الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْفَصْل الثَّالِث فِي الْمُخَصّص
اعْلَم أَن تَخْصِيص الْعَام وَنَحْوه كتقييد الْمُطلق قد يكون بِاللَّفْظِ وَقد يكون بِغَيْرِهِ فَغير اللَّفْظ ثَلَاثَة أَشْيَاء وَهِي
1 -
النِّيَّة
2 -
وَالْعرْف الشَّرْعِيّ
3 -
وَالْعرْف الاستعمالي ويعبر عَنهُ بِالْقَرِينَةِ
وَهَذِه الثَّلَاثَة قد ذكرهَا ايضا الرَّافِعِيّ فِي آخر كتاب الْأَيْمَان وَمثل التَّخْصِيص بِالنِّيَّةِ بقوله وَالله لَا أكلم أحدا وَنوى زيدا وَالْعرْف الاستعمالي بقوله لَا آكل الرؤوس فَإِن الْعرف يخرج رُؤُوس العصافير وَنَحْوهَا وَمثل الْعرف الشَّرْعِيّ بقوله لَا أُصَلِّي فَإِنَّهُ مَحْمُول على الصَّلَاة الشَّرْعِيَّة خَاصَّة
وَهَذَا الَّذِي ذكره الرَّافِعِيّ صَرِيح فِي تَخْصِيص الرؤوس وَإِن لم ينْو التَّخْصِيص وَهل الْمُعْتَبر نفس الْبَلَد الَّذِي يثبت فِيهِ الْعرف أم كَون الْحَالِف من أَهله فِيهِ وَجْهَان حَكَاهُمَا الرَّافِعِيّ من غير تَرْجِيح فِي الْكَلَام على الْمَسْأَلَة الْمَذْكُورَة وَهِي الْحلف على الرؤوس وَهِي قَاعِدَة نافعة وَحكى الدَّارمِيّ فِي الِاسْتِنْجَاء من الاستذكار نَحْو ذَلِك فَقَالَ يستنجي بِالْحجرِ مَا لم يُجَاوز الْخَارِج الْعَادة قَالَ
وَلَكِن هَل تعْتَبر عَادَة نَفسه أَو عَادَة النَّاس على وَجْهَيْن وَيتَفَرَّع على مَسْأَلَتنَا فروع
الأول إِذا قَالَ نسَائِي طَوَالِق وَاسْتثنى بَعضهنَّ بِالنِّيَّةِ فَإِنَّهُ يقبل كَمَا ذكره الْأَصْحَاب
الثَّانِي لَو حلف لَا يسلم على زيد فَسلم على قوم هُوَ فيهم واستثناه بِقَلْبِه لم يَحْنَث على الصَّحِيح كَمَا لَو اسْتَثْنَاهُ لفظا
الثَّالِث لَو قَالَت لَا طَاقَة لي بِالْجُوعِ مَعَك فَقَالَ إِن رجعت يَوْمًا فِي بَيْتِي فَأَنت طَالِق لم تطلق بِالْجُوعِ فِي أَيَّام الصَّوْم كَذَا نَقله الرَّافِعِيّ فِي آخر تَعْلِيق الطَّلَاق عَن زيادات الْعَبَّادِيّ وَأقرهُ وَعلله بِالْعرْفِ
الرَّابِع إِذا قَالَ لَهُ فِي الصَّيف اشْتَرِ لي ثلجا فَلَيْسَ لَهُ شِرَاؤُهُ فِي الشتَاء كَذَا قَالَه الرَّافِعِيّ فِي كتاب الْوكَالَة
الْخَامِس لَو قَالَ لزوجته إِن علمت من أُخْتِي شَيْئا فَلم تقوليه لي فَأَنت طَالِق انْصَرف ذَلِك إِلَى مَا يُوجب رِيبَة ويوهم فَاحِشَة دون مَا لَا يقْصد الْعلم بِهِ كَالْأَكْلِ وَالشرب وَلَا يخفى أَنه لَا يشْتَرط فِيهِ الْفَوْر كَذَا ذكره الرَّافِعِيّ فِي تَعْلِيق الطَّلَاق
السَّادِس لَو حلف لَا يشرب المَاء حنث بالبحر المالح وَفِيه احْتِمَال للشَّيْخ أبي حَامِد قَالَه الرَّافِعِيّ فِي الْأَيْمَان وَهُوَ مُشكل على مَا سبق
السَّابِع مَا ذكره الْمَاوَرْدِيّ فِي الْحَاوِي وَالرُّويَانِيّ فِي الْبَحْر
فِي كتاب الْأَيْمَان لَو حلف ليخمنه اللَّيْل وَالنَّهَار فَلَا يدْخل فِي الْيَمين مَا أخرجه الْعرف كزمان الْأكل وَالشرب وَنَحْوهمَا وزمان الاسْتِرَاحَة وَالنَّوْم المألوف وَلَو حلف ليضربنه اللَّيْل وَالنَّهَار خرج مَا ذَكرْنَاهُ وَكَذَلِكَ الزَّمَان الَّذِي يكون ألم الضَّرْب بَاقِيا فِيهِ لِأَن الْعرف يَقْتَضِي تخَلّل فترات بَين الْأَفْعَال فَاعْتبر بدوام ألمه الْحَادِث عَنهُ وَلَو قَالَ وَالله لَا وضعت رِدَائي عَن عَاتِقي انْعَقَدت يَمِينه على اللّبْس الْعرفِيّ حَتَّى لَو نَزعه وَقت تبذله فِي منزله وَنَحْو ذَلِك لم يَحْنَث بِخِلَاف مَا لوقال لغريمه وَالله لَا نزعت رِدَائي عَن عَاتِقي حَتَّى أقضيك حَقك حنث بالنزع قبل الْقَضَاء فِي زمَان الْعرف وَغَيره وَالْفرق أَنه جعله فِي الْإِطْلَاق مَقْصُودا وَفِي قَضَاء الدّين شرطا وَالْعرْف مُعْتَبر فِي الْأَيْمَان والشروط وعَلى هَذَا فَلَو قَالَ وَالله لأخدمنك حَتَّى أقضيك حَقك راعينا الْخدمَة فِي الْعرف لِأَنَّهُ جعلهَا جزاءا لَا شرطا وَلَو قَالَ وَالله لَا طفت وَلَا سعيت فَيحنث أهل مَكَّة بِالطّوافِ وَالسَّعْي الشرعيين والوشاة بالسعي إِلَى الْوُلَاة والظلمة وَغَيرهم بالسعي على الْقدَم وَالطّواف فِي الْأَسْوَاق وَالْقِرَاءَة فِي عرف القارىء مَحْمُولَة على قِرَاءَة الْقُرْآن وَكَذَا الْخَتْم فِي عرفه وَفِي عرف التَّاجِر على ختم الْكيس انْتهى كَلَامهمَا
الثَّامِن إِذا قَالَ أَنْت طَالِق وَنوى بِقَلْبِه تَعْلِيق ذَلِك على دُخُولهَا الدَّار أَو على مَشِيئَة الله تَعَالَى فَإِنَّهُ لَا يقبل ظَاهرا وَلَكِن يدين أَي يقبل بَاطِنا فِيمَا لَا يرفع حكم الطَّلَاق بِالْكُلِّيَّةِ كالتعليق على الدُّخُول ومشيئة شخص دون مَا يرفعهُ كالتعليق
بِمَشِيئَة الله تَعَالَى كَذَا ذكره الرَّافِعِيّ فِي آخر الْبَاب الأول من ابواب الطَّلَاق
التَّاسِع إِذا أحرم بِالْحَجِّ أَو نذر الِاعْتِكَاف وَشرط الْخُرُوج مِنْهُمَا لمَرض وَنَحْوه فَإِنَّهُ يَصح فَلَو نوى ذَلِك بِقَلْبِه وَلم يُصَرح بِهِ فَيتَّجه إِلْحَاقه بِمَا سبق فِي تَعْلِيق الطَّلَاق بِغَيْر الْمَشِيئَة
الْعَاشِر وَهُوَ مُشكل على مَا سبق إِذا نذر اعْتِكَاف شهر فَإِنَّهُ يلْزمه الْأَيَّام والليالي إِلَّا أَن يَقُول أَيَّامه أَو نَهَاره فَلَا يلْزمه الآخر وَكَذَا لَو عبر بقوله اعْتِكَاف شهر نَهَارا كَمَا نَص عَلَيْهِ فِي الْأُم وَنَقله عَنهُ فِي زَوَائِد الرَّوْضَة فَلَو لم يتَلَفَّظ بالتخصيص لَكِن نَوَاه بِقَلْبِه فَالْأَصَحّ كَمَا قَالَه الرَّافِعِيّ فِي بَاب الِاعْتِكَاف أَنه لَا أثر لنيته بل يلْزمه الشَّهْر جَمِيعه
الْحَادِي عشر إِذا نذر مثلا اعْتِكَاف شهر أَو عشرَة ايام أَو نذر صَوْم ذَلِك فَلَا يجب فِيهِ التَّتَابُع فِي أصح الْقَوْلَيْنِ فَإِن صرح بِهِ لزمَه وَإِن لم يُصَرح بِهِ بل نَوَاه فأصح الْوَجْهَيْنِ أَنه لَا يلْزمه وَلَا أثر للنِّيَّة الْمَذْكُورَة كَذَا ذكره ايضا الرَّافِعِيّ فِي بَاب الِاعْتِكَاف وَهُوَ كالمسألة السَّابِقَة فِي الْإِشْكَال
الثَّانِي عشر إِذا قَالَ لله عَليّ أَن أَمْشِي أَو أذهب وَنوى بِقَلْبِه حَاجا أَو مُعْتَمِرًا انْعَقَد النّذر على مَا نوى وَإِن نوى إِلَى بَيت الله الْحَرَام الْتحق بالملفوظ كَذَا قَالَه فِي التَّتِمَّة وَنَقله عَنهُ الرَّافِعِيّ وَأقرهُ
الثَّالِث عشر وَهُوَ من التَّخْصِيص بِالْعرْفِ الشَّرْعِيّ إِذا حلف لَا يَأْكُل لَحْمًا فَفِي الْحِنْث بِأَكْل مَا لَا يحل من اللحوم كالخنزير وَالْميتَة وَجْهَان أقواهما فِي زَوَائِد الرَّوْضَة عدم الْحِنْث وَأما التَّخْصِيص بِاللَّفْظِ فقد سبق غالبه فِي الْكَلَام على المفاهيم وَهُوَ فِي الْفَصْل التَّاسِع ولنتكلم على مَا بَقِي مِنْهَا فَنَقُول