المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[باب أركان النكاح] - التلخيص الحبير - ط قرطبة - جـ ٣

[ابن حجر العسقلاني]

فهرس الكتاب

- ‌[كِتَابُ الْبُيُوعِ] [

- ‌بَابُ مَا يَصِحُّ بِهِ الْبَيْعُ]

- ‌[بَابُ الرِّبَا]

- ‌[بَابُ الْبُيُوعِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا]

- ‌[بَابُ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ]

- ‌[بَابُ خِيَارِ الْمَجْلِسِ وَالشَّرْطِ]

- ‌[بَابُ الْمُصَرَّاةِ وَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ]

- ‌[بَابُ الْقَبْضِ وَأَحْكَامِهِ]

- ‌[بَابُ بَيْع الْأُصُولِ وَالثِّمَارِ]

- ‌[بَابُ مُعَامَلَةِ الْعَبِيدِ]

- ‌[بَابُ اخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ]

- ‌[بَابُ السَّلَمِ]

- ‌[بَابُ الْقَرْضِ]

- ‌[كِتَابُ الرَّهْنِ]

- ‌[كِتَابُ التَّفْلِيسِ]

- ‌[كِتَابُ الْحَجْرِ]

- ‌[كِتَابُ الصُّلْحِ]

- ‌[كِتَابُ الْحَوَالَةِ]

- ‌[كِتَابُ الضَّمَانِ]

- ‌[كِتَابُ الشَّرِكَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْوَكَالَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْإِقْرَارِ]

- ‌[كِتَابُ الْعَارِيَّةِ]

- ‌[كِتَابُ الْغَصْبِ]

- ‌[كِتَابُ الشُّفْعَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْقِرَاضِ]

- ‌[كِتَابُ الْمُسَاقَاةِ وَالْمُزَارَعَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْإِجَارَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْجَعَالَةِ]

- ‌[كِتَابُ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ]

- ‌[كِتَابُ الْوَقْفِ]

- ‌[كِتَابُ الْهِبَةِ]

- ‌[كِتَابُ اللُّقَطَةِ]

- ‌[كِتَابُ اللَّقِيطِ]

- ‌[كِتَابُ الْفَرَائِضِ]

- ‌[كِتَابُ الْوَصَايَا]

- ‌[كِتَابُ الْوَدِيعَةِ]

- ‌[كِتَابُ قَسْمِ الْفَيْءِ وَالْغَنِيمَةِ]

- ‌[كِتَابُ قَسْمِ الصَّدَقَاتِ وَمَصَارِفِهَا الثَّمَانِيَةِ]

- ‌[بَابُ صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ]

- ‌[كِتَابُ النِّكَاحِ]

- ‌[بَابُ خَصَائِصِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فِي النِّكَاحِ وَغَيْرِهِ]

- ‌[خَصَائِصِهِ صلى الله عليه وسلم فِي وَاجِبَاتِ النِّكَاحِ]

- ‌[خَصَائِصِهِ صلى الله عليه وسلم فِي مُحَرَّمَاتِ النِّكَاحِ]

- ‌[الْمُبَاحَاتُ لَهُ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فَصْلٌ فِي التَّخْفِيفِ فِي النِّكَاحِ]

- ‌[الْخَصَائِصِ وَالْكَرَامَاتِ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[بَابُ مَا جَاءَ فِي اسْتِحْبَابِ النِّكَاحِ وَصِفَةُ الْمَخْطُوبَةِ]

- ‌[بَابُ النَّهْيِ عَنْ الْخِطْبَةِ عَلَى الْخِطْبَةِ]

- ‌[بَابُ اسْتِحْبَابِ خُطْبَةِ النِّكَاحِ]

- ‌[بَابُ أَرْكَانِ النِّكَاحِ]

- ‌[بَابُ الْأَوْلِيَاءِ وَأَحْكَامِهِمْ]

- ‌[بَابُ مَوَانِعِ النِّكَاحِ]

- ‌[بَابُ نِكَاحِ الْمُشْرِكَاتِ]

- ‌[بَابُ مُثْبِتَاتِ الْخِيَارِ فِي النِّكَاح]

- ‌[فَصْلُ الْإِتْيَانُ فِي الدُّبُرِ]

- ‌[بَاب أَنْ عَائِشَةَ اشْتَرَتْ بَرِيرَةَ وَلَهَا زَوْجٌ فَأَعْتَقَتْهَا فَخَيَّرَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[كِتَابُ الصَّدَاقِ]

- ‌[بَابُ الْمُتْعَةِ]

- ‌[بَابُ الْوَلِيمَةِ وَالنَّثْرِ]

- ‌[كِتَابُ الْقَسْمِ وَالنُّشُوزِ]

- ‌[كِتَابُ الْخُلْعِ]

- ‌[كِتَابُ الطَّلَاقِ]

- ‌[الْآثَارِ الَّتِي فِي كِتَابِ الطَّلَاقِ]

- ‌[كِتَابُ الرَّجْعَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْإِيلَاءِ]

- ‌[كِتَابُ الظِّهَارِ]

- ‌[كِتَابُ الْكَفَّارَاتِ]

- ‌[كِتَابُ اللِّعَانِ]

- ‌[كِتَابُ الْعِدَدِ]

- ‌[بَابُ الْإِحْدَادِ]

- ‌[بَابُ السُّكْنَى لِلْمُعْتَدَّةِ]

الفصل: ‌[باب أركان النكاح]

[بَابُ أَرْكَانِ النِّكَاحِ]

1601 -

(1) - قَوْلُهُ: «إنَّ الْأَعْرَابِيَّ الَّذِي خَطَبَ الْوَاهِبَةَ قَالَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: زَوِّجْنِيهَا، فَقَالَ. زَوَّجْتُكهَا» . وَلَمْ يُنْقَلْ أَنَّهُ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: قَبِلْت، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، وَعِنْدَ غَيْرِهِمَا بِأَلْفَاظٍ كَثِيرَةٍ، وَهُوَ كَمَا قَالَ، لَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْ الطُّرُقِ أَنَّهُ قَالَ: قَبِلْت.

(فَائِدَةٌ) :

جَاءَ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ: «مَلَّكْتُكَهَا» وَ «مَلَّكْنَاكَهَا» وَ «أَمْكَنَّاكَهَا» وَ «أَنْكَحْنَاكَهَا» وَ «زَوَّجْنَاكَهَا» وَ «أَبَحْنَاكَهَا» وَغَيْرُ ذَلِكَ، وَاحْتَجَّ بِهِ مَنْ أَبَاحَهُ بِغَيْرِ لَفْظِ النِّكَاحِ وَالتَّزْوِيجِ وَرَدَّهُ الْبَغَوِيّ بِأَنَّهُ اخْتِلَافٌ مِنْ الرُّوَاةِ فِي قِصَّةٍ وَاحِدَةٍ، وَلَمْ يَقَعْ التَّعَدُّدُ فِيهَا، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ مَنْ رَوَى بِخِلَافِ لَفْظِ التَّزْوِيجِ، لَمْ يُرَاعِ اللَّفْظَ الْوَاقِعَ فِي الْعَقْدِ، وَلَفْظُ التَّزْوِيجِ رِوَايَةُ الْأَكْثَرِ وَالْأَحْفَظُ فَهِيَ الْمُعْتَمَدَةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

1602 -

(2) - حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ: " فِي «النَّهْيِ عَنْ نِكَاحِ الشِّغَارِ، وَالشِّغَارُ أَنْ يُزَوِّجَ الرَّجُلُ ابْنَتَهُ، عَلَى أَنْ يُزَوِّجَهُ الْآخَرُ ابْنَتَهُ، وَلَيْسَ بَيْنَهُمَا صَدَاقٌ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ نَافِعٍ عَنْهُ، وَفِي رِوَايَةٍ لَهُمَا عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قُلْت لِنَافِعٍ: مَا الشِّغَارُ؟

قَوْلُهُ: وَيُرْوَى: «وَبُضْعُ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا مَهْرُ الْأُخْرَى» ، لَمْ أَجِدْ هَذَا فِي الْحَدِيثِ، وَإِنَّمَا هُوَ تَفْسِيرُ ابْنِ جُرَيْجٍ كَمَا بَيَّنَ ذَلِكَ الْبَيْهَقِيّ.

قَوْلُهُ: وَوَرَدَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ أَنَّهُ «نَهَى عَنْ الشِّغَارِ، وَهُوَ أَنْ يُزَوِّجَ الرَّجُلُ ابْنَتَهُ،

ص: 318

عَلَى أَنْ يُزَوِّجَهُ صَاحِبُهُ ابْنَتَهُ» ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ: أَنَّ بُضْعَ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا صَدَاقًا لِلْأُخْرَى، مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ بِنَحْوِ مَا قَالَ، وَفِي الْبَابِ عَنْ جَابِرٍ رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَعَنْ أَنَسٍ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ، وَصَحَّحَهُ النَّسَائِيُّ، وَعَنْ مُعَاوِيَةَ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.

قَوْلُهُ: قَالَ الْأَئِمَّةُ: وَتَفْسِيرُ الشِّغَارِ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَرْفُوعًا، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنْ قَوْلِ ابْنِ عُمَرَ، هُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ كَلَامِ الشَّافِعِيِّ، وَفِي كَلَامِهِ زِيَادَةٌ، قَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا أَدْرِي تَفْسِيرَ الشِّغَارِ مِنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَوْ مِنْ ابْنِ عُمَرَ، أَوْ مِنْ نَافِعٍ أَوْ مِنْ مَالِكٍ، انْتَهَى.

قَالَ الْخَطِيبُ فِي الْمُدْرَجِ: هُوَ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ بَيَّنَهُ وَفَصَّلَهُ الْقَعْنَبِيُّ، وَابْنُ مَهْدِيٍّ، وَمُحْرِزُ بْنُ عَوْنٍ عَنْهُ، قُلْت: وَمَالِكٌ إنَّمَا تَلَقَّاهُ مِنْ نَافِعٍ بِدَلِيلِ مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ طَرِيقِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، قُلْت لِنَافِعٍ: مَا الشِّغَارُ؟ فَذَكَرَهُ.

وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ فِي الْمُفْهِمِ: التَّفْسِيرُ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ جَاءَ مِنْ قَوْلِ نَافِعٍ، وَمِنْ قَوْلِ مَالِكٍ، وَأَمَّا فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فَهُوَ عَلَى الِاحْتِمَالِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مِنْ كَلَامِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَإِنْ كَانَ مِنْ تَفْسِيرِ أَبِي هُرَيْرَةَ فَهُوَ مَقْبُولٌ، لِأَنَّهُ أَعْلَمُ بِمَا سَمِعَ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ اللِّسَانِ.

قُلْت: وَفِي الطَّبَرَانِيِّ مِنْ حَدِيثِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ مَرْفُوعًا: «لَا شِغَارَ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا الشِّغَارُ؟ قَالَ: نِكَاحُ الْمَرْأَةِ بِالْمَرْأَةِ لَا صَدَاقَ بَيْنَهُمَا» . وَإِسْنَادُهُ وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا لَكِنَّهُ يُسْتَأْنَسُ بِهِ فِي هَذَا الْمَقَامِ.

1603 -

(3) - حَدِيثُ عَلِيٍّ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

ص: 319

قَوْلُهُ: كَانَ ذَلِكَ جَائِزًا فِي ابْتِدَاءِ الْإِسْلَامِ، ثُمَّ نُسِخَ، رَوَى الشَّيْخَانِ مِنْ حَدِيثِ سَلَمَةَ إبَاحَةَ ذَلِكَ ثُمَّ نَسَخَهُ.

وَرَوَى مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ الرَّبِيعِ بْنِ سَبْرَةَ عَنْ أَبِيهِ نَحْوُ ذَلِكَ، وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: بَيَّنَ عَلِيٌّ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ مَنْسُوخٌ.

وَفِي ابْنِ مَاجَهْ عَنْ عُمَرَ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ أَنَّهُ خَطَبَ فَقَالَ: «إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَذِنَ لَنَا فِي الْمُتْعَةِ ثَلَاثًا، ثُمَّ حَرَّمَهَا، وَاَللَّهِ لَا أَعْلَمُ أَحَدًا تَمَتَّعَ وَهُوَ مُحْصَنٌ إلَّا رَجَمْته بِالْحِجَارَةِ» وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ مِنْ طَرِيقِ إِسْحَاقَ بْنِ رَاشِدٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ: «أَتَى ابْنُ عُمَرَ، فَقِيلَ لَهُ: إنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ يَأْمُرُ بِنِكَاحِ الْمُتْعَةِ، فَقَالَ: مَعَاذَ اللَّهِ مَا أَظُنُّ ابْنَ عَبَّاسٍ يَفْعَلُ هَذَا، فَقِيلَ: بَلَى، قَالَ: وَهَلْ كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ إلَّا غُلَامًا صَغِيرًا، ثُمَّ قَالَ ابْنُ عُمَرَ: نَهَانَا عَنْهَا رَسُولُ اللَّهِ وَمَا كُنَّا سَافِحِينَ» . إسْنَادُهُ قَوِيٌّ، وَرَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«هَدَمَ الْمُتْعَةَ الطَّلَاقُ وَالْعِدَّةُ وَالْمِيرَاثُ» . إسْنَادُهُ حَسَنٌ.

(فَائِدَةٌ) :

حَكَى الْعَبَّادِيُّ فِي طَبَقَاتِهِ عَنْ الشَّافِعِيِّ قَالَ: لَيْسَ فِي الْإِسْلَامِ شَيْءٌ أُحِلَّ ثُمَّ حُرِّمَ ثُمَّ أُحِلَّ ثُمَّ حُرِّمَ إلَّا الْمُتْعَةُ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: نُسِخَتْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، وَقِيلَ: أَكْثَرَ، وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ اخْتِلَافُ الرِّوَايَاتِ فِي وَقْتِ تَحْرِيمِهَا، وَإِذَا صَحَّتْ كُلُّهَا فَطَرِيقُ

ص: 320

الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا الْحَمْلُ عَلَى التَّعَدُّدِ، وَالْأَجْوَدُ فِي الْجَمْعِ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ جَمَاعَةٌ مِنْ الْمُحَقِّقِينَ أَنَّهَا لَمْ تَحِلَّ قَطُّ فِي حَالِ الْحَضَرِ وَالرَّفَاهِيَةِ، بَلْ فِي حَالِ السَّفَرِ وَالْحَاجَةِ، وَالْأَحَادِيثُ ظَاهِرَةٌ فِي ذَلِكَ، وَيُبَيِّنُ ذَلِكَ حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ «كُنَّا نَغْزُو وَلَيْسَ لَنَا نِسَاءٌ، فَرَخَّصَ لَنَا أَنْ نَنْكِحَ» . فَعَلَى هَذَا كُلُّ مَا وَرَدَ مِنْ التَّحْرِيمِ فِي الْمَوَاطِنِ الْمُتَعَدِّدَةِ، يُحْمَلُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِتَحْرِيمِهَا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، أَنَّ الْحَاجَةَ انْقَضَتْ، وَوَقَعَ الْعَزْمُ عَلَى الرُّجُوعِ إلَى الْوَطَنِ، فَلَا يَكُونُ فِي ذَلِكَ تَحْرِيمٌ أَبَدًا إلَّا الَّذِي وَقَعَ أَخِرًا، وَقَدْ اجْتَمَعَ مِنْ الْأَحَادِيثِ فِي وَقْتِ تَحْرِيمِهَا أَقْوَالٌ سِتَّةٌ أَوْ سَبْعَةٌ نَذْكُرُهَا عَلَى التَّرْتِيبِ الزَّمَانِيِّ:

الْأَوَّلُ: عُمْرَةُ الْقَضَاءِ: قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي مُصَنَّفِهِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ عَمْرٍو عَنْ الْحَسَنِ قَالَ: «مَا حَلَّتْ الْمُتْعَةُ قَطُّ إلَّا ثَلَاثًا فِي عُمْرَةِ الْقَضَاءِ، مَا حَلَّتْ قَبْلَهَا وَلَا بَعْدَهَا» ، وَشَاهِدُهُ مَا رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ سَبْرَةَ بْنِ مَعْبَدٍ قَالَ:«خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِيمَا قَضَيْنَا عُمْرَتَنَا، قَالَ لَنَا: أَلَا تَسْتَمْتِعُوا مِنْ هَذِهِ النِّسَاءِ» - فَذَكَرَ الْحَدِيثَ -.

الثَّانِي: خَيْبَرُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ عَنْ عَلِيٍّ بِلَفْظِ: «نُهِيَ عَنْ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ يَوْمَ خَيْبَرَ» . وَاسْتَشْكَلَهُ السُّهَيْلِيُّ وَغَيْرُهُ وَلَا إشْكَالَ، وَقَدْ وَقَعَ فِي مُسْنَدِ ابْنِ وَهْبٍ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ مِثْلُهُ وَإِسْنَادُهُ قَوِيٌّ. أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ.

الثَّالِثُ عَامُ الْفَتْحِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ سَبْرَةَ بْنِ مَعْبَدٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى فِي يَوْمِ الْفَتْحِ عَنْ مُتْعَةِ النِّسَاءِ» . وَفِي لَفْظٍ لَهُ: «أُمِرْنَا بِالْمُتْعَةِ عَامَ الْفَتْحِ حِينَ دَخَلْنَا مَكَّةَ، ثُمَّ لَمْ يَخْرُجْ حَتَّى نَهَانَا عَنْهَا» . وَفِي لَفْظٍ لَهُ: إنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ إنِّي كُنْت أَذِنْت لَكُمْ فِي الِاسْتِمْتَاعِ مِنْ النِّسَاءِ، وَإِنَّ اللَّهَ قَدْ حَرَّمَ ذَلِكَ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» .

الرَّابِعُ: يَوْمُ حُنَيْنٍ، رَوَاهُ النَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ تَصْحِيفٌ

ص: 321

مِنْ خَيْبَرَ وَذَكَرَ الدَّارَقُطْنِيُّ: أَنَّ عَبْدَ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيَّ تَفَرَّدَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مَالِكٍ بِقَوْلِهِ حُنَيْنٍ، فِي رِوَايَةٍ لِسَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي عَامِ أَوْطَاسٍ، قَالَ السُّهَيْلِيُّ: هِيَ مُوَافِقَةٌ لِرِوَايَةِ مَنْ رَوَى عَامَ الْفَتْحِ، وَأَنَّهُمَا كَانَا فِي عَامٍ وَاحِدٍ.

الْخَامِسُ: غَزْوَةُ تَبُوكِ، رَوَاهُ الْحَازِمِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَبَّادِ بْنِ كَثِيرٍ عَنْ ابْنِ عَقِيلٍ عَنْ جَابِرٍ قَالَ:«خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إلَى غَزْوَةِ تَبُوكَ حَتَّى إذَا كُنَّا عِنْدَ الثَّنِيَّةِ مِمَّا يَلِي الشَّامَ، جَاءَتْنَا نِسْوَةٌ تَمَتَّعْنَا بِهِنَّ يَطُفْنَ بِرِجَالِنَا، فَسَأَلْنَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْهُنَّ وَأَخْبَرْنَاهُ، فَغَضِبَ وَقَامَ فِينَا خَطِيبًا فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَنَهَى عَنْ الْمُتْعَةِ، فَتَوَادَعْنَا يَوْمَئِذٍ وَلَمْ نَعُدْ.، وَلَا نَعُودُ فِيهَا أَبَدًا. فَبِهَا سُمِّيَتْ يَوْمَئِذٍ ثَنِيَّةُ الْوَدَاعِ» ، وَهَذَا إسْنَادٌ ضَعِيفٌ، لَكِنْ عِنْدَ ابْنِ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَا يَشْهَدُ لَهُ.

وَأَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ الطَّرِيقِ الْمَذْكُورَةِ بِلَفْظِ «خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ فَنَزَلْنَا ثَنِيَّةَ الْوَدَاعِ» فَذَكَرَهُ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى أَنَّ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ لَمْ يَبْلُغْهُ النَّهْيُ الَّذِي وَقَعَ يَوْمَ الْفَتْحِ، وَلِأَجْلِ ذَلِكَ غَضِبَ صلى الله عليه وسلم.

السَّادِسُ: حَجَّةُ الْوَدَاعِ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد مِنْ طَرِيقِ الرَّبِيعِ بْنِ سَبْرَةَ قَالَ: أَشْهَدُ عَلَى أَبِي أَنَّهُ حَدَّثَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ نَهَى عَنْهَا فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ» ، وَيُجَابُ عَنْهُ بِجَوَابَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْمُرَادَ بِذِكْرِ ذَلِكَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ إشَاعَةُ النَّهْيِ وَالتَّحْرِيمِ لِكَثْرَةِ مَنْ حَضَرَهَا مِنْ الْخَلَائِقِ.

الثَّانِي: احْتِمَالُ أَنْ يَكُونَ انْتَقَلَ ذِهْنُ أَحَدِ رُوَاتِهِ مِنْ فَتْحِ مَكَّةَ إلَى حَجَّةِ الْوَدَاعِ، لِأَنَّ أَكْثَرَ الرُّوَاةِ عَنْ سَبْرَةَ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي الْفَتْحِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

1604 -

(4) - حَدِيثُ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ: «لَا نِكَاحَ إلَّا بِوَلِيٍّ وَشَاهِدَيْ

ص: 322

عَدْلٍ» . أَحْمَدُ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالطَّبَرَانِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ، مِنْ حَدِيثِ الْحَسَنِ عَنْهُ، وَفِي إسْنَادِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحْرِزٍ وَهُوَ مَتْرُوكٌ، وَرَوَاهُ الشَّافِعِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ، عَنْ الْحَسَنِ مُرْسَلًا وَقَالَ: وَهَذَا وَإِنْ كَانَ مُنْقَطِعًا فَإِنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ الْعِلْمِ يَقُولُونَ بِهِ.

1605 -

(5) حَدِيثُ أَبِي مُوسَى: «لَا نِكَاحَ إلَّا بِوَلِيٍّ» أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَأَطَالَ فِي تَخْرِيجِ طُرُقِهِ، وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي وَصْلِهِ وَإِرْسَالِهِ، قَالَ الْحَاكِمُ: وَقَدْ صَحَّتْ الرِّوَايَةُ فِيهِ عَنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: عَائِشَةُ، وَأُمُّ سَلَمَةَ، وَزَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشٍ، قَالَ: وَفِي الْبَابِ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ، ثُمَّ سَرَدَ تَمَامَ ثَلَاثِينَ صَحَابِيًّا، وَقَدْ جَمَعَ طُرُقَهُ الدِّمْيَاطِيُّ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ.

1606 -

(6) - حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ: «لَا نِكَاحَ إلَّا بِوَلِيٍّ» . أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ وَالطَّبَرَانِيُّ وَفِيهِ الْحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَمَدَارُهُ عَلَيْهِ، وَغَلِطَ بَعْضُ الرُّوَاةِ فَرَوَاهُ عَنْ ابْنِ الْمُبَارَكِ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عَنْ عِكْرِمَةَ. وَالصَّوَابُ الْحَجَّاجُ، بَدَلَ خَالِدٍ.

ص: 323

1607 -

(7) - حَدِيثُ عَائِشَةَ: «أَيُّمَا امْرَأَةٍ أَنْكَحَتْ نَفْسَهَا بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهَا، فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ، فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ، فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ؛ فَإِنْ دَخَلَ فَلَهَا الْمَهْرُ لِمَا اسْتَحَلَّ مِنْ فَرْجِهَا، فَإِنْ اشْتَجَرُوا فَالسُّلْطَانُ وَلِيُّ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ» . الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَأَبُو عَوَانَةَ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ عَنْهَا، وَأُعِلَّ بِالْإِرْسَالِ، قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ، وَقَدْ تَكَلَّمَ فِيهِ بَعْضُهُمْ مِنْ جِهَةِ أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ قَالَ: ثُمَّ لَقِيت الزُّهْرِيَّ فَسَأَلْته عَنْهُ فَأَنْكَرَهُ، قَالَ: فَضَعَّفَ الْحَدِيثَ مِنْ أَجْلِ هَذَا لَكِنْ ذُكِرَ عَنْ يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ أَنَّهُ قَالَ: لَمْ يَذْكُرْ هَذَا عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ غَيْرُ ابْنِ عُلَيَّةَ، وَضَعَّفَ يَحْيَى رِوَايَةَ ابْنِ عُلَيَّةَ، عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ، انْتَهَى.

وَحِكَايَةُ ابْنِ جُرَيْجٍ هَذِهِ وَصَلَهَا الطَّحَاوِيُّ عَنْ ابْنِ أَبِي عِمْرَانَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ، عَنْ ابْنِ عُلَيَّةَ، عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ، وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ.

عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ: سَمِعْت سُلَيْمَانَ، سَمِعْت الزُّهْرِيَّ، وَعُدَّ أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ مَنْدَهْ: عِدَّةَ مَنْ رَوَاهُ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ فَبَلَغُوا عِشْرِينَ رَجُلًا، وَذَكَرَ أَنَّ مَعْمَرًا وَعُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ زُحَرَ تَابَعَا ابْنَ جُرَيْجٍ عَلَى رِوَايَتِهِ إيَّاهُ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى: وَأَنَّ قُرَّةَ وَمُوسَى بْنَ عُقْبَةَ وَمُحَمَّدَ بْنَ إِسْحَاقَ وَأَيُّوبَ بْنَ مُوسَى وَهِشَامَ بْنَ سَعْدٍ وَجَمَاعَةً، تَابَعُوا سُلَيْمَانَ بْنَ مُوسَى، عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ: وَرَوَاهُ أَبُو مَالِكٍ الْجَنْبِيُّ وَنُوحُ بْنُ دَرَّاجٍ وَمِنْدَلُ وَجَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ وَجَمَاعَةٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ مِنْ طَرِيقِ أَحْمَدَ، عَنْ ابْنِ عُلَيَّةَ، عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ.

وَقَالَ فِي آخِرِهِ: قَالَ ابْنُ جُرَيْجٌ: فَلَقِيت الزُّهْرِيَّ فَسَأَلْته عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ فَلَمْ يَعْرِفْهُ، وَسَأَلْته عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى فَأَثْنَى عَلَيْهِ، قَالَ: وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: سَمَاعُ ابْنِ عُلَيَّةَ مِنْ ابْنِ جُرَيْجٍ لَيْسَ بِذَاكَ؛ قَالَ: وَلَيْسَ أَحَدٌ يَقُولُ فِيهِ هَذِهِ الزِّيَادَةَ غَيْرُ ابْنِ عُلَيَّةَ،

ص: 324

وَأَعَلَّ ابْنُ حِبَّانَ وَابْنُ عَدِيٍّ وَابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَالْحَاكِمُ وَغَيْرُهُمْ الْحِكَايَةَ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ، وَأَجَابُوا عَنْهَا عَلَى تَقْدِيرِ الصِّحَّةِ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ نِسْيَانِ الزُّهْرِيِّ لَهُ أَنْ يَكُونَ سُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى وَهَمَ فِيهِ، وَقَدْ تَكَلَّمَ عَلَيْهِ أَيْضًا الدَّارَقُطْنِيُّ فِي جُزْءٍ مِنْ حَدَثَ وَنَسِيَ، وَالْخَطِيبُ بَعْدَهُ، وَأَطَالَ فِي الْكَلَامِ عَلَيْهِ الْبَيْهَقِيُّ فِي السُّنَنِ وَفِي الْخِلَافِيَّاتِ، وَابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي التَّحْقِيقِ، وَأَطَالَ الْمَاوَرْدِيُّ فِي الْحَاوِي فِي ذِكْرِ مَا دَلَّ عَلَيْهِ هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ الْأَحْكَامِ نَصًّا وَاسْتِنْبَاطًا فَأَفَادَ.

1608 -

(8) - قَوْلُهُ: رُوِيَ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا تُنْكِحُ الْمَرْأَةُ الْمَرْأَةَ، وَلَا نَفْسَهَا، إنَّمَا الزَّانِيَةُ الَّتِي تُنْكِحُ نَفْسَهَا» . ابْنُ مَاجَهْ وَالدَّارَقُطْنِيّ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَفِي لَفْظٍ:«وَكُنَّا نَقُولُ: إنَّ الَّتِي تُزَوِّجُ نَفْسَهَا هِيَ الزَّانِيَةُ» ، وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ أَيْضًا مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى إلَى ابْنِ سِيرِينَ، فَبَيَّنَ أَنَّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ مِنْ قَوْلِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ السَّلَامِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْهُ بِهَا مَوْقُوفًا، وَمِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ مَرْوَانَ، عَنْ هِشَامٍ مَرْفُوعًا قَالَ: وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ عَبْدُ السَّلَامِ حَفِظَهُ، فَإِنَّهُ مَيَّزَ الْمَرْفُوعَ مِنْ الْمَوْقُوفِ.

(تَنْبِيهٌ) :

قَوْلُ الرَّافِعِيِّ: وَلِهَذَا قَالَ: «الزَّانِيَةُ هِيَ الَّتِي تُنْكِحُ نَفْسَهَا» ، وَلَمْ يَقُلْ: الَّتِي تُنْكِحُ نَفْسَهَا هِيَ الزَّانِيَةُ، يُعَكَّرُ عَلَيْهِ أَنَّهُ وَقَعَ عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيِّ بِلَفْظِ:«إنَّ الَّتِي تُنْكِحُ نَفْسَهَا هِيَ الزَّانِيَةُ»

1609 -

(9) - حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ: «أَنَّهُ كَانَ يُجَوِّزُ نِكَاحَ الْمُتْعَةِ، ثُمَّ رَجَعَ عَنْهُ» . رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَعَقَدَ لَهُ بَابًا مُفْرَدًا، وَفِي إسْنَادِهِ مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ الرَّبَذِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَأَغْرَبَ الْمَجْدُ بْنُ تَيْمِيَّةَ فَذَكَرَ عَنْ أَبِي جَمْرَةَ الضُّبَعِيِّ أَنَّهُ سَأَلَ ابْنَ عَبَّاسٍ

ص: 325

عَنْ مُتْعَةِ النِّسَاءِ، فَرَخَّصَ فِيهِ، فَقَالَ لَهُ: إنَّمَا ذَلِكَ فِي الْحَالِ الشَّدِيدِ، وَفِي النِّسَاءِ قِلَّةٌ فَقَالَ: نَعَمْ، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، انْتَهَى.

وَلَيْسَ هَذَا فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ، بَلْ اسْتَغْرَبَهُ ابْنُ الْأَثِيرِ فِي جَامِعِ الْأُصُولِ، فَعَزَاهُ إلَى رَزِينٍ وَحْدَهُ.

قُلْت: قَدْ ذَكَرَهُ الْمِزِّيُّ فِي الْأَطْرَافِ فِي تَرْجَمَةِ أَبِي جَمْرَةَ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَزَاهُ إلَى الْبُخَارِيِّ فِي النِّكَاحِ بِاللَّفْظِ الَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ تَيْمِيَّةَ سَوَاءٌ، ثُمَّ رَاجَعْته مِنْ الْأَصْلِ فَوَجَدْته فِي بَابِ: النَّهْيُ عَنْ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ أَخِيرًا، سَاقَهُ بِهَذَا الْإِسْنَادِ وَالْمَتْنِ، فَاعْلَمْ ذَلِكَ. وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ فِي مُسْتَخْرَجِهِ بِلَفْظِ " الْجِهَادِ " بَدَلَ " الْحَالِ الشَّدِيدِ " وَيَا عَجَبًا مِنْ الْمُصَنِّفِ، كَيْفَ لَمْ يُرَاجِعْ الْأَطْرَافَ وَهِيَ عِنْدَهُ، إنْ كَانَ خَفِيَ عَلَيْهِ مَوْضِعَهُ مِنْ الْأَصْلِ، وَرَوَيْنَا فِي كِتَابِ الْغَرَرِ مِنْ الْأَخْبَارِ لِمُحَمَّدِ بْنِ خَلَفٍ الْقَاضِي الْمَعْرُوفِ بِوَكِيعٍ، نَا عَلِيُّ بْنُ مُسْلِمٍ، نَا أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيُّ، نَا حَوِيلٌ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ دَاوُد بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: قُلْت لِابْنِ عَبَّاسٍ: مَا تَقُولُ فِي الْمُتْعَةِ فَقَدْ أَكْثَرَ النَّاسُ فِيهَا حَتَّى قَالَ فِيهَا الشَّاعِرُ، قَالَ: وَمَا قَالَ الشَّاعِرُ؟ قُلْت: قَالَ:

قَدْ قُلْت لِلشَّيْخِ لَمَّا طَالَ مَحْبِسُهُ

يَا صَاحِ هَلْ لَك فِي فَتْوَى ابْنِ عَبَّاسِ

هَلْ لَك فِي رُخْصَةِ الْأَطْرَافِ آنِسَةٌ

تَكُونُ مَثْوَاك حَتَّى مَصْدَرِ النَّاسِ

قَالَ: وَقَدْ قَالَ فِيهَا الشَّاعِرُ؟ قُلْت: نَعَمْ، قَالَ: فَكَرِهَهَا أَوْ نَهَى عَنْهَا.

وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: نَا ابْنُ السِّمَاكِ، نَا الْحَسَنُ بْنُ سَلَّامٍ، نَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ، نَا عَبْدُ السَّلَامِ، عَنْ الْحَجَّاجِ، عَنْ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ الْمِنْهَالِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: قُلْت لِابْنِ عَبَّاسٍ: لَقَدْ سَارَتْ بِفُتْيَاك الرُّكْبَانُ، وَقَالَتْ فِيهَا الشُّعَرَاءُ، قَالَ: وَمَا قَالُوا؟ فَذَكَرَ الْبَيْتَيْنِ، قَالَ: فَقَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ، وَاَللَّهِ مَا بِهَذَا أَفْتَيْت، وَمَا هِيَ إلَّا كَالْمَيْتَةِ لَا تَحِلُّ إلَّا لِلْمُضْطَرِّ، وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: مَا مَاتَ ابْنُ عَبَّاسٍ حَتَّى رَجَعَ عَنْ هَذِهِ الْفُتْيَا، وَذَكَرَهُ أَبُو عَوَانَةَ فِي صَحِيحِهِ أَيْضًا.

وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي مُصَنَّفِهِ، عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ كَانَ يَرَاهَا حَلَالًا وَيَقْرَأُ {فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ} [النساء: 24] .

قَالَ: وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي حَرْفِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ إلَى أَجَلٍ مُسَمًّى، قَالَ: وَكَانَ يَقُولُ: يَرْحَمُ اللَّهُ عُمَرَ مَا كَانَتْ الْمُتْعَةُ إلَّا رَحْمَةً مِنْ اللَّهِ رَحِمَ بِهَا عِبَادَهُ، وَلَوْلَا نَهْيُ

ص: 326

عُمَرَ مَا اُحْتِيجَ إلَى الزِّنَا أَبَدًا. وَذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ عَنْ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ الْأَشَجِّ، عَنْ عَمَّارٍ مَوْلَى الشَّرِيدِ سَأَلْت ابْنَ عَبَّاسٍ عَنْ الْمُتْعَةِ أَسِفَاحٌ هِيَ أَمْ نِكَاحٌ؟ قَالَ: لَا سِفَاحَ وَلَا نِكَاحَ، قُلْت: فَمَا هِيَ؟ قَالَ: الْمُتْعَةُ كَمَا قَالَ اللَّهُ، قُلْت: هَلْ عَلَيْهَا حَيْضَةٌ؟ قَالَ: نَعَمْ قُلْت: يَتَوَارَثَانِ؟ قَالَ: لَا.

(فَائِدَةٌ) :

كَلَامُ الرَّافِعِيِّ يُوهِمُ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ انْفَرَدَ عَنْ غَيْرِهِ مِنْ الصَّحَابَةِ بِتَجْوِيزِ الْمُتْعَةِ لِقَوْلِهِ: إنْ صَحَّ رُجُوعُهُ وَجَبَ الْحَدُّ لِلْإِجْمَاعِ، وَلَمْ يَنْفَرِدْ ابْنُ عَبَّاسٍ بِذَلِكَ بَلْ هُوَ مَنْقُولٌ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ غَيْرِهِ، قَالَ ابْنُ حَزْمٍ فِي الْمُحَلَّى: مَسْأَلَةٌ: وَلَا يَجُوزُ نِكَاحُ الْمُتْعَةِ وَهِيَ النِّكَاحُ إلَى أَجَلٍ، وَقَدْ كَانَ ذَلِكَ حَلَالًا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ نَسَخَهَا اللَّهُ تَعَالَى عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ عليه السلام إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ. ثُمَّ اُحْتُجَّ بِحَدِيثِ الرَّبِيعِ بْنِ سَبْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ وَفِيهِ:«سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْمِنْبَرِ يَخْطُبُ وَيَقُولُ: مَنْ كَانَ تَزَوَّجَ امْرَأَةً إلَى أَجَلٍ فَلْيُعْطِهَا مَا سَمَّى لَهَا، وَلَا يَسْتَرْجِعْ مِمَّا أَعْطَاهَا شَيْئًا، وَيُفَارِقْهَا، فَإِنَّ اللَّهَ عز وجل قَدْ حَرَّمَهَا عَلَيْكُمْ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» . قَالَ ابْنُ حَزْمٍ: وَمَا حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَيْنَا إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ فَقَدْ أَمَّنَّا نَسْخَهُ، قَالَ: وَقَدْ ثَبَتَ عَلَى تَحْلِيلِهَا بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَمَاعَةٌ مِنْ السَّلَفِ، مِنْهُمْ مِنْ الصَّحَابَةِ أَسْمَاءُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ، وَجَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَابْنُ مَسْعُودٍ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَمُعَاوِيَةُ، وَعَمْرُو بْنُ حُرَيْثٍ، وَأَبُو سَعِيدٍ، وَسَلَمَةُ، وَمَعْبَدُ بْنُ أُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ، قَالَ وَرَوَاهُ جَابِرٌ عَنْ الصَّحَابَةِ مُدَّةَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَمُدَّةَ أَبِي بَكْرٍ وَمُدَّةَ عُمَرَ إلَى قُرْبِ آخِرِ خِلَافَتِهِ، قَالَ: وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ إنَّمَا أَنْكَرَهَا إذَا لَمْ يَشْهَدْ عَلَيْهَا عَدْلَانِ فَقَطْ، وَقَالَ بِهِ مِنْ التَّابِعِينَ طَاوُسٌ وَعَطَاءٌ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَسَائِرُ فُقَهَاءِ مَكَّةَ قَالَ: وَقَدْ تَقَصَّيْنَا الْآثَارَ بِذَلِكَ فِي كِتَابِ الْإِيصَالِ، انْتَهَى كَلَامُهُ. فَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ عَنْ أَسْمَاءَ فَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ الْقَرِّيِّ قَالَ:

ص: 327

«دَخَلْت عَلَى أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ فَسَأَلْنَاهَا عَنْ مُتْعَةِ النِّسَاءِ، فَقَالَتْ: فَعَلْنَاهَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم» .

وَأَمَّا «جَابِرٌ فَفِي مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ أَبِي نَضْرَةَ عَنْهُ: فَعَلْنَاهَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ نَهَانَا عَنْهَا عُمَرُ، فَلَمْ نَعُدْ لَهَا» .

وَأَمَّا ابْنُ مَسْعُودٍ فَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْهُ قَالَ: «رَخَّصَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ أَنْ نَنْكِحَ الْمَرْأَةَ إلَى أَجَلٍ بِالشَّيْءِ ثُمَّ قَرَأَ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ} [المائدة: 87] » وَأَمَّا ابْنُ عَبَّاسٍ فَقَدْ تَقَدَّمَ.

وَأَمَّا مُعَاوِيَةُ فَلَمْ أَرَ ذَلِكَ عَنْهُ إلَى الْآنَ، ثُمَّ وَجَدْته فِي مُصَنَّفِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ: أَوَّلُ مَنْ سَمِعْت مِنْهُ الْمُتْعَةَ صَفْوَانُ بْنُ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ، قَالَ: أَخْبَرَنِي يَعْلَى أَنَّ مُعَاوِيَةَ اسْتَمْتَعَ بِامْرَأَةٍ فِي الطَّائِفِ، فَأَنْكَرْت ذَلِكَ عَلَيْهِ، فَدَخَلْنَا عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَذَكَرْنَا لَهُ ذَلِكَ فَقَالَ: نَعَمْ.

وَأَمَّا عَمْرُو بْنُ حُرَيْثٍ فَوَقَعَتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ فِيمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الزُّبَيْرِ: «سَمِعْت جَابِرًا يَقُولُ: كُنَّا نَسْتَمْتِعُ بِالْقَبْضَةِ مِنْ الدَّقِيقِ وَالتَّمْرِ الْأَيَّامَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَأَبِي بَكْرٍ حَتَّى نَهَى عَنْهَا عُمَرُ. فِي شَأْنِ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ» . وَأَمَّا مَعْبَدُ وَسَلَمَةُ ابْنَا أُمَيَّةَ: فَذَكَرَ عُمَرُ بْنُ شَيْبَةَ فِي أَخْبَارِ الْمَدِينَةِ بِإِسْنَادِهِ أَنَّ

ص: 328

سَلَمَةَ بْنَ أُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ اسْتَمْتَعَ بِامْرَأَةٍ فَبَلَغَ ذَلِكَ عُمَرُ فَتَوَعَّدَهُ عَلَى ذَلِكَ.

وَأَمَّا قِصَّةُ أَخِيهِ مَعْبَدٍ فَلَمْ أَرَهَا، وَكَذَلِكَ قِصَّةُ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ مَشْرُوحَةٌ، وَأَمَّا رِوَايَةُ جَابِرٍ عَنْ الصَّحَابَةِ فَلَمْ أَرَهَا صَرِيحًا، وَإِنَّمَا جَاءَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ:«تَمَتَّعْنَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَأَبِي بَكْرٍ وَصَدْرًا مِنْ خِلَافَةِ عُمَرَ» . وَفِي رِوَايَةٍ: فَلَمَّا كَانَ فِي آخِرِ خِلَافَةِ عُمَرَ، وَفِي رِوَايَةٍ:«تَمَتَّعْنَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ» . وَكُلُّ ذَلِكَ فِي مُسْلِمٍ وَمُصَنَّفِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، وَمِنْ الْمَشْهُورِينَ بِإِبَاحَتِهَا ابْنُ جُرَيْجٍ فَقِيهُ مَكَّةَ، وَلِهَذَا قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ فِيمَا رَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي عُلُومِ الْحَدِيثِ: يُتْرَكُ مِنْ قَوْلِ أَهْلِ الْحِجَازِ خَمْسٌ، فَذَكَرَ فِيهَا مُتْعَةَ النِّسَاءِ مِنْ قَوْلِ أَهْلِ مَكَّةَ، وَإِتْيَانَ النِّسَاءِ فِي أَدْبَارِهِنَّ مِنْ قَوْلِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ.

وَمَعَ ذَلِكَ فَقَدْ رَوَى أَبُو عَوَانَةَ فِي صَحِيحِهِ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ أَنَّهُ قَالَ لَهُمْ بِالْبَصْرَةِ: اشْهَدُوا أَنِّي قَدْ رَجَعْت عَنْهَا بَعْدَ أَنْ حَدَّثَهُمْ بِثَمَانِيَةَ عَشَرَ حَدِيثًا أَنَّهَا لَا بَأْسَ بِهَا.

قَوْلُهُ: رُوِيَ أَنَّ امْرَأَةً كَانَتْ فِي رَكْبٍ فَجَعَلَتْ أَمْرَهَا إلَى رَجُلٍ فَزَوَّجَهَا. فَبَلَغَ ذَلِكَ عُمَرَ، فَجَلَدَ النَّاكِحَ وَالْمُنْكِحَ. الشَّافِعِيُّ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ خَالِدٍ بِهِ، وَفِيهِ انْقِطَاعٌ لِأَنَّ عِكْرِمَةَ لَمْ يُدْرِكْ ذَلِكَ.

ص: 329