الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[كِتَابُ الطَّلَاقِ]
1725 -
(1) - قَوْلُهُ: رُوِيَ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أَبْغَضُ الْمُبَاحِ إلَى اللَّهِ الطَّلَاقُ» . أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ وَالْحَاكِمُ، مِنْ حَدِيثِ مُحَارِبِ بْنِ دِثَارٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ بِلَفْظِ " الْحَلَالِ " بَدَلَ " الْمُبَاحِ " وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالْبَيْهَقِيُّ مُرْسَلًا لَيْسَ فِيهِ ابْنُ عُمَرَ، وَرَجَّحَ أَبُو حَاتِمٍ وَالدَّارَقُطْنِيّ فِي الْعِلَلِ وَالْبَيْهَقِيُّ الْمُرْسَلَ، وَأَوْرَدَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي الْعِلَلِ الْمُتَنَاهِيَةِ بِإِسْنَادِ ابْنِ مَاجَهْ وَضَعَّفَهُ بِعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْوَلِيدِ الْوَصَّافِيِّ وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَلَكِنَّهُ لَمْ يَنْفَرِدْ بِهِ فَقَدْ تَابَعَهُ مُعَرَّفُ بْنُ الْوَاصِلِ، إلَّا أَنَّ الْمُنْفَرِدَ عَنْهُ بِوَصْلِهِ مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ الْوَهْبِيُّ. وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ حَدِيثِ مَكْحُولٍ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ بِلَفْظِ:«مَا خَلَقَ اللَّهُ شَيْئًا أَبْغَضَ إلَيْهِ مِنْ الطَّلَاقِ» . وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ وَمُنْقَطِعٌ أَيْضًا، وَلِابْنِ مَاجَهْ وَابْنِ حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى مَرْفُوعًا:«مَا بَالُ أَحَدِكُمْ يَلْعَبُ بِحُدُودِ اللَّهِ يَقُولُ: قَدْ طَلَّقْت قَدْ رَاجَعْت» . بَوَّبَ عَلَيْهِ ابْنُ حِبَّانَ: " ذَكَرَ الزَّجْرَ عَنْ أَنْ يُطَلِّقَ الْمَرْءُ النِّسَاءَ ثُمَّ يَرْتَجِعَهُنَّ حَتَّى يَكْثُرَ ذَلِكَ مِنْهُ ". انْتَهَى.
وَاَلَّذِي يَظْهَرُ لِي مِنْ سِيَاقِ الْحَدِيثِ خِلَافُ مَا فَهِمَهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
قَوْلُهُ: " رُوِيَ «عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَرَأَ فَطَلِّقُوهُنَّ - لِقِبَلِ عِدَّتِهِنَّ» . وَتَكَلَّمُوا فِي أَنَّهُ قِرَاءَةٌ أَوْ تَفْسِيرٌ. هُوَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ فِي طَلَاقِ امْرَأَتِهِ فِي بَعْضِ طُرُقِ مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَيْمَنَ يَسْأَلُ ابْنَ عُمَرَ، كَيْفَ تَرَى فِي رَجُلٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ. . . الْحَدِيثَ.
وَفِيهِ هَذَا، وَأَمَّا اخْتِلَافُهُمْ فِي أَنَّهُ قِرَاءَةٌ أَوْ تَفْسِيرٌ، فَقَالَ الرُّويَانِيُّ فِي الْبَحْرِ: لَعَلَّهُ قَرَأَ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ التَّفْسِيرِ لَا عَلَى وَجْهِ التِّلَاوَةِ، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: هِيَ قِرَاءَةُ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِمَا، لَكِنَّهَا شَاذَّةٌ، لَكِنْ لِصِحَّةِ إسْنَادِهَا يُحْتَجُّ بِهَا وَتَكُونُ مُفَسِّرَةً لِمَعْنَى الْقِرَاءَةِ الْمُتَوَاتِرَةِ.
1727 -
(3) - حَدِيثُ: أَنَّ ابْنَ عُمَرَ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ، فَسَأَلَ عُمَرُ عَنْ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:" مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا " الْحَدِيثَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ، وَلَهُ عِنْدَهُمَا أَلْفَاظٌ، مِنْهَا: عِنْدَ مُسْلِمٍ «وَحَسَبْت لَهَا التَّطْلِيقَةَ الَّتِي طَلَّقْتهَا» . وَفِي رِوَايَةٍ: فَقُلْت: لِابْنِ عُمَرَ: " وَحَسَبْت تِلْكَ التَّطْلِيقَةَ؟ قَالَ: فَمَهْ، ". وَفِي رِوَايَةٍ لِأَبِي دَاوُد مِنْ طَرِيقِ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ: فَرَدَّهَا عَلَيَّ وَلَمْ يَرَهَا شَيْئًا، قَالَ أَبُو دَاوُد الْأَحَادِيثُ كُلُّهَا عَلَى خِلَافِ هَذَا،
يَعْنِي أَنَّهَا حُسِبَتْ عَلَيْهِ بِتَطْلِيقَةٍ، وَقَدْ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ مُصَرِّحًا بِذَلِكَ، وَلِمُسْلِمٍ نَحْوُهُ كَمَا تَقَدَّمَ، لَكِنْ لَمْ يَنْفَرِدْ أَبُو الزُّبَيْرِ فَقَدْ رَوَاهُ عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ: أَنَّ ابْنَ عُمَرَ قَالَ، فِي الرَّجُلِ يُطَلِّقُ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ: قَالَ ابْنُ عُمَرَ: لَا يَعْتَدُّ بِذَلِكَ أَخْرَجَهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْخُشَنِيُّ عَنْ بُنْدَارٍ عَنْهُ، وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ، لَكِنْ يُحْمَلُ قَوْلُهُ: لَا يَعْتَدُّ بِذَلِكَ عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ خَالَفَ السُّنَّةَ، بَلْ عَلَى مَعْنَى أَنَّ الطَّلْقَةَ لَا تُحْسَبُ جَمْعًا بَيْنَ الرِّوَايَاتِ الْقَوِيَّةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(تَنْبِيهٌ) :
اسْمُ امْرَأَتِهِ آمِنَةُ بِنْتُ غِفَارٍ، قَالَهُ ابْنُ بَاطِيشٍ. قُلْت: وَهُوَ كَذَلِكَ فِي تَكْمِلَةِ الْإِكْمَالِ لِابْنِ نُقْطَةَ، عَزَاهُ لِابْنِ سَعْدٍ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ لَهِيعَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَعْرَجِ فَذَكَرَهُ مُرْسَلًا، وَوَقَعَ فِيهِ تَصْحِيفٌ، وَرَوَيْنَاهُ فِي حَدِيثِ قُتَيْبَةَ جَمَعَ الْعَيَّارُ بِهَذَا السَّنَدِ الَّذِي فِيهِ ابْنُ لَهِيعَةَ: أَنَّهَا آمِنَةُ بِنْتُ عَمَّارٍ، وَفِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ مِنْ حَدِيثِ نَافِعٍ «أَنَّ عُمَرَ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ عَبْدَ اللَّهِ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ النَّوَارَ» . وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا لَقَبُهَا، وَذَاكَ اسْمُهَا.
قَوْلُهُ: وَإِذَا خَالَعَ الْحَائِضَ لَا يَحْرُمُ، لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَطْلَقَ الْإِذْنَ لِثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ فِي الْخُلْعِ. مِنْ غَيْرِ بَحْثٍ وَاسْتِفْصَالٍ عَنْ حَالِ الزَّوْجَةِ. أَمَّا الْحَدِيثُ: فَسَبَقَ فِي الْخُلْعِ وَأَمَّا اسْتِدْلَالُهُ فَفِيهِ نَظَرٌ، لِأَنَّ فِي رِوَايَةِ الشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ إلَى الصُّبْحِ فَوَجَدَ حَبِيبَةَ بِنْتَ سَهْلٍ عِنْدَ بَابِهِ فِي الْغَلَسِ. انْتَهَى.
وَبَابُهُ الَّذِي يَخْرُجُ مِنْهُ إلَى الْمَسْجِدِ مِنْ لَازِمِ مَنْ يَجِيءُ إلَيْهِ أَنْ يَدْخُلَ الْمَسْجِدَ، فَفِي دُخُولِهَا الْمَسْجِدَ دَلِيلٌ عَلَى كَوْنِهَا طَاهِرًا غَيْرَ حَائِضٍ: قُلْت: هَكَذَا بَحَثَ الْمُخَرِّجُ تَبَعًا لِغَيْرِهِ، وَفِيهِ نَظَرٌ لَا يَخْفَى عَلَى ذِي فَهْمٍ، بَلْ لَا يَلْزَمُ مِنْ إطْلَاقِ الْإِذْنِ بِالنِّسْبَةِ إلَى زَمَنِ السُّنَّةِ وَالْبِدْعَةِ، عُمُومُهُ فِي الْحَالَتَيْنِ، وَأَيْضًا فَإِطْلَاقُ الْإِذْنِ فِي الِاخْتِلَاعِ يُعَارِضُهُ إطْلَاقُ الْمَنْعِ مِنْ طَلَاقِ الْحَائِضِ، فَبَيْنَهُمَا عُمُومٌ وَخُصُوصٌ وَجْهِيٌّ فَتَعَارَضَا.
1728 -
(4) - حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ: «مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ.
1729 -
(5) - حَدِيثُ: «أَنَّ عُوَيْمِرَ الْعَجْلَانِيَّ لَاعَنَ امْرَأَتَهُ، وَقَالَ:
كَذَبْت عَلَيْهَا إنْ أَمْسَكْتهَا هِيَ طَالِقٌ» . يَأْتِي فِي اللِّعَانِ.
1730 -
(6) - قَوْلُهُ: رُوِيَ فِي قِصَّةِ ابْنِ عُمَرَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ: أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا حَتَّى تَحِيضَ، ثُمَّ تَطْهُرَ» . وَالرِّوَايَةُ الْمَشْهُورَةُ «فَلْيُمْسِكْهَا إلَى أَنْ تَطْهُرَ، ثُمَّ تَحِيضَ وَتَطْهُرَ مَرَّةً أُخْرَى» .
قُلْت: الرِّوَايَةُ الْأُولَى وَالثَّانِيَةُ فِي الدَّارَقُطْنِيِّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ، مِنْ طَرِيقِ مُعْتَمِرٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ عَنْهُ، وَأَقْرَبُ مِنْهُ رِوَايَةُ النَّسَائِيّ مِنْ طَرِيقِ سَالِمٍ:«أَنَّ ابْنَ عُمَرَ قَالَ: طَلَّقْت امْرَأَتِي وَهِيَ حَائِضٌ، فَذَكَرَ ذَلِكَ عُمَرُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: لِيُرَاجِعْهَا، ثُمَّ يُمْسِكْهَا حَتَّى تَحِيضَ حَيْضَةً وَتَطْهُرَ» . وَالْمَشْهُورَةُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهَا، وَالثَّانِيَةُ فِي لَفْظٍ لِمُسْلِمٍ:«فَأَمَرَهُ أَنْ يُرَاجِعَهَا، ثُمَّ يُمْسِكَهَا حَتَّى تَطْهُرَ، ثُمَّ تَحِيضَ، ثُمَّ يُمْهِلَهَا حَتَّى تَطْهُرَ مِنْ حَيْضِهَا» . وَفِي مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ سَالِمٍ أَيْضًا، عَنْ «ابْنِ عُمَرَ: طَلَّقْت امْرَأَتِي وَهِيَ حَائِضٌ، فَذَكَرَ ذَلِكَ عُمَرُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَتَغَيَّظَ فِيهِ، ثُمَّ قَالَ: مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا حَتَّى تَحِيضَ حَيْضَةً مُسْتَقْبَلَةً، سِوَى حَيْضَتِهَا الَّتِي طَلَّقَهَا فِيهَا» . وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ بِلَفْظِ:«مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا حَتَّى تَطْهُرَ، ثُمَّ تَحِيضَ حَيْضَةً أُخْرَى ثُمَّ تَطْهُرَ، ثُمَّ يُطَلِّقَ بَعْدُ أَوْ يُمْسِكَ» .
وَفِي هَذَا مَا يَقْتَضِي إمْكَانَ رَدِّ رِوَايَةِ نَافِعٍ إلَى رِوَايَةِ سَالِمٍ بِالتَّأْوِيلِ، فَالْجَمْعُ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ أَوْلَى، وَلَا سِيَّمَا إذَا كَانَ الْحَدِيثُ وَاحِدًا وَالْأَصْلُ عَدَمُ التَّعَدُّدِ.
1731 -
الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ الْقَطَّانِ، وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ أَيْضًا وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ سُمَيْعٍ، عَنْ أَنَسٍ وَقَالَا جَمِيعًا: الصَّوَابُ عَنْ إسْمَاعِيلَ، عَنْ أَبِي رَزِينٍ، عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مُرْسَلًا، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: كَذَا رَوَاهُ جَمَاعَةٌ مِنْ الثِّقَاتِ. قُلْت: وَهُوَ فِي الْمَرَاسِيلِ لِأَبِي دَاوُد كَذَلِكَ. قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ: الْمُرْسَلُ أَصَحُّ، وَقَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ: الْمُسْنَدُ أَيْضًا صَحِيحٌ، وَلَا مَانِعَ أَنْ يَكُونَ لَهُ فِي الْحَدِيثِ شَيْخَانِ.
1732 -
(8) - حَدِيثُ: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَتَى مَنْزِلَ حَفْصَةَ فَلَمْ يَجِدْهَا، وَكَانَتْ قَدْ خَرَجَتْ إلَى مَنْزِلِ أَبِيهَا، فَدَعَا مَارِيَةَ إلَيْهِ، وَاتَتْ حَفْصَةُ فَعَرَفَتْ الْحَالَ. فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ فِي بَيْتِي وَفِي يَوْمِي وَعَلَى فِرَاشِي، فَقَالَ: - يَسْتَرْضِيهَا - إنِّي أُسِرُّ إلَيْك سِرًّا فَاكْتُمِيهِ، هِيَ عَلَيَّ حَرَامٌ. فَنَزَلَ قَوْله تَعَالَى {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} [التحريم: 1] الْآيَةَ» ، سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِهِ، عَنْ هُشَيْمٍ، عَنْ عُبَيْدَةَ، عَنْ إبْرَاهِيمَ ح وَعَنْ جُوَيْبِرٍ عَنْ الضَّحَّاكِ:«أَنَّ حَفْصَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ زَارَتْ أَبَاهَا ذَاتَ يَوْمٍ، وَكَانَ يَوْمُهَا، فَلَمَّا جَاءَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَلَمْ يَرَهَا فِي الْمَنْزِلِ، أَرْسَلَ إلَى أَمَتِهِ مَارِيَةَ الْقِبْطِيَّةِ، فَأَصَابَ مِنْهَا فِي بَيْتِ حَفْصَةَ، فَجَاءَتْ حَفْصَةُ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَتَفْعَلُ هَذَا فِي بَيْتِي فِي يَوْمِي؟ . قَالَ: فَإِنَّهَا حَرَامٌ عَلَيَّ لَا تُخْبِرِي بِذَلِكَ أَحَدًا. فَانْطَلَقَتْ حَفْصَةُ إلَى عَائِشَةَ فَأَخْبَرَتْهَا بِذَلِكَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} [التحريم: 1]- إلَى قَوْلِهِ - {وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ} [التحريم: 4] فَأُمِرَ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْ يَمِينِهِ، وَيُرَاجِعَ أَمَتَهُ» .
وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ حَدِيثِ عُمَرَ وَلَفْظُهُ: «دَخَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم -
بِأُمِّ وَلَدِهِ مَارِيَةَ فِي بَيْتِ حَفْصَةَ، فَوَجَدَتْهُ حَفْصَةُ مَعَهَا» . ثُمَّ سَاقَهُ بِنَحْوِهِ، وَقَالَ فِي آخِرِهِ: فَذَكَرَتْهُ لِعَائِشَةَ فَآلَى أَلَّا يَدْخُلَ عَلَيْهِنَّ شَهْرًا. وَأَصْلُ هَذَا الْحَدِيثِ رَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ قَالَ: «كَانَتْ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَمَةٌ يَطَؤُهَا فَلَمْ تَزَلْ بِهِ عَائِشَةُ وَحَفْصَةُ حَتَّى حَرَّمَهَا عَلَى نَفْسِهِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ} [التحريم: 1] » .
وَرَوَى أَبُو دَاوُد فِي الْمَرَاسِيلِ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي بَيْتِ حَفْصَةَ، فَدَخَلَتْ فَرَأَتْ مَعَهُ فَتَاتَهُ، فَقَالَتْ: فِي بَيْتِي وَيَوْمِي فَقَالَ: اُسْكُتِي فَوَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُهَا وَهِيَ عَلَيَّ حَرَامٌ» .
وَبِمَجْمُوعِ هَذِهِ الطُّرُقِ يَتَبَيَّنُ أَنَّ لِلْقِصَّةِ أَصْلًا، أَحْسِبُ لَا كَمَا زَعَمَ الْقَاضِي عِيَاضٌ أَنَّ هَذِهِ الْقِصَّةَ لَمْ تَأْتِ مِنْ طَرِيقٍ صَحِيحٍ، وَغَفَلَ رحمه الله عَنْ طَرِيقِ النَّسَائِيّ الَّتِي سَلَفَتْ فَكَفَى بِهَا صِحَّةً، وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ.
1733 -
(9) - حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم حَرَّمَ مَارِيَةَ عَلَى نَفْسِهِ، فَنَزَلَ قَوْله تَعَالَى {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ} [التحريم: 1] الْآيَةَ، فَأَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم كُلَّ مَنْ حَرَّمَ عَلَى نَفْسِهِ مَا كَانَ حَلَالًا، أَنْ يُعْتِقَ رَقَبَةً، أَوْ يُطْعِمَ عَشَرَةَ مَسَاكِينَ، أَوْ يَكْسُوَهُمْ» . الْبَيْهَقِيّ مِنْ رِوَايَةِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْهُ دُونَ أَوَّلِهِ، وَزَادَ فِي آخِرِهِ:«وَلَيْسَ يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ طَلَاقٌ» .
1734 -
(10) - حَدِيثُ: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم خَيَّرَ نِسَاءَهُ بَيْنَ الْمُقَامِ مَعَهُ، وَبَيْنَ مُفَارَقَتِهِ، لَمَّا نَزَلَ قَوْله تَعَالَى {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ} [الأحزاب: 28] وَاَلَّتِي بَعْدَهَا» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْخَصَائِصِ، وَرَوَى
أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ: «أَنَّهُ خَيَّرَ نِسَاءَهُ بَيْنَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَلَمْ يُخَيِّرْهُنَّ الطَّلَاقَ» .
1735 -
(11) - حَدِيثُ: أَنَّهُ قَالَ لِعَائِشَةَ لَمَّا أَرَادَ تَخْيِيرَ نِسَائِهِ: «إنِّي ذَاكِرٌ لَك أَمْرًا، فَلَا تُبَادِرِينِي بِالْجَوَابِ حَتَّى تَسْتَأْمِرِي أَبَوَيْك» . هُوَ طَرَفٌ مِنْ الَّذِي قَبْلَهُ، وَلَمْ أَرَ فِي شَيْءٍ مِنْ طُرُقِهِ قَوْلَهُ:" فَلَا تُبَادِرِينِي بِالْجَوَابِ ". نَعَمْ جَاءَ بِمَعْنَاهُ.
1736 -
(12) - حَدِيثُ: «رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثٍ» . تَقَدَّمَ فِي الصَّلَاةِ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ وَغَيْرِهِ.
1737 -
(13) - حَدِيثُ: «ثَلَاثٌ جِدُّهُنَّ جِدٌّ، وَهَزْلُهُنَّ جِدٌّ: الطَّلَاقُ، وَالنِّكَاحُ، وَالْعَتَاقُ» . الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ بِلَفْظِ: «ثَلَاثٌ لَا يَجُوزُ اللَّعِبُ فِيهِنَّ: الطَّلَاقُ، وَالنِّكَاحُ، وَالْعِتْقُ» . وَفِيهِ ابْنُ لَهِيعَةَ. وَرَوَاهُ الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ بِشْرِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ ابْنِ لَهِيعَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رَفَعَهُ:«لَا يَجُوزُ اللَّعِبُ فِي ثَلَاثٍ: الطَّلَاقُ، وَالنِّكَاحُ، وَالْعَتَاقُ، فَمَنْ قَالَهُنَّ فَقَدْ وَجَبْنَ» . وَهَذَا مُنْقَطِعٌ.
وَفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ رَفَعَهُ «مَنْ طَلَّقَ وَهُوَ لَاعِبٌ فَطَلَاقُهُ جَائِزٌ، وَمَنْ أَعْتَقَ وَهُوَ لَاعِبٌ فَعَتَاقُهُ جَائِزٌ، وَمَنْ نَكَحَ وَهُوَ لَاعِبٌ فَنِكَاحُهُ جَائِزٌ» . أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ عَنْهُ، وَهُوَ مُنْقَطِعٌ، وَأُخْرِجَ عَنْ عَلِيٍّ وَعُمَرَ نَحْوُهُ مَوْقُوفًا، وَفِي هَذَا رَدٌّ عَلَى ابْنِ الْعَرَبِيِّ، وَعَلَى النَّوَوِيِّ حَيْثُ أَنْكَرَا عَلَى الْغَزَالِيِّ إيرَادَ هَذَا اللَّفْظِ، ثُمَّ قَالَ النَّوَوِيُّ: الْمَعْرُوفُ اللَّفْظُ الْأَوَّلُ بِالرَّجْعَةِ، بَدَلَ الطَّلَاقِ، وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ: لَا يَصِحُّ قَوْلُهُ، وَيُرْوَى بَدَلَ الْعَتَاقِ: الرَّجْعَةُ.
قُلْت: هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ فِيهِ، وَكَذَا رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَالْحَاكِمُ وَالدَّارَقُطْنِيّ، مِنْ حَدِيثِ عَطَاءٍ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهَكَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِاللَّفْظِ الْمَذْكُورِ أَوَّلًا، وَفِيهِ بَدَلَ " الْعَتَاقُ "، " الرَّجْعَةُ " قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَسَنٌ، وَقَالَ الْحَاكِمُ: صَحِيحٌ، وَأَقَرَّهُ صَاحِبُ الْإِلْمَامِ وَهُوَ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَبِيبِ بْنِ أَرْدَكَ وَهُوَ مُخْتَلَفٌ فِيهِ، قَالَ النَّسَائِيُّ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ وَوَثَّقَهُ غَيْرُهُ، فَهُوَ عَلَى هَذَا حَسَنٌ.
(تَنْبِيهٌ) :
عَطَاءٌ الْمَذْكُورُ فِيهِ هُوَ ابْنُ أَبِي رَبَاحٍ. صُرِّحَ بِهِ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد وَالْحَاكِمِ الْحَدِيثِ وَوَهَمَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فَقَالَ: هُوَ عَطَاءُ بْنُ عَجْلَان وَهُوَ مَتْرُوكٌ.
1738 -
(14) - حَدِيثُ: «رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ» . - الْحَدِيثَ - تَقَدَّمَ فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ، وَفِي كِتَابِ الصِّيَامِ.
1739 -
(15) - حَدِيثُ عَائِشَةَ: «لَا طَلَاقَ فِي إغْلَاقٍ» . أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ وَأَبُو يَعْلَى وَالْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ، مِنْ طَرِيقِ
صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ عَنْهَا، وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ، وَفِي إسْنَادِهِ مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، وَقَدْ ضَعَّفَهُ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيّ، وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقٍ لَيْسَ هُوَ فِيهَا، لَكِنْ لَمْ يَذْكُرْ عَائِشَةَ، وَزَادَ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ:" وَلَا إعْتَاقٍ ".
قَوْلُهُ: وَفَسَّرَهُ عُلَمَاءُ الْغَرِيبِ بِالْإِكْرَاهِ، قُلْت: هُوَ قَوْلُ ابْنِ قُتَيْبَةَ وَالْخَطَّابِيِّ وَابْنِ السَّيِّدِ وَغَيْرِهِمْ، وَقِيلَ: الْجُنُونُ، وَاسْتَبْعَدَهُ الْمُطَرِّزِيُّ، وَقِيلَ: الْغَضَبُ وَقَعَ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد فِي رِوَايَةِ ابْنِ الْأَعْرَابِيِّ، وَكَذَا فَسَّرَهُ أَحْمَدُ، وَرَدَّهُ ابْنُ السَّيِّدِ فَقَالَ: لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَقَعْ عَلَى أَحَدٍ طَلَاقٌ، لِأَنَّ أَحَدًا لَا يُطَلِّقُ حَتَّى يَغْضَبَ، وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: الْإِغْلَاقُ: التَّضْيِيقُ. قَوْلُهُ: وَرَدَ فِي الْخَبَرِ: «أَنَّ مَنْ أَعْتَقَ شَقِيصًا مِنْ عَبْدٍ، أَعْتَقَ كُلَّهُ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ، وَإِلَّا اسْتَسْعَى غَيْرَ مَشْقُوقٍ عَلَيْهِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَابْنِ عُمَرَ، وَسَيَأْتِي، وَفِيهِ عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ، عَنْ أَبِيهِ.
1740 -
(16) - حَدِيثُ: «لَا طَلَاقَ إلَّا بَعْدَ نِكَاحٍ، وَلَا عِتْقَ إلَّا بَعْدَ مِلْكٍ» . هَذَا الْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ وَصَحَّحَهُ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ، وَقَالَ: أَنَا مُتَعَجِّبٌ مِنْ الشَّيْخَيْنِ كَيْفَ أَهْمَلَاهُ، فَقَدْ صَحَّ عَلَى شَرْطِهِمَا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ وَعَائِشَةَ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، وَجَابِرٍ، انْتَهَى.
أَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ: فَرَوَاهُ نَافِعٌ عَنْهُ بِلَفْظِ: «لَا طَلَاقَ إلَّا بَعْدَ نِكَاحٍ» . وَإِسْنَادُهُ ثِقَاتٌ، أَخْرَجَهُ ابْنُ عَدِيٍّ عَنْ ابْنِ صَاعِدٍ، قَالَ ابْنُ صَاعِدٍ: غَرِيبٌ لَا أَعْرِفُ لَهُ عِلَّةً.
قُلْت: وَقَدْ بَيَّنَ ابْنُ عَدِيٍّ عِلَّتَهُ، وَأَمَّا حَدِيثُ عَائِشَةَ: فَمِنْ رِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْهَا، قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي الْعِلَلِ عَنْ أَبِيهِ: حَدِيثٌ مُنْكَرٌ. قُلْت: وَسَيَأْتِي لَهُ طُرُقٌ فِي الْكَلَامِ عَلَى حَدِيثِ الْمِسْوَرِ، وَقَدْ رَوَاهُ الْحَاكِمُ مِنْ طَرِيقِ حَجَّاجِ بْنِ مِنْهَالٍ، عَنْ هِشَامِ الدَّسْتُوَائِيِّ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ مَرْفُوعًا، وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ: فَمِنْ رِوَايَةِ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ عَنْهُ أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ مِنْ رِوَايَةِ أَيُّوبَ بْنِ سُلَيْمَانَ الْجَزَرِيِّ عَنْ رَبِيعَةَ عَنْهُ، وَفِيهِ مَنْ لَا يَعْرِفُ، وَلَهُ طَرِيقٌ أُخْرَى عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيِّ مِنْ طَرِيقِ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْهُ، وَسُلَيْمَانُ ضَعِيفٌ، وَأَمَّا حَدِيثُ مُعَاذٍ: فَمِنْ رِوَايَةِ طَاوُسٍ، عَنْ مُعَاذٍ وَهُوَ مُرْسَلٌ، وَلَهُ طَرِيقٌ أُخْرَى عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ مُعَاذٍ وَهِيَ مُنْقَطِعَةٌ أَيْضًا، وَفِيهَا يَزِيدُ بْنُ عِيَاضٍ وَهُوَ مَتْرُوكٌ، وَأَمَّا حَدِيثُ جَابِرٍ: فَمِنْ رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، وَلَهُ طُرُقٌ عَنْهُ بَيَّنْتهَا فِي تَغْلِيقِ التَّعْلِيقِ، وَقَدْ قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: الصَّحِيحُ مُرْسَلٌ لَيْسَ فِيهِ جَابِرٌ، وَأَعَلَّهُ ابْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُ بِشَيْءٍ آخَرَ سَيَأْتِي وَمِنْ رِوَايَةِ أَبِي الزُّبَيْرِ، رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى الْمُوصِلِيُّ وَفِي إسْنَادِهِ مُبَشِّرُ بْنُ عُبَيْدٍ وَهُوَ مَتْرُوكٌ.
قُلْت: وَفِي الْبَابِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ التِّرْمِذِيُّ: هُوَ أَحْسَنُ شَيْءٍ رُوِيَ فِي هَذَا الْبَابِ، وَهُوَ عِنْدَ أَصْحَابِ السُّنَنِ بِلَفْظِ:«لَيْسَ عَلَى رَجُلٍ طَلَاقٌ فِيمَا لَا يَمْلِكُ» . - الْحَدِيثُ - وَرَوَاهُ الْبَزَّارُ مِنْ طَرِيقِهِ بِلَفْظِ: «لَا
طَلَاقَ قَبْلَ نِكَاحٍ، وَلَا عِتْقَ قَبْلَ مِلْكٍ» .
وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْخِلَافِيَّاتِ: قَالَ الْبُخَارِيُّ: أَصَحُّ شَيْءٍ فِيهِ وَأَشْهَرُهُ حَدِيثُ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، وَحَدِيثُ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، وَعَنْ عَلِيٍّ، وَمَدَارُهُ عَلَى جُوَيْبِرٍ، عَنْ الضَّحَّاكِ، عَنْ النَّزَّالِ بْنِ سَبْرَةَ، عَنْ عَلِيٍّ، وَجُوَيْبِرٌ مَتْرُوكٌ، وَرَوَاهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي الْعِلَلِ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى عَنْ عَلِيٍّ، وَفِيهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادِ بْنِ سَمْعَانَ وَهُوَ مَتْرُوكٌ، وَفِي الطَّبَرَانِيِّ مِنْ طَرِيقِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَحْمَدَ بْنِ جَحْشٍ عَنْ عَلِيٍّ، وَقَدْ سَبَقَ فِي بَابِ الْفَيْءِ وَالْغَنِيمَةِ، وَعَنْ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ، وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ صَاحِبُ الْإِلْمَامِ، لَكِنَّهُ اُخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى الزُّهْرِيِّ، فَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ وَاقِدٍ: عَنْ هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْهُ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ الْمِسْوَرِ، وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ خَالِدٍ: عَنْ هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ. وَفِيهِ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ، وَأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ وَغَيْرِهِمْ، ذَكَرَهَا الْبَيْهَقِيُّ فِي الْخِلَافِيَّاتِ.
وَرَوَى الْحَاكِمُ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: مَا قَالَهَا ابْنُ مَسْعُودٍ وَإِنْ كَانَ قَالَهَا فَزَلَّةٌ مِنْ عَالِمٍ؛ فِي الرَّجُلِ يَقُولُ: إنْ تَزَوَّجْت فُلَانَةَ فَهِيَ طَالِقٌ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ} [الأحزاب: 49] وَلَمْ يَقُلْ: إذَا طَلَّقْتُمُوهُنَّ ثُمَّ نَكَحْتُمُوهُنَّ وَرَوَاهُ عَنْهُ بِلَفْظٍ آخَرَ: وَفِي آخِرِهِ: فَلَا يَكُونُ طَلَاقٌ حَتَّى يَكُونَ نِكَاحٌ، وَهَذَا عَلَّقَهُ الْبُخَارِيُّ وَقَدْ أَوْضَحْته فِي تَغْلِيقِ التَّعْلِيقِ، وَسَيَأْتِي فِي الْحَدِيثِ الَّذِي بَعْدَهُ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى، وَمُقَابِلُ تَصْحِيحِ الْحَاكِمِ قَوْلُ يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ: لَا يَصِحُّ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «لَا طَلَاقَ قَبْلَ نِكَاحٍ» . وَأَصَحُّ شَيْءٍ فِيهِ حَدِيثُ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ عَمَّنْ سَمِعَ طَاوُسًا، عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مُرْسَلًا.
وَقَالَ أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيُّ نَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ حَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ عَطَاءً وَعَنْ جَابِرٍ نَحْوُهُ وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ وَكِيعٍ، عَنْ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ عَطَاءٍ، وَابْنُ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرٍ وَاسْتَدْرَكَ
الْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ وَكِيعٍ وَهُوَ مَعْلُولٌ، وَرَوَاهُ أَبُو قُرَّةَ فِي سُنَنِهِ، عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرٍ مَرْفُوعًا، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي الِاسْتِذْكَارِ: رُوِيَ مِنْ وُجُوهٍ إلَّا أَنَّهَا عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ مَعْلُولَةٌ.
1741 -
(17) - حَدِيثُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ: «دَعَتْنِي أُمِّي إلَى قَرِيبٍ لَهَا، فَرَاوَدَنِي فِي الْمَهْرِ، فَقُلْت: إنْ نَكَحْتهَا فَهِيَ طَالِقٌ ثَلَاثًا، ثُمَّ سَأَلْت النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: انْكِحْهَا فَإِنَّهُ لَا طَلَاقَ قَبْلَ نِكَاحٍ» . لَمْ أَجِدْ لَهُ أَصْلًا مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، لَكِنْ قَرِيبٌ مِنْ هَذِهِ الْقِصَّةِ مَا أَوْرَدَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ آبَائِهِ «أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ أُمِّي عَرَضَتْ عَلَيَّ قَرَابَةً لَهَا أَنْ أَتَزَوَّجَهَا، فَقُلْت: إنْ تَزَوَّجْتهَا فَهِيَ طَالِقٌ ثَلَاثًا، فَقَالَ: هَلْ كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ مِنْ مِلْكٍ؟ قَالَ: لَا، قَالَ: لَا بَأْسَ تَزَوَّجْهَا» . وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ، وَأَوْرَدَ أَيْضًا عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيِّ قَالَ:«قَالَ عَمٌّ لِي: اعْمَلْ لِي عَمَلًا حَتَّى أُزَوِّجَك ابْنَتِي. فَقُلْت: إنْ تَزَوَّجْتهَا فَهِيَ طَالِقٌ ثَلَاثًا، ثُمَّ بَدَا لِي أَنْ أَتَزَوَّجَهَا، فَأَتَيْت النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم» . فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، وَفِيهِ عَلِيُّ بْنُ قَرِينٍ وَهُوَ مَتْرُوكٌ.
1742 -
(18) - قَوْلُهُ: رُوِيَ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «الطَّلَاقُ بِالرِّجَالِ، وَالْعِدَّةُ بِالنِّسَاءِ» الدَّارَقُطْنِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ مَوْقُوفًا، وَالْبَيْهَقِيُّ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ مَوْقُوفًا أَيْضًا، وَقَالَ أَحْمَدُ فِي الْعِلَلِ: نَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، نَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ: أَنَّ عَلِيًّا قَالَ: " لِلْبَتِّ بِالنِّسَاءِ ". يَعْنِي الطَّلَاقَ وَالْعِدَّةَ، قُلْت لِهَمَّامٍ: مَا يَرْوِيه أَحَدٌ غَيْرُك، قَالَ: مَا أَشُكُّ فِيهِ.
1743 -
(19) - قَوْلُهُ: رُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا وَمَوْقُوفًا: «الْعَبْدُ يُطَلِّقُ تَطْلِيقَتَيْنِ» . مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ وَالشَّافِعِيُّ عَنْهُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ مَوْقُوفًا،
وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا:«طَلَاقُ الْأَمَةِ اثْنَتَانِ، وَعِدَّتُهَا حَيْضَتَانِ» . وَفِي إسْنَادِهِ عُمَرُ بْنُ شَبِيبٍ وَعَطِيَّةُ الْعَوْفِيُّ وَهُمَا ضَعِيفَانِ، وَصَحَّحَ الدَّارَقُطْنِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ الْمَوْقُوفَ، وَلَفْظُهُ عِنْدَهُمَا:«إذَا طَلَّقَ الْعَبْدُ امْرَأَتَهُ تَطْلِيقَتَيْنِ، فَقَدْ حَرُمَتْ عَلَيْهِ تَنْكِحُ زَوْجًا غَيْرَهُ حُرَّةً كَانَتْ أَوْ أَمَةً، وَعِدَّةُ الْحُرَّةِ ثَلَاثُ حِيَضٍ، وَعِدَّةُ الْأَمَةِ حَيْضَتَانِ» . وَفِي السُّنَنِ مِنْ طَرِيقِ مُظَاهِرِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ الْقَاسِمِ، عَنْ عَائِشَةَ مَرْفُوعًا:«طَلَاقُ الْأَمَةِ تَطْلِيقَتَانِ، وَعِدَّتُهَا حَيْضَتَانِ» . وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَطِيَّةَ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَيْضًا.
1744 -
(20) - حَدِيثُ: «أَنَّ رُكَانَةَ بْنَ عَبْدِ يَزِيدَ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إنِّي طَلَّقْت امْرَأَتِي سُهَيْمَةَ أَلْبَتَّةَ، وَوَاللَّهِ مَا أَرَدْت إلَّا وَاحِدَةً، فَرَدَّهَا عَلَيْهِ» . الشَّافِعِيُّ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ، وَاخْتَلَفُوا هَلْ هُوَ مِنْ مُسْنَدِ رُكَانَةَ، أَوْ مُرْسَلٌ عَنْهُ، وَصَحَّحَهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ، وَأَعَلَّهُ الْبُخَارِيُّ بِالِاضْطِرَابِ، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي التَّمْهِيدِ: ضَعَّفُوهُ.
وَفِي الْبَابِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْحَاكِمُ، وَهُوَ مَعْلُولٌ أَيْضًا.
1745 -
(21) - حَدِيثُ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ طَلَّقَ أَوْ أَعْتَقَ وَاسْتَثْنَى فَلَهُ ثُنْيَاهُ» . أَبُو مُوسَى الْمَدِينِيُّ فِي ذَيْلِ الصَّحَابَةِ مِنْ حَدِيثِ مَعْدِي كَرِبَ.
وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ: " مَنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، مَنْ قَالَ لِغُلَامِهِ: أَنْتَ حُرٌّ إنْ شَاءَ اللَّهُ أَوْ عَلَيْهِ الْمَشْيُ إلَى بَيْتِ اللَّهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ ". وَفِي إسْنَادِهِ إِسْحَاقُ بْنُ أَبِي يَحْيَى الْكَعْبِيُّ، وَفِي تَرْجَمَتِهِ أَوْرَدَهُ ابْنُ عَدِيٍّ فِي الْكَامِلِ وَضَعَّفَهُ، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَرُوِيَ عَنْ بَهْزِ بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ وَالرَّاوِي عَنْهُ الْجَارُودُ بْنُ يَزِيدَ ضَعِيفٌ. وَفِي الْبَابِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ سَيَأْتِي فِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ وَالنُّذُورِ.
1746 -
(22) - قَوْلُهُ: الِاسْتِثْنَاءُ مَعْهُودٌ، وَفِي الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ مَوْجُودٌ. هُوَ كَمَا قَالَ، أَمَّا آيَاتُ الْقُرْآنِ فَكَثِيرَةٌ وَوَقَعَ فِي كِتَابِ الِاسْتِثْنَاءِ لِلْفَرَّاءِ فِي عَدِّ آيَاتِ الِاسْتِثْنَاءِ الْوَاقِعَةِ فِيهِ، وَأَمَّا السُّنَّةُ فَكَثِيرَةٌ، كَحَدِيثِ «لَا صَلَاةَ إلَّا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ» .
وَحَدِيثِ أَبِي دَاوُد فِي قِصَّةِ الْفَتْحِ: «وَاَللَّهِ لَأَغْزُوَنَّ قُرَيْشًا، وَاَللَّهِ لَأَغْزُوَنَّ قُرَيْشًا ثَلَاثَةً، ثُمَّ قَالَ: إنْ شَاءَ اللَّهُ» أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ حِبَّانَ، وَفِي السُّنَنِ الْأَرْبَعَةِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا:«مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَقَالَ: إنْ شَاءَ لَمْ يَحْنَثْ» .
وَفِي الْكَامِلِ لِابْنِ عَدِيٍّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ الْمُتَقَدِّمِ قَبْلَهُ.
1747 -
(23) - قَوْلُهُ: وَكَثِيرًا مَا وَقَعَ فِي كَلَامِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ كَرَّرَ اللَّفْظَ الْوَاحِدَ. هُوَ كَمَا قَالَ، فَفِي الْبُخَارِيِّ عَنْ أَنَسٍ:«أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إذَا تَكَلَّمَ بِكَلِمَةٍ أَعَادَهَا ثَلَاثًا، وَإِذَا سَلَّمَ سَلَّمَ ثَلَاثًا» . وَفِي مُسْلِمٍ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ: «كَانَ إذَا دَعَا دَعَا ثَلَاثًا، وَإِذَا سَأَلَ سَأَلَ ثَلَاثًا» . وَلِأَحْمَدَ وَلِابْنِ حِبَّانَ عَنْهُ: كَانَ يُعْجِبُهُ أَنْ يَدْعُوَ ثَلَاثًا، وَيَسْتَغْفِرَ ثَلَاثًا. وَتَقَدَّمَ قَوْلُهُ:«فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ، فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ، فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ» . فِي حَدِيثِ: «لَا نِكَاحَ إلَّا بِوَلِيٍّ» . وَفِي حَدِيثِ ذِكْرِ الْكَبَائِرِ قَالَ: «أَلَا وَقَوْلُ الزُّورِ. فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا» . وَفِي قِصَّةِ الْفَتْحِ قَالَ: «وَاَللَّهِ: لَأَغْزُوَنَّ قُرَيْشًا ثَلَاثًا» .
1748 -
(24) - قَوْلُهُ: مُسْتَدِلًّا عَلَى إمْكَانِ الصُّعُودِ إلَى السَّمَاءِ وَالطَّيَرَانِ عَقْلًا، بِأَنَّهُ قَدْ أُسْرِيَ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَرُفِعَ عِيسَى عليه السلام إلَى السَّمَاءِ، وَأُعْطِيَ جَعْفَرٌ جَنَاحَيْنِ يَطِيرُ بِهِمَا.
أَمَّا الْإِسْرَاءُ بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: فَمَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ كَانَ بِجَسَدِهِ، وَهُوَ قَوْلُ الْأَكْثَرِ كَمَا قَالَ عِيَاضٌ؛ قَالَ: وَسِيَاقُ مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ حَمَّادٍ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ صَعْصَعَةَ دَالٌّ عَلَيْهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَأَمَّا رَفْعُ عِيسَى فَاتَّفَقَ أَصْحَابُ الْأَخْبَارِ وَالتَّفْسِيرِ عَلَى أَنَّهُ رُفِعَ بِبَدَنِهِ حَيًّا، وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا هَلْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يُرْفَعَ، أَوْ نَامَ فَرُفِعَ.
وَأَمَّا قِصَّةُ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ: فَالْأَحَادِيثُ مُتَّفِقَةٌ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُعْطَ الْجَنَاحَيْنِ إلَّا
بَعْدَ مَوْتِهِ.
فَلَا يَتِمُّ الِاسْتِدْلَال بِهِ، فَفِي التِّرْمِذِيِّ وَابْنِ حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا:«أُرِيت جَعْفَرًا مَلَكًا يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ» ، وَلِلطَّبَرَانِيِّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا:«إنَّ جَعْفَرَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ يَمُرُّ مَعَ جِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ، لَهُ جَنَاحَانِ عَوَّضَهُ اللَّهُ عَنْ يَدَيْهِ» - الْحَدِيثُ - وَفِي الْبُخَارِيِّ عَنْ الشَّعْبِيِّ: " أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ إذَا سَلَّمَ عَلَى ابْنِ جَعْفَرٍ قَالَ: السَّلَامُ عَلَيْك يَا ابْنَ ذِي الْجَنَاحَيْنِ ". وَأَوْرَدَهُ الْحَاكِمُ مِنْ طُرُقٍ عَنْ الْبَرَاءِ، وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَإِسْنَادُهُمَا ضَعِيفٌ، وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ فِي الْكَامِلِ لِابْنِ عَدِيٍّ.
1749 -
(25) - حَدِيثُ: «الْمُؤْمِنُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ» . تَقَدَّمَ فِي الْبُيُوعِ.
1750 -
(26) - حَدِيثُ: «صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ» . تَقَدَّمَ فِي الصَّوْمِ.