَسَالِمٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ:«أَنَّ غَيْلَانَ بْنَ سَلَمَةَ الثَّقَفِيَّ أَسْلَمَ وَعِنْدَهُ عَشْرُ نِسْوَةٍ» . الْحَدِيثَ وَفِيهِ «فَأَسْلَمَ وَأَسْلَمْنَ مَعَهُ» ، وَفِيهِ: فَلَمَّا كَانَ زَمَنُ عُمَرَ طَلَّقَهُنَّ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: رَاجِعْهُنَّ، وَرِجَالُ إسْنَادِهِ ثِقَاتٌ، وَمِنْ هَذَا الْوَجْهِ أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَاسْتَدَلَّ بِهِ ابْنُ الْقَطَّانِ عَلَى صِحَّةِ حَدِيثِ مَعْمَرٍ، قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ: وَإِنَّمَا اتَّجَهَتْ تَخْطِئَتُهُمْ حَدِيثَ مَعْمَرٍ، لِأَنَّ أَصْحَابَ الزُّهْرِيِّ اخْتَلَفُوا عَلَيْهِ، فَقَالَ مَالِكٌ وَجَمَاعَةٌ عَنْهُ: بَلَغَنِي. . . فَذَكَرَهُ.
وَقَالَ يُونُسُ عَنْهُ: عَنْ عُثْمَانَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي سُوَيْد، وَقِيلَ: عَنْ يُونُسَ عَنْهُ بَلَغَنِي عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي سُوَيْد، وَقَالَ شُعَيْبٌ: عَنْهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي سُوَيْد، وَمِنْهُمْ مَنْ رَوَاهُ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَسْلَمَ غَيْلَانُ فَلَمْ يَذْكُرْ وَاسِطَهُ، قَالَ: فَاسْتَبْعَدُوا أَنْ يَكُونَ عِنْدَ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا، ثُمَّ يُحَدِّثُ بِهِ عَلَى تِلْكَ الْوُجُوهِ الْوَاهِيَةِ، وَهَذَا عِنْدِي غَيْرُ مُسْتَبْعَدٍ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. قُلْت: وَمِمَّا يُقَوِّي نَظَرَ ابْنِ الْقَطَّانِ أَنَّ الْإِمَامَ أَحْمَدَ أَخْرَجَهُ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ ابْنِ عُلَيَّةَ وَمُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ جَمِيعًا عَنْ مَعْمَرٍ بِالْحَدِيثَيْنِ مَعًا، حَدِيثُهُ الْمَرْفُوعُ وَحَدِيثُهُ الْمَوْقُوفُ عَلَى عُمَرَ، وَلَفْظُهُ:«أَنَّ ابْنَ سَلَمَةَ الثَّقَفِيَّ أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ عَشْرُ نِسْوَةٍ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: اخْتَرْ مِنْهُنَّ أَرْبَعًا. فَلَمَّا كَانَ فِي عَهْدِ عُمَرَ طَلَّقَ. نِسَاءَهُ، وَقَسَمَ مَالَهُ بَيْنَ بَنِيهِ، فَبَلَغَ ذَلِكَ عُمَرَ فَقَالَ: إنِّي لَأَظُنُّ الشَّيْطَانَ مِمَّا يَسْتَرِقُ مِنْ السَّمْعِ سَمِعَ بِمَوْتِك، فَقَذَفَهُ فِي نَفْسِك، وَأَعْلَمَك أَنَّك لَا تَمْكُثُ إلَّا قَلِيلًا، وَأَيْمُ اللَّهِ لَتُرَاجِعَن نِسَاءَك، وَلْتُرْجِعَن مَالَك، أَوْ لِأُوَرِّثَهُنَّ مِنْك، وَلَآمُرَن بِقَبْرِك فَيُرْجَمَ كَمَا رُجِمَ قَبْرُ أَبِي رِغَالٍ» .
قُلْت: وَالْمَوْقُوفُ عَلَى عُمَرَ هُوَ الَّذِي حَكَمَ الْبُخَارِيُّ بِصِحَّتِهِ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، بِخِلَافِ أَوَّلِ الْقِصَّةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَفِي الْبَابِ عَنْ قَيْسِ بْنِ الْحَارِثِ أَوْ الْحَارِثِ بْنِ قَيْسٍ عِنْدَ أَبِي دَاوُد وَابْنِ مَاجَهْ.
وَعَنْ عُرْوَةَ بْنِ مَسْعُودٍ وَصَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ ذَكَرَهُمَا الْبَيْهَقِيّ.
(تَنْبِيهٌ) :
وَقَعَ عِنْدَ الْغَزَالِيِّ فِي كُتُبِهِ تَبَعًا لِشَيْخِهِ فِي النِّهَايَةِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ: أَنَّ ابْنَ غَيْلَانَ، وَهُوَ خَطَأٌ.
1638 -
(9) - حَدِيثٌ: «أَنَّ نَوْفَلَ بْنَ مُعَاوِيَةَ أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ خَمْسُ نِسْوَةٍ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: أَمْسِكْ أَرْبَعًا، وَفَارِقْ الْأُخْرَى» . الشَّافِعِيُّ أَنَا بَعْضُ أَصْحَابِنَا، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ عَبْدِ الْمَجِيدِ بْنِ سُهَيْلٍ، عَنْ عَوْفِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ نَوْفَلِ بْنِ مُعَاوِيَةَ قَالَ: أَسْلَمْت فَذَكَرَهُ، وَفِي آخِرِهِ قَالَ:«فَعَمَدْت إلَى أَقْدَمِهِنَّ صُحْبَةً، عَجُوزٍ عَاقِرٍ مَعِي مُنْذُ سِتِّينَ سَنَةً، فَطَلَّقْتهَا» .
1639 -
(10) - حَدِيثُ عَائِشَةَ: «جَاءَتْ امْرَأَةُ رِفَاعَةَ الْقُرَظِيِّ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: إنِّي كُنْت عِنْدَ رِفَاعَةَ، فَطَلَّقَنِي فَبَتَّ طَلَاقِي» . الْحَدِيثَ، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ «قَالَتْ عَائِشَةُ: فَصَارَ ذَلِكَ سُنَّةً بَعْدَهُ» . وَلِأَحْمَدَ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ مَرْفُوعًا: «الْعُسَيْلَةُ هِيَ الْجِمَاعُ» . وَبِهَذَا قَالَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَعَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ: هِيَ الْإِنْزَالُ.
1640 -
(11) - حَدِيثٌ: «لَعَنَ اللَّهُ الْمُحَلِّلَ وَالْمُحَلَّلَ لَهُ» . التِّرْمِذِيُّ
وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ الْقَطَّانِ، وَابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ، وَلَهُ طَرِيقٌ أُخْرَى أَخْرَجَهَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ الْأَعْمَشِ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ، عَنْ الْحَارِثِ، عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ وَأُخْرَى أَخْرَجَهَا إِسْحَاقُ فِي مُسْنَدِهِ، عَنْ زَكَرِيَّا بْنِ عَدِيٍّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، وَعَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيِّ، عَنْ أَبِي الْوَاصِلِ، عَنْهُ.
وَفِي الْبَابِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ، وَفِي إسْنَادِهِ زَمْعَةُ بْنُ صَالِحٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَرَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ، وَالتِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ، وَفِي إسْنَادِهِ مُجَالِدٌ وَفِيهِ ضَعْفٌ، وَقَدْ صَحَّحَهُ ابْنُ السَّكَنِ، وَأَعَلَّهُ التِّرْمِذِيُّ.
وَقَالَ: رُوِيَ عَنْ مُجَالِدٍ، عَنْ الشَّعْبِيِّ، عَنْ جَابِرٍ وَهُوَ وَهْمٌ، وَرَوَاهُ أَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَالْبَيْهَقِيُّ، وَالْبَزَّارُ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي الْعِلَلِ، وَالتِّرْمِذِيُّ فِي الْعِلَلِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَحَسَّنَهُ الْبُخَارِيُّ، وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ
وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ اللَّيْثِ، عَنْ مِشْرَحِ بْنِ هَاعَانَ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، وَأَعَلَّهُ أَبُو زُرْعَةَ، وَأَبُو حَاتِمٍ بِأَنَّ الصَّوَابَ رِوَايَةُ اللَّيْثِ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مُرْسَلًا، وَحَكَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ الْبُخَارِيِّ أَنَّهُ اسْتَنْكَرَهُ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: ذَكَرْته لِيَحْيَى بْنِ بُكَيْرٍ فَأَنْكَرَهُ إنْكَارًا شَدِيدًا، وَقَالَ: إنَّمَا حَدَّثَنَا بِهِ اللَّيْثُ، عَنْ سُلَيْمَانَ وَلَمْ يَسْمَعْ اللَّيْثُ مِنْ مِشْرَحٍ شَيْئًا.
قُلْت: وَوَقَعَ التَّصْرِيحُ بِسَمَاعِهِ فِي رِوَايَةِ الْحَاكِمِ، وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ مَاجَهْ مِنْ اللَّيْثِ قَالَ لِي مِشْرَحٌ، وَرَوَاهُ ابْنُ قَانِعٍ فِي مُعْجَمِ الصَّحَابَةِ مِنْ رِوَايَةِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ.
(فَائِدَةٌ) :
اسْتَدَلُّوا بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى بُطْلَانِ النِّكَاحِ إذَا شَرَطَ الزَّوْجُ أَنَّهُ إذَا نَكَحَهَا بَانَتْ مِنْهُ، أَوْ شَرَطَ أَنَّهُ يُطَلِّقُهَا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ، وَحَمَلُوا الْحَدِيثَ عَلَى ذَلِكَ، وَلَا شَكَّ أَنَّ إطْلَاقَهُ يَشْمَلُ هَذِهِ الصُّورَةَ وَغَيْرَهَا، لَكِنْ رَوَى الْحَاكِمُ، وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي غَسَّانَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ نَافِعٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ:«جَاءَ رَجُلٌ إلَى ابْنِ عُمَرَ فَسَأَلَهُ عَنْ رَجُلٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثَةً فَتَزَوَّجَهَا أَخٌ لَهُ عَنْ غَيْرِ مُؤَامَرَةٍ لِيُحِلَّهَا لِأَخِيهِ، هَلْ يَحِلُّ لِلْأَوَّلِ؟ قَالَ: لَا، إلَّا بِنِكَاحِ رَغْبَةٍ، كُنَّا نَعُدُّ هَذَا سِفَاحًا عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم» وَقَالَ ابْنُ حَزْمٍ: لَيْسَ الْحَدِيثُ عَلَى عُمُومِهِ فِي كُلِّ مُحَلِّلٍ، إذْ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَدَخَلَ فِيهِ كُلُّ وَاهِبٍ، وَبَائِعٍ، وَمُزَوِّجٍ، فَصَحَّ أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ بَعْضُ الْمُحَلِّلِينَ، وَهُوَ مَنْ أَحَلَّ حَرَامًا لِغَيْرِهِ بِلَا حُجَّةٍ، فَتَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِيمَنْ شَرَطَ ذَلِكَ، لِأَنَّهُمْ لَمْ يَخْتَلِفُوا فِي أَنَّ الزَّوْجَ إذَا لَمْ يَنْوِ تَحْلِيلَهَا لِلْأَوَّلِ، وَنَوَتْهُ هِيَ أَنَّهَا لَا تَدْخُلُ فِي اللَّعْنِ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْمُعْتَبَرَ الشَّرْطُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
قَوْلُهُ: رُوِيَ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم «نَهَى أَنْ تُنْكَحَ الْأَمَةُ عَلَى الْحُرَّةِ» . سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ فِي السُّنَنِ، عَنْ ابْنِ عُلَيَّةَ، عَمَّنْ سَمِعَ الْحَسَنَ بِهَذَا مُرْسَلًا، وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَالطَّبَرِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ بِسَنَدٍ مُتَّصِلٍ إلَى الْحَسَنِ وَاسْتَغْرَبَهُ، مِنْ حَدِيثِ عَامِرٍ الْأَحْوَلِ عَنْهُ، وَإِنَّمَا الْمَعْرُوفُ رِوَايَةُ عَمْرِو بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ الْحَسَنِ، وَهُوَ الْمُبْهَمُ فِي رِوَايَةِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ.
قَوْلُهُ وَيُرْوَى عَنْ عَلِيٍّ وَجَابِرٍ مَوْقُوفًا مِثْلَهُ. أَمَّا عَلَيَّ: فَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَالْبَيْهَقِيُّ عَنْ عَلِيٍّ: أَنَّ الْأَمَةَ لَا يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تَزَوَّجَ عَلَى الْحُرَّةِ، الْحَدِيثُ مَوْقُوفٌ وَسَنَدُهُ حَسَنٌ، وَفِي لَفْظِ:" لَا تُنْكَحُ الْأَمَةُ عَلَى الْحُرَّةِ ". وَأَمَّا جَابِرٌ فَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرًا يَقُولُ: " لَا تُنْكَحُ الْأَمَةُ عَلَى الْحُرَّةِ، وَتُنْكَحُ الْحُرَّةُ عَلَى الْأَمَةِ ". وَلِلْبَيْهَقِيِّ نَحْوُهُ وَزَادَ: " وَمَنْ وَجَدَ صَدَاقَ حُرَّةٍ فَلَا يَنْكِحْنَ أَمَةً أَبَدًا ". وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ، وَهُوَ عِنْدَ عَبْدِ الرَّزَّاقِ أَيْضًا مُفْرَدًا.
1642 -
(13) - حَدِيثٌ: «وَسُنُّوا بِهِمْ سُنَّةَ أَهْلِ الْكِتَابِ» . يَعْنِي -
الْمَجُوسَ - مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ، وَالشَّافِعِيُّ، عَنْهُ، عَنْ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: مَا أَدْرِي مَا أَصْنَعُ فِي أَمْرِهِمْ؟ فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ: أَشْهَدُ لَسَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «وَسُنُّوا بِهِمْ سُنَّةَ أَهْلِ الْكِتَابِ» . قَالَ مَالِكٌ: يَعْنِي فِي الْجِزْيَةِ، وَكَذَا رَوَاهُ يَحْيَى الْقَطَّانُ، عَنْ جَعْفَرٍ أَخْرَجَهُ أَبُو عُبَيْدٍ فِي كِتَابِ الْأَمْوَالِ، وَهُوَ مُنْقَطِعٌ لِأَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ لَمْ يَلْقَ عُمَرَ، وَلَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ، وَقَدْ رَوَاهُ أَبُو عَلِيٍّ الْحَنَفِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ الْخَطِيبُ فِي الرُّوَاةِ عَنْ مَالِكٍ: تَفَرَّدَ بِقَوْلِهِ عَنْ جَدِّهِ أَبُو عَلِيٍّ.
قُلْت: وَسَبَقَهُ إلَى ذَلِكَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي غَرَائِبِ مَالِكٍ، وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ مُنْقَطِعٌ، لِأَنَّ عَلَيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ لَمْ يَلْقَ عُمَرَ وَلَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ، إلَّا أَنْ يَكُونَ الضَّمِيرُ فِي جَدِّهِ يَعُودُ عَلَى مُحَمَّدٍ، فَجَدُّهُ حُسَيْنٌ سَمِعَ مِنْهُمَا، لَكِنْ فِي سَمَاعِ مُحَمَّدٍ مِنْ حُسَيْنٍ نَظَرٌ كَبِيرٌ، وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي عَاصِمٍ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ بِسَنَدٍ حَسَنٍ قَالَ: نَا إبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَجَّاجِ، نَا أَبُو رَجَاءٍ جَارٌ لِحَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، نَا الْأَعْمَشُ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ قَالَ: كُنْت عِنْدَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَذَكَرَ مَنْ عِنْدَهُ الْمَجُوسَ، فَوَثَبَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ فَقَالَ: أَشْهَدُ بِاَللَّهِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَسَمِعَهُ يَقُولُ: «إنَّمَا الْمَجُوسُ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، فَاحْمِلُوهُمْ عَلَى مَا تَحْمِلُونَ عَلَيْهِ أَهْلَ الْكِتَابِ» .
1643 -
(14) - قَوْلُهُ: رُوِيَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: سُنُّوا بِهِمْ سُنَّةَ أَهْلِ الْكِتَابِ، غَيْرُ نَاكِحِي نِسَائِهِمْ، وَآكِلِي ذَبَائِحِهِمْ» . تَقَدَّمَ دُونَ الِاسْتِثْنَاءِ، لَكِنْ رَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ:«كَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إلَى مَجُوسِ هَجَرَ يَعْرِضُ عَلَيْهِمْ الْإِسْلَامَ، فَمَنْ أَسْلَمَ قُبِلَ، وَمَنْ أَصَرَّ ضُرِبْت عَلَيْهِ الْجِزْيَةُ، عَلَى أَلَّا تُؤْكَلَ لَهُمْ ذَبِيحَةٌ. وَلَا تُنْكَحُ لَهُمْ امْرَأَةٌ» . وَفِي رِوَايَةِ
عَبْدِ الرَّزَّاقِ: «غَيْرُ نَاكِحِي نِسَائِهِمْ، وَلَا آكِلِي ذَبَائِحِهِمْ» . وَهُوَ مُرْسَلٌ، وَفِي إسْنَادِهِ قَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ وَهُوَ ضَعِيفٌ، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَإِجْمَاعُ أَكْثَرِ الْمُسْلِمِينَ عَلَيْهِ يُؤَكِّدهُ.
(تَنْبِيهٌ) تَبَيَّنَّ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ فِي حَدِيثِ عَبْد الرَّحْمَنِ مَدْرَجٌ، وَنَقَلَ الْحَرْبِيُّ الْإِجْمَاعَ عَلَى الْمَنْعِ إلَّا عَنْ أَبِي ثَوْرٍ، وَرَدَّهُ ابْنُ حَزْمٍ بِأَنَّ الْجَوَازَ ثَبَتَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَيْضًا.
وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، مِنْ طَرِيقِهِ جَوَازُ التَّسَرِّي مِنْ الْمَجُوسِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ، وَعَنْ عَطَاءٍ، وَطَاوُسٍ، وَعَمْرِو بْنِ دِينَارِ كَذَلِكَ.
قَوْلُهُ: فِيمَا إذَا اسْتَبْهَمَ الْحَالَ يُؤْخَذُ فِي نِكَاحِهِمْ بِالِاحْتِيَاطِ، وَتَقْرِيرُ الْجِزْيَةِ تَغْلِيبًا لِلْحَقِّ، وَبِذَلِكَ حَكَمَتْ الصَّحَابَةُ فِي نَصَارَى الْعَرَبِ، وَهُمْ بُهْرًا وَتَنُوخَ، وَتَغْلِبَ، كَذَا قَالَ، وَالْمَنْقُولُ عَنْ كَثِيرٍ مِنْ الصَّحَابَةِ خِلَافُ ذَلِكَ، قَالَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، نَا عَفَّانُ، نَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسِ قَالَ: " كُلُوا ذَبَائِحَ بَنِي ثَعْلَبَ، وَتَزَوَّجُوا نِسَاءَهُمْ، فَإِنَّ اللَّهُ تَعَالَى يَقُول:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [المائدة: 51] فَلَوْ لَمْ يَكُونُوا مِنْهُمْ إلَّا بِالْوِلَايَةِ لَكَانُوا مِنْهُمْ.
وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: قَالَ الزُّهْرِيُّ: لَا بَأْسَ بِذَبِيحَةِ نَصَارَى الْعَرَبِ، وَإِنْ سَمِعْته يُسَمِّي لِغَيْرِ اللَّهِ فَلَا تَأْكُلْ، وَإِنْ لَمْ تَسْمَعْهُ فَقَدْ أَحَلَّهُ اللَّهُ لَك، وَعُلِمَ كُفْرُهُمْ انْتَهَى.
وَهَذَا وَصَلَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، نَعَمْ فِيهِ مِنْ طَرِيقِ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، عَنْ عَلِيٍّ: أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ ذَبَائِحَ نَصَارَى بَنِي ثَعْلَبَ وَنِسَاءَهُمْ، وَيَقُولُ: هُمْ مِنْ الْعَرَبِ، وَعَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ أَحَدِ التَّابِعِينَ نَحْوِهِ، وَرَوَى الشَّافِعِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: لَا تَأْكُلُوا ذَبَائِحَ نَصَارَى بَنِي ثَعْلَبَ. نَعَمْ أَخَذَ الصَّحَابَةُ الْجِزْيَةَ مِنْ
نَصَارَى بَنِي ثَعْلَبَ وَغَيْرِهِمْ، كَمَا سَيَأْتِي فِي الْجِزْيَةِ، وَإِنَّمَا تَكَلَّمْنَا عَلَى التَّفْصِيلِ الَّذِي ذَكَرَهُ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُمْ أَخَذُوا مِنْهُمْ الْجِزْيَةَ، وَمُنِعُوا مِنْ ذَبَائِحِهِمْ، وَفِيهِ مَا ذَكَرْنَا.
1644 -
(15) - حَدِيثٌ: «مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ» .، الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قِصَّةٍ.
1645 -
(16) - حَدِيثُ الْحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ: " أَجْمَعَ الصَّحَابَةُ عَلَى أَلَّا يَنْكِحُ الْعَبْدُ أَكْثَرَ مِنْ اثْنَتَيْنِ ". ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِهِ.
وَرَوَى الشَّافِعِيُّ، عَنْ عُمَرَ قَالَ:" يَنْكِحُ الْعَبْدُ امْرَأَتَيْنِ ". وَرَوَاهُ عَنْ عَلِيٍّ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلَا يُعْرَفُ لَهُمْ مِنْ الصَّحَابَةِ مُخَالِفُ، وَأَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ عَطَاءٍ، وَالشَّعْبِيِّ، وَالْحَسَنِ، وَغَيْرِهِمْ.
1646 -
(17) - حَدِيثُ عَلِيٍّ: " مَنْ وَطِئَ إحْدَى الْأُخْتَيْنِ فَلَا يَطَأُ الْأُخْرَى، حَتَّى يُخْرِجَ الْمَوْطُوءَةَ عَنْ مِلْكِهِ ". مَوْقُوفٌ. ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ نَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ مُوسَى بْنُ أَيُّوبَ، عَنْ عَمِّهِ إيَاسِ بْنِ عَامِرٍ، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: سَأَلْته عَنْ رَجُلٍ لَهُ أَمَتَانِ أُخْتَانِ وَطِئَ إحْدَاهُمَا، ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَطَأَ الْأُخْرَى، قَالَ:" لَا حَتَّى يُخْرِجَهَا عَنْ مِلْكِهِ ". قُلْت: فَإِنَّ زَوْجَهَا عَبْدُهُ، قَالَ: لَا حَتَّى يُخْرِجَهَا عَنْ مِلْكِهِ،
زَادَ ابْنُ عَبْدُ الْبَرِّ فِي الِاسْتِذْكَارِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُقْرِي، عَنْ مُوسَى: أَرَأَيْت إنْ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا أَوْ مَاتَ عَنْهَا أَلَيْسَ تَرْجِعُ إلَيْك؟ لَأَنْ تُعْتِقُهَا أَسْلَمَ لَك ". قَالَ: ثُمَّ أَخَذَ عَلِيٌّ بِيَدِي فَقَالَ: إنَّهُ يُحَرَّمُ عَلَيْك مِمَّا مَلَكَتْ يَمِينُك، مَا يُحَرَّمُ عَلَيْك مِنْ الْحَرَائِرِ إلَّا الْعَدَدَ.
وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: " أَحَلَّتْهُمَا آيَةٌ، وَحَرَّمَتْهُمَا آيَةٌ ". أَخْرَجَهُ الْبَزَّارُ وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، أَيْضًا وَابْنِ مَرْدُوَيْهِ مِنْ طَرِيقٍ عَنْهُ، وَالْمَشْهُورُ أَنَّ الْمُتَوَقِّفَ فِيهِ عُثْمَانُ، أَخْرَجَهُ مَالِكٌ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ قَبِيصَةَ، عَنْهُ، وَفِيهِ: أَنَّهُ لَقِيَ رَجُلًا فَقَالَ: لَوْ كَانَ لِي مِنْ الْأَمْرِ شَيْءٌ لَجَعَلَتْهُ نَكَالًا، قَالَ التِّرْمِذِيُّ: أُرَاهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ.
وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ: سَأَلَ رَجُلٌ عُثْمَانَ فَذَكَرَهُ وَصَرَّحَ بِهِ عَلِيٌّ.
وَفِي الْبَابِ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ سِيرِينَ عَنْهُ قَالَ: يُحَرَّمُ مِنْ الْإِمَاءِ مَا يُحَرَّمُ مِنْ الْحَرَائِرِ إلَّا الْعَدَدَ. وَإِسْنَادُهُ مُنْقَطِعٌ، وَفِيهِ أَيْضًا عَبْدَةُ، عَنْ عَمَّارٍ، وَعَنْ النُّعْمَانَ بْنِ بَشِيرٍ، وَابْنِ عُمَرَ، وَجَمَاعَةٍ مِنْ التَّابِعِينَ.
1647 -
(18) - حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ: فِي قَوْله تَعَالَى: {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ} [النساء: 25] الْآيَةَ. . . ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَغَيْرُ وَاحِدٍ فِي التَّفْسِيرِ مِنْ طَرِيقِ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْهُ.
1648 -
(19) - حَدِيثٌ: " أَنَّ الصَّحَابَةَ تَزَوَّجُوا الْكِتَابِيَّاتِ وَلَمْ يَبْحَثُوا ". الْبَيْهَقِيّ عَنْ عُثْمَانَ: أَنَّهُ نَكَحَ ابْنَةَ الْفُرَافِصَةَ الْكَلْبِيَّةَ، وَهِيَ نَصْرَانِيَّةٌ
عَلَى نِسَائِهِ، ثُمَّ أَسْلَمَتْ عَلَى يَدَيْهِ. وَلَهُ عَنْ حُذَيْفَةَ: أَنَّهُ تَزَوَّجَ كِتَابِيَّةَ. وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ: أَنَّ عُمَرَ أَمَرَهُ أَنْ يُفَارِقَهَا. وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ: أَنَّ حُذَيْفَةَ كَتَبَ إلَيْهِ أَحَرَامٌ هُوَ؟ قَالَ: لَا.
وَرَوَى الشَّافِعِيُّ، عَنْ جَابِرٍ: أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: تَزَوَّجْنَاهُنَّ فِي زَمَنِ الْفَتْحِ بِالْكُوفَةِ مَعَ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، فَذَكَرَ قِصَّةً وَفِيهَا:«نِسَاؤُهُمْ لَنَا حِلٌّ، وَنِسَاؤُنَا عَلَيْهِمْ حَرَامٌ» وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ نَحْوَهُ.
وَرَوَى الْبَيْهَقِيّ مِنْ حَدِيثِ هُبَيْرَةَ عَنْ عَلِيٍّ: تَزَوَّجَ طَلْحَةُ يَهُودِيَّةً. وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ بِلَفْظِ: تَزَوَّجَ رَجُلٌ مِنْ الصَّحَابَةِ.
وَرُوِيَ أَيْضًا بِسَنَدٍ لَا بَأْسَ بِهِ، عَنْ شَقِيقٍ قَالَ:" تَزَوَّجَ حُذَيْفَةُ امْرَأَةً يَهُودِيَّةً ". فَكَتَبَ إلَيْهِ عُمَرُ: " خَلِّ سَبِيلَهَا " فَكَتَبَ إلَيْهِ إنْ كَانَتْ حَرَامًا فَعَلْت، فَكَتَبَ عُمَرُ: إنِّي لَا أَزْعُمُ أَنَّهَا حَرَامٌ، لَكِنْ أَخَافُ أَنْ تَكُونَ مُومِسَةً. وَفِي الْبَيْهَقِيّ عَنْ أَبِي الْحُوَيْرِثِ:" أَنَّ طَلْحَةُ نَكَحَ امْرَأَةً مِنْ كَلْبٍ نَصْرَانِيَّةً ".
(فَائِدَةٌ) :
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: نِكَاحُ الْكِتَابِيَّاتِ جَائِزٌ بِالْإِجْمَاعِ، إلَّا عَنْ ابْنِ عُمَرَ.
1649 -
(20) - حَدِيثُ عَلِيٍّ: " أَنَّهُ كَانَ لِلْمَجُوسِ كِتَابٌ، فَأَصْبَحُوا وَقَدْ أُسْرِيَ بِهِ ". الشَّافِعِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ سَعِيدِ بْن الْمَرْزُبَانَ، عَنْ نَصْرِ بْنِ عَاصِمٍ، قَالَ: قَالَ فَرْوَةُ بْنُ نَوْفَلٍ: عَلَى مَنْ تُؤْخَذُ الْجِزْيَةُ مِنْ الْمَجُوسِ، وَلَيْسُوا بِأَهْلِ كِتَابٍ، فَذَكَرَ الْقِصَّةَ فِي إنْكَارِ الْمُسْتَوْرَد عَلَيْهِ ذَلِكَ، وَفِيهَا فَقَالَ عَلِيٌّ: " أَنَا أَعْلَمُ النَّاسِ بِالْمَجُوسِ، كَانَ لَهُمْ عِلْمٌ يُعَلِّمُونَهُ، وَكِتَابٌ يُدَرِّسُونَهُ، وَإِنَّ مَلِكَهُمْ سَكِرَ فَوَقَعَ عَلَى ابْنَتِهِ أَوْ أُخْتِهِ، فَاطَّلَعَ عَلَيْهِ بَعْضُ أَهْلِ مَمْلَكَتِهِ، فَلَمَّا أَصْبَحَ جَاءُوا لِيُقِيمُوا عَلَيْهِ الْحَدَّ، فَامْتَنَعَ مِنْهُمْ، فَدَعَا أَهْلَ مَمْلَكَتِهِ فَقَالَ: تَعْلَمُونَ دِينًا خَيْرًا مِنْ دِينِ
آدَمَ، قَدْ كَانَ آدَم يَنْكِحُ بَنِيهِ مِنْ بَنَاتِهِ، فَأَنَا عَلَى دِينِ آدَمَ وَمَا نَرْغَبُ بِكُمْ عَنْ دِينِهِ، فَبَايَعُوهُ عَلَى ذَلِكَ وَقَاتَلُوا مَنْ خَالَفَهُمْ، فَأَصْبَحُوا وَقَدْ أُسْرِيَ عَلَى كِتَابِهِمْ، فَرُفِعَ مِنْ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ، وَذَهَبَ الْعِلْمُ الَّذِي فِي صُدُورِهِمْ، وَهُمْ أَهْلُ كِتَابٍ، وَقَدْ أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ مِنْهُمْ الْجِزْيَةَ. قَالَ ابْنُ خُزَيْمَةَ: وَهِمَ فِيهِ ابْنُ عُيَيْنَةَ فَقَالَ: نَصْرُ بْنُ عَاصِمٍ، وَإِنَّمَا هُوَ عِيسَى بْنُ عَاصِمٍ، قَالَ: وَكُنْت أَظُنُّ أَنَّ الْخَطَأَ مِنْ الشَّافِعِيِّ إلَى أَنْ وَجَدْت غَيْرَهُ تَابَعَهُ عَلَيْهِ، وَقَدْ رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ فَضْلٍ، وَالْفَضْلُ بْنُ مُوسَى، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمَرْزُبَانَ، عَنْ عِيسَى بْنِ عَاصِمٍ، قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَحَدِيثُ عَلِيٌّ هَذَا مُتَّصِلٌ وَبِهِ نَأْخُذُ، وَهَذَا كَالتَّوْثِيقِ مِنْهُ لِسَعِيدِ بْنِ الْمَرْزُبَانَ وَهُوَ أَبُو سَعْدٍ الْبَقَّالِ، وَقَدْ ضَعَّفَهُ الْبُخَارِيُّ، وَغَيْرُهُ.
وَقَالَ يَحْيَى الْقَطَّانِ: لَا أَسْتَحِلُّ الرِّوَايَةَ عَنْهُ، ثُمَّ هُوَ بَعْدَ ذَلِكَ مُنْقَطِعٌ، لِأَنَّ الشَّافِعِيَّ ظَنَّ أَنَّ الرِّوَايَةَ مُتْقَنَةٌ، وَأَنَّهَا عَنْ نَصْرِ بْنِ عَاصِمٍ، وَقَدْ سَمِعَ مِنْ عَلِيٍّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا هِيَ عَنْ عِيسَى بْنِ عَاصِمٍ، كَمَا بَيِّنَاهُ وَهُوَ لَمْ يَلْقَ عَلِيًّا، وَلَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ، وَلَا مِمَّنْ دُونَهُ كَابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ عُمَرَ، نَعَمْ لَهُ شَاهِدٌ يُعْتَضَدُ بِهِ أَخْرَجَهُ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ فِي تَفْسِيرِهِ، عَنْ الْحَسَنِ الْأَشْيَبِ، عَنْ يَعْقُوبَ الْقُمِّيِّ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي الْمُغِيرَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ: " كَانَ الْمَجُوسُ أَهْلَ كِتَابٍ، وَكَانُوا مُتَمَسِّكِينَ بِهِ "، فَذَكَرَ الْقِصَّةَ وَهَذَا إسْنَادٌ حَسَنٌ وَحَكَى ابْنُ عَبْدُ الْبَرِّ، عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ أَنَّهُ قَالَ: لَا أَرَى هَذَا الْأَثَرَ مَحْفُوظًا، قَالَ ابْنُ عَبْدُ الْبَرِّ: وَأَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ يَأْبَوْنَ ذَلِكَ، وَلَا يُصَحِّحُونَ هَذَا الْحَدِيثَ.
وَالْحُجَّةُ لَهُمْ قَوْله تَعَالَى: {أَنْ تَقُولُوا إِنَّمَا أُنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنَا} [الأنعام: 156] الْآيَةَ، قُلْت: قَدْ.