الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَسْأَلَة
2
من أَنْوَاعهَا أَيْضا السَّبَبِيَّة وَهِي نَوْعَانِ
أَحدهمَا إِطْلَاق اسْم الْمُسَبّب على السَّبَب أَي الْمَعْلُول على علته كتسمية الْمَرَض المهلك بِالْمَوْتِ
وَالثَّانِي عَكسه أَي إِطْلَاق اسْم السَّبَب على الْمُسَبّب
ثمَّ إِن السَّبَب على أَرْبَعَة أَقسَام
قابلي ويعبر عَنهُ بالمادي
وصوري
وفاعلي
وغائي
فَكل مَوْجُود لَا بُد لَهُ من هَذِه الْأَرْبَعَة كالسرير مثلا فَإِن مادته الْخشب
وفاعله النجار
وَصورته التسطيح
وغايته الِاضْطِجَاع عَلَيْهِ وَيُسمى الِاضْطِجَاع عِلّة لِأَنَّهُ الْبَاعِث عَلَيْهِ
فَالْأول كَقَوْلِك سَالَ الْوَادي أَي المَاء فَعبر بالوادي لِأَنَّهُ قَابل للسيلان كَذَا مثل بِهِ الْبَيْضَاوِيّ تبعا لغيره وَفِيه نظر لِأَن المادي جنس مَاهِيَّة الشَّيْء كَمَا تقدم فِي الْخشب فَالْأَحْسَن التَّمْثِيل بِهِ
وَالثَّانِي وَهُوَ تَسْمِيَة الشَّيْء باسم سَببه الصُّورِي كإطلاق الْيَد على الْقُدْرَة فِي قَوْله تَعَالَى {يَد الله فَوق أَيْديهم} أى قدرته فَإِن الْيَد لَهَا صُورَة خَاصَّة يَتَأَتَّى بهَا الاقتدار على الشَّيْء وَهُوَ تجويف راحتها وَصغر عظمها وانفصال بَعْضهَا عَن بعض ليتأتى وضع الشَّيْء فِي الرَّاحَة وتنقبض عَلَيْهِ الْعِظَام الدقاق الْمُنْفَصِلَة ويتأتى دُخُولهَا فِي المنافذ الضيقة
وَأما الثَّالِث وَهُوَ تَسْمِيَة الشَّيْء باسم سَببه الفاعلي فكقولهم نزل السَّحَاب يعنون الْمَطَر وَأنْبت الرّبيع البقل وأنضجت الشَّمْس الثِّمَار فَإِن الْفَاعِل حَقِيقَة هُوَ الرب سُبْحَانَهُ
وَأما الرَّابِع وَهُوَ تَسْمِيَة الشَّيْء باسم سَببه الغائي فكقوله تَعَالَى {إِنِّي أَرَانِي أعصر خمرًا} أَي عنبا فَأطلق الْخمر على الْعِنَب لِأَنَّهَا عِنْدهم هِيَ الْعلَّة الغائية مِنْهُ
وَإِذا تعَارض الْأَمر بَين الأول وَهُوَ إِطْلَاق الْمُسَبّب على السَّبَب وَبَين عَكسه فالعكس أولى لِأَن السَّبَب الْمعِين يدل على الْمُسَبّب الْمعِين بِخِلَاف الْعَكْس أَلا ترى أَن الْبَوْل مثلا يدل على انْتِقَاض الْوضُوء وانتقاض الْوضُوء لَا يدل على الْبَوْل فقد يكون عَن لمس أَو غَيره
ثمَّ إِن النَّوْع الثَّانِي وَهُوَ إِطْلَاق السَّبَب على الْمُسَبّب قد علمت انقسامه إِلَى أَرْبَعَة أَقسَام فَإِذا تَعَارَضَت فالعلة الغائية أولى لِاجْتِمَاع الْأَمريْنِ فِيهَا لِأَنَّهَا عِلّة فِي الذِّهْن من جِهَة أَن الْخمر مثلا هُوَ الدَّاعِي إِلَى عصر الْعِنَب ومعلولة فِي الْخَارِج لِأَنَّهَا لَا تُوجد إِلَّا مُتَأَخِّرَة
إِذا تقرر هَذَا فَمن فروع الْمَسْأَلَة
1 -
مَا ذهب إِلَيْهِ الشَّافِعِي أَن النِّكَاح حَقِيقَة فِي العقد مجَاز فِي الْوَطْء لِأَنَّهُ لما ورد فِي الْقُرْآن مرَادا بِهِ العقد فِي قَوْله تَعَالَى {وَأنْكحُوا الْأَيَامَى مِنْكُم} وَقَوله تَعَالَى {وَلَا تنْكِحُوا مَا نكح آباؤكم من النِّسَاء} وَغير ذَلِك ومرادا بِهِ الْوَطْء كَقَوْلِه {فَإِن طَلقهَا فَلَا تحل لَهُ من بعد حَتَّى تنْكح زوجا غَيره} والاشتراك مَرْجُوح بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْمجَاز فَوَجَبَ الْمصير إِلَى كَونه فِي أَحدهمَا مجَازًا وَلَا شكّ أَن العقد سَبَب الْوَطْء وَهُوَ الْعلَّة الغائية لَهُ غَالِبا فَإِن جَعَلْنَاهُ حَقِيقَة فِي العقد مجَازًا فِي الْوَطْء كَانَ ذَلِك الْمجَاز من بَاب إِطْلَاق السَّبَب على الْمُسَبّب أَي الْعلَّة على الْمَعْلُول وَإِن جَعَلْنَاهُ بِالْعَكْسِ كَانَ من إِطْلَاق الْمُسَبّب على السَّبَب وَالْأول هُوَ الرَّاجِح