الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْحَاوِي وَالرُّويَانِيّ فِي الْبَحْر كِلَاهُمَا فِي كتاب الْقَضَاء فِي الْ
مَسْأَلَة
ثَلَاثَة أوجه لِأَصْحَابِنَا من غير تَرْجِيح أَحدهَا يدْخلُونَ مُطلقًا لما سبق وَالثَّانِي لَا مُطلقًا لأَنهم أَتبَاع وَالثَّالِث إِن تضمن الْخطاب تعبدا دخلُوا وَإِن تضمن ملكا أَو عقدا أَو ولَايَة فَلَا
إِذا علمت ذَلِك فَمن فروع الْمَسْأَلَة
1 -
وجوب الْإِحْرَام بِالْحَجِّ أَو الْعمرَة إِذا إِذن لَهُ السَّيِّد فِي دُخُول الْحرم فَإِنَّهُ قد رُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس مَوْقُوفا وَمَرْفُوعًا لَا يدْخل مَكَّة أحد إِلَّا محرما وَالصَّحِيح عدم الْوُجُوب
2 -
وومنها وجوب الْجُمُعَة عَلَيْهِ إِذا أذن لَهُ سَيّده فِي حُضُورهَا لِأَن الْمَانِع من جِهَة السَّيِّد قد انْتَفَى وَالصَّحِيح أَيْضا الْمَنْع
مَسْأَلَة 22
لفظ الذُّكُور وَهُوَ الَّذِي يمتاز عَن الْإِنَاث بعلامة كالمسلمين وفعلوا وَنَحْو ذَلِك لَا يدْخل فِيهِ الْإِنَاث تبعا خلافًا للحنابلة كَذَا ذكره الْآمِدِيّ وَابْن الْحَاجِب وَصَححهُ أَيْضا من اصحابنا الْمَاوَرْدِيّ
فِي الْحَاوِي وَالرُّويَانِيّ فِي الْبَحْر كِلَاهُمَا فِي بَاب الْقَضَاء
دليلنا عطفهن عَلَيْهِم فِي قَوْله تَعَالَى {إِن الْمُسلمين وَالْمُسلمَات وَالْمُؤمنِينَ وَالْمُؤْمِنَات} إِلَى آخر الْآيَة والعطف يَقْتَضِي الْمُغَايرَة فَإِن ادّعى الْخصم أَن ذكرهن للتنصيص عَلَيْهِنَّ ففائدة التأسيس أولى
إِذا علمت ذَلِك فللمسألة فروع
أَحدهَا إِذا وقف على بني زيد فَإِنَّهُنَّ لَا يدخلن
الثَّانِي إِذا قَالَ وقفت على بني تَمِيم أَو بني هَاشم وَنَحْو ذَلِك فَالْأَصَحّ دخولهن لِأَن الْقَصْد الْجِهَة
الثَّالِث لَو خَاطب ذُكُورا وإناثا بِبيع أَو وقف أَو غَيرهمَا فَقَالَ بعتكم أَو ملكتكم أَو وقفت عَلَيْكُم فَالْقِيَاس عدم دخولهن فَإِن ادّعى إرادتهن فَالْقِيَاس الْقبُول مَا دَامَ لَهُ الرُّجُوع عَن الْإِيجَاب بإن كَانَ ذَلِك قبل الْقبُول أَو بعده وَكَانَ الْخِيَار بَاقِيا فَإِن كَانَ بعد اللُّزُوم فقد يُقَال لَا يقبل لتَعلق حق الذُّكُور لَا سِيمَا أَن الْحمل عَلَيْهِ مجَازًا وَالْمجَاز لَا يُصَار إِلَيْهِ إِلَّا بِدَلِيل يدل على ترك الْحَقِيقَة وَلَا يَكْفِي مُجَرّد وجود العلاقة لِأَنَّهَا مصححة للآستعمال لَا للْحَمْل
إِذا علمت مَا ذكرته بحثا فَاعْلَم ان القَاضِي أَبَا الْفتُوح صَاحب كتاب أَحْكَام الخناثا قد ذكر فِي آخر كِتَابه مَا يُخَالف ذَلِك فَقَالَ
لَو كَانَ لَهُ رَقِيق كفار فَقَالَ من آمن مِنْكُم فَهُوَ حر دخل فِيهِ الذُّكُور وَالْإِنَاث والخناثا وَكَذَا لَو قَالَ كل نفس آمَنت فَهِيَ حرَّة وَمَا ذكره آخرا قد يشكل على مَا إِذا قَالَ وكلت كل من أَرَادَ بيع دَاري فِي بيعهَا فَإِنَّهُ لَا يَصح كَمَا جزم بِهِ الرَّافِعِيّ وَقَالَ لَا بُد أَن يكون معينا نوع تعْيين وَقد يُجَاب بِأَن اخْتِصَاص الْعتْق بِالْملكِ قرينَة تَقْتَضِي تَخْصِيص الْكَلَام بِهِ بِخِلَاف التَّوْكِيل فَإِنَّهُ لَا قرينَة بِالْكُلِّيَّةِ وَقد بسطت الْمَسْأَلَة فِي كتَابنَا إِيضَاح الْمُشكل من أَحْكَام الْخُنْثَى الْمُشكل
الرَّابِع إِذا صلت الْمَرْأَة وَأَتَتْ بِدُعَاء الاستفتاح فَهَل تَقول فِيهِ وَمَا أَنا من الْمُشْركين وَتقول أَيْضا وَأَنا من الْمُسلمين أَو تَأتي بِجمع الْمُؤَنَّث لم أر من صرح بِالْمَسْأَلَة وَالْقِيَاس الثَّانِي بِلَا شكّ لَكِن روى الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه عَن عمرَان بن الْحصين رضي الله عنه أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم لقن فَاطِمَة هَذَا الذّكر فِي ذبح الْأُضْحِية بِلَفْظ الذُّكُور فَقَالَ لَهَا قومِي فاشهدي أضحيتك وَقَوْلِي إِن صَلَاتي ونسكي ومحياي إِلَى قَوْله من الْمُسلمين
الْخَامِس الدُّعَاء فِي الْخطْبَة وَاجِب للْمُؤْمِنين وَالْمُؤْمِنَات نَص عَلَيْهِ جمَاعَة مِنْهُم الفوارني فِي الْإِبَانَة وَالْمُتوَلِّيّ فِي التَّتِمَّة وَالْإِمَام
فِي النِّهَايَة وَالْغَزالِيّ فِي الْوَسِيط فَقَالَ الرُّكْن الرَّابِع الدُّعَاء للْمُؤْمِنين وَالْمُؤْمِنَات وَأقله أَن يَقُول للحاضرين رحمكم الله هَذِه عبارَة الْغَزالِيّ فَإِذا تقرر أَن الدُّعَاء يجب لِلْفَرِيقَيْنِ فمقتضاه أَنه لَو صرح بتخصيص الرِّجَال أَو النِّسَاء لم يجز وَلَو اقْتصر على لفظ الْمُؤمنِينَ فقياسه أَن يتَخَرَّج على الْخلاف وَجزم الرَّافِعِيّ بالاكتفاء وَزَاد فَقَالَ يَكْفِي أَن يَقُول للحاضرين رحمكم الله وَهَذَا الْمِثَال أَيْضا من هَذِه الْقَاعِدَة لِأَنَّهُ خطاب للذكور والحاضرون ينقسمون إِلَى ذُكُور وإناث
السَّادِس مَسْأَلَة الْوَاعِظ الْمَشْهُورَة وَهِي أَن واعظا طلب من الْحَاضِرين شَيْئا فَلم يعطوه فَقَالَ متضجرا مِنْهُم طلقتكم ثَلَاثًا ثمَّ تبين أَن زَوجته كَانَت فيهم قَالَ الْغَزالِيّ فِي الْبَسِيط أفتى إِمَام الْحَرَمَيْنِ بِوُقُوع الطَّلَاق قَالَ وَفِي الْقلب مِنْهُ شَيْء قَالَ الرَّافِعِيّ وَلَك أَن تَقول يَنْبَغِي أَن لَا تطلق لِأَن قَوْله طلقتكم لفظ عَام وَهُوَ يقبل الِاسْتِثْنَاء بِالنِّيَّةِ كَمَا لَو حلف لَا يسلم على زيد فَسلم على قوم هُوَ فيهم واستثناه بِقَلْبِه لَا يَحْنَث وَإِذا لم يعلم أَن زَوجته فِي الْقَوْم كَانَ مَقْصُوده غَيرهَا وَاعْترض فِي الرَّوْضَة فَقَالَ الَّذِي قَالَه إِمَام الْحَرَمَيْنِ والرافعي كِلَاهُمَا عجب أما الْعجب من الرَّافِعِيّ فَلِأَن هَذِه الْمَسْأَلَة لَيست كَمَسْأَلَة السَّلَام على زيد لِأَنَّهُ هُنَاكَ علم بِهِ واستثناه وَهنا لم يعلم بهَا وَلم يستثنها وَاللَّفْظ إِذا كَانَ عَاما يَقْتَضِي الْجَمِيع إِلَّا مَا أخرجه وَلم يُخرجهَا وَأما
الْعجب من الإِمَام فَلِأَنَّهُ يشْتَرط قصد لفظ الطَّلَاق لمعناه وَلَا يَكْفِي قصد لَفظه من غير قصد مَعْنَاهُ وَمَعْلُوم أَن هَذَا الْوَاعِظ لم يقْصد معنى الطَّلَاق وَأَيْضًا فقد علم أَن جُمْهُور أَصْحَابنَا على أَن النِّسَاء لَا يدخلن فِي خطاب الرِّجَال إِلَّا بِدَلِيل وَقَوله طلقتكم خطاب رجال فَلَا تدخل امْرَأَته فِيهِ فَيَنْبَغِي لأجل ذَلِك أَن لَا تطلق انْتهى كَلَام النَّوَوِيّ
وَالَّذِي اعْترض بِهِ رحمه الله فَاسد وَذَلِكَ لِأَن الرَّافِعِيّ ذكر مقدمتين ليستبيح بهما عدم الْوُقُوع
الأولى أَن طلقتكم عَام قَابل للاستثناء قِيَاسا على مَا ذكره الْأَصْحَاب فِيمَا إِذا قَالَ السَّلَام عَلَيْكُم
والمقدمة الثَّانِيَة أَنه إِذا لم يعلم أَن زَوجته فِي الْقَوْم يكون مَقْصُوده بِالطَّلَاق غَيرهَا لِأَن قَصدهَا يَسْتَدْعِي الْعلم بهَا وَقصد غَيرهَا تَخْصِيص للفظ
إِذا علمت ذَلِك فَفِيمَا ذكره الرَّافِعِيّ أَمْرَانِ
أَحدهمَا أَن الْمُقدمَة الأولى وَاضِحَة الصِّحَّة وَقد توهم النَّوَوِيّ أَن مُرَاد الرَّافِعِيّ بهَا إِثْبَات عدم الطَّلَاق بِالْقِيَاسِ على السَّلَام فشرع يفرق بَينهمَا بِمَا سبق
الْأَمر الثَّانِي أَن الْمُقدمَة الثَّانِيَة لَيست صَحِيحَة وَذَلِكَ أَن الْوَاعِظ الْمَذْكُور قصد خطاب الْحَاضِرين جَمِيعهم بِالطَّلَاق غير أَنه لم
يعلم أَن زَوجته فيهم وَعدم الْعلم عِنْد قصد الْخطاب بِاللَّفْظِ الصَّالح للإيقاع لَا يمْنَع الْإِيقَاع وَلِهَذَا إِذا خَاطب زَوجته بِالطَّلَاق مُعْتَقدًا أَنَّهَا أَجْنَبِيَّة وَقع عَلَيْهِ فههنا كَذَلِك بل أولى لِأَنَّهُ لم تخطر لَهُ زَوجته لَا نفيا وَلَا إِثْبَاتًا وَحِينَئِذٍ فَلَا يلْزم من عدم علمه بِكَوْنِهَا فيهم أَن يكون مَقْصُوده غَيرهَا فَقَط لَا هِيَ فَإِنَّهُ قد لَا يستحضرها بِالْكُلِّيَّةِ بل يقْصد المخاطبين ذاهلا عَن حكم الزَّوْجَة
وَأما دَعوَاهُم أَن قصد بعض الْأَفْرَاد يخصص فَاعْلَم أَن هَذِه الْمَسْأَلَة كَثِيرَة الْوُقُوع فِي الْفَتَاوَى وتلتبس على من لَا اطلَاع لَدَيْهِ وَلَا تَحْقِيق وإيضاح الصَّوَاب فِيهَا أَن نقُول إِذا قَالَ الشَّخْص مثلا وَالله لَا كلمت أَوْلَاد زيد فَلهُ أَحْوَال
أَحدهَا أَن لَا يقْصد شَيْئا معينا فَلَا إِشْكَال فِي حنثه بِالْجَمِيعِ لِأَن اللَّفْظ يدل على الْجَمِيع بِالْوَضْعِ فَلم يحْتَج إِلَى قَصده
الثَّانِي أَن يقْصد إِخْرَاج بَعضهم ويقصد مَعَ ذَلِك إِثْبَات الْبَاقِي أَو لَا يقْصد شَيْئا فَلَا إِشْكَال فِي عدم الْحِنْث بالمخرج لِأَنَّهُ خصص يَمِينه بِالْبَعْضِ
الثَّالِث أَن يقْصد بعض الْأَفْرَاد ويسكت عَمَّا عداهُ فَهَذَا هُوَ مَحل الالتباس وَالْحق فِيهِ الْحِنْث بِالْجَمِيعِ أَيْضا لِأَن دلَالَة اللَّفْظ عَلَيْهِ مَوْجُودَة غير أَنه اكد بعض الْأَفْرَاد بِقَصْدِهِ فَاجْتمع على الْبَعْض الْمَنوِي قَصده وَدلَالَة اللَّفْظ وَوجد فِي غير الْمَنوِي دلَالَة اللَّفْظ فَقَط وَهِي كَافِيَة لما ذكرنَا
وَهَذَا الَّذِي ذكرته قد أجَاب بِهِ الْقَرَافِيّ بِعَيْنِه وخلاصة الْفرق بَين الْقَصْد إِلَى الْبَعْض وَبَين تَخْصِيص الْبَعْض فَإِن الثَّانِي يَسْتَدْعِي إِخْرَاج غَيره إِذْ التَّخْصِيص هُوَ الْإِخْرَاج نعم إِن قصد إِخْرَاج اللَّفْظ عَمَّا وضع لَهُ واستعماله فِي بعضه مجَازًا فَمَعْنَاه التَّخْصِيص وَلَا يَحْنَث بِغَيْر الْمَقْصُود
السَّابِع أَن الله تَعَالَى جعل أَزوَاج النَّبِي صلى الله عليه وسلم أُمَّهَات الْمُؤمنِينَ فَقَالَ تَعَالَى {النَّبِي أولى بِالْمُؤْمِنِينَ من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم} قَالَ الْأَصْحَاب وَذَلِكَ فِي تَحْرِيم نِكَاحهنَّ وَوُجُوب احترامهن وطاعتهن لَا فِي النّظر وَالْخلْوَة وَقيل يُطلق اسْم الاخوة على بناتهن والخؤولة على إخوتهن وأخواتهن لثُبُوت حُرْمَة الأمومة لَهُنَّ
إِذا علمت ذَلِك فَهَل تدخل الْإِنَاث فِيمَا ذَكرْنَاهُ فِيهِ خلاف تعرض لَهُ فِي الرَّوْضَة فَقَالَ قَالَ الْبَغَوِيّ كن أُمَّهَات الْمُؤمنِينَ من الرِّجَال دون النِّسَاء رُوِيَ ذَلِك عَن عَائِشَة وَهَذَا جَار على الصَّحِيح فِي الْأُصُول أَن النِّسَاء لَا يدخلن قَالَ وَحكى الْمَاوَرْدِيّ فِي تَفْسِيره خلافًا فِي كونهن أُمَّهَات الْمُؤْمِنَات قَالَ بعض أَصْحَابنَا وَلَا يجوز أَن يُقَال إِنَّه أَبُو الْمُؤمنِينَ لقَوْله تَعَالَى {مَا كَانَ مُحَمَّد أَبَا أحد من رجالكم} وَنَصّ الشَّافِعِي على